الصفحات

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

الطعن 5791 لسنة 58 ق جلسة 11 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 6 ص 56

جلسة 11 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان.

---------------

(6)
الطعن رقم 5791 لسنة 58 القضائية

(1) مواد مخدرة. عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقوبة الجرائم المنصوص عليها بالمادة 34 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه. لا يجوز طبقاً للمادة 36 من القانون المذكور عند إعمال لمادة 17 عقوبات النزول بالعقوبة المقررة إلا إلى العقوبة التالية لها مباشرة.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(3) نيابة عامة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". الاختصاص "الاختصاص المكاني".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً.
(4) دستور. قانون "تفسيره". تفتيش "إذن التفتيش وتسبيبه". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
عدم وجوب تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن. أساس ذلك؟
اقتصار أمر النيابة العامة بالتفتيش على شخص الطاعن ووسيلة الانتقال. لا موجب لتسبيبه.
إثارة الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم تسبيبه لأول مرة أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(5) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اختصاص ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات. شموله كافة أنحاء الجمهورية. أساس وأثر ذلك؟
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن به. في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرط صحته؟
اطمئنان المحكمة إلى ما أسفرت عنه التحريات من أن الطاعن حصل على كمية من المخدرات لنقلها لأعوانه من التجار. مفهومه: صدور الأمر بالتفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها. لا جريمة مستقبلة أو محتملة.
(7) إثبات "بوجه عام". شهود. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. وإطراح ما يخالفها.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شاهد؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(8) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "معاينة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصلح سبباً للنعي على الحكم.
مثال.
(9) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر، قوامه. العلم بكنه المواد المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة المتهم بإحراز مخدر فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام محكمة النقض غير مقبولة.

---------------
1 - لما كانت المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 تنص على أن يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه ( أ ) كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون، وكانت المادة 36 من القانون - المار ذكره - قد نصت على أنه "استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيقه المواد السابقة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة"، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية المقررة للجريمة التي دان الطاعن بها إلى الأشغال الشقة المؤقتة، يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير سديد.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - لما كان الحكم قد رد على الدفع بعدم اختصاص وكيل النيابة مكانياً بإصدار إذن التفتيش في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن - لصدوره من غير مختص، فإن الثابت من كتاب نيابة الزقازيق الكلية أن نيابة العاشر من رمضان قد أنشئت بالقرار رقم 985 لسنة 1987 بتاريخ 2/ 5/ 1987 أي بعد صدور الإذن في 16/ 3/ 1987 من السيد وكيل نيابة بلبيس المختص آنذاك بإصداره"، لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم - على النحو المشار بيانه - يكفي لاعتبار إذن التفتيش صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره، ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلانه.
4 - لما كانت المادة 44 من الدستور، والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا توجبان تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن، والحال في الدعوى الراهنة أن أمر النيابة العامة بالتفتيش انصب على شخص الطاعن ووسيلة الانتقال دون مسكنه فلا موجب لتسبيبه، هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم تسبيبه، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره لمأمور ضبط غير مختص بتنفيذه، وأطرحه استناد إلى أن اختصاص ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يشمل كافة أنحاء الجمهورية، كان الثابت من الأوراق أن إذن النيابة بالضبط والتفتيش قد صدر للعقيد....... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وكان نص المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى على أنه: "يكون لمديري إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء (الإقليمين) ......" فإن ضابط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يكون قد أجرى التفتيش في حدود اختصاصه المكاني الذي ينبسط على كل إقليم الجمهورية ويكون رد الحكم على الدفع سديداً.
6 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين، وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص ما يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة، وقد حصل على كمية منها لنقلها لبعض أعوانه من التجار بمنطقة العاشر من رمضان، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
7 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقواله الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى استحالة ضبطه في ظروف الزمان والمكان التي حصل فيها الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن سؤال الضباط عن سبق معرفتهم للطاعن وعدم إجراء معاينة لمكان الضبط لإثبات إمكان حصول الضبط في الظروف التي تم فيها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم.
9 - لما كان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدراً، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدفع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للجواهر المخدرة المضبوطة وعلى علمه بكنهها، فإن ما ينعاه الأخير على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما أثاره الطاعن من دفاع بشأن اختلاف وزن عينات المخدر المضبوط المرسل للتحليل عنه عند التحليل، اطمئناناً من المحكمة إلى أن الإحراز التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها هي التي تم ضبطها فإن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان، إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي أطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (أفيون وحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبندين 9، 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهرين مخدرين بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه إذ عاقب الطاعن بعقوبة الأشغال الشاقة مدة سبع سنوات طبقاً للمادة 34/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960، وأعمل في حقه المادة 17 من قانون العقوبات، كان يجب عليه النزول بالعقوبة إلى عقوبة السجن، وتمسك الطاعن بالدفع ببطلان إذن النيابة الصادر بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، ولصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً بإصداره، وبغير تسبيب، ولمأمور ضبط غير مختص بتنفيذه، ولصدوره عن جريمة مستقبلية، ورد الحكم على هذه الدفوع بما لا يصلح رداً، وأغفل دفاع الطاعن بشأن تعييب إجراءات التحقيق، لقعود النيابة العامة عن سؤال الضباط في خصوص سبق معرفتهم للطاعن - مع ما له من أثر في بيان جدية التحريات - وإمكان التعرف عليه حال مروره بالسيارة في مكان الضبط، وعدم إجراء معاينة لهذا المكان لبيان كيفية حصول الضبط في ظروف الزمان والمكان التي تم فيها، بالرغم من التمسك باستحالة حصوله في مثل هذه الظروف وفق ما جاء بتصوير الشهود، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر علم الطاعن بكنه المادة المضبوطة، وأطرح دفاعه بشأن اختلاف وزن عينات المخدر عند التحليل عنها لدى التحريز بما لا يسوغه، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشاهدين العقيد...... والمقدم..... وما جاء بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى معاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة - مدة سبع سنوات - طبقاً للمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، والقانون رقم 61 لسنة 1977 والبندين 9، 57 من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون الأول، مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 تنص على أن: "يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه ( أ ) كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون"، وكانت المادة 36 من القانون - المار ذكره - قد نصت على أنه: "استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة"، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية المقررة للجريمة التي دان الطاعن بها إلى الأشغال الشاقة المؤقتة، يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على الدفع بعدم اختصاص وكيل النيابة مكانياً بإصدار إذن التفتيش في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن - لصدوره من غير مختص، فإن الثابت من كتاب نيابة الزقازيق الكلية أن نيابة العاشر من رمضان قد أنشئت بالقرار رقم 985 لسنة 1987 بتاريخ 2/ 5/ 1987 أي بعد صدور الإذن في 16/ 3/ 1987 من السيد وكيل نيابة بلبيس المختص آنذاك بإصداره"، لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم - على النحو المار بيانه - يكفي لاعتبار إذن التفتيش صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره، ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلانه. لما كان ذلك، وكانت المادة 44 من الدستور، والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا توجبان تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن، والحال في الدعوى الراهنة أن أمر النيابة العامة بالتفتيش انصب على شخص الطاعن ووسيلة الانتقال دون مسكنه فلا موجب لتسبيبه، هذا فضلاًَ عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم تسبيه، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره لمأمور ضبط غير مختص بتنفيذه، وأطرحه استناداً إلى أن اختصاص ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يشمل كافة أنحاء الجمهورية، كان الثابت من الأوراق أن إذن النيابة بالضبط والتفتيش قد صدر للعقيد...... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وكان نص المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى على أنه: "يكون لمديري إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء (الإقليمين)....." فإن ضابط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يكون قد أجرى التفتيش في حدود اختصاصه المكاني الذي ينبسط على كل إقليم الجمهورية ويكون رد الحكم على الدفع سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين، وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص ما يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة، وقد حصل على كمية منها لنقلها لبعض أعوانه من التجار بمنطقة العاشر من رمضان، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى استحالة ضبطه في ظروف الزمان والمكان التي حصل فيها الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن سؤال الضابط عن سبق معرفتهم للطاعن وعدم إجراء معاينة لمكان الضبط لإثبات إمكان حصول الضبط في الظروف التي تم فيها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدراً، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للجواهر المخدرة المضبوطة وعلى علمه بكنهها، فإن ما ينعاه الأخير على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما أثاره الطاعن من دفاع بشأن اختلاف وزن عينات المخدر المضبوط المرسل للتحليل عنه عند التحليل، اطمئناناً من المحكمة إلى أن الإحراز التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها هي التي تم ضبطها فإن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان، إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق