الصفحات

الخميس، 14 ديسمبر 2017

الطعن 402 لسنة 64 ق جلسة 1 / 4 / 1996 مكتب فني 47 ق 60 ص 419

جلسة الأول من إبريل سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة ونير عثمان.

-------------------

(60)
الطعن رقم 402 لسنة 64 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
تزيد الحكم فيما لم يكن في حاجة إليه لإثبات توافر نية القتل. لا يعيبه. ما دام استوفى دليله على توافرها لدى الطاعن.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن.
(2) قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بعدم قتل المجني عليها في المكان الذي وجدت به الجثة.
(3) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن. لها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بطلب استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة إلى ذلك.
(5) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقديره. ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها.
(6) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط.
(7) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال.
(8) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". أمن دولة. محاكم أمن الدولة "طوارئ".
طرق الطعن في الأحكام - عادية أو غير عادية - محددة على سبيل الحصر. التظلم في الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ. ليس من طرق الطعن. أساس ذلك؟
(9) محكمة أمن الدولة. حكم "حجيته". قانون "تفسيره".
الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ. لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية.
حق رئيس الجمهورية في إلغاء تلك الإحكام أو حفظها أو تبديل عقوبتها أو إلغاء بعضها أو إلغاء الحكم وحفظ الدعوى أو إعادتها إلى محكمة أخرى. عدم توقف ذلك على طلب أحد ذي شأن. أساس ذلك؟
(10) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة أمن الدولة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تظلم الطاعن في الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا طوارئ. لا يرتب له حقاً في التمسك بقاعدة عدم إضارة الطاعن بطعنه. علة ذلك؟

------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر نية القتل في حق الطاعن بقوله "ومن حيث إنه عن نية القتل وهو أمر خفي يضمره الجاني وتكشف عنه أمارات ودلائل خارجية قوامه انتواء إزهاق الروح فهو ثابت من حشو السلاح الناري المضبوط بالمقذوف الذي يستخدم في إطلاقه وتصويبه تجاه جسد المجني عليها وإطلاقه في مقتل منها وعدم تركه لها إلا بعد أن غلب على ظنه هلاكها أثر سقوطها على الأرض مضرجة بدمائها مع ما صاحب ذلك من ثورة عارمة وهياج شديد قبل الإطلاق وأثناءه وإفصاحه عن قصد القتل لديه وهو ما يكشف بذاته عن توافر نية القتل". لما كان ذلك، وكان ما ذكره الحكم كاف وسائغ للتدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن وأن المنازعة في شأنه تنحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها فيه مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا ينال من ذلك قول الطاعن إن أحداً من الشهود لم يذكر أنه لم يترك المجني عليها إلا بعد أن غلب عليه الظن هلاكها إذ إن هذا القول لا ينال من الحكم في تسبيبه إذ لا ينال من الحكم خطؤه في الإسناد فيما استطرد إليه بعد أن استوفى دليله على توافر نية القتل لدى الطاعن إذ كان في غير حاجة إلى ما تزيد إليه.
2 - لما كانت المحكمة قد عرضت لما دفع به الطاعن من أن المجني عليها لم تقتل في المكان الذي وجدت به الجثة وردت بقولها "إن هذا القول من جانب الدفاع بعدم وجود آثار دماء في المكان الذي قال به الشهود فمردود كما قال الطبيب الشرعي بالجلسة من أن المقذوف يحدث كلياً أثناء دخول الجسم فيمنع نزيف الدم فضلاً عن احتمال سقوط المجني عليها على مكان فتحة دخول المقذوف - هذا إلى أنه لم يثبت بمعاينة مكان الحادث عدم العثور على دماء فإن خلت المعاينة من ذكر ذلك فهو ما لا ينفي وجودها فضلاً عن طبيعة مكان الحادث باعتباره طريقاً عاماً وقد تبين نقل الجثة منه وما ثبت كذلك من تزاحم بنات المجني عليها بمكان سقوطها لنقلها بما قد تضيع معه الآثار أما قول المتهم بعدم صدق الضابط في قوله بالعثور على المقذوف الناري بمكان الحادث فهو قول يفتقر إلى الدليل". لما كان ذلك، وكان ما رد به الحكم على دفع الطاعن سائغاً في العقل والمنطق وله أصله الثابت في أوراق الدعوى بما لا ينازع فيه الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون سديداً.
3 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه والالتفات عما عداه ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير.
4 - لما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى رأي الطبيب الشرعي الذي أبداه بجلسة المرافعة فلا يجوز مجادلتها في ذلك ولا مصادرة عقيدتها فيما انتهت إليه وهي من بعد غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب مناقشة كبير الأطباء الشرعيين في هذا الشأن ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لهذا الإجراء.
5 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا ينال من الحكم أنه جزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي طالما أن الوقائع قد أيدت ذلك عنده وليس فيها ما يناهض ما انتهى إليه.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط ورده بقوله "ومن حيث إن الدفع ببطلان القبض على المتهم لحصوله قبل صدور الإذن فهو غير سديد ذلك أن أمر الضبط الصادر من النيابة العامة في الساعة السادسة وعشر دقائق من مساء يوم..... وتم ضبط المتهم في الساعة العاشرة من مساء ذلك اليوم بعد أن أثبت الضابط اطلاعه على إذن النيابة الأمر الذي يكون معه الدفع غير سليم". لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم على الدفع سائغاً في إطراحه بما يكون منعاه في هذا الخصوص غير قويم.
7 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. ومن ثم فلا ينال من سلامة الحكم قوله إن المجني عليها سقطت على الأرض مضرجة بدمائها على الرغم من إثباته أن المعاينة لم تثبت وجود دماء بمكان الجثة إذ إن هذا القول من جانب الحكم غير ذي أثر في تناول الأدلة التي كونت منها المحكمة عقيدتها واستقرت لديها. كما وأنه لا يعد تناقضاً في حكمها إذ التناقض حسبما هو مقرر هو ما يقع بين أسباب الحكم بحيث ينفي بعضها بعضاً ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما برئ الحكم منه إذ أن ما ذكره الحكم من أن المجني عليها سقطت على الأرض مضرجة بدمائها لا يتصل بصورة الواقعة ولا يمس قواعد الثبوت فيها وإنما لا يعدو أن يكون قولاً من الحكم استنتجه من شهادة الطبيب الشرعي لدى تعليله لوجود آثار دماء غزيرة بملابس المجني عليها من أن سبب ذلك تحريك الجثة بعد الإصابة ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا المقام غير سديد.
8 - لما كان القانون قد حدد طرق الطعن في الأحكام سواء أكانت طرقاً عادية أم غير عادية تحديد حصر وأنه ليس من بينها طريق التظلم في الأحكام التي تصدر من محاكم أمن الدولة طوارئ إعمالاً للقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ إذ نصت المادة 12 منه "لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه في الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة ولا تكون تلك الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية" كما وأن هذا القانون قد نص على حق رئيس الجمهورية في إلغاء الحكم أو التصديق عليه أو تخفيف العقوبة أو تبديلها بعقوبة أقل منها أو بوقف تنفيذ بعضها أو بإلغاء الحكم وحفظ الدعوى أو إعادتها إلى محكمة أخرى. وذلك إعمالاً للمواد 13، 14، 15، من القانون وأن حقه في ذلك مستمد من القانون دون توقف على تقديم تظلم من المحكوم عليه، ومن ثم فإن هذا التظلم إن قُدم من المحكوم عليه ثم أمر رئيس الجمهورية بإلغاء الحكم وإعادة المحاكمة أمام محكمة أخرى فإن أمره في ذلك لا يتوقف على قبول التظلم وعدمه.
9 - من المقرر أن الشارع في القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ قد خرج على القواعد الإجرائية والموضوعية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية وجعل الأحكام الصادرة من المحاكم وفقاً لهذا القانون لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية وأعطى له الحق في إلغائها أو حفظها أو تبديل عقوبتها وإلغاء بعضها دون ما توقف على طلب أحد ذي شأن - حتى النيابة العامة.
10 - لما كان ما ذكره الطاعن من أنه قدم تظلماً في الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا طوارئ لا يعدو في حقيقته طعناً مما تعنيه قواعد قانون الإجراءات الجنائية ولا يرتب له حقاً في التمسك بأنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه ألا يضيره بأن يزيد في قضائه على ما قضى به حكم محكمة أمن الدولة العليا طوارئ والذي قضى بإلغائه إذ لا محل لإعمال قاعدة عدم إضارة الطاعن بطعنه حيث لا يكون هناك طعن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم يكون النعي في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل.... عمداً بأن أطلق عليها عياراً نارياً من سلاح ناري كان يحمله "فرد صناعة محلية" قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. ثانياً: أ - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد صناعة محلية" ب - أحرز ذخيرة طلقة واحدة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر حالة كونه غير مرخص له بإحرازه أو حيازته. وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى زوج المجني عليها....... مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) الملحق مع إعمال المادة 32/ 2 عقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة لما نسب إليه، ومصادرة السلاح الناري المضبوط وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى بمذكرتيه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد وإحراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على تناقض وخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دلل على توافر نية القتل لديه بما لا يسوغ فضلاً عن أنه مما استدل عليه في خصوصها قوله إنه لم يترك المجني عليها إلا بعد أن غلبه الظن أنها هلكت، وهذا ما لم يقل به أحداً من الشهود هذا فضلاً عن أن الطاعن دفع بأن المجني عليها لم تقتل حيث وجدت جثتها بدليل خلو المكان من الدماء والمقذوفات الفارغة إلا أن الحكم أطرح الدفع برد غير سائغ إذ استند في ذلك إلى أقوال الطبيب الشرعي من أن المقذوف حالة دخوله الجسم يحدث كياً لفتحة الدخول كما وأن سقوط المجني عليها - حين إصابتها - على فتحة الدخول يمنع من انسيال الدم خارج الجسم، إذ أن هذا الطبيب لم يقم بالكشف على جثة المجني عليها وإنما سئل عرضاً لتواجده بالجلسة وأنه لم يجزم بما جزم به الحكم وما ذكره لا يزيد عن كونه احتمالاً وأعرض الحكم عن طلبه استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته في هذا الشأن. كما رد الحكم على دفاع الطاعن ببطلان القبض عليه وما تلا ذلك من إجراءات لتمامه قبل صدور الإذن من النيابة بما لا يصلح رداً وأنه في مقام التدليل على ثبوت نية القتل ذكر أن الجثة سقطت على الأرض مضرجة بدمائها في حين أنه عند استخلاصه صورة الواقعة ورده على الدفع بعدم حدوثها في المكان الذي عثر فيه على الجثة بعد أن سلم بخلو المكان من الدماء لم يقل بذلك مما أوقعه في تناقض. وأخيراً أنه سبق أن حوكم الطاعن أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ وقضت بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتظلم من هذا الحكم لدى مكتب التصديق على أحكام محاكم أمن الدولة العليا طوارئ حيث ألغى الحكم وأعيدت الدعوى إلى محكمة أخرى حيث قضت بعدم اختصاصها فأحالتها النيابة العامة إلى محكمة جنايات سوهاج والتي قضت عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة مخالفة بذلك قانون الإجراءات الجنائية إذ أضارته المحكمة بتظلمه وكان يتعين عليها أن تلتزم عدم تجاوز العقوبة السابقة. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أو تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر نية القتل في حق الطاعن بقوله "ومن حيث إنه عن نية القتل وهو أمر خفي يضمره الجاني وتكشف عنه أمارات ودلائل خارجية قوامه انتواء إزهاق الروح فهو ثابت من حشو السلاح الناري المضبوط بالمقذوف الذي يستخدم في إطلاقه وتصويبه تجاه جسد المجني عليها وإطلاقه في مقتل منها وعدم تركه لها إلا بعد أن غلب على ظنه هلاكها أثر سقوها على الأرض مضرجة بدمائها مع ما صاحب ذلك من ثورة عارمة وهياج شديد قبل الإطلاق وأثناءه وإفصاحه عن قصد القتل لديه وهو ما يكشف بذاته عن توافر نية القتل". لما كان ذلك، وكان ما ذكره الحكم كاف وسائغ للتدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن وأن المنازعة في شأنه تنحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها فيه مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولا ينال من ذلك قول الطاعن إن أحداً من الشهود لم يذكر أنه لم يترك المجني عليها إلا بعد أن غلب عليه الظن هلاكها إذ إن هذا القول لا ينال من الحكم في تسبيبه، إذ لا ينال من الحكم خطؤه في الإسناد فيما استطرد إليه بعد أن استوفى دليله على توافر نية القتل لدى الطاعن إذ كان في غير حاجة إلى ما تزيد إليه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما دفع به الطاعن من أن المجني عليها لم تقتل في المكان الذي وجدت به الجثة وردت بقولها "إن هذا القول من جانب الدفاع بعدم وجود آثار دماء في المكان الذي قال به الشهود فمردود كما قال الطبيب الشرعي بالجلسة من أن المقذوف يحدث كياً أثناء دخول الجسم فيمنع نزيف الدم فضلاً عن احتمال سقوط المجني عليها على مكان فتحة دخول المقذوف - هذا إلى أنه لم يثبت بمعاينة مكان الحادث عدم العثور على دماء فإن خلت المعاينة من ذكر ذلك فهو ما لا ينفي وجودها فضلاً عن طبيعة مكان الحادث باعتباره طريقاً عاماً وقد تبين نقل الجثة منه وما ثبت كذلك من تزاحم بنات المجني عليها بمكان سقوطها لنقلها بما قد تضيع معه الآثار، أما قول المتهم بعدم صدق الضابط في قوله بالعثور على المقذوف الناري بمكان الحادث فهو قول يفتقر إلى الدليل". لما كان ذلك، وكان ما رد به الحكم على دفع الطاعن سائغاً في العقل والمنطق وله أصله الثابت في أوراق الدعوى بما لا ينازع فيه الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه والالتفات عما عداه ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير. وإذ كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى رأي الطبيب الشرعي الذي أبداه بجلسة المرافعة فلا يجوز مجادلتها في ذلك ولا مصادرة عقيدتها فيما انتهت إليه وهي من بعد غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب مناقشة كبير الأطباء الشرعيين في هذا الشأن ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لهذا الإجراء هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا ينال من الحكم أنه جزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي طالما أن الوقائع قد أيدت ذلك عنده وليس فيها ما يناهض ما انتهى إليه. ومن ثم يكون نعي الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط ورده بقوله "ومن حيث إن الدفع ببطلان القبض على المتهم لحصوله قبل صدور الإذن فهو غير سديد إذ أن أمر الضبط الصادر من النيابة العامة في الساعة السادسة وعشر دقائق من مساء يوم......... وتم ضبط المتهم في الساعة العاشرة من مساء ذلك اليوم بعد أن أثبت الضابط اطلاعه على إذن النيابة الأمر الذي يكون معه الدفع غير سليم.....". لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم على الدفع سائغاً في إطراحه بما يكون منعاه في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. ومن ثم فلا ينال من سلامة الحكم قوله إن المجني عليها سقطت على الأرض مضرجة بدمائها على الرغم من إثباته أن المعاينة لم تثبت وجود دماء بمكان الجثة إذ إن هذا القول من جانب الحكم غير ذي أثر في تناول الأدلة التي كونت منها المحكمة عقيدتها واستقرت لديها. كما وأنه لا يعد تناقضاً في حكمها إذ التناقض حسبما هو مقرر هو ما يقع بين أسباب الحكم بحيث ينفي بعضها بعضاً ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما برئ الحكم منه إذ إن ما ذكره الحكم من أن المجني عليها سقطت على الأرض مضرجة بدمائها لا يتصل بصورة الواقعة ولا يمس قواعد الثبوت فيها وإنما لا يعدو أن يكون قولاً من الحكم استنتجه من شهادة الطبيب الشرعي لدى تعليله لوجود آثار دماء غزيرة بملابس المجني عليها من أن سبب ذلك تحريك الجثة بعد الإصابة ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا المقام غير سديد. لما كان ما تقدم، وكان القانون قد حدد طرق الطعن في الأحكام سواء أكانت طرقاً عادية أو غير عادية تحديد حصر وأنه ليس من بينها طريق التظلم في الأحكام التي تصدر من محاكم أمن الدولة طوارئ إعمالاً للقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ إذ نصت المادة 12 منه على أنه "لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه في الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة ولا تكون تلك الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية" كما وأن هذا القانون قد نص على حق رئيس الجمهورية في إلغاء الحكم أو التصديق عليه أو تخفيف العقوبة أو تبديلها بعقوبة أقل منها أو بوقف تنفيذ بعضها أو بإلغاء الحكم وحفظ الدعوى أو إعادتها إلى محكمة أخرى. وذلك إعمالاً للمواد 13، 14، 15 من القانون وأن حقه في ذلك مستمد من القانون دون توقف على تقديم تظلم من المحكوم عليه. ومن ثم فإن هذا التظلم إن قُدم من المحكوم عليه ثم أمر رئيس الجمهورية بإلغاء الحكم وإعادة المحاكمة أمام محكمة أخرى فإن أمره في ذلك لا يتوقف على قبول التظلم أو عدمه، ذلك أن الشارع في القانون سالف البيان قد خرج على القواعد الإجرائية والموضوعية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية وجعل الأحكام الصادرة من المحاكم وفقاً لهذا القانون لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية وأعطى له الحق في إلغائها أو حفظها أو تبديل عقوبتها وإلغاء بعضها دون ما توقف على طلب أحد ذي شأن - حتى النيابة العامة - ومن ثم فإن ما ذكره الطاعن من أنه قدم تظلماً في الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا طوارئ لا يعد في حقيقته طعناً مما تعنيه قواعد قانون الإجراءات الجنائية ولا يترتب له حقاً في التمسك بأنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه ألا يضره بأن يزيد في قضائه على ما قضى به حكم محكمة أمن الدولة العليا طوارئ والذي قضى بإلغائه إذ لا محل لإعمال قاعدة عدم إضارة الطاعن بطعنه حيث لا يكون هناك طعن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم يكون النعي في غير محله ويكون الطعن برمته على غير أساس بما يتعين معه رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق