الصفحات

الأربعاء، 18 يوليو 2018

الطعن 1089 لسنة 20 ق جلسة 1950/11/20 مكتب فني 2 ج 1 ق 75 ص 191


برياسة صاحب السعادة أحمد فهمي إبراهيم وكيل المحكمة وحضور أحمد حسني وفهيم إبراهيم عوض وإبراهيم خليل ومحمد غنيم.
-------------
دفاع شرعي.
لا يلزم لقيامه وقوع اعتداء بالفعل يكفي وقوع فعل يخشى منه المدافع وقوع الاعتداء. تقدير ذلك. العبرة فيه هي بما يراه المدافع لا برأي المحكمة. مثال لقصور الحكم في نفي حالة الدفاع الشرعي.
إنه لما كان لا يلزم في القانون لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون اعتداء قد وقع فعلاً على النفس أو على المال، بل يكفي أن يكون قد وقع فعل يخشى منه المدافع لأسباب معقولة أن يقع هذا الاعتداء، وكان يكفي أن يكون تقدير المدافع للفعل المستوجب للدفاع قائماً على أسباب من شأنها أن تسوغ تقديره، مما تكون به العبرة في التقدير هي بما يراه المدافع في الظروف التي كان هو فيها، لا برأي المحكمة وهي تصور الحكم في الدعوى - لما كان ذلك كله كذلك كان لا يكفي لنفي ما تمسك به المتهم من قيام حالة الدفاع الشرعي قول الحكم "إن ما نسب إلى المجني عليهما من اعتداء أوقعاه على المتهم لم يكن من الخطورة بحيث يبيح له أن يوقع بهما هذا التعدي الشديد الذي خلفه بعد عملية التربنة وهو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة".
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين المذكورين في قضية الجناية رقم 513 صدفا سنة 1948 المقيدة بالجدول الكلي برقم 332 سنة 1948 بأنهما في يوم 7 من أبريل سنة 1948 الموافق 27 من جمادى الأولى سنة 1367 بناحية أولاد إلياس مركز صدفا مديرية أسيوط (الأول) ضرب........ عمدا بعصا ثقيلة (عكاز) على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي نشأت عن إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي عبارة عن فقد جزء يمين مقدم فروة الرأس بقطر نحو سنتيمترين من عظام الجمجمة يعرض حياته للخطر ولا يمكن تقدير مدى العاهة نظرا لخطورة المضاعفات التي تنشأ عنها. و(الثاني) ضرب ...... عمدا بعصا ثقيلة (عكاز) على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي نشأت عن إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي عبارة عن فقد جزء من يمين مقدم فروة الرأس بقطر نحو سنتيمترين ونصف يعرض حياته للخطر ولا يمكن تقدير مدى العاهة نظرا لخطورة المضاعفات التي قد تنشأ عنها. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 240/1 من قانون العقوبات. وقد ادعى........ بحق مدني قبل المتهم الثاني (.......) وطلب أن يحكم له عليه بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات أسيوط قضت عملا بمادة الاتهام (أولا) بمعاقبة كل من...... و...... بالسجن لمدة ثلاث سنوات (ثانيا) بإلزام ....... بأن يدفع إلى....... مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية ومبلغ ثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.
------------
المحكمة
... وحيث إن مما بني عليه الطعن هو أن الطاعنين قد دفعا التهمة الموجهة إليهما بأنهما كانا وقت اعتدائهما على المجني عليهما بالضرب الذي أحدث بكل منهما العاهة, في حالة دفاع شرعي عن نفسيهما, وأن المدافع عنهما قد تمسك أمام المحكمة بهذا الدفاع, ولكن الحكم المطعون فيه رغم تسليمه في أسبابه بحصول مشادة بين الفريقين انتهت بتماسكهما وبحصول اعتداء على الطاعنين من المجني عليهما قد انتهى إلى نفي قيام حالة الدفاع الشرعي ودان الطاعنين بجناية إحداث عاهة مستديمة وعلل رفضه لدفاعهما سالف الذكر بأسباب تنطوي على مخالفة القانون
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله: إن المتهم الأول(.......) يعمل خفيرا بماكينة ري مملوكة للخواجة .......بناحية أولاد الياس مركز صدفا وأن المتهم الثاني(...........) أخا المتهم الأول هو (أوسطى) هذه الماكينة. وتقع هذه الماكينة على مقربة من منزل المجني عليهما ومن حقلهما وكان ..... قد استأجر أرضا من ملك الخواجة ................ وأراد ريها من ماكينته في يوم الأربعاء 7 من أبريل سنة 1948 الموافق 27 من جمادى الأولى سنة 1367 هجرية فقصد عند غروب ذلك اليوم إلى........ وطلب منه أن يسقي له أرضه فرفض واستمهله إلى الغد ووقعت بعد ذلك مشادة بين الفريقين انتهت بتماسكهما وقد تمكن المتهم الثاني........ في أثناء ذلك من ....... فضربه بعصا كانت معه على رأسه ضربة أصابت عظم جبهته فكسرته واستدعى ذلك إجراء عملية تربنة لهذا المصاب رفع فيها من عظام الجبهة مساحة مستديرة الشكل قطرها سنتيمتران ونصف تقريبا. أما....... فإنه كان قد جاء على أثر تماسك والده مع..... وسأل هذا الأخير عن سبب تماسكه مع والده فعاجله هو الآخر بضربة على رأسه أحدثت كسرا شرخيا بعظام الصدغية والجدارية اليمنى, وقد عملت له بسبب ذلك عملية تربنة ورفع من عظام الجدارية والصدغية اليمنى مساحة مستديرة الشكل تقريبا قطرها سنتيمتران ونصف كذلك. ثم عرض لدفاع الطاعنين المبين بوجه الطعن فقال: إن الدفاع عن المتهمين أثار بالجلسة أنهما كانا في حالة دفاع شرعي عن نفسيهما, إذ قصد إليهما المجني عليهما بحجة طلب الماء لري أرضهما ولكنهما تحرشا بهما واعتديا عليهما وأحدثا بهما عدة إصابات, وذلك فضلا عن أن الحادث وقع في الظلام والرؤية لم تكن ميسورة. وأنه عن حالة الدفاع الشرعي فإن قانون العقوبات ينص في المادة 246 منه على أن هذا الحق يبيح للإنسان استعمال القوة اللازمة لدفع كل فعل يعتبر جريمة عن النفس. وتلاحظ المحكمة أنه فضلا عن أنه لم يقم أي دليل على أن الاعتداء وقع ابتداء من جانب المجني عليهما كما يزعم الدفاع فإن ما ينسب إلى هذين المجني عليهما من اعتداء أوقعاه على المتهمين لم يكن من الخطورة بحيث يبيح للمتهمين أن يوقع بهما هذا التعدي الشديد الذي خلفهما بعد عملية التربنة وهما أقرب للموت منهما إلى الحياة
والمتهمان في هذا الموضع لا يستطيعان أن يحتميا بحق الدفاع ولا أن ينتفعا بالمزايا القانونية التي نص عليها القانون في المادة 251 منه لمن تعدى بنية سليمة حدود هذا الحق لأنهما تعمدا القسوة في تعديهما واستعملا لذلك عصيا غليظة هدفا بها نحو الجمجمة دون بقية أعضاء الجسم مما ينفي عنهما سلامة النية التي يتطلبها القانون ويجردهما من حق الاحتماء بنظرية الدفاع الشرعي
وحيث إنه لما كان لا يلزم في القانون لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون اعتداء قد وقع فعلا على النفس أو على المال, بل يكفي أن يكون قد وقع فعل يخشى منه المدافع لأسباب معقولة أن يقع هذا الاعتداء كما كان يكفي أن يكون تقدير المدافع للفعل المستوجب للدفاع قائما على أسباب من شأنها أن تسوغ تقديره, وكانت العبرة إذن في هذا التقدير هي بما يراه المدافع في الظروف التي كان هو فيها, وكان تقدير المحكمة وهي تصور الحكم في الدعوى يجب ألا يحسب له في ذلك حساب - لما كان ذلك, فإن ما تقدم من قول الحكم بأن ما نسب إلى هذين المجني عليهما من اعتداء أوقعاه على المتهمين لم يكن من الخطورة بحيث يبيح للمتهمين أن يوقعا بهما هذا التعدي الشديد الذي خلفهما بعد عملية التربنة" وهما أقرب للموت منهما إلى الحياة "- قول الحكم هذا لا يصلح سببا لنفي ما تمسك به الطاعنان من أنهما كانا في حالة دفاع شرعي ويتعين لذلك قبول الطعن
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق