الصفحات

الأربعاء، 7 نوفمبر 2018

دستورية الزيادة الدورية لأجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى


القضية رقم 141 لسنة 21 ق " دستورية " جلسة 2 / 1 / 2011
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثاني من يناير سنة 2011م ، الموافق السابع والعشرين من المحرم سنة 1432 هـ  .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ ماهر البحيري وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي ومحمد عبد العزيز الشناوى   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن         أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 141 لسنة 21 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / مدحت فوزى عبد العزيز
ضد
1 - السيد رئيس الجمهورية
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد وزير العدل
4 - السيد رئيس مجلس الشعب
5 - السيد / رزق أحمد عبده
" الإجراءات  "
بتاريخ الثانى من أغسطس سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادتين (3، 4) من القانون رقم 6 لسنة 1997 فيما جرى به نصهما من تقرير زيادة دورية على الأماكن الخاضعة للقانون رقم 136 لسنة 1981 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال عشرة أيام، قدمت خلالها هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم: أولاً: بعدم قبول الدعوى فيما يتعلق بالمادة الثالثة من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وثانياً: برفض الدعوى فيما يتعلق بالمادة الرابعة من القانون رقم 6 لسنة 1997 .
" المحكمة   "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع -حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/7/1994 استأجر المدعى من المدعى عليه الخامس حانوتاً بناحية نهطاى زفتى غربية ، لقاء أجرة شهرية مقدارها سبعون جنيهاً، وبصدور القانون رقم 6 لسنة 1997 متضمناً تقرير زيادة دورية على أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى ، امتنع المدعى عن سداد الزيادة المقررة رغم تكليفه بذلك، فأقام المدعى عليه ضده الدعوى رقم 131 لسنة 1999 مساكن كلى ، أمام محكمة طنطا الابتدائية ، بطلب طرده من المحل المؤجر له. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بجلسة 6/5/1999 بعدم دستورية نص المادتين (3، 4) من القانون رقم 6 لسنة 1997 . وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية تنص -قبل تعديلها بالقانون رقم 14 لسنة 2001- على أن "تحدد الأجرة القانونية للعين المؤجرة لغير أغراض السكنى المحكومة بقوانين إيجار الأماكن بواقع:
-  ثمانية أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة قبل أول يناير 1944.
-  وخمسة أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من أول يناير 1944 وحتى 4 نوفمبر 1961 .
- وأربعة أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من 5 نوفمبر 1961 وحتى 6 أكتوبر 1973 .
- وثلاثة أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من 7 أكتوبر 1973 وحتى 9 سبتمبر 1977 .
ويسري هذا التحديد اعتباراً من موعد استحقاق الأجرة التالية لتاريخ نشر هذا القانون .
وتزداد الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من 10 سبتمبر 1977 وحتى 30 يناير 1996 بنسبة 10% اعتباراً من ذات الموعد .
ثم تستحق زيادة سنوية ، بصفة دورية ، في نفس الموعد من الأعوام التالية بنسبة 10% من قيمة آخر أجرة قانونية لجميع الأماكن سالفة الذكر".
وتنص المادة الرابعة من القانون المذكور على أن "تسرى أحكام هذا القانون على الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى ، التي يحكمها القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه والقانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلهما، ولا تسري أحكامه على الأماكن المذكورة التي يحكمها القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها".
وحيث إنه فيما يتعلق بالطعن على المادة الثالثة من القانون رقم 6 لسنة 1997 السالف ذكرها، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بشأنها، وذلك بحكميها الصادر أولهما بجلسة 11/5/2003 في القضية رقم 14 لسنة 21 قضائية "دستورية "، المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 22 ( تابع ) بتاريخ 29/5/2003، الذى قضى برفض الدعوى المقامة طعناً على الفقرة الأخيرة من هذه المادة . والصادر ثانيهما بجلسة 6/7/2003 في القضية رقم 98 لسنة 21 قضائية "دستورية "، والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 30 (مكرر) بتاريخ 26/7/2003، الذى قضى برفض الدعوى المقامة طعناً على باقي فقرات المادة ذاتها. لما كان ذلك، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة ، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة ، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد، فإن الدعوى في هذا الشق منها تكون غير مقبولة .
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يقيد تدخلها في الخصومة الدستورية ، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي . لما كان ذلك، وكان المدعى يهدف من دعواه الدستورية إخراج الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى المحكومة بالقانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه من نطاق تطبيق القانون رقم 6 لسنة 1997، باعتبار أن أجرة هذه الأماكن يتم تحديدها بالاتفاق بين طرفي العقد، وذلك حتى يتسنى له دفع مطالبة المدعى عليه الخامس له بزيادة الأجرة وفقاً لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 6 لسنة 1997، والتي يثور حولها النزاع في الدعوى الموضوعية . ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة في شقها الثاني يتحدد بما تضمنه نص المادة الرابعة من القانون رقم 6 لسنة 1997 السالف ذكرها من سريان أحكام هذا القانون على الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى التي يحكمها القانون رقم 136 لسنة 1981، دون باقي أحكام النص المذكور .
وينعى المدعى على النص المطعون عليه، محدداً نطاقاً على النحو المتقدم، إخلاله بمبدأ التضامن الاجتماعي ، بتغليبه مصلحة المؤجر على مصلحة المستأجر، بإفادة الأول من الزيادة المقررة على الأجرة القانونية رغم كونها محددة باتفاق الطرفين أصلاً، بما يؤدي إلى تصادم المصالح وإهدار إرادة المتعاقدين، وهو ما يناقض مبدأ سلطان الإرادة ويهدم حرية الاختيار ويخل بالحرية الشخصية ، الأمر الذى يغدو معه النص المذكور مخالفاً للمواد (7، 41، 57) من الدستور .
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود أولاً: بأن القانون رقم 136 لسنة 1981 وإن خّول- بخلاف قوانين إيجار الأماكن السابقة عليه- كلا من المؤجر والمستأجر تحديد أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى بالاتفاق بينهما دون تدخل بقواعد آمرة في هذا الشأن، إلا أنه فيما خلا هذا البند ظل العقد محكوماً بقواعد آمرة قيدت حرية المؤجر في جوانب كثيرة أخصها حقه في إعادة تحديد الأجرة بعد انتهاء المدة المتفق عليها أو إنهاء العقد وإخلاء المستأجر لأى سبب عدا الأسباب المحددة حصراً بالقانون .
ومردود ثانياً: بأن المشرع لم يهدف بالقانون رقم 6 لسنة 1997 مجرد زيادة أجرة الأماكن الخاضعة لأحكامه على النحو الوارد بالمادة الثالثة منه، وإنما جاء هذا الحكم بالتبعية لما قرره بالمادتين الأولى والثانية من الامتداد القانوني لعقود إيجار هذه الأماكن إلى زوج وأقارب المستأجر الأصلي حتى الدرجة الثانية ، ضماناً لاستمرار مورد رزقهم ومصدر عيشهم، وتأكيداً على تواصل أنشطة هذه الأماكن التجارية والصناعية والمهنية والحرفية ، مما يوفر استثماراً أفضل للأموال المرصودة عليها، ويحفظ المردود الاقتصادي العائد منها . ومن ثم فقد راعى المشرع في الوقت ذاته، عدم الإضرار بالمؤجرين، وذلك بتقرير زيادة الأجرة القانونية للأماكن المشار إليها على النحو السالف بيانه، بهدف تحقيق التوازن في العلاقة الإيجارية ، والمساواة بين طرفيها، حتى تقوم هذه العلاقة على أساس من التضامن الاجتماعي الذى يؤدى إلى وحدة الجماعة وتماسكها وتداخل مصالحها لا تصادمها.
ومردود ثالثاً: بأن التشريعات الاستثنائية في مجال الإيجار طابعها التأقيت مهما استطال أمدها، وأنها لا تمثل حلاً دائماً ونهائياً للمشكلات المترتبة على أزمة الإسكان، بل يتعين دوماً على المشرع مراجعتها من أجل تحقيق التكافؤ بين أطراف العلاقة الإيجارية .
ومردود رابعاً: بأنه وإن كانت حرية التعاقد هي قاعدة أساسية يقتضيها الدستور، صوناً للحرية الشخصية التي تمتد حمايتها إلى إرادة الاختيار وسلطة اتخاذ القرار في شأن إتمام أي تعاقد، إلا أن إيراد المشرع لقاعدة آمرة تنال من حرية المتعاقدين يجد مشروعيته الدستورية إذا وجدت مصلحة مشروعة تبرر إيراد مثل هذه القاعدة الآمرة ، وهو ما توفر في النص المطعون عليه حين قرر خضوع الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى التي يحكمها القانون رقم 136 لسنة 1981 لأحكام القانون رقم 6 لسنة 1997 بما تضمنه من امتداد قانوني لعقد الإيجار، قابَلَهُ بزيادة دورية في الأجرة القانونية لهذه الأماكن تختلف باختلاف تاريخ إنشاء المبنى ، وذلك تحقيقاً للتوازن بين مصالح كل من طرفي العقد حسبما سلف البيان.
متى كان ما تقدم، فإن النص محل الطعن الماثل لا يخالف أحكام المواد (7، 41، 57) من الدستور أو أى حكم آخر من أحكامه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق