الصفحات

الاثنين، 27 نوفمبر 2017

الطعن 1249 لسنة 64 ق جلسة 22 /1/ 1995 مكتب فني 46 ج 1 ق 44 ص 224

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وحسين نعمان نواب رئيس المحكمة.
----------
- 1  بطلان " ابطال العقد لتوافر عيب من عيوب الرضا . الاكراه". عقد " التراضي : صحة التراضي ".
الاكراه المبطل لرضا . تحققه بتهديد المتعاقد بخطر محدق بنفسه او بماله او باستعمال وسائل ضغط لا قبل له باحتمالها او التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة يبعثها المكره بغير حق تحمله على الاقرار بقبول مالم يكن ليقبله اختيارا .
الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق إلا بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها، ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة يبعثها المكره في نفس المكره بغير حق فتحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختيارا.
- 2  عقد " التراضي . صحة التراضي ".  محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود ".
تقدير وسائل الاكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في نفس المتعاقد . امور موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع . شرطه .
لئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في نفس المتعاقد، إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة.
- 3  نقض "سلطة محكمة النقض".
تقدير كون الاعمال التي وقع بها الاكراه مشروعة او غير مشروعة . دخوله تحت رقابة محكمة النقض .
تقدير محكمة الموضوع لكون الأعمال التي وقع بها الإكراه مشروعة أو غير مشروعة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما يخضع لرقابة محكمة النقض.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 10634 لسنة 1989 مدني جنوب القاهرة الابتدائية في 26/7/1989 ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني بطلب الحكم ببطلان عقد الكفالة والضمان المؤرخ 7/3/1984 بينه مع آخرين وبين البنك الطاعن وعدم الاعتداد بكل ما يترتب عليه من عقود والتزامات خاصة عقد الرهن الرسمي المشهر برقم 3681 في 30/9/1984 شهر عقاري الجيزة على العقار رقم 3 شارع........, والإقرار الصادر منه بصفته وكيلا عن زوجته بقبول رهن ثلاثين ألف سهم من أسهم البنك الدولارية ورهن أحد عشر ألف سهم من ذات الأسهم المملوكة لها, وأيضا الكفالة الشخصية في حدود مليون جنيه مصري وشطب ومحو كافة التأشيرات والقيود والرهن الرسمي على العقار المذكور. وقال بيانا لدعواه إنه كان قد صدر القرار الوزاري رقم 58 لسنة 1980 بالترخيص في تأسيس شركة مساهمة مصرية باسم - بنك الأهرام - حاليا "بنك........" - الطاعن - وكان هو أحد أعضائه المؤسسين له, وقد ارتكب الجهاز التنفيذي للبنك كثيرا من الأخطاء في منح التسهيلات للعملاء وترتب على ذلك أنه أصبح واضحا أن مستحقات البنك لدى أحد عملائه من تجار العملة لا يمكن الوفاء بها فتحرر بتاريخ 7/3/1984 عقد كفالة شخصية وعينية بين البنك الطاعن وبين ثمانية من أعضاء مجلس إدارته وهو منهم تحت اسم "عقد اتفاق وإقرار بالمشاركة في ضمان سداد مستحقات بنك الأهرام قبل/ ....... وشركة مصر والبلاد العربية للتجارة, وشركة ......... للمشروعات الملاحية" وقد التزم بموجب هذا العقد بأن يرهن للبنك العقار المذكور رهنا رسميا, كما أقر بصفته وكيلا عن زوجته بقبول رهن ثلاثين ألف سهم من أسهم البنك الدولارية المملوكة لها, وقبلت زوجته رهن أحد عشر ألف سهم أخرى من أسهمها الدولارية مقابل الوديعة النقدية التي التزم في العقد بتقديمها والبالغ قيمتها مائة ألف جنيه, كما التزم بتقديم كفالة شخصية في حدود مليون جنيه مصري, وبتاريخ 24/4/1984 صدر قرار بحل مجلس إدارة البنك ثم وبتاريخ 22/9/1984 صدر قرار المطعون عليه الثاني بالتحفظ على أمواله وزوجته وأولاده البالغين والقصر, وقدم إلى محكمة القيم التي قضت في 30/3/1985 بفرض الحراسة على أمواله في الدعوى رقم 39 لسنة 14ق حراسات, ولما كان عقد الكفالة آنف الذكر قد أبرم تحت شرط فاسخ ضمني هو - ألا يتم تنحيته عن منصبه بالبنك وأن تبقى أوضاع البنك على حالها وقد تحقق الشرط بحل مجلس إدارة البنك في 24/4/1984, كما انطوى هذا العقد على غلط في الباعث وهو اتقاء إجراءات السلطة ضد البنك ومجلس إدارته وخاصة إجراءات المدعي العام الاشتراكي, فضلا عن أنه قد أكره على التوقيع على ذلك العقد الأمر الذي يرتب بطلانه ومن ثم فقد أقام الدعوى. دفع البنك الطاعن والمطعون عليه الثاني بصفته بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة, كما دفع الأخير بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 39 لسنة 14ق حراسات, أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود المطعون عليه الأول حكمت في 27/1/1992 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3220 لسنة 109ق وبتاريخ 13/12/1993 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان عقد الكفالة والضمان المؤرخ 7/3/1984 وكل ما يترتب عليه من عقود والتزامات وبصفة خاصة عقد الرهن الرسمي المترتب على العقار المبين بالصحيفة المشهر تحت رقم 3681 في 30/9/1984 شهر عقاري الجيزة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ أقام قضاءه ببطلان عقد الكفالة والضمان المؤرخ 7/3/1984 على أن إكراها وقع على المطعون عليه الأول بتهديده باتخاذ إجراءات المدعي العام الاشتراكي للوصول إلى شيء لم يستحق قبله مما اضطره للتوقيع على العقد أخذا بأقوال شهوده, في حين أن باعثه إلى ذلك الحرص على استمرار البنك وإقالته من عثرته التي تسبب فيها هو وباقي أعضاء مجلس إدارته, وأن الإجراءات التي يتخذها المدعي العام الاشتراكي أو يهدد باتخاذها هي وسائل مشروعة, وأن شهود المطعون عليه الذين اطمأن الحكم لشهادتهم هم من الكفلاء الموقعين معه على ذات العقد المطلوب إبطاله وقد رفعوا بدورهم دعاوي مماثلة, ولم يشهدوا التهديد وجاءت أقوالهم نقلا عنه فلا يسوغ الاطمئنان لشهادتهم, هذا إلى أن الحكم لم يبين ماهية هذا الإكراه والوسائل المستخدمة لبث الرهبة أو الخوف في نفس المطعون عليه الأول, والغرض غير المشروع الذي أراد المدعي العام الاشتراكي الوصول إليه من التهديد باتخاذ هذه الإجراءات وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق إلا بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها, ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة يبعثها المكره في نفس المكره بغير حق فتحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختيارا, وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في نفس المتعاقد, إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة, هذا إلى أن تقديرها لكون الأعمال التي وقع بها الإكراه مشروعة أو غير مشروعة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما يخضع لرقابة محكمة النقض, لما كان ما تقدم وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان عقد الكفالة والضمان موضوع التداعي على قوله ".. وكانت هذه المحكمة تطمئن إلى شهادة شهود المستأنف "المطعون عليه الأول" من أن إكراها وقع عليه بتهديده باتخاذ إجراءات المدعي العام الاشتراكي للوصول إلى شيء لم يستحق بعد قبله اضطر معه إلى توقيع عقد الكفالة سند الدعوى وهو ما لم يقبله اختيارا..." وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه أساسا لقضائه غير سائغ ويقصر عن حد الكفاية لحمل هذا القضاء ومواجهة دفاع الطاعن المبين بسبب النعي على ما سلف بيانه والذي تمسك بأن التهديد باتخاذ إجراءات المدعي العام الاشتراكي, أو إحالة أعضاء مجلس الإدارة إلى نيابة أمن الدولة العليا هي من الأعمال المشروعة قانونا, وتدخل في نطاق اختصاص هذا الجهاز ومستمدة من القوانين التي تحكمه وناطت به اتخاذها في الحالات الموجبة لذلك كما حددتها له, ويستهدف منها الوصول إلى غرض مشروع هو إقالة البنك من عثرته ومساعدته على تكملة مسيرته تجنبا لإشهار إفلاسه وما يترتب على ذلك من ضياع حقوق المساهمين وتهديد الاقتصاد القومي, وهو ما لا يقع به الإكراه المبطل له, وكان الحكم لم يبين ماهية الإجراءات غير المشروعة التي تهدد المطعون عليه الأول باتخاذها قبله من جهاز المدعي العام الاشتراكي ومدى جسامتها وتأثيرها عليه, كما لم يبين ما هو الشيء الذي لم يستحق قبله بعد وقصد بهذا التهديد الوصول إليه منه, وأيضا لم يوضح كيف أفادت أقوال شهوده أمام محكمة أول درجة وقوعه تحت تأثير هذا الإكراه واضطراره إلى توقيع العقد دون أن يبين هذه الأقوال أو مؤداها بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة سداد الحكم فيما انتهى إليه ويعيبه بالفساد في الاستدلال, فضلا عن القصور في التسبيب ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق