الصفحات

الخميس، 14 ديسمبر 2017

الطعن 6765 لسنة 64 ق جلسة 24 / 3 / 1996 مكتب فني 47 ق 57 ص 404

جلسة 24 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس وفتحي الصباغ والبشري الشوربجي وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(57)
الطعن رقم 6765 لسنة 64 القضائية

(1) تسهيل استيلاء على أموال أميرية. جريمة "نوعها". قصد جنائي. عقوبة "تقديرها".
جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام بغير حق. ميز الشارع بين فاعليها من حيث نوع الجريمة والعقوبة بالقصد الجنائي. المادة 113 عقوبات.
انصراف إرادة الفاعل في تسهيل الاستيلاء إلى تمليك المال العام لمن استولى عليه. جناية. عدم توافر هذه النية. يجعلها جنحة.
(2) استيلاء على أموال أميرية. حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". اشتراك. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟
المقصود من عبارة "بيان الواقعة" الواردة بالمادة 310 إجراءات؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة لا يحقق غرض الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام.
عدم بيان الحكم المطعون فيه الوقائع والأفعال التي قارفها كل من المحكوم عليهما واستظهار اتفاقهما على فعل الاستيلاء وفعل التسهيل وقصد المحكوم عليه الثاني منه. قصور.
اقتراف الموظف العام فعل تسهيل الاستيلاء للخصوم على جزء من المال يجعله فاعلاً أصلياً في جناية الاستيلاء على مال عام بغير حق.
مثال لتسبيب معيب لقضاء بالإدانة لجريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام.
(3) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أثر الطعن".
القصور في التسبيب الذي يتسع له وجه الطعن. ماهيته؟
امتداد أثر نقض الحكم المطعون فيه للمطعون ضده وللطاعن لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة.

-----------------
1 - من المقرر أن المشرع في المادة 113 من قانون العقوبات - في خصوص جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام بغير حق - قد ميز من حيث نوع الجريمة والعقوبة بين فاعلي هذه الجريمة باعتبار القصد الجنائي، فقد جعل تسهيل الاستيلاء جناية إذا انصرفت إرادة الفاعل إلى تمليك المال العام لمن استولى عليه، أما إذا لم تتوافر هذه النية كانت الجريمة جنحة.
2 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 المذكورة هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمة كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة. أما إفراغ الحكم في عبارات عامة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها كل من المحكوم عليهما - الطاعن والمطعون ضده - واستظهار اتفاقهما على ارتكاب كل منهما فعل الاستيلاء وفعل التسهيل كشفاً عن الأدلة المثبتة لارتكاب المطعون ضده - المحكوم عليه الثاني - جريمة تسهيل الاستيلاء على مال عام بغير حق وقصده من ارتكاب هذه الجريمة، إذ أن ما أورده الحكم من مجرد عدم حصول المطعون ضده على نصيب من المال محل جناية الاستيلاء لا ينفي عنه نيته في تمليك المال للمحكوم عليه الأول، بل إن هذه القالة التي اعتنقتها المحكمة فاسدة في الاستدلال على انتفاء نية التمليك، ذلك أن حصول الموظف العام - وهذا حال المطعون ضده الذي اقترف فعل تسهيل الاستيلاء - على جزء من المال يجعله فاعلاً أصلياً في جناية الاستيلاء على مال بغير حق.
3 - من المقرر أن القصور في التسبيب - الذي يتسع له وجه الطعن - يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم والتقرير برأي فيما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن ومن ثم يتعين القضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للمطعون ضده وللطاعن - دون حاجه لبحث أسباب طعن الأخير - لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)...... (طاعن) (2)..... (مطعون ضده) المتهم الأول: - أولاً: - بصفته موظفاً عاماً..... استولى بغير حق على أموال عامة بأن قام بالاستيلاء على مبلغ 26871.180 جنيه "ستة وعشرون ألف وثمانمائة وواحد وسبعين جنيهاً ومائة وثمانين مليماً" المملوكة لجهة عمله سالف الذكر وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وهي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته آنفة البيان (1) ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي استمارات المرتبات والحوافز والمنح المبينة بالتحقيقات وكان ذلك بجعله واقعه مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أدرج بها على خلاف الحقيقة أسماء على أنها لأشخاص من العاملين التابعين لإدارة...... التعليمية المستحقين لتلك المبالغ ووضع قرين تلك الأسماء توقيعات نسبها زوراً إليهم بما يفيد صرفهم للمبالغ المذكورة خلافاً للحقيقة. (2) استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر فيما زورت من أجله بأن قدمها لإدارة الحسابات بإدارة..... التعليمية لاستخراج الشيك الخاص بالمبالغ الموضحة بها مع علمه بتزويرها الأمر المعاقب عليه بالمادتين 211، 214 من قانون العقوبات. المتهم الثاني: سهل للمتهم الأول بدون نية التملك الاستيلاء بغير حق على مبلغ 23193.080 "ثلاثة وعشرون ألفاً ومائة وثلاثة وتسعين جنيهاً وثمانين مليماً" المملوكة لجهة عمله سالفة الذكر بأن قام بصرفه له بالمخالفة للتعليمات المقررة في هذا الشأن. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بدمياط لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113/ 1 - 2 - 3، 118 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً من قانون العقوبات أولاً: - بمعاقبة...... بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه مبلغ 26871.180 جنيه وإلزامه برد مبلغ 23193.080 جنيه وعزله من وظيفته. ثانياً: - بمعاقبة......... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه خمسمائة جنيه وعزله من وظيفته لمدة سنة واحدة تبدأ من نهاية تنفيذ العقوبة.
فطعن المحكوم عليه الأول والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده....... بجنحة تسهيل الاستيلاء على مال عام، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن ما اقترفه يجعله شريكاً بالاتفاق والمساعدة مع المحكوم عليه الآخر الذي أدين بجناية الاستيلاء لتوافر نية تملك المال لديه مما كان يتعين على المحكمة توقيع العقوبة المقررة لهذه الجريمة على المطعون ضده التزاماً منها بواجبها في تمحيص الواقعة المطروحة عليها بكافة كيوفها القانونية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم الأول - الطاعن - تمكن من الاستيلاء على مبلغ 26871 جنيها و180 مليماً بدون وجه حق بأن أضاف في كشوف مرتبات مدرسة........ أسماء لا تعمل في هذه المدرسة وأسماء وهمية لأشخاص لا وجود لهم وذلك بتسهيل من المتهم الثاني...... - المطعون ضده - سكرتير تلك المدرسة الذي أعد له تلك الكشوف، وقام بصرف تلك المرتبات وتسليمها للمتهم الأول بحجة أنه سيتولى تسليمها لأصحاب تلك التسميات المضافة بالكشوف وقد ثبت من تقرير فحص أعمال المتهم الأول أن المتهم الثاني سهل له الاستيلاء على مبلغ 23193 جنيهاً و80 مليماً. وقد قرر المتهم الأول بالتحقيقات بأنه هو الذي قام بوضع الأسماء المضافة بغير حق باستمارات الماهيات والحوافز والمنح محل التحقيق. وقد قرر المتهم الثاني بالتحقيقات بأن المتهم الأول هو الذي قام بصرف المبلغ المذكور. وقد جاء بتقرير الخبير المنتدب أن المتهم الأول........ قد قام بسداد مبلغ 2407 جنيهاً و840 مليماً ثم مبلغ 1275 جنيه و260 مليماً خلال فترة التحقيق". واستدل الحكم في إدانة كل من المحكوم عليهما إلى أقوال كل من......... مدير الشئون المالية والإدارية بالتربية والتعليم و...... موجه مالي وإداري بالمديرية سالفة الذكر و......... رئيس التوجيه المالي والإداري بإدارة....... التعليمية و...... موجه مالي وإداري بالإدارة سالفة البيان و....... المفتش بالمديرية المالية بـ...... وتقرير لجنة فحص أعمال المتهم الأول ومما قرره هذا والمطعون ضده بالتحقيقات، كما حصل الحكم أقوال شهود الإثبات سالفي الذكر بما مجمله أنه بمراجعة أعمال المتهم الأول تبين وجود مبالغ مستولى عليها قدرها 26871 جنيهاً و180 مليماً، وأن المتهم الثاني قام بإضافة أربعة أسماء هم...... و....... و........ و....... إلى استمارة مدرسة...... الإعدادية، وتمكن بذلك من أن يسهل للمتهم الأول الاستيلاء على مبلغ 23193 جنيهاً و80 مليماً وأورد الحكم أن المتهم الأول..... قرر بالتحقيقات أنه هو الذي قام بوضع الأسماء المضافة بغير حق باستمارات الماهيات والحوافز والمنح - وأن المتهم الثاني...... قرر بالتحقيقات بأن المتهم الأول هي الذي قام بصرف المبالغ محل جريمة الاستيلاء. وانتهى الحكم إلى إدانة المتهم الأول - الطاعن - بجناية الاستيلاء على مال مملوك للدولة بنية تملكه. وإدانة المتهم الثاني المطعون ضده بجنحة تسهيل الاستيلاء على هذا المال استناداً إلى أن هذا الأخير لم يثبت أنه قام بفعل التسهيل بغية الحصول على نصيب من ذلك المبلغ المستولى عليه. لما كان ذلك، وكان المشرع في المادة 113 من قانون العقوبات - في خصوص جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام بغير حق - قد ميز من حيث نوع الجريمة والعقوبة بين فاعلي هذه الجريمة باعتبار القصد الجنائي، فقد جعل تسهيل الاستيلاء جناية إذا انصرفت إرادة الفاعل إلى تمليك المال العام لمن استولى عليه، أما إذا لم تتوافر هذه النية كانت الجريمة جنحة. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً وكان المقصود من عبارة "بيان الواقعة" الواردة بالمادة 310 المذكورة هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها كل من المحكوم عليهما - الطاعن والمطعون ضده - واستظهار اتفاقهما على ارتكاب كل منهما فعل الاستيلاء وفعل التسهيل كشفاً عن الأدلة المثبتة لارتكاب المطعون ضده - المحكوم عليه الثاني - جريمة تسهيل الاستيلاء على مال عام بغير حق وقصده من ارتكاب هذه الجريمة، إذ أن ما أورده الحكم من مجرد عدم حصول المطعون ضده على نصيب من المال محل جناية الاستيلاء لا ينفي عنه نيته في تمليك المال للمحكوم عليه الأول، بل إن هذه القالة التي اعتنقتها المحكمة فاسدة في الاستدلال على انتفاء نية التمليك، ذلك أن حصول الموظف العام - وهذا حال المطعون ضده الذي اقترف فعل تسهيل الاستيلاء - على جزء من المال يجعله فاعلاً أصلياً في جناية الاستيلاء على مال بغير حق. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب - الذي يتسع له وجه الطعن - بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم والتقرير برأي فيما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن، ومن ثم يتعين القضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للمطعون ضده وللطاعن - دون حاجه لبحث أسباب طعن الأخير - لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق