الصفحات

الخميس، 28 ديسمبر 2017

الطعن 4818 لسنة 80 ق جلسة 12/ 12 / 2011 مكتب فني 62 ق 73 ص 443

جلسة 12 من ديسمبر سنة 2011
برئاسة السيد القاضي / مصطفى كامل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / جاب الله محمد ، هاني حنا ، أحمد عبد الودود وعلي حسن نواب رئيس المحكمة .
-----------
(73)
الطعن 4818 لسنة 80 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
     بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده أدلة سائغة على ثبوتها في حقه . لا قصور.
     عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
     إيراد الحكم من التقرير الطبي ما يكفى لتبرير اقتناعه بالإدانة . لا قصور .
     عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
(3) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
   علاقة السببية في المواد الجنائية تقديرها . موضوعي. مؤدى ذلك؟
     مثال .
(4) إثبات " شهود " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
     استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
     تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
     وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
     قرابة الشاهد للمجني عليه . لا تمنع من الأخذ بأقواله . تقديرها . موضوعي .
     تحريات الشرطة . قرينة معززة للأدلة الأساسية . مادامت عرضت على بساط البحث .
     المنازعة في تصوير الواقعة بشأن أقوال الشهود . تجريح ومناقضة للصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . قصد جنائي . جريمة " أركانها " . باعث . أسباب الإباحة وموانع العقاب " حق التأديب " . مسئولية جنائية .
     تحقق القصد الجنائي في جريمة الضرب المفضي إلى موت بارتكاب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة المجنى عليه وصحته . تحدث الحكم صراحة عنه. غير لازم . كفاية أن يكون مفهوماً من وقائع الدعوى .
     قصد التأديب . أمر متصل بالباعث . لا أثر له في قيام المسئولية الجنائية .
(6) ضرب أفضى إلى موت . أسباب الإباحة وموانع العقاب " حق التأديب " . مسئولية جنائية.
     للزوج حق تأديب المرأة تأديباً خفيفاً عن كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر . ليس له أن يضربها ضرباً فاحشاً ولو بحق . الضرب الفاحش . حده ؟
   اعتداء الطاعن على زوجته المجني عليها اعتداءً بلغ من الجسامة حداً أودى بحياتها. ليس له التعلل بحقه في إباحة ذلك . لتجاوز حد التأديب المباح .
ـــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال كل من ... و... والنقيب ... واعتراف المتهم بالتحقيقات وبما ثبت من التقرير الطبي الشرعي وأورد مضمونها في بيان كاف وبنى عقيدته على اطمئنانه لأدلة الثبوت التي بينها ولا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
2- لما كان الحكم قد نقل عن التقرير الطبي الشرعي أنه وجد بجثة المجنى عليها كدمات في وجهها ومقدم الصدفية اليسرى والعضد الأيسر والكتفين والجبهة والرأس وهى إصابات حيوية ذات طبيعة رضية حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضية أياً كان نوعها وتشير تطوراتها الالتئامية إلى حدوثها في تاريخ معاصر المعطى للواقعة ... وهي جائزة الحدوث من التعدي بالضرب ورطم الرأس بالأرض وفق اعتراف المتهم وتعزى وفاة المجنى عليها لإصابات الرأس وما أحدثته من أوزيما ونزيف بالمخ " فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
3- من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذى اقترفه الجاني وترتبط به من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدًا وأن قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت من الأمور الموضوعية التي ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتًا ونفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه مادام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه كما هو الحال في الدعوى الماثلة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه أحدث بالمجنى عليها إصابات بالرأس والجبهة والوجه والكتفين والعضد الأيسر ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابات والوفاة بما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية بما يجعل الطاعن مسئولًا في صحيح القانون عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمدًا لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن ولا سند له في الأوراق ولا يجديه القول من أن وفاة المجنى عليها تعزى إلى نقلها من مستشفى لأخرى مما يجعلها عرض لحدوث مضاعفات قد تنتهى بالوفاة ويضحى نعيه في هذا الصدد غير سديد .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بسط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب وأن قرابة الشاهد للمجنى عليه لا تمنع المحكمة من الأخذ بأقواله متى اقتنعت بصحتها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث . ولما كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقًا للتصوير الذى أورده وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها من الأوراق كما كشف عن اطمئنانه لأقوال شهود الإثبات ومنهم النقيب ... والتي استقاها من تحرياته السرية على النحو الذى شهد به وسطره الحكم في مدوناته فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث وجاءت شهادتهم عليه بحكم صلة القربى لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديًا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كانت جرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالًا عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفادًا من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ولا ينال من مسئولية الطاعن وقد أثبت الحكم في حقه أنه تعمد ضرب المجنى عليها أن يكون قد قصد من ذلك تأديبها لسوء سلوكها كما جاء بدفاعه أمام المحكمة لأن هذا الأمر يتصل بالباعث وهو لا يؤثر في قيام الجريمة ولا عبرة به في المسئولية هذا إلى أن المحكمة قد ردت على دفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحته بما يسوغ اطراحه فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن خاصًا بحقه الشرعي في تأديب زوجته المجنى عليها في قوله : " وحيث إنه عما تذرع به دفاع المتهم من أنه كان يستخدم حقه الطبيعي في تأديب زوجته المجنى عليها بقالة سوء سلوكها ، فمردود عليه بما أنه وإن كانت المادة 60 من قانون العقوبات تضمنت أنه لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة فإن ما تضمنته تلك المادة لا يسرى في حق المتهم ، وذلك لما هو مقرر أنه وإن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديبًا خفيفًا على كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر حد ذلك الإيذاء الخفيف وبالتالي لا يجوز له أصلاً أن يضربها ضربًا فاحشًا ولو بحق - وحد الضرب الفاحش هو الذى يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد - ولما كان ذلك وإن كان قد تولد في خلد المتهم وحده سوء سلوك زوجته المجني عليها فإنه لا يحق له الاعتداء عليها بالضرب المبرح وإحداث الإصابات العديدة بها وذلك على النحو الوارد بالأوراق وبتقرير الطب الشرعي وقد أفضى ذلك الضرب إلى وفاتها ، ومن ثم يكون المتهم مسئولاً عن ذلك الضرب المفضي إلى الموت والمؤثم بالمادة 236/1 من قانون العقوبات ، ومن ثم يكون ما تساند إليه دفاع المتهم في هذا الصدد غير سديد ولا يوافق صحيح الواقع والقانون مما يتعين معه الالتفات عن ذلك الدفع . " وما أورده الحكم صحيح في القانون ، ذلك بأنه وإن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديباً خفيفاً عن كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر إلا أنه لا يجوز له أصلاً أن يضربها ضربًا فاحشًا ولو بحق وحد الضرب الفاحش هو الذى يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد فإذا كان الطاعن قد اعتدى على المجنى عليها اعتداء بلغ من الجسامة الحد الذى أوردها حتفها فليس له أن يتعلل بما يزعمه حقاً له يبيح له ما جناه بل أضحى مستوجبًا للعقاب عملاً بالفقرة الأولى من المادة 236 من قانون العقوبات .
ـــــــــــــــــــ
الوقائع
  اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : ضرب المجنى عليها ... عمداً بأن انهال عليها ضرباً بيده وجذبها من شعرها وطرحها أرضاً وقيد يديها وقدميها وواصل ضربها بيديه وقدميه في أماكن متفرقة من جسدها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والمرفق بالأوراق ولم يقصد من ذلك قتلها ولكن الضرب أفضى إلى موتها. وأحالته إلى محكمة جنايات... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى شقيق المجنى عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ 10001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني مبلغ 10001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت . فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .
ـــــــــــــــــــ
المحكمة
     وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه أورد واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها في الإدانة في عبارات مجملة مبهمة ولم يستظهر إصابات المجنى عليها التي أودت بحياتها من واقع التقرير الطبي الشرعي كما لم يستظهر رابطة السببية بين الفعل المنسوب إلى الطاعن ووفاة المجنى عليها رغم ما أثاره الدفاع عنها من انعدامها وأعرض عن دفاعه القائم على احتمال أن تكون وفاتها قد حدثت نتيجة تنقلها من مستشفى لأخرى مما يجعلها عرضه لحدوث مضاعفات قد تنتهى بالوفاة هذا وقد اعتنق الحكم تصويرًا للواقعة يخالف الحقيقة والواقع وأخذ بشهادة كل من ... و... رغم قرابتهما للمجنى عليها وأن أحدًا منهما لم يشهد الواقعة كما عول على أقول الضابط شاهد الإثبات الثالث والتي استقاها من تحرياته التي لا تصلح كدليل للإدانة لأنها مجرد رأى لمجريها وأطرح بما لا يسوغ دفاعه بشقيه القائم على انتفاء قصد العمد لديه وإباحة ما أتاه من فعل وفقًا للمادة 60 من قانون العقوبات إذ كان يستعمل حقه في تأديب زوجته المقرر له بالشريعة الإسلامية كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
  وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال كل من ... و... والنقيب ... واعتراف المتهم بالتحقيقات وبما ثبت من التقرير الطبي الشرعي وأورد مضمونها في بيان كاف وبنى عقيدته على اطمئنانه لأدلة الثبوت التي بينها ولا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد نقل عن التقرير الطبي الشرعي أنه وجد بجثة المجنى عليها كدمات في وجهها ومقدم الصدفية اليسرى والعضد الأيسر والكتفين والجبهة والرأس وهى إصابات حيوية ذات طبيعة رضية حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضية أياً كان نوعها وتشير تطوراتها الالتئامية إلى حدوثها في تاريخ معاصر المعطى للواقعة ... وهي جائزة الحدوث من التعدي بالضرب ورطم الرأس بالأرض وفق اعتراف المتهم وتعزى وفاة المجنى عليها لإصابات الرأس وما أحدثته من أوزيما ونزيف بالمخ " فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذى اقترفه الجاني وترتبط به من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدًا وأن قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت من الأمور الموضوعية التي ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً ونفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه مادام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه كما هو الحال في الدعوى الماثلة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه أحدث بالمجنى عليها إصابات بالرأس والجبهة والوجه والكتفين والعضد الأيسر ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابات والوفاة بما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية بما يجعل الطاعن مسئولاً في صحيح القانون عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن ولا سند له في الأوراق ولا يجديه القول من أن وفاة المجنى عليها تعزى إلى نقلها من مستشفى لأخرى مما يجعلها عرض لحدوث مضاعفات قد تنتهى بالوفاة ويضحى نعيه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بسط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب وأن قرابة الشاهد للمجنى عليه لا تمنع المحكمة من الأخذ بأقواله متى اقتنعت بصحتها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث . ولما كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذى أورده وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها من الأوراق كما كشف عن اطمئنانه لأقوال شهود الإثبات ومنهم النقيب ... والتي استقاها من تحرياته السرية على النحو الذى شهد به وسطره الحكم في مدوناته فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث وجاءت شهادتهم عليه بحكم صلة القربى لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديًا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت جرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته . ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالًا عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفادًا من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ولا ينال من مسئولية الطاعن وقد أثبت الحكم في حقه أنه تعمد ضرب المجنى عليها أن يكون قد قصد من ذلك تأديبها لسوء سلوكها كما جاء بدفاعه أمام المحكمة لأن هذا الأمر يتصل بالباعث وهو لا يؤثر في قيام الجريمة ولا عبرة به في المسئولية هذا إلى أن المحكمة قد ردت على دفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحته بما يسوغ اطراحه فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن خاصاً بحقه الشرعي في تأديب زوجته المجنى عليها في قوله " وحيث إنه عما تذرع به دفاع المتهم من أنه كان يستخدم حقه الطبيعي في تأديب زوجته المجنى عليها بقالة سوء سلوكها فمردود عليه بما أنه وإن كانت المادة 60 من قانون العقوبات تضمنت أنه لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة فإن ما تضمنته تلك المادة لا يسرى في حق المتهم وذلك لما هو مقرر أنه وإن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديباً خفيفاً على كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر حد ذلك الإيذاء الخفيف وبالتالي لا يجوز له أصلاً أن يضربها ضربًا فاحشًا ولو بحق وحد الـضـرب الـفـاحش هو الذى يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد , ولما كان ذلك وإن كان قد تولد في خلد المتهم وحده سوء سلوك زوجته المجنى عليها فإنه لا يحق له الاعتداء عليها بالضرب المبرح وإحداث الإصابات العديدة بها وذلك على النحو الوارد بالأوراق وبتقرير الطب الشرعي وقد أفضى ذلك الضرب إلى وفاتها ومن ثم يكون المتهم مسئولاً عن ذلك الضرب المفضي إلى الموت والمؤثم بالمادة 236/1 من قانون العقوبات ومن ثم يكون ما تساند إليه دفاع المتهم في هذا الصدد غير سديد ولا يوافق صحيح الواقع والقانون مما يتعين معه الالتفات عن ذلك الدفع ." وما أورده الحكم صحيح في القانون ذلك بأنه وإن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديبًا خفيفًا عن كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر إلا أنه لا يجوز له أصلًا أن يضربها ضربًا فاحشا ــــ ولو بحق ــــ وحد الضرب الفاحش هو الذى يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد فإذا كان الطاعن قد اعتدى على المجنى عليها اعتداء بلغ من الجسامة الحد الذى أوردها حتفها فليس له أن يتعلل بما يزعمه حقاً له يبيح له ما جناه بل أضحى مستوجبًا للعقاب عملًا بالفقرة الأولى من المادة 236 من قانون العقوبات لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق