الصفحات

الجمعة، 12 يناير 2018

عدم دستورية استلزام الحصول على إذن النقابة قبل الشكوى ضد المحامي

القضيتان 228 لسنة 25 ق و241 لسنة 26 ق " دستورية " .
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 31 يوليو سنة 2005 م ، الموافق 25 جمادى الآخرة سنة 1426 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : حمدى محمد على ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقمي 228 لسنة 25 قضائية و241 لسنة 26 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / حسن محمد السيد
ضد
1 - السيد رئيس الجمهورية
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد رئيس مجلس الشعب
4 - السيد وزير العدل
5 - السيد نقيب المحامين
6 - السيد/ ممدوح أحمد عليان
" الإجراءات "
بتاريخ الثالث من أغسطس سنة 2003، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة دعوى قيدت برقم 228 لسنة 25 قضائية دستورية ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (68) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.
وبتاريخ السابع والعشرين من ديسمبر سنة 2003، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 16317 لسنة 56 قضائية ، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بوقفها عملاً بحكم المادة (29/أ) من قانون المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة ذاتها حيث قيدت برقم 241 لسنة 26 قضائية "دستورية ".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة في كل من الدعويين المذكورتين طلبت فيها الحكم أولاً: عدم قبولها، وثانياً: رفضها.
وبعد تحضير الدعويين، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها في كل منهما.
ونُظرت الدعويان على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة ضم الدعوى رقم 241 لسنة 26 قضائية للدعوى رقم 228 لسنة 25 قضائية ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وقرار الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام ضد المدعى عليهما الخامس والسادس وآخرين الدعوى رقم 16317 لسنة 56 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ، طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار لجنة الشكاوى بنقابة المحامين الفرعية بالقاهرة الصادر بتاريخ 28/10/2001 في الشكوى رقم 183 لسنة 2001 بمجازاته بعقوبة الإنذار، وذكر المدعى شارحاً دعواه أنه بصفته وكيلاً عن مالكه العقار الكائن به مكتب السيد/ ممدوح أحمد علي أن المحامي (المدعى عليه السادس في الدعوى الماثلة ) أقام ضد الأخير الدعوى رقم 125 لسنة 1999 إيجارات كلى شمال القاهرة لعدم وفائه بالقيمة الإيجارية المستحقة ، فبادر المدعى عليه بشكاية المدعى أمام نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة بدعوى مخالفته لحكم المادة (68) من قانون المحاماة التي لا تجيز -في غير حالات محددة - أن يقبل المحامي الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميل له إلا بعد استئذان رئيس النقابة الفرعية التي يتبعها المحامي ، وبجلسة 28/10/2001 قررت لجنة الشكاوى بالنقابة المذكورة مجازاته بعقوبة الإنذار، فتظلم المدعى من هذا القرار أمام النقابة العامة بالقاهرة التي قررت رفض التظلم، فأقام الدعوى رقم 16317 لسنة 56 قضائية بطلباته المشار إليها وأثناء نظرها دفع بعدم دستورية نص المادة (68) من قانون المحاماة والتمس إحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في هذا الدفع أو وقف الدعوى تعليقاً والتصريح له بإقامة الدعوى الدستورية ، وبجلسة 25/5/2003 قررت المحكمة وقف الفصل فى الدعوى بشقيها عملاً بحكم المادة (29/أ) من قانون المحكمة الدستورية العليا، بيد أن المدعى بادر بإقامة دعواه الماثلة ، ثم ورد للمحكمة بتاريخ 27/12/2003 ملف الدعوى الموضوعية تنفيذاً لقرار المحكمة المشار إليه.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 228 لسنة 25 قضائية "دستورية "، فإن البين من الأوراق أنه بعد أن قررت محكمة الموضوع بجلسة 25/5/2003 وقف الدعوى إعمالاً لحكم المادة (29/أ) من قانون المحكمة الدستورية العليا- حسبما سلف البيان- ولم تقرنه بإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة ، فقد تقدم المدعى بطلب للسيد المستشار رئيس محكمة القضاء الإداري بتاريخ 9/7/2003 يلتمس فيه إصدار الأمر بذلك، وإذ لم يلق التماسه إجابة حتى 3/8/2003 فقد أقام دعواه الماثلة .
وحيث إنه من المقرر أنه ليس لازماً -في مجال تقدير جدية الدفع المثار أمام محكمة الموضوع- صدور قرار صريح بالتصريح لمن أثار الدفع بإقامة الدعوى الدستورية ، بل يكفيها أن يكون قرارها في هذا الشأن ضمنياً مستفاداً من عيون الأوراق، ومن ذلك تعليقها الفصل في النزاع الموضوعي على الفصل في النصوص القانونية المدفوع أمامها بعدم دستوريتها، إذ لو كان ما طرح عليها فى شأن مناحيها لا يستقيم عقلاً، لكان قرارها إرجاء النزاع الموضوعي حتى الفصل فيها من المحكمة الدستورية العليا، لغواً، وفى ضوء ما سلف فإن الدعوى الماثلة تجد سندها فيما تضمنه القرار الصادر من محكمة الموضوع من تصريح ضمني ومن ثم فإنها تكون مقبولة ويكون الدفع بعدم قبولها غير صحيح.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 241 لسنة 26 قضائية "دستورية "، بزعم صدور الإحالة بقرار وليس بحكم من محكمة الموضوع، وأن هذا القرار شابه التجهيل بالمسائل الدستورية المطروحة ، فهذا الدفع مردود بأن المادة (30) من قانون المحكمة لم تتطلب صدور الإحالة بحكم بل على العكس من ذلك استخدمت في متنها عبارة "القرار الصادر بالإحالة " وقد تضمن قرار محكمة الموضوع في الدعوى الماثلة الإشارة إلى أن نص المادة (68) من قانون المحاماة (النص الطعين في الدعويين الماثلتين) يتضمن قيوداً ترهق الحق في التقاضي وتنتقصه من أطرافه بالمخالفة لنصوص المواد (8، 40، 68) من الدستور، ومن ثم يغدو الدفع بالتجهيل غير قائم على أساس .
وحيث تنص المادة (68) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 (المطعون عليها) على أن "يراعى المحامي في معاملته لزملائه ما تقضى به قواعد اللياقة وتقاليد المحاماة وفيما عدا الدعاوى المستعجلة يجب عليه أن يستأذن مجلس النقابة الفرعية التي يتبعها المحامي إذا أراد مقاضاة زميل له.
كما لا يجوز في غير الدعاوى المستعجلة وحالات الادعاء بالحق المدني أن يقبل الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميل له إلا بعد استئذان رئيس النقابة الفرعية التي يتبعها المحامي .
وإذا لم يصدر الإذن في الحالتين المبينتين بالفقرتين السابقتين خلال خمسة عشر يوماً كان للمحامي اتخاذ ما يراه من إجراءات".
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها- أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وإن هذا الشرط يحدد نطاق الخصومة الدستورية ، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي ، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه: ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر من جريان سريان النص المطعون فيه عليهم، ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر من فصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنا تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويته، عائداً في مصدره إلى النص المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
لما كان ما تقدم، وكانت الدعوى الموضوعية تدور حول طلب المدعى وقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة بمجازاته بعقوبة الإنذار لقبوله الوكالة فى الدعوى المقامة على محام زميل دون إذن من رئيس النقابة المذكورة ، وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة (68) من قانون المحاماة ، فإن مصلحة المدعى تنحصر فى الطعن على نص الفقرة المذكورة ، وبه وحده يتحدد نطاق الدعويين الماثلتين ولا يمتد إلى غير ذلك من أحكام وردت بنص الفقرتين الأولى والثالثة من النص الطعين. وينعى المدعى وقرار الإحالة على النص الطعين محدداً نطاقاً على النحو المتقدم إخلاله بالحماية القانونية للحقوق جميعها مقيماً تميزاً غير مبرر بين المراكز القانونية المتماثلة مرهقاً لحق التقاضي منتقصاً من حقوق أطرافه، بالمخالفة لأحكام المواد( 8، 40، 68) من الدستور.

وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إطلاقها مالم يقيدها الدستور بقيود معينة تبين تخوم الدائرة التي لا يجوز أن يتدخل المشرع فيها هادماً لتلك الحقوق أو مؤثراً فى محتواها بما ينال منها، فلا يكون تنظيم المشرع لحق ما سليماً من زاوية دستورية إلا فيما وراء هذه الحدود، فإن اقتحمها بدعوى تنظيمها انحل ذلك عدواناً عليها .

وحيث إن المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي ، هي التي قننها الدستور فى مجمل أحكامها - بنص المادة (56)- التي تحتم إنشاءه وفق أسس ديموقراطية يكون القانون كافلاً لها راعياً لدوره في تنفيذ الخطط والبرامج التي استهدفها، مرتقياً بكفايتها، ضامناً تقيد من يسهمون فيها بسلوكهم الاشتراكي ، فلا يتنصلون من واجباتهم أو يعملون على نقيضها، ودون إخلال بحقوقهم المقررة قانوناً، وهو ما يعني أن إفراد النقابات بنص المادة (56) المشار إليها لا يعدو أن يكون اعترافاً من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التى تمثلها، وعن اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، وما ينبغي أن يتخذ من التدابير للدفاع عنها فى مجموعها وتوكيداً لضرورة أن يظل العمل النقابي تقدمياً فلا ينحاز لمصالح جانبية أو يضع من القيود ما يعطل مباشرة الآخرين لحقوقهم في الحدود التي نص عليها الدستور .

وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون – وبقدر تعلقه بالحدود التي تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها- مؤداه: وعلى ما جرى عليه قضاؤها، أنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مجال مباشرتها لاختصاصاتهما التي نص عليها الدستور بالحماية المتكافئة للحقوق جميعها، سواء في ذلك تلك التي قررها الدستور أو التي ضمنها المشرع، ومن ثم كان هذا المبدأ عاصماً من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع تمييزاً غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلاً لوحدة تنظيمها، بل تكون القاعدة القانونية التي تحكمها إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز، أو قاصرة بمداها عن استيعابها، إذ كان ذلك، وكان النص الطعين أنشأ قيداً على اختصام المحامي فى أية دعوى أو شكوى مؤداه: وجوب أن يقوم زميله باستئذان النقابة الفرعية قبل قبوله الوكالة في إقامة الدعوى أو تقديم الشكوى ، بما يجعل المحامي المختصم من ناحية - في مركز قانوني مميز دون أن يستند هذا التمييز إلى مصلحة مبررة ، وأوجد- من ناحية أخرى – تفرقة بين المدعين وفقاً للمهنة التى يمارسها من يريدون اختصامه، رغم ما هو مقرر من أن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي ، في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية ، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها، وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دوماً أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحده سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها.

وحيث إن الدستور- وفق ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - نظم حق الدفاع محدداً بعض جوانبه، مقرراً كفالته كضمانه مبدئية أولية لعدم الإخلال بالحرية الشخصية ، ولصون الحقوق والحريات جميعها، سواء في ذلك التي نص عليها الدستور أو التي قررتها التشريعات المعمول بها، ما ورد في شأن هذا الحق حكماً قاطعاً، حين نص في الفقرة الأولى من المادة (69) منه على أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، لما كان ما تقدم، وكان النص الطعين يستلزم حصول المحامي على إذن النقابة الفرعية قبل قبول الوكالة في دعوى أو شكوى ضد زميل له، فإنه يشكل قيداً غير مبرر على حق الدفاع يؤول إنكاراً لحق كل متقاض يريد إقامة دعوى ضد محام في اختيار محام للدفاع عن مصالحه.

ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم يكون النص الطعين مخالفاً للمواد (40، 56، 68، 69) من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (68) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق