الصفحات

الخميس، 7 مارس 2019

الطعن 7895 لسنة 60 ق جلسة 3 / 11 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 153 ص 1092


جلسة 3 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا وحسن عشيش نائبي رئيس المحكمة ومحمد شتا وسمير أنيس.
---------------
(153)
الطعن رقم 7895 لسنة 60 القضائية

 (1)قتل عمد. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
الحالات التي يجوز فيها الدفاع الشرعي عن المال وفقاً للفقرة الثانية من المادة 246 عقوبات؟ مثال لتسبيب سائغ لانتفاء حالة الدفاع الشرعي عن المال
 (2)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". إثبات "بوجه عام". حكم "بياناته" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد
حق الدفاع الشرعي شرع لرد العدوان ومنع استمراره. وليس من قبيل القصاص والانتقام والعدوان حد ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ لانتفاء حالة الدفاع الشرعي عن النفس
 (3)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض
 (4)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. التفاتها عن أي دليل آخر. مفاده؟
 (5)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
 (6)قتل عمد. قصد جنائي. باعث. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
الباعث ليس من أركان الجريمة. عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله كلية لا يقدح في سلامة الحكم
 (7)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت. حد ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض
 (8)إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
ثبوت صحة ما نسبه الحكم للطاعن من اعتراف بارتكاب الجريمة. النعي عليه بالخطأ في الإسناد على غير أساس
 (9)قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها". 
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني استخلاص توافره. موضوعي
الجدل في توافر نية القتل. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام النقض

------------
1 - من المقرر أن الدفاع الشرعي عن المال وفقاً للفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات لا يبيح استعمال القوة إلا لرد فعل يعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الثاني "الحريق العمد" والثامن "السرقة والاغتصاب" والثالث عشر "التخريب والتعييب والإتلاف" والرابع عشر "انتهاك حرمة ملك الغير" من الكتاب الثالث من هذا القانون - الجنايات والجنح التي تحصل لآحاد الناس - وفي المادة 379/ 4 المعدلة بالقانون 169 لسنة 1981 "الدخول أو المرور بغير حق في أرض مهيأة للزراعة أو مبذور فيها زرع أو محصول والمادة 361/ 1 المعدلة بالقانونين 120 لسنة 1962، 29 لسنة 1983 "خرب أو أتلف عمداً أموالاً منقولة للغير" والمادة 379/ 4 والمعدلة بالقانون رقم 169 لسنة 1981 من ترك بهائمه أو دوابه ترعى في أرض مهيأة للزرع أو مبذور فيها زرع بغير حق - وإذ كانت الوقعة كما أوردها الحكم يبين منها أنه لصلة القربى التي تربط الطاعن بالمجني عليهما في شراء قطعة أرض زراعية وبعد أن أتم المجني عليهما ذلك، راقت لهما فكرة غصب تلك الأطيان لزراعتها لحسابهما، وإذ حقق ذلك نشب خلاف بينهما وبين الطاعن في أحقية هذه الأطيان في الملكية والمزارعة وقد تدخل أهل الثقة للصلح بينهما وبالفعل تم ذلك على أن يترك المجني عليهما الأرض موضوع النزاع إلى الطاعن بعد جني محصول الطماطم كما أن الثابت مما أورده الحكم أن الأرض موضوع النزاع كانت بعيدة عن مسرح الحادث ولم يكن هناك أي شبهة حول انتهاك حرمة ملك الغير وأن الطاعن لا يدعي أن المجني عليهما كانا قادمين لا ركاب أي جريمة من الجرائم سالفة الذكر ومن ثم ففي هذه الواقعة - لا يتوافر حق الدفاع الشرعي عن المال إذ أن ذلك ليس من بين الأفعال التي تصح المدافعة عنها قانوناً باستعمال القوة فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله
2 - من المقرر أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره وإذ كان ما أورده الحكم أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس في اعتدائه على المجني عليه.....، بل كان معتدياً قاصداً إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه وكان ما نقله الحكم عن سبب إصابات الطاعن يرتد إلى ما ثبت من أوراق الدعوى أنه بعد الإجهاز على المجني "......." التفت خلفه فوجد المجني عليه الثاني في مواجهته وحاول ضربه بفأس بقصد الانتقام فتلقاها على ذراعه الأيمن فحدثت إصابته وكان للمتهم الحق في الدفاع الشرعي عن النفس بالقدر المناسب لرد هذا الاعتداء ولكن عاجل المجني عليه المذكور بطعنه أولى في صدره بالسونكى وفي مقتل فشل حركته ومقاومته وتلاه بطعنه أخرى في الظهر وفي مقتل بذات السونكى تاركاً إياه في ظهره حتى فارق الحياة ونظراً لجسامة الطعنتين وسوء نية إحداث ضرر لا يتناسب مع ما يستلزمه حق الدفاع الشرعي - فإن مقاومة الطاعن لأفعال التعدي التي أتاها الطاعن تكون من قبيل القصاص والانتقام والعدوان لعدم تناسبها وهو ما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد
3 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتقاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استدلالها سائغاً سليماً يؤدي إلى ما رتبه إليه ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل على جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض
4 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه - ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفال إصاباته لا يكون له محل
5 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها وهو ما خلا الحكم منه وأن ما أورده الحكم في مدوناته ورده على الدفع بعدم توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال لا تناقض فيه، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له
6 - لما كان لا ينال من سلامة الحكم نعي الطاعن عليه أنه أغفل بيان الباعث على القتل لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو خطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيه شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداها ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في شأن أقوال شهود الإثبات إنما ينحل في واقعه إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض
8 - لما كان الثابت من المفردات المضمومة صحة ما نسبه الحكم للطاعن من اعتراف بارتكاب الجريمة المسندة إليه، فإن ما يثيره من قالة الخطأ في الإسناد يكون على غير أساس
9 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاض الموضوع في حدود سلطته التقديرية - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل لدى المتهم بالنسبة للمجني عليهما فهي متوافرة في حقه وذلك لاستعمال آلة قاتلة بطبيعتها "سونكى" وطعن كل مجني عليه في موضع من جسمه يعد مقتلاً وكذلك شدة الطعنات التي صوبها لجسد كل مجني عليه وتعددها دون دواعي وكذلك وجود ضغينة بينه والمجني عليهما لاستيلاء الأخيرين على فدانين ملكه ومنازعتهما في حيازتهما" فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون وليس على المحكمة من بعد أن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها وينحل جدل الطاعن في توافر نية القتل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - قتل ....... عمداً بأن طعنه عدة طعنات بآلة حادة (سنوكى) قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر قتل....... عمداً بأن طعنه طعنتين بالآلة السالفة الإشارة إليها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض (سونكى) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات دمياط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى...... وآخرين مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 7 من الجدول رقم (1) المرفق مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وأعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة السلاح المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدول محكمة النقض برقم..... قضائية. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات دمياط لتفصل فيها من جديد مشكلة من هيئة أخرى ومحكمة الإعادة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 234/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 المرفق مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما نسب إليه ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في الإسناد، ذلك بأن الطاعن أسس دفاعه على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن المال والنفس بيد أن الحكم أطرح هذا الدفاع بأسباب غير سائغة ولم يحقق إصابة الطاعن وأثرها في الدفاع الشرعي، وقد عول الحكم على وقائع شابها التناقض واختلال صورة الواقعة بشأن الرد على الدفاع الشرعي ولم يوضح الحكم الباعث وراء هذا العدوان من وجود منازعة على الحيازة وخلافات لدى الطاعن والمجني عليهما، ولم يورد مضمون أقوال شهود الإثبات تفصيلاً، كما عول على اعتراف الطاعن على خلاف الثابت بالأوراق بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن المال والنفس وأخيراً فإن - الحكم قد اقتصر في استظهار نية القتل لدى الطاعن وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للرد على دفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن المال بقوله: حيث إنه عن الدفع بكون المتهم كان في حالة دفاع شرع عن المال فإنه لا يجوز للمتهم التمسك به وإثارته أمام المحكمة ذلك لأن الدفاع الشرعي عن المال لا يجوز بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 246 عقوبات إلا إذا كان ما ارتكبه المجني عليه مكوناً لجريمة من الجرائم المشار إليها في هذا النص وهي المبينة في الأبواب الثاني والثامن والثالث عشر من الكتاب الثالث وفي الفقرة الرابعة من المادة (279) عقوبات ومن ثم فإنه لما كان المتهم لم يدع أن المجني عليهما قد ارتبكا فعلاً مكوناً لجريمة من تلك الجرائم ومن ثم فليس له أن يتمسك بحق الدفاع الشرعي عن المال"، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفاع الشرعي عن المال وفقاً للفقرة الثانية من المادة - 246 من قانون العقوبات لا يبيح استعمال القوة إلا لرد فعل يعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الثاني "الحريق العمد" والثامن "السرقة والاغتصاب" والثالث عشر "التخريب والتعيب والإتلاف" والرابع عشر "انتهاك حرمة ملك الغير" من الكتاب الثالث من هذا القانون - الجنايات والجنح التي تحصل لآحاد الناس - وفي المادة 379/ 4 المعدلة بالقانون 169 لسنة 1981 "الدخول أو المرور بغير حق في أرض مهيأة للزراعة أو مبذور فيها زرع أو محصول" والمادة 361/ 1 المعدلة بالقانونين 120 لسنة 1962، 29 لسنة 1983 "خرب أو أتلف عمداً أمولاً منقولة للغير "والمادة 379/ 4 والمعدلة بالقانون رقم 169 لسنة 1981 "من ترك بهائمه أو دوابه ترعى في أرض مهيأة للزرع أو مبذور فيها زرع بغير حق" وإذ كانت الواقعة كما أوردها الحكم يبين منها أنه لصلة القربى التي تربط الطاعن بالمجني عليهما في شراء قطعة أرض زراعية وبعد أن أتم المجني عليهما ذلك، راقت لهما فكرة غصب تلك الأطيان لزراعتها لحسابهما، وإذ حقق ذلك نشب خلاف بينهما وبين الطاعن في أحقية هذه الأطيان في الملكية والمزارعة وقد تدخل أهل الثقة للصلح بينهم بالفعل تم ذلك على أن يترك المجني عليهما الأرض موضوع النزاع إلى الطاعن بعد جني محصول الطماطم، كما أن الثابت مما أورده الحكم أن الأرض موضوع النزاع كانت بعيدة عن مسرح الحادث ولم يكن هناك أي شبهة حول انتهاك حرمة ملك الغير وأن الطاعن لا يدعي أن المجني عليهما كانا قادمين لارتكاب أي جريمة من الجرائم سالفة الذكر ومن ثم ففي هذه الواقعة - لا يتوافر حق الدفاع الشرعي عن المال إذ أن ذلك ليس من بين الأفعال التي تصح المدافعة عنها قانوناً باستعمال القوة فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بعدم توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس بقوله "وحث إنه عن الدفع المبدى من المتهم بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لما كان ذلك وكان المشرع قد ضمن المواد 245 حتى 251 من قانون العقوبات أحكام الدفاع الشرعي عن النفس والظروف التي ينشأ عنها هذا الحق والقيود التي يرتبط بها فنص في المادة 245 عقوبات على أنه لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه أثناء استعماله لحق الدفاع الشرعي ونصت المادة 246 - عقوبات على أن للشخص أن يستعمل القوة اللازمة لدفع أي فعل يعتبر جريمة على النفس منصوصاً عليها في قانون العقوبات وضمنت المادة 249/ 1 حكماً هو أن الدفاع الشرعي عن النفس لا يجوز أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به دفع فعل يتخوف منه أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخويف أسباباً معقولة لا يثبت المادة 251 عقوبات حالة تجاوز الدفاع الشرعي - وعليه فباستقراء تلك النصوص يتضح جلياً أن المتهم لم يكن في حالة دفاع شرعي عند قتله المجني عليه الأول...... وأنه وإن كان في حالة دفاع شرعي عند قتله المجني عليه الثاني....... فإنه قد جاوز حدود هذا الدفاع وذلك للاعتبارات الآتية أولاً: أنه من المقرر قانوناً أنه يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد وقع فعل إيجابي من المجني عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يشترط أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء من المجني عليه على النفس بل يكفي أن يكون قد صدر منه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يكون كذلك في اعتقاد المتهم تصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصوير مبنياً على أسباب معقولة لما كان ذلك وكان الثابت من إقرار المتهم في تحقيقات النيابة أنه شاهد المجني عليه....... على مسافة عشرة أمتار أو اثني عشر متراً قادماً من الطريق الفاصل بين زراعته وزراعة....... حاملاً فأس بيده وهي من مستلزمات مهنته وأثناء عبوره المروى وقبل التأكد من سبب حضوره أو وجهته ودون أن يبدر منه أي فعل أو قول هرول هو إليه وطعنه أولى شل حركته وأعجزه عن المقاومة بل تابع الطعنات وفي مقتل حتى فارق الحياة ومن ثم فالاعتداء على المجني عليه كان بقصد الانتقام لا بقصد الدفاع الشرعي، ثانياً: أن المتهم لم ير أي عدواناً حالاً بادره المجني عليه الأول...... أو كان وشيك الوقوع عليه أو صدر منه فعلاً خطراً حقيقياً في اعتقاده أو تصوره وكان هذا الاعتقاد أو التصوير مبنياً على أسباب معقولة حتى يباح له رده وعليه تنتفي حالة الدفاع الشرعي لديه - ثالثا: أن حق الدفاع الشرعي عن النفس طبقاً للفقرة الأولى من المادة 249 عقوبات لا يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به رد فعل يتخوف منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباباً معقولة لما كان ذلك وكان المجني عليه الأول...... لم يصدر منه أن فعل يتخوف منه الموت أو جراح بالغة على المتهم ولم يدع الأخير ذلك ومن ثم فلا يحق للمتهم طعنه في مقتل حتى يفارق الحياة وبالتالي فلا يكون في حالة دفاع شرعي - رابعاً: الثابت من التحقيقات أن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليه الأول...... دون أن يصدر منه أي اعتداء ومن ثم فلا يجوز للمتهم الادعاء بأنه كان في حالة دفاع شرعي لأن الدفاع الشرعي لرد أي اعتداء على نفس المدافع وعلى نفس غيره ولم يشرع للانتقام - خامساً: بالنسبة لقتل المجني عليه الثاني...... فإنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم إذا انتهى من الإجهاز على المجني عليه الأول....... والتفت خلفه وجد المجني عليه الثاني...... في مواجهته وحاول الأخير ضربه بفأس بقصد الانتقام لشقيقه تلقاه المتهم على ذراعه الأيمن فحدثت بها إصابات ومن ثم فهذا الاعتداء يتخوف منه أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة ويكون للمتهم الحق في الدفاع عن النفس بالقدر المناسب لرد هذا الاعتداء ولكن إذا عاجل المتهم المجني عليه طعنه أولى في صدره بالسونكى وفي مقتل فشل حركته ومقاومته فزال بذلك الخطر وإذ تلاه بطعنه أخرى في الظهر وفي مقتل بذات السونكى تاركاً إياه في ظهره حتى فارق الحياة ومن ثم فنظراً لجسامة الطعنتين وكونهما في مقتل يكون اعتداء المتهم وقتله للمجني عليه لا يتناسب وفعل المجني عليه ويكون بالتالي قاصداً وبسوء نية إحداث ضرر أشد مما يستلزمه حق الدفاع الشرعي وبالتالي فلا يعفى من العقوبة لتجاوزه حدود الدفاع الشرعي - وحيث إن المتهم طعن كل مجني عليه بآلة حادة قاتلة بطبيعتها وهي سونكى مما يستعمل في الأسلحة النارية محدثاً بكل منهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما ومن ثم توافرت لكل جريمة ركنها المادي وهو الاعتداء على حياة الغير ترتب عليه وفاته" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره وإذ كان ما أورده الحكم أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس في اعتدائه على المجني عليه الثاني......، بل كان معتدياً قاصداً إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه وكان ما نقله الحكم عن سبب إصابات الطاعن يرتد إلى ما ثبت من أوراق الدعوى أنه بعد الإجهاز على المجني عليه "......." التفت خلفه فوجد المجني عليه الثاني في مواجهته وحاول ضربه بفأس بقصد الانتقام فتلقاها على ذراعه الأيمن فحدثت إصابته وكان للمتهم الحق في الدفاع الشرعي عن النفس بالقدر المناسب لرد هذا الاعتداء ولكن عاجل المجني عليه المذكور بطعنه أولى في صدره بالسونكى وفي مقتل فشل حركته ومقاومته وتلاه بطعنه أخرى في الظهر وفي مقتل بذات السونكى تاركاً إياه في ظهره حتى فارق الحياة ونظراً لجسامة الطعنتين وسوء نية إحداث ضرر لا يتناسب مع ما يستلزمه حق الدفاع الشرعي - فإن مقاومة الطاعن لأفعال التعدي التي - أتاها الطاعن تكون من قبيل القصاص والانتقام والعدوان لعدم تناسبها وهو ما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي - معرفة به في القانون ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد - لما كان ذلك وكان المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو - انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استدلالها سائغاً سليماً يؤدي إلى ما رتبه إليه - ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه من ورفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه - ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفال إصاباته لا يكون له محل لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها وهو ما خلا الحكم منه وأن ما أورده الحكم في مدوناته ورده على الدفع بعدم توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال لا تناقض فيه، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان لا ينال من سلامة الحكم نعي الطاعن عليه أنه أغفل بيان الباعث على القتل على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو خطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداها ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في شأن أقوال شهود الإثبات إنما ينحل في واقعه إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة صحة ما نسبه الحكم للطاعن من اعتراف بارتكاب الجريمة المسندة إليه، فإن ما يثيره من قالة الخطأ في الإسناد يكون على غير أساس، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاض الموضوع في حدود سلطته التقديرية - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل لدى المتهم بالنسبة للمجني عليهما فهي متوافرة في حقه وذلك لاستعماله آلة قاتلة بطبيعتها "سونكى" وطعن كل مجني عليه في موضع من جسمه يعد مقتلاً وكذلك شدة الطعنات التي صوبها لجسد كل مجني عليه وتعددها دون دواعي وكذلك وجود ضغينة بينه والمجني عليهما لاستيلاء الأخيرين على فدانين ملكه ومنازعتهما في حيازتهما فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون وليس على المحكمة من بعد أن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها وينحل جدل الطاعن في توافر نية القتل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق