الصفحات

الخميس، 21 فبراير 2019

الطعن 1906 لسنة 52 ق جلسة 28/ 12/ 1982 مكتب فني 33 ق 217 ص 1061


جلسة 28 من ديسمبر سنة 1982
برياسة السيد المستشار/ محمد يونس ثابت نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فوزى المملوك، راغب عبد الظاهر، عبد الرحيم نافع ومحمد حسن.
-----------------
 (217)
الطعن رقم 1906 لسنة 52 القضائية

1 - رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
جريمة عرض الرشوة. مالا يؤثر في قيامها؟
2 - رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. قانون "تفسيره" "تطبيقه".
مخالفة واجبات الوظيفة في مفهوم المادة 104 عقوبات؟
3 - رشوة. جريمة "أركانها". اختصاص. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
دخول الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها في نطاق وظيفته مباشرة. غير لازم. كفاية أن يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة. وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس. مثال لتسبيب غير معيب.
4 - غرامة. عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
عقوبة الغرامة المنصوص عليها بالمادة 109 مكرر عقوبات. ماهيتها؟ 
وجوب الحكم بها على كل متهم على انفراد.
مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ في القانون. مثال.

-----------------
1 - من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة عرض الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون المرتشي جادا في قبوله الرشوة متى كان عرضها جديا في ظاهره وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي.
2 - استهدف المشرع من النص في المادة 104 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولا عاما أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها.
3 - ليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد أتجر معه على هذا الأساس.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق المتهم الأول أنه بناء على اتفاقه مع الطاعن الثاني عرض على الشاهد "المبلغ" وهو موظف عام أن يمنحه مبلغا من المال لقاء إنجاح ولدى الطاعن الأول - واستظهر الحكم أن عمل المبلغ عضو بلجنة الكنترول وأنه له من الاختصاص قدر في رصد درجات الناجحين يسمح له بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وقد سلم الطاعنان في مذكرة أسباب طعنهما بهذا القدر من الاختصاص كما ذكر المتهم الأول بمحضر جلسة المحاكمة أنه أجرى اتصاله بالمجنى عليه عندما أكد له علمه بالرقم السرى لما كان ذلك - فان ما قارفه - المتهم الأول يعد إخلالا بواجبات وظيفته في حكم المادة 104 من قانون العقوبات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فانه يكون قد أعمل حكم القانون على وجهه الصحيح.
5 - متى كان يبين من المادة 109 مكررا من قانون العقوبات - التي دين المطعون ضدهم بها أن نصها قد جرى على النحو التالي "من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه اذا كان الغرض حاصلا لموظف عام. فاذا كان العرض حاصلا لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تتجاوز مائتي جنيه" مؤدى هذا النص أن الغرامة المقررة هي الغرامة العادية إذ هي محددة بحدين يتعين التزامهما وليست محدد بنسبة الضرر المترتب على الجريمة أو الفائدة التي تحصل عليها الجاني أو كان يأمل الحصول عليها - فهي ليست من قبيل الغرامات النسبية ومن ثم يتعين وفقا للمادة 44 من قانون العقوبات أن يحكم بها على كل متهم على انفراد - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم المطعون ضدهم متضامنين دون تفريد قدر لكل منهم - فانه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه طبقا للمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من تغريم المطعون ضدهم ألف جنيه بالتضامن بينهم - وتصحيحه بتغريم كل من المطعون ضدهم خمسمائة جنيه عن التهمة المسندة إلى كل منهم بالإضافة إلى العقوبات المحكوم بها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كل من 1 - ..... 2 - ..... 3 - .... بأنهم: - أولا - المتهم الأول.... عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرض بواسطة المتهم الثاني.... على ..... عضو لجنة كنترول الثانوية العامة بالمنصورة مبلغ 700 ج (سبعمائة جنيه) مقابل العمل على نجاح ولديه في امتحان شهادة الثانوية العامة بمجموع مرتفع ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة ثانيا: - المتهمان الثاني والثالث...... و...... اشتركا مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة الرشوة سالفة الذكر بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفقا معه على ارتكابها وعرفه المتهم الثالث بالمتهم الثاني الذى حدد قيمة الجعل المطلوب بمبلغ ألفى جنيه أرسله المتهم الأول إليه مع المتهم الثالث الذى حرر ورقة بيانات الطالبين قام المتهم الثاني بتسليمها إلى الموظف العمومي ومبلغ 700 ج (سبعمائة جنيه) قيمة الجعل السابق اتفاقه عليه معه مقابل الإخلال بوظيفته، فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة، أمرت بإحالتهم لمحكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/ 2، 3، 41/ 1 و140 و109 مكررا و110 من قانون العقوبات المعدل بالقانونين رقمي 69 لسنة 1953 و120 لسنة 1962. ومحكمة أمن الدولة العليا بالمنصورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع أعمال المواد 17، 27، 55/ 1، 56/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمهم متضامنين مبلغ 1000 ج (ألف جنيه) وعزل كل من...... و...... من وظيفتيهما لمدة سنتين ومصادرة مبلغ الرشوة وقدره 700 ج (سبعمائة جنيه) وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم الحكم عن التهمة لهم.
فطعن الأستاذ....... المحامي عن المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة
حيث إن مبنى طعن المحكوم عليهما. هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الأول منهما بجريمة عرض الرشوة والثاني بالاشتراك فيها. فقد شابه البطلان والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن الدفاع عن الطاعنين دفع ببطلان إجراءات الضبط وبطلان الدليل المستمد منها بما في ذلك أقوال شاهد الإثبات المبلغ ورجال الرقابة واعتراف المتهم الأول لتدخل أعضاء الرقابة الإدارية في خلق الجريمة والتحريض عليها - بدلالة ما شهد به المبلغ بالجلسة من أنه استدرج المتهم الأول وأغراه قبل ضبط الواقعة على السير في إتمام الجريمة إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع وعول في إدانته رغم ذلك على أقوال للمجنى عليه ورجال الرقابة وأقوال المتهم الأول هذا إلى أنه يجب لقيام جريمة عرض الرشوة أن يكون الغرض منها مما يدخل في اختصاص الموظف الذى عرضت عليه الرشوة وهو ما ليس قائما في الدعوى الراهنة - إذ أن وظيفة المبلغ لا تسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة. وذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي عرض الرشوة والاشتراك فيها، التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المبلغ...... وعضوي الرقابة الإدارية ومن ضبط إيصال الأمانة بمبلغ الرشوة والورقة المحررة بخط الطاعن الثاني والمبلغ المضبوط بمسكن المتهم...... ومن اعتراف هذا الأخير، وهى أدلة سائغة ولها أصلها من الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعنان في طعنهما بشأن تدخل أعضاء الرقابة الإدارية وأطرحه في قوله "أن الشاهد الأول المبلغ قرر صراحة بالتحقيقات وبالجلسة أن المتهم الأول كان جادا في عرضه قبل أن يصل الأمر إلى الرقابة الإدارية" وقد أيده المتهم المذكور في اعترافه في هذا الشأن، وجدية العرض لا يمكن أن تصدر إلا عن إرادة حرة وطليقة بريئة من شبهة الاستدراج خاصة وأن الرقابة الإدارية لم تظهر على ساحة العملية إلا بعد أن تم العرض وقوبل بالموافقة الظاهرية مما تقع به الجريمة. ومن ثم فان انزلاق المتهم الأول إلى الجريمة لم يكن نتيجة تحريض أو استدراج وإنما كان وليد إرادة تامة وصميمة ولم يتعد دور الرقابة الإدارية بالنسبة له وضع الترتيبات اللازمة التي من شأنها ضبطه وباقي الجناة متلبسين بالجريمة لتمامها". لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة عرض الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون المرتشي جادا في قبوله الرشوة متى كان عرضها جديا في ظاهره وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي فان الحكم إذ عول في إدانة الطاعن على أقوال الشهود والمتهم الثاني لها أصلها في الأوراق كما بان من مطالعة المفردات لا يكون قد فسد استدلاله ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين في شأن عدم اختصاص المبلغ بتنفيذ العرض من الرشوة وأطرحه في قوله "ولا يؤثر في الأمر ما أثاره الدفاع بشأن استحالة قيام المبلغ بتنفيذ سبب الرشوة أي العمل المطلوب منه وهو رفع درجات ولدى المتهم الثاني (الطاعن الأول) ذلك أن ما طلب من المبلغ يعتبر إخلالا بواجبات وظيفته كما وصفته سلطة الاتهام..." ولا شك أن قيام المبلغ عضو الكنترول بأي عمل لتنفيذ المطلوب منه لصالح صاحب الحاجة الراشي وهو رفع درجات ولديه سواء بنفسه عند رصد الدرجات كما قرر وكيل الكنترول أو بتدخل لدى زملائه العاملين في الكنترول يعتبر خروجا منه عن الواجبات العامة التي تفرضها عليه طبيعة وظيفته بالكنترول ..... هذا بالإضافة إلى أنه لا يشترط أن يكون الموظف هو المختص وحده بالعمل الوظيفي الذى كان الغرض من أجله وإنما يكفى أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له من الناحية العملية بتنفيذ الغرض من الرشوة وأن يكون من عرض الرشوة قد أتجر معه على هذا الأساس - لان القانون لا يشترط لقيام جريمة الرشوة تحقق السبب من الرشوة وهو هنا أداء العمل بل يعاقب عليها لاحتمال القيام بهذا السبب... وقد قرر وكيل الكنترول وهو المرجع في تحديد حقيقة اختصاص المبلغ أنه لا يستطيع بمفرده القيام بالعمل وان كان له جزء من الاختصاص في عمل الكنترول وهو الرصد والتبيض ولا مشاحة في أن هذا القدر من الاختصاص يجعل له اتصالا بالعمل المتصل بالرشوة يسمح له بتنفيذ الغرض المقصود منها لما كان ما أورده الحكم فيما تقدم سديدا ويتفق مع صحيح القانون فقد استهدف المشرع من النص في المادة 104 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولا عاما أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها وليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد أتجر معه على هذا الأساس ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق المتهم الأول أنه بناء على إيقافه مع الطاعن الثاني عرض على الشاهد "المبلغ" وهو موظف عام أن يمنحه مبلغا من المال لقاء إنجاح ولدى الطاعن الأول - واستظهر الحكم أن عمل المبلغ عضو بلجنة الكنترول وأنه له من الاختصاص قدر في رصد درجات الناجحين يسمح له بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وقد سلم الطاعنان في مذكرة أسباب طعنهما بهذا القدر من الاختصاص كما ذكر المتهم الأول بمحضر جلسة المحاكمة أنه أجرى اتصاله بالمجنى عليه عندما أكد له علمه بالرقم السرى لما كان ذلك - فان ما قارفه - المتهم الأول يعد إخلالا بواجبات وظيفته في حكم المادة 104 من قانون العقوبات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فانه يكون قد أعمل حكم القانون على وجهه الصحيح. لما كان ما تقدم فان الطعن المقدم من المحكوم عليهما يكون متعينا رفضه.
وحيث إن مبنى طعن النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه قضى بتغريم المتهمين الثلاثة مبلغ ألف جنيه بالتضامن بينهم - مع أن عقوبة الغرامة الواردة في المادة 109 مكرر من قانون العقوبات هي عقوبة عادية مما يلزم تفريدهما بمبلغ محدد على كل متهم على حده.
وحيث إن البين من المادة 109 مكرر من قانون العقوبات - التي دين المطعون ضدهم بها أن نصها قد جرى على النحو التالي "من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه اذا كان الغرض حاصلا لوظف عام. فاذا كان العرض حاصلا لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تتجاوز مائتي جنيه" مؤدى هذا النص أن الغرامة المقررة هي الغرامة العادية إذ هي محددة بحدين يتعين التزامها وليست محددة بنسبة الضرر المترتب على الجريمة أو الفائدة التي تحصل عليها الجاني أو كان يأمل الحصول عليها - فهي ليست من قبيل الغرامات النسبية ومن ثم تعين وفقا للمادة 44 من قانون العقوبات أن يحكم بها على كل متهم على انفراد - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم المطعون ضدهم متضامنين دون تفريد قدر لكل منهم - فانه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه طبقا للمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من تغريم المطعون ضدهم ألف جنيه بالتضامن بينهم - وتصحيحه بتغريم كل من المطعون ضدهم خمسمائة جنيه عن التهمة المسندة إلى كل منهم بالإضافة إلى العقوبات المحكوم بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق