الصفحات

الخميس، 8 فبراير 2018

الطعن 26904 لسنة 64 ق جلسة 24 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 207 ص 1433

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعلي شكيب وعمر بريك نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(207)
الطعن رقم 26904 لسنة 64 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم - المادة 310 إجراءات.
(2) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراد الأدلة السائغة على ثبوتها في حقه على نحو كاف أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير التي أخذت به. علة ذلك؟
عدم التزام المحكمة باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته. ما دام أن الواقعة وضحت لديها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلال. إثبات "بوجه عام".
لمحكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(8) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
(9) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. مفاد التفاته عنها إطراحها.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(10) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تأخر الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله. ما دامت اطمأنت إليها، وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها. أساس ذلك؟
التفات الحكم عن الدفاع الموضوعي. لا يعيبه.
(11) دعوى مدنية. محضر الجلسة. حكم "بياناته". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محضر الجلسة يكمل الحكم في إثبات بيان اسم المدعي بالحقوق المدنية وطلباته.
(12) دعوى مدنية. تضامن. مسئولية مدنية. تعويض.
إثبات الحكم اتحاد الفكرة وتطابق الإرادات لدى المتهمين على الاعتداء وقت وقوعه. أثره: تضامنهم في المسئولية المدنية عما أصاب المدعي بالحقوق المدنية من ضرر نتيجة الاعتداء عليه. يستوي في ذلك وقوع الاعتداء من المتهمين جميعاً أو من أحدهم فقط.
سبق الاتفاق على التعدي. تقتضيه المسئولية الجنائية عن فعل الغير. دون المسئولية المدنية. أساس ذلك؟
(13) دعوى مدنية. تعويض. مسئولية مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إثبات الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله بياناً لوجه الضرر المستوجب للتعويض.
مثال.

------------------
1 - إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه.
2 - لما كان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الضرب المفضي إلى الموت والبسيط اللتين دان الطاعن والمحكوم عليه الآخر بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له.
3 - لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية في قوله "وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن الإصابتين المشاهدتين والموصفتين بجثة المجني عليها....... بالرأس ذات طبيعة رضية حيوية حديثة معاصرة لتاريخ الحادث وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة، ومن مثل عكاز أو ما شبه وقد ينتج عن تلك الإصابتين انسكابات دموية وكسر شرفي بالجدارية اليسرى ممتد إلى يسار العظم الجبهي والحفرة الأمامية اليسرى لقاعدة الجمجمة وكذا نزيف خارج وتحت السحايا بعضه متجلط والوفاء إصابية ناشئة عن الإصابتين الرضيتين وما أحدثتاه من إنسكابات دموية وكسر بالجمجمة ونزيف دماغي مصاحب وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث". فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
4 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت به لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها كما أنها غير ملزمة بعد بإجابة الدفاع إلى طلب كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء - وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية بما لا يتعارض مع أقوال شاهد الإثبات من قيام الطاعن والمحكوم عليه الآخر باعتداء كل منهما بعصا غليظة على رأس المجني عليها فأحدثا بها الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياتها، وما انتهى إليه هذا التقرير من حدوث الواقعة وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث ظهر يوم....... فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب دعوة كبير الأطباء الشرعيين لتحقيق دفاع الطاعن المبنى على المنازعة في صورة الواقعة ووقت وقوعها ما دام أن المحكمة قد اطمأنت إلى صحة حصول الواقعة بالصورة التي رواها شاهد الإثبات وفي الوقت الذي حدده وبما لا يتعارض بل يتلاءم مع ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية من حدوث الواقعة وفق تصوير الشاهد وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب في غير محله وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليه من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها - لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
8 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
9 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - لما كان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه.
11 - لما كان الثابت بأولى محاضر جلسات المحاكمة وهي جلسة...... أنه أثبت به اسم المدعي بالحقوق المدنية...... زوج المجني عليها وأنه ادعى مدنياً بمبلغ 501 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت - فضلاً عن أن مدونات الحكم قد تضمنت طلباته. وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الشأن فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الشأن يكون غير مقبول.
12 - من المقرر قانوناً أنه متى أثبت الحكم اتحاد الفكرة وتطابق الإرادات لدى المتهمين على الاعتداء وقت وقوعه فإنهم جميعاً يكونون مسئولين متضامنين مدنياً عما أصاب المدعي بالحقوق المدنية من ضرر نتيجة إصابته بسبب الاعتداء الذي وقع عليه من المتهمين جميعاً أو من أي واحد منهم، ولا يؤثر في قيام هذه المسئولية التضامنية قبلهم عدم ثبوت اتفاق بينهم على التعدي فإن هذا الاتفاق إنما تقتضيه في الأصل المسئولية الجنائية عن فعل الغير أما المسئولية المدنية فتنبني على مجرد تطابق الإرادات ولو فجأة بغير تدبير سابق على الإيذاء لفعل غير مشروع فيكفي فيها أن تتوارد الخواطر على الاعتداء وتتلاقى إرادة كل متهم مع إرادة الآخرين على إيقاعه لتعمهم المسئولية المدنية جمعياً.
13 - من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن والمحكوم عليه الآخر للجريمة التي دانهما بها وهي الفعل الضار الذي ألزمهما بالتعويض على مقتضاه فإن ما يثيره الطعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أولاً: ضربا...... بأداتين راضتين على رأسها فأحدثا بها الإصابتين الموصفتين بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلها ولكن الضرب أفضى إلى موتها. ثانياً: المتهم "الطاعن" أيضاً ضرب..... بأداة راضة "عصا شومة" على رأسه وفخذه الأيسر فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وأحالتهما إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... "زوج المجني عليها" مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهم "الطاعن" وغيابياً للآخر عملاً بالمواد 236/ 1، 242/ 3.1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة كل متهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وفي الدعوى المدنية بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت والبسيط قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان كما انطوى على إخلال بحق الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم صيغ في عبارات عامة مجملة لم يتضمن الأسباب التي تطلبها القانون ولم يبين الأدلة التي عول عليها في الإدانة ومؤداها بالمخالفة لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وعول في الإدانة على تقرير الصفة التشريحية دون إيراد مضمونه - فضلاً عن تناقض ما دون بصلب ذلك التقرير مع نتيجته النهائية بشأن عدد إصابات المجني عليها إذ ورد بصلبه أنه بالكشف الظاهري على الجثة وجد إصابة واحدة بالرأس بينما ورد بالنتيجة النهائية وجود إصابتين بالرأس، كما أن الثابت من هذا التقرير أن جثة المجني عليها كانت على أبواب التعفن الرمى وهو ما يقطع بأن الحادث لم يقع في الزمان الذي حدده شاهد الإثبات ورغم ذلك عول الحكم في الإدانة على ذلك التقرير دون أن يعن برفع التناقض الذي شابه والتفت الحكم عن طلب المدافع عن الطاعن مناقشة كبير الأطباء الشرعيين استيضاحاً للأمور المتقدمة وأطرحه برد قاصر وعول الحكم في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات زوج المجني عليها رغم أن الواقعة كانت مشاجرة متشعبة الأطراف بالإضافة إلى أن الشاهد كان مجنياً عليه وبه إصابات عديدة تمنعه من مشاهدة واقعة الاعتداء على زوجته كما استند الحكم إلى التحريات رغم أنها مجهولة المصدر وجاءت ترديداً لرواية الشاهد سالف البيان ومنصبة على واقعة إصابة المجني عليها دون باقي وقائع النزاع فضلاً عن تناقضها مع باقي أقوال الشهود وجرى دفاعه بأنه لم يرتكب الحادث ولم يتواجد على مسرح الجريمة وأن هناك تأخير في الإبلاغ وأن الواقعة مشاجرة مما يدل على أن الفاعل كان مجهولاً - إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع وخلا الحكم من بيان الخصوم وصفاتهم وطلباتهم ومن اسم المدعي بالحق المدني وصفته، كما قضى الحكم بإلزام الطاعن والمحكوم عليه الآخر بأداء التعويض المؤقت على سبيل التضامن دون أن يبين الحكم أساس هذه المسئولية ورغم خلو الحكم وأوراق الدعوى من ثمة دليل على اتفاق المتهمين على فعل الاعتداء وهو ما ينفي قيام الاشتراك بينهما كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقولة "أنه عقب ظهر يوم...... بشارع...... مركز....... نشبت مشاجرة بين المتهمين وبين....... الذي فر هارباً في اتجاه مسكن ابن عمه......... الذي كان يجلس أمام مسكنه ومعه زوجته المجني عليها ولم يتمكنا من اللحاق به وعندئذ قام المتهمان بضرب....... ولما همت زوجته بمنعهما من الاعتداء عليه قام كل منهما بضربها بعصا غليظة على رأسها فأحدثا بها الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياتها". وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر أدلة استقاها من أقوال شاهد الإثبات وتحريات الشرطة ومن تقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الضرب المفضي إلى الموت والبسيط اللتين دان الطاعن والمحكوم عليه الآخر بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية في قوله: "وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن الإصابتين المشاهدتين والموصفتين بجثة المجني عليها..... بالرأس ذات طبيعة رضية حيوية حديثة معاصرة لتاريخ الحادث وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة ومن مثل عكاز أو ما شابه، وقد ينتج عن تلك الإصابتين إنسكابات دموية وكسر شرفي بالجدارية اليسرى ممتد إلى يسار العظم الجبهي والحفرة الأمامية اليسرى لقاعدة الجمجمة وكذا نزيف خارج وتحت السحايا بعضه متجلط والوفاء إصابية ناشئة عن الإصابتين الرضيتين وما أحدثاه من إنسكابات دموية وكسر بالجمجمة ونزيف دماغي مصاحب وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث". فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها كما أنها غير ملزمة بعد بإجابة الدفاع إلى طلب كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء - وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية بما لا يتعارض مع أقوال شاهد الإثبات من قيام الطاعن والمحكوم عليه الآخر باعتداء كل منهما بعصا غليظة على رأس المجني عليها فأحدثا بها الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياتها وما انتهى إليه هذا التقرير من حدوث الواقعة وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث ظهر يوم....... فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب دعوة كبير الأطباء الشرعيين لتحقيق دفاع الطاعن المبنى على المنازعة في صورة الواقعة ووقت وقوعها ما دام أن المحكمة قد اطمأنت إلى صحة حصول الواقعة بالصورة التي رواها شاهد الإثبات وفي الوقت الذي حدده بما لا يتعارض بل يتلاءم مع ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية من حدوث الواقعة وفق تصوير الشاهد وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب في غير محله وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليه من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها - لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته، وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه ورد به اسم الطاعن ووصف الاتهام المسند إليه، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الثابت بأولى محاضر جلسات المحاكمة وهي جلسة....... أنه أثبت به اسم المدعي بالحقوق المدنية........ زوج المجني عليها وأنه ادعى مدنياً بمبلغ 501 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت - فضلاً عن أن مدونات الحكم قد تضمنت طلباته. وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الشأن فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهد الإثبات بما مفاده أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر ضربا المجني عليها كل بعصا غليظة على رأسها فأحدثا إصابتها بها وخلص الحكم إلى إدانتهما استناداً إلى ما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية من أن وفاء المجني عليها حدثت من الإصابتين معاً. وكان مفاد ما أورده الحكم - على نحو ما تقدم - أن وفاة المجني عليها نشأت من إصابتها بالرأس مجتمعة التي أوقعها بها الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأن كلاً منهما ضربها ضربة ساهمت في إحداث الوفاة، وكان من المقرر قانوناً أنه متى أثبت الحكم اتحاد الفكرة وتطابق الإرادات لدى المتهمين على الاعتداء وقت وقوعه فإنهم جميعاً يكونون مسئولين متضامنين مدنياً عما أصاب المدعي بالحقوق المدنية من ضرر نتيجة إصابته بسبب الاعتداء الذي وقع عليه من المتهمين جميعاً أو من أي واحد منهم، ولا يؤثر في قيام هذه المسئولية التضامنية قبلهم عدم ثبوت اتفاق بينهم على التعدي فإن هذا الاتفاق إنما تقتضيه في الأصل المسئولية الجنائية عن فعل الغير. أما المسئولية المدنية فتنبني على مجرد تطابق الإرادات ولو فجأة بغير تدبير سابق على الإيذاء لفعل غير مشروع فيكفي فيها أن تتوارد الخواطر على الاعتداء وتتلاقى إرادة كل متهم مع إرادة الآخرين على إيقاعه لتعمهم المسئولية المدنية جمعياً، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن والمحكوم عليه الآخر للجريمة التي دانهما بها وهي الفعل الضار الذي ألزمهما بالتعويض على مقتضاه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق