الصفحات

الأحد، 3 فبراير 2019

الطعن 1889 لسنة 32 ق جلسة 8 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 1 ص 10


برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر, وعبد الحليم البيطاش, ومختار مصطفى رضوان, ومحمد صبري.
-----------
- 1  دعوى مدنية. شيك بدون رصيد.
ولاية المحاكم الجنائية بالنسبة إلى الحكم بالتعويضات المدنية. هي ولاية استثنائية. حدودها. تعويض ضرر شخصي مترتب على الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، ومتصل بها اتصالا مباشرا. الأفعال الأخرى غير المحمولة على الجريمة. لا ولاية للمحاكم الجنائية بالحكم بالتعويضات عنها: ولو كانت متصلة بالواقعة محل المحاكمة، لانتفاء علة التبعية. مثال: شيك اسمي بدون رصيد: تظهيره - بالطريق التجاري - من المستفيد إلى المدعي بالحقوق المدنية. لا تقبل الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي. علة ذلك؟
من المقرر أن ولاية المحاكم الجنائية بالنسبة إلى الحكم بالتعويضات المدنية هي ولاية استثنائية تقتصر على تعويض ضرر شخصي مترتب على الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية ومتصل به اتصالا سببياً مباشراً ولا تتعداها إلى الأفعال الأخرى غير المحمولة على الجريمة ولو كانت متصلة بالواقعة التي تجري المحاكمة عنها لانتفاء علة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية فإذا كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المسندة إلى أحد المتهمين تعتبر أنها وقعت أصلاً على المتهم الآخر - الذي حرر الشيك باسمه - والذي اقتصر دوره على تظهيره إلى المدعي بالحقوق المدنية "الطاعن" تظهيراً ناقلاً للملكية بالطريق التجاري، على غير مقتضى القانون، وكان الطاعن لم يصبه ضرر ناشئ عن هذه الجريمة ومتصل بها اتصالا سببياً مباشراً وهو شرط قبول دعواه أمام المحاكم الجنائية فلا تكون له صفة في المطالبة بالتعويض أمام القضاء الجنائي، ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بعدم قبول الدعوى المباشرة المرفوعة من الطاعن لهذا السبب صحيحاً في القانون.
- 2  دعوى مدنية. شيك بدون رصيد.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. قاصرة على العلاقة بين الساحب والمستفيد. الشيك الاسمي. غير معد للتداول بالطرق التجارية، بل بطريق الحوالة المدنية.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب، وذلك يصدق على الشيك الاسمي فيخضع لحكم المادة 337 عقوبات، إلا أن ذلك مقصور على العلاقة بين الساحب والمستفيد تقديراً بأن الجريمة إنما تتم بهذه الأفعال وحدها دون غيرها من الأفعال التالية لذلك وأنها لا تقع إلا على من تحرر الشيك باسمه، ولما كان الشيك الاسمي غير معد للتداول بالطرق التجارية بل بطريق الحوالة المدنية، ويقتصر استعماله على الحالة التي يجب فيها تحصيل قيمته بمعرفة المستفيد فإن الحكمة من العقاب تكون منتفية في هذه الحالة.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من آخر والمطعون ضده بأنهما في 30 يونيه و30 يوليه سنة 1960 بدائرة قسم الأزبكية: أعطيا المدعي المدني "الطاعن" شيكات لا يقابلها رصيد قائم قابل للسحب. وطلبت عقابهما بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. كما أقام المدعي بالحقوق المدنية "الطاعن" هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة الأزبكية الجزئية ضد نفس المتهمين قائلا بأن المتهم الأول أعطاه ثلاث شيكات سحبها المتهم الثاني "المطعون ضده" على بنك..... الأول بتاريخ 30 مايو سنة 1960 والثاني بتاريخ 30 يونيه سنة 1960 والثالث بتاريخ 30 يوليه سنة 1960. وقد تسلم المتهم الأول قيمة هذه الشيكات الثلاثة وقدرها ثلاثة آلاف جنيه منه، وأن المتهم الثاني أصدر أمره إلى البنك بعدم صرف تلك الشيكات، وطلب محاكمتهما بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات كما طلب القضاء له قبلهما متضامنين بالمبلغ سالف الذكر، وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة الأزبكية الجزئية وجهت النيابة إلى المتهم الثاني الحاضر تهمة: بأنه في 30 يوليه سنة 1960 أصدر ثلاث شيكات بدون رصيد على بنك...... للمتهم الأول وطلبت عقابه بمادتي الاتهام، كما دفع الحاضر مع المتهم الثاني بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها من غير ذي صفة فضلا عن عدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها. وبجلسة 14/9/1960 قضت المحكمة الجزئية عملا بمادتي الاتهام غيابيا للمتهم الأول وحضوريا للمتهم الثاني: أولا ـ بعدم قبول الدعوى المدنية المقامة من المدعي المدني وبعدم قبول الدعوى الجنائية المرفوعة مباشرة وألزمت المدعي المدني المصاريف المدنية. ثانيا ـ وفي الدعوى الجنائية المقامة من النيابة العامة على المتهم الثاني "المطعون ضده" بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وكفالة خمسون جنيها لوقف التنفيذ. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم الثاني والمدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 7 فبراير سنة 1961 بقبول الاستئنافين شكلا وفي موضوع استئناف المدعي المدني برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعي المدني المصروفات المدنية الاستئنافية، وفي موضوع استئناف المتهم بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته من التهمة المسندة إليه. فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
-------------
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والتناقض والقصور في التسبيب. وفي ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية المرفوعة منه تأسيسا على أنه قصر التعويض المطلوب على قيمة الشيكات موضوع الدعوى وهو ما لا ولاية للمحاكم الجنائية بالحكم به مع أنه طالما كانت المطالبة بقيمة الشيك في ذاتها مشروعة وكان أساسها تعويض الضرر الذي لحق الطاعن من جراء إيقاف صرف هذه الشيكات والذي قدره بقيمتها على الأقل كما يبين من صحيفة الدعوى والمذكرات المقدمة منه فإن دعواه تكون مقبولة دون اعتبار لتسمية التعويض المطلوب بأن قيمته الشيكات أو ما يقابلها. وقد شاب الحكم المطعون فيه التناقض والقصور, ذلك أنه وقد انتهى إلى عدم قبول الدعوى المدنية تأسيسا على أن المطالبة بقيمة الشيكات تخرج من ولاية محكمة الجنح فقد كان عليه ألا يتعرض لما ذكره عن تظهير الشيكات وما يرتبه من حقوق للحامل ومدى حقه في رفع الدعوى على الساحب ثم الإدلاء برأيه في ذلك. كذلك فقد خالف الحكم القانون فيما تزيد به في هذا الصدد بقوله إن المدعى المدني ليس له أن يوجه دعواه ضد الساحب لأن الشيكات صادرة باسم شخص غيره فتعتبر شيكات اسمية لا يصح تحويلها إليه إلا بالطريق المدني بإخطار المدين أو بقبوله مع أنه ما دام الشيك وقد استوفى الأوضاع الشكلية المقررة له ولم ينص فيه على أنه غير قابل للتداول حتى يكون هناك محل لتطبيق قواعد الحوالة المدنية فإن تحويله إلى الغير ينتج آثاره القانونية بالنسبة للمحول إليه سواء أكان الشيك اسميا أو لحامله. كما لم يعن الحكم أيضا بالتحدث عن توجيه الدعوى إلى المحيل الذي كان ممثلا في الخصومة ولم يقل كلمته فيما ادعاه الساحب من أنه دفع قيمة الشيكات إلى المستفيد بعد صدور الحكم بالإدانة بالرغم من دلالة ذلك على علمه بتحويل الشيكات إلى الطاعن وأحقيته وحده في قبض قيمتها وبالتالي توافر سوء النية لديه. وقد خالف الحكم القانون أيضا بقضائه بعدم جواز تحريك النيابة للدعوى العمومية بالطريق الذي ملكته لأن المتهم كان قد أبدى دفعه بعدم قبول الدعوى قبل توجيهها ولأنه لم يثبت في محضر الجلسة أنه قبل المحاكمة بعد توجيه التهمة إليه مع أن مؤدى نص المادة 232/2 من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة لا تتقيد بوقت أو بشرط معين في استعمال حقها في توجيه التهمة إلى المتهم الحاضر. أما من قبوله فإن الأصل في الإجراءات الصحة وما دام محضر الجلسة خلوا من إثبات أي اعتراض على هذا الأمر فإن مفاد ذلك أن المتهم قبل المحاكمة. وقد أخطأ الحكم فيما استطرد إليه تزيدا بما لا يتفق وقضاؤه بعدم قبول الدعوى المرفوعة من النيابة بقوله إن امتناع البنك عن صرف قيمة الشيكات كان مؤسسا على أنها شيكات اسمية وغير قابلة للتحويل مما من شأنه عدم توافر القصد الجنائي في حقه مع أن القضاء مستقر على أن الجريمة تتحقق بمجرد صدور الأمر من الساحب بعدم الدفع ولو كان ذلك لسبب مشروع فيكون المتهم مسئولا عن إصداره الأمر بعدم صرف الشيكات بما يوفر الجريمة في حقه دون اعتبار لم أبداه البنك من أسباب تعليلا لعدم الصرف, وهذا كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما محصله أن الطاعن أقام دعواه بالطريق المباشر قبل المتهمين وذكر في صحيفتها أن المتهم الثاني أعطى المتهم الأول ثلاث شيكات باسمه قيمتها ثلاثة آلاف جنيه وقد حولها المتهم الأول إليه بعد قبض قيمتها منه ثم أوقف المتهم الثاني صرفها وأنه ترتب على أعمالهما غير المشروعة الإضرار به ضررا يقدره بمبلغ الثلاثة آلاف جنيه المدفوعة منه على أقل تقدير, وطلب معاقبتهما بالمادتين 336, 337 من قانون العقوبات, والحكم بإلزامهما متضامنين بدفع التعويض المطلوب وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة, وبعد أن أبدى المتهم الثاني دفعا بعدم قبولها, أقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية في مواجهة المتهم الثاني "المطعون ضده" طالبة عقابه بمواد الاتهام ثم قضت محكمة أول درجة غيابيا للمتهم الأول وحضوريا للمتهم الثاني بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية المقامتين من المدعي بالحق المدني وبحبس المتهم الثاني لمدة ستة أشهر مع الشغل وذلك في الدعوى الجنائية المقامة من النيابة. فاستأنف المتهم الثاني والمدعي بالحق المدني ذلك الحكم, وقضت المحكمة الاستئنافية حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفي موضوع استئناف المدعي المدني برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وفي موضوع استئناف المتهم الثاني بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مما نسب إليه
وحيث إنه من المقرر أن ولاية المحاكم الجنائية بالنسبة إلى الحكم بالتعويضات المدنية هي ولاية استثنائية تقتصر على تعويض ضرر شخصي مترتب على الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية ومتصل به اتصالا سببيا مباشرا لا تتعداها إلى الأفعال الأخرى غير المحمولة على الجريمة ولو كانت متصلة بالواقعة التي تجري المحاكمة عنها لانتفاء علة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية. كما أن من المتفق عليه أنه وإن كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب, إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات وأن ذلك يصدق على الشيك الاسمي فيخضع لحكم المادة 337 من قانون العقوبات باعتباره مستوفيا للشكل وذلك إذا أصدره الساحب دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب أو سحب الرصيد كله أو بعضه أو أمر بعدم صرفه, إلا أن ذلك مقصور على العلاقة بين الساحب والمستفيد تقديرا بأن الجريمة إنما تتم بهذه الأفعال وحدها دون غيرها من الأفعال التالية لذلك وأنها لا تقع إلا على الشخص الذي تحرر الشيك باسمه. لما كان ذلك, وكان الشيك الاسمي غير معد للتداول بالطرق التجارية بل بطريق الحوالة المدنية, ويقتصر استعماله على الحالة التي يجب فيها تحصيل قيمته بمعرفة المستفيد فإن الحكمة من العقاب تكون منتفية في هذه الحالة. ولما كانت الجريمة موضوع هذه الدعوى المسندة إلى المتهم الثاني تعتبر أنها وقعت أصلا على المتهم الأول الذي اقتصر دوره على تظهير هذه الشيكات إلى الطاعن تظهيرا ناقلا للملكية بالطريق التجاري على غير مقتضى القانون, وكان الطاعن لم يصبه ضرر ناشئ عن هذه الجريمة ومتصل بها اتصالا سببيا مباشرا وهو شرط قبول دعواه أمام المحاكم الجنائية فلا تكون له صفة في المطالبة بالتعويض أمام القضاء الجنائي, ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول دعوى الطاعن المقامة ضد المتهمين لهذا السبب, صحيحا في القانون ولا جدوى بعد ذلك من بحث ما أثاره الطاعن في باقي أوجه طعنه من أمور تتعلق بالدعوى الجنائية التي لا يقبل منه النعي على الحكم الصادر فيها أصلا أو من أمور تتصل بدعواه الغير مقبولة ولا صفة له في التحدث عنها
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة عملا بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1956 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق