القضية رقم 3 لسنة 39 ق " منازعة تنفيذ " جلسة 7 / 4 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 15 مكرر و في 16 / 4 / 2018 ص 89
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من أبريل سنة 2018م،
الموافق العشرين من رجب سنة 1439 ه.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي على جبالى وسعيد مرعى عمرو
ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان
والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس
المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبو العطا
رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 39 قضائية " منازعة
تنفيذ ".
المقامة من
أحمد عبدالغفار حسن قنصوة
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس النواب
4- رئيس اللجنة العليا للانتخابات
الإجراءات
بتاريخ الثاني
عشر من يناير سنة 2017، أقام المدعى هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا، طالبًا في ختامها الحكم؛ أولاً : بقبول منازعة التنفيذ شكلاً،
ثانيًا: بصفة مستعجلة؛ بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة
28/9/2015 في الطعن رقم 47913 لسنة 61 قضائية، المؤيد للحكم الصادر من محكمة
القضاء الإداري بجلسة 10/2/2015 في الدعوى رقم 25875 لسنة 69 قضائية، ثالثًا : وفى
الموضوع؛ بالاعتداد بحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 25/5/2013، في الطلب
رقم 2 لسنة 35 قضائية "دستورية - رقابة سابقة"، وعدم الاعتداد بحكم
المحكمة الإدارية العليا المؤيد لحكم محكمة القضاء الإداري المار ذكرهما، وما
يترتب على ذلك من آثار؛ أهمها بطلان انتخابات مجلس النواب.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت
فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة
المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر
الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 3/3/2018 إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح
للمدعى بتقديم مذكرات خلال أسبوع، وبتاريخ 10/3/2018 قدَّم الحاضر عن المدعى مذكرة
طلب فيها الحكم بترك المدعى للخصومة في الدعوى، والأمر بإحضاره من محبسه ليقرر ذلك
بشخصه.
المحكمة
بعد الاطلاع
على الأوراق, والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين
من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى يعمل ضابطًا بالقوات المسلحة -
برتبة عقيد - وكان قد تقدم باستقالته بتاريخ 11/5/2014، حتى يتمكن من الترشح
لعضوية مجلس النواب في تلك السنة، ولكن الجهة المختصة بالقوات المسلحة رفضت طلبه،
فتقدم بالطلب رقم 21 لسنة 2014 بتاريخ 28/12/2014 إلى لجنة الفصل في الطلبات
الخاصة بقاعدة بيانات الناخبين بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، طالبًا قيد اسمه
في تلك القاعدة، إعمالاً لنصوص المواد (19، 20، 21) من قانون مباشرة الحقوق
السياسية الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 2014، مرفقًا بالطلب استقالته من عمله
بالقوات المسلحة. فقررت اللجنة رفض طلبه، مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 25875
لسنة 69 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، ضد المستشار رئيس اللجنة العليا
للانتخابات بصفته، طالبًا وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رفض قيده بقاعدة بيانات
الناخبين، فقضت المحكمة بجلسة 10/2/2015 برفض الدعوى، فقام بالطعن على هذا الحكم
أمام المحكمة الإدارية العليا بموجب الطعن رقم 47913 لسنة 61 قضائية، وقد دفع
بمحاضر جلسات تلك الدعوى بعدم دستورية نص كل من المادة (1) من قانون مباشرة الحقوق
السياسية الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 2014، والمادة (11) من قانون مجلس النواب
الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014، وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة
28/9/2015 برفض الدفع بعدم الدستورية، لعدم جديته، وبرفض الدعوى موضوعًا، وإذ
ارتأى المدعى أن هذا الحكم يعتبر عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا
الصادر بجلسة 25/5/2013، في الطلب رقم 2 لسنة 35 قضائية "دستورية- رقابة
سابقة"، أقام الدعوى المعروضة، وأورد بين أسباب إقامتها مخالفة النصين المشار
إليهما لأحكام الدستور.
وحيث إن الحاضر عن المدعى طلب بجلسة
3/2/2018 إثبات ترك المدعى الخصومة، فأمهلته المحكمة لجلسة 3/3/2018 لتقديم
التوكيل الخاص الذى يجيز له ترك الخصومة نيابة عن المدعى؛ إعمالاً لنص المادة
(141) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968،
وإذ لم يقدم ذلك التوكيل، فمن ثم يتعين الالتفات عن هذا الطلب.
وحيث إن المدعى أقام منازعة التنفيذ
المعروضة؛ ابتغاء القضاء له بطلباته الآنف ذكرها، على سند من القول بأن الحكم
الصادر من المحكمة الإدارية العليا المؤيد لحكم محكمة القضاء الإداري المار
ذكرهما، قد انتهى إلى رفض دعواه بإلغاء قرار رفض قيده بقاعدة بيانات الناخبين،
وتبعًا لذلك؛ يخالف حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 25/5/2013 في الطلب
رقم 2 لسنة 35 قضائية " دستورية - رقابة سابقة".
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد
انتهت في الطلب المشار إليه إلى عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (1) من
مشروع القانون في شأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، الذى نص على أنه "ويُعفى
من أداء هذا الواجب ضباط وأفراد القوات المسلحة الرئيسية والفرعية والإضافية،
وضباط وأفراد هيئة الشرطة، طوال مدة خدمتهم بالقوات المسلحة أو الشرطة"،
وأسست المحكمة قضاءها على مخالفة النص المشار إليه للمادة (5) وصدر الفقرة الأولى
من المادة (6) والمادتين (33) و(55) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (64) من
دستور سنة 2012.
وحيث إن مشروع القانون الذى كان
محلاًّ للرقابة السابقة أمام هذه المحكمة في الطلب رقم 2 لسنة 35 قضائية
"دستورية - رقابة سابقة"، قد أعد في ظل العمل بدستور سنة 2012، الملغى
بمقتضى المادة (246) من دستور سنة 2014 القائم، الذى أجاز في المادة (87) منه
الإعفاء من واجبى الانتخاب والترشح في الحالات التى يحددها القانون، وقد صدر في ظل
هذا الدستور الجديد قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم 45 لسنة
2014، إعمالاً للرخصة المقررة المشار إليها، بإعفاء ضباط وأفراد القوات المسلحة من
أداء هذا الواجب، طبقًا لنص المادة (1) منه.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن قوام منازعة التنفيذ التى تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقًا لنص
المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تعترض تنفيذ حكمها
عوائق تحول قانونًا - بمضمونها - دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما
يعرقل جريان آثاره كاملة أو يحد منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة
التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها،
وتتدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة هذه العوائق التي يُفترض أن تكون قد حالت
فعلاً، أو من شأنها أن تحول، دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، وسبيلها
في ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذى عطل مجراه.
بيد أن تدخل هذه المحكمة لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان
آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز يفترض أمرين؛
أولهما : أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون
تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها، ثانيهما : أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام
وربطها منطقيًّا بها ممكنًا. فإذا لم تكن لها بها من صلة؛ فإن خصومة التنفيذ لا
تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن الخصومة في الدعوى الدستورية،
وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية، قوامها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة -
مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور؛ تحريًا لتطابقها معها
إعلاءً للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى
الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية
التي تبتغيها هذه الخصومة، وأن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى
يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها،
وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو
تطابقت في مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به
من الأسباب اتصالاً حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكان حكم
المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 25/5/2013 في الطلب رقم 2 لسنة 35 قضائية
"دستورية - رقابة سابقة" السالف بيانه، لم يتعرض - سواء في منطوقه أو ما
يتصل به من أسبابه اتصالاً حتميًّا - للفصل في دستورية أي من نصى المادة (1) من
قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 2014، والمادة (11) من
قانون مجلس النواب الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014، اللذين صدر على أساسهما
الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا المؤيد لحكم محكمة القضاء الإداري المشار
إليهما، وهو الحكم الذى يطلب المدعى عدم الاعتداد به في منازعة التنفيذ المعروضة،
وكانت الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لما جرى عليه
قضاؤها - يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول
دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك
النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق
الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالاً حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها،
وكان الحكم المطلوب عدم الاعتداد به، قد صدر استنادًا إلى نص المادة (1) من قانون
مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 2014، والمادة (11) من قانون
مجلس النواب الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014، بما يُعد معه هذا الحكم مُنبَت
الصلة بذلك الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم لا يشكل عقبة في
تنفيذه، مما يتعين معه - تبعاً لذلك - القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة.
وحيث إن المدعى، وإن كان قد أورد من
بين أسباب إقامة دعواه المعروضة: مخالفة كل من نصى المادة (1) من قانون مباشرة
الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 2014، والمادة (11) من قانون مجلس
النواب الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014 لأحكام الدستور، مما يثير مسألة تصدى هذه
المحكمة للفصل في دستوريتهما، وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن
ولايتها - طبقًا لنص المادة (29) من قانونها - لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى
اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة في قانونها، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من
إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية، وإما
برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصوم بعدم دستورية نص تشريعي،
وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام؛
باعتبارها شكلاً جوهريًّا في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي
في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها المشرع، ولم يجز المشرع - تبعًا لذلك
- الدعوى الأصلية سبيلاً للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية. كما جرى قضاء هذه
المحكمة كذلك على إن إعمال رخصة التصدي المقررة لها طبقًا لنص المادة (27) من
قانونها، منوط بأن يكون النص الذى يرد عليه التصدي، متصلاً بنزاع مطروح عليها،
فإذا انتفى قيام النزاع أمامها، فلا يكون لرخصة التصدي سند يسوغ إعمالها. لما كان
ذلك، وكان طلب المدعى الحكم بعدم دستورية النصوص المشار إليها لم يتصل بهذه
المحكمة وفقًا للأوضاع المقررة بنص المادة (29) من قانونها على النحو السالف
البيان، كما انتفى سند إعمالها رخصة التصدي المقررة لها طبقًا لنص المادة (27) من
قانونها؛ بعد أن قضت هذه المحكمة بعدم قبول الطلب الأصلي في الدعوى المعروضة؛ ومن
ثم يضحى طلب التصدي قائمًا على غير أساس، مستوجبًا الالتفات عنه.
وحيث إن طلب
المدعى وقف تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا المؤيد لحكم محكمة القضاء الإداري -
المشار إليهما - يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ قضت
هذه المحكمة في موضوع النزاع بعدم قبوله؛ فإن مباشرتها اختصاص البت في طلب وقف
تنفيذ ذلك الحكم قد باتت غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى،
وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق