الصفحات

الأربعاء، 29 نوفمبر 2017

الطعن 8948 لسنة 79 ق جلسة 13 / 11 / 2011 مكتب فني 62 ق 61 ص 363

جلسة 13 من نوفمبر سنة 2011
برئاسة السيد القاضي / أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / فرغلي زناتي ، أحمد عمر محمدين , محمد عبد العال وتوفيق سليم نواب رئيس المحكمة .
--------------
(61)
الطعن 8948 لسنة 79 ق
 غسل الأموال . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
   القصد الجنائي في جريمة غسل الأموال . مناط تحققه ؟
  جريمة غسل الأموال . تستلزم قصداً خاصاً . هو نية إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصلة منها المال . وجوب استظهار الحكم له صراحة وإيراد الدليل على توافره متى نازع فيه الجاني . إغفال ذلك . قصور .
   إنكار الطاعن التهمة والمنازعة في توافر القصد الجنائي بشقيه وتدليل الحكم بما لا يكفى لتوافره . يعيبه . يوجب النقض والإعادة .
ـــــــــــــــــــ
  من المقرر أن القصد الجنائي في الجريمة التي دين الطاعن بها يقتضى علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر أركانها فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً كما أنه من المقرر أن جريمة غسل الأموال تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً وهو نية إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته ... الخ ــــ على نحو ما سلف بيانه ــــ مما يتعين معه على الحكم استظهاره صراحة وإيراد الدليل على توافره متى كان محل منازعة من الجاني لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أنكر التهمة المسندة إليه برمتها ونازع في توافر القصد الجنائي بشقيه في حقه ، وكان القدر الذى أورده الحكم فيما سلف بيانه في سبيل التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن لا يكفى لتوافره ولا يسوغ به الاستدلال عليه إذ اكتفى في ذلك بعبارات مجملة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيبها . لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً فضلاً عن القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــ
الوقائع
     اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما: أولاً : المتهم الأول (الطاعن) ارتكب جريمة غسل أموال قيمتها 14 مليون جنيه مصري متحصلة من جريمتي نصب وتزوير واستعمال محرر عرفي بعد أن تم إيداعها بحسابه بالبنوك المصرية عقب استيلائه عليها بطريقي النصب واستعمال خطاب ضمان بنكي مزور وتحويلها خارج البلاد بحساب شركة لإدارة الأموال بأمستردام ومكتب محاماة بلندن وكان ذلك التحويل بقصد إخفاء حقيقة هذه الأموال وتمويه مصدرها وطبيعتها وصاحب الحق فيها حتى تبدو كتحويلات مشروعة مقابل خدمات قامت بها شركة إدارة الأموال وأتعاب مكتب المحاماة الذى تشارك فيه المتهمة الثانية وذلك للحيلولة دون اكتشاف حقيقتها على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق . المتهمة الثانية اشتركت بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة غسل الأموال موضوع التهمة أولاً بأن اتفقت معه على تحويل المبالغ المستولى عليها لحساب شركة خدمات أموال بأمستردام ومكتب محاماة بلندن وساعدته على ارتكابها بأن أمدته برقم حساب تلك الشركة لدى ... ورقم حساب مكتب المحاماة الذى تشارك في ملكيته ببنك ... وكان ذلك التحويل بقصد إخفاء حقيقة هذه الأموال وتمويه طبيعتها ومصدرها والحيلولة دون اكتشاف صاحب الحق فيها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق . وأحالتهما إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ... عملاً بالمواد 40/ ثانياً ثالثاً ، 41/1 من قانون العقوبات والمواد 1/ أ, ب ، 2 ، 14 من القانون رقم 80 لسنة 2002 المعدل . بمعاقبتهما بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمهما متضامنين أصلياً مبلغ ثمانية وعشرين مليون جنيه مصري وإضافياً مبلغ أربعة عشر مليون جنيه مصري . فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .
ـــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة غسل الأموال قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى عن بصر وبصيرة ، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر القصد الجنائي في حقه ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بسط واقعة الدعوى عرض لدفاع الطاعن القائم على إنكار ما أسند إليه وعدم توافر القصد الجنائي في حقه ورد عليه في قوله : " ... وكان الثابت من أقوال شهود الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة ومن اطلاعها على ما قدم فيها من أوراق ومستندات وصور رسمية لقضايا التزوير والنصب التي أتاها المتهم الأول " الطاعن " أن المذكور قد أتى إلى جمهورية مصر العربية بقصد الاستيلاء على أموال بعض رجال الأعمال بطرق غير مشروعة وتغيير طبيعتها ومصدرها وصاحب الحق فيها وعرقلة التوصل إليها وفى سبيل ذلك ارتكب جرائم النصب والتزوير واستعمال محررات مزورة وكان من نتيجة هذا السلوك الإجرامي أن استولى المتهم المذكور عن علم وإرادة على أربعة عشر مليون جنيه من شاهد الإثبات الأول ... بأن قام باستبدالها بنقد أجنبي ثم قام بتحويل سبعة ملايين منها إلى عملة أوربية 850 ألف يورو على حساب بأحد البنوك " ... " خاص بشركة خدمات وإدارة أموال ... وحول السبعة ملايين الثانية إلى 557 ألف جنيه استرليني وحوله لحساب المتهمة الثانية بأحد بنوك لندن ــــ بنك ... ــــ زاعماً أن هذه المبالغ ما هي إلا مصاريف إدارية لتحويل قيمة خطاب الضمان المزعوم البالغ قيمته 300 مليون يورو من بنك ... لندن ، والذى تبين أنه غير صحيح وكان كل ذلك بقصد إخفاء حقيقة المبلغ المستولى عليه وتمويه مصدره وطبيعته وصاحب الحق فيه حتى يبدو هذا التحويل مشروعاً مقابل خدمات قامت بها شركة إدارة الأموال وأتعاب مكتب المحاماة الذى تشارك فيه المتهمة الثانية ومن ثم فقد توافرت أركان جريمة غسل الأموال المسندة للمتهم الأول وثبت في حقه أن أموال الغسل التي حصل عليها المتهم متحصلة من بعض الجرائم التي أوردتها المادة الثانية من قانون غسل الأموال وهى جرائم النصب والتزوير واستعمال محررات مزورة آنفة البيان ، ولا عبرة بما صدر في تلك الجرائم من أحكام وما قد يصدر بعد ذلك أنه من المقرر أنه لا يشترط لقيام جريمة غسل الأموال أن يصدر حكم بالإدانة في جريمة المصدر طالما قد توافر فيها النموذج القانوني لتلك الجريمة كما تكاملت أركان جريمة غسل الأموال المسندة للمتهم بعنصريها المادي والمعنوي بقيام المتهم بتحويل الأموال التي حصل عليها من العملة الوطنية إلى عملات أجنبية وحولها خارج البلاد وكان ذلك عن علم وإرادة " . لما كان ذلك ، وكانت المادة /2 من القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانونين رقمي 78 لسنة 2003 ، 181 لسنة 2008 تنص على أنه " يخطر غسل الأموال المتحصلة من ... وجرائم النصب والتزوير ... وذلك كله سواء وقعت جريمة غسل الأموال أو الجرائم المذكورة في الداخل أو الخارج بشرط أن يكون معاقباً عليها في كلا القانونين المصري والأجنبي " ونصت المادة 1/ ب من هذا القانون على أن معنى غسل الأموال هو كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة /2 من هذا القانون مع العلم بذلك ، متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال " . لما كان ذلك ، وكانت جريمة غسل الأموال المنسوب إلى الطاعن ارتكابها يتطلب لتوافرها أن تكون الأموال متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة /2 سالفة البيان مع العلم بذلك وأن يكون القصد من هذا السلوك إخفاء هذا المال أو تمويه طبيعته أو مصدره دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في الجريمة التي دين الطاعن بها يقتضى علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر أركانها فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً كما أنه من المقرر أن جريمة غسل الأموال تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً وهو نية إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته ... الخ ــــ على نحو ما سلف بيانه ــــ مما يتعين معه على الحكم استظهاره صراحة وإيراد الدليل على توافره متى كان محل منازعة من الجاني . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أنكر التهمة المسندة إليه برمتها ونازع في توافر القصد الجنائي بشقيه في حقه ، وكان القدر الذى أورده الحكم فيما سلف بيانه في سبيل التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن لا يكفى لتوافره ولا يسوغ به الاستدلال عليه إذ اكتفى في ذلك بعبارات مجملة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيبها . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً فضلاً عن القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق