الصفحات

الأربعاء، 12 ديسمبر 2018

الطعن 5 لسنة 47 ق جلسة 14 / 3 / 1979 مكتب فني 30 ج 1 أحوال شخصية ق 146 ص 798

جلسة 14 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

-----------------

(146)
الطعن رقم 5 لسنة 47 ق "أحوال شخصية"

 (1)قضاة "عدم الصلاحية". أحوال شخصية.
عدم صلاحية القاضي. م 146/ 5 مرافعات. ماهيته. قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً مسبقاً في الدعوى. فصل القاضي في دعوى طاعة لا يمنعه من نظر دعوى تطليق مرددة بين ذات الزوجين.
(2)
حكم "حجية الحكم". أحوال شخصية.
الحكم بدخول الزوجة في طاعة زوجها. لا ينفي ما تدعيه الزوجة من ضرر في دعوى التطليق. علة ذلك.
 (3)
أحوال شخصية. إثبات.
الأصل في الشهادة. وجوب معاينة الشاهد محل الشهادة بنفسه. الشهادة السماعية على وقائع الإضرار في دعوى التطليق. غير مقبولة.
 (4)
أحوال شخصية "الطلاق". حكم "ما يعد قصوراً".
الحكم بتطليق الزوجة للضرر. وجوب أن يكون الضرر راجعاً إلى فعل الزوج. إقامة الحكم قضاءه على استمرار الشقاق بين الزوجين دون معرفة المتسبب فيه. قصور.
 (5)
أحوال شخصية. "الطلاق".
إقامة الزوج دعوى بدخول الزوجة في طاعته وأخرى بإسقاط حقها في النفقة لنشوزها. لا يتحقق به الضرر الموجب للتفريق بينهما.

-------------
1 - النص في المادة 146 من قانون المرافعات على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في الأحوال الآتية... 5 - إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى الشهادة فيها" يدل على أن المعول عليه في إبداء الرأي الموجب لعدم صلاحية القاضي إفتاء كان أو مرافعة أو قضاء أو شهادة، هو أن يقوم القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوع الدعوى حتى يستطيع أن يزن حجم الخصوم وزناً مجرداً مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم حتى ولو خالف مجرى العدالة وضناً بأحكام القضاء من أن يعلق بها استرابة من جهة شخص القاضي لدواع يذعن لها عادة أغلب الخلق، ولما كان نظر القاضي دعوى الطاعة لا يمنعه من نظر دعوى التطليق للضرر لاختلاف كل من الدعويين عن الأخرى، فلا يكون هناك سبب لعدم الصلاحية.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى الطاعة تختلف عن دعوى التطليق للضرر، إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة في منزل الزوجية، بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة، ومن ثم فإن الحكم الصادر في دعوى الطاعة لا يمنع من نظر دعوى التطليق، لاختلاف الموضوع في كل منهما، ولا يسوغ القول بأن الحكم بدخول المطعون عليها في طاعة زوجها حاسم في نفي ما تدعيه من مضارة حتى ولو كانت قد ساقت بعضها في دعوى بتطليق تبعاً لتغاير الموضوع في كل من الدعويين على ما سلف بيانه.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الشهادة وجوب معاينة الشاهد محل الشهادة بنفسه فلا يجوز أن يشهد بشيء لم يعاينه عيناً أو سماعاً في غير الأحوال التي تصح فيها الشهادة بالتسامع، وليس من بينها الشهادة في التطليق للإضرار، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه ومن الصورة الرسمية لمحضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن الشاهد الأول من شاهدي المطعون عليها، لم ير بنفسه اعتداء بالسب من الطاعن على المطعون عليها أو واقعة طرده إياها من منزل الزوجية وأن شهادته في هذا الخصوص نقلاً عنها فإن أقواله بهذه المثابة لا تقبل كبينة على الإضرار الموجب للتطليق.
4 - مفاد المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 انه كي يحكم القاضي بالتطليق يتعين أن يكون الضرر أو الأذى واقعاً من الزوج دون الزوجة، ويتعين للقول بأن استمرار الشقاق مجلبة للضرر تبيح للزوجة طلب التطليق أن تبحث دواعيه ومعرفة المتسبب فيه، وإذ أطلق الحكم القول واتخذ من استمرار الشقاق ومن إسكان الطاعن زوجته الأولى بمسكن الزوجية بعد مغادرة المطعون عليها له سبباً تحقق به الضرر الموجب للتطليق، فإنه يكون قاصر التسبيب.
5 - رفع الزوج دعوى بدخول زوجته في طاعته ثم رفعه دعوى بنشوزها وإسقاط حقها في النفقة إنما استعمال لحق خولته إياه الشريعة، فلا يمكن أن يكون فيه مسيئاً للزوجة بما يوجب التفريق بينهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 179 لسنة 1974 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر وعدم تعرضه لها في أمور الزوجية، وقالت شرحاً لدعواها أنها زوجته بصحيح العقد الشرعي الموثق في 2/ 12/ 1964 ومدخولته ولا زالت على عصمته وفي طاعته، وإذ دأب على الاعتداء عليها بالضرب المبرح والقذف والسب واستولى على منقولاتها ومصوغاتها وامتنع عن الإنفاق عليها وعلى صغيرها منه وهجر فراشها، وفي ذلك إضرار بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 25/ 11/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن دأب على الإساءة إليها بالقول والفعل وهجرها دون مبرر شرعي بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما. وبعد سماع شاهدي المطعون عليها عادت فحكمت بتاريخ 26/ 1/ 1976 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 7 لسنة 1976 ق أحوال شخصية الإسكندرية طالبة إلغاءه والقضاء بطلباتها، وبتاريخ 7/ 12/ 1976 م حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون عليها من الطاعن طلقة أولى بائنة بينونة صغرى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين السادس والسابع منها على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقول إن البين من ديباجة الحكم الصادر في الدعوى رقم 1071 لسنة 1970 م أحوال شخصية محرم بك الجزئية بتاريخ 1/ 3/ 1971 م والقاضي بدخول المطعون عليها في طاعة زوجها الطاعن، أن مصدره هو أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وهو بهذه المثابة غير صالح للفصل في دعوى التطليق عملاً بالمادة 146 من قانون المرافعات، وخاصة وأن وقائع النزاع المثارة مشتركة في الدعوتين. هذا إلى أن حكم الطاعة قال كلمته في كافة ادعاءات المطعون عليها التي اتخذت منها أسباباً مبررة للتطليق، وانتهى إلى رفضها، ومن ثم فقد اكتسب رفض هذه الادعاءات قوة الشيء المقضي وأصبح إثارتها من جديد في دعوى مرددة بين ذات الخصمين. وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بهذه الادعاءات واعتبرها سبباً للمضارة يتيح الحكم بالطلاق، فإنه علاوة على بطلانه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي مردود. ذلك أن النص في المادة 146 من قانون المرافعات على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم في الأحوال الآتية.... 5 - إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى الشهادة فيها "يدل على أن المعول عليه في إبداء الرأي الموجب لعدم صلاحية القاضي إفتاء كان أو مرافعة أو قضاء أو شهادة، هو أن يقوم القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية - تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوع الدعوى حتى يستطيع أن يزن حجم الخصوم وزناً مجرداً، مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم حتى ولو خالف مجرى العدالة، وضناً بأحكام القضاء من أن يعلق بها استرابة من جهة شخص القاضي لدواع يذعن لها عادة أغلب الخلق. ولما كان نظر القاضي دعوى الطاعة لا يمنعه من نظر دعوى التطليق للضرر لاختلاف كل من الدعوتين عن الأخرى، فلا يكون هناك سبب لعدم الصلاحية. لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى الطاعة تختلف عن دعوى التطليق للضرر، إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة في منزل الزوجية، بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة، ومن ثم فإن الحكم الصادر في دعوى الطاعة لا يمنع من نظر دعوى التطليق لاختلاف الموضوع في كل منهما، ولا يسوغ القول بأن الحكم بدخول المطعون عليها في طاعة زوجها حاسم في نفي ما تدعيه من مضارة حتى ولو كانت قد ساقت بعضها في دعوى التطليق، تبعاً لتغاير الموضوع في كل من الدعوتين على ما سلف بيانه، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه بالتطليق على سند من اطمئنانه لأقوال شاهدي المطعون عليها أمام محكمة أول درجة، اللذين اتفقا على استمرار النزاع بين الزوجين سنين عديدة، وعلى أن الطاعن يتهرب من مجالس الصلح كمحاولة للتوفيق، وأنه طرد المطعون عليها من مسكن الزوجية، وأعاد زوجته الأولى إلى عصمته وأحلها محلها، مستشفاً من هذه الأقوال هجر الطاعن لزوجته، وساق الحكم تدليلاً على المضارة إقامته دعوى بالطاعة قاصداً إبطال نفقتها وتزوره عليها مخالصة بتنازلها عن النفقة المقررة ليشهرها سلاحاً قبلها في حين أن الثابت من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن أقوال شاهدي المطعون عليها سماعية منقولة عنها فلا تكون مقبولة. هذا إلى أن استمرار النزاع في حد ذاته ليس سبباً للضرر لأنه قد يكون نتيجة لأمر آخر يؤدي إليه، لم يبحث الحكم دواعي استمراره أو قعود الطاعن عن حضور مجالس الصلح، مع أن المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 إنما تجيز التفريق إذا وقع الخطأ من الزوج دون الزوجة، كما أن دعوة زوجته الأولى للإقامة معه في المسكن الذي كانت تشغله المطعون عليها وغادرته لا يعدو أن يكون استعمالاً لحق أقره الشرع، ولا يعد من قبيل الإساءة بالإضافة إلى أن الحكم اعتد باستصدار الطاعن حكماً بدخول المطعون عليها في طاعته، وحكماً عليها يكفها عن مطالبته بالمقرر لنفقتها عليه، حتى لا تجمع بين النفقة والنشوز، مع أنها هي التي أبت الإذعان لطاعته، مما ينفي وقوع هجر الفراش من جانبه وإذا اتخذ الحكم أيضاً من ادعائها تزوير المخالصة بالنفقة دليلاً على المضارة رغم أنه لم يصدر حكم نهائي في مدعاها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعليه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الشهادة وجوب معاينة الشاهد محل الشهادة بنفسه، فلا يجوز أن يشهد بشيء لم يعاينه عيناً أو سماعاً في غير الأحوال التي تصح فيها الشهادة بالتسامع وليس من بينها الشهادة في التطليق للإضرار، وكان البين من الحكم المطعون فيه ومن الصورة الرسمية لمحضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن الشاهد الأول من شاهدي المطعون عليها لم ير بنفسه اعتداء بالسب من الطاعن على المطعون عليها؛ أو واقعة طرده إياها من منزل الزوجية، وإن شهادته في هذا الخصوص نقلاً عنها، فإن أقواله بهذه المثابة لا تقبل كبينة على الإضرار الموجب للتطليق، ويكون نصاب الشهادة الشرعية غير مكتمل، ولا يمكن الاستناد إلى ما قرره هذا الشاهد من قعود الطاعن عن المساهمة في محاولة التوفيق أو طرده المطعون عليها من منزل الزوجية. لما كان ذلك وكان مفاد المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 أنه كي يحكم القاضي بالتطليق يتعين أن يكون الضرر أو الأذى واقعاً من الزوج دون الزوجة، فإنه يتعين للقول بأن استمرار الشقاق مجلبة للضرار يبيح للزوجة طلب التطليق، أن تبحث دواعيه ومعرفة المتسبب فيه، وإذا أطلق الحكم القول واتخذ من استمرار الشقاق ومن إسكان الطاعن زوجته الأولى بمسكن الزوجية بعد مغادرة المطعون عليها له سبباً تحقق به الضرر الموجب للتطليق فإنه يكون قاصر التسبيب. لما كان ما تقدم وكان رفع الزوج دعوى بدخول زوجته في طاعته، ثم رفعه دعوى بنشوزها وإسقاط حقها في النفقة، إنما يستعمل حقاً خولته إياها الشريعة، فلا يكون فيه مسيئاً للزوجة بما يوجب التفريق بينها، وإذ ذهب الحكم إلى أن رفع الدعوى بالطاعة مقصود به إسقاط النفقة واتخذ من مجرد ادعاء المطعون عليها بتزوير المخالصة بالنفقة أمام محكمة أخرى دليلاً على الإساءة رغم أنه لم يصدر حكم به من تلك المحكمة، فإنه علاوة على خطئه في تطبيق القانون وقصوره في التسبيب يكون قد عاره الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق