الصفحات

الأحد، 8 يوليو 2018

الطعن 1642 لسنة 34 ق جلسة 4 / 1 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 5 ص 16


برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي, ومحمد صبري, وقطب فراج, ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
-----------
- 1  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". شهادة زور .
تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك. لا يصح . علة ذلك ؟ ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة وجوب ألا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى مثال .
الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتمادا على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك لأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة، وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. ومن ثم فإن إدانة الطاعن الثالث في جريمة الشهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة قد خالفت ما أبلغ به العمدة وما قرره في التحقيقات الأولية لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها مما يجعل الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن الثالث معيباً ويستوجب نقضه بالنسبة إليه وإلى الطاعنين الأول والثاني - المحكوم عليهما في الجريمة التي سمعت فيها تلك الشهادة - وبالتالي فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى جميع الطاعنين والإحالة.
- 2  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". قتل " نية القتل ".
القصد الجنائي في جريمة القتل العمد . تميزها عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي علي النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل ازهاق روح المجني عليه . علي المحكمة عند الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أو الشروع فيها أن تعني بالتحدث عنه استقلالا وأن تورد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المسند اليه كان في لواقع يقصد ازهاق روح المجني عليه . مثال .
القصد الجنائي في جريمة القتل العمد يتميز عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه. ولما كان هذا العنصر بطبيعته أمراً داخلياً في نفس الجاني، فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أو بالشروع فيها أن تعني المحكمة بالتحدث عنه استقلالا وأن تورد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه. ولما كان ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعنين الأولين من إطلاقهما أعيرة نارية من بنادق سريعة الطلقات وهي أسلحة قاتلة بطبيعتها لا يوفر وحده الدليل على ثبوتها، إذ أن مجرد استعمال سلاح ناري لا يفيد حتماً أن القصد هو إزهاق الروح، وكان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعنان دون أن يكشف عن نية القتل، فإنه يكون قاصراً مما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الطاعنين الأولين.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين الأول والثاني بأنهما في يوم 8/2/1962 بناحية مركز البداري محافظة أسيوط - أولا: شرعا في قتل .... و..... عمدا مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتل الأول وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين من شأنهما القتل (بندقيتين) وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه أحدهما أعيرة نارية قاصدين قتله فأخطأته وأصابت المجني عليها الثانية بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو عدم إحكامهما الرماية بالنسبة للمجني عليه الأول ومداركة المجني عليها الثانية بالعلاج. ثانيا: أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين "مششخنين بندقيتين". ثالثا: أحرزا ذخيرة طلقات مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات و1 و6 و26/2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرفق. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات أسيوط وجهت النيابة العامة إلى الطاعن الثالث تهمة شهادة الزور لصالح المتهمين الأولين. وطلبت عقابه بالمادة 294 من قانون العقوبات. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بتاريخ 22 أكتوبر سنة 1963 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الطاعنين الأولين. أولا - بمعاقبة كل من الطاعنين الأول والثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. ثانيا - بمعاقبة الطاعن الثالث بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث شهور عن تهمة شهادة الزور. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين الأولين بجريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار ودان الطاعن الثالث بجريمة الشهادة الزور, قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال, ذلك بأنه لم يبين نية القتل بياناً وافياً يستدل منه على أن نية الطاعنين الأولين قد انصرفت إلى إزهاق روح المجني عليهما أو أنهما أطلقا النار على مقاتل منهما, كما أنه اعتمد في إدانة الطاعن الثالث على أن روايته التي أدلى بها في التحقيقات تخالف تلك التي أبداها في الجلسة ويغير بيان الأدلة التي تدل على صدقه في تلك الرواية عما عداها
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها, تحدث عن نية القتل فقال "إنها ثابتة من إطلاق المتهمين (الطاعنين الأول والثاني) الأعيرة النارية من بنادق سريعة الطلقات صوب المجني عليه والتي وإن كانت قد أخطأته إلا أنها من سلاح قاتل بطبيعته وقد أصابت بالفعل المجني عليها ......". لما كان ذلك, وكان القصد الجنائي في جريمة القتل العمد يتميز عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه. وكان هذا العنصر بطبيعته أمراً داخلياً في نفس الجاني, فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أو بالشروع فيها أن تعني المحكمة بالتحدث عنه استقلالاً وأن تورد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين أرتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه - ولما كان ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعنين الأولين من إطلاقهما أعيرة نارية من بنادق سريعة الطلقات وهي أسلحة قاتلة بطبيعتها لا يوفر وحدة الدليل على ثبوتها إذ أن مجرد استعمال سلاح ناري لا يفيد حتماً أن القصد هو إزهاق الروح. وكان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعنان دون أن يكشف عن نية القتل. لما كان ذلك, فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً مما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الطاعنين الأولين بغير حاجة إلى بحث باقي الأوجه الخاصة بهما. ولما كان الحكم قد عرض لتهمة الشهادة الزور المسندة إلى الطاعن الثالث في قوله "ولا تلتفت المحكمة إلى عدول الشاهد (الطاعن الثالث) ذلك أنه قد شهد بالتحقيقات بتفصيلات الحادث وأكد مشاهدته للمتهمين يتعقبان المجني عليه ويطلقان النار عليه بعد أن دخل السباته للاحتماء بها فأصيبت زوجته وكان هو أول من توجه لإبلاغ العمدة عن الحادث, وقد حضر المجني عليه إلى العمدة أثناء وجوده لديه, الأمر الذي يجعل عدوله بالجلسة عن تلك الأقوال إنما جاء خدمة للمتهمين اللذين يخشى من اعتدائهما على حياته, ومن ثم كان ذلك العدول على هذه الصورة عدولاً عن الحقيقة إلى الزور. وانتهى الحكم من ذلك إلى ثبوت تهمة الشهادة الزور قبل الطاعن الثالث. لما كان ذلك, وكان الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك لأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة, وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى, وإذن فإن إدانة الطاعن الثالث في جريمة الشهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة قد خالفت ما أبلغ به العمدة وما قرره في التحقيقات الأولية لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها مما يجعل الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن الثالث معيباً ويستوجب نقضه بالنسبة إليه وإلى الطاعنين الأول والثاني - المحكوم عليهما في الجريمة التي سمعت فيها تلك الشهادة - لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى جميع الطاعنين والإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق