الصفحات

الأربعاء، 18 يوليو 2018

الطعن 412 لسنة 20 ق جلسة 1950/10/9 مكتب فني 2 ج 1 ق 4 ص 7


برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن إسماعيل الهضيبي بك، وفهيم إبراهيم عوض بك، وإبراهيم خليل بك، ومحمد غنيم بك المستشارين.
------------
إثبات.
شهود. سماعهم ومناقشتهم. القانون لم يرسم طريقا لذلك. عدم طلب الدفاع إلى المحكمة سؤال الطبيب الشرعي عن أمر. نعيه عليها إغفال سؤاله عنه. لا يصح.
متى كان القانون لم يرسم لمحكمة الموضوع طريقاً معيناً تتبعه في سماع الشهود ومناقشتهم بالجلسة، بحيث إذا فاتها توجيه سؤال مما يقتديه فن التحقيق جاز اتخاذ ذلك وجهاً للطعن في حكمها، فإنه لا يكون للمتهم الذي لم يطلب إلى المحكمة سؤال الطبيب الشرعي في أمر أن ينعى على حكمها إغفالها سؤاله عنه.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة في دعواها رقم 2331 سنة 1947 طهطا المقيدة بالجدول الكلي برقم 556 سنة 1947 كلا من: 1-........ (الطاعن) و2-......... و3-....... بأنهم في 8 أكتوبر سنة 1947 الموافق 23 من ذي القعدة سنة 1366 بناحية جهينة الغربية مركز طهطا مديرية جرجا ـ الأول: قتل......... عمدا بأن أطلق عليه عيارا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد، والثاني والثالث. اشتركا مع الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفقا معه ورافقاه إلى مكان الحادث لشد ازره ومعهما مسدساهما فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة، وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات بالنسبة للأول وبها وبالمادتين 40/2 ـ و41 من ذات القانون للثاني والثالث، فقرر بذلك. وقد ادعتا بحق مدني 1ـ....... "والدة القتيل" و2ـ........ "زوجته" قبل المتهمين وطلبتا الحكم لهما قبلهم متضامنين بمبلغ ثلثمائة جنية على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات سوهاج قضت: أولا ـ بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة وبإلزامه بأن يدفع لكل من المدعيتين بالحق المدني مائة جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة وأربعمائة قرش أتعابا للمحاماة وذلك عملا بالمادة 234/1 من قانون العقوبات وثانيا ـ براءة كل من المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية قبلهما عملا بالمادة 50/2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 7 يونيه سنة 1948 وقيد هذا الطعن برقم 1934 سنة 18 القضائية. ومحكمة النقض قضت بتاريخ 28 ديسمبر سنة 1948 بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة جنايات سوهاج لتقضي فيها مجددا دائرة أخرى وإلزام المدعيتين بالحقوق المدنية بالمصاريف المدنية. ومحكمة جنايات سوهاج سمعت هذه الدعوى من جديد بهيئة أخرى وقضت بمعاقبة المتهم...... بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة وبإلزامه بأن يدفع لكل من المدعيتين المدنيتين...... و........... مبلغ مائه جنيه على سبيل التعويض ومصاريف الدعوى المدنية و300 قرش أتعاب محاماة وذلك عملا بمواد الاتهام. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض (لثاني مرة)..... إلخ.
-----------
المحكمة
وحيث إن أوجه الطعن تتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بالقتل العمد قد أخل بحقه في الدفاع وأخطأ في الاستدلال وتخاذل في الأسباب وبني على إجراءات باطلة. ذلك أن المحكمة إذ رفضت ما طلبه الدفاع بالجلسة من سؤال المدعيتين بالحق المدني عما إذا كان أخو المجني عليه قد قتل قبل هذه الحادثة وهو يسرق قمحا من زراعة معينة وأن المجني عليه أخفى جثة أخيه ولم يبلغ عن قتله إيثارا منه للانتقام من أصحاب الزراعة فعاجله هؤلاء بالقتل في السوق قبل أن يتمكن من ثأره, إذ رفضت المحكمة هذا الطلب ولم ترد في حكمها عليه كما أغفلت ما طلبه من سؤال الطبيب الشرعي عما إذا كان في مقدور المجني عليه بعد إصابته بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي أن يظل حيا طيلة الزمن الذي استغرقه ذهاب ((البلوكامين)) الذي كان بمحل الحادث من هذا المكان إلى منزل قريب المتهم ووقوفه بهذا الباب نحوا من ثلث ساعة ثم تفتيشه لهذا المنزل وعودته إلى حيث يوجد المصاب ليسأله ويسمع منه اسم المتهم وطريقة إصابته, وأغفلت المحكمة سؤال الطبيب الشرعي عن ذلك بالرغم من استدعائها إياه لجلسة ثم استندت في إدانة الطاعن بين ما استندت إليه في ذلك إلى الأقوال التي نقلها البلوكامين عن لسان المجني عليه مع سبق قولها إنها لا تعول على هذه الأقوال. كما استندت كذلك إلى القول بأن الطبيب الشرعي قد قرر بالجلسة أن الرش المستخرج من جثة القتيل وما وجد منه بملابسه هو لخرطوش بندقية من نوع الجرينز الذي يستعمله الخفراء في حين أن الثابت بمحضر الجلسة أن الطبيب المشار إليه إنما ذكر صراحة أن هذا الرش يصح أن يكون لخرطوش بندقية صيد من عيار 16 كما قال ((البلوكامين)) في محضر تحقيق النيابة إنه إنما عثر على كرتون خرطوشة عليه رقم 16 وقدم هذا الكرتون فأثبتت النيابة وصفه بالمحضر بما يطابق هذا القول - على الرغم من هذا وذاك قالت المحكمة إن الرقم المذكور لم يكن ظاهرا تماما وأن الكرتون إنما يشبه كرتون خرطوشة قدمها حكمدار البوليس لبندقية من نوع الجرينز وذلك مع وجود الفارق بين حجمي الكرتونتين وتمسك الدفاع, به ودون أن تجري في ذلك تحقيقا عن طريق خبير في السلاح أدرى بفنونه من كلا الطبيب والحكمدار, ثم إن المحكمة لم تستجب لما طلبه محامي الطاعن من الانتقال لمعاينة محل الحادث وإثبات حالة السوق والطريق من محل الواقعة للمنزل الذي كان به المتهم لتتحقق من استحالة تصديق رواية "البلوكامين" من أنه بعد علمه بالحادث وخروجه من السوق إلى مكانه قد رأى المتهم وتبعه بنظره وبخاصة وقد قدم المحامي رسما للسوق وصورة شمسية لحالة التجمهر, كما قرر الشهود أن جمهورا من الناس كان يسبق رجل البوليس في ملاحقة المتهم مما من شأنه أن يحجبه عن نظره, لم تستجب المحكمة لهذا الطلب ولم ترد في حكمها بشيء على الصورة الشمسية اكتفاء منها بمعاينة النيابة بمقولة إن الدفاع لم يعترض عليها على حين أن ما طلبه من الانتقال هو الاعتراض بعينه. هذا إلى أن شهود الإثبات قد انصرفوا من المحكمة بغير ترخيص منها وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى مما استحال معه في الجلسة التالية مواجهة ((البلوكامين)) بشهود نفي المتهم الذين سمعوا في تلك الجلسة ومناقشة المدعيتين بالحقوق المدنية فيما طلب الدفاع إعادة استجوابهم بشأنه وأن المحكمة قد طرحت أقوال شهود النفي بمقولة إنهم أقارب المتهم, وهذا فضلا عن مخالفته للحقيقة فإنه لا سند له من الأوراق, كما استندت في إثبات ما أنكره المتهم من استلامه للبندقية إلى دفتر الأحوال على رغم اعتراض الدفاع بخلو بيان الاستلام من توقيع المتهم ومن أن هذا البيان قد أثبت بعد واقعة الدعوى خدمة للاتهام. هذا إلى استنادها إلى أقوال العمدة المتوفى أمام الهيئة السابقة - التي نقض حكمها دون تلاوة منها لهذه الأقوال
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة على ثبوتها قبل الطاعن وعرض لأوجه دفاعه المبينة بأسباب طعنه وفندها واحدا فواحدا وكانت الأسباب التي قام عليها من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - لما كان ذلك وكان رد المحكمة على طلب الدفاع سؤال المدعيتين بالحقوق المدنية يبين منه عدم حاجة الدعوى إليه, وكان القانون لم يرسم لمحكمة الموضوع طريقا معينا تسير فيه عند سماع الشهود ومناقشتهم في الجلسة بحيث إذا فاتها توجيه سؤال مما يقتضيه فن التحقيق جاز اتخاذ ذلك وجها للطعن في حكمها وكان محامي الطاعن لم يطلب إلى المحكمة بالجلسة سؤال الطبيب الشرعي في شأن ما ينعي عليها إغفال سؤاله عنه وكان الحكم المطعون فيه لا يبين منه أنه استند بين ما استند إليه في إدانة الطاعن إلى أقوال منقولة عن المجني عليه بعد إصابته, ولم يكن ثابتا بمحضر الجلسة أن الدفاع قد طلب إلى المحكمة ندب خبير فني في السلاح لإجراء التحقيق المشار إليه بوجه الطعن, أو تمسك بطلب حضور الشهود للجلسة التالية لجلسة سماعهم أو طلب في تلك الجلسة إجراء المواجهة بينهم وبين شهود النفي, وكان رد المحكمة على طلب الدفاع للانتقال مما يسوغ في العقل رفض هذا الطلب كما أنها في اطراحها لأقوال شهود النفي لم تستند في ذلك إلى القول بأنهم أقارب المتهم وكان لا محل لما يثيره الطاعن عن دفتر أحوال القرية من أنه لم يوقع فيه باستلام البندقية على بيان هذا الاستلام, ومن أن هذا البيان لم يحرر إلا بعد الحادثة لخدمة الاتهام - لا محل لما يثيره الطاعن من ذلك لما قالته المحكمة من أن التهمة صحيحة كذلك من أن شيخ الخفراء والخفراء قد أجمعوا في شهادتهم على أن المتهم كان مكلفا بالخدمة في السوق يوم الحادث لحفظ الأمن, وكانت معه بندقيته الأميرية, وأن ذلك أثبت في دفتر أحوال القرية, وأنه لا يؤثر في ذلك قول المتهم إنه لم يوقع في الدفتر, لأن نائب مأمور المركز وضابط النقطة قررا في التحقيق أن الخفراء لا يوقعون على الخدمات التي يندبون لها وأن حكمدار المديرية شهد بما يؤيد ذلك وأن التعليمات في هذا الصدد كانت مهملة وأنه يبين من الاطلاع على دفتر الأحوال عدم وجود توقيعات للخفراء الذين عينوا لحفظ الأمن في السوق في أسبوع سابق. وكانت أقوال العمدة المتوفى بين العناصر المطروحة في الدعوى إلى جانب أدلة الإثبات الأخرى التي حققتها المحكمة بالجلسة - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون سليما ولا يكون الطعن في واقعه إلا جدلا في موضوع الدعوى وعودا إلى مناقشة أدلتها مما لا تصح إثارته أمام محكمة النقض
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق