الصفحات

السبت، 19 أكتوبر 2019

الطعن 33 لسنة 14 ق جلسة 8 / 9 / 2019 مدني



باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي 
حـــاكم إمـــــــارة رأس الخيمــــــة 
------------------------- 
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمــــة 
الدائــــــــرة المدنية 

برئاسة السيد القاضي / صلاح عبد العاطي أبو رابح 
وعضوية السيدين القاضيين / علي عبدالفتاح جبريل وأحمد مصطفى أبو زيد
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بــــدار القضاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الأحد 9 من محرم سنة 1441هــ الموافق 8 من سبتمبر سنة 2019 م 
أصدرت الحكم الآتي: 
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمـة بـرقم 33 لسنـــة 14 ق2019 – مدنى 
المرفوع من /... (ش.م.ح-ذ.م.م) ويمثلها السيد/ ... ــ بوكالة المحامي (...) 
ضد
1- النائب العام (بصفته ممثلا للحكومة حكومة رأس الخيمة ) 
2- ... 
الوقـــــــــائــع 
في يـوم 10/06/2019 طُعن بطريـق النقض في حكم محكمة استئناف رأس الخيمة الصادر بتاريخ 14 /04/2019 في الاستئناف رقم .... لسنة 2019، بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه. 
وفي13/06/2019 أُعلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن . 
وفي26/06/2019 أُعلن المطعون ضده الثاني بصحيفة الطعن . 
وفي 16/06/2019 أودع المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن. 
وفي25/08/2019 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحـددت لنظره جلسة 08/09/2019 وبها سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة ، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم. 
المحكمــــــــــــــــــة 
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ أحمد مصطفى أبوزيد، والمرافعة وبعد المداولة. 
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. 
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام على الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم .... لسنة 2018 مدني أمام محكمة رأس الخيمة الابتدائية بطلب الحكم أولا: بفسخ عقد الاستثمار المؤرخ 18/5/2015 والمحرر بين المطعون ضده الأول بصفته والطاعنة، ثانيا: عدم نفاذ التنازل المحرر من الطاعنة إلى المطعون ضده الثاني في مواجهته، ثالثا: بإلزام الطاعنة بسداد مبلغ ثلاثة ملايين درهم تعويضاً عن عدم تنفيذ العقد، والأضرار المادية التي أصابته وما فاته من كسب ولحقه من خسارة وإعادة الحال لما كان عليه على سند من أنه بموجب عقد استثمار مؤرخ 18/5/2015 اتفق نادي رأس الخيمة الرياضي الثقافي المنشأ بموجب المرسوم الأميري رقم 11 لسنة 2013 والذي يعتبر من الهيئات والكيانات المملوكة للحكومة مع الشركة الطاعنة باعتبارها متخصصة في استثمار وتطوير المشروعات العقارية وتأسيسها وإدارتها على قيامها باستثمار الواجهة الأمامية من أرض النادي والسور والمداخل الرئيسية وذلك لبناء محلات تجارية على طول السور وإعادة تشييد مداخل جديدة للنادي وعمل جميع الخدمات الخارجية للمحلات التجارية، إلا أنها لم تقم بتنفيذ التزاماتها التعاقدية بإنجاز المشروع في الوقت المحدد له، فقام المطعون ضده الأول بصفته بإنذارها بتاريخ 11/4/2018 بفسخ العقد المبرم بينهما ومطالبتها بالتعويض، فقامت الطاعنة بتاريخ 30/4/2018 بتوجيه إنذار عدلي إليه بتنازلها عن المشروع وعقد الاستثمار المحرر بينهما إلى المطعون ضده الثاني وحوالة جميع الحقوق والالتزامات الواردة به وبراءة ذمتها، ولما كانت الطاعنة هي المتسببة في عدم إنجاز الأعمال الإنشائية رغم استخراج تراخيص البناء اللازمة للمشروع من دائرة البلدية بتاريخ 30/6/2016 مما كان يتعين معه إنهاء الأعمال خلال 18 شهرا في موعد أقصاه 30/12/2017 وفقا لما نص عليه العقد مما أصابه بأضرار مادية فضلاً عما ما فاته من الكسب فأقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد إيداع التقرير، حكمت المحكمة أولا: بفسخ عقد الاستثمار المؤرخ 18/5/2015 المحرر بين المطعون ضده الأول بصفته والشركة الطاعنة، ثانيا: عدم نفاذ عقد الاستثمار محل التنازل المؤرخ 11/4/2018 المحرر من الطاعنة إلى المطعون ضده الثاني في مواجهة المطعون ضده الأول بصفته، ثالثا: بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده الأول بصفته مبلغ (1,114,536.20) درهما تعويضا عن إعادة الحال لما كان عليه قبل العقد وما فاته من الكسب. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف رأس الخيمة بالاستئناف رقم .... لسنة 2019 مدني، وبتاريخ 14/4/2019 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها أصدرت حكمها. 
وحيث أقيم الطعن على أربعة أسباب ، تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خرج عن التكييف القانوني الصحيح للوقائع وأسبغ على تنازل الطاعنة عن عقد الاستثمار موضوع الدعوى إلى المطعون ضده الثاني وصف حوالة الحق أو الدين غير النافذة وقضى بفسخ العقد وبإلزامها بالمبلغ المحكوم به لصالح المطعون ضده الأول بصفته رغم صراحة العقد الذي أجاز لها بالبند (13) منه التنازل عن المشروع كلياً أو جزئياً لصالح طرف آخر، ولم يقصر التنازل على شخص بعينه أو يشترط موافقة المطعون ضده الأول بصفته، فضلاً عن أن الأخير قد أخطر رسميا بالتنازل بموجب الإنذار العدلي المؤرخ 30/4/2018، وعدم إنكاره له، بما تكون دعوى المطعون ضده الأول بصفته قد أقيمت على غير ذي صفة بالنسبة للطاعنة عملا بالمادة 91/1 من قانون الإجراءات المدنية بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها، وهو مما يستقل به قاضي الموضوع وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. كما أنه من المقرر أن حوالة الدين وفق مؤدى المواد 1106، 1109 ، 1110 من قانون المعاملات المدنية هي نقل الدين والمطالبة به من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه متى انعقدت الحوالة مستوفية لأركانها وشروطها وبرضاء كل من المحيل والمحال عليه، فإذا رضي هذا الأخير بالحوالة كان ملزماً بالدين المحال به بحيث ينتقل الدين المحال به من المحيل إلى المحال عليه وتصبح العلاقة مباشرة بين المحال له والمحال عليه الذي يصبح مدينا له من وقت إبرام الحوالة فإذا كانت الحوالة قد تمت باتفاق بين المحيل والمحال عليه فإنها لا تكون نافذة قبل المحال له إلا إذا قبلها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الإخطار العدلي الصادر من المطعون ضده الأول بصفته إلى الشركة الطاعنة قبل رفع الدعوى والمؤرخ 11/4/2018 قد تضمن إنذارها بفسخ عقد الاستثمار المؤرخ 18/5/2015 موضوع الدعوى ومطالبتها بالتعويض عن الأضرار المادية التي لحقت به من جراء إخلالها بالتزاماتها التعاقدية، وهو سابق على الإخطار العدلي الموجه من الطاعنة إلى المطعون ضده الأول بصفته المؤرخ 30/4/2018 بحوالة الحق والتنازل عن عقد الاستثمار لصالح المطعون ضده الثاني، بما مفاده عدم رضاء المطعون ضده الأول بصفته على الحوالة أو التنازل، ولما كان المطعون ضده الثاني – المتنازل إليه – قد أخطر طرفي التداعي بعدم قبوله التنازل الصادر له من الطاعنة وفق الثابت من الإخطار العدلي المؤرخ 24/6/2018 والمتضمن إقراره بانتفاء علاقته بعقد الاستثمار موضوع الدعوى، بما مؤداه عدم رضائه أيضا عن التنازل أو الحوالة التي أثارتها الطاعنة بدفاعها، ولما كان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد أورد بأسبابه أنه " لا يجدى الطاعنة التمسك بالعقد المبرم بينها وبين المطعون ضده الثاني ذلك أن هذا العقد قاصراً على طرفيه ولا يتعداه إلى الغير إذ البين من البند الثالث عشر من العقد سند المطعون ضده الأول بصفته اشتراط التنازل لشخص معنوي أو اعتباري بما مؤداه عدم جواز التنازل لشخص طبيعي وهو ما تم بشأن العقد المحاج به سيما وأن شخصية المتعاقد تكون محلاً للاعتبار بشأن العقد محل النزاع بما لا يصح اعتبار ما تتمسك به الطاعنة حوالة حق لعدم توافر شروطها من حيث موافقة ثلاث المحيل والمحال إليه والمحال عليه وهو ما لم يتوافر في النزاع الماثل"، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص سائغا وكافيا في استظهار صفة الطاعنة في الدعوى، وصحة اختصامها فيها ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس. 
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى نفي الخطأ عن المطعون ضده الأول بصفته وثبوته بحق الطاعنة، وقضى بفسخ عقد الاستثمار والتعويض بالمخالفة للمواد 272، 285 ، 287 من قانون المعاملات المدنية، ونصوص عقد الاستثمار موضوع الدعوى، رغم قيام الطاعنة بالوفاء بالتزاماتها التعاقدية وسداد الدفعة المالية الأولى من العقد وقدرها (500.000) درهم وتأخر المطعون ضده الأول بصفته في استخراج التراخيص اللازمة للمشروع وفقا للبند السادس من العقد حتى 30/6/2016، كما أن مدة تنفيذ العقد قد أصبحت 30 شهرا من تاريخ صدور ترخيص البناء بما يمتد معه تاريخ التنفيذ إلى 1/12/2018، مما تكون معه الدعوى قد أقيمت قبل الأوان في 11/6/2018 وقبل انتهاء الميعاد المحدد للتنفيذ، فضلا عن أن المطعون ضده الأول بصفته قد أخفى على الطاعنة وجود أعمال إضافية لم يشملها العقد متمثلة في وجود كابلات كهربائية تحت الأرض المبني عليها السور مما تتطلب معه استخراج تراخيص أخرى لتحويل مسارها لم يقم المطعون ضده الأول باستخراجها أدت إلي تعطيل الأعمال مما يعد من قبيل القوة القاهرة والسبب الأجنبي الذي لا دخل للطاعنة به، وعدم قيامه بإصدار وكالة رسمية لتسويق المحال التجارية المتفق على بنائها، وخلو الأوراق من ثبوت الضرر المادي من هدم السور محل العقد يوجب معه تعويض المطعون ضده الأول بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي في جملته غير سديد ؛ ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مبدأ سلطان الإرادة ما زال يسود الفكر القانوني استقرارا للمعاملات، ولازم ذلك أنه يمتنع على أحد العاقدين نقض العقد أو إنهاؤه أو تعديله على غير مقتضى شروطه، ما لم يتفق على ذلك مع الطرف الآخر، وكان مؤدى المواد 272 ، 273 وما بعدها من قانون المعاملات المدنية أنه في العقود الملزمة للجانبين للمتعاقد الحق في المطالبة بفسخ العقد إذا لم يوف المتعاقد الآخر بالتزاماته وأن هذا الحق ثابتاً لكل منهما بنص القانون ويعتبر العقد متضمناً له ولو خلا اشتراطه بالعقد، وأنه يتعين للتمسك بعدم التنفيذ في العقود الملزمة للجانبين ألا يكون المتمسك به قد أخل بالتزامه عمدا أو قصر في الوفاء به وجحد تعهده وأعرب في جلاء ووضوح عن نيته في عدم الوفاء عينا، إذ أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي أو التأخير في تنفيذه يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته التي لا يدرأها عنه إلا إذا أثبت هو أن عدم التنفيذ يرجع إلي سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ من الغير أو من المتعاقد الآخر، كما أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تقدير مبررات الفسخ وكفاية أسبابه أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفى التقصير عنه، وتنفيذ المتعاقد لالتزامه، كل ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب عليها، متى استندت إلى أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تقديرية إلى إخلال الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية الواردة بعقد الاستثمار موضوع الدعوى والمبرم مع نادي رأس الخيمة الرياضي بعد أن تأخرت عن إتمام كامل أعمال المشروع الاستثماري رغم صدور الترخيص منذ تاريخ 30/6/2016 وتعاقدها مع مقاول البناء منذ 16/6/2016 إذ اكتفت حتى تاريخ معاينة الخبير المنتدب لموقع المشروع في 1/9/2018 بإنجاز نسبة ضئيلة من إجمالي أعمال المشروع تقدر (3 % فقط) وذلك خلال فترة تتجاوز العامين، وكان ما أنجزته يتمثل في أعمال أولية تتعلق بحفر وهدم لا يتطلب الانتهاء من القيام بها سوى بضعة أسابيع ثم توقفت عن المضي في إتمام باقي الأعمال دون مسوغ أو توافر سبب جدى لتأخرها كل هذا الوقت عن استكمال باقي أعمال المشروع، سيما وأن الأوراق قد خلت من عمل صادر عن المطعون ضده الأول بصفته من شأنه أن يمثل تعطيلاً لها في إنجاز المشروع أو وضعا للعراقيل أمامها، كما ثبت تقاعس الطاعنة عن الوفاء بقيمة القسط الأول من القيمة الاستثمارية المستحقة للمطعون ضده الأول وقدرها 450,000 درهم بعد انتهاء فترة السماح المتفق عليها والتي تنتهى في 31/12/2017 اعتبارا من تاريخ ترخيص البناء وهو ما يعد إخلالا آخر بالتزامها التعاقدي بما يبرر طلب المطعون ضده الأول لفسخ العقد، ولا ينال من ذلك ما حاجت به من تقاعس الأخير عن مدها بالتراخيص اللازمة للإنجاز أو تأخره عن مدها بالوكالة المنصوص عليها ضمن البند الثامن من عقد الاستثمار محل ذلك المشروع طالما أن النادي وفر لها ترخيص إنشاء كامل المشروع الاستثماري من السلطة المختصة ولم يطالبها بالشروع في الإنجاز عقب تحرير عقد الاستثمار في 18/5/2015 أو يسألها عن ذلك في الفترة السابقة عن صدور رخصة البناء وإنما ظل ينتظر وفاءها بالتزامها حتى تاريخ 11/6/2018 حينما وقف نهائيا بعد مضى سنتين من حصولها على رخصة البناء على عدم رغبتها في إتمام أعمال المشروع فقام بإخطارها بعزمه على فسخ العقد بينهما، كما لم يثبت أن عدم منحها الوكالة المشار إليها كان عائقا مباشراً وسبباً رئيسياً للتوقف عن استكمال بناء المشروع وتجهيزه، وبدلا من تدارك تأخرها في إتمام ذلك المشروع الاستثماري بادرت بالتنازل عنه إلى شخص طبيعي وهو المطعون ضده الثاني في مخالفة أيضا لالتزامها التعاقدي الذي يقتضي أن يكون ذلك التنازل لشخصية معنوية أو اعتبارية بحسب صريح نص البند الثالث عشر من عقد الاستثمار، ورتب علي ذلك قضاءه بفسخ العقد والتعويض، وكان هذا الذي أورده الحكم الابتدائي سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافيا لحمل قضائه في هذا الخصوص وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف فيما خلص إليه وأحال إلى أسبابه وجعلها مكملة لأسباب حكمه ومن ثم يضحي النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأوجه على غير أساس. 
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما انتهى إليه تقرير الخبير من أن تأخر استخراج التصاريح ووجود كابلات كهربائية في الموقع وعدم منح الطاعنة توكيل لتسويق المحلات التجارية لا يعد مسوغاً لتوقف الطاعنة عن استكمال أعمال المشروع حتى تاريخه، وأن سبب الإخلال يرجع إلى عدم وجود التمويل الكافي استنادا إلى الكتاب المؤرخ 13/1/2018 الموجه من الطاعنة إلى صاحب السمو حاكم الإمارة، والذي طعنت عليه الطاعنة بالإنكار لعدم تقديم أصله، فضلا عن إقامة الدعوى قبل الأوان لكون مدة تنفيذ المشروع ما زالت مستمرة، بما يعد فصلاً في مسائل قانونية تخرج عن نطاق الخبرة، وطرح ما تمسكت به الطاعنة من دفاع من خلو الأوراق من ثبوت الضرر لعدم وجود محلات مؤجرة في موقع السور موضوع الأعمال بما لا يجوز معه القضاء بالتعويض لصالح المطعون ضده الأول على أساس الخطأ المفترض، فضلا عن اشتراك الأخير في الخطأ لإخلاله بالتزاماته التعاقدية وتأخره عن استخراج تراخيص البناء اللازمة لتنفيذ المشروع لمدة سنة وشهرين بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي في جملته غير مقبول؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، وحسبه أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله، ولا عليه أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالا على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع متى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالا على الطعون التي توجه إليه لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والمستندات وتقرير الخبير فيها – قد واجهت عناصر النزاع الواقعية والقانونية على حد سواء، ثم عولت في حدود تلك السلطة التقديرية على ما جاء بتقرير الخبير لسلامة الأسس التي بني عليها من أن ما قامت به الطاعنة من أعمال في المشروع حتى تاريخه هو فقط إزالة السور وحفر منطقة المشروع وصبات النظافة تحت القواعد بما لا تتعدى نسبة 3 % من أعمال المشروع المتفق عليها بعد أن توقفت عن استكمال باقي الأعمال بسبب يعود إلى مشاكل تمويلية لديها لكون تأخر استخراج التصريح ووجود الكابلات الكهربائية في الموقع وعدم إعطاء توكيل لها ليست أسبابا منطقية وحقيقية ومباشرة لتوقفها عن استكمال كافة أعمال المشروع حتى تاريخه وأن ما أنجزته من أعمال يمكن إنهاؤه خلال ستة أسابيع فقط من تاريخ البدء بأعمال المشروع وقيمته الحقيقية تعادل (176,275.03) درهما وأن القيمة المالية المستوجبة لإعادة الحالة بموقع المشروع إلى ما كانت عليه قبل التعاقد فتقدر بمبلغ (627,036.20) درهما، وكانت أسبابه في هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق، وتكفي لحمل قضائها، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وتتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعنة وأوجه دفاعها ومستنداتها وطلباتها في هذا الخصوص، فإن ما تثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم يكون غير مقبول. 
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق