الصفحات

الجمعة، 28 ديسمبر 2018

الطعن 1696 لسنة 85 ق جلسة 2 / 12 / 2015


باسم الشعب
محكمة النقـض
الدائــرة الجنائيــة
الأربعاء ( أ )
ــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ مجدي أبـــــــــــو العلا       " نائب رئيس المحكمــة "
وعضوية السادة القضــــاة / قـــــــدري عبــــــــد الله        وبهـــــاء محمد إبراهيــــم
                               وأبو الحسين فتحي       وشعبـــــان محمــود
                                                 " نواب رئيس المحكمــة "
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد جلال.  
وأمين السر السيد / موندي عبد السلام .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 20 من صفر سنة 1437 هـ  الموافق الثاني من ديسمبر سنة 2015 م.
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 1696 لسنة 85 القضائية .
المرفوع من :
1- ...........                 " المحكوم عليهم ــــــ الطاعنين "
ضـــــــــــد
1- النيابة العامة
2- ............          " المدعي بالحقوق المدنية - المطعون ضدهما "    
الوقائـــع
       اتهمت النيابـة العامـة كل من 1- ......" ، فـــــــي قضية الجناية رقــــــــم 12057 لسنـة 2013 قسم قصر النيل ( المقيدة بالجدول الكلي برقم 1170 لسنة 2013 وسط القاهرة ) ، بأنـهم غضون المدة من 3 وحتى 5 من فبراير سنة 2011 بدائرة قسم شرطة قصر النيل - محافظة القاهرة :-
المتهمون جميعاً :-
        أولاً: قبضوا وأخرون مجهولين على المجني عليه / .... واحتجزوه لعدة أيام بدون أمر أحد الحكام المختصين وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بذلك وعذبوه بالتعذيبات البدنية بأن استوقفه المجهولون وشلوا مقاومته وتعدوا عليه بالضرب فافقدوه وعيه واقتادوه عنوة إلى مقر مكتب ... للسياحة " الذي أعدوه سلفاً لإدارة عملياتهم واحتجزوه بداخله وقام المتهم الأول بتقيد يديه من خلاف برباط أعده لذلك وصفعه على وجهه وطرحه أرضاً وجثم بركبتيه على صدره وتعدى عليه بالضرب بعصا خشبية وصعقه بالكهرباء بأن أوصل تياراً كهربائياً بجسده ثم ضغط على عضوه الذكري بقوة لإيلامه وقام المتهم الثاني بالضغط على وجهه بقدمه وصعقه أيضاً بالكهرباء على غرار ما فعله الأول محدثين ما به من الإصابات الموصوفة بالأوراق حال تواجد باقي المتهمين على مسرح الجريمة شادين من ازرهم على النحو المبين بالتحقيقات .
        ثانياً: هتكوا وأخرون مجهولون عرض المجني عليه / .... بالقوة بأن أمسك المتهم الأول بعضوه الذكري وضغط عليه بقوة على النحو المبين بوصف التهمة الأولى بينما تواجد باقي المتهمين على مسرح الجريمة يشدون من أزره على النحو المبين بالتحقيقات .
        ثالثاً: اذاعوا وأخرون مجهولون عمداً أخباراً وإشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة بأن روجوا بين جموع المتظاهرين السلميين وأمام وسائل الاعلام المختلفة أن المجني عليه يعمل ضابط شرطة بجهاز مباحث أمن الدولة ويحمل البطاقة ساالدالة على وظيفته وأنه كان مندساً بين المتظاهرين بميدان التحرير لجمع معلومات عنهم للنيل منهم بقصد تأجيج مشاعر الغضب ضد جهاز الشرطة وذلك كله على خلاف الحقيقة حيث كشفت التحقيقات أن المجني عليه يعمل محامياً وليس من رجال الشرطة .
        رابعاً: دخلوا عقاراً في حيازة أخر " مكتب ... للسياحة " الكائن بالعقار 3 ميدان التحرير ومنعوا حيازة صاحبه بالقوة بقصد ارتكاب جريمة فيه وذلك باقتحامه ودخوله والسيطرة عليه بأن هددوا صاحبه ورفضوا الاستجابة لطلبه بالخروج منه ومكثوا فيه بقصد ارتكاب الجرائم موضوع التهم السابقة – فيه حال كونهم أكثر من شخصين وكان أحدهم حاملاً أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص " عصا خشبية " على النحو المبين بالتحقيقات .
        خامساً: أحرزوا وحازوا بواسطة المتهم الأول أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص " عصا خشبية " دون أن يوجد لحملها أو احرازها أو حيازتها مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة الحرفية أو المهنية .








        وأحالتـهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعـاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة.
والمحكمة المــــــذكورة قضت حضورياً كل من الأول حتى السابع وغيابياً للثامن في 11 من أكتوبر سنة 2014 عملاً بالمواد 32 ، 39 ، 102 مكرر/1 ، 368/1 ، 280 ، 282 ، 369 عقوبات ، والمواد 1/1 ، 25مكرر/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق به مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة كل من .... بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر سنة ، و ..... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه، ثانياً : بإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني / .... مبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت ، ومصاريف الدعوى المدنية ، ومبلغ خمسمائة جنيه .
فطعن المحكوم عليهم من الأول وحتى السابع في هذا الحكم بطريق النقض الخامس والسادس في 20 من أكتوبر سنة 2014 ، والأول والرابع في الثاني من نوفمبر سنة 2014 ، والثالث والسابع في الثالث من نوفمبر سنة 2014 ، والثاني في 5 من نوفمبر سنة 2014 .
وأودعت أربع مذكرات بأسباب الطعن الأولى عن المحكوم عليهم الأول والثالث والسابع في 10 من ديسمبر سنة 2014 موقع عليها من الأستاذ / .... المحامي ، والثانية والثالثة عن المحكوم عليه الخامس الثانية في 3 من ديسمبر سنة 2014 موقع عليها من الأستاذ / .... المحامي والثالثة في 8 من ديسمبر سنة 2014 موقع عليها من الاستاذ / .... المحامي ، والرابعة عن المحكوم عليهم من الأول حتى السابع في 10 من ديسمبر سنة 2014 موقع عليها من الأستاذ / .... المحامي .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسمـاع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً .
        من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
        ومن حيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القبض والحجز بدون وجه حق المصحوب بتعذيبات بدنية ، وهتك العرض بالقوة ، وإذاعة أخبار من شأنها تكدير الأمن العام ودخول عقار في حيازة الغير بقصد منع حيازته بالقوة وارتكاب جريمة فيه ، وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ ، قد شابه القصور ، والتناقض في التسبيب ، والخطأ في الإسناد ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه عول على إقرار الطاعنين الثاني والرابع في القضية رقم 2506 لسنة 2011 جنايات قصر النيل دون أن يورد مؤداهما في بيان وافٍ ، ولم يورد مؤدى شهادة كل من الشاهدين العاشر والحادي عشر على حده بل جمع بينهما بأسنادٍ واحد رغم اختلاف شهادة كل منهما ، وعول على اقوال الشاهدين الخامس والسادس رغم ما ساقه الدفاع عن الطاعنين من شواهد لعدم صدقها ، واستند في قضائه إلى أدلة مستمدة من دعاوي غير منظورة أمام المحكمة التي أصدرته ، وساءل الحكم الطاعنين باعتبارهم فاعلين أصليين للجرائم التي دانهم بها دون أن يدلل على ذلك بما يسوغ ، وعول على أقوال شهود الإثبات الثاني والرابع والسابعة والتاسع ، واسند للشاهد الثاني قولاً بأنه أخبر المجني عليه بأسماء مرتكبي الواقعة ، كما أسند للرابع قولاً بأن الطاعنين الثاني والرابع والخامس والسابع دخلوا مقر شركة سفير للسياحة وأن الطاعن الثاني رفض تسليمه مقر الشركة ، واسند للشاهدة السابعة قولاً بأنه خلال احداث الثورة شاهدت دخول الأول والخامس – وأخرين – لمقر الشركة المذكورة ، واسند للشاهد التاسع قولاً بأن الطاعن الرابع شكل لجان من شباب الاخوان على مداخل ميدان التحرير قامت بالقبض على بعض الأشخاص بدعوى أنهم من عناصر الشرطة ، وأنه شاهد الطاعنين الثاني والرابع داخل مقر الشركة – أنفة الذكر – وهو ما ليس له اصل من أقوالهم بالأوراق ، كما أن المدافع عن الطاعنين دفع بانقضاء الدعوى الجنائية لتوافر موجبات الاعفاء المقرر بمقتضى القرار بقانون رقم 89 لسنة 2012 ، وبعدم دستورية نصوص القانون المذكور مما تضمنه من قيد زمني على المتهم لإثبات انطباق القانون عليه وسلب لسلطة محكمة الموضوع من إعمال رقابتها في هذا الشأن كما دفع بعدم جدية التحريات ، وبعدم الاعتداد بشهادة المجني عليه لكونه يعاني من مرض نفسي – بيد أن الحكم المطعون فيه رد على الدفعين الأول والثاني بما لا يصلح رداً ، وأطرح الدفعين الثالث والرابع بما لا يسوغ اطراحهما ، وأورد الحكم في مدوناته تعرض المجني عليه لصنوف التعذيب البدني ثم عاد في مقام الرد على الدفع بخلو تقرير الطب الشرعي من الاصابات وأورد أنه لا يلزم أن تؤدي التعذيبات البدنية إلى إصابة المجني عليه ، كما أورد الحكم في صورة الواقعة قيام الطاعنين بالاستيلاء على مقر الشركة – آنفة البيان – وأحكام السيطرة عليها ثم عاد في مقام الرد على الدفع ببطلان التسجيلات وأورد أنها تمت في مكان مطروق للكافة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
        ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى اقرار الطاعنين الثاني والرابع في الجناية رقم 2506 لسنة 2011 جنايات قصر النيل ، في بيان وافٍ يكفي للتدليل على الصورة التي اعتنقتها المحكمة واستقرت في وجدانها ، بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن النعي على الحكم بالقصور – في هذا الشأن – يكون لا محل له. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة ، ولها أن تجزئ أقوال الشاهد الواحد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذي رواه وبين ما أخذته من قول شهود أخرين ، وأن تجمع بين هذه الأقوال وتورد مؤداها جملة وتنسبه إليهم جميعاً ، ما دام ما أخذته به من شهادتهم ينصب على واقعة واحدة لا يوجد فيها خلاف فيما نقلته عنهم ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر وجمع في اسناد واحد مؤدي الدليل المستمد من أقوال الشاهدين العاشر والحادي عشر – واللذان تطابقت أقوالهما فيما حصله الحكم واستند عليه منها – على ما يبين من المفردات المضمومة – فلا بأس عليه إن هو أورد مؤدي شهادتهم جملة ثم أسندها إليهم تفادياً للتكرار الذي لا موجب له ، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد افصحت عن اطمئنانها لأقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما أثاره الطاعنون في خصوص – اقوال الشاهدين الخامس والسادس – للنيل من القوة التدليلية لتلك الأقوال ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي استندت إلى أدلة مستمدة من دعاوي غير منظورة أمامها ، طالما أن هذه الأدلة قد طرحت على بساط البحث - بجلسات المحاكمة – تحت نظر الخصوم – كالحال في الدعوى الماثلة – فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يعد فاعلاً للجريمة "أولاً" من يرتكبها وحده أو مع غيره "ثانياً" من تدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها ، والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ، ومن المصدر التشريعي الذي يستمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها ، فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة ، وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذاً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها ، وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نيه التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف – اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على الأقل – ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة – أي أن يكون كل منهم قصد قصد الأخر في إيقاع الجريمة المعينة أو أسهم فعلاً بدور في تنفيذه بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة – وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع – ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه ، وإذ كان القاضي الجنائي – فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة – حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، فإن له إذا لم يقم على توافر هذا القصد دليل مباشر - من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره – أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ، كما أن له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به ، وكان الحكم – المطعون فيه – قد أثبت في حق الطاعنين وجود صلة واحدة بينهم هي انتمائهم إلى جماعة واحدة تعتنق فكراً واحداً ، ومعيتهم في الزمان والمكان بتواجدهم – معاً وقت القبض على المجني عليه وإدخاله لمقر شركة ... للسياحة – وما أعقب ذلك من تقييد لحريته في الحركة بمنعه من مغادرة مقر الشركة ، وهو ما ينطوى في ذاته على معنى القبض قانوناً واحتجازه لمدة ثلاثة ايام وما صاحب ذلك من تعذيبات بدنيه بقيام الطاعنين الأول والثاني بالتعدي عليه بالضرب وصعقه بالتيار الكهربائي وتقييد يديه وقدميه على مرأى ومسمع من الطاعن الثالث دفعت الأخير له بأنه ضابط مباحث أمن الدولة واستجوابه له والطاعن الخامس وهو على هذه الحالة ، وقيام الطاعن الرابع بإذاعة خبر القبض عليه – المجني عليه – من المنصة المواجهة لمكان ارتكاب الواقعة ، واحضار الطاعن السادس للصحفيين الأجانب لتصويره ، وتواجد الطاعن السابع بمكان ارتكاب الواقعة وروايته – في وقت لاحق – لتفاصيل واقعة القبض على المجني عليه وما تعرض له من صنوف التعذيب في أحد برامج التلفاز ، واستدل الحكم من ذلك بالأدلة المباشرة التي اطمأن إليها والاستنتاج من القرائن التي صحت لديه في الأوراق – بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي – على توافر قصد المساهمة – لدى الطاعنين – في ارتكاب جريمة القبض على المجني عليه بدون وجه حق – وتعذيبه بتعذيبات بدنيه – وأن كل منهم قصد قصد الأخر في إيقاعها ، وأن ما بدر من كل منهم من أفعال وأقوال – إنما كان إسهاماً منه بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي تكونت لديهم فجأة وقت القبض عليه وهي أدلة وقرائن سائغة ، وكافية بذاتها للتدليل على قصد التدخل في ارتكاب الجريمة ، فإن الحكم إذ خلص إلى تضامنهم في المسئولية الجنائية باعتبارهم فاعلين أصليين يكون قد اقترن بالصواب ، هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرونه بشأن باقي الجرائم التي دانهم الحكم بها ما دام أن المحكمة قد اعتبرت الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وأعملت في حقهم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقعت عليهم العقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة القبض بدون وجه حق المصحوب بتعذيبات بدنية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطـأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعنون من خطأ الحكم إذ نسب للشاهد الثاني أنه أخبر المجني عليه بأسماء مرتكبي الواقعة ، ونسب للشاهد التاسع أنه شاهد الطاعنين الثاني والرابع بمقر الشركة– سالفة الذكر- فإنه-على فرض صحته – غير ذي بال في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ، ولم يكن له اثر في منطقه وسلامة استدلاله على مقارفة الطاعنين للجريمة المؤثمة بنص المادة 282/2 من قانون العقوبات التي دانهم بها وأوقع عليهم عقوبتها بوصفها الجريمة ذات العقوبة الاشد ، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم من أقوال شاهد الإثبات الرابع من دخول كل من الطاعنين الثاني والرابع والخامس والسابع لمقر شركة ... للسياحة ، وأن الطاعن الثاني رفض تسليمه مقر الشركة ، وما أسنده للشاهد التاسع من أن الطاعن الرابع شكل لجان من شباب الإخوان على مداخل ميدان التحرير قامت بالقبض على بعض الأشخاص بدعوى أنهم من عناصر الشرطة – له سنده من أقوال الشاهدين بتحقيقات النيابة – كما أن ما أورده من أقوال الشاهدة السابعة من دخول الطاعنين الأول والخامس – واخرين – لمقر الشركة المذكورة – له اصله من اقوالها أمام المحكمة– ولا تثريب على الحكم إذ هو لم يفصح عن مصدر هذه الاقوال لما هو مقرر من أن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد تكون غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين بانقضاء الدعوى بالعفو الشامل عملاً بنصوص القرار بقانون قم 89 لسنة 2012 وأطرحه في قوله :" .... مردود بأنه دفع قانوني ظاهر البطلان إذ أن الثابت من مطالعة القانون السالف ذكره أنه صدر بتاريخ 8/10/2012 ونصت المادة الثانية منه على أن ينشر النائب العام والمدعي العام العسكري كل فيما يخصه في جريدة الوقائع الرسمية وجريدتين واسعتي الانتشار خلال شهر من تاريخ نفاذ هذا القانون كشفاً بأسماء من شملهم العفو تطبيقاً للمادة السابقة، ونصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه على أن يكون لمن أغفل اسمه أن يتقدم بتظلم بغير رسوم للنائب العام أو المدعي العام العسكري بحسب الأحوال خلال شهر من تاريخ نشر الاسماء المشمولة بالعفو ... وكان الثابت بتحقيقات الدعوى الراهنة أن النيابة العامة بدأت في مباشرتها بتاريخ 22/5/2012 وقد خلت الأوراق من أي تظلم من أي من المتهمين لإغفال اسمه من العفو الصادر من النائب العام ، ومن ثم يكون هذا الدفع على غير سند صحيح من الواقع والقانون يتعين رفضه " وهذا الذي أورده الحكم سائغ وكافٍ في اطراح الدفع ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن تعييب الحكم في هذا الصدد يضحى غير قويم . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا المعمول به وقت نظر الدعوى نص في المادة 29 منه أن تتولى المحكمة الرقابة على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي ... "ب" إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام أحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي ، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن " ... وكان مفاد هذا النص أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعنين بعدم الدستورية غير جدي ، ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات والتحريات التي أجراها الشاهد الخامس عشر وجديتها وهو ما يعد كافياً للرد على الدفع فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون لا محل له . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين بعدم التعويل على شهادة المجني عليه لمرضه النفسي وأطرحه في قوله " ... فمردود عليه .... قول مرسل عار من الدليل على صحته ويفتقر إلى الدليل الذي يؤيده إضافة إلى أن المحكمة تطمئن إلى شهادة المجني عليه لصدورها عن إرادة حرة سليمة وجاءت مسترسلة ومطابقة لباقي أدلة الدعوى القولية والمادية ، ومن ثم رفض ذلك الدفع " وهو من الحكم رد سائغ وكافٍ في اطراح الدفع ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام ، يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الأخر ، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان لا تعارض بين ما أورده الحكم في مدوناته من تعرض المجني عليه لصنوف التعذيب وبين ما أورده في مقام الرد على الدفع بخلو تقرير الطب الشرعي من وجود إصابات من أنه لا يلزم أن تؤدي التعذيبات البدنية إلى إصابة المجني عليه ، كما أنه لا تناقض بين ما أورده الحكم في صورة الواقعة من قيام الطاعنين بالاستيلاء على مقر الشركة – أنفة الذكر- وإحكام السيطرة عليها ، وبين ما أورده في مقام الرد على الدفع ببطلان التسجيلات من أنها تمت في مكان مطروق للكافة – سيما وأن الحكم اسند إلى الطاعن السادس – وأخر – قيامهما بدعوة رجال الصحافة والإعلام إلى مقر الشركة المذكورة لتصوير المجني عليه عقب القبض عليه واحتجازه ، فإن تعييب الحكم لهذا السبب يكون لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع برفضه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق