الصفحات

الثلاثاء، 28 مايو 2019

الطعن 18500 لسنة 83 ق جلسة 8 / 5 / 2014 مكتب فني 65 ق 38 ص 331

جلسة 8 من مايو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد التواب أبو طالب ومحمد فريد بعث الله نائبي رئيس المحكمة وهشام فرغلي وجلال عزت .
------------------
(38)
الطعن 18500 لسنة 83 ق
(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام . غير لازم لقبول عرضها للقضية . اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها حضورياً بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها . علة ذلك ؟
(2) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مواقعة أنثى بغير رضاها .
تحصيل الحكم واقعة الدعوى وإيراده على ثبوتها أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات والمجني عليها وإقرار المتهم بالتحقيقات وتقريري الأدلة الجنائية والطب الشرعي وبيانه مضمون ملاحظات النيابة العامة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة .
مثال لتدليل سائغ في حكم صادر بالإدانة بجريمة مواقعة أنثى بغير رضاها لم يبلغ سنها ثماني عشر سنة حال كون الطاعن من المتولين تربيتها وملاحظتها .
(3) مواقعة أنثى بغير رضاها . إكراه . تهديد . جريمة " أركانها " . قانون " تفسيره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
ركن القوة في جناية المواقعة . مناط تحققه ؟
إثبات الحكم انتهاز الطاعن صغر سن المجني عليها وقيامه بمواقعتها عقب انصياعها إليه خوفاً من تهديده إياها بإبلاغ والدها عن ارتباطها بعلاقة صداقة مع أحد زملائها . كفايته لتوافر أركان جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها بما فيها ركن القوة .
(4) مواقعة أنثى بغير رضاها . ظروف مشددة . جريمة " أركانها " . قانون " تفسيره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
إعمال الظرف المشدد بالفقرة الثانية من المادة 267 عقوبات . لا يشترط فيه أن تكون التربية في مدرسة أو دار تعليم عامة . كفاية أن تكون في مكان خاص عن طريق دروس خاصة . كون الطاعن قد عُهِد إليه تحفيظ المجني عليها القرآن الكريم والإشراف عليها في هذا الصدد . يجعل له سلطة عليها بالمعنى الوارد بتلك الفقرة تهيئ له فرصة التقرب إليها وتسهل ارتكاب الجريمة .
الجدل الموضوعي لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) مواقعة أنثى بغير رضاها . ظروف مشددة . عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " .
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بالقصور في بيان سن المجني عليها بوجه رسمي . ما دامت العقوبة المقضي بها عليه هي المقررة لجناية مواقعة أنثى بغير رضاها حال كونه من المتولين تربيتها وملاحظتها وممن لهم سلطة عليها . علة ذلك؟
(6) استجواب . دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي ببطلان استجواب الطاعن في تحقيقات النيابة العامة لعدم دعوة محاميه للحضور معه . غير جائز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
 (7) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها . لها الأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز .
مثال . 
(8) إثبات " خبرة " " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
مثال لتسبيب سائغ في اطراح الدفع بالتناقض بين الدليلين القولي والفني .
(9) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي .
استناد الحكم إلى تقريري الطب الشرعي والأدلة الجنائية في الإدانة . لا يعيبه . ما داما قد خلا من شبهة التناقض الذي يسقطه .
التناقض الذي يبطل الحكم . ماهيته ؟
(10) إثبات " خبرة " . مواقعة أنثى بغير رضاها . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
النعي على الحكم إغفاله عناصر تقريري الأدلة الجنائية والطب الشرعي . غير صحيح . ما دام قد أورد منهما ما يفصح عن حدوث واقعة مواقعة المجني عليها .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا يعيبه.
مثال .
(11) إثبات " بوجه عام " " شهود " . مواقعة أنثى بغير رضاها . إعدام . عقوبة " تطبيقها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة لثبوت الجريمة المعاقب عليها بالإعدام على مرتكبها . غير لازم . للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها والقضاء بعقوبة الإعدام . متى توافرت شرائط توقيعها على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص .
(12) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
النعي بمكتبية التحريات وعدم بيان مصدرها . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(13) استدلالات .
لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به والد المجني عليها . علة ذلك ؟
(14) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر . متى رأت أن تلك الأقوال صدرت منه حقيقة وتمثل الواقع في الدعوى .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(15) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه . علة ذلك ؟
مثال .
(16) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
  الدفع بعدم ارتكاب الجريمة . موضوعي . الرد عليه صراحة . غير لازم . استفادة الرد عليه من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(17) مواقعة أنثى بغير رضاها . هتك عرض . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
النعي بأن الواقعة مجرد جنحة هتك عرض المجني عليها بغير قوة أو تهديد وليست جناية مواقعة المجني عليها التي لم تبلغ ثماني عشرة سنة بغير رضاها حال كون المحكوم عليه من المتولين تربيتها وملاحظتها . جدل موضوعي .
(18) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تأخر والد المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله . ما دامت قد اطمأنت إليها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(19) دعوى مدنية . حكم " بطلانه " " بيانات الديباجة " .
بيان اسم المدعي بالحقوق المدنية وصفته . لازم في حالة الحكم في الدعوى المدنية لصالح رافعيها بالتعويض . إغفال هذا البيان في الحكم الصادر بإحالتها للمحكمة المختصة . لا بطلان . علة ذلك ؟
(20) إعدام . عقوبة " تطبيقها " . مواقعة أنثى بغير رضاها .
قضاء الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالإعدام في حدود نص المادة 267/2 عقوبات المنطبق على واقعة الدعوى . صحيح . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
(21) إعدام . حكم " بيانات حكم الإدانة " .
الحكم الصادر بالإعدام . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النِيَابَّةَ العَامَّةَ وَإِنْ كَاْنَت قد عَرَضَّت القَضيَّةَ المَاثِلَّة عَلْى هذه المَحْكَمَّة عملاً بنص المَادَّة 46 مِنْ قَانْون حَالَات وَإِجْرَاءَات الطَّعْن أمام مَحْكَمَّة النَّـقْض الصادر بالقَانْون رَقْم 57 لسَنَة 1959 مشفوعة بِمُذَكِرَّةٍ بِرَأَيها اِنْتهت فيها إلى طلب إقرار الحُكْم الصادر حضورياً بإِعدام المَحْكُوم عَلْيهِ دون إثبات تاريخ تقديمها بِحَيْثُ يُستدل مِنْهُ عَلْى أَنَّهُ رُوعِيَ فيها عرض القضية فِي ميعاد الستين يوماً المُبَيَّن بالمَادَّتيِّن 34، 46 مِنْ القَانْون سالف الذكر، إِلا أَنَّهُ لَمَّا كَاْنَ تَجَاوُزُ هذا الميعاد وَعلى مَا جرى بِهِ قضاء هذه المَحْكَمَّة لَا يترتب عَلْيهِ عدم قبول عرض النيابة بل إِنَّ مَحْكَمَّة النَّـقْض تتصل بالدَعْوى بمجرد عرضها عَلْيهِا لتفصل فيها وَتستبين مِنْ تلقاء نفسها دون أَنَّ تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها مَا عسى أَنَّ يكون قد شَابَ الحُكْم مِنْ عُيْوبٍ، يَسْتوى فِي ذَلِك أَنَّ يكون عرض النيابة فِي الميعاد المُحَدَّد أَوْ بَعد فواته ، فَإِنَّه يتعين قَبْول عَرْض النِيَابَّةِ العَامَّةِ للقَضيَّةِ .
2- لما كان الحُكْمَ المَطْعُونَ فِيْهِ حَصَّلَ وَاقِعـَّـة الدَعْوى فِي قَوْلِهِ : " إن المتهم .... والبالغ من العمر أربعة وستون عاماً وقد كسا الشيب شعره ولحيته واتخذ من هذه الهيئة ما اكتسب به ثقة جيرانه وادعى أَن الله سبحانه وتعالى قد مَنَّ عليه ووهبه قراءة القرآن الكريم وتدريسه فائتمنه جيرانه على تحفيظ القرآن الكريم لنجلتهم المَجْني عَلْيها .... ، وَهى صبية صغيرة لم تبلغ من العمر عامها الثالث عشر لكسو البراءة وجهها ، فبدأت المجني عليها وشقيقتها الصغرى في التردد على مسكن المتهم والقاطن بذات العقار أسفل مسكنها لتلقي دروس القرآن الكريم تارة واللعب بمسكنه تارة أخرى كونها طفلة صغيرة ، وأَن المتهم يقيم بمفرده بعد وفاة زوجته ، وكون المتهم رجل طاعن في السن وليس محل شك من المجني عليها أَو والديها بل كانت المجني عليها تثق به فروت له عن صداقتها بزميل لها في المدرسة في براءة لتستأنس برأيه ، فخاب ظنها به ولم تكن براءتها على علم بالشيطان الكائن بداخل المتهم فلم يشفع قراءته للقرآن الكريم فِي أَنه يتغلب على شيطانه ولم تشفع طفولة المجني عليها وبراءتها في أَن يرفق بها ، فبدأ فِي تهديد المجني عليها في فضح السر الذي ائتمنته عليه لوالدها وصولاً إلى أغراضه الدنيئة منها ، فبدأ فِي طلب المجني عليها أَن تخلع سروالها عنها ومداعبة مواطن العفة منها تارة وأَخرج عضـوه الذكرى ويداعب تلك الأماكن ، ثم أغراه شيطانه فانتفض منه داخله هذا الشيطان مزين له سوء عمله ، فلم ينظر إلى الشيب الذي كسا رأسه ولحيته وعمره الذي تجاوز الستين وإلى ما يحمله بيده من المصحف الشريف ، ولم يراع ثقة أهل المجني عليها به وروابط الجيرة وما يترتب عليها وأوصى بها سيدنا نبي الله صلـى الله عليه وسلم ، بل لم ينظر إلى طفلة بريئة فِي الثانية عشر من العمر وصغر سنها وبراءتها وما ينتظرها من مستقبل تتطلع إِليه كل فتاة فِي مثل عمرها ، فأجبرها تحت تهديده الدائم لها على خلع بنطالها وملابسها واِنـقض عليها كالبهيم بعد أَن استدرجها بعيداً عن شقيقتها إلى داخل غرفة نومه لينفرد بها وواقعها وأَمنى بها فقتل طفولتها وقضى على براءتها ، وكرر فعلته مع المجني عليها مولجاً عضوه الذكرى بها وأمنى بها فصور له خياله المريض وشيطانه أَن فعلته وجرمه قد مرا وأَن كونه قد ارتكب مثل هذا الفعل بعيداً عن الأعين إلا أَن عين الله لا تغفل ولا يستر الله دنيئاً فأراد الله أَن يفضح من حباه القرآن الكريم ، فبعد عدة أشهر لاحظت والدة المجني عليها انتفاخ بطنها وكبرها فأوجست خيفة عليها فقامت باصطحاب المجني عليها إلى أحد الأطباء المختصين بأمراض النساء ، فوقع الخبر عليها كالصاعقة حين أخبرها الطبيب أَن نجلتها الصغيرة حامل في الشهر الخامس فهرولت إلى والد المجني عليها لتخبره فواجه المجني عليها فقصت عليه ما كان من الشيخ .... وما جناه عليها ومواقعته لها بمسكنه ، فسارع إلى المتهم وواجهه بالأمر فأنكر قيامه بذلك وقرر لوالدها أَنه صاحبها دون إيلاج فسارع والد المجني عليها للإبلاغ عن الواقعــة ، فقامت النيابة العامة بإجراء تحقيقاتها وإِحالة المجني عليها والمتهم للطب الشرعي لإِجراء التحاليل اللازمة وتوقيع الكشف الطبي على المجني عليها ، وقد أَورى تقرير الطب الشرعي أَنَّهُ بالكشف عَلْى المَجْني عَلْيهِا تبين وُجْـود جنين بالرحم إكلينيكياً وَأَنَّ أعضائها التناسلية بشكل وَحجم بداية البلوغ وَالشفران غليظان بقوام متماسك وغشاء بكارتها مِنْ النوع اللحمي ذو فتحة ضيقة لَا تسمح بإيلاج ذكر بالغ دون تمزقه وَتبين بِهِ تمزقاً مقابلاً للساعة السابعة عَلْى قرص الساعة يصل لجدار المهبل وَحوله تفاعلات التهابية مع زيادة إفرازات المهبل وَأنه لَا يوجد آثار إصابية تدل عَلْى حدوث عنف أَوْ تعدي جنسي وَأنها ثيب منذ تاريخ يتعذر تحديده عَلْى وَجه الدقة ، إِلا أَنَّهُ لَا يمنع حدوث وَاقِعـَّة الإيلاج عَلْى النحو الوارد بمذكرة النيابة وَفي تاريخ قد يعاصر التاريخ الوارد بالأَوْرَاق ، اِسْتناداً إلى فترة حمل المَجْني عَلْيهِا ، وَبمعرفة الأطباء بقسم طب وَتشخيص أمراض الجنين بالمركز القومي للبحوث تَمَّ أخذ عينة مِنْ السائل الأمينوس الخاص بالجنين داخل رحم المَجْني عَلْيهِا .... ، كما تَمَّ أَخذ عينة مِنْ المُتَّهَم .... لإجراء فحوص البصمة الوراثية عَلْيهِا وَمقارنتها بالبصمة الوراثية بالعينة الجينية داخل رحم المَجْني عَلْيهِا ، وَإرسالها إلى الإدارة العامة لتحقيق الأَدِلـَّـة الجنائية ، المعامل الجنائية ، إدارة الفحوص المعملية ، قسم الفحوص البيولوجية وَالبصمة الوراثية ، وَقد ثبت بالتقرير بعد إجراء ذَلِك الفحص أَنَّهُ قد تبين تناصف البصمة الوراثية لعينة السائل الأمينوس الخاص بالجنين مع البصمة الوراثية لكل مِنْ المُتَّهَم .... وَالمَجْني عَلْيهِا .... ، وَحَيْثُ إِنَّهُ مِنْ الثابت علمياً أَنَّ البصمة الوراثية للإنسان مميزة لشخصه لَا تتغَيْر مِنْ لحظة تكوينه إلى مَا بعد وفاته وَأَنَّ التصنيفات الجينية لهذه البصمة يرثها الإنسان مناصفة مع والديه البيولوجيين ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ المُتَّهَم .... أب بيولوجي للجنين الأنثى برحم المَجْني عَلْيهِا .... ، وَبتاريخ .... ثبت بالتقرير الطبي الصادر مِنْ مستشفى جامعة .... أَنَّ المَجْني عَلْيهِا .... قد وضعت بعد إجراء عملية قيصرية لها طفلة ، ليصبحا ضحيتان طفلة مَجْني عَلْيهِا فِي عمر الزهور وَأخرى وَلدت سفاحاً تواجه مصيراً مظلَمَّا " ، وَقَد سَاقَ الحُكْمُ عَلْى ثُبوت هذه الوَاقِعـَّـة أَدِلـَّـة مُستمَدَّة مِنْ أَقْوَال شَاْهِدي الإِثبات وَأَقْوَال المَجْني عَلْيهِا وَإقرار المُتَّهَم فِي تحقيقات النِيَابَّةِ العَامَّةِ وَمَا ثبت مِنْ تقرير الأَدِلـَّـة الجنائية - قسم الفحوص البيولوجية وَالبصمة الوراثية - وَمِمَّا ثَبَتَ مِنْ تقرير الطب الشرعي ، وَحَصَّلَ الحُكْمُ مُؤَدى هذه الأَدِلـَّـة تحصيلاً سليماً لَهُ أَصْلَهُ الثابت بالأَوْرَاق . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قد بَـيَّنَ مَضْمـون مُلَاحظَات النِيَابَّـةِ العَامَّةِ خِلَافاً لقول الطَّاْعِن ، وَكَاْنَ القَانْون لَمْ يرسم شَكْلاً خاصاً يصوغ فِيْهِ الحُكْم بيان الوَاقِعـَّـة المُسْتَوجِبَّة للعُقوبَّة وَالظُروف التي وَقَعَّت فيها ، فَمَتى كَاْنَ مَجْموعُ مَا أَوْرَّدَهُ الحُكْمُ - كَمَا هو الحَالُ فِي الدَعْوى المَطْروحَّة - كَافياً لِتَفَهُمِ الوَاقِعـَّـة بأَرْكَاْنِها وَظُروفها حسبما اِسْتخلصته المَحْكَمَّة ، كَاْنَ ذَلِك مُحَقِّقاً لحُكْم القَانْون ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ منعى الطَّاْعِن بِأَنَّ الحُكْمَ لَمْ يُلِمْ بالوَاقِعـَّـة وَبِأَدِلَّتها إِلمَاماً كَافِياً وَاِسْتند إِلى مُلَاحظَات النِيَابَّةِ العَامَّةِ وَلَمْ يُورِّد مُؤَداها يكون فِي غَيْر مَحْلِهِ .
3- مِنْ المُقَرَّر أَنَّ رُكْنَ القُوة فِي جناية المُوَاقَعـَّة يتوافر كُلَّمَا كَاْنَ الفِعْلُ المُكَوِّن لَها قَد وَقَعَ بِغَيْرِ رِضَاء مِنْ المَجْني عَلْيهِا ، سَوَاءً باِسْتعمال المُتَّهَم فِي سَبْيل تنفيذ مَقْصده وَسَائِل القُوة أَوْ التهديد أَوْ غَيْر ذَلِك مِمَّا يُؤَثِر فِي المَجْني عَلْيهِا فَيعدمها الإرادة وَيُقعدها عَنْ المُقاومة ، وَكَاْنَ الحُكْمُ قد أَثبَت بأَدِلـَّـةِ الإثبات التي اِطْمأَن إليها أَنَّ الطَّاْعِنَ انْتهز فُرصَّة صِغَر سن المَجْني عَلْيهِا وَاِسْتدرجها إلى غُرفَّةِ نَوْمِهِ وَهَدَّدها بإِبْلَاغ وَالِدها بأَنَّها تَرْتبِط بِعِلَاقَّةِ صَدَاقَّة مَع أَحد زُمْلَائها ، وَطَلَّبَ مِنْها خَلْع سِروالها فَاِنْصَاعَّت لَهُ خَوفاً مِنْ تَهديدِهِ وَقَامَ بِمُوَّاقَعتها ، وَهو مَا تتوافر بِهِ جَريمَّة مُوَاقَعـَّـة أُنثى بغَيْر رِضَاها بِأَركَاْنِها بِمَا فيها رُكْن القوة ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ النَعي عَلْى الحُكْمِ بِدَعْوى قُصْور فِي عدم التدليل عَلْى تَوَافُرِ عدم رِضَاء المَجْني عَلْيهِا يكون غَيْر سديد .
4- لَمَّا كَاْنَ الثَابِتُ مِنْ مُدَونَات الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أَنَّ ولى أمر المَجْني عَلْيهِا قد عَهِدَ إلى الطَّاْعِن القيام بتحفيظ المَجْني عَلْيهِا القرآن الكريم وَالإِشراف عَلْيهِا فِي هذا الصَدَّد ، فَإِنَّ ذَلِك يجعل لَهُ سُلطَّة عَلْيهِا بالمعنى الوارد فِي الفقرة الثانية مِنْ المَادَّة 267 مِنْ قَانْون العُقوبَات تهيئ لَهُ فُرصَّة التقرب إليها وَتَسهيل اِرْتكاب الجَريمَّة ، وَمَا دَام قد ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ المُتولين تَربية المَجْني عَلْيهِا وَمِمَّنْ لَهم سُلْطَّة عَلْيهِا ، فَإِنَّ ذَلِك يكفي لتشديد العقاب عَلْيهِ ، إِذْ لَا يُشترط أَنَّ تَكْون التَربية فِي مَدرسة أَوْ دار تعليم عامة ، بَل يَكْفي أَنَّ تَكْون فِي مَكَاْنٍ خَاصٍ عَنْ طَرْيق دروس خاصة ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ فِي شأن عدم توافر الظرف المُشَدِّد المَنْصوص عَلْيهِ فِي الفقرة الثانية مِنْ المَادَّة 267 مِنْ قَانْون العُقوبَات لَا يعدو أَنَّ يكون جدلاً مَوْضُوعياً عَلْى وَجْه مُعيِّن تأدية إلى مناقضة الصورة التي اِرتَسَمت فِي وجدان قاضي المَوْضُوع بالدليل الصحيح مِمَّا لَا يَجْوز إِثَارته أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض .
5- لَمَّا كَاْنَت العُقوبَّةُ المَقضي بِها عَلْى الطَّاْعِن هي المُقَرَّرة لِجِنَايَّة مُوَاقَعـَّـة أُنثى بغَيْر رِضَاها حَالة كَونَهُ مِنْ المُتولين تَربيتها وَمُلَاحظتها وَمِمَّنْ لَهُم سُلْطَّة عَلْيهِا ، وَكَاْنَ حُكْمُ ظَرْف كَون الطَّاْعِن مِنْ المُتولين تربية وَمُلاحظة المَجْني عَلْيهِا وَمِمَّنْ لَهُم سُلْطَّة عَلْيهِا فِي تَشديد العُقوبَّة كَحُكْمِ ظَرْف صِغَر سن المَجْني عَلْيهِا لعدم بُلوغها ثماني عشرة سَنَة ميلادية كَامِلَّة ، وَإِثْبات تَوَافُر أَحَدَهُما يُغني عَنْ إثبات تَوَافُر الآخر ، فَإِنَّه لَا يَكْون للطَّاْعِن مَصلحَّة فيما يُثيرَهُ مِنْ قُصْور الحُكْم فِي بَيَانِ سِن المَجْني عَلْيهِا بِوَجه رسمي .
6- لَمَّا كَاْنَ الثَابِتُ مِنْ مُطَالعَّة مَحضر جَلسَّة المُحَاكَمَّة أَنَّ أَياً مِنْ الطَّاْعِن أَوْ المُدَافِع عَنْهُ لَمْ يُثِرْ شيئاً بِشَأَنِ بُطْلَان اِسْتجوابه فِي تحقيقات النِيَابَّةِ العَامَّةِ لعدم دَعوة مُحاميه للحُضْور معه إِجْرَاءَات التحقيق ، وَكَاْنَ هذا الأَمر إِجْرَاءً سَابقاً عَلْى المُحَاكَمَّة ، فَإِنَّه لَا يُقبل مِنْهُ إثارة أَمر بُطْلَانَهُ لِأَول مَرَّة أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض مَا دَام أَنَّهُ لَمْ يدفع بِهِ أمام مَحْكَمَّة المَوْضُوع .
7- مِنْ المُقَرَّر أَنَّ التَنَاقُض فِي أَقْوَال الشُهود أَوْ تَضَاربهم فِي أَقْوَالهم - بِفَرْضِ حُصْولَهُ - لَا يَعْيبُ الحُكْم مَا دَامت المَحْكَمَّة قد اِسْتخلصت الحقيقة مِنْ أَقْوَالهم اِسْتخلاصاً سائغاً لَا تَنَاقُض فِيْهِ - كَمَا هو الحَالُ فِي الدَعْوى المَاثِلَّة - وَكَمَا أَنَّ للمَحْكَمَّة أَلَا تُورِّد بالأَسْبَاب إِلا مَا تُقيم عَلْيهِ قَضَاءها ، وَلَها أَنَّ تَأَخُذ مِنْ أَقْوَال الشُهود مَا تَطْمئِن إِليهِ وَتَطْرَّح مَا عَدَاهُ ، وَإِذْ كَاْنَت المَحْكَمَّة قد أَوْرَّدت فِي حُكْمِها الأَسْبَاب التي أَقَامَّت عَلْيهِا قَضَاءها بِمَا لَا تَنَاقُض فِيْهِ وَاِطْمأَنت إِلى أَقْوَال شُهود الإِثْبَات وَحَصَّلَت مُؤَداها بِمَا لَا يحيدها عَنْ معناها وَيحرفها عَنْ موضعها وَبما يكفى بياناً لوجه اِسْتدلالها بها عَلْى صحة الوَاقِعـَّـة ، فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِن فِي هذا المنحى لَا يعدو أَنَّ يكون جدلاً مَوْضُوعياً فِي تقدير الدليل وَهو مَا تستقل بِهِ مَحْكَمَّة المَوْضُوع وَلا تجوز مُجادلتها فِيْهِ.
8- مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ ليس بِلَازِم تَطَابُق أَقْوَال الشُهود وَمضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وَصَلَّت إليها المَحْكَمَّة بجميع تفاصيلها عَلْى وجه دقيق ، بَل يَكفي أَنَّ يَكْون جِمَاع الدَليل القولي غَيْر مُتَنَاقِض مع جَوهَّر الدَليل الفني تَنَاقُضاً يَسْتعصي عَلْى المُلَائمَّة وَالتوفيق ، وَكـَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قد عرض لِمَا أَثاره الدفاع مِنْ قيام تَعَارُض بين الدليلين القولي وَالفني وَرَّدَ عَلْيهِ بِقَوْلِهِ : " وحيث إنه عما ذهب إِليه الدفاع بشأن تناقض أَقوال المجني عليها ووالدها مع تقرير الطب الشرعي وتحريات المباحث ، فهو قول مغلوط مردود عليه بِأَن المجني عليها حال سؤالها عن فض غشاء بكارتها مِنْ عدمه وهي الصغيرة السن والتي كيف لها أَن تعلم ذَلِك ، إلا أنها قررت أنها أبصرت بقعة مِنْ الدماء عَلْى ملابسها الداخلية عقب الوَاقِعـَّـة ، وهو مَا أكده تقرير الطب الشرعي مِنْ أَنَّ المَجْني عَلْيهِا قد فض غشاء بكارتها تبين إيلاج المتهم لعضوه الذكري بفرجها وهو مَا أكدته التحريات ، وَمِنْ ثَمَّ فلا تَنَاقُض بين الدليلين القولي المستمد مِنْ أَقْوَال المَجْني عَلْيهِا مع الدليل الفني المستمد مِنْ تقرير الطب الشرعي ... فَإِن ما ذهب إِليهِ الدفاع فِي هذا الشأن غَيْر صحيح " . وَإذ كَاْنَ هذا الذي رَّدَ بِهِ الحُكْم كافياً وَيُسَوَّغ بِهِ اطْرَّاح قَالَّة التَنَاقُض بَيْن الدليلين القولي وَالفني ، فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِنُ فِي هذا الصَدَّد يَكْون فِي غَيْر مَحْلِهِ .
9- مِنْ المُقَرَّر أَنَّ تقدير آراء الخُبَرَاء وَالفصل فيما يُوجه إلى تقاريرهم مِنْ مَطَاْعِن مرجعه إلى مَحْكَمَّة المَوْضُوع التي لها كامل الحرية فِي تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه فِي ذَلِك شأن سائر الأَدِلـَّـة فلها مُطلق الحرية فِي الأخذ بِمَا تطمئن إِليهِ منها وَالالتفات عما عداه وَلَا تُقبل مُصَادَرَّة المَحْكَمَّة فِي هذا التقدير ، وَإذ كَاْنَ البَيَّنُ مِنْ الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أَنَّ المَحْكَمَّة اِسْتندت فِي قَضَائِها عَلْى تقرير الطب الشرعي وَتقرير الأَدِلة الجنائية - قسم الفحوص البيولوجية وَالبصمة الوراثية - وَاِطمأَنت فِي حُدْودِ سُلطتها التقديرية إلى مَا وَرَدَ بِهذين التقريرين . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ تقرير الطب الشرعي وَتقرير الأَدِلـَّـة الجنائية قد خَلَا كِلَاهما مِنْ شُبهة التَنَاقُض الذي يسقطه ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ اِسْتناد الحُكْم إليهما كدليلين فِي الدَعْوى يشهدا عَلْى إِدَانَّة الطَّاْعِن لَا يعيبه ، لِمَا هو مُقَرَّر أَنَّ التَنَاقُضَ الذي يُبْطِل الحُكْم هو الذي يَكْون وَاقِعاً فِي الدَليل الذي تأَخُذ بِهِ المَحْكَمَّة فيجعله مُتهادِماً مُتسَاقِطاً لَا شيء مِنْهُ باقياً يُمكن أَنَّ يُعتبر قِوَاماً لنتيجة سَليمة يَصِحُ معه الاعتماد عَلْيهِا وَالأخذ بها وَهو مَا بَرِئ مِنْهُ الحُكْم ، وَمِنْ ثَمَّ كَاْنَ هذا النعي غَيْر سديد .
10- لَمَّا كَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قد حَصَّلَ مِنْ تقرير الأَدِلـَّـة الجنائية - قسم الفحوص البيولوجية وَالبصمة الوراثية - أَنَّ المُتَّهَم .... هو أَبٌ بَيولوجيٌ لِجَنينة أُنثى داخل رحم المَجْني عَلْيهِا .... ، كَمَا حَصَّلَ مِنْ تقرير الطب الشرعي أَنَّ هُناك تَمَزُق بِغِشَاءِ البَكارَّة مُقَابِل للساعة السابعة عَلْى قرص الساعة يَصِل لِجِدَارِ المِهبل ، وَتَبين أَنَّ المَجْني عَلْيهِا ثيب مِنْ تاريخ يتعذر تحديده عَلْى وَجه الدقة ، إِلا أَنَّهُ لَا يمنع جَوَاز حدوث وَاقِعـَّـة الإيلاج عَلْى النَّحْوِ الوَارِد بالمُذَكِرَّة وَفِي تاريخ يعاصر التاريخ الوارد بالأَوْرَاق اِسْتناداً إلى فترة حمل المَجْني عَلْيهِا ، فَإِنَّ الحُكْم يكون قد نَقَلَ عَنْ تقرير الأَدِلـَّـة الجنائية أَنَّ المُتَّهَم هو أَبٌ بَيولوجيٌ لجنينة الأنثى داخل رحم المَجْني عَلْيهِا ، كما نقل عَنْ تقرير الطب الشرعي أَنَّ هناك تمزق بغشاء البكارة يصل لجدار المهبل وَأَنَّ المَجْني عَلْيهِا ثيب وَلَا يوجد مانع لحدوث وَاقِعـَّـة الإيلاج ، فَإِنَّ ذَلِك يُفْصِحُ عَنْ حُدْوثِ وَاقِعـَّـة مُوَاقَعـَّـة المَجْني عَلْيهِا ، وَيكون مَا يدعيه الطَّاْعِن مِنْ إغفال الحُكْم لعناصر التقريرين تلك غَيْر صحيح . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لَا ينال مِنْ سَلَامَّة الحُكْم عدم إِيْرَادَهُ نَّصَ تقرير الخبير بِكَامِل أجزائه ، فَإِنَّ منعى الطَّاْعِن عَلْى الحُكْم فِي هذا الشأن يكون غَيْر سديد .
11- لَمَّا كَاْنَ القَانْونُ لَا يُشترَط لِثُبوت الجَريمَّة التي رَصَدَ عُقوبَّة الإِعْدَام عَلْى مُرتكبها وُجْود شُهود رُؤيَّة أَوْ قيام أَدِلـَّـة مُعينة ، بَل للمَحْكَمَّة أَنَّ تُكَوِّنَ اِعْتقادها بالإِدَانَّة فِي تلك الجَريمَّة مِمَّا تَطْمئِن إِليهِ مِنْ ظُروف الدَعْوى وَأدلتها ، وَمتى رَأَت الإِدَانَّة كَاْنَ لَها أَنَّ تقضي بعُقوبَّة الإِعْدَام مَتى تَوَافرت شَرَائِط توقيعها عَلْى مُرْتَكِب الفعل المُسْتَوجِبُ للقَصَاص دُوْن حَاجَّةٍ إلى إقرار مِنْهُ بها أَوْ شَهَادَّة شَاْهِديِّن رَأَيا الجَريمَّة وَقْت اِرْتكابها ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِــنُ فِي طَّعْنِهِ فِي هَذا الشَأَن يَكْون عَلْى خِلَاف القَانْون ، وَيَكْون الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ بَريئاً مِمَّا ينعاه الطَّاْعِنُ عَلْيهِ فِي هذا الصَدَّد .
12- مِنْ المُقَرَّر أَنَّ تقدير جِديَّة التَحريَات مِنْ المَسَائِل المَوْضُوعيَّة التي تَستقل بِها مَحْكَمَّة المَوْضُوع ، فَإِنَّ المُجَادَلـَّة فِي تَعويل الحُكْم عَلْى أَقْوَال الضَابِط التي اِسْتقاها مِنْ تَحريَاتِهِ بِدَعْوى أَنَّ هذه التَحريَات مَكتبيَّة وَلَمْ يُبيِّن مَصْدرها تتمَخَض جَدلاً مَوْضُوعياً فِي تقدير الدَليل لَا يُقبَّل أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض .
13- مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ لَا يَنَالُ مِنْ صِحَّة التَحريَات أَنَّ تَكْونَ تَرديداً لِمَا أَبْلَّغ بِهِ وَالِد المَجْني عَلْيهِا ؛ لأَنَّ مَفَاد ذَلِك أَنَّ مُجريها قد تَحَقَّق مِنْ صِدق ذَلِك البلاغ ، فَإِنَّ منعى الطَّاْعِن فِي هذا الشَأَن - بِفَرْضِ صِحَتَهُ - يَكْون غَيْر قويم .
14- مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ ليس فِي القَانْون مَا يمنع المَحْكَمَّة مِنْ الأخذ برواية ينقلها شَخْصٌ عَنْ آخر مَتى رَأَت أَنَّ تِلْك الأَقْوَال قد صَدَرَت مِنْهُ حقيقة وَكَاْنَت تُمَثِلُ الوَاقِع فِي الدَعْوى ، وَكَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قَد أَفْصَّح عَنْ اِطْمئنَانِهِ إِلى صِحَّة مَا أَدلى بِهِ وَالِد المَجْني عَلْيهِا ، فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِنُ مِنْ اِسْتدلال الحُكْم بهذه الأَقْوَال لَا يعدو أَنَّ يَكْونَ جَدلاً مَوْضُوعياً لَا تُـقبَّل إِثَارته أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض .
15- مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ يتعين لِقَبْولِ وَجْهَ الطَّعْن أَنَّ يكون وَاضِحاً مُحَدِّداً مُبَيَّناً بِهِ مَا يَرمي إِليهِ مُقدِمَهُ حَتى يَتَضِح مَدى أهميته فِي الدَعْوى المَطْروحَّة وَكَونه مُنتجاً مِمَّا تلتزم مَحْكَمَّة المَوْضُوع بالتصدي لَهُ إيراداً لَهُ وَرَّداً عَلْيهِ ، وَكَاْنَ الطَّاْعِنُ لَمْ يَكْشِفُ بأَسْبَاب الطَّعْن مَاهيَّة الشَهَادَّة المُتَنَاقُضة التي لَمْ يَشهد بها الشَاْهِديِّن الأَول وَالثاني حَتى يَتَضِح مَدى أَهميتها فِي الدَعْوى المَطْروحَّة وَهَل تَحتوي دِفَاعاً جَوهرياً مِمَّا يَتَعيَّن عَلْى المَحْكَمَّة أَنَّ تَعرض لَهُ وَتَرُد عَلْيهِ أَم لَا ، بَل سَاقَ قَوْلاً مُرْسلاً مُجَّهلاً ، فَإِنَّ منعاه فِي هذا الشَأَن يَكْون غَيْر مَقبول .
16- لَمَّا كَاْنَ الدَفْعُ بِعَدَمِ اِرْتكاب الجَريمَّة مِنْ قبيل الدفوع المَوْضُوعيَّة التي لَا تَسْتوَجِبُ - فِي الأَصْلِ – مِنْ المَحْكَمَّة رَّداً صريحاً مَا دَام الرَّدُ مُستفاد ضمناً مِنْ أَدِلـَّـة الثبوت التي أَوْرَّدتها المَحْكَمَّة بِحُكْمِها بِمَا يفيد اطْرَّاحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها عَلْى عدم الأَخذ بها ، فَإِنَّ النعي عَلْى الحُكْم فِي هذا الخُصْوص يكون عَلْى غَيْرِ أَسَاسٍ .
17- مِنْ المُقَرَّر أَنَّ النعي بِأَنَّ الوَاقِعـَّـة مُجَرَّد جُنَحة هتك عرض المَجْني عَلْيهِا بغَيْر قوة أَوْ تهديد وَلَيْست جناية مُوَاقَعـَّـة المَجْني عَلْيهِا التي لَمْ تبلغ سنها ثماني عشرة سَنَة ميلادية كَامِلَّة بغَيْر رضاها حال كون المَحْكُوم عَلْيهِ مِنْ المتولين تربيتها وَملاحظتها ، لَا يَعدو أَنَّ يَكْون مُنَازعَّة فِي الصُورَّة التي اعتنقتها المَحْكَمَّة للوَاقِعـَّـة وَجدلاً مَوْضُوعياً فِي سُلطَّــة مَحْكَمَّة المَوْضُوع فِي اِسْتخلاص صُورَّة الوَاقِعـَّـة كما اِرْتَسمت فِي وُجدانها مِمَّا تستقل بالفصل فِيْهِ بغَيْر مُعَقِّبٍ .
18- لَمَّا كَاْنَ تأَخُرُ وَالِد المَجْني عَلْيهِا فِي الإبلاغ عَنْ الوَاقِعـَّـة لَا يَمْنَّع المَحْكَمَّة مِنْ الأَخْذِ بأَقْوَالِهِ مَا دَامت قد اِطمأَنت إِليها ، وَإِذْ كَاْنَت الصُورَّةُ التي اِسْتخلصتها المَحْكَمَّة مِنْ أَقْوَال المَجْني عَلْيهِا ، وَشَاْهِدي الإثبات وَسَائِر الأَدِلـَّـة التي أَشَارَّت إليها فِي حُكْمِها لَا تَخرُج عَنْ الاِقْتضَاءِ العَقلي وَالمَنْطقي ، فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِنُ مِنْ مُنازعَّةِ حَوْل عدم مَعقوليَّة عَدَمَ عِلْم أَهل المَجْني عَلْيهِا بالوَاقِعـَّـة أَوْ حَول تصوير المَحْكَمَّة للوَاقِعـَّـة أَوْ فِي تَصديقها لأَقْوَال المَجْني عَلْيهِا أَوْ مُحَاولَّة تجريحها عَلْى النَّحْوِ الذي ذَهَبَ إِليهِ فِي طَّعْنِهِ ينحل إِلى جَدَّلٍ مَوْضُوعيٍّ فِي تقدير الدليل وَهو مَا تَستقل بِهِ مَحْكَمَّة المَوْضُوع وَلَا تجوز مُجَادلتها فِيْهِ أَوْ مُصَادرة عقيدتها فِي شَأَنِهِ أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض .
19- لَمَّا كَاْنَ نَعْيُ الطَّاْعِن عَلْى الحُكْم بالبُطْلَان لإِغْفاله اِسْم المُدعي بالحُقوق المَدنيَّة وَصِفَتَهُ وَخُلُّو مَحَاضِر الجلسات مِنْ هذا البيان ، فَمَردود بِأَنَّ هذه البيانات لَا تكون لَازِمَّة إِلا فِي حَالَّةِ الحُكْم فِي الدَعْوى المَدنيَّة لِصَالِح رَافِعيها وَالقَضَاء لهم بالتعويض الذي تقدره المَحْكَمَّة حتى يتسنى الوُقوف عَلْى مُسَوِّغَات هذا القَضاء ، أَمَّا فِي حَالَّة الحُكْم بإِحَالَّة الدَعْوى المَدنيَّة إلى المَحْكَمَّة المُختصة - كَمَا هو الحَالُ فِي الدَعْوى المَطْروحَّة - ، فَإِنَّ هذا البيان لَا يكون لَازِماً فِي الحُكْم لعدم قيام المُوجِب لإِثباته فِي مُدَوناتِهِ ، وَبِذَلِك فَلَا يكون الحُكْم مَشوباً بالبُطْلَان لإِغْفالِهِ إِيراداً ذَلِك البيان ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِنُ فِي هذا الصَدَّد لَا يكون لَهُ مَحل .
20- لَمَّا كَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قد قَضى بِمُعاقبَّة الطَّاْعِن بالإِعْدَام فِي حُدْودِ نَّص المَادَّة 267 /2 مِنْ قَانْون العُقوبَات المُنطبق عَلْى وَاقِعـَّـة الدَعْوى ، فَإِنَّه يكون قد طَبَّقَ القَانْون تطبيقاً صَحيحاً وَيكون مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِن فِي هذا الشأن غَيْر سديد.
21- لما َكَاْنَ يبين - إِعْمَالاً لِنَّصِ المَادَّة 35 مِنْ القَانْون رَقْم 57 لسَنَة 1959 فِي شَأَنِ حَالَات وَإِجْرَاءَات الطَّعْن أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض - أَنَّ الحُكْمَ المَعْروض قد بَيَّنَ وَاقِعـَّة الدَعْوى بِمَا تتوافر بِهِ كَافَّة العَنَاصِر القَانْونيَّة للجَريمَّة التي دَانَ المَحْكُوم عَلْيهِ بها وَأَوْرَّد عَلْى ثُبوتها فِي حَقِهِ أَدِلـَّـةً سَائِغَّةً لَها معينها الصَحيح مِنْ الأَوْرَاق وَمِنْ شَأَنِها أَنَّ تُؤَدي إلى مَا رتبه الحُكْم عَلْيهِا ، كَمَا أَنَّ إِجْرَاءَات المُحَاكَمَّة قد تَمَّت وُفقاً للقَانْون فِي حُضْورِ مُحَام عَنْ المَحْكُوم عَلْيهِ تتوافر فِيْهِ الشُروط المُقَرَّرة قَانْوناً وَطِبقاً لِمَا تقضي بِهِ الفقرة الثانية مِنْ المَادَّة 381 مِنْ قَانْون الإِجْرَاءَات الجِنَائيَّة مِنْ اِسْتطلاع رأَي مُفتي الجُمهوريَّة قَبل إِصْدَار الحُكْم وَصُدورَهُ بإِجْمَاع آراء أَعْضَاء المَحْكَمَّة وَقد خَلَا الحُكْم مِنْ عَيْبِ مُخَالفة القَانْون أَوْ الخَطأَ فِي تطبيقِهِ أَوْ فِي تَأَويلِهِ ، وَصَدَرَ مِنْ مَحْكَمَّة مُشَكلَّة وَفْقاً للقَانْون وَلَها وَلَايَّة الفَصْل فِي الدَعْوى ، وَلَمْ يَصْدُر بَعد الحُكْم قَانْون يسري عَلْى وَاقِعـَّـة الدَعْوى يَصِحُ أَنَّ يستفيد مِنْهُ المَحْكُوم عَلْيهِ عَلْى نَّحْوِ مَا نَّصَت عَلْيهِ المَادَّة الخَامِسة مِنْ قَانْون العُقوبَات ، فَإِنَّه يَتَعيَّن مَعهُ قَبْول عَرْض النِيَابَّةِ العَامَّةِ وإِقْرَار الحُكْمَ الصَادِر بإِعْدَام المَحْكُوم عَلْيهِ .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اِتَّهَمَت النِيابـَّــةُ العَامَّـةُ الطَّاْعِن بِأَنَّهُ : وَاقَّع المَجْني عَلْيهِا .... بغَيْر رِضَاها وَذَلِك بِأَنَّ حَسَرَ عَنْها مَلَابِسَها كَاشِفاً عَنْ عَوْرَتِها وَقَامَ بإِيْلَاج قَضْيبَهُ بِفَرْجِها حَال كَونَها لَمْ تَبلُغ الثامنة عشر سَنَة وَكَاْنَ المُتَّهَم مِنْ المُتوَليِن تَرْبيتها وَمُلَاحَظتها .
وَأَحَالَّتْهُ إلى مَحْكَمَّة جِنايات .... لِمُحاكَمَتِهِ طِبْقاً لِلْقَيد وَالْوَصْف الْوارِدَيْنِ بِأَمْرِ الإحَالَّةِ .
وَاِدَّعَى الوَليُّ الطَبيعي للمَجْني عَلْيهِا مَدنياً بمبلغ خمسمائة ألف جُنَيه كَتَعويضٍ مؤقت .
وَالمَحْكَمَّة الْمَذْكُورَّة – وعقب استطلاع رأي فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية - قَضَتْ حُضْورِيَّاً عَمَلاً بِالْمَادَّة 267 مِنْ قَانْون العُقوبَات وَالمَادَّة 116 مُكَرَّراً مِنْ القَانْون 12 لسَنَة 1996 المُعَدَّل بِشَأَنِ الطفل وَبإِجْمَاع أعضائها بِمُعَاقبَتِهِ بِالإِعْدَام شَنقاً جَرَّاء مَا اِرتكبَهُ مِنْ جُرْمٍ وَأَلزمته المَصَاريف الجِنَائيَّة وَفِي الدَعْوى المَدنيَّة إِحالتها إِلى المَحْكَمَّة المَدنيَّة المُختصَّة .
فَطَعَنَ المَحْكُومُ عَلْيهِ فِي هذا الحُكْم بِطَرِيق النَّـقْض ، كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حَيْثُ إِنَّ النِيَابَّةَ العَامَّةَ وَإِنْ كَاْنَت قد عَرَضَّت القَضيَّةَ المَاثِلَّة عَلْى هذه المَحْكَمَّة عملاً بنص المَادَّة 46 مِنْ قَانْون حَالَات وَإِجْرَاءَات الطَّعْن أمام مَحْكَمَّة النَّـقْض الصادر بالقَانْون رَقْم 57 لسَنَة 1959 مشفوعة بِمُذَكِرَّةٍ بِرَأَيها اِنْتهت فيها إلى طلب إقرار الحُكْم الصادر حضورياً بإِعدام المَحْكُوم عَلْيهِ دون إثبات تاريخ تقديمها بِحَيْثُ يُستدل مِنْهُ عَلْى أَنَّهُ رُوعِيَ فيها عرض القضية فِي ميعاد الستين يوماً المُبَيَّن بالمَادَّتيِّن 34، 46 مِنْ القَانْون سالف الذكر، إِلا أَنَّهُ لَمَّا كَاْنَ تَجَاوُزُ هذا الميعاد وَعلى مَا جرى بِهِ قضاء هذه المَحْكَمَّة لَا يترتب عَلْيهِ عدم قبول عرض النيابة بل إِنَّ مَحْكَمَّة النَّـقْض تتصل بالدَعْوى بمجرد عرضها عَلْيهِا لتفصل فيها وَتستبين مِنْ تلقاء نفسها دون أَنَّ تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها مَا عسى أَنَّ يكون قد شَابَ الحُكْم مِنْ عُيْوبٍ ، يَسْتوى فِي ذَلِك أَنَّ يكون عرض النيابة فِي الميعاد المُحَدَّد أَوْ بَعد فواته ، فَإِنَّه يتعين قَبْول عَرْض النِيَابَّةِ العَامَّةِ للقَضيَّةِ .
وحَيْثُ إِنَّ الطَّعْن قد اِسْتوفى الشَكْل المُقَرَّر فِي القَانْون .
ومن حَيْثُ إِنَّ الطَّاْعِنَ ينعى عَلْى الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أَنَّهُ إذ دانه بجَريمَّة مُوَاقَعـَّـة أُنثى بغَيْر رِضَاها لَمْ يَبْلُّغ سِنها ثماني عشرة سَنَة كاملة حَالة كَونَهُ مِنْ المُتَولين تَربيتها وَمُلَاحظتها ، قَد شَابَهُ القُصْور فِي التسبيب وَالفَسَادُ فِي الاِسْتدلَالِ وَاِعْترَاهُ الخَطَأُ فِي تَطْبيق القَانْون وَاِنْطوى عَلْى الإِخْلَالِ بِحَقِ الدِفَاع ، ذَلِك بِأَنَّهُ لَمْ يُلِمْ بوَاقِعـَّـة الدَعْوى وَبأَدِلَّتها إلماماً كافياً وَتساند إلى ملاحظات النِيَابَّةِ العَامَّةِ وَلَمْ يُورِّد مؤداها وَلَمْ يُدَلِّل الحُكْمُ عَلْى عدم رضاء المَجْني عَلْيهِا ، وَاِسْتند فِي إِدَانَّة الطَّاْعِن وَتَطبيق الظَرف المُشَدِّد المَنْصوص عَلْيهِ فِي المَادَّة 267/2 مِنْ قَانْون العُقوبَات بِأَنَّهُ مِنْ المتولين تربية وَملاحظة المَجْني عَلْيهِا ، رغم أَنَّ الأَوْرَاق خَلَّت مِنْ ثَمَّة دليل يفيد ذَلِك ، وَبالتالي لَا يَنْطَبِق عَلْيهِ هذا الظرف ، وَخَلَّت أَسْبَاب الحُكْمِ مِنْ بيان تحديد سن المَجْني عَلْيهِا عَلْى وَجْهٍ رَسمي الذي لَهُ أَثرَهُ الجَوهَّري فِي تقدير العُقوبَّة وَاجِبَّة التطبيق عَلْى الطَّاْعِن ، وَاِلتفتت المَحْكَمَّة عَنْ دفاعه ببُطْلَان اِسْتجوابه فِي تحقيقات النِيَابَّةِ العَامَّةِ لِعَدَمِ دَعوة محاميــه للحضـــور معه إِجْرَاءَات التحقيق بِمَا يخالف نص المَادَّة 124 مِنْ قَانْون الإِجْرَاءَات الجنائية ، وَرَّدَ عَلْى دفاعه بتَنَاقُض أَقْوَال المَجْني عَلْيهِا مع بعضها البعض وَمع أَقْوَال وَالِدها فِي عَدَّدِ مرات المُوَاقَعـَّـة بِمَا لَا يَصْلُح رَّداً ، كما أَنَّ هُناك تَنَاقُض بين أَقْوَال المَجْني عَلْيهِا وَبَين مَا جَاءَ بِتَحريَات الشُرطَّة وَمَا جاء بتقرير الطب الشرعي بِشَأَنِ فض غشاء بَكَارتها ، حَيْثُ إِنَّها قَرَّرت بِأَنَّ الطَّاْعِن لَمْ يَقُمْ بِفَضِ غِشَاء بكارتها بينما أثبت التقرير أَنَّ غشاء البكارة قد تَمَّ فَضَهُ ، وَعَوَّلَ الحُكْم عَلْى تقرير الطب الشرعي وَتقرير الأَدِلـَّـة الجنائية - قسم الفحوص البيولوجية وَالبصمة الوراثية - رغم وُجْود تَنَاقُض بينهما ، وَلَمْ يُورِّد مؤداهما ، وَرد بِمَا لَا يصلح رداً عَلْى دفاعه بعدم وُجْود شَاْهِد رؤية للوَاقِعـَّـة وَعدم وُجْود دليل بالأَوْرَاق ، وَاطْرَّح دفعه بانعدام تحريات الشرطة لأنها مكتبية وَترديداً لأَقْوَال وَالِد المَجْني عَلْيهِا بِمَا لَا يسوغ رَفْضَهُ ، وَعَوَّلَ عَلْى أَقْوَال الضَابِط مُجريها رغم عدم بيان مصدرها ، وَتَسَانَّد الحُكْمُ إلى شَهَادَّة وَالِد المَجْني عَلْيهِا رغم أَنَّها شَهَادَّة سماعية ، وَأَسْنَّد إِلى الشَاْهِديِّن الأول وَالثاني شَهَادَّة مُتَنَاقِضَّة لَمْ يشهدا بها وَذَلِك للموائمة بينها وَبَين شَهَادَّة المَجْني عَلْيهِا وَسائر الأَدِلـَّـة فِي الدَعْوى ، وَالتفت عَنْ دفاعه بِأَنَّ المَجْني عَلْيهِا أقرت فِي تحقيقات النِيَابَّةِ العَامَّةِ بِأَنَّها عَلْى علاقة بزميلها ، وَأَنَّ الوَاقِعـَّـة مُجَرَّد هَتْك عِرْض المَجْني عَلْيهِا بغَيْر قوة أَوْ تهديد المنطبق عَلْيهِا نَّصَ المَادَّة 269/1 مِنْ قَانْون العُقوبَات ، وَاطْرَّح بِرَّدٍ قَاصِرٍ دِفَاعَهُ القَائِم عَلْى التَرَاخي فِي الإِبْلَاغ وَعدم معقوليَّة عدم علم أهل المَجْني عَلْيهِا بالوَاقِعـَّـة لمدة خمسة أشهر، وَخَلَا الحُكْم وَمَحَاضِر الجلسات مِنْ اِسْم المُدعي بالحُقوقِ المَدنيَّة وَصِفتَهُ ، وَأَخيراً فقد أَوْقَع عَلْيهِ عُقوبَّة الإِعْدَام رغم خُلُّو حُكْم المَادَّة 267 /2 مِنْ قَانْون العُقوبَات مِنْ تلك العُقوبَّة ، مِمَّا يَعْيبُ الحُكْمَ بِمَا يَسْتَوجِبُ نَّـقْضَهُ .
وحَيْثُ إِنَّ الحُكْمَ المَطْعُونَ فِيْهِ حَصَّلَ وَاقِعـَّـة الدَعْوى فِي قَوْلِهِ : " إن المتهم .... والبالغ من العمر أربعة وستون عاماً وقد كسا الشيب شعره ولحيته واتخذ من هذه الهيئة ما اكتسب به ثقة جيرانه وادعى أَن الله سبحانه وتعالى قد مَنَّ عليه ووهبه قراءة القرآن الكريم وتدريسه فائتمنه جيرانه على تحفيظ القرآن الكريم لنجلتهم المَجْني عَلْيها .... ، وَهي صبية صغيرة لم تبلغ من العمر عامها الثالث عشر تكسو البراءة وجهها ، فبدأت المجني عليها وشقيقتها الصغرى في التردد على مسكن المتهم والقاطن بذات العقار أسفل مسكنها لتلقي دروس القرآن الكريم تارة واللعب بمسكنه تارة أخرى كونها طفلة صغيرة ، وأَن المتهم يقيم بمفرده بعد وفاة زوجته ، وكون المتهم رجل طاعن في السن وليس محل شك من المجني عليها أَو والديها بل كانت المجني عليها تثق به فروت له عن صداقتها بزميل لها في المدرسة في براءة لتستأنس برأيه ، فخاب ظنها به ولم تكن براءتها على علم بالشيطان الكائن بداخل المتهم فلم يشفع قراءته للقرآن الكريم فِي أَنه يتغلب على شيطانه ولم تشفع طفولة المجني عليها وبراءتها في أَن يرفق بها ، فبدأ فِي تهديد المجني عليها في فضح السر الذي ائتمنته عليه لوالدها وصولاً إلى أغراضه الدنيئة منها ، فبدأ فِي طلب المجني عليها أَن تخلع سروالها عنها ومداعبة مواطن العفة منها تارة وأَخرج عضوه الذكرى ويداعب تلك الأماكن ، ثم أغراه شيطانه فانتفض منه داخله هذا الشيطان مزين له سوء عمله ، فلم ينظر إلى الشيب الذي كسا رأسه ولحيته وعمره الذي تجاوز الستين وإلى ما يحمله بيده من المصحف الشريف ، ولم يراع ثقة أهل المجني عليها به وروابط الجيرة وما يترتب عليها وأوصى بها سيدنا نبي الله صلى الله عليه وسلم ، بل لم ينظر إلى طفلة بريئة فِي الثانية عشر من العمر وصغر سنها وبراءتها وما ينتظرها من مستقبل تتطلع إِليه كل فتاة فِي مثل عمرها ، فأجبرها تحت تهديده الدائم لها على خلع بنطالها وملابسها واِنـقض عليها كالبهيم بعد أَن استدرجها بعيداً عن شقيقتها إلى داخل غرفة نومه لينفرد بها وواقعها وأَمنى بها فقتل طفولتها وقضى على براءتها ، وكرر فعلته مع المجني عليها مولجاً عضوه الذكرى بها وأمنى بها فصور له خياله المريض وشيطانه أَن فعلته وجرمه قد مرا وأَن كونه قد ارتكب مثل هذا الفعل بعيداً عن الأعين إلا أَن عين الله لا تغفل ولا يستر الله دنيئاً فأراد الله أَن يفضح من حباه القرآن الكريم ، فبعد عدة أشهر لاحظت والدة المجني عليها انتفاخ بطنها وكبرها فأوجست خيفة عليها فقامت باصطحاب المجني عليها إلى أحد الأطباء المختصين بأمراض النساء ، فوقع الخبر عليها كالصاعقة حين أخبرها الطبيب أَن نجلتها الصغيرة حامل في الشهر الخامس فهرولت إلى والد المجني عليها لتخبره فواجه المجني عليها فقصت عليه ما كان من الشيخ .... وما جناه عليها ومواقعته لها بمسكنه ، فسارع إلى المتهم وواجهه بالأمر فأنكر قيامه بذلك وقرر لوالدها أَنه صاحبها دون إيلاج فسارع والد المجني عليها للإبلاغ عن الواقعة ، فقامت النيابة العامة بإجراء تحقيقاتها وإِحالة المجني عليها والمتهم للطب الشرعي لإِجراء التحاليل اللازمة وتوقيع الكشف الطبي على المجني عليها ، وقد أَورى تقرير الطب الشرعي أَنَّهُ بالكشف عَلْى المَجْني عَلْيهِا تبين وُجْود جنين بالرحم إكلينيكياً وَأَنَّ أعضائها التناسلية بشكل وَحجم بداية البلوغ وَالشفران غليظان بقوام متماسك وغشاء بكارتها مِنْ النوع اللحمي ذو فتحة ضيقة لَا تسمح بإيلاج ذكر بالغ دون تمزقه وَتبين بِهِ تمزقاً مقابلاً للساعة السابعة عَلْى قرص الساعة يصل لجدار المهبل وَحوله تفاعلات التهابية مع زيادة إفرازات المهبل وَأنه لَا يوجد آثار إصابية تدل عَلْى حدوث عنف أَوْ تعدي جنسي وَأنها ثيب منذ تاريخ يتعذر تحديده عَلْى وَجه الدقة ، إِلا أَنَّهُ لَا يمنع حدوث وَاقِعـَّـة الإيلاج عَلْى النحو الوارد بمذكرة النيابة وَفي تاريخ قد يعاصـر التاريخ الوارد بالأَوْرَاق ، اِسْتناداً إلى فترة حمل المَجْني عَلْيهِا ، وَبمعرفة الأطباء بقسم طب وَتشخيص أمراض الجنين بالمركز القومي للبحوث تَمَّ أخذ عينة مِنْ السائل الأمينوس الخاص بالجنين داخل رحم المَجْني عَلْيهِا .... ، كما تَمَّ أَخذ عينة مِنْ المُتَّهَم .... لإجراء فحوص البصمة الوراثية عَلْيهِا وَمقارنتها بالبصمة الوراثية بالعينة الجينية داخل رحم المَجْني عَلْيهِا ، وَإرسالها إلى الإدارة العامة لتحقيق الأَدِلـَّـة الجنائية ، المعامل الجنائية ، إدارة الفحوص المعملية ، قسم الفحوص البيولوجية وَالبصمة الوراثية ، وَقد ثبت بالتقرير بعد إجراء ذَلِك الفحص أَنَّهُ قد تبين تناصف البصمة الوراثية لعينة السائل الأمينوس الخاص بالجنين مع البصمة الوراثية لكل مِنْ المُتَّهَم .... وَالمَجْني عَلْيهِا .... ، وَحَيْثُ إِنَّهُ مِنْ الثابت علمياً أَنَّ البصمة الوراثية للإنسان مميزة لشخصه لَا تتغَيْر مِنْ لحظة تكوينه إلى مَا بعد وفاته وَأَنَّ التصنيفات الجينية لهذه البصمة يرثها الإنسان مناصفة مع والديه البيولوجيين ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ المُتَّهَم .... أب بيولوجي للجنين الأنثى برحم المَجْني عَلْيهِا .... ، وَبتاريخ .... ثبت بالتقرير الطبي الصادر مِنْ مستشفى جامعة .... أَنَّ المَجْني عَلْيهِا .... قد وضعت بعد إجراء عملية قيصرية لها طفلة ، ليصبحا ضحيتان طفلة مَجْني عَلْيهِا فِي عمر الزهور وَأخرى وَلدت سفاحاً تواجه مصيراً مظلَمَّا " ، وَقَد سَاقَ الحُكْمُ عَلْى ثُبوت هذه الوَاقِعـَّـة أَدِلـَّـة مُستمَدَّة مِنْ أَقْوَال شَاْهِدي الإِثبات وَأَقْوَال المَجْني عَلْيهِا وَإقرار المُتَّهَم فِي تحقيقات النِيَابَّةِ العَامَّةِ وَمَا ثبت مِنْ تقرير الأَدِلـَّـة الجنائية - قسم الفحوص البيولوجية وَالبصمة الوراثية - وَمِمَّا ثَبَتَ مِنْ تقرير الطب الشرعي ، وَحَصَّلَ الحُكْمُ مُؤَدى هذه الأَدِلـَّـة تحصيلاً سليماً لَهُ أَصْلَهُ الثابت بالأَوْرَاق . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك، وَكَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قد بَـيَّنَ مَضْمون مُلَاحظَات النِيَابَّةِ العَامَّةِ خِلَافاً لقول الطَّاْعِن ، وَكَاْنَ القَانْون لَمْ يرسم شَكْلاً خاصاً يصوغ فِيْهِ الحُكْم بيان الوَاقِعـَّـة المُسْتَوجِبَّة للعُقوبَّة وَالظُروف التي وَقَعَّت فيها ، فَمَتى كَاْنَ مَجْموعُ مَا أَوْرَّدَهُ الحُكْمُ - كَمَا هو الحَالُ فِي الدَعْوى المَطْروحَّة - كَافياً لِتَفَهُمِ الوَاقِعـَّـة بأَرْكَاْنِها وَظُروفها حسبما اِسْتخلصته المَحْكَمَّة ، كَاْنَ ذَلِك مُحَقِّقاً لحُكْم القَانْون ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ منعى الطَّاْعِن بِأَنَّ الحُكْمَ لَمْ يُلِمْ بالوَاقِعـَّـة وَبِأَدِلَّتها إِلمَاماً كَافِياً وَاِسْتند إِلى مُلَاحظَات النِيَابَّةِ العَامَّةِ وَلَمْ يُورِّد مُؤَداها يكون فِي غَيْر مَحْلِهِ . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ رُكْنَ القُوة فِي جناية المُوَاقَعـَّـة يتوافر كُلَّمَا كَاْنَ الفِعْلُ المُكَوِّن لَها قَد وَقَعَ بِغَيْرِ رِضَاء مِنْ المَجْني عَلْيهِا ، سَوَاءً باِسْتعمال المُتَّهَم فِي سَبْيل تنفيذ مَقْصده وَسَائِل القُوة أَوْ التهديد أَوْ غَيْر ذَلِك مِمَّا يُؤَثِر فِي المَجْني عَلْيهِا فَيعدمها الإرادة وَيُقعدها عَنْ المُقاومة ، وَكَاْنَ الحُكْمُ قد أَثبَت بأَدِلـَّةِ الإثبات التي اِطْمأَن إليها أَنَّ الطَّاْعِـنَ انْتهز فُرصَّة صِغَر سن المَجْني عَلْيهِا وَاِسْتدرجها إلى غُرفَّةِ نَوْمِهِ وَهَدَّدها بإِبْلَاغ وَالِدها بأَنَّها تَرْتبِط بِعِلَاقَّةِ صَدَاقَّة مَع أَحد زُمْلَائها ، وَطَلَّبَ مِنْها خَلْع سِروالها فَاِنْصَاعَّت لَهُ خَوفاً مِنْ تَهديدِهِ وَقَامَ بِمُوَّاقَعتها ، وَهو مَا تتوافر بِهِ جَريمَّة مُوَاقَعـَّـة أُنثى بغَيْر رِضَاها بِأَركَاْنِها بِمَا فيها رُكْن القوة ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ النَعي عَلْى الحُكْمِ بِدَعْوى قُصْور فِي عدم التدليل عَلْى تَوَافُرِ عدم رِضَاء المَجْني عَلْيهِا يكون غَيْر سديد . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الثَابِتُ مِنْ مُدَونَات الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أَنَّ ولى أمر المَجْني عَلْيهِا قد عَهِدَ إلى الطَّاْعِن القيام بتحفيظ المَجْني عَلْيهِا القرآن الكريم وَالإِشراف عَلْيهِا فِي هذا الصَدَّد ، فَإِنَّ ذَلِك يجعل لَهُ سُلطَّة عَلْيهِا بالمعنى الوارد فِي الفقرة الثانية مِنْ المَادَّة 267 مِنْ قَانْون العُقوبَات تهيئ لَهُ فُرصَّة التقرب إليها وَتَسهيل اِرْتكاب الجَريمَّة ، وَمَا دَام قد ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ المُتولين تَربية المَجْني عَلْيهِا وَمِمَّنْ لَهم سُلْطَّة عَلْيهِا ، فَإِنَّ ذَلِك يكفي لتشديد العقاب عَلْيهِ ، إِذْ لَا يُشترط أَنَّ تَكْون التَربية فِي مَدرسة أَوْ دار تعليم عامة ، بَل يَكْفي أَنَّ تَكْون فِي مَكَاْنٍ خَاصٍ عَنْ طَرْيق دروس خاصة ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ فِي شأن عدم توافر الظرف المُشَدِّد المَنْصوص عَلْيهِ فِي الفقرة الثانية مِنْ المَادَّة 267 مِنْ قَانْون العُقوبَات لَا يعدو أَنَّ يكون جدلاً مَوْضُوعياً عَلْى وَجْه مُعيِّن تأدية إلى مناقضة الصورة التي اِرتَسَمت فِي وجدان قاضي المَوْضُوع بالدليل الصحيح مِمَّا لَا يَجْوز إِثَارته أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَت العُقوبَّةُ المَقضي بِها عَلْى الطَّاْعِن هي المُقَرَّرة لِجِنَايَّة مُوَاقَعـَّـة أُنثى بغَيْر رِضَاها حَالة كَونَهُ مِنْ المُتولين تَربيتها وَمُلَاحظتها وَمِمَّنْ لَهُم سُلْطَّة عَلْيهِا ، وَكَاْنَ حُكْمُ ظَرْف كَون الطَّاْعِن مِنْ المُتولين تربية وَمُلاحظة المَجْني عَلْيهِا وَمِمَّنْ لَهُم سُلْطَّة عَلْيهِا فِي تَشديد العُقوبَّة كَحُكْمِ ظَرْف صِغَر سن المَجْني عَلْيهِا لعدم بُلوغها ثماني عشرة سَنَة ميلادية كَامِلَّة ، وَإِثْبات تَوَافُر أَحَدَهُما يُغني عَنْ إثبات تَوَافُر الآخر ، فَإِنَّه لَا يَكْون للطَّاْعِن مَصلحَّة فيما يُثيرَهُ مِنْ قُصْور الحُكْم فِي بَيَانِ سِن المَجْني عَلْيهِا بِوَجه رسمي . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الثَابِتُ مِنْ مُطَالعَّة مَحضر جَلسَّة المُحَاكَمَّة أَنَّ أَياً مِنْ الطَّاْعِن أَوْ المُدَافِع عَنْهُ لَمْ يُثِرْ شيئاً بِشَأَنِ بُطْلَان اِسْتجوابه فِي تحقيقات النِيَابَّةِ العَامَّةِ لعدم دَعوة مُحاميه للحُضْور معه إِجْرَاءَات التحقيق ، وَكَاْنَ هذا الأَمر إِجْرَاءً سَابقاً عَلْى المُحَاكَمَّة ، فَإِنَّه لَا يُقبل مِنْهُ إثارة أَمر بُطْلَانَهُ لِأَول مَرَّة أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض مَا دَام أَنَّهُ لَمْ يدفع بِهِ أمام مَحْكَمَّة المَوْضُوع . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ التَنَاقُض فِي أَقْوَال الشُهود أَوْ تَضَاربهم فِي أَقْوَالهم - بِفَرْضِ حُصْولَهُ - لَا يَعْيبُ الحُكْم مَا دَامت المَحْكَمَّة قد اِسْتخلصت الحقيقة مِنْ أَقْوَالهم اِسْتخلاصاً سائغاً لَا تَنَاقُض فِيْهِ - كَمَا هو الحَالُ فِي الدَعْوى المَاثِلَّة - وَكَمَا أَنَّ للمَحْكَمَّة أَلَا تُورِّد بالأَسْبَاب إِلا مَا تُقيم عَلْيهِ قَضَاءها ، وَلَها أَنَّ تَأَخُذ مِنْ أَقْوَال الشُهود مَا تَطْمئِن إِليهِ وَتَطْرَّح مَا عَدَاهُ ، وَإِذْ كَاْنَت المَحْكَمَّة قد أَوْرَّدت فِي حُكْمِها الأَسْبَاب التي أَقَامَّت عَلْيهِا قَضَاءها بِمَا لَا تَنَاقُض فِيْهِ وَاِطْمأَنت إِلى أَقْوَال شُهود الإِثْبَات وَحَصَّلَت مُؤَداها بِمَا لَا يحيدها عَنْ معناها وَيحرفها عَنْ موضعها وَبما يكفى بياناً لوجه اِسْتدلالها بها عَلْى صحة الوَاقِعـَّـة ، فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِن فِي هذا المنحى لَا يعدو أَنَّ يكون جدلاً مَوْضُوعياً فِي تقدير الدليل وَهو مَا تستقل بِهِ مَحْكَمَّة المَوْضُوع وَلا تجوز مُجادلتها فِيْهِ . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ ليس بِلَازِم تَطَابُق أَقْوَال الشُهود وَمضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وَصَلَّت إليها المَحْكَمَّة بجميع تفاصيلها عَلْى وجه دقيق ، بَل يَكفي أَنَّ يَكْون جِمَاع الدَليل القولي غَيْر مُتَنَاقِض مع جَوهَّر الدَليل الفني تَنَاقُضاً يَسْتعصي عَلْى المُلَائمَّة وَالتوفيق ، وَكَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قد عرض لِمَا أَثاره الدفاع مِنْ قيام تَعَارُض بين الدليلين القولي وَالفني وَرَّدَ عَلْيهِ بِقَوْلِهِ : " وحيث إنه عما ذهب إِليه الدفاع بشأن تناقض أَقوال المجني عليها ووالدها مع تقرير الطب الشرعي وتحريات المباحث ، فهو قول مغلوط مردود عليه بِأَن المجني عليها حال سؤالها عن فض غشاء بكارتها مِنْ عدمه وهي الصغيرة السن والتي كيف لها أَن تعلم ذَلِك ، إلا أنها قررت أنها أبصرت بقعة مِنْ الدماء عَلْى ملابسها الداخلية عقب الوَاقِعـَّـة ، وهو مَا أكده تقرير الطب الشرعي مِنْ أَنَّ المَجْني عَلْيهِا قد فض غشاء بكارتها تبين إيلاج المتهم لعضوه الذكري بفرجها وهو مَا أكدته التحريات ، وَمِنْ ثَمَّ فلا تَنَاقُض بين الدليلين القولي المستمد مِنْ أَقْوَال المَجْني عَلْيهِا مع الدليل الفني المستمد مِنْ تقرير الطب الشرعي ... فَإِن ما ذهب إِليهِ الدفاع فِي هذا الشأن غَيْر صحيح " . وَإذ كَاْنَ هذا الذي رَّدَ بِهِ الحُكْم كافياً وَيُسَوَّغ بِهِ اطْرَّاح قَالَّة التَنَاقُض بَيْن الدليلين القولي وَالفني ، فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِنُ فِي هذا الصَدَّد يَكْون فِي غَيْر مَحْلِهِ . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ تقدير آراء الخُبَرَاء وَالفصل فيما يُوجه إلى تقاريرهم مِنْ مَطَاْعِن مرجعه إلى مَحْكَمَّة المَوْضُوع التي لها كامل الحرية فِي تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه فِي ذَلِك شأن سائر الأَدِلـَّـة فلها مُطلق الحرية فِي الأخذ بِمَا تطمئن إِليهِ منها وَالالتفات عما عداه وَلَا تُقبل مُصَادَرَّة المَحْكَمَّة فِي هذا التقدير ، وَإذ كَاْنَ البَيَّنُ مِنْ الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أَنَّ المَحْكَمَّة اِسْتندت فِي قَضَائِها عَلْى تقرير الطب الشرعي وَتقرير الأَدِلـَّـة الجنائية - قسم الفحوص البيولوجية وَالبصمة الوراثية - وَاِطمأَنت فِي حُدْودِ سُلطتها التقديرية إلى مَا وَرَدَ بِهذين التقريريـن . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ تقريـر الطب الشرعي وَتقرير الأَدِلـَّـة الجنائية قد خَلَا كِلَاهما مِنْ شُبهة التَنَاقُض الذي يسقطه ، وَمِنْ ثَمَّ فَـإِنَّ اِسْتناد الحُكْم إليهما كدليلين فِي الدَعْوى يشهدا عَلْى إِدَانَّة الطَّاْعِن لَا يعيبه ، لِمَا هو مُقَرَّر أَنَّ التَنَاقُضَ الذي يُبْطِل الحُكْم هو الذي يَكْون وَاقِعاً فِي الدَليل الذي تأَخُذ بِهِ المَحْكَمَّة فيجعله مُتهادِماً مُتسَاقِطاً لَا شيء مِنْهُ باقياً يُمكن أَنَّ يُعتبر قِوَاماً لنتيجة سَليمة يَصِحُ معه الاعتماد عَلْيهِا وَالأخذ بها وَهو مَا بَرِئ مِنْهُ الحُكْم ، وَمِنْ ثَمَّ كَاْنَ هذا النعي غَيْر سديد . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قد حَصَّلَ مِنْ تقرير الأَدِلـَّـة الجنائية - قسم الفحوص البيولوجية وَالبصمة الوراثية - أَنَّ المُتَّهَم .... هو أَبٌ بَيولوجيٌ لِجَنينة أُنثى داخل رحم المَجْني عَلْيهِا .... ، كَمَا حَصَّلَ مِنْ تقرير الطب الشرعي أَنَّ هُناك تَمَزُق بِغِشَاءِ البَكارَّة مُقَابِل للساعة السابعة عَلْى قرص الساعة يَصِل لِجِدَارِ المِهبل ، وَتَبين أَنَّ المَجْني عَلْيهِا ثيب مِنْ تاريخ يتعذر تحديده عَلْى وَجه الدقة ، إِلا أَنَّهُ لا يمنع جَوَاز حدوث وَاقِعـَّـة الإيلاج عَلْى النَّحْوِ الوَارِد بالمُذَكِرَّة وَفِي تاريخ يعاصر التاريخ الوارد بالأَوْرَاق اِسْتناداً إلى فترة حمل المَجْني عَلْيهِا ، فَإِنَّ الحُكْم يكون قد نَقَلَ عَنْ تقرير الأَدِلـَّـة الجنائية أَنَّ المُتَّهَم هو أَبٌ بَيولوجيٌ لجنينة الأنثى داخل رحم المَجْني عَلْيهِــــــا ، كما نقل عَنْ تقرير الطب الشرعي أَنَّ هناك تمزق بغشاء البكارة يصل لجدار المهبل وَأَنَّ المَجْني عَلْيهِا ثيب وَلَا يوجد مانع لحدوث وَاقِعـَّـة الإيلاج ، فَإِنَّ ذَلِك يُفْصِحُ عَنْ حُدْوثِ وَاقِعـَّـة مُوَاقَعـَّـة المَجْني عَلْيهِا ، وَيكون مَا يدعيه الطَّاْعِن مِنْ إغفال الحُكْم لعناصر التقريرين تلك غَيْر صحيح . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ لَا ينال مِنْ سَلَامَّة الحُكْم عدم إِيْرَادَهُ نَّصَ تقرير الخبير بِكَامِل أجزائه ، فَإِنَّ منعى الطَّاْعِن عَلْى الحُكْم فِي هذا الشأن يكون غَيْر سديد . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ القَانْونُ لَا يُشترَط لِثُبوت الجَريمَّة التي رَصَدَ عُقوبَّة الإِعْدَام عَلْى مُرتكبها وُجْود شُهود رُؤيَّة أَوْ قيام أَدِلـَّـة مُعينة ، بَل للمَحْكَمَّة أَنَّ تُكَوِّنَ اِعْتقادها بالإِدَانَّة فِي تلك الجَريمَّة مِمَّا تَطْمئِن إِليهِ مِنْ ظُروف الدَعْوى وَأدلتها ، وَمتى رَأَت الإِدَانَّة كَاْنَ لَها أَنَّ تقضي بعُقوبَّة الإِعْدَام مَتى تَوَافرت شَرَائِط توقيعها عَلْى مُرْتَكِب الفعل المُسْتَوجِبُ للقَصَاص دُوْن حَاجَّةٍ إلى إقرار مِنْهُ بها أَوْ شَهَادَّة شَاْهِديِّن رَأَيا الجَريمَّة وَقْت اِرْتكابها ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِنُ فِي طَّعْنِهِ فِي هَذا الشَأَن يَكْون عَلْى خِلَاف القَانْون ، وَيَكْون الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ بَريئاً مِمَّا ينعاه الطَّاْعِنُ عَلْيهِ فِي هذا الصَدَّد . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ تقدير جِديَّة التَحريَات مِنْ المَسَائِل المَوْضُوعيَّة التي تَستقل بِها مَحْكَمَّة المَوْضُوع ، فَإِنَّ المُجَادَلـَّـة فِي تَعويل الحُكْم عَلْى أَقْوَال الضَابِط التي اِسْتقاها مِنْ تَحريَاتِهِ بِدَعْوى أَنَّ هذه التَحريَات مَكتبيَّة وَلَمْ يُبيِّن مَصْدرها تتمَخَـض جَدلاً مَوْضُوعياً فِي تقدير الدَليل لَا يُقبَّل أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ لَا يَنَالُ مِنْ صِحَّة التَحريَات أَنَّ تَكْونَ تَرديداً لِمَا أَبْلَّغ بِهِ وَالِد المَجْني عَلْيهِا ؛ لأَنَّ مَفَاد ذَلِك أَنَّ مُجريها قد تَحَقَّق مِنْ صِدق ذَلِك البلاغ ، فَإِنَّ منعى الطَّاْعِن فِي هذا الشَأَن - بِفَرْضِ صِحَتَهُ - يَكْون غَيْر قويم . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ ليس فِي القَانْون مَا يمنع المَحْكَمَّة مِنْ الأخذ برواية ينقلها شَخْصٌ عَنْ آخر مَتى رَأَت أَنَّ تِلْك الأَقْوَال قد صَدَرَت مِنْهُ حقيقة وَكَاْنَت تُمَثِلُ الوَاقِع فِي الدَعْوى ، وَكَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قَد أَفْصَّح عَنْ اِطْمئنَانِهِ إِلى صِحَّة مَا أَدلى بِهِ وَالِد المَجْني عَلْيهِا ، فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِنُ مِنْ اِسْتدلال الحُكْم بهذه الأَقْوَال لَا يعدو أَنَّ يَكْونَ جَدلاً مَوْضُوعياً لَا تُـقبَّل إِثَارته أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ يتعين لِقَبْولِ وَجْهَ الطَّعْن أَنَّ يكون وَاضِحاً مُحَدِّداً مُبَيَّناً بِهِ مَا يَرمي إِليهِ مُقدِمَهُ حَتى يَتَضِح مَدى أهميته فِي الدَعْوى المَطْروحَّة وَكَونه مُنتجاً مِمَّا تلتزم مَحْكَمَّة المَوْضُوع بالتصدي لَهُ إيراداً لَهُ وَرَّداً عَلْيهِ ، وَكَاْنَ الطَّاْعِنُ لَمْ يَكْشِفُ بأَسْبَاب الطَّعْن مَاهيَّة الشَهَادَّة المُتَنَاقُضة التي لَمْ يَشهد بها الشَاْهِديِّن الأَول وَالثاني حَتى يَتَضِح مَدى أَهميتها فِي الدَعْوى المَطْروحَّة وَهَل تَحتوي دِفَاعاً جَوهرياً مِمَّا يَتَعيَّن عَلْى المَحْكَمَّة أَنَّ تَعرض لَهُ وَتَرُد عَلْيهِ أَم لَا ، بَل سَاقَ قَوْلاً مُرْسلاً مُجَّهلاً ، فَإِنَّ منعاه فِي هذا الشَأَن يَكْون غَيْر مَقبول . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الدَفْعُ بِعَدَمِ اِرْتكاب الجَريمَّة مِنْ قبيل الدفوع المَوْضُوعيَّة التي لَا تَسْتوَجِبُ - فِي الأَصْلِ – مِنْ المَحْكَمَّة رَّداً صريحاً مَا دَام الرَّدُ مُستفاد ضمناً مِنْ أَدِلـَّـة الثبوت التي أَوْرَّدتها المَحْكَمَّة بِحُكْمِها بِمَا يفيد اطْرَّاحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها عَلْى عدم الأَخذ بها ، فإِنَّ النعي عَلْى الحُكْم فِي هذا الخُصْوص يكون عَلْى غَيْرِ أَسَاسٍ . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ النعي بِأَنَّ الوَاقِعـَّـة مُجَرَّد جُنَحة هتك عرض المَجْني عَلْيهِا بغَيْر قوة أَوْ تهديد وَلَيْست جناية مُوَاقَعـَّـة المَجْني عَلْيهِا التي لَمْ تبلغ سنها ثماني عشرة سَنَة ميلادية كَامِلَّة بغَيْر رضاها حال كون المَحْكُوم عَلْيهِ مِنْ المتولين تربيتها وَملاحظتها ، لَا يَعدو أَنَّ يَكْون مُنَازعَّة فِي الصُورَّة التي اعتنقتها المَحْكَمَّة للوَاقِعـَّـة وَجدلاً مَوْضُوعياً فِي سُلطَّة مَحْكَمَّة المَوْضُوع فِي اِسْتخلاص صُورَّة الوَاقِعـَّـة كما اِرْتَسمت فِي وُجدانها مِمَّا تستقل بالفصل فِيْهِ بغَيْر مُعَقِّبٍ . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ تأَخُرُ وَالِد المَجْني عَلْيهِا فِي الإبلاغ عَنْ الوَاقِعـَّـة لَا يَمْنَّع المَحْكَمَّة مِنْ الأَخْذِ بأَقْوَالِهِ مَا دَامت قد اِطمأَنت إِليها ، وَإِذْ كَاْنَت الصُورَّةُ التي اِسْتخلصتها المَحْكَمَّة مِنْ أَقْوَال المَجْني عَلْيهِا ، وَشَاْهِدي الإثبات وَسَائِر الأَدِلـَّـة التي أَشَارَّت إليها فِي حُكْمِها لَا تَخرُج عَنْ الاِقْتضَاءِ العَقلي وَالمَنْطقي ، فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِنُ مِنْ مُنازعَّةِ حَوْل عدم مَعقوليَّة عَدَمَ عِلْم أَهل المَجْني عَلْيهِا بالوَاقِعـَّـة أَوْ حَول تصوير المَحْكَمَّة للوَاقِعـَّـة أَوْ فِي تَصديقها لأَقْوَال المَجْني عَلْيهِا أَوْ مُحَاولَّة تجريحها عَلْى النَّحْوِ الذي ذَهَبَ إِليهِ فِي طَّعْنِهِ ينحل إِلى جَدَّلٍ مَوْضُوعيٍّ فِي تقدير الدليل وَهو مَا تَستقل بِهِ مَحْكَمَّة المَوْضُوع وَلَا تجوز مُجَادلتها فِيْهِ أَوْ مُصَادرة عقيدتها فِي شَأَنِهِ أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ نَعْيُ الطَّاْعِن عَلْى الحُكْم بالبُطْلَان لإِغْفاله اِسْم المُدعي بالحُقوق المَدنيَّة وَصِفَتَهُ وَخُلُّو مَحَاضِر الجلسات مِنْ هذا البيان ، فَمَردود بِأَنَّ هذه البيانات لَا تكون لَازِمَّة إِلا فِي حَالَّةِ الحُكْم فِي الدَعْوى المَدنيَّة لِصَالِح رَافِعيها وَالقَضَاء لهم بالتعويض الذي تقدره المَحْكَمَّة حتى يتسنى الوُقوف عَلْى مُسَوِّغَات هذا القَضاء ، أَمَّا فِي حَالَّة الحُكْم بإِحَالَّة الدَعْوى المَدنيَّة إلى المَحْكَمَّة المُختصة - كَمَا هو الحَالُ فِي الدَعْوى المَطْروحَّة - ، فَإِنَّ هذا البيان لَا يكون لَازِماً فِي الحُكْم لعدم قيام المُوجِب لإِثباته فِي مُدَوناتِهِ ، وَبِذَلِك فَلَا يكون الحُكْم مَشوباً بالبُطْلَان لإِغْفالِهِ إِيراداً ذَلِك البيان ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِنُ فِي هذا الصَدَّد لَا يكون لَهُ مَحل . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قد قَضى بِمُعاقبَّة الطَّاْعِن بالإِعْدَام فِي حُدْودِ نَّص المَادَّة 267/2 مِنْ قَانْون العُقوبَات المُنطبق عَلْى وَاقِعـَّـة الدَعْوى ، فَإِنَّه يكون قد طَبَّقَ القَانْون تطبيقاً صَحيحاً وَيكون مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِن فِي هذا الشأن غَيْر سديد . لَمَّا كَاْنَ مَا تَـقَـدَّم ، فَإِنَّ الطَّعْنَ المُقَدَّم مِنْ المَحْكُوم عَلْيهِ يكون عَلْى غَيْر أَسَاسٍ مُتَعيِّناً رَفْضَهُ . لَمَّا كَاْنَ مَا تَـقَـدَّم ، وَكَاْنَ يبين - إِعْمَالاً لِنَّصِ المَادَّة 35 مِنْ القَانْون رَقْم 57 لسَنَة 1959 فِي شَأَنِ حَالَات وَإِجْرَاءَات الطَّعْن أَمَام مَحْكَمَّة النَّـقْض - أَنَّ الحُكْمَ المَعْروض قد بَيَّنَ وَاقِعـَّـة الدَعْوى بِمَا تتوافر بِهِ كَافَّة العَنَاصِر القَانْونيَّة للجَريمَّة التي دَانَ المَحْكُوم عَلْيهِ بها وَأَوْرَّد عَلْى ثُبوتها فِي حَقِهِ أَدِلـَّـةً سَائِغَّةً لَها معينها الصَحيح مِنْ الأَوْرَاق وَمِنْ شَأَنِها أَنَّ تُؤَدي إلى مَا رتبه الحُكْم عَلْيهِا ، كَمَا أَنَّ إِجْرَاءَات المُحَاكَمَّة قد تَمَّت وُفقاً للقَانْون فِي حُضْورِ مُحَام عَنْ المَحْكُوم عَلْيهِ تتوافر فِيْهِ الشُروط المُقَرَّرة قَانْوناً وَطِبقاً لِمَا تقضي بِهِ الفقرة الثانية مِنْ المَادَّة 381 مِنْ قَانْون الإِجْرَاءَات الجِنَائيَّة مِنْ اِسْتطلاع رأَي مُفتي الجُمهوريَّة قَبل إِصْدَار الحُكْم وَصُدورَهُ بإِجْمَاع آراء أَعْضَاء المَحْكَمَّة وَقد خَلَا الحُكْم مِنْ عَيْبِ مُخَالفة القَانْون أَوْ الخَطأَ فِي تطبيقِهِ أَوْ فِي تَأَويلِهِ ، وَصَدَرَ مِنْ مَحْكَمَّة مُشَكلَّة وَفْقاً للقَانْون وَلَها وَلَايَّة الفَصْل فِي الدَعْوى ، وَلَمْ يَصْدُر بَعد الحُكْم قَانْون يسري عَلْى وَاقِعـَّـة الدَعْوى يَصِحُ أَنَّ يستفيد مِنْهُ المَحْكُوم عَلْيهِ عَلْى نَّحْوِ مَا نَّصَت عَلْيهِ المَادَّة الخَامِسة مِنْ قَانْون العُقوبَات ، فَإِنَّه يَتَعيَّن مَعهُ قَبْول عَرْض النِيَابَّةِ العَامَّةِ إِقْرَار الحُكْمَ الصَادِر بإِعْدَام المَحْكُوم عَلْيهِ .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق