الصفحات

الخميس، 22 مارس 2018

دستورية اختيار الحكمين من غير أهل الزوجين


القضية رقم 12 لسنة 19 ق "دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 يناير سنة 1999 الموافق 14 رمضان سنة 1419هـ .
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : حمدى محمد على والدكتور/ عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله       
وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر      أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 19 قضائية "دستورية ".
المقامة من
السيد / محمد عمر طوسون عبد الواحد
ضد
1- السيد / رئيس الجمهورية بصفته
2- السيد / رئيس مجلس الشعب بصفته
3- السيد / رئيس مجلس الوزراء بصفته
4- السيد / وزير العدل بصفته
5- السيدة / نجوى محمد على مفتاح معبد
" الإجراءات "
فى السادس عشر من يناير سنة 1997، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية المواد (6، 7، 10، 11، 11 مكرراً، 11 مكرراً ثانياً، 18 مكرراً ثانياً، 20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية والمادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمادة (251) من قانون المرافعات المدنية والتجارية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم، أصلياً: بعدم قبول الدعوى واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى عليها الخامسة كانت قد أقامت ضد المدعى الدعوى رقم 612 لسنة 1993 شرعى كلى الفيوم بطلب الحكم بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة الموجه إليها من المدعى بتاريخ 13/10/1993. وأثناء نظر الدعوى أضافت المدعى عليها إلى طلبها الأصلي طلباً جديداً بتطليقها من المدعى طلقة بائنة للضرر والشقاق، فدفع المدعى بعدم دستورية المواد أرقام (7، 8، 9، 10، 11) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام دعواه الماثلة .
وحيث إن من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته وذلك عملاً بالبند (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. إذ كان ذلك وكان التصريح بإقامة الدعوى الدستورية قد اقتصر على المواد (7، 8، 9، 10، 11) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه، إلا أن الطلبات الختامية في صحيفة الدعوى الدستورية قد تضمنت طعناً بعدم دستورية مواد أخرى لم يشملها ذلك التصريح، كما خلت من الطعن على المادتين (8، 9) من المرسوم بقانون المشار إليه ؛ ومن ثم فإن النطاق الذى تتحدد به الدعوى الماثلة إنما يقتصر على المواد التي رخصت محكمة الموضوع للمدعى في إقامة الدعوى بالنسبة لها وأو ردها في صحيفة دعواه وذلك طبقاً لحكم المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، وهى المواد (7، 10، 11) من المرسوم بقانون المشار إليه دون غيرها؛ بما مؤداه: انتفاء اتصال الدعوى - في شقها الخاص بالطعن على النصوص الأخرى - بهذه المحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع التي رسمها قانونها والتي لا يجوز الخروج عليها بوصفها ضوابط جوهرية فرضها المشرع لمصلحة عامة حتى ينتظم التقاضي في المسائل الدستورية وفقاً للقواعد التي حددها، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن باشرت رقابتها القضائية على دستورية المادتين العاشرة والحادية عشرة من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 فأصدرت بجلسة 5/7/1997 حكمها في القضية رقم 82 لسنة 17 قضائية "دستورية " برفض الدعوى بالنسبة إلى الطعن بعدم دستورية المادة الحادية عشرة ، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 19/7/1997، ثم أصدرت بتاريخ 9/5/1998 حكمها في القضية رقم 121 لسنة 19 قضائية "دستورية " برفض الدعوى بعدم دستورية المادة العاشرة ؛ وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 21/5/1998. إذ كان ذلك وكانت أحكام المحكمة الدستورية العليا قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً ولا تأويلاً من أي جهة كانت، فإن الخصومة الدستورية بالنسبة لهاتين المادتين- وهي عينية بطبيعتها –تكون قد انحسمت فلا رجعة إليها.
وحيث إن المادة السابعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه تنص على ما يأتي "يشترط في الحَكَمَين أن يكونا عدلين من أهل الزوجين إن أمكن وإلا فمن غيرهم ممن لهم خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما"؛ وينعى المدعى على هذه المادة مخالفتها للنص القرآني الذى أوجب أن يكون الحَكَمان من أهل الزوجين.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أن حكم المادة الثانية من الدستور- بعد تعديلها في 22 من مايو سنة 1980- يقيد السلطة التشريعية اعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل وأن مؤداه: ألا تناقض تشريعاتها مبادئ الشريعة الإسلامية التي لا يجوز الاجتهاد فيها، والتي تمثل ثوابتها- مصدراً وتأويلاً- إذ هي عصية على التأويل فلا يجوز تحريفها، بل يتعين رد النصوص القانونية إليها للفصل في تقرير اتفاقها أو مخالفتها للدستور. ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها، أو بهما معاً، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها؛ إذ هي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والم كان؛ لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً؛ ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة ؛ على أن يكون الاجتهاد دوماً واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها؛ ملتزماً ضوابطها الثابتة ، متحرياً مناهج الاستدلال على الأحكام العملية والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد الكلية للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
وحيث إن الأصل في بعث الحَكَمَين عند وقوع شقاق بين الزوجين هو قوله تعالى "وإن خفتم شقاق بينهما فأبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً". ولئن كان اللفظ القرآني الكريم صريحاً في دلالته على أن يكون الحكمان من أهل الزوجين أي من ذوى قرابتهما تقديراً من الشارع الحكيم أن ما ينشأ من خلاف منذر بالفرقة بين الزوجين يكون عادة معلوماً لدى أهلهما، فضلاً عن أن الحَكَمين- بحكم الوشائج الحميمة المترتبة على تلك القرابة - يكونان أدنى إلى نفس الزوجين فلا يستحيان من الإفضاء لهما بما تنطوي عليه سرائرهما من مكنونات يؤثران- صوناً لكرامتهما- عدم البوح بها لأجانب عنه ما؛ بيد أنه وقد سكت العليم الخبير- لحكمة قدرها- عن بيان الحكم إذا لم يكن من بين الأهل من يحوز أهلية التحكيم- وأخصها الرشد والعدالة - أو كان الزوجان ممن لا أهل لهما ؛ فكان حتماً مقضياً- حتى لا يشق الأمر على القاضي - أن يتدخل ولي الأمر لبيان من يجوز اختياره للتحكيم من غير أهل الزوجين في هذه الحالة ؛ وهو ما نحا إليه النص المطعون فيه- تخريجاً على مذهب المالكية الذى استمد منه- حين أجاز للقاضي تعيين أجنبيين ممن لهم خبرة بحال الزوجين وقدرة على الإصلاح وإزالة الخلاف بينهما إن لم يوجد من يصلح من أهلهما لمهمة التحكيم. وليس ذلك إلا إعمال للعقل بقدر ما تقتضيه الضرورة بما لا ينافى مقاصد الشريعة الإسلامية ؛ وبمراعاة أصولها، وبالتالي فإن النعي على هذا النص بمخالفته للمادة الثانية من الدستور يكون حرياً بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، ومصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق