الصفحات

الخميس، 14 ديسمبر 2017

احكام الدستورية ملزمة ولو كان منطوقها عدم قبول الدعوى

الطعن 62 لسنة 38 ق " منازعة تنفيذ " المحكمة الدستورية العليا جلسة 14 / 10 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 42 مكرر ب في 23/ 10/ 2017 ص 120
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من أكتوبر سنة 2017م، الموافق الثالث والعشرين من المحرم سنة 1439هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 62 لسنة 38 قضائية "منازعة تنفيذ".
--------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعية - وهي تعمل في مجال دور الملاهي الترفيهية - كانت قد استوردت ألعاب ملاهي وآلات ومعدات لازمة للألعاب الترفيهية بقصد استخدامها في تطوير نشاطها التجاري، وقامت عند الإفراج الجمركي عنها بسداد مبلغ (257360.69) جنيها، كجزء من الضريبة العامة على المبيعات المستحقة على الرسالة، وتقسيط المتبقي منها وقدره (2651915.11) جنيها، على أقساط، وإذ امتنعت الشركة عن سداد الأقساط، تقدم المدعى عليهم بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية بمحكمة شمال القاهرة لتوقيع الحجز التحفظي على أموال الشركة المدعية، فرفض القاضي إصدار الأمر، فأقام المدعى عليهم الدعوى رقم 1695 لسنة 2002، مدني كلي، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، تظلما من أمر الرفض، وطلبا للحكم بتوقيع الحجز، وأثناء تداول الدعوى وجهت الشركة المدعية طلبا فرعيا ببراءة ذمتها من المبلغ المحجوز به، كما طلبت الحكم باسترداد ما سبق سداده كضريبة عامة على المبيعات، وبجلسة 18/ 4/ 2005، قضت تلك المحكمة بإلغاء أمر الرفض وتوقيع الحجز التحفظي، ورفض الدعوى الفرعية. ولم ترتض الشركة المدعية هذا القضاء فطعنت عليه بالاستئناف رقم 5720 لسنة 9 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال القاهرة"، فقضت بجلسة 20/ 12/ 2006، بتأييد حكم محكمة أول درجة. ولم يصادف هذا القضاء قبول الشركة المدعية فطعنت عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 769 لسنة 77 قضائية، وبجلسة 12/ 1/ 2009 قضت المحكمة برفض الطعن وتأييد حكم محكمة أول درجة. وكانت الشركة المدعية قد اعتصمت في جميع مراحل القضاء ببطلان إخضاعها للضريبة العامة على المبيعات من قبل مصلحة الجمارك لتحصيل تلك الضريبة على سلع رأسمالية، بالمخالفة لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، إلا أن محكمتي الاستئناف والنقض أقامتا قضاءهما تأسيسا على خضوع كافة السلع والمعدات والآلات المستوردة من الخارج للضريبة العامة على المبيعات، سواء أكانت سلعا رأسمالية أم استهلاكية، ومن ثم أقامت الشركة المدعية منازعة التنفيذ المعروضة
بتاريخ الثامن عشر من ديسمبر سنة 2016، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 18/ 4/ 2005، في الدعوى رقم 1695 لسنة 2002، مدني كلي شمال القاهرة، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال القاهرة"، بجلسة 20/ 12/ 2006 في الاستئناف رقم 5720 لسنة 9 قضائية، والمؤيد من محكمة النقض بحكمها الصادر بجلسة 12/ 1/ 2009، في الطعن رقم 769 لسنة 77 قضائية، وفي الموضوع بعدم الاعتداد به، والاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 13/ 5/ 2007 في القضية رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية". 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الطلب المستعجل بوقف التنفيذ، وفي الموضوع بعدم قبول الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى على سند من أن حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة 13/ 5/ 2007، المحاج به لم يقض في المسألة الدستورية المتعلقة بفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع الرأسمالية، وإنما قضى بعدم قبول الدعوى، وأيا كانت الأسباب التي ركن إليها فهي لا تحوز الحجية في مواجهة محكمة النقض
وحيث إن هذا الدفع مردود؛ ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ التي ناط نص المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 بهذه المحكمة الفصل فيها، أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضه عوائق تحول قانونا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها، وإعدام وجودها؛ لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها، وكلما كان التنفيذ متعلقا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازما لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة ودون تمييز، بلوغا للغاية المبتغاة منها، في تأمين الحقوق للأفراد وصون حرياتهم، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة فعلا دون تنفيذ أحكامها تنفيذا صحيحا مكتملا أو مقيدة لنطاقها، وعلى ذلك لا تعد منازعة التنفيذ طريقا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة، ولا تطرحه الدعوى المعروضة، التي تهدف في حقيقتها إلى إزالة العوائق التي تحول دون ترتيب الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا المشار إليه لآثاره، وتنفيذ مقتضاه بالنسبة للشركة المدعية
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 13/ 5/ 2007 في القضية رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" بعدم قبول الدعوى، تأسيسا على أن تعيين الالتزام الضريبي الوارد بالفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة العامة على المبيعات، التي تنص على أن تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص ............، لا يستقيم منهجا إلا بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصر هذا الالتزام، كماهية المكلف والمستورد، وهو ما لا يتأتى إلا بالتعرض وجوبا لدلالات الألفاظ حسبما أوردها المشرع بالمادة الأولى من هذا القانون، والتي يتضح منها بجلاء اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التي يتم استيرادها بغرض الإتجار للضريبة العامة على المبيعات، ولذلك ربط دوما في تحديده نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والإتجار فيما يتم استيراده، وخلصت المحكمة إلى انتفاء المصلحة في الدعوى، بحسبان أن الضرر المدعى به فيها ليس مرده إلى النصوص المطعون فيها، وإنما إلى الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير السليم لأحكامها، وأن الشركة المدعية فيها يمكنها بلوغ طلباتها الموضوعية بإعفائها من الخضوع للضريبة على قطع الغيار المستوردة لاستخدامها في الصيانة والإحلال لمصانعها، وليس بغرض الإتجار، وذلك من خلال نجاحها في إثبات الغرض من الاستيراد أمام محكمة الموضوع
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا بحكمها المتقدم قد حددت - بطرق الدلالة المختلفة - معنى معينا لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات، وخلصت إلى اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التي يتم استيرادها بغرض الإتجار للضريبة العامة على المبيعات المقررة وفقا لهذا القانون. وبذلك حددت نطاق الخضوع للضريبة بالنسبة للسلع والخدمات المستوردة، في تلك التي يتم استيرادها من الخارج للإتجار فيها، منتهية من ذلك إلى الحكم بعدم قبول الدعوى، فإن هذا المعنى يكون هو الدعامة الأساسية التي أنبنى عليها هذا الحكم، ولازما للنتيجة التي انتهى إليها، ويرتبط ارتباطا وثيقا بمنطوقة ويكمله، ليكون معه وحدة لا تقبل التجزئة، لتمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة والكاملة التي أسبغتها الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والمادة (195) من الدستور على أحكامها، وذلك في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، وبحيث تلتزم هذه السلطات - بما فيها الجهات القضائية على اختلافها - باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح، الأمر الذي يضحى معه الدفع بعدم قبول الدعوى على غير أساس سليم من القانون، متعينا الالتفات عنه
وحيث إن الحكم الصادر بجلسة 18/ 4/ 2005، في الدعوى رقم 1695 لسنة 2002، مدني كلي شمال القاهرة قد قضى بتوقيع الحجز التحفظي على أموال الشركة المدعية، ورفض الدعوى الفرعية، وتأيد قضاؤه بالحكم الصادر بجلسة 20/ 12/ 2006، في الاستئناف رقم 5720 لسنة 9 قضائية استئناف القاهرة "مأمورية شمال القاهرة"، والمؤيد من محكمة النقض بحكمها الصادر بجلسة 12/ 1/ 2009، في الطعن رقم 769 لسنة 77 قضائية، على سند من خضوع كافة السلع والمعدات والآلات المستوردة من الخارج للضريبة العامة على المبيعات، أيا كان الغرض من استيرادها، ومن ثم فإن هذه الأحكام بما خلصت إليه من قضاء تعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإزالتها
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 13/ 5/ 2007 في القضية رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 18/ 4/ 2005، في الدعوى رقم 1695 لسنة 2002، مدني كلي، والمؤيد بالحكم الصادر بجلسة 20/ 12/ 2006، من محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال القاهرة" في الاستئناف رقم 5720 لسنة 9 قضائية، والحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 12/ 1/ 2009، في الطعن رقم 769 لسنة 77 قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق