الصفحات

الاثنين، 8 يناير 2018

الطعن 18 لسنة 39 ق جلسة 10 / 5/ 1972 مكتب فني 23 ج 2 أحوال شخصيةق 134 ص 843

جلسة 10 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكري، وعثمان حسين عبد الله.

-----------------

(134)
الطعن رقم 18 لسنة 39 ق "أحوال شخصية"

(أ، ب) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". قانون.
(أ) منازعات الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون 462 لسنة 1955. وجوب تطبيق شريعتهم في نطاق النظام العام. المقصود بلفظ شريعتهم.
(ب) القضاء بالتطليق استناداً إلى المادة 57 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس للفرقة واستحكام النفور. لا محل للتحدي بأن مجموعة سنة 1905 هي الواجبة التطبيق وخالية من نص يجيز التطليق لهذا السبب. علة ذلك.
(ج، د) حكم. "تسبيب الحكم". إثبات. "القرائن". "الإحالة للتحقيق".
(ج) استناد الحكم إلى أقوال شهود سمعوا في قضية أخرى. جوازه كقرينة متى كان الإثبات في الدعوى يجوز فيه قبول القرائن.
(د) عدم التزام المحكمة بإجابة طلب الإحالة للتحقيق متى رأت من ظروف الدعوى وأدلتها ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(هـ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "طلاق".
شريعة الأقباط الأرثوذكس. استحكام النفور بين الزوجين الذي يجيز الحكم التطليق. شرطه. جواز التطليق أيضاً إذا كان الخطأ راجعاً لكل من الزوجين. محل لتطبيق ما ورد بكتاب الخلاصة القانونية في هذا الخصوص.

--------------
1 - تنص الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية على أنه "أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون، فتصدر الأحكام في نطاق النظام العام طبقاً لشريعتهم"... ولفظ "شريعتهم" التي تصدر الأحكام طبقاً لها في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة والذين لهم جهات ملية منظمة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء في الكتب السماوية وحدها، بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها باعتبارها شريعة نافذة، إذ لم يكن في ميسور المشرع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كان عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التي يتعين على المحاكم تطبيقها، وأحال إلى الشريعة التي كانت تطبق في تلك المسائل أمام جهات القضاء الملي، ولم تكن هذه الشريعة التي جرى العمل على تطبيقها تقتصر على ما جاء بالكتب السماوية. ومما يدل على حقيقة قصد المشرع وأن ما يعتبر شريعة عند غير المسلمين لم يكن قاصراً على القواعد التي جاءت بها الكتب المنزلة، ما أورده المشرع بالمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه من أن "القواعد الموضوعية التي تطبقها أكثر المجالس فيما يطرح عليها من الأقضية غير مدونة، وليس من اليسير أن يهتدي إليها عامة المتقاضين، وهي مبعثرة في مظانها بين متون الكتب السماوية وشروح وتأويلات لبعض المجتهدين من رجال الكهنوت".
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالتطليق للفرقة واستحكام النفور إلى نص المادة 57 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في 9/ 5/ 1938 وعمل بها من 8/ 7/ 1938 بعد تجميعها من مصادرها واضطردت المجالس الملية على تطبيقها فإنه لا محل للتحدي بأن أحكام مجموعة سنة 1955 هي الواجبة التطبيق، وأنها قد خلت من نص خاص يجيز التطليق لهذا السبب، ذلك أنه لا إلزام في الاستناد إلى الأحكام التي حوتها نصوص هذه المجموعة دون غيرها من المصادر الأخرى التي يرجع إليها لدى الطائفة المذكورة، إذ لم يصدر بأي منهما تشريع من الدولة بحيث يجوز القول بأن التنظيم اللاحق يلغي التنظيم السابق، والعبرة في هذا الخصوص بما كانت تسير عليه المحاكم الملية في قضائها استقاء من المصادر المختلفة لشريعة تلك الطائفة.
3 - لا تثريب على المحكمة في تكوين عقيدتها من أقوال شهود سمعوا في قضية أخرى إن هي أخذت بهذه الأقوال كقرينة وكان الإثبات في الدعوى مما يجوز فيه قبول القرائن.
4 - لمحكمة الموضوع ألا يجيب طلب الإحالة إلى التحقيق بالشهود متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها دون حاجة إلى التحقيق المطلوب.
5 - مفاد نص المادة 57 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس أن استحكام النفور بين الزوجين الذي يجيز الحكم بالتطليق، يجب أن يكون نتيجة إساءة أحد الزوجين معاشرة الآخر أو إخلاله بواجباته نحوه إخلالاً جسيما، بحيث تصبح الحياة الزوجية مستحيلة، على ألا يكون ذلك الخطأ من جانب طالب التطليق حتى لا يستفيد من خطئه، فإذا كان الخطأ راجعاً إلى كل من الزوجين واستحالت الحياة بينهما، فإنه يجوز التطليق في هذه الحالة أيضاً لتحقق ذات السبب وهو تصدع الحياة الزوجية بما لا يستطاع معه دوام العشرة، ولا وجه للتحدي بأن الخلاصة القانونية في الأحوال الشخصية لكنيسة الأقباط الأرثوذكسية للإيفومانس فيلوثاؤس تقتصر في هذه الحالة على محاولة التوفيق بين الزوجين، ذلك أنه إذا استمر الخلاف بينهما وأصبحت الحياة الزوجية مستحيلة بما لا يتحقق معه أغراض الزواج، فلا يكون هناك محل لتطبيق ما ورد في الخلاصة القانونية بهذا الخصوص - بشأن تأديب الأب الروحي للزوجين حتى يتوبا وينصلح أمرهما - ويتعين الحكم بالتطليق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 51 لسنة 1967 ملي الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الطاعنة يطلب الحكم بفسخ عقد زواجه منها المؤرخ 15/ 2/ 1962 وبتطليقها منه، وقال شرحاً للدعوى إنه تزوج من الطاعنة بالعقد المشار إليه طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، ودب الخلاف بينهما بسبب إصرارها على الإقامة مع والديها وإذ هجرت منزل الزوجية واستمرت الفرقة بينهما مدة تزيد عن ثلاث سنوات متوالية وهو ما ثبت من الحكم الصادر في دعوى النفقة رقم 58 لسنة 1966 جزئي أحوال شخصية الذي تأيد استئنافياً، كما استحكم النفور واستحالت العشرة بينهما بخطئها فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته، وبتاريخ 30/ 5/ 1968 حكمت المحكمة للمطعون عليه بطلباته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 5 لسنة 1968 ملي الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى. وبتاريخ 5/ 5/ 1969 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول منها الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بالتطليق استناداً إلى نص المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 مهدراً الكتاب المقدس المصدر الأول لشريعتهم وهو لا يبيح الطلاق إلا لعلة الزنا، هذا إلى أن مجموعة سنة 1938 قد ألغيت بالمجموعة الصادرة في سنة 1955 التي أقرها المجمع المقدس والمجلس الملي العام وهي لم تنص على التطليق للهجر، وإذ انعقد الزواج في ظلها فتكون هي الواجبة التطبيق على واقعة النزاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية تنص على أنه "أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام في نطاق النظام العام طبقاً لشريعتهم..." وكان لفظ "شريعتهم" التي تصدر الأحكام طبقاً لها في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة والذين لهم جهات ملية منظمة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء في الكتب السماوية وحدها، بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها باعتباره شريعة نافذة، إذ لم يكن في ميسور المشرع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كان عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التي يتعين على المحاكم تطبيقها، وأحال إلى الشريعة التي كانت تطبق في تلك المسائل أمام جهات القضاء الملي، ولم تكن هذه الشريعة التي جرى العمل على تطبيقها تقتصر على ما جاء بالكتب السماوية، وكان مما يدل على حقيقة قصد المشرع، وأن ما يعتبر شريعة عند المسلمين لم يكن قاصراً على القواعد التي جاءت بها الكتب المنزلة - ما أورده المشرع بالمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه من أن "القواعد الموضوعية التي تطبقها أكثر المجالس فيما يطرح عليها من الأقضية غير مدونة، وليس من اليسير أن يهتدي إليها عامة المتقاضين وهي مبعثرة في مظانها بين متون الكتب السماوية وشروح وتأويلات لبعض المجتهدين من رجال الكهنوت" وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالتطليق للفرقة واستحكام النفور إلى نص المادة 57 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في 9/ 5/ 1938 وعمل بها من 8/ 7/ 1938 بعد تجميعها من مصادرها واضطردت المجالس الملية على تطبيقها، لما كان ذلك وكان لا محل للتحدي بأن أحكام مجموعة سنة 1955 هي الواجبة التطبيق، وأنها قد خلت من نص خاص يجيز التطليق لهذا السبب، ذلك أنه لا إلزام في الاستناد إلى الأحكام التي حوتها نصوص هذه المجموعة دون غيرها من المصادر الأخرى التي يرجع إليها لدى الطائفة المذكورة، إذ لم يصدر بأي منها تشريع من الدولة بحيث يجوز القول بأن التنظيم اللاحق يلغي التنظيم السابق، والعبرة في هذا الخصوص بما كانت تسير عليه المحاكم الملية في قضائها استقاء من المصادر المختلفة لشريعة تلك الطائفة. ولما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان قد طبق على واقعة الدعوى النص الوارد بشأنها في مجموعة سنة 1938 باعتبار أن المحاكم الملية قد جرت على تطبيق أحكام هذه المجموعة منذ وضعها حتى ألغيت تلك المحاكم بالقانون رقم 462 لسنة 1955، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنها طلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الفرقة والمسئول عنها واستحكام النفور بين الزوجين بصورة أدت إلى استحالة الحياة الزوجية، إلا أن المحكمة التفتت عن إجابة هذا الطلب مكتفية بالتحقيق الذي أجرى في دعوى النفقة رقم 58 لسنة 1966 جزئي، وقرر الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر برفض نفقة الزوجية لثبوت نشوز الزوجة يمنع من المنازعة في السبب الذي أقيمت عليه دعوى الطلاق، في حين أنه لا يجوز الاستناد في دعوى الطلاق إلى التحقيق الذي أجرى في دعوى النفقة لاختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً، هذا إلا أنه لا حجية لحكم النفقة بين نفس الخصوم متى تغيرت الظروف.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أورد في هذا الخصوص ما يلي "أنه بمراجعة أقوال شهود الطرفين بدعوى النفقة المنضمة وأقوال كل منهما بمحضر المناقشة التي تمت بجلسة 11/ 4/ 1968 وكافة مستندات ومذكرات الطرفين يبين بجلاء توافر الشرط الأول وهو الفرقة الطويلة لأكثر من ثلاث سنوات متوالية، حيث بدأت الفرقة منذ ديسمبر سنة 1964، واستمرت حتى الآن بإقرار كل من الطرفين، والذي تأيدت صحته بأقوال شهودهما، وهي مدة ثلاث سنوات وخمسة شهور متصلة. وأن الثابت أيضاً أن حياة الطرفين الزوجية والتي بدأت في 15/ 2/ 1962 لم تكن مستقرة على الإطلاق، فقد تخلل الفترة من تاريخ انعقاد الزواج حتى ديسمبر سنة 1964 عدة منازعات، فلم تكن المدعى عليها - الطاعنة - تستقر في منزل الزوجية سوى شهور معدودة وتعود إلى منزل والديها، حتى أن مجموع المدد التي قضتها بمنزل الزوجية طوال مدة الزواج لم تتجاوز خمسة شهور كالثابت من أقوال المدعي - المطعون عليه - بمحضر المناقشة، أو حوالي سنة واحدة كالثابت من أقوال المدعى عليها الثابتة بنفس المحضر وهو محضر جلسة 11/ 4/ 1968، وأنه رغم محاولات التوفيق الكثيرة التي قام بها بعض رجال الدين وأقرباء الطرفين، فإنه قد تعذر طوال هذه المدة التوفيق بينهما، مما يستفاد منه توافر الشرط الثاني أيضاً وهو استحالة عودة الحياة الزوجية بين الطرفين بفعل الكراهية المستحكمة بينهما، ولا يدحض ذلك مجرد قول المدعى عليها إنها راغبة في الصلح أو إن الحياة الزوجية لا زالت ممكنة، إذ الثابت أن كلاً من الطرفين كان يصر دائماً على وجهة نظره ولا يتنازل عن شيء منها رغم أن أساس الحياة الزوجية هو تضحية كل من الزوجين وقوامها التسامح بينهما، بحيث إذا انعدمت التضحية أو قل التسامح تعذر استمرار الحياة المشتركة بين الزوجين، وبات إنهاء هذه الحياة أولى وأصلح لكل من الزوجين ولما كان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في ثبوت الفرقة ومدتها واستحكام النفور بين الزوجين إلى أقوال كل منهما في المناقشة التي تمت أمام محكمة أول درجة، وإلى المستندات والمذكرات المقدمة في الدعوى، كما استند إلى التحقيقات التي أجريت في دعوى النفقة كقرينة تؤيد الأدلة الأخرى سالفة الذكر، وكان لا تثريب على المحكمة في تكوين عقيدتها من أقوال شهود سمعوا في قضية أخرى إن هي أخذت بهذه الأقوال كقرينة، وكان الإثبات في الدعوى مما يجوز فيه قبول القرائن، وكان لمحكمة الموضوع ألا تجيب طلب الإحالة إلى التحقيق بالشهود متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها دون حاجة إلى التحقيق المطلوب، وكانت الأسباب التي أوردتها المحكمة على النحو سالف البيان سائغة وتؤدي إلى ما انتهت إليه في هذا الصدد، لما كان ذلك وكان ما ورد في أسباب الحكم بشأن حجية النفقة في دعوى التطليق لم يكن إلا استطراداً زائداً من الحكم يستقيم بدونه، مما يكون معه النعي على ما تضمنته هذه الأسباب الزائدة غير منتج، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المادة 57 من مجموعة سنة 1938 التي استند إليها الحكم تستلزم ألا تكون الفرقة نتيجة خطأ طالب التطليق، إلا أن الحكم حمل الطاعنة خطأ المطعون عليه تأسيساً على أن الخطأ كان مشتركاً بين الطرفين، في حين أن كتاب الخلاصة القانونية في الأحوال الشخصية لكنيسة الأقباط الأرثوذكسية للإيفومانس فيلوتاؤس وهو أحد مصادر الفقه في هذا الخصوص قد أورد في المسألة 25 رقم 88 أنه "إذا كان الخلاف واقعاً بين الفريقين معاً ويرى الرئيس الديني أنهما مشتركان في التعدي فليؤدبهما الأب الروحي حتى يتوبا ويصلح أمرهما" واستناداً إلى ذلك فإن الطاعنة لا تتحمل وحدها المسئولية كاملة ولا يجوز الحكم بتطليقها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 57 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس على أنه يجوز أيضاً طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً، مما أدى إلى استحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما من بعضهما واستمرت الفرقة ثلاث سنين متوالية" يدل على أن استحكام النفور بين الزوجين الذي يجيز الحكم بالتطليق إعمالاً لهذه المادة يجب أن يكون نتيجة إساءة أحد الزوجين معاشرة الآخر أو إخلاله بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً بحيث تصبح الحياة الزوجية مستحيلة على ألا يكون ذلك الخطأ من جانب طالب التطليق حتى لا يستفيد من خطئه، فإذا كان الخطأ راجعاً إلى كل من الزوجين واستحالت الحياة بينهما فإنه يجوز التطليق في هذه الحالة أيضاً لتحقق ذات السبب، وهو تصدع الحياة الزوجية بما لا يستطاع معه دوام العشرة، ولا وجه للتحدي بأن الخلاصة القانونية تقتصر في هذه الحالة على محاولة التوفيق بين الزوجين، ذلك أنه إذا استمر الخلاف بينهما وأصبحت الحياة الزوجية مستحيلة بما لا يتحقق معه أغراض الزواج على ما سلف بيانه، فلا يكون هناك محل لتطبيق ما ورد في الخلاصة القانونية بهذا الخصوص ويتعين الحكم بالتطليق، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد قرر في هذا الخصوص "أنه بالنسبة للشرط الثالث وهو تسبب الطرف الثاني في إحداث ذلك نتيجة لإساءة استعمال حقوقه أو الإخلال بحقوق الطرف الآخر، فإن المحكمة ترى أن كلاً من الطرفين قد ساهم بعناده وإصراره على إخضاع الطرف الآخر لوجهة نظره في الحياة وفي فشل حياتهما الزوجية وتحطيمها على النحو السابق بيانه، وأن الخطأ بذلك كان مشتركاً بين الطرفين" فإن الحكم المطعون فيه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم لم يرد على المستندات الدالة على رغبتها في الصلح، كما أغفل الرد على الدلالة المستفادة من رفع المطعون عليه دعوى تطليق وتركها للشطب بسبب نجاح مساعي الصلح بين الطرفين، هو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير منتج، إذ أسس الحكم المطعون فيه قضاءه بالتطليق على اشتراك الطاعنة في الخطأ رغم مساعي الصلح، مما أدى إلى استحكام النفور وتصدع الحياة الزوجية، والنعي في وجهه الثاني غير مقبول لأن الطاعنة لم تقدم ما يدل على أنها تمسكت بما أثارته في هذا الوجه أمام محكمة الموضوع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق