الصفحات

الخميس، 1 فبراير 2018

الطعن 24427 لسنة 64 ق جلسة 4 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 186 ص 1270

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة وأحمد عمر محمدين.

-----------------

(186)
الطعن رقم 24427 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات الشهود المتعددة والأخذ منها بما تطمئن إلى وإطراح ما عداه.
(2) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام قد أورد ما يتضمن الرد عليه.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
المجادلة في أدلة الدعوى وصورتها كما ارتسمت في وجدان المحكمة. غير جائزة أمام النقض.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(6) حكم "بياناته" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محل الواقعة في الحكم الجنائي. متى لا يعتبر من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها؟
مثال.
(7) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي إدراكه بالمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر نية القتل.
(8) دعوى مدنية. دعوى جنائية. محكمة الموضوع "نظرها الدعوى والحكم فيها". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية. جوهري. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟

-------------------
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكانت من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
2 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال ما دام أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها وأيدها تقرير الطبيب الشرعي وأقواله بمحضر جلسة المحاكمة. وكان ما أورده سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث، وكان الحكم قد أطرح ما جاء بتقرير كبير الأطباء الشرعيين في هذا الشأن ولم يعول عليه، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها.
6 - من المقرر أن محل الواقعة في الحكم الجنائي لا يعتبر من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً - أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة الإشارة إليه ما دام أن الطاعنين لم يدفعا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها. لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم أن يذكر أن الواقعة حدثت بناحية..... في حين أن البلدة التي وقع فيها هي..... - بفرض صحة ذلك - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
7 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأيتها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دام تدليلها على توافرها كافياً، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية - في حق الطاعنين - بما فيه الكفاية بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فثابتة في حق المتهمين بما لا يدع مجالاً للشك فلقد كان لقيام المجني عليهم بمنع حيازتهم للأرض التي كانت تدر عليهم دخلاً في استخدامها كسوق للقرية ما يكفي لإثارة كوامن الشر في نفوسهم والانتقام ممن حرمهم من ذلك الدخل المحقق الوفير فأعدوا لذلك الأمر عدته وتسلحوا بالبنادق الآلية والألمانية واتجهوا إلى المجني عليهم بأرض النزاع لمنعهم من إتمام أعمال البناء فيها حتى لو قضوا على حياتهم وأطلقوا عليهم الأعيرة النارية في مواضع قاتلة حتى أجهزوا عليهم وذلك كله لا يكون إلا لمن ابتغى القتل مقصداً".
8 - من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية، وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد سكتوا عن التمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع فليس لهم من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم أولاً: قتلوا عمداً مع سبق الإصرار...... و..... و..... و..... بأن صمموا على قتلهم وبيتوا النية على ذلك وأعدوا أسلحة نارية لهذا الغرض وما أن ظفروا بالمجني عليهم حتى أطلقوا عليهم الأعيرة النارية من تلك الأسلحة فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم. ثانياً: المتهمون عدا الثاني أحرز كل منهم بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية آلية". ثالثاً: المتهمون عدا الثاني أحرز كل منهم ذخائر مما تستعمل على الأسلحة النارية سالفة الذكر دون ترخيص. رابعاً: المتهم الثالث: أحدث عمداً بـ........ الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً باستعمال أداة (دبشك سلاح ناري). وأحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وأدعى كل من: 1 - ..... أرملة المجني عليه..... 2 - ..... أرملة المجني عليه...... 3 - ..... نجل المجني عليه..... 4 - ...... نجل المجني عليه...... قبل المتهمين بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليهم مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 242/ 1 - 3 مع إعمال نص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبأن يؤدوا بالتضامن للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومصادرة السلاحين الناريين المضبوطين.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص وضرب وإلزامهم بالتعويض المدني قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وتناقض ذلك بأنه أحال في بيان أقوال الشاهدين الثاني....... والثالث........ إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول........ رغم اختلافها إذ لم يقرر الشاهدان المذكوران باستقرار ملكية الأرض المتنازع عليها لعائلة المجني عليهم، أو أنهم منعوا حيازة عائلة الطاعنين لها وأعدوا العدة للبناء عليها مما حفزهم للانتقام منهم، كما أن الشاهد الثاني لم يقرر أنه شاهد المتهمين لحظة قدومهم صوب المجني عليهم وبتسلح كل منهم ببندقية كما جاء بأقوال الشاهد الأول بل على النقيض من ذلك قرر أنه لم يشاهدهم إلا عند إطلاقهم النار على المجني عليهم. وعول الحكم في إدانة الطاعنين - ضمن ما عول - على أقوال شهود الإثبات المذكورين وما جاء بتقرير الصفة التشريحية مع ما بينهما من تناقض في شأن موقف الجناة من المجني عليهم واتجاه إطلاق الأعيرة النارية وموضع الإصابات بما يستعصى على التوفيق والملاءمة - على النحو الذي يثيرونه بأسباب طعنهم - وهذا التناقض أيده تقرير كبير الأطباء الشرعيين الذي أكد أن إصابات المجني عليهم لا تحدث وفقاً للتصوير الذي قرره شهود الإثبات، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن برفع هذا التعارض بين الدليلين القولي والفني، ولم يعرض له إيراداً ورداً، وقام دفاع الطاعنين على المنازعة في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة، وأنها في حقيقتها مشاجرة بين أفراد عائلة المجني عليهم بسبب النزاع على ملكية قطعة الأرض الفضاء، أصيب فيها المجني عليهم بداءة بإصابات بسيطة، كما جاء بتقرير الطبيب الشرعي، وعندما أطلق نفر منهم بعض الأعيرة النارية بقصد تفريق المتشاجرين، أصابت تلك الأعيرة المجني عليهم، وهو ما أيدته التحريات التي أجراها الشاهد الرابع، وما جاء بالمحضر رقم..... لسنة 1986 إداري...... وتقرير كبير الأطباء الشرعيين آنف البيان، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً له أو رداً عليه. كما نازع الطاعنون كذلك في مكان وقوع الحادث، إذ خلت المعاينة التي أجريت من وجود قمائن الطوب التي ورد ذكرها في الحكم والتي قرر شهود الإثبات أنهم تستروا خلفها عند مشاهدتهم للحادث، ومن فوارغ الطلقات التي أطلقت بغزارة وفقاً لأقوال هؤلاء الشهود، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغه، إذ أن وجود آثار دماء أسفل جثث المجني عليهم لا يفيد بذاته أنهم قتلوا في هذا المكان. وأورد الحكم أن الحادث وقع بقرية....... على خلاف الحقيقة إذ أنه وقع بقرية...... هذا إلا أن ما أورده الحكم لاستظهار نية القتل لا يوفرها في حق الطاعنين وأخيراً فقد قضى الحكم بقبول الدعوى المدنية وألزم الطاعنين بالتعويض المدني رغم أن المحكمة لم تتصل بهذه الدعوى ولم تنعقد الخصومة فيها، إذ أقيمت في أول الأمر أمام محكمة أمن الدولة العليا - طوارئ - بالتبعية للدعوى الجنائية، فقضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعويين، وإذ أحيلت الدعوى الجنائية إلى محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم المطعون فيه فقد كان على المدعين بالحقوق المدنية أن يعيدوا رفع دعواهم المدنية أمام المحكمة الأخيرة وهو ما لم يفعلوه، وذلك كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن عائلة المتهمين اعتادت منذ زمن طويل استخدام قطعة أرض فضاء ببلدة....... كسوق تتقاضى من مستغليه أجراً على شغله أثناء انعقاد السوق، وقد شق على المتهمين قيام المجني عليهم بعض أفراد عائلتهم بمنع حيازتهم لهم الأرض والشروع في بنائها قبل يوم سابق على تاريخ الحادث في....... ومنذ ذلك الحين ويتحفز المتهمون للثأر ممن منع عنهم دخل استخدامهم هذه الأرض وعقدوا العزم على القتل ولبثوا في عزمهم في روية وفكر هادئ استطال لفترة طويلة من الزمن حتى كان يوم...... وحال قيام المجني عليهم مع بعض أفراد عائلتهم ومسانديهم من أهل القرية بحفر أساسات بأرض النزاع لبنائها ومنع استخدام المتهمين لها كسوق للقرية تسلح المتهمون عدا الثاني ببنادق آلية وتسلح الثاني ببندقية ألماني مرخص له في إحرازها واتجهوا إلى أرض النزاع وأطلقوا الأعيرة النارية على المجني عليهم في كل موضع قاتل لتنفيذ ما عقدوا عليه العزم من القتل حتى أجهزوا عليهم ولما اتجه....... لمكان الحادث ليستطلع أمر ما حدث لذويه بادره المتهم........ بالضرب على رأسه وذراعه الأيمن وركبته اليمنى بدبشك البندقية الآلي التي كان يتسلح بها ولاذوا بالفرار ونفاذاً لإذن النيابة العامة قام الملازم أول........ بتفتيش مسكن المتهم...... فعثر بداخل إحدى حزم البوص المسقوف بها إحدى حجرات المنزل على بندقية آلي وبتفتيش منزل المتهم...... عثر بحجرة ملحقة بالمنزل داخل حزمة من البوص بسقف الحجرة على بندقية آلي". وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث وضبط الأسلحة وتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الابتدائي وما شهد به الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة وما جاء بتقرير كبير الأطباء الشرعيين، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كان الطاعنون لا يجادلون في أن أقوال الشهود..... و...... و....... متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة الجوهرية المشهود عليها وهي مشاهدتهم الطاعنين حاملين أسلحتهم ويطلقون منها الأعيرة النارية صوب المجني عليهم قاصدين قتلهم وإذ تحقق مقصدهم لاذوا بالفرار فلا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهم بشأن تفاصيل الخلاف على قطعة الأرض المتنازع عليها بينهما على النحو الذي يثيره الطاعنون بأسباب الطعن، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان مفاد أقوال الشهود..... و...... و...... أنه في يوم الحادث وأثناء قيام المجني عليهم وذويهم بحفر أساسات للبناء في قطعة الأرض محل النزاع، قدم المتهمون يتسلح كل منهم ببندقية وما أن اقتربوا من المجني عليهم حتى أطلقوا عليهم الأعيرة النارية قاصدين من ذلك قتلهم وإذ تحقق لهم ذلك لاذواً بالفرار. ولم يحصل الحكم من أقوال الشهود موقف المتهمين من المجني عليهم وقت إطلاق الأعيرة النارية عليهم وتحديد مسارها وقد نقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية "أن إصابات المجني عليهم نارية حيوية حديثة حدثت كل منها من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد يتعذر تحديد نوع كل منها وبالتالي نوع وعيار السلاح أو الأسلحة المستخدمة في إطلاقها - نظراً لعدم استقرار مقذوف أو جزء منه داخل جسم أياً من المجني عليهم وقد أصاب كل من المجني عليهم مقذوف واحد وأطلقت جميعها من مدى جاوز مدى الإطلاق القريب للأسلحة النارية وبالنسبة للمجني عليه..... اخترق هذا المقذوف الرابع الوحشي الأعلى للألية اليمنى وخرج من يسار الجزع وبالنسبة للمجني عليه...... فقد اخترق المقذوف يمين أعلى الرقبة وخرج من يسار الوجنة وبالنسبة للمجني عليه...... فقد اخترق المقذوف يسار البطن وخرج من الخط الإبطي الأيمن وتعزى وفاة المجني عليهم لإصابة كل منهم النارية وما أحدثته من كسور بالعظام وتهتكات بالأحشاء الداخلية وما صاحب ذلك من نزيف داخلي وخارجي غزير أدى إلى صدمة والوفاة. ومضى على وفاة المجني عليهم لحين الكشف والتشريح حوالي يوم". ولما كان الطاعنون لا يجادلون صحة ما حصله الحكم من أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية، وكانت أقوال هؤلاء الشهود كما أوردها الحكم لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت إمكان حدوث كل من إصابة المجني عليهم من عيار واحد ووفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة - مما تنتفي معه دعوى قيام التناقض بين الأدلة التي أخذ بها الحكم، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح تصوير الطاعنين للحادث في قوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهمين وتراه وسيلة ممسوخة للخلاص من الاتهامات المسندة إليهم بعد أن اطمأنت تمام الاطمئنان للأدلة السابقة والتي تقطع في ارتكابهم الجرائم المسندة إليهم" وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها وأيدها تقرير الطبيب الشرعي وأقواله بمحضر جلسة المحاكمة. وكان ما أورده سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث، وكان الحكم قد أطرح ما جاء بتقرير كبير الأطباء الشرعيين في هذا الشأن ولم يعول عليه، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين القائم على المنازعة في مكان وقوع الحادث وأطرحه في قوله: "وحيث إنه عن المنازعة في مكان الحادث بمقولة إنه لم يعثر به على فارغ لطلقات نارية فمردود بأن الثابت من معاينة النيابة لمكان الحادث وجود آثار دماء بمكان الحادث وأسفل جثث المجني عليهم وأن هذا المكان مشغول بمواد البناء المختلفة وقمائن الطوب وبه أيضاً العديد من الحفر المعدة لإقامة الأساسات وجمعيها عوامل تؤدي إلى عدم ظهور فارع الطلقات أثناء المعاينة ومما يقطع بعدم صحة المنازعة في مكان الحادث وجود آثار دماء بذلك المكان وأسفل جثت المجني عليهم دماء غزيرة وأن الجثث ذاتها ملطخة بالدماء" وهو رد كاف وسائغ من الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعنون من خلو المعاينة من وجود قمائن الطوب بمكان الحادث والتي ورد ذكرها بالحكم - فإنه بفرض وقوع الحكم في هذا الخطأ - فإنه ورد بشأن واقعة لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على قيام الطاعنين بإطلاق الأعيرة النارية من أسلحتهم صوب المجني عليهم إبان قيامهم بحفر الأساسات في قطعة الأرض المتنازع عليها فأردوهم قتلى، أو واقعة عدم العثور على فوارغ الطلقات بمكان الحادث لأنه مشغول بمواد البناء المختلفة والعديد من الحفر المعدة لإقامة الأساسات مما ساعد على عدم ظهور فوارغ الطلقات أثناء المعاينة خاصة وأن الطاعنين لا ينازعون في أن مكان الحادث مشغول بباقي الأشياء التي أوردها الحكم، كما أنه لا يتعارض مع الدليل القولي المستمد من أقوال الشهود إذ لم يحصل الحكم من أقوالهم أنها اختبئوا وراء قمائن الطوب أثناء مشاهدتهم للحادث، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محل الواقعة في الحكم الجنائي لا يعتبر من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً - أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة الإشارة إليه ما دام أن الطاعنين لم يدفعوا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها. لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم أن يذكر أن الواقعة حدثت بناحية....... في حين أن البلدة التي وقع فيها هي....... - بفرض صحة ذلك - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأيتها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دام تدليلها على توافرها كافياً، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية - في حق الطاعنين - بما فيه الكفاية بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فثابتة في حق المتهمين بما لا يدع مجالاً للشك فلقد كان لقيام المجني عليهم بمنع حيازتهم للأرض التي كانت تدر عليهم دخلاً في استخدامها كسوق للقرية ما يكفي لإثارة كوامن الشر في نفوسهم والانتقام ممن حرمهم من ذلك الدخل المحقق الوفير فأعدوا لذلك الأمر عدته وتسلحوا بالبنادق الآلية والألمانية واتجهوا إلى المجني عليهم بأرض النزاع لمنعهم من إتمام أعمال البناء فيها حتى لو قضوا على حياتهم وأطلقوا عليهم الأعيرة النارية في مواضع قاتلة حتى أجهزوا عليهم وذلك كله لا يكون إلا لمن ابتغى القتل مقصداً". لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن المدعين بالحقوق المدنية قد مثل في جميع جلسات المحاكمة التي نظرت فيها الدعوى الجنائية، وبجلسة......... - التي صدر فيها الحكم المطعون فيه - طلب في حضور المتهمين الطاعنين وفي مواجهتهم بإلزامهم بأداء التعويض المطلوب وقدره قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت بعد توقيع العقوبة المقررة، وترافع في دعواه، ولم يعارض الطاعنون في قبول الدعوى المدنية أو يثيروا شيئاً مما جاء بأسباب الطعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية، وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد سكتوا عن التمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع فليس لهم من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصاريف المدنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق