الصفحات

الاثنين، 17 ديسمبر 2018

إلزام المطابع الأميرية بنشر الجريدة الرسمية والوقائع المصرية إلكترونياً مجاناً

باسم الشعب
محكمة القضاء الإدارى
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم الثلاثاء الموافق 24/6/2014
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامى رمضان محمد درويش نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر أبو الدهب يوسف نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ إسلام توفيق الشحات مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبدالله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتى فى الدعوى رقم 63089 لسنة 66 ق
المقامة من
1- إبراهيم عبد العزيز عبد الحميد سعودى
2- علاء أحمد سميح منازع
ضـــد
1- رئيس الجمهورية “بصفته”
2- رئيس مجلس الوزراء “بصفته”
3- وزير العدل “بصفته “
4- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية “بصفته”
“الوقائع”
أقام المدعيان الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 26/9/2012 وطلبا فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المدعى عليهم السلبى بالإمتناع عن توفير أعداد الجريدة الرسمية وملحقها ” الوقائع” بأعداد كافية نسبياً تحت طلب الجمهور ، وكذلك نشرها إلكترونياً على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” نشراً عاماً بغير مقابل مادى يتيح للمخاطبين بأحكام القانون والقرارات التى استلزم المشرع نشرها لتيسير الإطلاع عليها والعلم بمحتواها ، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإلزام الجهة الإدارية المصاريف.
وذكر المدعيان شرحا للدعوى أنهما توجها إلى منفذ بيع المطبوعات الحكومية التابعة لهيئة المطابع الأميرية بميدان الأوبرا للحصول على أعداد الجريدة الرسمية وملحقها “الوقائع المصرية” للإطلاع على القوانين والقرارات المنشورة بهما ، فأفاد العاملون بمنفذ البيع بأن توزيع الجريدة الرسمية وملحقها يقتصر على المشتركين فقط وانه حتى يمكن الحضصول عليها يلزم الإشتراك بمبلغ خمسمائة جنيه سنوياً على أن يستلم المشترك الأعداد من مقر الهيئة ، وعندما طلبا من المختص بالهيئة الإطلاع ععلى الموقع الإلكترونى الذى تنشر عليه الجريدة الرسمية علما بأن ذلك لا يتم إلا بعد سداد اشتراك مالي وأن الهيئة سترسل للمشترك التشريعات والقرارات على بريده الإلكترونى ، وأنهما اطلعا على موقع الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” فتبين لهما أن المنشور هو فهرس بأرقام وعناوين التشريعات والقرارات بينما يقتصر مضمونها على أصحاب الاشتراكات فقط ، وأضاف المدعيان أنهما تقدما بطلب إ‘لى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية بتاريخ 12/9/2012 لتوفير أعداد الجريدة الرسمية وملحقها “الوقائع المصرية” بأعداد كافية وفقاً للتوزيع الجغرافى ولطرهحا بمنافذ البيع بتكلفتها الفعلية بجميع أنحاء الجمهورية ووضعها تحت طلب الجمهور دون قصرها على المشتركين ، وكذلك نشرها نشراً عاماً على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” حتى يمكن للمخاطبين بأحكام القوانين والقرارات الإطلاع عليها والعلم بها ، إلا أن تابعية امتنعوا عن استلام الطلب فقاما بإنذار المدعى عليهم بمضمون طلبهما بتاريخى 23، 24/9/2012 ، وقد امتنع المدعى عليهم عن إجابة طلبهما الأمر الذى يشكل قراراً سلبياً بالإمتناع عن أمر أوجبه القانون ، ونعى المدعيان على القرار المطعون فيه مخالفة القانون لأن الغرض من نشر القوانين والقرارات هو إقامة الفرصة للعلم وأن عدم توفير أعداد الجريدة الرسمية وملحقها إلا باشتراكات لا يتحقق معه العلم . كما أن جهة الإدارة انحرفت بسلطتها وانحرفت عن الغاية والهدف من النشر بقصرها العلم على من يشترك لدى الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ، وفى ختام الصحيفة طلب المدعيان الحكم بطلباتها المشار إليها.ً
ونظرت المحكمة الدعوى على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات ، حيث أودع المدعيان حافظة مستندات ومذكرة دفاع ، وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع دفعت فيها بعدم قبول الدعوى فى مواجهة المدعى عليهم من الأول إلى الثالث ، وأودعت الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ثلاث حوافظ مستندات ومذكرة دفاع ، وبجلسة 28/5/2013 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانوني رأت فيه الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى وإلزام المدعيين المصاريف.
ونظرت المحكمة الدعوى بجلسة 13/5/2014 حيث حضر الخصوم وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم مع التصريح بإيداع مذككرات خلال ثلاثة أسابيع ، وفى الأجل المحدد أودع المدعيان مذكرة بدفاعهما ، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمـة
*******
بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع المرافعات ، وبعد المداولة.
من حيث إن المدعيين يهدفان إلى الحكم أولاً: بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى للهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية بالإمتناع عن توفير أعداد الجريدة الرسمية وملحقها “الوقائع المصرية” بأعداد كافية فى جميع أنحاء الجمهورية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها توفير الأعداد الورقية من الجريدة الرسمية والوقائع المصرية فى جميع أنحاء الجمهورية وتيسير بيعها لمن يطلبها دون إشتراط الإشتراك فى شرائها مقدماً . 
ثانياً: بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الهيئة العامة لشئون المطابع الآميرية بقصر الإطلاع على ما ينشر بالجريدة الرسمية والوقائع المصرية على موقع الهيئة على شبكة المعلومات الدولية ” الإنترنت ” على المشتركين بمقابل نقدى مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إتاحة الإطلاع على التشريعات والقرارات التى تنشر بالجريدة الرسمية والوقائع المصرية على موقع الهيئة للجميع مجاناً . 
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى فى مواجهة المدعى عليهم من الآول إلى الثالث فإن الهيئة العامة لشئون المطابع الآميرية تتمتع بالشخصية الإعتبارية طبقاً لنص المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 312 لسنة 1956 بإنشاء هيئة عامة للمطابع ، ويمثلها قانوناً رئيس مجلس إدارة الهيئة طبقاً لنص المادة ( 4) من القرار بالقانون المشار إليه ، لما كان المدعى قد إختصم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير العدل ، ولما كانت الهيئة العامة لشئون المطابع الآميرية هى المختصة بنشر الجريدة الرسمية “الوقائع المصرية ” إلا أن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء يقسمون قبل تولى مناصبهم على إحترام الدستور والقانون طبقاً لنص المادتين 144، 165 من الدستور كما أن مجلس الوزراء يختص طبقاً لنص المادة 162 من الدستور بتنفيذ القانون فمن ثم فإن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء مجلس الوزراء جميعاً بحكم إلتزامهم بتنفيذ أحكام الدستور والقانون عليهم واجب التأكد من نشر القوانين واللوائح وإتاحة العلم بها لجميع المخاطبين بها ويكون رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير العدل من أصحاب هذه الصفة فى هذه الدعوى ، ويتعين رفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى فى مواجهتهم ، وتكتفى المحكمة بالإشارة إلى ذلك فى الأسباب . 
ومن حيث إن الدعوى بالنسبة للقرارين المطعون فيهما إستوفت أوضاعها الشكلية فمن ثم يتعين قبولها شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى بالنسبة للقرار الآول المطعون فيه فإن الدستور المصرى بعد تعديله عام 2014 تضمن النصوص التالية : 
الماده (68) المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفلة الدولة لكل مواطن ، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية ، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها …. كما يحدد عقوبة حجب المعلومات ….”. 
المادة (94): ” سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة وتخضع الدولة للقانون …” 
المادة (225): تنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إصدارها ويعمل بها بعد ثلاثين يوماً من اليوم التالى لتاريخ نشره ، إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر …. ” 
وتضمن قرار رئيس الجمهورية رقم 901 لسنة 1967 بإعادة تنظيم الجريدة الرسمية المعدل بالقرار رقم 1698 لسنة 1974 المواد التالية : 
المادة (1) : ” تنشر بالجريدة الرسمية القوانين والقرارات الصادرة من رئيس الجمهورية ومن السادة نواب رئيس الجمهورية بما يختصون أو يفوضون فيه من السيد رئيس الجمهورية ، كما تنشر بالجريدة الرسمية القرارات الصادرة من رئيس مجلس الوزراء فيما يفوض فيه من رئيس الجمهورية “.
المادة (2) : ” تصدر الجريدة الرسمية إسبوعياً ويجوز فى الحالات العاجلة إصدار أعداد غير عادية من الجريدة الرسمية فى غير المواعيد المقررة ” . 
المادة (3) : ” يكون للجريدة الرسمية ملحق مستقل يسمى الوقائع المصرية ، وتنشر بالوقائع المصرية جميع القرارات عدا ما ذكر فى المادة الآولى وغير ذلك مما تقضى القوانين والقرارات بضرورة نشره “.
وتنص المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 312 لسنة 1956 بإنشاء هيئة عامة للمطابع على أن ” تنشأ هيئة عامة تلحق بوزارة الصناعة يطلق عليها ” الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية والمطابع التابعة لها وجميع المطابع الحومية الأخرى التى تضم لها بقرار من ؤئيس الجمهورية ….”.
ومفاد ما تقدم أن الدستور المصرى بعد تعديله عام 2014 اهتم بإتاحة المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية للمواطنين ، وجعلها ملكاً للشعب واعتبر الإفصاح عنها حقاً من حقوق المواطن. 
وأسند الدستور إلى المشرع الاختصاص بتنظيم ضوابط الحصول عليها وإتاحتها ، وتحديد عقوبة على حجب المعلومات ، وقد سبق أن تقرر هذا الحق بموجب المادة (47) من الدستور قبل تعديله ، وقد سار الدستور على منهج الوثائق الدستورية السابقة بأن نص على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة ، وعلى خضوع الدولة للقانون ، وقاعدة خضوع الدولة للقانون قاعدة شاملة وكلية تمتد إلى سلطات الدولة إلى المواطنين الموجودين على إقليم الدولة ، وقد أوجب الدستور نشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إصدارها ، على أن يعمل بها بعد ثلاثين يوماً من من اليوم التالى لتاريخ نشرها إلا إذا حدد القانون لذلك ميعاداً آخر، واشتراط نشر القوانين تتضمن مادة خاصة بالنشر فى الجريدة الرسمية ، وينظم قرار رئيس الجمهورية رقم 901 لسنة 1967 النشر بالجريدة الرسمية وأوجب أن ينشر بها القوانين والقرارات الصادرة من رئيس الجمهورية ومن نواب رئيس الجمهورية فى المسائل التى يختصون بها أو يفوضون فيها من رئيس الجمهورية وقرارات رئيس مجلس الوزراء فيما يفوض فيه من رئيس الجمهورية ، كما نص القرار المشار إليه على أن تصدر الجريدة الرسمية إسبوعياً وأجاز أن تصدر أعداد غير عادية منها فى غير المواعيد المقررة وذلك فى الحالات العاجلة ، كما نص على أن يكون للجريدة الرسمية ملحق مستقل يسمى الوقائع المصرية ، وينشر بالوقائع المصرية جميع القرارات عدا ما ورد ذكره فى المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 901 لسنة 1967 ، كما ينشر بها من تنص القوانين والقرارات على ضرورة نشره ، وقد تضمنت بعض القوانين نشر قرارات معينة فى الجريدة الرسمية فالقرار بقانون رقم 22 لسنة 2014 بتنظيم الإنتخابات الرئاسية الذى نص على نشر قرارات لجنة الإنتخابات الرئاسية وأسماء المرشحين المقبولين وتنازل أى من المرشحين المقبولين عن الترشح بالجريدة الرسمية.
وقد أنشأ المشرع بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 312 لسنة 1956 الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ومنحها الشخصية الإعتبارية وأسند إليها إداؤرة المطابع الأميرية والمطابع التابعة لها وجميع المطابع الحكومية التى تُضم إليها بقرار من رئيس الجمهورية.
ومن حيث إن نشر القوانين فى الجريدة الرسمية كشرط لتطبيقها قصد منه أن يتحقق علم المخاطبين بها بما يتضمنه من قواعد قانونية واجبة الإتباع والإحترام ، بحيث لا يقبل من أحدهم الإعتذار بجهله بالقانون ، والنص الدستورى الذى يشترط نشر القوانين فى الجريدة الرسمية وكذلك النصوص التى ترد فى القوانين والخاصة بنشرها فى الجريدة الرسمية تلقى على جهة الإدارة الألتزام بنشر كل قانون يصدر بالجريدة الرسمية ، كما تلقى على عائق المخاطبين واجب العلم بما ينشر بالفعل من قوانين ثم الخضوع لأحكامها.
والعلم بالقوانين واللوائح التى تنشر بالجريدة الرسمية أو الوقائع المصرية يستند إلى فكرة العلانية الحكمية أو القانونية ، فلم يشترط الدستور العلم الفعلى بالقوانين لتطبيقها وإنما جعل نشرها بالجريدة الرسمية قرينة على العلم المفترض بها ، وإجراء النص على بنشر القوانين فى الجريدة الرسمية لا يغنى عنه أى إجراء آخر من إجراءات العلانية ، كنشر القانون فى الصحف اليومية أو إذاعة نصوصه فى الإذاعة أو التليفزيون أو تعليق صورة القانون فى الأماكن العامة ، وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بأن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها يعتبر شرطاً لإنبائهم بمحتواها ، ونفاذ القاعدة القانونية يفترض إعلانها من خلال نشرها وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها ، ونشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم الأمر ، والقاعدة القانونية التى لا تنشر لا تتضمن إخطاراً كافياً بمضمونها ، ولا بشترط تطبيقها ، وتتكامل مقوماتها”. حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 3/1/1998 القضية رقم 36 لسنة 18 ق دستورية” 
إلا أن مجرد نشر القانون فى الجريدة الرسمية لا يكفى فى حد ذاته بتحقق على المخاطبين بأحكامه علماً حقيقياً أو حكمياً ، وإنما يلزم لإفتراض هذا العلم واقعاً وقانوناً أن يتم توزيع الجريدة الرسمية التى ينشر فيها القانون بحيث يكون فى مقدور المخاطبين بالقانون الحصول عليها بوصفها وسيلة العلم بالقانون حتى يتاح لهم العلم بمضمون القانون ، فإذا نشر القانون بالجريدة الرسمية وتم حجب أعدادها عن التوزيع فى جميع انحاء الدولة ، أو لم تصل أعداد الجريدة الرسمية لم تتحقق ولا محل فى هذه الأحوال للقول بتحقق العلانية الحكمية بأحكام القانون ، ولا إلزام على المخاطبين بالقانون بالخضوع لأحكامه التى لم يتح لهم الإحاطة والعلم بها ، وقد قضت محكمة النقض بأن افتراض علم الكافة بالقانون ليس بتاريخ طبع الجريدة الرسمية وإنما هو بتاريخ توزيعها” “حكمها فى الطعن رقم 256 لسنة 24 ق جلسة 24/6/1958”
كما قضت محكمة القضاء الإدارى بأن العبرة فى نفاذ القوانين وسريان أحكامها بتاريخ نشرها ى بتاريخ إصدارها ، والنشر عمل مادى يتلو الإصدار ويتم بظهور القانون فى الجريدة الرسمية والغرض منه إبلاغ الجمعور بالقانون ليكون على علم به قبل تطبيقه وهو شرط لازم لإمكان تنفيذ القانون ، وإن نفاذ القوانين رهن بنشرها للجمهور ولجهة الإدارة .” حكمها فى القضية رقم 231 لسنة 2 ق جلسة 3/1/1950″.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعيين تقدما إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية بإنذار بتاريخ 24/9/2012 , كما تقدما بإنذارات مماثلة لباقى المدعى عليهم وطالبا جهة الإدارة بتوفير أعداد الجريدة الرسمية وملحقها الوقائع المصرية بأعداد كافية وفقاً للتوزيع الجغرافى وبطرحها للبيع بتكلفتها الفعلية بجميع أنحاء الجمهورية ووضعها تحت طلب الجمهور ، وبنشر التشريعات إلكترونياً على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” نشراً عاماً يتيح للمواطنين الإطلاع عليها مجاناً وعدم قصر الإطلاع عليها على المشتركين بمقابل نقدى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الهيئة المدعى عليها لم تستجب إلي طلب المدعيين ، كما أن باقى المدعى عليهم بصفاتهم لم يبادروا إلى أى عمل أو إجراء فى هذا الشأن ، وقد تضمن كتاب مدير إدارة التوزيع والإشتراكات بالهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية المؤرخ 31/12/2012 والموجه إلى مدير عام الشئون القانونية بالهيئة والمودع بحافظة المستندات المقدمة من الهيئة بجلسة 15/1/2013 أن قيمة الإشتراكات فى الجريدة الرسمية والوقائع المصرية الآتى:
600 جنية تسلم الأعداد باليد من فرع الهيئة أو فرع الأوبرا . 750 جنيه: ترسل الأعداد بالبريد شهرياً .
850 جنيه : ترسل الأعداد بالبريد أسبوعياً. 950 جنيه : ترسل الأعداد بالبريد كل ستة أيام.
وأنه بالنسبة للأعداد التلا ترسل إلى مراكز البيع لبيعها للجمهور فإنه يتم إرتجاع معظمها لعدم الإقبال عليها ، وأنه يتم طبع 1750 نسخة ” ألف وسبعمائة وخمسون نسخة ” من كل عدد يصدر من الجريدة الرسمية والوقائع المصرية والتوابع حسب كمية التوزيع ، كما تضمنت مذكرة دفاع الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية المودعة بجلسة 15/1/2013 أن الهيئة ذات طابع اقتصادى ومطالبة بتحقيق فائض يؤدى إلى الخزانة العامة ولا يمكن أن تقوم بتوفير أعداد كبيرة من الجريدة الرسمية والوقائع المصرية لتقوم بتوزيعها على جميع أنحاء الجمهورية لأن تكلفة طبعها أضعاف من بيعها وان ذلك يؤدي إلى تعرضها إلى خسائر كبيرة ، كما تضمنت مذكرة دفاع الهيئة أن الدستور نص على أن يتم نشر القوانين فى الجريدة الرسمية إلا أنه لم يحدد أعداد الجريدة ، ولم يلزم الهيئة بتوزيع أعداد كافية بجميع أنحاء الجمهورية. 
ومن حيث إن ما ورد برد الهيئة على الدعوى يكشف عن قصور فهم لأحكام الدستور والقوانين وعن عدم إدراك لوظيفة الهيئة التى أُسند إليها نشر التشريعات فى مصر ، كما يكشف عن أن عملية نشر التشريعات فى مصر لا تتم وفقاً للأصول الواجب إتباعها لتحقيق الغاية من نشر القوانين واللوائح والقرارات واجبة النشر وهو إتاحة العلم بها وتيسيره للمخاطبين بأحكامها ، وأن قصوراً شديداً يشوب عملية نشر التشريعات فى مصر على وجه يعجز المخاطبين بأحكام التشريعات عن العمل بها ، فالغاية من نشر التشريعات واللوائح والقرارات فى الجريدة الرسمية والوقائع المصرية هو إتاحة العلم بها ، وهو الذى لا يتحقق لمجرد النشر وإنما يجب أن يتاح شراء أعداد الجريدة الرسمية والوقائع المصرية ….. وعدم نص الدستور على توزيع أعداد الجريدة الرسمية والوقائع المصرية وإتاحتها للمخاطبين بالتشريعات ، فإذا كان النشر واجباً على جهة الإدارة فإن النشر لا يتم إلا بتوزيع الإعداد المطبوعة وتيسير للمواطنين والقاعدة أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
ومن حيث إن إمتناع الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية عن توفير أعداد الجريدة الرسمية والوقائع المصرية فى جميع أنحاء الجمهورية وتيسير بيعها للمواطنين والمخاطبين بأحكام القانون يشكل مخالفة لأحكام الدستور والقانون ، فالدستور والقوانين تضمنت النص على النشر بالجريدة الرسمية كشرط للعمل بالقوانين ، وهو الأمر الذى يوجب إتاحة وسيلة النشر لجميع المخاطبين بالقوانين ولو أن الدستور كان يقر مسلك الهيئة المدعى عليها فى طبع أعداد محدودة من الجريدة الرسمية والوقائع المصرية وإتاحة الحصول عليها للمشتركين فقط لكان أخذ بطريقة إيداع القوانين لدى الهيئة المدعى عليها دون حاجة لنشرها واستوجب الإطلاع عليها أو الحصول على صورة منها من الهيئة المدعى عليها وهو الأمر الذى لم يأخذ به الدستور وإنما أحذ بطريقة نشر القوانين في الجريدة الرسمية ، كما تضمن كل قانون مادة خاصة بنشره فى الجريدة الرسمية قبل العمل به ، والنشر لا يتحقق بالمعنى المقصود فى الدستور أو فى القوانين إلا بإتاحة وسيلة النشر للكافة ، وعدم حجبها عنه وتيسير حصولهم عليها والإطلاع عليها .
وإدعاء الهيئة المدعى عليها أنها لا تطبع أعداد كافية من الجريدة الرسمية والوقائع المصرية وتقصر بيع ما تطبعه على المشتركين لأنها هيئة ذات طابع إقتصادى ومطالبة بتحقيق فائض يؤول إلى الخزانة العامة هو إدعاء غير سائغ لأن الهيئة المدعى عليها لإدارة مرفق الطباعة بالدولة ، وأسند إليها نشر الجريدة الرسمية والوقائع المصرية وتوزيعها ، وهو عمل مرتبط بسلطة الدولة فى التشريع ، وهى وظيفة سيادية من وظائف الدولة فلا يجوز لها أن تتخلى عن نشر تشريعات إلى شخص من أشخاص القانون الخاص ، وإلا يجوز للهيئة المدعى عليها أن تتنصل من أداء واجبها فى هذا الشأن لسبب يرجع إلى إعتبارات الربح والخسارة ، لأنه إذا قبل من التجار من أشخاص القانون الخاص أن يبنوا قراراتهم على ما يحقق لهم الربح ويخيبهم الخسارة ، فإنه لا يقبل من هيئة عامة قائمة على مرفق عام وتغطى الميزانية العامة أى عجز فى ميزانيتها أن تتقاعس عن تقديم الخدمة العامة للمواطنين خشية خسارة قد تصيبها .
وبالبناء على ما تقدم فإن إمتناع الهيئة المدعى عليها عن توفير أعداد الجريدة الرسمية والوقائع المصرية بأعداد كافية فى جميع أنحاء الجمهورية يشكل قراراً سلبياً مخالفاً لأحكام الدستور والقانون ويتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من أئار أخصها إلزام الهيئة تتوفر الأعداد الورقية من الجريدة الرسمية والوقائع المصرية فى جميع أنحاء الجمهورية وتيسير بيعها لمن يطلبها من المواطنين دون اشتراط الإشتراك فى شرائها مقدماً وعدم قصر توزيعها على فروع الهيئة وإتاحة توزيعها شأن باقى المطبوعات العامة لتصبح فى متناول الجمهور .
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى بالنسبة للطلب الثانى الخاص بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية بقصر الإطلاع على ما ينشر بالجريدة الرسمية والوقائع المصرية على موقع الهيئة شبكة المعلومات الدولية ” الإنترنت ” على المشتركين بمقابل نقدى فإن المادة ( 38 ) من الدسنور تنص على أن ” …. لا يكون إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، ولا يجوز الإعفاء منها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون ……..” 
كما تنص المادة (53) من الدستور على أن : ” المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بسبب .. أو المستوى الإجتماعى ….. أو لأى سبب أخر….. “
ومفاد ما تقدم أن الدستور الحالى – على هدى الوثائق الدستورية المتعاقبة – حظر إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغائها إلا بقانون ، وخطر تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون ، كما كفل المساواة بين المواطنين فى الحقوق والحريات العامة وخطر التمييز بينهم بسبب المستوى الإجتماعى أو لأى سبب أخر .
ومن حيث أن الرسوم العامة تختلف عن الضريبة العامة فى أن الضريبة فريضة مالية يلتزم الشخص بأدائها للدولة مساهمة منه فى التكاليف والأعباء العامة دون أن يعود عليه نفع خاص ولا تفرض الضريبة إلا بقانون أما الرسم العام فإنه مبلغ مالى يحصل جبراً مقابل خدمة عامة محددة يقدمها شخص من أشخاص القانون العام لمن يطلبها ، وفرض الرسم العام يكون فى حدود القانون أى يجب أن يصدر قانون يحدد نوع الخدمة التى يحصل عنها الرسم والحد الأقصى للرسم الجائز تحصيلة مقابل الخدمة العامة.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ذكرت فى مذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 15/1/ 2013 أن الهيئة أنشأت موقعاً إكترونياً على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” منذ عام 2008 وإنها تنشر على الموقع فهرس أعداد الجريدة الرسمية والوقائع المصرية يتضمن رقم العدد ورقم التشريع أو القرار وتاريخ إصداره وتاريح نشره وعنوانه وعدد الصفحات ، أما نشر التشريع أوالقرار كاملاً فإنه يتاح مقابل إشتراك شهرى أو ربع سنوى أو نصف سنوي أو سنوي ويتم إرسال صورة كاملة من العدد اليومى للوقائع المصرية والعدد الإسبوعى للجريدة الرسمية فى يوم اصداره إلى المشتركين فى الموقع الإلكترونى للهيئة .
ومن حيث إن نشر القوانين إلكترونياً على موقع الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت لا يغني عن نشره فى الجريدة الرسمية طبقاً لنص المادة (225) من الدستور هو وسيلة العلم بالقوانين وشرط العمل بها ، ولم ينص الدستور على نشر القوانين إلكترونياً كوسيلة للعلم بها ومن ثم فإن النشر الإلكترونى للتشريعات من قوانين ولوائح وقرارات لا يعدو أن يكون خدمة عامة تقدمها الهيئة المدعى عليها للمواطنين بقصد إتاحة التشريعات للمواطنين .
ومن حيث إن القوانين واللوائح والقرارات التى تعرضها الهيئة المدعى عليها على موقعها الإلكترونى بمقابل لمن المشار إليها والتى تكفل إتاحة المعلومات والوثائق الرسمية للمواطنين وأسندت إلى المشرع تنظيم ضوابط الحصول عليها وإتاحتها ولم يصدر قانون بعد لتنفيذ الأحكام الواردة بتلك المادة يجيز للهيئة المدعى عليها الحصول على مقابل مادي ممن يرغب من المواطنين الإطلاع على التشريعات التى تنشرها الهيئة على موقعها الإلكترونى على شبكة المعلومات الدولية ” الإنترنت ” .
كما أن تحصيل الجهات الإدارية لرسوم عامة مقابل الخدمات العامة التى تؤديها للجمهور ، ينبغي أن تتقيد بنص المادة (38) من الدستور والتى تحظر تكليف أحد برسوم أو بأعباء مالية – غير الضرائب العامة – إلا فى حدود القانون ، ولم يثبت من الأوراق صدور قانون ينظم تقديم الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية خدمة إتاحة التشريعات التى تنشرها الهيئة على موقعها الإلكترونى بمقابل للمخاطبين بأحكام تلك التشريعات ، ويحدد الحد الأقصى للرسم الجائز تحصيلة مقابل هذة الخدمة ، ومن ثم فإن قرار الهيئة المدعى عليها بقصر الإطلاع على ما ينشر بالجريدة الرسمية والوقائع المصرية من قوانين ولوائح وقرارات على الموقع الإلكترونى للهيئة على شبكة المعلومات الدولية على من يدفع مقابلاً نقدياً وحرمان من لا يدفع من الإطلاع على التشريعات المنشورة على الموقع هو قرار يخالف أحكام المادة (38) من الدستور لإخلاله بمبدأ المساواة بين المواطنين إذا يميز بين المواطنين على أساس مقدرتهم المالية فيتيح الإطلاع على التشريعات لمن يملك القدرة على دفع الإشتراك الذى حددته الهيئة ويحرم غير القادرين على الدفع من الإطلاع على التشريعات وذلك دون سند قانونى يبرر تلك التفرقة ، ويتعين الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما يتضمنه من قصر الإطلاع على ما ينشر بالجريدة الرسمية والوقائع المصرية على الموقع الإلكترونى للهيئة المدعى عليها على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” على المشتركين بمقابل نقدى مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها إتاحة الإطلاع على كل ما ينشر على موقع الهيئة من قوانين ولوائح وقرارات وغيرها مجاناً دون تحصيل أى مقابل.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم المصاريف طبقاً لنص المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرارين المطعون فيهما مع ما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب ، وألزمت الهيئة المدعى عليه المصاريف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق