الصفحات

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2018

التقادم الطويل لاسترداد المبالغ المسددة وفقا لنص قضي بعدم دستورية


القضية رقم 8 لسنة 35 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 2 / 2 / 2014
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
          بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الثاني من فبراير سنة 2014 م ، الموافق الثاني من ربيع الآخر سنة 1435 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور/ حنفي على جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف وسعيد مرعى عمرو والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم       نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمي رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع            أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 35 قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
السيد/ عبدالله مهنى عبدالله
ضد
السيد/ وزير المالية
الإجراءات
 بتاريخ الثامن والعشرين من شهر فبراير عام 2013، أودع المدعى صحيفة هذا الطلب قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم: أولاً: بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، في القضية رقم 175 لسنة 22 ق "دستورية "، الذى تضمن منطوقه عدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 الصادر بقرار رئيس الجمهورية ، وكذلك الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في القضية الدستورية رقم 205 لسنة 19 ق، وفقاً لما ورد بأسبابه بشأن التقادم الطويل. ثانياً: القضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11820 لسنة 53 ق. عليا.
 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى .
 وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
 المحكمة
 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
 حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 29587 لسنة 59 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المدعى عليه بصفته، طلبا للحكم باسترداد ما سبق لمصلحة الجمارك تحصيله منه كرسوم خدمات عن مشمول الشهادات الجمركية التى استوردها من الخارج، إنفاذا لقرارى وزير المالية رقمى   255 لسنة 1993 و 123 لسنة 1994، والقرارين المعدلين لهما رقمي 1208 لسنة 1996 و 752 لسنة 1997، الصادرة إعمالاً لنص المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/9/2004، في القضية رقم 175 لسنة 22 ق "دستورية " بعدم دستورية نص المادة (111) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963، وسقوط قرارات وزير المالية سالفة الذكر الصادرة تنفيذًا للنص المقضي بعدم دستوريته. وبجلسة 27/2/2007، قضت محكمة القضاء الإداري بأحقية المدعى في استرداد ما سبق سداده تحت مسمى "رسوم خدمات"  التى زال سند تحصيلها- إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا المذكور- طعن المدعى عليه بصفته في هذا الحكم  أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 11820 لسنة 53 ق. عليا، وبجلسة 28/4/2012، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بسقوط حق المدعى في استرداد الرسوم محل المطالبة بالتقادم الخمسي ، ومن ثم أقام المدعى الدعوى الماثلة ، تأسيسا على أن حكم المحكمة الإدارية العليا المنازع في تنفيذه يشكل عقبة في تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة 22 ق. دستورية بالأحقية في استرداد رسوم الخدمات، 205 لسنة 19 ق. دستورية في سقوط الأحقية في الاسترداد بالتقادم الطويل.
          وحيث إن المدعى يهدف بدعواه الماثلة المضي في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادرين في الدعوى الدستورية رقم 175 لسنة 22 "ق"، والدعوى الدستورية رقم 205 لسنة 19 "ق"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11820 لسنة 53 ق. باعتباره عقبة تحول دون تنفيذ مقتضى الحكمين الصادرين في الدعويين الدستوريتين الآنفتي الذكر، وهو الأمر الذى تختص به هذه المحكمة وفقا لقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والذى خولها بنص المادة (50) منه التدخل لإزاحة ما يعترض تنفيذ الحكم الصادر منها بعدم الدستورية من عوائق، سواء كان العائق تشريعًا أو حكماً قضائيًا، والعودة بالتنفيذ إلى الحالة السابقة على نشوئه، وسبيلها في ذلك، الأمر بالمضي في تنفيذ الحكم بعدم الدستورية وعدم الاعتداد بذلك العائق الذى عطل مجراه، لأنه لا يعدو – وإن كان حكمًا قضائيًا باتًا - أن يكون عقبة مادية هدى والعدم سواء.
          وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن  قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونا - بمضمونها أو بأبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعا لذلك؛ أو تقيد اتصال حلقاته وتضمامها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هدى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التي تتوخى في غاياتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هدى التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية ، وما يكون لازماً لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ودون تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيا بها، ممكنا. فإذا لم تكن لها بها من صلة ، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
          وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول منازعة التنفيذ المعروضة ، استنادا إلى أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة 22 ق "دستورية "، يختلف في موضوعه عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11820 لسنة 53 ق. عليا. ذلك أن الحكم الأول قضى بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963، وسقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك المذكور، وسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 ، 255 لسنة 1993، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996، 752 لسنة 1997، أما الحكم الثانى فقد قضى بسقوط حق المدعى في استرداد الرسوم التى قضى بعدم دستورية سند تحصليها بالتقادم الخمسى .
          وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن شرط الارتباط المنطقى في مجال عقبات التنفيذ المقامة طبقا لنص المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا، يكون متحققا متى كان حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية ، وما يكون لازماً لضمان فعاليته. متى كان ما تقدم، وكانت المنازعة الماثلة تتجلى في إعمال أثر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة 22 ق "دستورية " على نحو يخالف – من وجهة نظر المدعى - مقتضى تنفيذ الأثر الرجعى لهذا الحكم، وهو ما يحول دونه الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11820 لسنة 53 ق. عليا، وبذلك تتوفر الرابطة والصلة الحتمية بين الحكمين، ويضحى الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة في غير محله.
          وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمستبدلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 تنص على :- "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ، عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، مالم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي ، لا يكون له في جميع الأحوال، إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص"، ومؤدى ذلك – على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا- أن المشرع أكد، من ناحية المفهوم الصحيح لأثر الحكم بعدم الدستورية ، الذى سبق أن استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، وهو الأثر الرجعى ، ومن ناحية أخرى استحدث بهذا التعديل أمرين، كلاهما يعتبر استثناءً من الأثر الرجعى ، الأول:- ترك للمحكمة الدستورية العليا ذاتها، أن تحدد في حكمها، تاريخاً لبدء إعمال أثر هذا الحكم، والثاني :- حدده حصرا في النصوص الضريبية ، فلم يجعل لها إلا أثرا مباشرا في جميع الأحوال وإذا كان ذلك، وكانت النصوص الضريبية هي التي تتعلق بالضريبة باعتبارها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا وبصفة نهائية من المكلفين بها، لا يملكون التنصل من أدائها، ولا تقابلها تبعا لذلك خدمة بذاتها أدتها مباشرة لأحدهم. وذلك على نقيض الرسوم التي لا تقتضيها من أيهم إلا بمناسبة عمل أو أعمال محددة بذاتها أدتها بعد طلبها منها، فلا يكون حصولها على مقابل يناسبها إلا جزءاً عادلاً عنها.
          وحيث إنه - ترتيبا على ما تقدم- وكانت المحكمة الدستورية العليا قضت في القضية رقم 175 لسنة 22 ق "دستورية " –على النحو السالف ذكره- بعدم دستورية نصوص غير ضريبية تتعلق برسوم تجبيها الدولة جبرا من شخص معين مقابل خدمة تؤديها، ولم تحدد تاريخا آخر لعدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته، ومن ثم يغدو إعمال القواعد العامة مستوجبًا ارتداد أثر الحكم بعدم الدستورية إلى تاريخ صدور النص التشريعي المقرر لهذه الرسوم، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي بات أو بانقضاء مدة التقادم وصدور حكم بذلك وفقا لنص المادة (387/1) من القانون المدني . متى كان ما تقدم، وكان بحث مدة التقادم وبيان مدى توافر شرائطه مسألة موضوعية تستقل بها محاكم الموضوع، إلا أن إعمال قيد التقادم الذى يحد من الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا، أمر يتعلق بإعمال آثار حكمها التي تلتزم بها محاكم الموضوع، بيد أن قيام تلك المحاكم بتطبيق هذا القيد على نحو يعوق المضي في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا تنفيذا صحيحًا ومكتملاً، يخول هذه المحكمة التدخل للأمر بالمضي في تنفيذ أحكامها بعدم الدستورية ، وعدم الاعتداد بالعائق الذى أعاق سريانها.
          وحيث إن التطبيق السليم لقيد التقادم -سالف الذكر- الذي يحد من الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا في غير النصوص الضريبية - ينطوي على أنه إذا كان سداد الرسوم تم إعمالا لنص قانوني نافذ، ثم قضي بعدم دستورية ذلك النص، مما يعنى زوال سبب الالتزام بالسداد، صار المبلغ الذى تم سداده دينًا عاديًا يخضع للتقادم المنصوص عليه بالمادة (374) من القانون المدني ومقداره خمس عشرة سنة ، لأن أثر الحكم بعدم الدستورية لا يسري على الوقائع المستقبلة فحسب، وإنما ينسحب إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم، بما لازمه أن ينفتح باب المطالبة للأفراد باسترداد المبالغ التي سبق أن سددوها إعمالا لذلك النص، مع مراعاة ما سبق بيانه بشأن استقرار الحقوق والمراكز القانونية .
          وحيث إن مطالبة المدعى بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 29/8/2004 في القضية رقم 205 لسنة 19 قضائية "دستورية "، لا يجد محلا في هذه المنازعة ، إذ إن الحكم المذكور تضمن تقرير حالة سداد الضرائب أو الرسوم ابتداء بغير حق، كحالة سداد المدعى مقدارها بالزيادة عما هو مقرر، أو يكون السداد تم على نحو مخالف لصحيح القانون، أو  لم يتم نشر سند المطالبة بالجريدة الرسمية ، وفى هذه الحالة يسرى نص المادة (337/2) من القانون المدني وفقا لتقريرات الحكم السالف الذكر.
          وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11820 لسنة 53 قضائية ، يكون قد خالف مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية دستورية ، ما يعتبر عقبة في تنفيذه، تستنهض ولاية هذه المحكمة لإزالتها، والمضي في تنفيذ حكمها الآنف البيان.
          وحيث إن طلب المدعى وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية المذكور، يعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ الراهنة ، بما مؤداه أن مباشرة هذه المحكمة - طبقا لنص المادة (50) من قانونها- اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ المقدم من المدعى - يكون وفقا لما جرى عليه قضاؤها- قد بات غير ذي موضوع. 
فلهذه الأسباب
          حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 5/9/2004 في القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية "، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11820 لسنة 53 ق. عليا. وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق