الصفحات

الجمعة، 28 ديسمبر 2018

الطعن 24503 لسنة 65 ق جلسة 9 / 5 / 2005


باسم الشعب

محكمـــة النقــــــض
الدائــرة الجنائيـة
الاثنين " ج "
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغريانى نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / عبد الرحمن هيكل ومحمد ناجى دربالة ورفعت حنا
                              نواب رئيس المحكمة ومحمد خالد عبد العزيز
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمود عمر .
وأمين السر السيد / حنا جرجس .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة .
فى يوم الاثنين غرة ربيع الآخر سنة 1426 هـ الموافق 9 من مايو سنة 2005م .
                                       أصدرت الحكم الآتى :
فـى الطعن المقيد فى جدول النيابة برقم 24503 لسنة 1995 وبجدول المحكمة برقم 24503 لسنة 65 القضائية .
                                 المرفوع مــن :
النيابــة العامـــة
                                  ضــد
..........                                              مطعون ضده
     "  الوقائــــع  "
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده فى قضية الجناية رقم 1087 لسنة 1994 قسم المعادى ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم 115 لسنة 1994 القاهرة) بوصف أنه فى خلال الفترة من عام 1967 حتى عام 1979 بدائرة قسم المعادى ـ محافظة القاهرة :ـ 1ـ بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لم يخطر مصلحة الضرائب عن بدء مزاولة نشاطه فى تجارة المخدرات خلال الميعاد المحدد قانوناً. 2ـ بصفته سالف الذكر تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية و الصناعية المقررة قانوناً والمستحقة عن نشاطه سالف الذكر الخاضع للضريبة عن السنوات من 1967 حتى 1979 باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى النشاط بالكامل عن علم مصلحة الضرائب. 3ـ بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً مبيناً به مقدار أرباحه الحقيقية الخاضعة للضريبة عن كل من السنوات من 1967 حتى عام 1979 خلال الميعاد المحدد قانوناً . 4ـ بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً بما لديه من ثروة خلال الميعاد المحدد قانوناً. 5ـ بصفته سالفة الذكر لم يحصل من مأمورية الضرائب المختصة على البطاقة الضريبية على النحو المقرر قانوناً . وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
        والمحكمة المذكورة قضـت حضورياً فى 11 مـن أكتوبر سنة 1995 عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما نسب إليه .
        فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض فى 4 من ديسمبر سنة 1995 وقدمت مذكرة بأسباب الطعن فى التاريخ ذاته موقعاً عليها من رئيس بها .
              وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
        من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
        ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جرائم عدم إخطاره مصلحة الضرائب عن بدء نشاطه فى الاتجار فى المواد المخدرة وعدم تقديمه إقراراً عن أرباحه من ذلك النشاط عن كل عام من سنة 1967 حتى سنة 1979 وإقراراً بما لديه من ثروة والتهرب من أداء الضريبة على أرباحه التجارية عن نشاطه فى تجارة المخدرات وعدم حصوله على البطاقة الضريبية من المأمورية المختصة قد شابه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه أقام قضاءه بالبراءة استناداً إلى أن واقعة جلبه للمواد المخدرة موضوع الجناية رقم 2464 لسنة 1975 البرلس ـ والتى دين فيها ـ لم تحقق له ربحاً يرتب فى ذمته ضريبة لضبط تلك المواد ومصادرتها على حين أن عدم تحقيقه لربح لا يعفيه من إخطار مصلحة الضرائب عن بدء نشاطه التجاري فى جلب المخدرات ، هذا إلى أن أقوال شاهدي الإثبات وتقرير الفحص والحكمين الصادرين من محكمة الجنايات بسجن الطاعن ومن محكمة القيم بفرض الحراسة على ممتلكاته وما تضمنه الحكم الأخير من تحقيقه أرباحاً طائلة إنما يقطع بمباشرته النشاط فى تجارة المخدرات وتحقيقه الربح الذى تستحق عليه الضريبة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
        ومن حيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه خلال السنوات من 1967 إلى 1979 ( أولاً ) بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لم يخطر مصلحة الضرائب عن بدء مزاولته نشاطه فى الاتجار فى المواد المخدرة فى خلال الميعاد المحدد قانوناً ( ثانياً ) بصفته سالفة الذكر تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المقررة قانوناً والمستحقة عن نشاطه سالف الذكر والخاضع للضريبة عن الأعوام مــن 1967 وحتى 1979 بإحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى النشاط عــن مصلحة الضرائب .
 ( ثالثاًً ) بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً مبيناً به مقدار أرباحه الحقيقية الخاضعة للضريبة عن كل من الأعوام من 1967 وحتى 1979 خلال الميعاد المحدد قانوناً ( رابعاً ) بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً بما لديه من ثروة خلال الميعاد المحدد قانوناً ( خامساً ) بصفته سالفة الذكر لم يحصل من مأمورية الضرائب المختصة على البطاقة الضريبية على النحو المقرر قانوناً وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 13 ، 34 ، 128 ، 131/1 ،2 ، 133/1 ، 4 ، 5 ، 178/1 والبند   (6) من الفقرة الثانية ، 181 ، 187/1 أولاً1 ،4 ، ثانياً (1) من القانون رقم 157 لسنة 1981 . لما كان ذلك ، وكان الدستور قد عنى فى مادتيه السابعة والستين والتاسعة والستين بضمان الحق فى محاكمة منصفة بما تنصان عليه من أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تُكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ، "بالإحالة أو بالوكالة عن نفسه "وهو حق تمليه الفطرة ، وتفرضه مبادئ الشريعة الإسلامية فى قولة عليه الصلاة والسلام "ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإن وجدتم للمسلم مخرجاً فأخلوا سبيله ، فإن الإمام لأن يخطئ فى العفو خير من أن يخطئ فى العقوبة "وهى قاعدة نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فى مادتيه العاشرة والحادية عشرة التى تقرر أولاهما "إن لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، الحق فى أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة ، نظراً منصفاً وعلنياً للفصل فى حقوقه والتزاماته وفى أى تهمة جزائية توجه إليه "وتردد ثانيهما فى فقرتها الأولى"حق كل شخص وجهت إليه تهمة جنائية فى أن تفترض براءته إلى أن تثبت إدانته فى محاكمة علنية توفر له فيها الضمانات الضرورية لدفاعه "وحيث إن ضوابط المحاكمة المنصفة تتمثل فى مجموعة القواعد المبدئية التى تعكس مضامينها نظاماً متكامل الملامــح يتوخى بالأسس التى يقوم عليها صــون كرامـة الإنسان وحمايـــة حقوقه الأساسية ويحول بضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها وبما يحقق الأغراض النهائية للقوانين العقابية التى ينافيها أن تكون إدانة المتهم هدفاً مقصوداً لذاته وحيث إن افتراض براءة المتهم من التهمة الجنائية يقترن دائماً من الناحية الدستورية ـ ولضمان فاعليته ـ بوسائل إجرائية تعتبر وثيقة الصلة بالحق فى الدفاع ومن بينها حق المتهم فى مواجهة الأدلة التى تطرح إثباتاً لجرمه ، مع الحق فى نفيها بالوسائل التى يقدر مناسبتها وفقاً للقانون ، وبما يكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى من الحماية التى لا يجوز النزول عنها أو الانتقاص منها . لما كان ذلك ، وكان حق المتهم فى نفى وإنكار الاتهام هو الحد الأدنى من الحماية الواجب كفالتها لحقه فى الدفاع حتى ذهب قانون الإجراءات الجنائية الفرنسى فى المادة 114 منه إلى أن يوجب على المحقق إخطار المتهم بأنه حر فى " ألا يدلى بأى تصريح " أى أن له أن يصمت عند استجوابه. لما كان كل ذلك ، فإن القول بإلزام من يباشر نشاطاً مؤثماً ـ كالاتجار فى المواد المخدرة ـ بأن يخطر أو يقر بمباشرة ذلك النشاط الذى يوجب إنزال العقاب به ، أو اتهامه بالتهرب من أداء الضرائب المستحقة عليه عن أرباحه من ذلك النشاط المؤثم ـ والذى لا يتيسر له توقيه ( أى الاتهام ) إلا بسداد تلك الضرائب بما لازمه الإفصاح عن النشاط المعاقب عليه الذى رتب تلك الضرائب بذمته ـ، أو إلزامه بتقديم إقرار عن ثروته المترصدة لديه من ذلك النشاط المؤثم ، أو إلزامه باستخراج بطاقة ضريبية بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة عن الأرباح التى تحققت له من الاتجار فى المخدرات ، هذا القول إنما يكون مناقضاً لأصل البراءة ويجرده من محتواه عملاً ، ولا يكتفى بنقل عبء نفيه إلى المتهم ـ على خلاف الأصل المستقر ـ بل يجاوزه إلى إلزام المتهم بأن يقدم دليل إدانته بيده  إهداراً للمبادى الأساسية المقررة بالمادتين 67، 69 من الدستور ، وإخلالاً بالحرية الشخصية وبضمانة الدفاع التى لا يجوز فى غيبتها تحقيق الواقعة محل الاتهام الجنائى أو إدانـــة المتهم عنها . لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده يكون قد جاء صحيحاً فى نتيجته ومن ثم يضحى ما تساندت إليه النيابة العامة فى طعنها ولا محل له ويتعين بالتالى رفض الطعن موضوعاً .
فلهذه الأسبـــــاب
        حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق