الصفحات

الأحد، 31 ديسمبر 2017

دستورية سقوط الإعفاء عن الممول غير المنتظم في تقديم إقراراته الضريبية عن دخله (واعتباره متهرباً)

الطعن 92 لسنة 29 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 2 / 12 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 49 مكرر هـ في 11/ 12/ 2017 ص 13
باسم الشعب 

المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من ديسمبر سنة 2017م، الموافق الثالث عشر من ربيع الأول سنة 1439هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 92 لسنة 29 قضائية "دستورية".

------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن نشاط المدعي في مجال بيع الوحدات العقارية مسجل لدى مأمورية ضرائب سيدي جابر اعتبارا من 16/ 10/ 1990، وقام المدعي بإخطار المصلحة بتاريخ 21/ 2/ 1991 ببدء مزاولة النشاط، إلا أنه بالفحص تبين مزاولته النشاط منذ عام 1990، وتهربه من الإقرار وأداء الضريبة المستحقة على نشاطه، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 3845 لسنة 2004 جنح سيدي جابر، وقدمته النيابة العامة إلى المحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح سيدي جابر، متهمة إياه أنه خلال الفترة من عام 1990 وحتى عام 1993، وهو ممن يزاولون نشاطا تجاريا خاضعا للضريبة الموحدة على دخل الأشخاص الطبيعيين

1- لم يقدم لمصلحة الضرائب إخطارا عند بدء نشاط بيع وحدات تمليك خلال الميعاد القانوني
2- تهرب من أداء الضريبة المقررة قانونا باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى ذلك النشاط عن علم مصلحة الضرائب
3- لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقرارا صحيحا وشاملا مبينا به الإيرادات والتكاليف والأرباح والخسائر عن مختلف مصادر الدخل
وطلبت عقابه بالمواد (91/ 1، 2 و187 ثانيا/ 1) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 بشأن الضريبة الموحدة، والمواد (6/ 2، 19/ 7، 74/ 1، 133/ 1، والفقرة الثانية من البند 5، و135/ 1) من القانون رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل، وأثناء نظر الدعوى بجلسة 5/ 5/ 2007، دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 91 لسنة 2005 المعدلة بالقانون رقم 181 لسنة 2005، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة، قاصرا طلبه على القضاء بعدم دستورية الفقرة الأولى من نص المادة المشار إليها
بتاريخ السابع عشر من شهر أبريل سنة 2007، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل، المعدل بالقانون رقم 181 لسنة 2005، وسقوط الفقرة الثانية منها
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة

وحيث إن المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 91 لسنة 2005 في شأن الضريبة على الدخل تنص على أن "يعفى كل شخص من أداء جميع مبالغ الضريبة المستحقة على دخله وجميع مبالغ الضريبة العامة على المبيعات، وذلك عن الفترات الضريبية السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون، وما يرتبط بتلك الضرائب من مقابل تأخير وغرامات وضريبة إضافية وغيرها، وذلك بالشرطين الآتيين
أولا - ألا يكون الشخص قد سبق تسجيله أو تقديمه لإقرار ضريبي أو خضع لأي شكل من أشكال المراجعة الضريبية من قبل مصلحة الضرائب العامة أو مصلحة الضرائب على المبيعات
ثانيا - أن يتقدم الممول بإقراره الضريبي عن دخله عن آخر فترة ضريبية متضمنا كامل البيانات ذات الصلة، وأن يتقدم للتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات إذا بلغ حد التسجيل، وذلك قبل مضي سنة من تاريخ العمل بهذا القانون
ويسقط الإعفاء إذا لم ينتظم الممول في تقديم إقراراته الضريبية عن دخله عن الفترات الضريبية الثلاث التالية". 
وحيث إن مفاد هذا النص أن القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل، وهو في مقام التوطئة لتطبيق نظامه الضريبي الجديد، والتشجيع على توسعة قاعدة الخاضعين لأحكامه الضريبية، قد استحدث إعفاء عاما ينضوي تحته كل شخص كلف بأداء ضريبة من الضرائب العامة على الدخل، وكذا ضريبة المبيعات متى كانت تستحق عن فترة سابقة على العمل بأحكامه، كما شمل هذا الإعفاء ما يرتبط بأي من هذه الضرائب من مقابل تأخير وغرامات وضريبة إضافية وغيرها من الضرائب. وأوردت الفقرة الأولى من المادة الرابعة المطعون فيها للإفادة من هذا الإعفاء ثلاثة ضوابط، أولها: ألا يكون الشخص قد سبق تسجيله أو تقديمه لإقرار ضريبي أو خضع لأي شكل من أشكال المراجعة الضريبية من قبل مصلحة الضرائب العامة أو الضرائب على المبيعات، وثانيها: أن يتقدم بإقراره الضريبي عن دخله عن آخر فترة ضريبية متضمنا جميع البيانات ذات الصلة، وثالثها: أن يتقدم للتسجيل بمصلحة الضرائب على المبيعات متى بلغ حد التسجيل المقرر قانونا، وذلك كله قبل مضي سنة من تاريخ العمل بالقانون المشار إليه
متى كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا سبق أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بدستورية ما اشترطه نص البند أولا من المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 91 لسنة 2005 المشار إليه، من قيد للإفادة من الإعفاء من أداء جميع مبالغ الضريبة المستحقة عن نشاطه التجاري، حاصله ألا يكون الشخص قد سبق تسجيله أو تقديمه لإقرار ضريبي أو خضع لأي شكل من أشكال المراجعة الضريبية من قبل مصلحة الضرائب العامة أو مصلحة الضرائب على المبيعات، قبل العمل بأحكام هذا القانون، وذلك بحكمها الصادر بجلسة الثاني عشر من مايو سنة 2013 في القضية رقم 29 لسنة 31 قضائية "دستورية"، القاضي برفض الدعوى. وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها الصادر بتاريخ 26 مايو سنة 2013، الرقيم 21 (مكرر). وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام المحكمة وقراراتها ملزمة للكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، ولها حجية مطلقة بالنسبة لهم، باعتبارها قولا فصلا في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعته، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول هذا الشق من الدعوى
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية توافر المصلحة فيها، ومناط ذلك أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون من شأن الحكم في المسألة الدستورية التأثير فيما أبدى من طلبات في دعوى الموضوع. متى كان ذلك، وكان مقتضى إعمال أحكام الشرط الثاني من شروط الإعفاء من جميع مبالغ الضريبة المقرر بالنص المطعون فيه، هو حرمان المدعي من ذلك الإعفاء، لكون نشاطه في بيع الوحدات العقارية - وعلى ما هو ثابت بأوراق الدعوى الموضوعية - مسجل لدى مصلحة الضرائب على الدخل بمأمورية سيدي جابر، فضلا عن قيامه بإخطار تلك المصلحة، بتاريخ 21/ 2/ 1991، عن بدء مزاولة النشاط، ومن ثم، تتوافر للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن على عجز نص البند ثانيا من الفقرة الأولى من المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 91 لسنة 2005 المشار إليه، فيما اشترطه – للتمتع بالإعفاء الضريبي – أن يتقدم الممول، قبل مضي سنة من تاريخ العمل بهذا القانون، بإقراره الضريبي عن دخله عن آخر فترة ضريبية متضمنا كامل البيانات ذات الصلة، وذلك في مجال انطباقه بالنسبة للضرائب على الدخل، دون الضرائب على المبيعات
وحيث إن المدعي ينعى على نص البند ثانيا من الفقرة الأولى من المادة الرابعة من مواد إصدار قانون الضريبة على الدخل المار ذكره، إخلاله بتكافؤ الفرص وبالحق في المساواة، والعدالة الاجتماعية، بالمخالفة لأحكام المواد (4، 8، 38، 40) من دستور سنة 1971 الذي أقيمت الدعوى الدستورية في ظل العمل بأحكامه
وحيث إن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها - وأيا كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور القائم لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. متى كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعي للنص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - تندرج تحت المناعي الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي معين لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي. ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها الدستورية على النص المطعون فيه، والذي ما زال ساريا ومعمولا بأحكامه، من خلال عرضه على الدستور القائم الصادر في سنة 2014
وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المطعون فيه لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما في المادتين (8، 40) من دستور 1971، وتقابلها المواد (4، 9، 53) من دستور 2014، ومبدأ العدالة الاجتماعية المنصوص عليه في المادة (38) من كلا الدستورين، فمن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن مساواة المواطنين أمام القانون، التي يوجبها مبدأ تكافؤ الفرص، تتحقق بتوافر شرطي العموم والتجريد في التشريعات المنظمة للحقوق، ولكنها ليست مساواة حسابية يتساوى بها المواطنون في الحريات والحقوق أيا كانت مراكزهم القانونية، بل هي مساواة قانونية رهينة بشروطها الموضوعية التي ترتد في أساسها إلى طبيعة الحق الذي يكون محلا لها وما تقتضيه ممارسته من متطلبات، ذلك أن المشرع يملك بسلطته التقديرية لمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث إذا توافرت هذه الشروط في طائفة من الأفراد وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل مراكزهم القانونية، وإن اختلفت هذه المراكز بأن توافرت الشروط في البعض دون البعض الآخر، انتفى مناط التسوية بينهم، وكان لمن توافرت فيهم الشروط، دون سواهم، أن يمارسوا الحقوق التي كفلها المشرع لهم. ومن المقرر أيضا في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في كل تنظيم تشريعي أن يكون منطويا على تقسيم أو تصنيف أو تمييز من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض، أو المزايا التي يمنحها لفئة دون غيرها، ويتعين دوما لضمان اتفاق هذا التنظيم مع الدستور، أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي أعتنقها المشرع في موضوع محدد وفاء بمصلحة عامة لها اعتبارها، والوسائل التي اتخذها طريقا لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها هذا الموضوع، عن أهدافها، بل يجب أن تعد مدخلا إليها
وحيث إن الدستور قد حرص في المادة (4) منه على التوكيد على العدل باعتباره أساسا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعلت المادة (27) منه العدالة الاجتماعية أحد أهداف النظام الاقتصادي، وألزمت الدولة بمراعاة إقامة نظام ضريبي عادل، كما اتخذت المادة (38) منه من العدالة الاجتماعية مضمونا وإطارا للنظام الضريبي، وغيره من التكاليف العامة، وتحقيقها هدفا لها، وليضحى العدل من منظور اجتماعي أساسا لها، وهو لا يقتصر على شكل دون آخر من الأعباء المالية التي تفرضها الدولة على مواطنيها، بل تكون ضرائبها ورسومها سواء في تقيدها بمفهوم العدل، محددا على ضوء القيم التي ارتضتها الجماعة، وفق ما تراه حقا وإنصافا
وحيث كان ذلك، وكان المشرع استكمالا منه لمنظومة الإصلاحات الضريبية التي يعد تطبيق العفو الضريبي أحد وسائلها - وسبق للمشرع أن لجأ إليها في العديد من القوانين الضريبية – قد حرص وهو في مقام استشراف تطبيق قانون ضريبي جديد على الدخل، يهدف إلى محاربة ظاهرة التهرب الضريبي، إلى الأخذ بنظام العفو الضريبي، بغية توسيع قاعدة الخاضعين لأحكامه، مستهدفا شريحة المتهربين الذين لم تقف مأموريات الضرائب على حقيقة أنشطتهم ومقدار أرباحهم قبل العمل بأحكامه، حتى تفرض عليها الضرائب المستحقة اعتبارا من نفاذها، فوسد لذلك بالتنظيم الذي أورده النص المطعون فيه، الذي قرن التمتع بالإعفاء الضريبي للمتهرب من هذا الواجب - متى كان لم يسجل نشاطه لدى مصلحة الضرائب أو يقدم إقرارا ضريبيا قبل العمل بأحكام هذا القانون – بالتزامه بأن يقدم إقراره الضريبي عن دخله عن آخر فترة ضريبية متضمنا كامل البيانات ذات الصلة، قبل مضي سنة من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وذلك بهدف التحقق من جدية الممول، وتوفير المعلومات اللازمة لبسط مصلحة الضرائب رقابتها على أنشطة الممولين المتهربين من أداء الضرائب، لتمكينها من تكليفهم بعد العمل بأحكام هذا القانون بما يستجد في ذمتهم من ضرائب، ليكون هذا الإقرار بالدين الضريبي، رغم الإعفاء منه، هو المعين الذي تستقى منه مصلحة الضرائب المعلومات اللازمة لمباشرة رقابتها المستقبلية، على الأنشطة التي كانت مستترة بعيدا عن أعين مأموريها، بهدف تمكين الدولة من بسط سلطانها على سائر المكلفين بالضريبة، تحقيقا للعدالة الاجتماعية في مجال تحصيل الضريبة
وهو ما أوضحه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الخطة والموازنة ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب في شأن نص المادة الرابعة المطعون عليها، والذي أكدت فيه اللجنة على ما تبناه ذلك النص من فكر حديث يستهدف توسيع قاعدة المجتمع الضريبي، وتشجيع أفراد المجتمع غير المسجلين لدى الإدارات الضريبية، على التقدم للتسجيل، والانتظام في أداء الضريبة الخاضعين لها، والانضمام إلى الاقتصاد الرسمي، هذا بالإضافة إلى تبديد مخاوف هؤلاء الأفراد من تحمل تبعات الفترات السابقة على تاريخ العمل بالقانون، من عقوبات وجزاءات وأعباء مالية قد لا يستطيعون تحملها دفعة واحدة. لما كان ذلك جميعه، فإن التنظيم الذي تبناه المشرع في سن هذا الشرط لاستحقاق الإعفاء من الضرائب المستحقة قبل العمل بأحكام هذا القانون، باعتباره الوسيلة التي اتخذها المشرع طريقا لبلوغ الأهداف المتقدمة، متسقا مع تلك الغايات، ومحققا لها، ومرتبطا بها ارتباطا منطقيا وعقليا، بقصره التمتع بهذا الإعفاء - إذا توافرت شروطه - على من لم تكن تتوافر لمصلحة الضرائب معلومات عن النشاط الذي يزاوله، وأرباحه منه، لكونه صاحب مركز قانوني يختلف عن المركز القانوني لمن سبق تسجيل نشاطه لدى مصلحة الضرائب، أو محاسبته ضريبيا، الأمر الذي يضحى ما تضمنه النص المطعون فيه من أحكام يتساند إلى أسس موضوعية تبرره، ويكون النعي عليه الإخلال بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة المكفولين بالمواد (4، 9، 53) من الدستور، والعدالة الاجتماعية التي كفلتها المادتان (27، 38) من الدستور، على غير سند، وغير قائم على أساس سليم
وحيث إنه عما نعاه المدعي من مخالفة النص المطعون فيه لأحكام المواد (13، 52، 199) من دستور سنة 1971، المقابلة لأحكام المواد (12، 62، 117) من الدستور القائم، فلا محل لإعمالها في الدعوى المعروضة، لتعلقها بالحق في العمل، وحق الهجرة، وانتخاب رئيس ووكيلي مجلس النواب، والأمر ذاته بشأن ما ارتآه المدعي من مخالفة النص المطعون فيه لحكم المادة (120) من دستور سنة 1971 - ولا يوجد لها مقابل في الدستور الحالي - لتعلقه بعدم جواز الجمع بين عضوية مجلس الشورى ومجلس الشعب
وحيث إنه عن طلب المدعي القضاء بسقوط الفقرة الثانية من المادة الرابعة المطعون عليها، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن السقوط لا يعد طلبا مستقلا بعدم الدستورية، وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا بمناسبة قضائها في الطلبات الأصلية المطروحة عليها، ويتصل بالنصوص القانونية التي ترتبط بها ارتباطا لا يقبل الفصل أو التجزئة، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء برفض الدعوى في حدود نطاقها المتقدم، فإن هذا الطلب يكون حقيقا بالالتفات عنه
وحيث إن النص المطعون فيه - في حدود النطاق المتقدم - لا يخالف أي حكم آخر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق