الصفحات

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

الطعن 264 لسنة 58 ق جلسة 25 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 18 ص 122

جلسة 25 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب.

-----------------

(18)
الطعن رقم 264 لسنة 58 القضائية

(1) اشتباه. تشرد. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الاشتباه في حكم المادة الخامسة من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم. ماهيته؟
الاشتهار والسوابق قسيمان في إبراز حالة الاشتباه.
السوابق تكشف عن الاتجاه الخطر، ولا تنشئه.
جواز الاعتماد على الاتهامات المتكررة لإثبات حالة الاشتباه متى كانت قريبة البون نسبياً وتكشف عن خطورة المتهم.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بياناته" "بيانات التسبيب".
اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها. واجب.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة لا يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام. لا يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها.

------------------
1 - لما كانت المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم، إذ عدت مشتبهاً فيه من حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الواردة بها، ومنها جرائم الاتجار بالمواد السامة أو المخدرة أو تقديمها للغير، أو إذا اشتهر عنه لأسباب مقبولة أنه اعتاد ارتكاب هذه الجرائم، فقد دلت بذلك على أن الاشتباه حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام، وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلاً يحس به من الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود، وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كون الخطر في شخص المتصف به ورتب عليه محاسبته وعقابه، كما دلت على أن الاشتهار - والسوابق - قسيمان في إبراز هذه الحالة الواحدة متعادلان في إثبات وجودها، وأن السوابق لا تنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو مبنى الاشتباه، وإنما تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالاشتهار، ومن ثم جاز الاعتماد على الاتهامات المتكررة التي توجه إلى المتهم ولو لم تصدر بشأنها أحكام ضده - متى كانت قريبة البون نسبياً - وكانت من الجسامة أو الخطورة بما يكفي لإقناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه.
2 - إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه، يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه اشتهر عنه لأسبابه مقبولة الاعتياد على ارتكاب جرائم الاتجار في المخدرات، وطلبت عقابه بالمواد 5، 6/ 1، 7، 8 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1980. ومحكمة جنح الاشتباه بكفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بوضع المتهم تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بوضع المتهم تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاثة أشهر.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة الاشتباه، وقضى في استئنافه بتعديل الحكم المستأنف القاضي بوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر إلى الاكتفاء بوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاثة أشهر قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه نزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر لها في المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 110 لسنة 1980، التي تنص على أن يكون التدبير لمدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزيد على ثلاث سنوات، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بعد أن أورد بصدره وصف النيابة العامة للتهمة، بين واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن في قوله "وحيث إنه بمطالعة أوراق القضية، تبين من تقرير البحث الجنائي أن المتهم ارتكب جريمة إحراز المخدرات وضبط له المحضر رقم 1757 لسنة 1968 بيلا، وأدين فيها، كما ضبط له المحضر رقم 3344 لسنة 1976 البرلس، 6391 لسنة 1979 الحامول وقضى فيهما بالبراءة، وحيث إنه تبين من مطالعة تقرير البحث الاجتماعي أنه مريض وغير خطر على الأمن، وحيث إنه عن الجناية رقم 1754 لسنة 1968 بيلا التي دين فيها المتهم حتى تاريخ تحرير محضر الاشتباه المقدم للمحكمة لمحاكمته بتهمة اشتهاره في إحراز المخدر فإن المدة من عام 1968 مدة كافية تدلل على أن المتهم أقلع عن إحراز المخدرات وعاد للاستقامة في حياته، وأما بالنسبة للجنايتين الأخرتين اللتين قضي ببراءته فيهما، فإن المحكمة لا تعول عليهما، خاصة وأن تقرير البحث الاجتماعي بحث حالة المتهم من واقع ظروف حياته، يدل على عدول المتهم عن الطريق غير المستقيم وحسن نيته، وحيث إن المحكمة ترى إزاء ذلك إعطاء المتهم فرصة ليصبح مواطناً صالحاً، ومعاملته بالرأفة، حتى تستقيم أمور حياته، ومن ثم تطبق عليه المادتين 5، 6/ 4 من القانون رقم 98 لسنة 1945، مع استعمال الرأفة". لما كان ذلك، وكانت المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم، إذ عدت مشتبهاً فيه من حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الواردة بها، ومنها جرائم الاتجار بالمواد السامة أو المخدرة أو تقديها للغير، أو إذا اشتهر عنه لأسباب مقبولة أنه اعتاد ارتكاب هذه الجرائم، فقد دلت بذلك على أن الاشتباه حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام، وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلاً يحس به من الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود، وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كون الخطر في شخص المتصف به ورتب عليه محاسبته وعقابه، كما دلت على أن الاشتهار - والسوابق - قسيمان في إبراز هذه الحالة الواحدة متعادلان في إثبات وجودها، وأن السوابق لا تنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو مبنى الاشتباه، وإنما تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالاشتهار، ومن ثم جاز الاعتماد على الاتهامات المتكررة التي توجه إلى المتهم ولو لم تصدر بشأنها أحكام ضده - متى كانت قريبة البون نسبياً - وكانت من الجسامة أو الخطورة بما يكفي لإقناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه، يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة المطعون ضده، دون أن يفصح في مدوناته عن الاتهام الذي اتخذه دليلاً على ثبوت جريمة الاشتباه في حقه، أو بحث وقائع ذلك الاتهام ليتبين مدى الجدية فيه وأثره في توافر حالة الاشتباه القائمة على الاشتهار، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور الذي له وجه الصدارة على وجوه، الطعن المتعلقة بمخالفة القانون - وهو ما يتسع له وجه الطعن - مما لا يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى، وأن تقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


ملحوظة: صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 2 من يناير سنة 1993 في القضية رقم 3 لسنة 10 قضائية دستورية بعدم دستورية نص المادة (5) من الرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم وبسقوط أحكام المواد المرتبطة بها وهي المواد 6، 13، 15 منه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق