الصفحات

الأربعاء، 6 يونيو 2018

حكم المحكمة الدستورية بشأن قتل سوزان تميم

الطعن 12 لسنة 38  ق " منازعة تنفيذ "جلسة 5 / 5 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 146
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018 م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439 هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيري طه النجار وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 38 قضائية "منازعة تنفيذ".
---------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد قدمت كلا من المدعي – كمتهم أول – والمدعى عليه التاسع – كمتهم ثان – للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات القاهرة في القضية رقم 10205 لسنة 2008 جنايات قسم قصر النيل، والمقيدة برقم کلي 914 لسنة 2008، بوصف أنهما: في 28 من يوليو سنة 2008 بدائرة قسم قصر النيل، محافظة القاهرة، المتهم الأول – المدعي – أولا: وهو مصري الجنسية، ارتكب جناية خارج القطر وهي قتل المجني عليها .....، عمدا مع سبق الإصرار، بتحريض من المتهم الثاني – المدعى عليه التاسع – مقابل حصوله منه على مبلغ نقدي "مليوني دولار" لارتكاب تلك الجريمة. ثانيا: حاز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "مسدس ماركة CZ عيار 6.35", على النحو المبين بالتحقيقات، ثالثا: حاز ذخائر "29 طلقة عيار 6.35"، مما تستعمل في السلاح المبين بالوصف السابق، حال كونه غير مرخص له بحيازته، على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثاني: اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في قتل المجني عليها ..... انتقاما منها. وطلبت النيابة العامة معاقبتهما بموجب نصوص المواد أرقام (3, 40, 41/ 1, 230, 231, 235) من قانون العقوبات، والمواد أرقام (1/ 1, 6, 26/ 2 – 5, 30) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه، المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012، والبند (أ) من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحق به المعدل. وأثناء تدوول القضية بالجلسات، ادعي مدنيا كل من والد ووالدة وشقيق المجني عليها، قبل كل من المتهمين، بطلب إلزامهما بأن يؤديا لهم مبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت
وبجلسة 21/ 5/ 2009, قررت المحكمة إحالة أوراق المتهمين – المدعي والمدعى عليه التاسع – إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي، وحددت جلسة 25/ 6/ 2009 للنطق بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضوريا أولا: بمعاقبة المتهمين بالإعدام، وذلك عما نسب للمتهم الأول – المدعي - في التهمة أولا، وعما نسب للمتهم الثاني – المدعى عليه التاسع –. ثانيا: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المشدد عشر سنوات عما نسب إليه في التهمتين ثانيا وثالثا. ثالثا: بمصادرة مبلغ مليوني دولار والسلاح والذخائر المضبوطة. رابعا: إلزام المتهمين بالمصاريف الجنائية، خامسا: إلزامهما بأن يدفعا متضامنين لكل من المدعين مدنيا مبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. وإذ لم يرتض المتهمان ذلك الحكم، فطعنا عليه بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية على المحكمة، والتي قيدت بجدولها برقم 10664 لسنة 79 قضائية، وبجلسة 4/ 3/ 2010, قضت محكمة النقض بقبول عرض النيابة العامة للقضية، وطعن المحكوم عليهما شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم محل الطعن وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة للفصل فيها مجددا بهيئة أخرى. وتدوولت القضية أمام محكمة الإعادة بهيئة مغايرة، والتي قضت فيها بجلسة 28/ 9/ 2010 أولا: بمعاقبة المتهم الأول – المدعي – بالسجن المؤبد عما أسند إليه بالتهمة محل البند أولا المشار إليها، وبالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه بالتهمتين محل البندين ثانيا وثالثا. ثانيا: بمعاقبة المتهم الثاني - المدعى عليه التاسع – بالسجن المشدد خمسة عشر عاما عما أسند إليه. ثالثا: بمصادرة مبلغ مليوني دولار والسلاح والذخيرة المضبوطين ..... وفي الدعوى المدنية، بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة. فطعن المحكوم عليهما والنيابة العامة على هذا الحكم بطريق النقض، والذي قيد برقم 12546 لسنة 80 قضائية، وقضت فيه محكمة النقض بجلسة 16/ 1/ 2012 أولا: بقبول طعن النيابة العامة شكلا ورفضه موضوعا. ثانيا: بقبول طعن المحكوم عليهما شكلا ونقض الحكم المطعون فيه. وبجلسة 6/ 2/ 2012, قضت محكمة النقض أولا: بمعاقبة المتهم الأول – المدعي في الدعوى المعروضة – بالسجن المؤبد عن التهمة الأولى، وبمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عن التهمتين الثانية والثالثة. ثانيا: بمعاقبة المتهم الثاني – المدعى عليه التاسع في الدعوي المعروضة – بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة. ثالثا: بمصادرة النقود والسلاح والذخيرة المضبوطة، وقد ارتكنت محكمة النقض في شرعية محاكمتها للمتهمين ومن ثم معاقبتهما إلى المادة (3) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، والتي نصت على أن "كل مصري ارتكب وهو في خارج القطر فعلا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه، إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكبه فيه"، وهو الأمر الذي ينطبق تفصيلا على الواقعة محل الاتهامات الموجهة للمدعي كفاعل أصلي وللمدعى عليه التاسع كشريك له، فضلا عن العمل بنصوص اتفاقية التعاون القانوني والقضائيبين جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمنشورة بالجريدةالرسمية بتاريخ 3/ 5/ 2001, وبدء العمل ببنودها بعد التصديق عليها، ومن ثم اكتسابها قوة القانون، وهي الاتفاقية التي لم تضع قيدا استثنائيا على الأصل في حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إذا ارتكبت الجريمة في الدولة الأخرى
وحيث إن المدعي، بعد أن عرض وقائع منازعة التنفيذ السابقة المقامة منه المقيدة برقم 22 لسنة 37 قضائية، والحكم الصادر بعدم قبولها بجلسة 5/ 12/ 2015, ارتأى أن جديدا قد جد، يتمثل في أمرين، أولهما: رأي فضيلة المفتي – المقدم في القضية رقم 27 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ"، المقامة من .......، حال تحضيرها بهيئة المفوضين – التي نظرتها هذه المحكمة بالجلسة ذاتها التي نظرت فيها الدعوى المعروضة – من أنه "إذا تنازل ولي الدم عن القصاص من القاتل على الدية أو بالعفو مطلقا، فإن ذلك يسقط القصاص عن القاتل، ويجوز لولي الأمر إذا رأى أن المصلحة في إنزال العقوبة المناسبة بالجاني، أن يفعله على وجه التعزير، ولو كان ذلك بعد عفو أولياء الدم". والأمر الثاني: ما تأسس عليه الحكم الصادر في القضية رقم 62 لسنة 35 قضائية "منازعة تنفيذ"، بجلسة 4/ 2/ 2016, بتطبيق حكم المادة (49) من قانون هذه المحكمة، بشأن رجعية أثر الحكم الصادر بعدم دستورية النصوص العقابية، ليشمل الأحكام الصادرة بالإدانة استنادا إليها، ولو كانت باتة. ويرى المدعي أن هذا الحكم في صالحه وصالح المدعى عليه التاسع، بالنسبة للعقوبة المقضي بها عليهما عن التهمة الأولى – القتل العمد مع سبق الإصرار، والتحريض والاتفاق والمساعدة على ارتكابها –، كما أنه يستفيد منفردا في شأن العقوبة المقضي بها عليه عن التهمتين الثانية والثالثة – إحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بدون ترخيص – إعمالا لأثر الحكم الصادر بجلسة 14/ 2/ 2015, في كل من القضيتين رقمي 78 و88 لسنة 36 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية الفقرة السابعة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012. خاصة وأن هذين الحكمين صدرا بعد صدور حكم محكمة النقض المنازع في تنفيذه، وقد اشتملت صحيفة الدعوى على صورة ضوئية من تنازل المدعين مدنيا في القضية الصادر فيها الحكم بمعاقبة المدعي والمدعى عليه التاسع
ومن جانب آخر، يري المدعي أن الحكم الصادر في القضية رقم 62 لسنة 35 قضائية "منازعة تنفيذ" – سالف الإشارة – مكملا بالحكم الصادر بجلسة 4/ 5/ 1985, في القضية رقم 20 لسنة (1) قضائية "دستورية" – فيما ورد به من أنه اعتبارا من 22/ 5/ 1980، تاريخ تعديل المادة الثانية من دستور سنة 1971, صار المشرع ملزما فيما يسنه من تشريعات جديدة أو معدلة لتشريعات سابقة، بمراعاة أن تكون متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية – كان يوجب على المشرع عند إضافته المادة 18 مكررا (أ) لقانون الإجراءات الجنائية، بموجب القانون رقم 174 لسنة 1998، ثم استبدالها بالقانون رقم 145 لسنة 2006، مراعاة أن تكون متوافقة وأحكام الشريعة الإسلامية، بإضافة جريمة القتل العمد، أسوة بجريمة القتل الخطأ المعاقب عليها بالمادة (238/ 1, 2) من قانون العقوبات – التي اشتمل عليها ذلك النص – ضمن الجرائم التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية بتصالح المجني عليه أو ورثته، مع المتهم، ولو كان الحكم الصادر فيها قد صار باتا، وذلك إعمالا لأثر تنازل أولياء حق الدم عن القصاص من القاتل، باعتباره من أحكام الشريعة الإسلامية، واجبة الإعمال في حقه وحق المدعى عليه التاسع، وفقا لما تنص عليه المادة (7) من قانون العقوبات من أنه "لا تخل أحكام هذا القانون في أي حال من الأحوال بالحقوق الشخصية المقررة في الشريعة الغراء"، خاصة وأن الأزهر الشريف – باعتباره المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية وفقا لنص المادة (7) من الدستور الحالي – قد أدلى بدلوه فيما ورد بالفتوى الخاصة بأثر تنازل أولياء حق الدم عن القصاص من القاتل، على دية أو بالعفو مطلقا. الأمر الذي ارتأى معه المدعي عدم دستورية نص المادة 18 مكررا (أ) قانون الإجراءات الجنائية، والمواد (230, 231, 235) من قانون العقوبات، فدفع بعدم دستوريتها، أو أن تقضي المحكمة الدستورية العليا بذلك إعمالا لرخصة التصدي المخولة لها بموجب نص المادة (27) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك على نحو ما سبق لها انتهاجه في القضية رقم 5 لسنة 22 قضائية "منازعة تنفيذ". ويرى المدعي أن ما تقدم جميعه يستند إلى حكم المادتين (49, 50) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وما ورد في ديباجة الدستور القائم، ومواده أرقام (2, 7/ 1, 97, 192, 195, 224)، والتي تؤكد على تعدد صور منازعات التنفيذ، وتنوع تطبيقاتها
وأورد المدعي في صحيفة دعواه أنه إزاء ما استحدثه دستور سنة 2014، في المادتين (192, 195)، من النص في أولاهما تفصيل على اختصاصات المحكمة الدستورية العليا، ومن بينها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، والفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها، والنص في ثانيتهما على أن "الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم"، فإن ما يرد بأسباب أحكام هذه المحكمة تكون لها قوة ملزمة، خاصة في منازعات التنفيذ، ذلك أن التنفيذ لا يتعلق بمنطوق ما قضى به الحكم، وإنما بحقيقة مضمونه، بما يشتمل عليه من نطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، لتكون جميعها هي المحددة شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازما لضمان فعاليته. وهو ما يتعين تطبيقه على منازعة التنفيذ المعروضة، أسوة بما انتهجته المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 6/ 2/ 2016 في القضية رقم 62 لسنة 35 قضائية "منازعة تنفيذ"، سالف الإشارة
وأضاف المدعي أنه قد لحقت به أضرار، تستدعي الفصل على وجه عاجل بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها عليه، بعد أن أمضى في تنفيذ العقوبة مدة ناهزت ثماني سنوات، بالرغم أن الحكم التعزيزي الذي يمكن أن يوقع عليه وعلى المدعى عليه التاسع عن الاتهام الأول، لن يزيد على ثلاث سنوات، استرشادا بقضاء المحكمة الاتحادية العليا بدولة الإمارات العربية المتحدة. وسقوط العقوبة المقضي بها عليه عن الاتهامين الثاني والثالث، كأثر للحكم الصادر بجلسة 14/ 2/ 2015 في كل من القضيتين رقمي 78 و88 لسنة 36 قضائية "دستورية". 
وبجلسة 7/ 4/ 2018 قدم المدعي مذكرة، ضمنها إضافة طلبات جديدة، أولها: الدفع بعدم دستورية المادة 18 مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية، عملا بالنفاد المباشر لنص المادة (192) من الدستور، ثانيها: الدفع بعدم دستورية المواد (230, 231, 235) من قانون العقوبات، لمخالفتها أحكام المادتين (2, 7/ 1) من الدستور، وثالثها: حق المدعي في معاملته بموجب المادة الثالثة من الاتفاقية القضائية بين دولتي مصر والإمارات العربية، باعتبار أن الجريمة وقعت في دبي
بتاريخ الثامن عشر من فبراير سنة 2016، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم، أولا: بقبول المنازعة شكلا. ثانيا: بصفة عاجلة، بوقف تنفيذ، وإنهاء الآثار الجنائية للحكم الصادر من الدائرة الجنائية بمحكمة النقض، بجلسة 6/ 2/ 2012, في الطعن الجنائي رقم 12546 لسنة 80 قضائية، بسجن كل من المنازع والمنازع ضده التاسع. ثالثا: الاستمرار في تنفيذ مقتضي دلالة الحكم الصادر بجلسة 6/ 2/ 2016, في القضية رقم 62 لسنة 35 قضائية "منازعة تنفيذ"، القاضي بأن إعمال حكم المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا يسقط الأحكام الجنائية الصادرة بالإدانة استنادا لنصوص قضى بعدم دستوريتها، حتى وإن كانت هذه الأحكام باتة، مكملا بالنسبة للعقوبة – عن التهمة الأولى – بدلالة اقتضاء حكمها الصادر بجلسة 4/ 5/ 1985, في القضية رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية"، المؤدي بدلالة الإلزام إلى عدم دستورية المادة 18 مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 174 لسنة 1998، والمستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006، فيما لم تنص عليه من حق أولياء الدم في العفو عن القاتل لإسقاط القصاص، ومدعما بفتوى الأزهر الشريف في القضية رقم 27 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ" في هذا السياق، ومكملا بالنسبة للعقوبة – عن التهمتين الثانية والثالثة – بمقتضى حكمها الصادر بجلسة 14/ 2/ 2015، في كل من القضيتين رقمي 78 و88 لسنة 36 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية الفقرة السابعة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1945 بشأن الأسلحة والذخائر، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، وبما يؤدي إليه ذلك من عدم الاعتداد بالحكم الجنائي المار ذكره في الطلب الثاني
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وبجلسة 7/ 4/ 2018 قررت حجز الدعوى ليصدر الحكم فيها بجلسة اليوم، وصرحت بمذكرات في مدة أسبوعين، أودعت هيئة قضايا الدولة خلالها مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التي تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 199, أن تعترض تنفيذ حكمها عوائق تحول قانونا – بمضمونها - دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان آثاره كاملة أو يحد منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة هذه العوائق التي يفترض أن تكون قد حالت فعلا، أو من شأنها أن تحول، دون تنفيذ أحكامها تنفيذا صحيحا مكتملا، وسبيلها في ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذي عطل مجراها، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ودون تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أم بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيا بها، ممكنا. فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها
وحيث إن الخصومة في الدعوى الدستورية – وهي بطبيعتها من الدعاوي العينية – قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور؛ تحريا لتطابقها معها؛ إعلاء للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وأن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارا للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلا حاسما بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى ولو تطابقت في مضمونها ، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالا حتميا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، فلا يجوز نزع أسباب الحكم من سياقها، أو الاعتداد بها بذاتها دون المنطوق للقول بأن هناك عقبات تحول دون سريان تلك الأسباب
وحيث إن حقيقة طلبات المدعي إنما تتحدد في القضاء بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/ 5/ 1985 في القضية رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية"، وحكميها الصادرين بجلسة 14/ 2/ 2015 في القضيتين رقمي 78 و88 لسنة 36 قضائية "دستورية"، وحكمها الصادر بجلسة 16/ 2/ 2016 في القضية رقم 62 لسنة 35 قضائية "منازعة تنفيذ". وإنهاء الآثار الجنائية وعدم الاعتداد بالحكم الجنائي الصادر بمعاقبته، والمدعى عليه التاسع، عن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، والتحريض والاتفاق والمساعدة عليها، في الطعن بالنقض رقم 12546 لسنة 80 قضائية، بجلسة 6/ 2/ 2012
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت بجلسة 4/ 5/ 1985 في القضية رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية" برفض الدعوى، المقامة طعنا على نص المادة (226) من القانون المدني، ونشر الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (20) بتاريخ 16/ 5/ 1985, وكان طلب المدعي اعتبار حكم محكمة النقض المشار إليه عقبة في تنفيذ قضاء هذه المحكمة المتقدم سنده هو إعمال أثر تنازل أولياء حق الدم عن القصاص من القاتل، باعتباره من أحكام الشريعة الإسلامية، في ضوء الفتوى الصادرة من مفتي الجمهورية المقدمة من الأزهر الشريف، المودعة في القضية رقم 27 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ"، باعتبار أن تلك الفتوى ملزمة إعمالا لنص المادة (7/ 1) من الدستور الحالي، فضلا عن التزام المشرع فيما يسنه من تشريعات، جديدة أو معدلة، اعتبارا من تعديل المادة الثانية من دستور سنة 1971, بتاريخ 22/ 5/ 1980, بأن تكون متوافقة وأحكام الشريعة الإسلامية، وكذا حقه والمدعى عليه التاسع في معاملتهما بحكم المادة الثالثة من اتفاقية التعاون القضائي بين دولتي مصر والإمارات. لما كان ذلك، وكان ما أثاره المدعي على النحو السالف ذكره، لم يكن محلا لقضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية الدستورية المشار إليها، ولم تعرض له بحكمها، ولا صلة له به، ومن ثم لا تمتد إليه الحجية المطلقة الثابتة لقضاء المحكمة المشار إليه، بمقتضى نص المادة (195) من الدستور الحالي، والمادتين (48, 49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979, ومن ثم لا يعتبر قضاء محكمة النقض آنف الذكر عقبة في تنفيذ هذا الحكم مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها
وحيث إنه عما أورده المدعي سندا لطلبه بإنهاء الآثار الجنائية، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر ضده بجلسة 6/ 2/ 2012, من محكمة النقض، في الطعن رقم 12546 لسنة 80 قضائية، بمعاقبته عن جريمتي إحراز سلاح ناري مششخن (مسدس) وذخيرة، بدون ترخيص، بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات: إعمالا لأثر الحكم الصادر بجلسة 14/ 2/ 2015, في كل من القضيتين رقمي 78 و88 لسنة 36 قضائية "دستورية"، أسوة بما قضت به المحكمة الدستورية العليا، بجلسة 6/ 2/ 2016, في القضية رقم 62 لسنة 35 قضائية "منازعة تنفيذ"، بعدم الاعتداد بالحكم الصادر بالإدانة إبتناء على نصوص عقابية قضى بعدم دستوريتها، ولو صار هذا الحكم باتا. فذلك مردود: بأن محكمة النقض في حكمها المشار إليه، لم تطبق على المدعي حكم المادة (26) من قانون الأسلحة والذخائر، بعد استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012, نظرا لأن الجريمة التي كان يحاكم من أجلها وقعت بتاريخ 28/ 7/ 2008, قبل صدور المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012, والذي يعد أسوء بالنسبة له، لتشديده العقوبة على الجرائم الواردة بتلك المادة، بالنص على عدم جواز إعمال أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بشأنها، بالنزول بالعقوبة درجة أو درجتين. الأمر الذي لا يعد معه الحكم الصادر بمعاقبة المدعي عن جريمتي حيازة سلاح ناري مششخن (مسدس) وذخيرة بدون ترخيص، عقبة في تنفيذ الحكمين الصادرين من هذه المحكمة بجلسة 14/ 2/ 2015, في القضيتين المشار إليهما، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدعي بعدم دستورية نص المادة (18 مكررا "1") من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد (230, 231, 235) من قانون العقوبات، وطلب إعمال رخصة التصدي المقررة لهذه المحكمة بمقتضى نص المادة (27) من قانونها، وذلك لمخالفتها مبادئ الشريعة الإسلامية، فذلك مردود بأن من المقرر أن دستور سنة 1971 وسد بمقتضى نص المادة (175) منه، والمقابلة لنص المادة (192) من الدستور الحالي، للمحكمة الدستورية العليا وحدها سلطة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، كما حرص على أن يفوض السلطة التشريعية في أن تنظم كيفية مباشرة المحكمة الدستورية العليا لرقابتها هذه، دون أن تنال من محتواها، وفي حدود هذا التفويض، صدر قانون المحكمة الدستورية العليا مفصلا القواعد الإجرائية التي تباشر من خلالها، وعلى ضوئها، رقابتها على الشرعية الدستورية، فرسم لاتصال الخصومة الدستورية بها طرائق بذاتها حددتها المادتان (27) و(29) من هذا القانون باعتبار أن ولوجها من الأشكال الجوهرية التي ينبغي إتباعها حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها وبمراعاة أحكامها، فلا يتحلل أحد منها. وباستقراء هاتين المادتين يتبين أن أولاهما تخول المحكمة الدستورية العليا أن تعمل بنفسها نظرها في شأن دستورية النصوص القانونية التي تعرض لها بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها، وذلك بعد اتخاذ الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية، بينما لا تثار دستورية النصوص القانونية، عملا بثانيتهما، إلا من أحد مدخلين: فإما أن تمنح محكمة الموضوع خصما، أثار أمامها دفعا بعدم دستورية نص قانوني لازم للفصل في النزاع المعروض عليها، وبعد تقديرها لجدية مناعيه، أجلا لا يجاوز ثلاثة أشهر يقيم خلالها الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وإما أن تحيل بنفسها إلى المحكمة الدستورية العليا نصوصا قانونية يثور لديها شبهة مخالفتها الدستور، ولا يتصور في المنطق السديد، ولوج المحكمة الدستورية العليا أحد المدخلين المنصوص عليهما في المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، لتمارس اختصاصها المنفرد برقابة دستورية ما يعرض لها من نصوص بمناسبة مباشرة عملها القضائي، ذلك أن علة ما ورد بهذه المادة هو امتناع الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على أي من جهات القضاء خلا المحكمة الدستورية العليا، فكان لزاما، إذا ما عرض لأي من محاكم هذه الجهات، بمناسبة مباشرتها لعملها، شبهة عدم دستورية نص قانوني، أن تسعى لاستنهاض ولاية المحكمة الدستورية العليا؛ إما إحالة وإما تصريحا للخصوم بإقامة الدعوى الدستورية، ثم توقف، من بعد، الدعوى المعروضة عليها، حتى يأتيها قول المحكمة الدستورية العليا الفصل في شأن ما ارتأته من مظنة عدم الدستورية، وهو ما لا يسوغ القول به في شأن المحكمة الدستورية العليا، إذ تملك ممارسة اختصاصاتها بالرقابة الدستورية مباشرة أثناء نظرها أي من الدعاوى المعروضة عليها، لتفصل في دستورية ما عرض لها من نصوص وفي موضوع الدعوى بحكم واحد. ومن ثم؛ تكون رخصة التصدي هي الوسيلة الوحيدة لممارسة المحكمة الدستورية العليا اختصاصها بالفصل في دستورية النصوص التي تعرض لها أثناء نظرها للدعاوي المعروضة عليها، وينحل الدفع المبدي بعدم الدستورية في الدعوى المعروضة، في حقيقته، طلبا من المدعي يتغيا حث المحكمة الدستورية العليا على استعمال رخصة التصدي، المخولة لها بمقتضى المادة (27) من قانونها، هذا وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن إعمالها لرخصة التصدي المنصوص عليها في المادة (27) من قانونها، التي تخولها الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارستها لاختصاصاتها، ويتصل بالنزاع المعروض عليها، يفترض وجود خصومة أصلية طرح أمرها عليها وفقا للأوضاع المنصوص عليها في قانون إنشائها، وأن ثمة علاقة منطقية تقوم بين هذه الخصومة وما قد يثار عرضا من تعلق الفصل في دستورية بعض نصوص القانون بها، فإذا لم تستوف الخصومة الأصلية شرائط قبولها ابتداء، فلا مجال لإعمال رخصة التصدي. متى كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت في قضائها إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، فإن طلب مباشرة المحكمة لسلطتها في التصدي المقرر لها بالمادة (27) من قانونها لا يكون له محل
وحيث إن طلب وقف تنفيذ حكم محكمة النقض المشار إليه يعد فرعا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل فيه وقضت المحكمة بعدم قبوله، فإن قيام هذه المحكمة – طبقا لنص المادة (50) من قانونها – بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ يكون قد بات غير ذي موضوع
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق