الصفحات

الاثنين، 2 سبتمبر 2019

الطعن 702 لسنة 58 ق جلسة 12/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 106 ص 712

جلسة 12 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر نائبي رئيس المحكمة وحسن عميره وصلاح البرجي.
-------------
(106)
الطعن رقم 702 لسنة 58 القضائية
(1) اختصاص "الاختصاص الولائي" "تنازع الاختصاص". قانون "تفسيره".
قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 خلوهما وأي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ بالفصل وحدها في كافة الجرائم المبينة بهما. خلو أي منهما وأي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة بالاختصاص دون غيرها. أثر ذلك: بقاء اختصاص القضاء العادي بهذه الجرائم قائماً.
 (2)إثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تطابق الدليل القولي مع الدليل الفني. غير لازم. متى كان الجميع بينهما لا يستعصى على الملائمة والتوفيق.
(3) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
متى لا تلتزم المحكمة بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته؟
(4) إثبات "إقرار". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
ماهية الإقرار القضائي وغير القضائي. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
 (5)إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يجوز إثارته لأول مرة أمام النقض.
 (6)إثبات "بوجه عام". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفاع الطاعن بأن أقواله أمام النيابة كانت وليدة إكراه أدبي. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير مقبولة. علة ذلك؟
 (7)استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق". تحقيق "التحقيق بمعرفة النيابة".
جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغير دعوة محاميه في حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة. تقدير ذلك للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع. أساس ذلك؟
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على تصرف النيابة عدم سماع شهود. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن.
(9) اشتراك. اتفاق. إثبات "بوجه عام". سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
ثبوت سبق الإصرار في حق المتهمين. يستلزم بالضرورة توافر الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه منهم.
(10) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
مثال.
---------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قرار رئيس الجمهورية رقم 560 سنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محكمة أمن الدولة "طوارئ" ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له قد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على إفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها دون ما سواها في هذه الطائفة من الجرائم، وأن اختصاص هذه المحكمة الاستثنائية محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل.
2 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
3 - إن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
4 - من المقرر أن الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه - القضائي وغير القضائي - بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه.
5 - من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن أقواله في تحقيق النيابة كانت وليدة إكراه أدبي فإنه لا يقبل منهم إثارة هذا النوع من الإكراه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من إجراء تحقيق تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
7 - إن المادة 124 التي أحالت إليها المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد فقد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المتقدم ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعن الأول من بعد مصادرتها في عقدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه.
8 - لما كان ما ينعاه الطاعنون على تصرف النيابة من عدم سماع شهودهم لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن النعي عليه بذلك يكون غير قويم.
9 - من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار.
10 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن الرابع في شأن عدم إمكان الفرار بالسيارة لعدم وجود سائق بها ولتعطلها لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله فأعدوا لذلك سلاحاً نارياً "مسدس" وترصدوا في المكان الذي أيقنوا تواجده فيه وما أن ظفروا به حتى عاجله المتهم الأول بأربعة أعيرة نارية فأرداه قتيلاً بينما وقف المتهمون الباقون على مسرح الجريمة يشدون من أزره ثم فروا هاربين. المتهم الأول أيضاً: ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس". (ب) أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت كل من...... و...... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر و........ - أرامل المجني عليه - مدنياً قبل المتهمين متضامنين بأن يدفعوا لكل منهن مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 32/ 2 وإعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لكل لما أسند إليهم وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ودان الطاعن الأول أيضاً بجريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرته بغير ترخيص قد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه صدر من محكمة جنايات عادية حالة أن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد لمحكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ، هذا إلى أن الحكم أطرح دفاع الطاعنين بقيام التناقض بين الدليلين القولي والفني برد غير سائغ ولم تستجب المحكمة إلى طلب الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي في هذا الخصوص، كما عول الحكم في قضائه على إقرار الطاعنين الثاني والرابع في التحقيقات رغم تمسك الدفاع بأنه كان وليد إكراه وقع عليهما تخلف عنه إصابات بثانيهما وأمسكت النيابة العامة عن إثبات إصاباتهما استناداً إلى دليل فني وببطلان أقوال الطاعنين جميعاً للإدلاء بها تحت تأثير التهديد والوعيد من رجال الشرطة وببطلان مواجهة الطاعن الأول بالشهود لعدم دعوة محاميه الثابت حضوره معه منذ بدء التحقيق ومع ذلك فلم تعن المحكمة بتحقيق هذا الدفاع وردت على الدفعين بما لا يصلح رداً يضاف إلى ذلك أن النيابة العامة لم تحفل بطلب الطاعنين سماع شهود النفي وأخيراً فإن الحكم لم يدلل على مساهمة الطاعن الرابع في الجريمة باستظهار علمه بها وقصد الاشتراك فيها وأعرض عن دفاعه بعدم إمكان الفرار بالسيارة بعد وقوع الحادث لعدم وجود سائق بها وتعطلها نتيجة تفريغ إطاراتها، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح ناري وذخيرته بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستقاة من أقوال شاهدي الرؤية وأقوال ضابط المباحث وتحرياته ومن إقرار الطاعنين الثاني والرابع بالتحقيقات ومما دل عليه تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قرار رئيس الجمهورية رقم 560 سنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ، وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ" ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له قد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على إفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها - دون ما سواها - في هذه الطائفة من الجرائم، وأن اختصاص هذه المحكمة الاستثنائية محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ومن ثم فإن النعي بصدور الحكم من محكمة غير مختصة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع من قيام تعارض بين الدليلين القولي والفني وطلب مناقشة الطبيب الشرعي في هذا الخصوص ورد عليه بقوله "أن رواية شاهدي الواقعة في التحقيقات قد اتفق مدلولها وما خلص إليه تقرير الصفة التشريحية وبما لا يتلاءم مع ما خلصت إليه المحكمة بشأن الصورة الحقيقية للحادث وموقف الضارب للمجني عليه ولا ترى ثمة تعارضاً فيما أورداه بروايتهما من إصابته في وجهه بعد أن صرعته الرصاصة الأولى وألقت به أرضاً على ظهره فبدا وجهه أمام الجاني فوجه إليه باقي الطلقات وهو على هذا الوضع بما لا يتنافى مع ما ورد بتقرير الصفة التشريحية من أن الضارب كان أمام المجني عليه وتضحى دعوى التناقض بين هذين الدليلين القولي والفني على غير سند بغير حاجة إلى خبرة فنية خاصة بما تطرح معه المحكمة طلب مناقشة الطبيب الشرعي في هذا الخصوص إذ تطمئن إلى جوهر ومضمون كل من الدليلين وما استخلصته منهما دون تناقض بينهما". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي طالما أن المحكمة قد أوضحت انتفاء الخلاف المدعي بين الدليلين القولي والفني ولم تجد هي تعارضاً بين هذين الدليلين يبرر إجابة هذا الطلب لما هو مقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ومن أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى للرد على دفاع الطاعنين الثاني والرابع وببطلان إقرارهما في التحقيقات لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي بقوله "كما تلتفت المحكمة عما لاذ به المتهمان الثالث وصحته الثاني والرابع من زعم الإكراه المدعي وقوعه عليهما لحملهما على الإدلاء بأقوالهما وعلى خلاف البادي من الأوراق فقد أدليا بها أمام وكيل النيابة المحقق طواعية واختياراً وبإرادة حرة واعية وقصداً إلى قولتهما دون ما شائبة من إكراه عليهما أو ضغط دفعهما إليهما على أي نحو، وليس من صلة سببية بين ما وجد بعد ذلك بالمتهم الرابع من إصابات لم تكن به عند مناظرة المحقق له وبين ما أدلى به من أقوال تطمئن المحكمة إلى سلامتها ومطابقة مضمونها للحقيقة والواقع تعتد بجوهرها وما استخلصته منها وسائر أدلة الدعوى ومؤداها مقارفة المتهمين الأربعة للجرم المسند إليهم". وإذ كان الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه - القضائي وغير القضائي - بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه وكانت المحكمة قد تحققت - للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المتقدم بيانه - من أن إقرار الطاعنين الثاني والرابع بالوقائع التي أدليا بها في التحقيقات سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا تثريب عليها إذ هي عولت عليه بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها، وإذ كان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين الثاني والرابع لم يثر شيئاً عما يدعيه من قعود النيابة العامة عن تحقيق إصابتهما ولم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الشأن فضلاً عن أن الحكم قد عرض لإصابة الطاعن الرابع وأثبت للأسباب السائغة التي أوردها عدم صلتها بالأقوال التي أدلى بها في تحقيق النيابة فلا يقبل منهما إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن أقواله في تحقيق النيابة كانت وليدة إكراه أدبي فإنه لا يقبل منهم إثارة هذا النوع من الإكراه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من إجراء تحقيق تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن الأول ببطلان مواجهته بالشهود لعدم دعوة محاميه ورد عليه بقوله "الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المتهم الأول مثل أمام المحقق في يوم....... لأول مرة ومعه محاميان حضرا في أثناء استجوابه كما جرت مواجهته بالمتهمين الثاني والرابع في حضور محامين كذلك ولئن تمت مواجهته من بعد بشاهدين دون دعوة محاميه فمرده إلى ما قدره المحقق وترى معه أن الأمر كان يحتم الإسراع في إجرائها خشية من تردد الشاهدين أو عدولهما مما قد يعرض الدليل للضياع فكان تصرف المحقق لضرورة يقتضيها صالح التحقيق ولا مخالفة فيه". فإن هذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون وسائغ في الرد على الدفع ذلك بأن المادة 124 التي أحالت إليها المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد فقد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المتقدم ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعن الأول من بعد مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه، هذا فضلاً عن أنه لم يزعم أن اسم محاميه كان قد أعلن بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أم إلى مأمور السجن وهو مناط الاستفادة من حكمها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنون على تصرف النيابة من عدم ساع شهودهم لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن النعي عليه بذلك يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعنين - وتربطهم صلة القربى - اتفاقهم على قتل المجني عليه أخذاً بالثأر لاتهامه بقتل والد الطاعن الأول وأعدوا لذلك خطة تنفيذ الجريمة بتسلح الطاعن الأول بمسدس وعندما علموا بوجود المجني عليه ببلدة سيدي سالم توجهوا إليها بسيارة الطاعن الرابع حيث كمنوا بينما توجه الطاعن الثاني للبحث عن المجني عليه حتى ظفروا به واقفاً أمام متجر الشاهد الأول فأخبر الطاعن الأول بمكانه الذي خف إليه وأطلق عليه أربعة أعيرة نارية وأسرع والطاعن الثاني إلى السيارة وفروا جميعاً بها من مكان الحادث، ودلل الحكم على توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين بما ينتجه من وجوه الأدلة السائغة - بما لا مطعن عليه من الطاعن الرابع في هذا الخصوص - وكان من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه الوقائع المفيدة لسبق الإصرار وكان الحكم قد أثبت تصميم المتهمين على قتل المجني عليه فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أو غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كاف بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن الرابع مع باقي الطاعنين على قتل المجني عليه من معيتهم في الزمان والمكان ووقع الصلة بينهم إذ تربطهم صلة القربى وصدور الجريمة عن باعث واحد هو الأخذ بالثأر واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قَصَدَ قصْد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره فإن النعي عليه من الطاعن الرابع بالقصور في التدليل على مساهمته في الجريمة ونية تدخله في مقارفتها يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن الرابع في شأن عدم إمكان الفرار بالسيارة لعدم وجود سائق بها ولتعطلها لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق