الصفحات

الأربعاء، 6 مارس 2019

الطعن 44816 لسنة 72 ق جلسة 11 / 1 / 2010


باسم الشعب

محكمـــة النقــــــض
الدائــرة الجنائيـة
الاثنين " ج "

ـــــ

 برئاسة السيد القاضى / محمد حسام الدين الغريانى       نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / عبد الرحمن هيكل ومهاد خليفة وعلى نور الدين الناطورى
                                 نواب رئيس المحكمــة
                                      وعرفة محمد   
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / حاتم حميدة .
وأمين السر السيد / حنا جرجس .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الاثنين 25 من المحرم سنة 1431 هـ الموافق 11 من يناير سنة 2010م .
                                       أصدرت الحكم الآتى :
فـى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 44816 لسنة 72 القضائية .
                                 المرفوع مــن :
النيابــة العامــــة            
                                     ضــد
1 ـ على محمد على عامر
2 ـ محمد أحمد إبراهيم متولى
3 ـ ممدوح حسن عبد الرحيم
4 ـ فتحى راشد شحاتة زيد
5 ـ شعبان فولى سالم عبد العاطى                                
6 ـ محمد محمود بلال عبد الله
7 ـ جمعة محمد على حسانين
8 ـ أحمد يوسف إبراهيم على
9 ـ أمين محفوظ عفيفى محمد                        " مطعون ضدهم "
10 ـ محمود محمد إبراهيم الطويل
11 ـ صابر إبراهيم عبد الرازق حبيب 
                               "  الوقائــــع  "
 اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم فى قضية الجناية رقم 2816 لسنة 2002 مركز العياط ( المقيدة بالجدول الكلى برقم 598 لسنة 2002 الجيزة ) بوصف أنهم فى يومى 19 , 20 من فبراير سنة 2002 بدائرة قسم الأزبكية ومركز العياط بمحافظتى القاهرة والجيزة :
أولاً : المتهمان الأول والثانى : بصفتهما " موظفين عموميين " مهندس وملاحظ الصيانة بورش أبى غاطس بالهيئة القومية لسكك حديد مصر ارتكبا تزوير فى محرر رسمى هو سجل استعداد القطارات بجعلها واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن أثبتا فيه خلافاً للحقيقة صلاحية القطار رقم 832 المتجه من القاهرة إلى أسوان للتحرك واستيفائه لوسائل الوقاية مـن الحريق .
ثانياً : المتهمين جميعاً : 1ـ تسببوا بخطئهم فى وفاة 361 شخصاً من ركاب القطار رقم 832 المتجه من القاهرة إلى أسوان وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم وعدم مراعاتهم للقوانين والقرارات واللوائح بأن تقاعس المتهمون من الثامن حتى الأخير عن تزويد ذلك القطار بالعدد الكافى من أجهزة إطفاء الحريق والتأكد من صلاحية الموجود به منها وسمح الأول والثانى بتحرك القطار بعد أن أثبتا بسجل استعداد القطارات ـ خلافاً للحقيقة ـ صلاحيته للسير رغم عدم استيفائه لوسائل الإطفاء المشار إليها بينما قعد المتهمون من الثالث حتى السابع عن اتخاذ الإجراءات التى تقتضيها طبيعة عملهم فى الحد من زيادة عدد الركاب الذين اقترب عددهم من الأربعة آلاف راكب تكدست بهم عربات القطار والتأكد من صلاحية وسائل إطفاء الحريق الذى نشب من جراء إشعال مصدر ذو لهب وحال تكدس الركاب دون استخدام أى من المتهمين الآخرين لفرامل الطوارئ فاستمر القطار فى سيره مشتعلاً ما يقرب من خمس عشرة دقيقة مما ساهم فى سرعة انتشار النيران فى عرباته وقد تضافرت أخطائهم سالفة الذكر فى التسبيب فى إصابة المجنى عليهم بالإصابات الواردة بالتقاريـر الطبيـة الشرعيـة والتى أودت بحياتهـم .
2ـ تسببوا بخطئهم فى إصابة 66 من ركاب القطار سالف الذكر وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم وعدم مراعاتهم للقوانين والقرارات واللوائح على النحو الوارد بوصف التهمة السابقة فترتب على ذلك إصابة المجنى عليهم بالإصابات الواردة بالتقارير الطبية المرفقة . 
3ـ بصفتهم موظفين عموميين " موظفين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر " تسببوا بخطئهم فى إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التى يعملون بها وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم فى أداء وظيفتهم وإخلالهم بواجباتهم على النحو الوارد بوصف التهمة السابقة الأمر الذى ترتب عليه تفاقم حادث حريق القطار المملوك لجهة عملهم ونتج عن ذلك تلف سبع من عرباته تبلغ قيمتها مليون وستمائة وواحد وثلاثين ألف جنيه . ثالثاً : المتهمين من الثامن حتى الأخير : بصفاتهم سالفة الذكر ومعهود إليهم بصيانة مال من الأموال العامة واستخدامه أهملوا فى تزويد القطار رقم 832 بعدد كاف من اسطوانات الإطفاء لاستخدامهـا فى حالات الطوارئ ولم يتحققوا من صلاحية الموجود منها على نحو عطل الانتفاع بها مما عرض سلامة الركاب للخطر وقد ترتب على هذا الإهمال وقوع حادث حريق القطار الذى نجم عنه وفاة وإصابة أكثر من أربعمائة شخص .    
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد و الوصف الواردين بأمر  الإحالة .
وادعى مختار على على مهدى مدنياً قبل وزير النقل والمواصلات ورئيس هيئة سكك حديد مصر والمتهمين جميعاً بإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ اثنين مليون ومائة ألف جنيه على سبيل التعويض النهائى .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 29 من سبتمبر سنة 2002 عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية .
فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض فى 28 من أكتوبر سنة 2002 وقدمت مذكرة بأسباب الطعن فى التاريخ ذاته موقعاً عليها من مستشار بها . 
     وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .    
المحكمــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
        من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما الأول والثانى من جريمة التزوير فى محرر رسمى والمطعون ضدهم من الثامن حتى الأخير من جريمة الإهمال فى صيانة واستخدام مال عام معهود به إليهم وبراءة المطعون ضدهم جميعاً من جرائم التسبب بخطئهم فى إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التى يعملون بها والقتل والإصابة الخطأ قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بـأن ما ساقه من أسباب للبراءة هى عين الأدلة التى حشدتها النيابة العامة وقدمتهم بها للمحكمة , وتساند الحكم فى قضائه ببراءة المطعون ضدهما الأول والثانى من تهمة التزوير إلى أنهما غير مختصين بالتحقيق من سلامة وفاعلية طفايات الحريق مرتكناً إلى ما شهد به ناظر محطة أبو غاطس بجلسة المحاكمة من أنه هو الذى أضاف لفظة " مما جميعه " بسجل استعدادات القطارات وهو وبفرض صحة تلك الشهادة  لا يؤثر فى قيام جريمة التزوير مطرحاً ما شهد به كبار المسئولين بهيئة السكك الحديدية من أن المطعون ضدهما الأول والثانى هما المسئولين من التحقق من سلامة وصلاحية طفايات الحريق ومتخذاً مما أسفرت عنه معاينة المحكمة من تردى حالة القطار وعدم وجود وسائل إطفاء كافية وصالحة سبباً للبراءة رغم أنه فى حقيقته يعد دليلاً للإدانة بتهمة التزوير التى تحقق مناطها بما أثبته المطعون ضدهما الأول والثانى من توافر مقومات صلاحيـة قطـار الحـادث , كمـا خـلا الحكـم مـن اطلاع المحكمـة علـى المستند المزور , ونفى الحكم مسئولية المطعون ضدهم عن الحادث معولاً على ما أسماه قوة قاهرة قاصداً زيادة عدد الركاب وازدحامهم فى القطار مقرراً أن ذلك أثر بالسلب على أعمال الصيانة داخل الورش كما حال بين المطعون ضدهم وقيامهم بأعمالهم رغم تسليم الحكم بأن زيادة عدد الركاب يرجع بالفائدة عليهم إذ تزيد حصيلة الغرامات والتى يحصلون على نسبة منها الأمر الذى ينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن الواقعة , فضلاً عن أن ما أورده فى مدوناته من تقريرات قانونية خاطئة من أن المطعون ضدهم لا يسألون إلا عن الخطأ المباشر فى جريمتى القتل والإصابة الخطأ كان له أثره فيما انتهى إليه من نفـى مسئوليتهم عن الحادث , هذا ولم يعرض الحكم لاعتراف المطعون ضدهم من الثالث حتى السابع , وأخيراً فقد اطرح الحكم تقرير اللجنة المشكلة للوقوف على أسباب الحادث واقتحم مسائل فنية ما كان له أن يقضى فيها ويحل نفسه محل الخبير , مما يعيبه بما يوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى كما صورها الاتهام وأورد الأدلة التى ساقتها النيابة العامة خلص إلى أن التهم الموجهة إلى المطعون ضدهم محل شك للأسباب التى أوردها والتى أفصح بها عن عدم اطمئنان المحكمة لأدلة الاتهام . لما كان ذلك , وكان من المقرر أنه يكفى فى المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفى ورجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الاتهام , وكان تقدير أقوال الشهود وكافة الأدلة الأخرى متروكاً لمحكمة الموضوع  تنزله المنزلة التى تراها بغير معقب , ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن تبينت واقعة الدعوى وأقوال الشهود الإثبات فيها واستعرضت أدلتها وأحاطت بكافة عناصرها عن بصر وبصيرة أسست قضاءها ببراءة المطعون ضدهم إلى عدم الاطمئنان إلى أدلة الثبوت وخلصت إلى ذلك بالأسباب السائغة التى ساقتها وهو ما يدخل فى سلطتها بغير معقب عليها , وكان لا يصح النعى على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضى الموضوع وما يطمئن إليه ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله , ومن ثم فإن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم فى هذا الصدد إنما ينصرف إلى تقدير الدليل وهو ما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك , وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ 25 من مايو سنة 2002 أنه أثبت بها أن " المحكمة فضت حرز الأوراق الخاص بالقضية " فى حضور المطعون ضدهم والمدافعين عنهم وترافع بعد ذلك الحاضرين معهم فى جلسات تالية ثم صدر الحكم المطعون فيه والذى ورد فى مدوناته ما وضح من الاطلاع على تلك الأوراق , وكان لم يفت المحكمـة فى هذه الدعوى ـ على نحو ما سلف ـ القيام بهذا الإجراء , فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك , وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم فى حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام , ولا يعيب الحكم وهو يقضى بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من اعتراف المطعون ضدهم من الثالث حتى السابع بما نسب إليهم يشير إلى ثبوت الاتهام ما دامت قد قطعت فى أصل الواقعة وتشككت فى صحة إسناد التهم إلى المتهمين لأن فى إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها لم تر فيها ضمناً ما تطمئن معه إلى إدانتهم فاطرحتها , ومن ثم فإن ما تعتصم به النيابة العامة فى هذا الخصوص لا يكون قويماً . أما ما تأخذه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من خطئه فيما ذهب إليه من انتفاء مسئولية المطعون ضدهم عن جريمتى القتل والإصابة الخطأ لأنهم لا يسألون إلا عن الخطأ المباشر فإنه لا يجديها لأن تعييب الحكم بخطئه فى القانون ـ بفرض صحته ـ لا يكون منتجاً ما دام أنه قد تساند إلى دعامات أخرى صحيحة تكفى لحمله . لما كان ذلك , وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير , شأنه فى ذلك شأن سائر الأدلة , وكانت المحكمة قد اطرحت تقرير اللجنة الفنية للأسباب السائغة التى أوردتها وخلصت ـ فى حدود سلطتها التقديرية ـ إلى أن أوراق الدعوى خالية مـن دليـل يكشـف عـن سبب الحـادث والذى صار مجهولاً , وكان تقدير الأدلة من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بلا معقب من محكمة النقض , ولا تلتزم  بالالتجاء إلى أهل الخبرة إلا فى المسائل الفنية البحتة التى يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها , فإن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم فى هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .                                                                                
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق