الصفحات

الأربعاء، 6 مارس 2019

الطعن 10553 لسنة 61 ق جلسة 7 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ق 47 ص 347


جلسة 7 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة وبهيج حسن القصبجي.
----------
(47)
الطعن رقم 10553 لسنة 61 القضائية

(1) اشتراك. إثبات "بوجه عام". اتفاق. اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. للقاضي الاستدلال عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ويستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر الاشتراك في جناية اختلاس أموال أميرية.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها. مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(3) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي أطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل واستنباط المحكمة لمعتقدها. غير جائز أمام النقض.
 (4)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". استدلالات.
التفات المحكمة عن دفاع الطاعن ببطلان إجراءات الاستدلالات. التي لم يستند الحكم إلى أي منها. لا عيب.
 (5)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". استدلالات. مأمور الضبط القضائي
حق مأمور الضبط القضائي في القيام بإجراءات الاستدلالات دون إذن.
عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان.
 (6)تفتيش "التفتيش بغير إذن". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". 
الدفع ببطلان التفتيش شرع للمحافظة على المكان. ليس لغير حائزه أن يبديه ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
حضور المتهم إجراءات التفتيش ليس شرطاً لصحتها.
(7) استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
منازعة الطاعن في شأن أقواله وباقي المتهمين بمحضر جمع الاستدلالات. لا تقبل. متى كان الحكم لم يعول في إدانته على ما تضمنته هذه الأقوال وخلا محضر جلسة المحاكمة من دفاع له في هذا الخصوص.
 (8)دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً كفاية أن يستفاد الرد عليه من الأدلة التي عولت عليها المحكمة.
(9) محاكم أمن الدولة. اختصاص "اختصاص محاكم أمن الدولة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الاختلاس من الجرائم التي تختص بها محاكم أمن الدولة العليا أساس ذلك؟
إثارة الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لأول مرة أمام النقض. غير جائز. ما لم يكن مدونات الحكم تظاهره. علة ذلك؟
 (10)نقض "المصلحة في الطعن".
عدم قبول أوجه الطعن التي لا تتصل بشخص الطاعن.

------------
1 - من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية وأن القاضي الجنائي حر في أن يستمد عقيدته بشأنه من أي مصدر. وله أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره. وأن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به - كما هو الحال في هذه الدعوى - إذ استدل الحكم على توافر الاشتراك في حق الطاعن في ارتكاب جريمة الاختلاس من اتفاقه مع المتهم الأول الذي كان يعمل أميناً لمخازن هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية على اختلاس بعض المهمات المملوكة لتلك الجهة نظير بعض المبالغ النقدية اختص بها المتهم الأول والمتهمين الآخرين المنوط بهما أعمال الحراسة بمخازن الجهة المذكورة وتم إنفاذ هذا الاتفاق بنقل تلك الأشياء إلى مكان آخر لحساب الطاعن وقد أورد الحكم الأدلة والقرائن السائغة التي توصل منها إلى هذا الاستنتاج، فإن ذلك من الحكم بحسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضائه.
2 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل جزئية يثيرها إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ومن ثم يضحي ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب غير سديد.
3 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بها وأن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه فإن ما يثيره الطاعن في شأن إطراح المحكمة للمستند المقدم منه تدليلاً على شرائه المضبوطات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفى استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بإدانة الطاعن أدلة الثبوت التي أوردها والتي استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن إقرار المتهمين الأول والثاني في التحقيقات ومن المعاينة التي أجرتها النيابة العامة للمضبوطات. ولم يستند في قضائه إلى ثمة إجراء من الإجراءات السابقة على التحقيقات وهي جميعها في حقيقتها من إجراءات الاستدلالات والتحري عن الجرائم ومرتكبها التي يوجبها القانون على مأموري الضبط القضائي في حدود اختصاصهم فإنه لا جناح على المحكمة التفاتها عما أثاره الطاعن من أوجه دفاعه المنصبة على بطلان إجراءات الاستدلالات، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أشار صراحة إلى رفض هذه الأوجه من بعد اطمئنانه إلى أدلة الثبوت التي ساقها وهي سائغة وكافية لحمل قضائه.
5 - إن ما ذهب إليه الطاعن من نعي على الحكم المطعون فيه بالتفاته عن الدفع ببطلان تفتيش المخزن تأسيساً على تمام هذا الإجراء في غيبته وفى غير حضور صاحبه فإن البين مما أورده الحكم المطعون فيه في بيان الواقعة وإيراد الأدلة أن ثمة تفتيش لم يجر لذلك المخزن وإن واقعة ضبط الأشياء محل الجريمة به كانت على أثر مواجهة صاحبه بما توصلت إليه معلومات الضابط من اتفاق الطاعن مع المتهمين الآخرين على اختلاس تلك الأشياء ونقلها إلى ذلك المخزن وهو ما أقر به صاحب المخزن ذاته فإن هذا الإجراء بهذه المثابة من إجراءات الاستدلالات التي يحق لمأمور الضبط القضائي القيام بها دون حاجة إلى إذن مسبق من سلطة التحقيق، ولا على المحكمة إن هي أعرضت عن تناوله إيراداً ورداً بفرض إبدائه في مذكرة دفاعه لأنه بمثابة دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستوجب رداً على المحكمة عليه.
6 - من المقرر أن الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على المكان ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه فإن لم يثيره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بطريق التبعية وإذ كان الطاعن يسلم بعدم ملكيته أو حيازته للمخزن المقول بتفتيشه فإنه لا يقبل منه الدفع ببطلان تفتيشه لانتفاء صفته في التمسك به وبالإضافة إلى ذلك فإن القانون لم يجعل من حضور المتهم لإجراءات التفتيش شرطاً جوهرياً لصحتها ولا يرتب البطلان على مخالفتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
7 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول عليه في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين - كما أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار ثمة منازعة في هذا الخصوص. فإن منازعته في هذا الأمر وإثارته أمام محكمة النقض تفتقر إلى سند قبولها.
8 - الدفع بتلفيق التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة. بما يفيد إطراحها لكافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان إطراحها.
9 - لما كانت صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة وأطمأن إليه وجدانها مستخلصة من أدلة الثبوت التي أوردها وعددها الحكم المطعون فيه تتوافر بها أركانها جريمة الاختلاس التي دين الطاعن بالاشتراك فيها. وأن هذه الجريمة من الجرائم التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وكان الطاعن لم يزعم أنه قد دفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وكانت مدونات الحكم - على ما سلف بيانه - قد خلت مما يظاهر هذا الدفع - فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لما يتطلبه من تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
10 - الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه. فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى قضائه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة على المتهم الأول. يكون غير مقبول.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ...... 2 - ...... 3 - ...... 4 - ...... (طاعن) بأنهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً من الأمناء على الودائع (........) بالهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية إحدى الهيئات العامة) اختلس المهمات المبينة الوصف بالأوراق والبالغ قيمتها خمسون ألف جنيه والمملوكة للهيئة سالفة الذكر والمسلمة إليه بسبب وظيفته وصفته سالفتي البيان. المتهمون الثاني والثالث والرابع: - اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق المتهم الرابع معه على أن يقوم ببيعها إليه وإخراجها من المخزن وتسليمها له فقام المتهم الأول بإخراجها من المخزن وتسليمها إليه وساعده في ذلك المتهمان الثاني والثالث بأن سمحا بخروج هذه المهمات بالمخالفة للتعليمات والإجراءات الخاصة كما ساعد المتهم الرابع في نقلها بسيارة أحضرها الأخير وقد تمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة - وأحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للطاعن وغيابياً لباقي المتهمين عملاً بالمواد 40، 41، 112/ 1، 2/ أ، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته أولاً: بمعاقبة....... بالأشغال الشاقة المؤبدة ثانياً: - بمعاقبة كل من.....، .....، ..... بالسجن لمدة ثلاث سنوات - ثالثاً: بتغريم المتهمون الأربعة خمسين ألف جنيه رابعاً بعزل المتهمين الثلاثة الأول من وظائفهم
فطعن المحكوم عليه الرابع في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والبطلان ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك بأنه لم يدلل على توافر أركان جناية الاختلاس المسندة إلى المتهم الأول ولم يستظهر قصد الاشتراك فيها لدى الطاعن ومدى علمه بملكية المضبوطات للجهة المجني عليها وأن المتهم الأول من العاملين بها ومن الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة وهو مما قام عليه دفاعه المستند إلى المستند المقدم منه تدليلاً على أن المضبوطات مشتراة من المتهم الأول بصفته مديراً لإحدى الشركات الأجنبية بمناسبة تصفية أعمالها وبيع مخلفاتها. بيد أن الحكم تناوله برد قاصر لا يؤدى إلى إطراحه ودون أن تعنى المحكمة بتمحيص المستندات المقدمة تأييدا لهذا الدفاع. وأعرض الحكم عن أوجه دفعه ودفاعه المبداة بجلسة المحاكمة والمذكرة المقدمة منه ببطلان إجراءات التحقيق والقبض والتفتيش لتمامها بمعرفة أحد الضباط - برغم أنها من اختصاص سلطة التحقيق دون إذن مسبق من النيابة العامة وفى غير إحدى حالات التلبس فضلاً من عدم حضور صاحب المخزن والطاعن إجراءات تفتيشه هذا إلى أن الأقوال المنسوبة للطاعن وباقي المتهمين بمحضر جمع الاستدلالات كانت وليدة إكراه بقصد تلفيق الاتهام لهم بالإضافة إلى أن الواقعة فيما لو صحت - من اختصاص محكمة الجنح - وتخرج عن اختصاص محكمة أمن الدولة العليا باعتبار أن المال محلها مملوك لإحدى الشركات الأجنبية ولا يندرج تحت وصف المال العام كما أن عمال الجهة المجني عليها كانوا منتدبين للعمل قبل الشركة بصفة مؤقتة ولا يعدوا من الموظفين العموميين. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه عاقب المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة رغم أن الجريمة المسندة إليه لا ترتبط بجريمة تزوير في محرر أو استعماله. ذلك كله يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه خلال شهر أغسطس سنة 1988 علم النقيب....... ضابط مباحث قسم المعادي أن........ يقوم بتخزين بعض المهمات الخاصة بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية في مخزنه وإذ واجهه بذلك قرر له أن....... - الطاعن - حصل على تلك الأشياء من المتهم الأول....... أمين مخزن الهيئة بمنطقة المعادي نظير بعض المبالغ - وإنه قام بنقلها إلى مخزنه خلال شهري إبريل ومايو سنة 1988 - فقام الضابط بضبطها وتبين أنها مملوكة للهيئة المذكورة ومحظور تداولها بالأسواق وتبلغ قيمتها خمسين ألف جنيه وإنها كانت في عهدة المتهم الأول وتم التصرف فيها بالاتفاق مع الحارسين على الموقع المتهمين الثاني والثالث للطاعن لقاء مبالغ مالية. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من شهادة كل من النقيب...... و...... مدير إدارة النقل بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية وما قرره المتهمان الأول والثاني بالتحقيقات وما تضمنته أقوال كل من....... و....... بالتحقيقات، ومما ثبت من معاينة المضبوطات وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. ولا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - تتوافر به أركان جناية الاشتراك في الاختلاس التي دين الطاعن بها كما عناها القانون. إذ البين أن المال محلها مال عام وأن المتهم الأول....... من الأمناء على الودائع العاملين بالجهة المجني عليها وهي إحدى الهيئات العامة للدولة وقد سلمت إليه الأشياء محل الجريمة بهذه الصفة. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية وأن القاضي الجنائي حر في أن يستمد عقيدته بشأنه من أي مصدر. وله أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره. وأن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به - كما هو الحال في هذه الدعوى - إذ استدل الحكم على توافر الاشتراك في حق الطاعن في ارتكاب جريمة الاختلاس من اتفاقه مع المتهم الأول الذي كان يعمل أميناً لمخازن هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية على اختلاس بعض المهمات المملوكة لتلك الجهة نظير بعض المبالغ النقدية اختص بها المتهم الأول والمتهمين الآخرين المنوط بهما أعمال الحراسة بمخازن الجهة المذكورة وتم إنفاذ هذا الاتفاق بنقل تلك الأشياء إلى مكان آخر لحساب الطاعن وقد أورد الحكم الأدلة والقرائن السائغة التي توصل منها إلى هذا الاستنتاج، فإن ذلك من الحكم بحسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ولا على المحكمة إن هي التفتت عما ذهب إليه الطاعن من انتفاء علمه بملكية الأشياء محل الجريمة للهيئة المجني عليها أو أن المتهم الأول من العاملين بها ومن الأمناء على الودائع وقد سلمت إليه تلك المهمات بهذه الصفة وذلك لما هو مقرر من أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل جزئية يثيرها إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ومن ثم يضحي ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بها وأن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه فإن ما يثيره الطاعن في شأن إطراح المحكمة للمستند المقدم منه تدليلاً على شرائه المضبوطات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفى استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بإدانة الطاعن على أدلة الثبوت التي أوردها والتي استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن إقرار المتهمين الأول والثاني في التحقيقات ومن المعاينة التي أجرتها النيابة العامة للمضبوطات. ولم يستند في قضائه إلى ثمة إجراء من الإجراءات السابقة على التحقيقات وهى جميعها في حقيقتها من إجراءات الاستدلالات والتحري عن الجرائم ومرتكبها التي يوجبها القانون على مأموري الضبط القضائي في حدود اختصاصهم فإنه لا جناح على المحكمة التفاتها عما أثاره الطاعن من أوجه دفاعه المنصبة على بطلان إجراءات الاستدلالات، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أشار صراحة إلى رفض هذه الأوجه من بعد اطمئنانه إلى أدلة الثبوت التي ساقها وهي سائغة وكافية لحمل قضائه. أما ما ذهب إليه الطاعن من نعى على الحكم المطعون فيه بالتفاته عن الدفع ببطلان تفتيش المخزن تأسيساً على تمام هذا الإجراء في غيبته وفى غير حضور صاحبه فإن البين مما أورده الحكم المطعون فيه في بيان الواقعة وإيراد الأدلة أن ثمة تفتيش لم يجر لذلك المخزن وإن واقعة ضبط الأشياء محل الجريمة به كانت على إثر مواجهة صاحبه بما توصلت إليه معلومات الضابط من اتفاق الطاعن مع المتهمين الآخرين على اختلاس تلك الأشياء ونقلها إلى ذلك المخزن وهو ما أقر به صاحب المخزن ذاته فإن هذا الإجراء بهذه المثابة من إجراءات الاستدلالات التي يحق لمأمور الضبط القضائي القيام بها دون حاجة إلى إذن مسبق من سلطة التحقيق، ولا على المحكمة إن هي أعرضت عن تناوله إيراداً ورداً بفرض إبدائه في مذكرة دفاعه لأنه بمثابة دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستوجب رداً من المحكمة عليه. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على المكان ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه فإن لم يثيره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بطريق التبعية وإذ كان الطاعن يسلم بعدم ملكيته أو حيازته للمخزن المقول بتفتيشه فإنه لا يقبل منه الدفع ببطلان تفتيشه لانتفاء صفته في التمسك به وبالإضافة إلى ذلك فإن القانون لم يجعل من حضور المتهم لإجراءات التفتيش شرطاً جوهرياً لصحتها ولا يرتب البطلان على مخالفتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول عليه في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين - كما أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار ثمة منازعة في هذا الخصوص. فإن منازعته في هذا الأمر وإثارته أمام محكمة النقض تفتقر إلى سند قبولها. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة. بما يفيد إطراحها لكافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان إطراحها. لما كان ذلك وكانت صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة واطمأن إليه وجدانها مستخلصة من أدلة الثبوت التي أوردها وعددها الحكم المطعون فيه تتوافر بها أركان جريمة الاختلاس التي دين الطاعن بالاشتراك فيها. وأن هذه الجريمة من الجرائم التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وكان الطاعن لم يزعم أنه قد دفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وكانت مدونات الحكم - على ما سلف بيانه - قد خلت مما يظاهر هذا الدفع - فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لما يتطلبه من تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه. فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى قضائه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة على المتهم الأول. يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق