الصفحات

الأحد، 25 أغسطس 2019

الطعن 5267 لسنة 54 ق جلسة 16 / 1 / 1986 مكتب فني 37 ق 20 ص 87


جلسة 16 من يناير سنة 1986
برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية.
------------------
(20)
الطعن رقم 5267 لسنة 54 القضائية

 (1)قتل عمد. قصد جنائي. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
مثال لتسبيب سائغ لتوافر نية القتل في حق المتهم.
 (2)قتل عمد. دعوى مدنية. تعويض. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
مثال لتسبيب سائغ في القضاء بالتعويض المدني.

---------------
1 - إن نية القتل قد توافرت في حق المتهم من اعترافه المفصل بتحقيقات النيابة الذي أيدته الدلائل المادية إذ استعمل آلة قاتلة بطبيعتها "سكين" وطعن بها المجني عليها وموالاته توجيه الطعنات حتى بلغت سبعة وتسعين طعنه بعضها في مواقع قاتله من جسمها وهي الصدر والبطن والعنق والتي أحدثت على نحو ما أورده تقرير الصفة التشريحية قطوع متعددة بالرئتين والأمعاء الدقيقة والوريدين الودخيين الداخلي والخارجي إلا يسرين والشريان الزندي الأيسر وما صاحبهما جميعاً من نزيف معوي وصدمة عصبية.
2 - لما كانت المحكمة قد انتهت إلى ثبوت الاتهام في حق المتهم وكانت عناصر التعويض قد توافرت من خطأ في جانب المتهم سبب ضرراً مباشراً من الجريمة لحق بالمدعية بالحق المدني تتمثل في فقدان ابنتها فإن الدعوى المدنية تكون قد قامت على أساس صحيح من القانون.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل..... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن انهال عليها طعناً بسكين قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته لمحكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر ذلك. وادعت والدة المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات..... بعد أن أسندت إلى المتهم جناية الشروع في هتك عرض المجني عليها بالقوة والتهديد التي تقدمت جناية القتل العمد المقدم بها قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1، 2، 268/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وألزمته أن يدفع إلى المدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدول محكمة النقض برقم... لسنة... ق وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات المنيا لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين.
والمحكمة الأخيرة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم (للمرة الثانية) بطريق النقض.... إلخ.
وبجلسة...... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة..... لنظر الموضوع وعلى النيابة إحضار المتهم من السجن وإعلان الشهود وإشعار المدعية بالحق المدني.


المحكمة
بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة، وبعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانوناً.
من حيث إن واقعة الدعوى - حسبما استخلصتها المحكمة من الأوراق ومن التحقيقات التي تمت وما دار في الجلسة وما استقر في وجدان المحكمة تتحصل في أن المتهم.... وهو أعزب يملك عقاراً مكوناً من طابقين بدائرة قسم.... يقطن في الدور العلوي منه ويؤجر الدور الأرضي إلى "....." الذي يقيم فيه ومعه زوجته المجني عليها "......" وأولاده منها. وإذ راقت المجني عليها في عين المتهم وراودها عن نفسها فأبت. عمل على إثارة المشاكل مع زوجها بامتناعه عن قبض إيجار المسكن وحلاً لذلك استقر رأي الزوج على الانتقال بأسرته إلى مدينة..... حيث تقيم شقيقته وسافر إلى هناك - قبل الحادث بعدة أيام - للبحث عن شقة بينما أقامت زوجة المجني عليها وأولادها بمنزل والدتها وفي يوم الحادث عادت المجني عليها إلى مسكنها لتنظيفه ولحقت بها والدتها.... لتبيت معها وفي الساعة العاشرة مساء استأذنت من والدتها في الخروج لشراء خرز تكمل به صنع عقد كان معها وإذ رآها المتهم في الطريق عاودته الرغبة فيها واستدرجها بوسيلة ما إلى مسكنه كأن يكون قد استغل إقامة شقيقته.... وابنتها..... معه واستجابت المجني عليها إلى طلبه الذهاب إلى شقيقته لتهنئتها بنجاح ابنتها إلا أنه استطاع أن يدفع بشقيقته وابنتها إلى البقاء في حجرتهما حتى ينفرد وحده بالمجني عليها بعد أن هيأ إحدى الغرف ذلك بأن فرش على أرضها لحافاً وإذ امتنعت المجني عليها عن إجابته إلى رغبته الجنسية هددها بسكين كان قد أعدها لهذا الغرض وإذ يئس تماماً من تحقيق رغبته انهال عليها طعناً بالسكين منتوياً قتلها انتقاماً لفشله في تحقيق ما أراد وخطط له وظل يطعنها بوحشية في أجزاء متفرقة من جسدها حتى بلغ عدد الطعنات سبعة وتسعين طعنه ولم يتركها إلا جثة هامدة ثم أغتسل من الدماء وبدل ملابسه وبدأ يفكر في وسيلة يبعد بها الاتهام عنه وإذ استقر رأيه على الادعاء بأن المجني عليها عشيقته وأن شقيق زوجها فاجأها في مسكنه وقتلها توجه إلى غرفة شقيقته وابنتها وأيقظهما على عجل فقامتا من نومهما مذعورتين ولاحظت كل منهما اضطراباً به ثم اصطحبهما إلى خارج المسكن وأغلق بابه وسار معهما في الطريق بضعة أمتار - وقد قارب الفجر اليوم التالي - ثم طلب منهما التوجه إلى منزل شقيقته وافترق عنهما متجهاً إلى ناحية النيل وادعى بعد ذلك أنه شرع في الانتحار بإلقاء نفسه في النيل وأنقذه آخر ولما أنقذه أصطنع التهيج وادعى الجنون. وإذ أبلغت أم المجني عليها بغياب ابنتها واتهمت المتهم بأنه المسئول عن غيابها لسبق تهديده لها وزوجها بالقتل بسبب مشاحنات معهما على المسكن - ولوجود المتهم في ذلك الوقت بديوان القسم حيث اقتيد إلى هناك لتواجده في حالة هياج وبمواجهته بما أسندته إليه والدة المجني عليها قرر بوجود جثة المجني عليها في مسكنه وأرشد الشرطة إلى مكانها.
وحيث إن الواقعة على هذه الصورة المتقدمة قد قام الدليل على صحتها في حق المتهم من أقوال والدة المجني عليها...... و..... و...... ومن اعتراف المتهم ومعاينة النيابة لمكان الحادث وما أوراه تقريراً الصفة التشريحية وتقرير مدير دار الصحة النفسية بالعباسية. فقد شهدت..... أن المتهم كان دائم الشجار مع ابنتها المجني عليها وزوجها بسبب إيجار مسكنهما وأنها قامت بعرض متأخر الإيجار على المتهم فتوعد بإيذاء ابنتها وزوجها وأن هذا الأخير سافر إلى مدينة...... للبحث عن مسكن فيها ينتقل إليه هو وأسرته ومكث هناك ستة أيام أقامت فيها المجني عليها لديها وفي 4/ 7/ 1980 توجهت المجني عليها إلى مسكنها لتنظيفه ولحقت هي بها عند المغرب فوجدتها متعبة بسبب الحمل ورغبت في المبيت بمسكنها فقررت البقاء معها خوفاً عليها وعلى أولادها خاصة وأن المجني عليها كانت قد أخبرتها بتهديد المتهم لها بالقتل وفي حوالي الساعة العاشرة مساء خرجت المجني عليها لشراء خرز لعقد كانت تصنعه وبقيت هي بجوار الأولاد ولم تستيقظ إلا في الثالثة صباحاً فلم تجد ابنتها وإذ تذكرت تهديد المتهم طرقت باب مسكنه فلم يرد عليها أحد فتوجهت إلى عملها بعد أن تركت الأولاد في منزلها ولما عادت من عملها لم تجد ابنتها فأبلغت الشرطة، وأضافت أن المتهم قرر لها في ديوان الشرطة أنه قتل المجني عليها انتقاماً من زوجها وشقيقه...... وانتهت إلى أن المجني عليها كانت تربطها بـ..... شقيقة المتهم صلة الصداقة وأن هذه الأخيرة دعتها للحضور إليها لتهنئة ابنتها.... بالنجاح وشهدت..... أنها منذ وفاة زوجها تقيم هي وابنتها..... مع المتهم بحجرة منفصلة عن مسكنه وبذات الطابق وأنها ليلة الحادث تعاطت أقراصاً مهدئه بسبب مرضها وفوجئت أثناء نومها بالمتهم - قبل الفجر - يوقظها هي وابنتها وكان يبدو عليه الارتباك وطلب منهما الخروج معه واصطحبهما إلى خارج المسكن وفي الطريق طلب منهما الذهاب إلى منزل شقيقه وأضافت أنها لم تسمع صوت ينبئ عن وجود آخر في المسكن وأن المتهم كان يلتفت وراءه إلا أنها لم تر أحد يتبعهم، وشهدت....... وشهرتها.... بأنها بعد أن شاهدت برامج التليفزيون مع أمها وخالها المتهم توجهت ووالدتها إلى حجرتهما حيث نامتا وقبيل الفجر أيقظهما المتهم بالطرق على الباب ولما فتح الباب شاهدت المتهم في حالة غير طبيعية ومرتبك وطلب منهما الخروج معه ثم أغلق باب المسكن وأثناء سيره معهما في الطريق طلب منهما التوجه إلى منزل شقيقه وتركهما وأضافت أن الفترة بين الإيقاظ والخروج من المنزل لم تستغرق ثوان وأن باب الشقة عندما خرجوا من غرفتهما كان مغلقاً وأنها لم تسمع صوتاً لغريب في الشقة وأنها لاحظت وجود مادة على رسغ يد المتهم اليسرى واعترف المتهم "...." في تحقيق النيابة بأنه انهال على المجني عليها طعناً بالسكين قاصداً من ذلك قتلها وأضاف أنه ظل يضرب المجني عليها بالسكين عدة ضربات لا يعرف عددها أو موضعها، وردد اعترافه لوكيل النيابة الذي أجرى معاينة مسرح الحادث مقرراً أنه استعمل السكين الذي تم ضبطه بسكنه ووجه به - في ارتكاب الحادث كما أكد اعترافه بما أسند إليه عند تجديد حبسه الاحتياطي بجلسة.... وقد جاء بمعاينة النيابة لمكان الحادث أن جثة المجني عليها وجدت بحجرة نوم المتهم بالشقة الكائنة بالطابق الثاني غارقة في دمائها فوق لحاف مشبع معظمه بدماء غزيرة كما وجد أثار لقدم ملوثة بالدماء في أماكن متعددة داخل الشقة بينما لا يوجد أي أثر من ذلك خارجها وتبين من باب غرفة المتهم التي وجدت بها الجثة وكذلك النافذة مغلقتين وعثر بجوار الجثة على عقد من الخرز الأزرق. وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن بالمجني عليها..... سبعة وتسعين طعنة في أنحاء متفرقة بجسدها من الأمام ومن الخلف وأن الإصابات التي بالصدر والطرفين السفليين والوجه والعنق عبارة عن جروح قطعية طعنيه حيوية حديثة من آلة صلبة ذات حافة حادة كنصل سكين أو ما أشبه وتعتبر الإصابات القطعية بالنسبة لموقعها والآلة المستخدمة أنها في مقتل كما تعتبر بالنسبة لنفاذها للتجويف الصدري والبطن والعنق أنها خطيرة على حياتها وأودت بها وأن الوفاة إصابية ونشأت عن الجروح القطعية بما أحدثته من قطوع متعددة بالرئتين والأمعاء الدقيقة والساريقا والوريدين الودخيين الداخلي والخارجي الأيسرين والشريان الزندي الأيسر وما صاحبهما جميعاً من نزيف معوي وصدمة عصبية. وتبين من تقرير الاستشفاء للصحة النفسية والعقلية أن المتهم لا يعاني من المرض العقلي وأنه يعي ويفهم ما يقول ويعتبر مسئولاً عن أفعاله فيما هو منسوب إليه وقت ارتكاب الحادث.
وحيث إن المتهم أنكر بجلسة المحاكمة ودفع المدافع عنه التهمة المسندة إليه بأن آخر - هو شقيق زوج المجني عليها ويدعى..... - ارتكب الحادث عندما فاجأ المجني عليها والمتهم بحجرة نوم الأخير وانتهى إلى طلب القضاء ببراءته. ولا تعول المحكمة على إنكار المتهم وما أبداه من دفاع ابتغى منه دفع الاتهام عنه بعد أن سار شوطاً في ادعاء الجنون وانكشف أمره كما أن اتهام آخر بارتكاب الحادث لم يقم عليه دليل يؤيده بل يكذبه اعتراف المتهم التفصيلي بتحقيقات النيابة وإصراره عليه عند إجراء المعاينة وبجلسة المعارضة في أمر حبسه.
وحيث إن نية القتل قد توافرت في حق المتهم من اعترافه المفصل بتحقيقات النيابة الذي أيدته الدلائل المادية إذ استعمل آلة قاتلة بطبيعتها "سكين" وطعن بها المجني عليه وموالاته توجيه الطعنات حتى بلغت سبعة وتسعين طعنه بعضها في مواقع قاتلة من جسمها وهي الصدر والبطن والعنق والتي أحدثت على نحو ما أورده تقرير الصفة التشريحية قطوع متعددة بالرئتين والأمعاء الدقيقة والوريدين الودخيين الداخلي والخارجي الأيسرين والشريان الزندي الأيسر ولم يتركها إلا بعد أن أصبحت جثة هامدة الأمر الذي يوفر للمحكمة القناعة الكافية بأن قصد المتهم انصرف إلى قتل المجني عليها.
وحيث إنه لما تقدم يكون قد ثبت للمحكمة أن المتهم...... في ليلة 5 يوليو سنة 1980 بدائرة قسم.... محافظة.... قتل.... عمداً بأن انهال عليها بسكين قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها الأمر المعاقب عليه بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات ويتعين معاقبته بمقتضاها وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن..... والدة المجني عليها مدنياً قبل المتهم بطلب إلزامه بأن يؤدي لها قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة ولما كانت المحكمة قد انتهت إلى ثبوت الاتهام في حق المتهم وكانت عناصر التعويض قد توافرت من خطأ في جانب المتهم وسبب ضرراً مباشراً من الجريمة لحق بالمدعية بالحق المدني تتمثل في فقدان ابنتها فإن الدعوى المدنية تكون قد قامت على أساس صحيح من القانون - وإذ اقتصرت طلبات المدعية على التعويض المؤقت فقد تعين إجابتها إليه وإلزام المتهم المصروفات شاملة أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق