الصفحات

الخميس، 6 سبتمبر 2018

الطعن 2463 لسنة 55 ق جلسة 1 / 1 / 1986 مكتب فني 37 ق 2 ص 9


برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وفتحي خليفة.
------------
- 1  إثبات "تسجيلات". تحقيق . مأمورو الضبط القضائي . نيابة عامة
تسجيل المحادثات في مكان خاص عمل من أعمال التحقيق على النيابة أن تقوم به بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي. المادة 200 إجراءات .  تفويض النيابة مأمور الضبط القضائي المنتدب بندب غيره وجوب أن يكون الندب لمأمور مختص مكانياً ونوعياً بالإجراء .
لما كان من المقرر أن الأمر بتسجيل المحادثات التي تجرى في مكان خاص هو عمل من أعمال التحقيق ينبغي على النيابة العامة أن تقوم به بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي عملاً بنص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية التي تجيز لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض الأعمال التي من خصائصه فلا يجوز من ثم - ندب غير مأموري الضبط القضائي لتسجيل تلك المحادثات، كما لا يجوز لمأمور الضبط القضائي الذي ندبته النيابة العامة - من باب أولى أن يندب لإجراء التسجيل - ولو كان مفوضاً في الندب - شخصاً من غير مأموري الضبط المختصين مكانياً ونوعياً لإجرائه، وإلا كان التسجيل باطلاً.
- 2 محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم للقضاء بالبراءة. متى أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
من المقرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة، إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه ما دام الظاهر أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بصفته موظفاً عمومياً (معاون أملاك بهيئة السكك الحديدية منطقة ......) طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته وذلك بأنه طلب مبلغ مائة وعشرون جنيهاً أخذ منها مبلغ مائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات تأجير قطعة أرض فضاء من أملاك الهيئة سالفة الذكر له، وأحالته إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما هو مسند إليه، فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
من حيث أن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة الرشوة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على مخالفة للثابت بالأوراق، ذلك بأنه قضى ببطلان إجراءات تسجيل الحديث وإبطال الدليل المستمد منه بقالة أنه لم يتم بمعرفة مأمور الضبط القضائي مع أن نص المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية لا يوجب ذلك، كما أنه لم يفطن للدليل المستمد من أقوال المبلغ أن المطعون ضده اتفق معه على تقاضي مبلغ الرشوة والدليل المستمد من أقوال الضابط أنه ضبط المبلغ بحوزته، وعول - فيما عول عليه - في قضائه بالبراءة على أن مستحقات هيئة السكك الحديدية لدى المبلغ وزوجته تجاوز المائة جنيه في حين أن الأوراق خالية مما يفيد مديونية الزوجة، كما أن هيئة السكك الحديدية لم توافق على تأجير الأرض الفضاء للمبلغ على خلاف ما ذهب إليه الحكم

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وحصل عناصرها وما سيق عليها من أدلة، خلص إلى القضاء ببراءة المتهم - المطعون ضده - بقوله "وحيث إن المحكمة باستعراضها لظروف الدعوى ووقائع الضبط وملابساته لا يطمئن وجدانها إلى الاتهام القائم فيها، وتداخلها الريبة ويساورها الشك في أدلة الإسناد القائم عليها الاتهام أخذا بالأسباب الآتية: (أولا) أن الإذن الصادر من النيابة العامة بتاريخ 18/12/1982 الساعة 2.25 م بندب الشاهد الثاني لتسجيل ما يدور بين الشاهد الأول - المبلغ -، وبين المتهم قد عين بالذات الموكول له تنفيذ هذا الإذن دون سواه وهو الشاهد الثاني وحده، ودون أن يبيح له ندب آخر - وهو الشاهد الأول المبلغ وخص المتهم للقيام بإجراء التسجيل المأذون به، وتم ذلك فعلا في منزل المتهم قبل أن يصدر إذن النيابة العامة اللاحق بضبط المتهم وتفتيشه وتسجيل الحوار الذي يدور بينه وبين الشاهد الأول حال استلام المبلغ محل الاتهام، على نحو ما أثبته الشاهد الثاني في محضره المؤرخ 21/2/1982 الساعة 3 م فإن البطلان يلحق هذا التسجيل الذي تم في منزل المتهم في غيبة المأذون له ودون أية مباشرة منه، وينهار بذلك الدليل المستمد من هذا الإجراء الباطل وكل ما بني عليه باعتبار أن ما بني على باطل فهو باطل. (ثانيا) إن الثابت من الأوراق أن مستحقات هيئة السكك الحديدية قبل الشاهد الأول المبلغ وزوجته تجاوز المائة جنيه، وأن المتهم هو المختص بتحصيل تلك المستحقات ولا يغير وجه الرأي عدم استخراجه قسائم بالمبلغ الذي قام بتحصيله من الشاهد الأول فإن ذلك لا يعدو أن يكون مخالفه للتعليمات مجال المؤاخذة عليها الجزاء الإداري. (ثالثا) إن الثابت من الأوراق أنه قد تم فعلا موافقة هندسة السكك الحديدية على التأجير للشاهد الأول وأبلغ المتهم بذلك في تاريخ سابق على الواقعة وكان من الميسور على الشاهد الأول صاحب المصلحة في الحصول على هذه الموافقة الوقوف عليها بمتابعة طلبه المقدم في هذا الشأن ومعرفة ما تم بخصوصه. (رابعا) إن واقعة تسليم المتهم للمبلغ المضبوط لم تكن تحت بصر الشاهد الثاني على نحو ما قرر بذلك الأخير صراحة في التحقيقات
وحيث إنه لجماع ما تقدم فإن الاتهام المسند إلى المتهم على النحو سالف البيان سيكون قد اعتوره الشك وأعوزه الدليل القانوني الصحيح المقنع بالإدانة يقينا ومن ثم فيتعين لذلك القضاء ببراءة المتهم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأمر بتسجيل المحادثات التي تجرى في مكان خاص هو عمل من أعمال التحقيق ينبغي على النيابة العامة أن تقوم به بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي عملا بنص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية التي تجيز لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض الأعمال التي من خصائصه، فلا يجوز - من ثم - ندب غير مأموري الضبط القضائي لتسجيل تلك المحادثات كما لا يجوز لمأمور الضبط القضائي الذي ندبته النيابة العامة - من باب أولى أن يندب لإجراء التسجيل - ولو كان مفوضا في الندب شخصا من غير مأموري الضبط المختصين مكانيا لإجرائه، وإلا كان التسجيل باطلا. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى في قضائه على بطلان التسجيل الذي تم في منزل المتهم بمعرفة المبلغ - وهو من آحاد الناس - وفي غيبة مأمور الضبط القضائي الذي آذنته النيابة العامة في إجرائه فإنه يكون قد اقترن بالصواب ولم يخالف القانون في شيء، ويكون ما تثيره النيابة العامة الطاعنة في هذا الصدد على غير سند
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة، إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه مادام الظاهر أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض لأدلة الثبوت فيها بما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بظروفها وبأدلة الاتهام فيها، خلص إلى أن التهمة الموجهة إلى المطعون ضده محل شك للأسباب التي أوردها وهي أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صدق دفاع المطعون ضده وصحة تصويره لواقعة أن المبلغ الذي تسلمه من الشاهد الأول هو عبارة عن مستحقات لهيئة السكك الحديدية قبل الشاهد المذكور وزوجته، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم بخصوص مديونية زوجة الشاهد الأول وموافقة هيئة السكك الحديدية على التأجير، له مأخذه الصحيح في الأوراق، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن من دعوى مخالفة الثابت في الأوراق لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا في ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق