الصفحات

الأربعاء، 6 مارس 2019

الطعن 15083 لسنة 61 ق جلسة 14 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ق 53 ص 388

جلسة 14 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم فرج نائبي رئيس المحكمة ومحمد إسماعيل موسى ومصطفى محمد صادق.
-------------
(53)
الطعن رقم 15083 لسنة 61 القضائية
 (1)إثبات "بوجه عام". تزوير "الاشتراك في التزوير". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. يكفي لثبوته اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقاداً سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
 (2)وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". اشتراك.
التعديل بإضافة مادة تعريفية دون تعديل في وصف التهمة أو الوقائع المرفوعة بها الدعوى يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع.
حق المحكمة في إسباغ الوصف الصحيح على الواقعة. دون لفت نظر الدفاع. ما دامت الواقعة المادية التي اتخذتها أساساً لوصفها هي بذاتها الواقعة الواردة بأمر الإحالة.
 (3)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تزوير "أوراق رسمية".
تحصيل الحكم أقوال الشاهد بأن محضر التصديق مزور بطريق الاصطناع. ولم يصدر عن المأمورية المنسوب إليها إصداره. ولم ينقل عنه ما ذهب إليه الطاعن من أن الشاهد امتنع عن التصديق على العقد لعدم اختصاصه المكاني. النعي عليه بالخطأ في الإسناد. غير سليم.
 (4)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بطلانه". بطلان
إيراد الحكم نقلاً عن كتاب الضابط المختص في وحدة المرور عبارة دون تشكك في صحة الأختام في حين أن حقيقتها أنه يتشكك في صحة الأختام. خطأ مادي. غير مؤثر في منطقه. ما دام أقام قضاءه على أسباب غير متناقضة.
العبرة في الأحكام بالمعاني لا بالألفاظ والمباني
 (5)حكم "بطلان الحكم" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
------------
1 -  من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - على السياق المتقدم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ومن ثم يضحي ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض
2 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بإضافة المادة 42 من قانون العقوبات إلى مواد القيد - على الرغم من عدم انطباقها ودون لفت نظر المدافع عنه إلى ذلك - فإنه - وبفرض صحته - لا يتضمن تعديلاً في وصف التهم أو الوقائع التي رفعت بها الدعوى الجنائية - والتي كانت مطروحة على بساط البحث وجرت مرافعة المدافع عن الطاعن على أساسها - وأن التعديل - كما يسلم الطاعن في أسباب طعنه اقتصر على إضافة المادة 42 من قانون العقوبات وهي في حقيقتها وجوهرها مادة تعريفية تحدد مسئولية الشريك في حالة توافر إحدى حالات امتناع العقاب بالنسبة للطاعن - وهو ما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع. ذلك أن الأصل في أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك. ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً إذ أوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وليس في ذلك خروج في واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم، ولا ينبئ ذلك عن ثمة تناقض أو تضارب وقع فيه الحكم بإضافة المادة سالفة الذكر مع إيراد المادة 42 من ذات القانون التي جرى نصها على تحديد عقوبة الشريك في الجريمة. ومن ثم يضحى هذا النعي في غير محله.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشاهد....... بما مفاده أن محضر التصديق - محل الجريمة مزور بطريق الاصطناع ولم يصدر عن المأمورية المنسوبة إليها إصداره وأن بيانات محضر التصديق الصحيح تغاير ما تضمنه المحرر المزور من بيانات وعن واقعة أخرى. ولم ينقل الحكم على لسانه ما ذهب إليه الطاعن بمقولة أنه - الشاهد المذكور - امتنع عن التصديق على العقد لعدم اختصاصه المكاني. وكان البين من مدونات الحكم أنه قد حصل هذا المعنى منسوباً إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد من قالة الخطأ في الإسناد يكون على غير سند.
4 - لما كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن حقيقة العبارة التي تضمنها كتاب الرائد....... أنه يتشكك في صحة الأختام، وهو ذات المعنى الذي سايره منطق الحكم وهو بذاته ما يتمشى مع العقل ويتسق مع المنطق ذلك أنه لو لم يتشكك الضابط المختص في وحدة المرور في سلامة محضر التصديق لما كان هناك ثمة مدعاة لإبلاغ رئاسته واستكمال التحري والبحث في شأن الواقعة والذي أسفر عن أن ذلك المحرر مزور بطريق الاصطناع وأنه يحمل أختاماً مقلدة. ومن ثم فإن ما أورده الحكم نقلاً عن ذلك الكتاب من عبارة دون تشكك في صحة الأختام لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي الغير مؤثر في منطق الحكم وسلامة استدلاله ما دام أنه قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية لحمل قضائه. وذلك لما هو مقرر من أن العبرة في الأحكام هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني. ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن بدوره غير مقبول.
5 - لما كانت صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة وأقام الحكم قضاءه عليها مفادها أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر لم يوقعا على ذلك المحرر وأن شخصاً آخر قد وقعه نيابة عنهما. وأن هذا القول ورد على لسان الطاعن والمتهم الآخر في التحقيقات، ولا يماري الطاعن في سلامة ما حصله الحكم من أقواله والمتهم الآخر في هذا الخصوص، فإن ما أورده الحكم من بيانات محضر التصديق محل التزوير من توقيع الطاعن والمتهم الآخر على ذلك المحضر يكون بمثابة إفراغ لفحوى المحرر دون أن يقطع في صحة هذين التوقيعين وصدورهما عن المنسوب إليهما وذلك من عدمه. ولا ينبئ عن تناقض أو اضطراب في الحكم. وذلك لما هو مقرر من أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أولاً: وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير محرر رسمي هو عقد بيع السيارة الرقمية....... ملاكي الإسكندرية المنسوب توثيقه إلى مكتب الوايلي برقم...... لسنة....... بأن اتفقا معه على ذلك وساعداه في ذات بأن قدماً إليه البيانات المطلوب إثباتها فدونها بالمحرر ووقع عليها بإمضاءات نسبها زوراً للموظفين المختصين بتلك الجهة وبصمها ببصمتي خاتم شعار الجمهورية الخاص بمأمورية توثيق الوايلي والخاتم الكودي لذات المأمورية. ثانياً: قلدا بواسطة الغير خاتمين الأول هو خاتم شعار الجمهورية الخاص بمأمورية توثيق الوايلي والثاني الخاتم الكودي لذات المأمورية بأن اصطنعاهما على غرار الخاتمين الصحيحين واستعمالهما بأن بصما بهما على المحرر المزور موضوع التهمة الأولى مع علمهما بتقليدهما ثالثاً: المتهم الأول (الطاعن) استعمل المحرر المزور موضوع التهمة الأولى بأن قدمه لوحدة مرور الوايلي مع علمه بتزويره على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للطاعن وغيابياً للآخر عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41/ 1، 42، 206/ 3، 4 ،211، 212، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل منهما بالحبس لمدة سنة مع الشغل عما أسند إليهما ومصادرة المحرر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه وكل من الأستاذين..... و..... المحاميان نيابة عن المحكوم عليه ذاته في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في التزوير وتقليد أختام إحدى الجهات الحكومية، واستعمال محرر مزور مع علمه بتزويره قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتعسف في الاستنتاج والتناقض والاضطراب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد. ذلك بأنه جاء قاصراً في التدليل على توافر عناصر الاشتراك في حقه واتخذ من مجرد تمسكه بالمحرر وتقديمه لوحدة المرور دليلاً على علمه بتزويره ورتب على ذلك توافر الاتفاق بينه والمحكوم عليه الآخر مع الفاعل الأصلي المجهول على ارتكاب التزوير برغم عدم صلاحيته بذلك لإثبات الاتفاق الذي لا ترشح له ظروف الواقعة وتنبئ في حقيقتها - وكما أوردها الحكم - عن عدم تحقق جريمة التزوير، واستند الحكم في رفض دفاعه القائم على انتفاء القصد الجنائي لديه إلى أدلة الثبوت المعول عليها في حين أنه ليس من شأنها إثبات علمه بالتزوير كما وأن ما تساند إليه الحكم في هذا الشأن - لا يؤدي إلى توافر هذا العلم - وأورد الحكم المادة 42 من قانون العقوبات ضمن مواد القيد على الرغم من عدم إدراجها ضمن مواد الإحالة - دون أن تلفت المحكمة نظر الدفاع إلى ذلك فضلاً عن عدم انطباقها على الواقعة وخلا الحكم من بيان سنده في ذلك هذا إلى أن تطبيق حكم هذا المادة 41 من القانون آنف الإشارة ينبئ عن اضطراب فكرة الحكم في خصوص تكييف الواقعة، وأورد الحكم نقلاً عن الشاهد....... الموثق بمأمورية الشهر العقاري أن امتناعه عن التصديق على العقد يرجع إلى عدم اختصاصه المكاني في حين أن ذلك القول لم يرد على لسانه، والتفت الحكم عما أثاره المدافع عن الطاعن بشأن الاختصاص المكاني وأنه خاص بتسجيل العقارات، وحصل الحكم من كتاب الرائد....... الموجه إلى إدارة المرور عبارة "دون تشكك في صحة الأختام المبصوم بها محضر التصديق خلافاً إلى ما ورد به من تشككه في صحة الأختام" وأورد الحكم في مقام الرد على دفاع الطاعن سداده للرسم المقرر - خلافاً للثابت في الأوراق الذي يظاهره خلو محضر الجلسة من إثبات ثمة ملاحظات بشأن السداد لدى فض الحرز. وبينما أورد الحكم في عدة مواضع منه أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر لم يوقعا على العقد فإذ به يذهب إلى عكس ذلك في موضع آخر منه. وذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى في قوله "أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من مطالعة أوراقها وما دار بشأنها بالجلسة تتحصل في أن المتهم الأول........ - الطاعن - اشترى من المتهم الثاني........ المقيم بمدينة الإسكندرية السيارة رقم....... ملاكي الإسكندرية وأراد أن ينقل إليه ملكية تلك السيارة واستخراج ترخيص تسييرها باسمه فتوجه صحبه المتهم الثاني لمأمورية الوايلي للشهر العقاري للتصديق على عقد بيع السيارة المحرر بينهما إلا أن الموظف المختص بذلك امتنع عن التصديق على ذلك العقد لعدم اختصاصه المكاني بذلك حيث إن الاختصاص ينعقد لمأمورية الشهر العقاري الذي يقع بدائرته محل إقامة البائع، فما كان من المتهمين إلا أن سلما العقد المذكور إلى شخص آخر مجهول واتفقا معه على تزوير محضر يفيد التصديق عليه بمعرفة مأمورية الوايلي للشهر العقاري، وأمده كل منهما ببياناته فاصطنع ذلك المجهول محضر التصديق رقم.... لسنة.... ودون البيانات التي أمده بها المتهمان ووقع عليه بإمضاءات نسبها زوراً للموظفين المختصين بالمأمورية السالفة وبصمه ببصمته لخاتم شعار الجمهورية مقلد نسبه زوراً لذات الجهة السابقة وأخرى لخاتم كودي نسبه هو الآخر زوراً لها وقدم المتهم الأول - الطاعن - ذلك العقد لوحدة مرور الوايلي وهو عالم بتزوير محضر التصديق آنف الذكر لاستخراج ترخيص السيارة باسمه" أورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها استمدها مما تضمنه كتاب وحدة مرور الوايلي، وما أثبته رئيس وحدة مباحث شرق القاهرة في محضره ومما شهد به........ الموثق بمأمورية الوايلي للشهر العقاري، وما تضمنته تلك المأمورية وما ثبت من تقرير شعبة فحص التزوير والتزييف بالمعمل الجنائي ومن أقوال المتهمين في التحقيقات - التي حصلها بما يتفق وما أورده في بيان الواقعة - وسجل الحكم على لسان الطاعن والمتهم الآخر قولهما في التحقيقات، أنهما إذ توجها إلى مأمورية توثيق الشهر العقاري بالوايلي للتصديق على عقد شراء الطاعن للسيارة من المتهم الثاني - وإزاء رفض الموظف المختص اتخاذ هذا الإجراء بمقولة أنه غير مختص مكانياً - تقابلاً مع أحد الأشخاص في الطريق أبدى استعداده لإنجاز هذا العمل - فسلماه العقد وعاد إليهما بعد برهة قصيرة وقدمه إليهما موثقاً - وأضافا أنهما لم يوقعا على ذلك العقد وتولى ذلك الشخص توقيعه نيابة عنهما. واستدل الحكم من تلك الأقوال المنسوبة للطاعن والمتهم الآخر - والتي لا يماري الطاعن في صدورها عنه وأن لها أصلها الثابت في الأوراق. على ثبوت علمهما بتزوير ذلك المحرر بالإضافة إلى باقي الأدلة الأخرى القائمة في الدعوى. ثم عرض الحكم لدفع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه (قصد التزوير) وخلص إلى رفضه استناداً إلى إقرار الطاعن بعدم التوقيع على هذا العقد لدى التصديق عليه - برغم وجوب ذلك كإجراء أساسي من إجراءات التصديق ومن عدم تقديمه ما يدل على سداد الرسم المقرر مقابل التصديق على المحرر والذي ثبت تزويره لعدم صدوره عن مأمورية الشهر العقاري المنسوب إليها فإن في هذا ما يكفي للتدليل على اشتراكه في التزوير وذلك لما هو مقرر من أن - الاشتراك يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - على السياق المتقدم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بإضافة المادة 42 من قانون العقوبات إلى مواد القيد - على الرغم من عدم انطباقها ودون لفت نظر المدافع عنه إلى ذلك - فإنه - وبفرض صحته - لا يتضمن تعديلاً في وصف التهم أو الوقائع التي رفعت بها الدعوى الجنائية - والتي كانت مطروحة على بساط البحث وجرت مرافعة المدافع عن الطاعن على أساسها - وأن التعديل - كما يسلم الطاعن في أسباب طعنه اقتصر على إضافة المادة 42 من قانون العقوبات وهي في حقيقتها وجوهرها مادة تعريفية تحدد مسئولية الشريك في حالة توافر إحدى حالات امتناع العقاب بالنسبة للطاعن - وهو مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع. ذلك أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك. ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً إذا أوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وليس في ذلك خروج في واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم، ولا ينبئ ذلك عن ثمة تناقض أو تضارب وقع فيه الحكم بإضافة المادة سالفة الذكر مع إيراد المادة 41 من ذات القانون التي جرى نصها على تحديد عقوبة الشريك في الجريمة. ومن ثم يضحى هذا النعي في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشاهد....... بما مفاده أن محضر التصديق - محل الجريمة مزور بطريق الاصطناع ولم يصدر عن المأمورية المنسوب إليها إصداره وأن بيانات محضر التصديق الصحيح تغاير ما تضمنه المحرر المزور من بيانات وعن واقعة أخرى. ولم ينقل الحكم على لسانه ما ذهب إليه الطاعن بمقولة أنه - الشاهد المذكور - امتنع عن التصديق على العقد لعدم اختصاصه المكاني. وكان البين من مدونات الحكم أنه قد حصل هذا المعنى منسوباً إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد من قالة الخطأ في الإسناد يكون على غير سند. لما كان ذلك. وكان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن حقيقة العبارة التي تضمنها كتاب الرائد........ أنه يتشكك في صحة الأختام، وهو ذات المعنى الذي سايره منطق الحكم وهو بذاته ما يتمشى مع العقل ويتسق مع المنطق ذلك أنه لو لم يتشكك الضابط المختص في وحدة المرور في سلامة محضر التصديق لما كان هناك ثمة مدعاة لإبلاغ رئاسته واستكمال التحري والبحث في شأن الواقعة والذي أسفر عن أن ذلك المحرر مزور بطريق الاصطناع وأنه يحمل أختاماً مقلدة. ومن ثم فإن ما أورده الحكم نقلاً عن ذلك الكتاب من عبارة دون تشكك في حصة الأختام لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي الغير مؤثر في منطق الحكم وسلامة استدلاله ما دام أنه أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية لحمل قضائه. وذلك لما هو مقرر من أن العبرة في الأحكام هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني. ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن بدوره غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين أن الحكم المطعون فيه في مقام رده على دفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه لم يتساند في رفضه له إلى سداد الطاعن للرسم المقرر - بل أنه على العكس من ذلك قد أورد أنه لم يقدم ما يفيد سداد الرسم المقرر مقابل التصديق على العقد. ذلك بالإضافة إلى القرائن الأخرى المستمدة من ظروف الواقعة وملابساتها فإنه من ثم يكون ما زعمه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح - لما كان ذلك وكانت صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة وأقام الحكم قضاءه عليها مفادها أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر لم يوقعا على ذلك المحرر وأن شخصاً آخر قد وقعه نيابة عنهما. وأن هذا القول ورد على لسان الطاعن والمتهم الآخر في التحقيقات، ولا يماري الطاعن في سلامة ما حصله الحكم من أقواله والمتهم الآخر في هذا الخصوص، فأن ما أورده الحكم من بيانات محضر التصديق محل التزوير من توقيع الطاعن والمتهم الآخر على ذلك المحضر ويكون بمثابة إفراغ لفحوى المحرر دون أن يقطع في صحة هذين التوقيعين وصدورهما عن المنسوب إليهما وذلك من عدمه. ولا ينبئ عن تناقض أو اضطراب في الحكم. وذلك لما هو مقرر من أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق