الصفحات

الجمعة، 15 ديسمبر 2017

الطعن 5127 لسنة 56 ق جلسة 1 / 1 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 1 ص 24

برياسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح نائب رئيس المحكمة، عوض جادو نائب رئيس المحكمة، عبد الوهاب الخياط، وصلاح عطية.
--------------
- 1  إصابة خطأ . مسئولية " مسئولية جنائية". إثبات "بوجه عام".
تعدد المشاركين بأخطائهم في وقوع النتيجة الضارة . لا يرتب إعفاء أيهم من المسئولية عنها . يستوي في ذلك الخطأ المباشر وغير المباشر.
من المقرر أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث توجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوي في ذلك أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله.
- 2  إصابة خطأ . قتل " قتل خطأ". إثبات " بوجه عام".
تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية . موضوعي.
من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى.
- 3   إثبات " خبرة".محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير تقرير الخبير".
عدم التزام المحكمة بندب خبير . ما دامت قد رأت في الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها .
من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون ما حاجة إلى ندبه.
- 4  إثبات " خبرة". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير تقرير الخبير".
تقدير آراء الخبراء . والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم . موضوعي .
من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما
أولا: تسببا خطأ في قتل كل من .... وآخرين وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح بأن تراخى الأول في تنفيذ قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط وأخل المتهم الثاني إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول مهنته مما نتج عنه انهيار منزل المتهم الأول ومنزل ..... وإصابة المجني عليهم سالفي الذكر بالإصابات الثابتة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياتهم
ثانياً: تسببا خطأ في إصابة كل من ..... وآخرين وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح بأن تراخى المتهم الأول في تنفيذ قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط وبأن أخل المتهم الثاني إخلالا جسيماً بما تفرضه عليه أصول مهنته مما نتج عنه انهيار منزل المتهم الأول ومنزل ..... وإصابة المجني عليهم سالفي الذكر بالإصابات الثابتة بالتقارير الطبية على النحو الثابت بالأوراق وطلبت عقابهما بالمادتين 238، 244 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح بندر بني سويف قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ لكل
استأنف المحكوم عليهما. ومحكمة بني سويف الابتدائية -بهيئة استئنافية- قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف
فطعن الأستاذ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول. كما طعن الأستاذ .... المحامي نيابة عن الأستاذ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

---------------
المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من الطاعن الأول
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع ذلك بأنه دان الطاعن رغم انتفاء ركن الخطأ في جانبه إذ الثابت من التقرير الهندسي أن السبب المباشر لانهيار المنزل المملوك له هو عدم مراعاة المتهم الآخر الحيطة أثناء الحفر تنفيذاً لقرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بترميم المنزل هذا ولم تستجب المحكمة إلى طلب الطاعن ندب خبير لبيان سبب الانهيار مما يعيب حكمها ويوجب نقضه
وحيث إن الحكم الابتدائي -المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه وما أضافه إليها من أسباب- بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة مستمدة من الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد تناول في أسبابه المتكاملة مع الحكم الابتدائي - ركن الخطأ وأثبته في حق الطاعن والمتهم الآخر في قوله ((ولما كان المتهم الأول - الطاعن هو صاحب البناء المنهار قد قبل تسكين ضحاياه بمنزله وهو يعلم تماماً أن منزله قد أقيم غير مستوف لشرائط إقامة المساكن من الناحية الفنية وإذ كان ما تقدم وكان تقرير المعاينة التي أجريت بمعرفة السادة مدير الإدارة الهندسية ومدير أعمال الإسكان ومدير المشروعات بالمجلس والذي تطمئن هذه المحكمة إلى صحة ما انتهوا إليه حين معاينتهم لأنقاض المنزل وما انتهوا إليه في نتيجة بحثهم لأسباب الانهيار، أوردوا أن السبب المباشر للانهيار هو الحفر الذي أجري بجوار الأساسات القديمة بدون أي إشراف هندسي وعمل مشدات خشبية مطابقة لأصول الصناعة وكذلك ضعف المونة بالنسبة للمباني والأساسات وقلة نسبة حديد التسليح ومن ثم يضحى الدليل قد توافر في حق المتهمين بما يوفر في حقهما الخطأ ولما كان إقامة منزل وفق أصول غير فنية وقبول المتهم الأول تسكين ضحاياه فيه وهو على هذا النحو وقيام المتهم الثاني بإجراء الحفر كانا السببين المباشرين للانهيار الذي أودى بحياة 24 شخصاً خلاف ما أصيبوا...... إلخ)) وإذ كان من المقرر أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث توجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوي في ذلك أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله وكان من المقرر أن تقدير الخطأ الموجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى وهو ما استظهره الحكم ودلل على ثبوته في حق الطاعن بما ينتجه من وجوه الأدلة السائغة التي أوردها فيما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس ولا يؤثر في ذلك دفاعه بأن الحادث وقع نتيجة مباشرة لعملية الحفر التي قام بها المتهم الآخر إذ أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث - وعلى ما سلف البيان توجب مساءلة كل من أسهم فيه أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون ما حاجة إلى ندبه -كما هو الحال في الدعوى المطروحة- فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً
ثانياً: الطعن المقدم من الطاعن الثاني
حيث إن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في إدانة الطاعن على ما جاء بتقرير المعاينة من أن السبب المباشر لانهيار المنزل محل الحادث هو الحفر ولم يفطن إلى ما شاب هذا التقرير من تناقض وتضارب بين هذا السبب وما أورده من أسباب أخرى تتمثل في عدم مطابقة مواد البناء للمواصفات الفنية، وإغفال ما أثاره الطاعن في دفاعه من أن انهيار المنزل كان بسبب خطأ المالك وحده الذي أقام المبنى على خلاف المواصفات الفنية فضلاً عن تراخيه في تنفيذ قراري إزالة الطابق الرابع وترميم بقية الأدوار وأن الطاعن لم يقم بأي عمل من أعمال الحفر بل آخر هو الذي قام بها بتكليف من مالك العقار كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه بين صورة الخطأ التي خلص إلى توافرها في حق الطاعن الثاني فيما يجمل في أنه وقد عهد إليه بترميم المنزل محل الحادث قام وعماله بإجراء عمليات الحفر بجوار الأساسات القديمة بدون إشراف هندسي أو عمل مشدات خشبية مطابقة لأصول الصناعة وأن أعمال الحفر هي السبب المباشر لانهيار المنزل واستند الحكم في ذلك إلى ما استخلصه من أقوال الشهود -الذين شهدوا برؤيتهم للطاعن أثناء قيامه وعماله بأعمال الحفر- ومن محضر المعاينة التي أجريت بمعرفة الإدارة الهندسية بمجلس المدينة، وهي أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق، ولما كان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً من المسائل الموضوعية، كما أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير اللجنة الهندسية واستندت إلى رأيها الفني من أن السبب المباشر للانهيار هو أعمال الحفر التي قام بها الطاعن الثاني على خلاف الأصول الفنية فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم بياناً لوجه الخطأ الذي أتاه الطاعن الثاني سديداً وكافياً وكان من بين الأسباب التي أدت إلى انهيار منزل الطاعن الأول على من فيه من السكان ووفاة البعض وإصابة الآخرين فإنه لا يقبل منه القول بأن الحادث وقع نتيجة خطأ الطاعن الأول وحده لما هو مقرر -على ما سلف القول- بأن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه. لما كان ما تقدم فإن الطعن المقدم من الطاعن الثاني يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق