الصفحات

الأحد، 23 يونيو 2019

التعويض عن الجريمة التأديبية (مسئولية شخصية) يختلف عن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه (مسئولية عن الغير)


الدعوى رقم 41 لسنة 40 ق "تنازع" جلسة 4 / 5 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2019م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمــد خيرى طه النجــار وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع   أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 41 لسنة 40 قضائية "تنازع".



المقامة من
الدكتورة/ ...........
ضــــــد
1- ...........
2- محافظ الدقهليـة
3- وزير الصحــة
4- وكيل وزارة الصحة بالدقهلية

الإجراءات

      بتاريخ الرابع عشر من نوفمبر سنة 2018، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة فض التناقض بين الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 18/1/2015، في الدعوى رقم 58 لسنة 40 قضائية، والحكم الصادر من محكمة استئناف المنصورة بجلسة 15/6/2016، في الاستئناف رقم 3123 لسنة 67 قضائية، المؤيد للحكم الصادر من محكمة المنصورة الابتدائيــــة بجلسة 30/4/2016، في الدعـوى رقم 213 لسنة 2014 مدنى كلى حكومة المنصورة، والقضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الاستئنافين رقمى 3123 لسنة 67 قضائية، 65 لسنة 68 قضائية المشار إليهما لحين الفصل في النزاع، والاعتـداد بالحكم الصــادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة في الدعوى رقم 58 لسنة 40 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة الاستئناف السالف الذكر.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 6/4/2019، إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وصرحت بإيداع مذكرات في أسبوع، وفى الأجل المشار إليه أودعت المدعية مذكرة رددت فيها طلباتها الواردة بصحيفة الدعوى.

المحكمـــــة
   بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة الإدارية كانت قد قدمت المدعية وآخر إلى المحاكمة التأديبية أمام المحكمة التأديبية ....، لأنها في عامي 2010/2011، بوصفها استشاري الكلى بمديرية الصحة ..... حاليًا، وسابقًا رئيس وحدة الكلى بمستشفى ... العام - الدرجة الأولى، وبدائرة عملها بمحافظة الدقهلية لم تؤد العمل المنوط بها بدقة، وخالفت الأحكام والقواعد المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها، فلم تتخذ الإجراءات الواجبة واللازمة نحو متابعة الأعمال داخل وحدة الكلى بالمستشفى، مما أدى إلى زيادة نسبة التحول السيرولوجى للمرضى المترددين على الوحدة لعمل جلسات الغسـيل الكلوي لفيروس سي من سلبى إلى إيجابي، والتى تجاوزت 50% مما عرض حياتهم للخطر، وقامت بإرسال بيانات متضاربة لوزارة الصحة بشأن نتيجة أعمال الوحدة خلال شهر أكتوبر سنة 2010 بالمخالفة للتعليمـات، كما احتفظت لنفسها دون مبرر قانوني بأصول نتائج الفيروسات والمنشورات ودفتر الطوارئ الخاص بالوحـــدة، وعدم تسليمها لمدير الوحدة، بالمخالفة للتعليمات، ولم تتخذ إجراء حيال تلف جهاز (r . o) بوحدة الكلى الصناعية، مما كان من شأنه عدم صلاحية عينات المياه بالوحدة، بما عرض حياة المرضى للخطر، وبجلسة 18/1/2015، حكمت المحكمة ببراءة المدعية مما نسب إليها، استنادًا إلى مخالفة قرار وكيل وزارة الصحة .... رقم 6835 لسنة 2011 بتشكيل اللجنة الفنية التي أعدت التقريرين الفنيين، اللذين ارتكنت إليهما النيابة الإدارية في إسناد المخالفات للمدعية، من ستة أعضاء وليس من عدد فردى، وكذا مخالفة أعمال اللجنة، لنصوص المواد (135، 139، 149، 150) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، كما قام الاتهام المسند إلى المدعية على تحقيق يشوبه القصور الشديد الذى لا يصلح سندًا للقطع بصحة الاتهام الموجه لها، وقد قدمت المدعية شهادة من قسم الجدول بالمحكمة الإدارية العليا تفيد عدم الطعن على هذا الحكم. وكانت المدعى عليها الأولى قد أقامت أمام محكمة ... الابتدائية الدعوى رقم 213 لسنة 2014 مدنــــى كلــــى حكومة ....، ضد المدعى عليهم من الثانى حتى الرابـع، بطلــــب الحكم بإلزامهم ضامنين متضامنين بأن يؤدوا لها مبلغ 75000 جنيه، تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا شاملاً عما أصابها من أضرار نتيجة إصابتها بفيروس (سى)، أثناء تلقيها العلاج من مرض الفشل الكلوى بمركز الغسيل الكلوى بمستشفى .... العام ثلاث مرات أسبوعيًّا، وبسبب الإهمال الطبى الجسيم من العاملين بالمركز المذكور، وأثناء نظر الدعوى قدم الحاضر عن المدعى عليهم من الثاني حتى الرابع دعوى ضمان فرعية ضد المدعية، لإلزامها بما عسى أن يُقضى به من تعويض في الدعوى الأصلية، وبجلسة 28/11/2015، قضت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام وزير الصحة بأن يؤدى للمدعى عليها الأولى - في الدعوى المعروضة - مبلغ 75000 جنيه على سبيل التعويض المادي والأدبي، وفى دعوى الضمان الفرعية بإلزام المدعية - في الدعوى المعروضة - بأن تؤدي لوزير الصحة بصفته المبلغ المقضي به في الدعوى الأصلية، في حال سداده للمدعى عليها الأولى. وإذ لم يرتض وزير الصحة هذا الحكم فقد طعن عليه أمام محكمة استئناف ... بالاستئناف رقم 3123 لسنة 67 قضائية، كما طعنت المدعية على الحكم ذاته بالاستئناف رقم 65 لسنة 68 قضائية، وبجلسة 15/6/2016، قضت تلك المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. وقدمت المدعية شهادة من الجدول المدني بمحكمة النقض تفيد عدم الطعن على هذا الحكم، وإذ ارتأت المدعية أن ثمة تناقضًا بين الحكم الصادر من المحكمة التأديبية .....، والحكم الصادر من محكمة استئناف ... المشار إليهما، أقامت الدعوى المعروضة.

      وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين – في تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التى فُصل فيها . بيد أن وحدة الموضوع، لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كذلك فإن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا، وهو ما يعنى أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض – بداهة – إذا كان موضوعهما مختلفًا.

      وحيث إن قوام الجريمة التأديبية محل الحكم الصادر من المحكمة التأديبية .... في الدعوى رقم 58 لسنة 40 قضائية، هو الإخلال بواجبات الوظيفة المنوطة بالعامل والخروج على مقتضياتها، وذلك بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح، والخروج على ما يجب أن يتحلى به الموظف العام من الأمانة والثقة والسلوك القويم، والمسئولية عنها مسئولية شخصية، فالنظام التأديبي يخضع لمجموعة من الإجراءات والقواعد والجزاءات المحددة التى توقع على الموظف المخالف، فضلاً عن ضمانات التحقيق والمحاكمة، التي تكفل للمسئولية التأديبية مشروعيتها من الناحية الدستورية، وهى تختلف في موضوعها عن دعوى التعويض موضوع الحكم الصادر من محكمة .... الابتدائية في الدعوى رقم 866 لسنة 2013 مدنى كلى حكومة ....، المؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 1614 لسنة 68 قضائية، والتي ارتكن الحكم الصادر فيهما بالتعويض قبل جهة الإدارة - أيًّا كان وجه الرأي في شأنهما - وتقرير حقها في الرجوع على المدعية بما حكم به قبلها من تعويض، على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه المقررة بنص المادة (174) من القانون المدني، وهى مسئولية عن الغير، مصدرها القانون، وليست مسئولية ذاتية، وقوامها الضرر الذى أصاب المضرور، وتقوم العلاقة في شأنها بينه وبين المتبوع، والتي تجيز للمتبوع الرجوع على التابع بما دفع من تعويض، طبقًا لنص المادة (175) من القانون المدني، تأسيسًا على أنه مسئول عنه لا مسئول معه، ذلك أن قوام تلك المسئولية هو وقوع خطأ من التابع يستوجب مسئوليته هو، ولا يغير من ذلك قضاء المحكمة التأديبية بالمنصورة ببراءة المدعية من الاتهام الموجه إليها، والذى انبنى على مخالفة قرار تشكيل اللجنة الفنية التي قامت بإعداد التقريرين اللذين استندت إليهما النيابة الإدارية في توجيه الاتهام إلى المدعية وأعمالها، للقانون، والقصور الذى شاب التحقيق، إذ لا يحول ذلك بين المحكمة المختصة بالفصل في طلب التعويض، وبين تحقيق خطأ المدعية حال تأديتها لوظيفتها أو بسببها، باعتباره أحد الشروط القانونية لقيام مسئولية الجهة الإدارية كمتبوع عن أعمال تابعها طبقًا لأحكام القانون المدني، بما مؤداه انتفاء قيام التناقض بين الأحكام المشار إليها، الذى يستنهض ولاية هذه المحكمة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
      وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الاستئناف رقم 1614 لسنة 86 قضائية، فإنه يعُد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا - طبقًا لنص المادة (32) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق