الصفحات

الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

اختصاص مجلس الدولة بقضايا التعويض عن الوفاة أثناء الخدمة العسكرية وبسببها


باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
 بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من فبراير سنة 2015م، الموافق الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة 1436 هـ  .
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور                        رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عبدالوهاب عبدالرازق ومحمد عبدالعزيز الشناوى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى اسكندر           نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم                         رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع                               أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 29 قضائية "تنازع "
المقامة من
السيد / طارق محمد سمير محمود إبراهيم
ضد
1 - السيد وزير الدفاع
2 - السيد /أحمد حسن إبراهيم
الإجراءات
 بتاريخ الحادى والعشرين من شهر مارس سنة 2007، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة ، بوقف تنفيذ الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى ( الدائرة العاشرة ) بجلسة 25/6/2000، فى القضية رقم 9360 لسنة 50 قضاءإدارى ، وفى الموضوع بالاعتداد بحكم محكمة استئناف القاهرة ( الدائرة 30 مدنى )،الصادر بجلسة 3/2/1998، فى الاستئنافين رقمى 7732 و8889 لسنة 114 قضائية ، مع اعتبار حكم محكمة القضاء الإدارى فى الطعن رقم 9360 لسنة 50 القضائية كأن لم يكن .
 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة فى الاستئنافين رقمى 7732 و8889 لسنة 114 قضائية .
 وأعدت هيئة المفوضين تقريرًا فى الشق العاجل، وبتاريخ 19/5/2007 قرر السيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا رفض طلب وقف التنفيذ .
 وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
 حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق – تتحصل فى أنه بتاريخ14/3/1993، قام المدعى ، باعتباره قائد السرية التى يتبعها الجندى / ياسر أحمد حسن إبراهيم، بتكدير هذا الأخير بعنف، لإفطاره فى نهار رمضان، وامتناعه عن تنفيذ الأوامر العسكرية الصادرة له منه، مما دفع الجندى أثناء قيامه بخدمة ليلية إلى الانتحار . وقد حققت النيابة العسكرية مع المدعى وأحالته إلى المحاكمة أمام القضاء العسكرى فى القضية رقم 785 لسنة 1993 جنح عسكرية – الإسماعيلية ، بتهمة إساءة معاملة الجندى المتوفى ، بما مارسه ضده من تكدير اتخذ صورة عنيفة وقاسية ، فأصدرت المحكمة حكمها بحرمان المدعى من أقدميته فى الرتبة عدد عشرة ضباط من كشف الأقدمية ، وأصبح هذا الحكم نهائيًّا بعد التصديق عليه بتاريخ 5/7/1993، ورفض الالتماس الذى قُدم من المدعى فى شأنه . وعلى إثر ذلك أقام المدعى عليه الثانى – بصفته والد الجندى المتوفى – الدعوى رقم 4475 لسنة 1995 تعويضات كلى ، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، ضد المدعى عليه الأول بصفته، طالبًا الحكم بإلزامه أن يؤدى له مبلغ مائة ألف جنيه تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا عن وفاة نجله . وأقام المدعى عليه الأول دعوى ضمان فرعية ضد المدعى طلبًا للحكم بإلزامه بما عسى أن يحكم به عليه فى الدعوى الأصلية . وقد قضت المحكمة بجلسة 31/3/1996 بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى ،وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة للاختصاص. فطعن المدعى عليه الثانى على هذا الحكم بموجب الاستئناف رقم 5911 لسنة 113 قضائية ، حيث قضت محكمة الاستئناف بإلغائه، وأعادت الأوراق إلى محكمة جنوب القاهرة الكلية للفصل فى الموضوع، وبعد أن أُعيدت الدعوى إليها قيدت بذات رقمها قبل الطعن عليها بالاستئناف . وبجلسة 29/5/1997، قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية – بعد أن ثبت لديها خطأ المدعى بحكم بات من المحكمة العسكرية على نحو يحمله بالمسئولية عن تعويض الضرر – بإلزام المدعى عليه الأول بصفته أن يؤدى للمدعى عليه الثانى مبلغ ثلاثة عشر ألف جنيه تعويضًا ماديًّا و أدبيًّا، ورفض ما عدا ذلك من طلبات . وبجلسة 24/6/1998، قضت المحكمة ، فى دعوى الضمان الفرعية ، بإلزام المدعى بأن يؤدى للمدعى عليه الأول ما حكم به عليه فى الدعوى الأصلية . وإذ لم يرتض كل من المدعى عليه الأول والثانى هذا القضاء، فقد قام كل منهما بالطعن عليه بالاستئناف أمام محكمة استئناف القاهرة ، حيث قيد طعن المدعى عليه الثانى برقم 7732 لسنة 114 قضائية ، وقيد طعن المدعى عليه الأول برقم8889 لسنة 114 قضائية . وبعد أن ضمت المحكمة هذين الاستئنافين للارتباط قضت فيهما بحكم واحد، بجلستها المعقودة بتاريخ 3/2/1998، حيث قضت فى الاستئناف رقم 8889 لسنة 114 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى المستأنفة ، وذلك على سند من انتفاء علاقة السببية ، التى تتطلبها المادة (163) من القانون المدنى ، بين خطأ المدعى والضرر الحاصل إزاء استغراق خطأ المضرور لخطأ المدعى . وفى الاستئناف رقم7732 لسنة 114 قضائية ، قضت المحكمة برفضه لوروده على غير محل بعد إلغاء الحكم المستأنف بموجب القضاء ذاته الصادر فى الاستئناف رقم 8889 لسنة 114 قضائية سالف الإشارة . وقد أصبح هذا الحكم باتًّا بعد أن قضى فى 10/3/1999 برفض الالتماس الذى أقامه المدعى عليه الثانى ، والذى قُيد برقم 3199 لسنة 115 قضائية – استئناف القاهرة . ومن ناحية أخرى ، كان المدعى عليه الثانى قد أقام الدعوى رقم 9360 لسنة 50 ق . أمام محكمة القضاء الإدارى مختصمًا المدعى عليه الأول بصفته، طالبًا إلزامه بأن يؤدى له تعويضًا مقداره خمسون ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التى حاقت به نتيجة وفاة نجله أثناء تجنيده بالقوات المسلحة . وقد أقام المدعى عليه الأول بصفته دعوى ضمان فرعية ضد المدعى بطلب إلزامه بأن يؤدى له بصفته ما عسى أن يقضى به فى الدعوى الأصلية . وقد قضت المحكمة ( الدائرة العاشرة ) بجلسة 25/6/2000، فى الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليه الأول بصفته أن يؤدى للمدعى مبلغًا مقداره ثلاثون ألف جنيه، إزاء ثبوت خطأ المدعى وإدانته انضباطيًّا على نحو يقيم مسئوليته طبقًا لنص المادة (163) من القانون المدنى ، ومسئولية المدعى عليه الأول بصفته باعتباره متبوعًا طبقًا لنص المادة (174) من ذات القانون . وفى دعوى الضمان الفرعية ، قضت المحكمة بإلزام المدعى بأن يؤدى إلى المدعى عليه الأول بصفته مبلغ التعويض المقضى به عليه، فى حال قيام الجهة الإدارية بتنفيذ التزامها بالتعويض. وقد طعن المدعى عليه الأول بصفته على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا وقيد طعنه برقم10424 لسنة 46 ق عليا. وبجلسة 25/9/2004 قضت دائرة فحص الطعون بإجماع الآراء برفض الطعن. وإذ تراءى للمدعى أن ثمة تناقضًا بين الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة فى الاستئنافين 7732 و8889 لسنة 114 قضائية ، بإلغاء حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 4457 لسنة 1995 مدنى كلى جنوب القاهرة ؛ والحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 9360 لسنة 50 ق، فقد أقام الدعوى الماثلة .
          وحيث إنه عن الشق العاجل من الدعوى ، فقد أعدت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها فى هذا الشق، عُرض على السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا طبقًا لنص المادة (32) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فأصدر قراره بتاريخ 19/5/2007 برفض الطلب .
          وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين – فى تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا – يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التى فُصل فيها . بيد أن وحدة الموضوع، لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كذلك فإن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه –لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها فى مجال فض التناقض بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا،يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما وبتهادمهما معًافيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض. كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا، وهو ما يعنى أن بحثها فى تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض – بداهة – إذا كان موضوعهما مختلفًا .
          وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكمان اللذان يشكلان حدى التناقض المعروض، يتصلان فيما فصلا فيه، بطلب التعويض الذى طرحه المدعى عليه الثانى أمام جهتى القضاء المدنى والإدارى ، جبرًا للأضرار التى لحقته جراء وفاة ابنه المجند بعد أن قام المدعى ،باعتباره قائده، بتكديره تكديرًا عنيفًا وقاسيًا ثبت عنه مسئوليته الانضباطية ،وتمت مجازاته عنه أمام القضاء العسكرى ؛ فإن تحديد أولى هاتين الجهتين بالفصل فى تلك الخصومة – ويفترض ذلك بالضرورة وحدة موضوعهما – يتطلب بداءة تحديد ما إذا كانت تلك المنازعة تعد منازعة إدارية أم منازعة مدنية .
          وحيث إن الخطأ الذى ارتكبه المدعى ، وأثبته حكم المحكمة العسكرية بتأديبه، ارتكب منه أثناء مباشرة العمل وبمناسبته، وباستخدام أحد وسائله التى منحها إياه المرفق، ودون أن ينفصل فى ذلك عن مباشرته العمل، وما خول له من صلاحيات بموجبه، على نحو ساهم بالضرورة فى إحداث النتيجة النهائية ، وهى الوفاة ، بما يقيم علاقة السببية بين الخطأ والضرر على نحو تقوم به المسئولية عن تعويضه.
          وحيث إن دعوى التعويض التى كان المدعى عليه الثانى قد أقامها أمام القضاء المدنى قد استهدفت تعويضه عن الضرر الذى لحق به نتيجة لخطأ المدعى الذى أدى إلى وفاة نجله،وهو ما قضت به محكمة أول درجة ، إلا أن محكمة الاستئناف ألغت الحكم، وقضت برفض طلب التعويض لما قدرته من انتفاء علاقة السببية بين الخطأ والضرر؛ واستغراق خطأ المجنى عليه لخطأ الجانى . وكذلك الدعوى التى أقامها أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة ، فقد استهدفت أيضًا تعويضه عن الأضرار ذاتها، وانتهت فيها المحكمة إلى إجابة طلب التعويض لثبوت خطأ المدعى ، وتوافر علاقة السببية المباشرة بين الخطأ والضرر مما يقتضى إلزام المدعى عليه الأول، بتعويض الضرر . وإذ كان ذلك، وكان اختصاص القضاء العادى بالتعويض إنما ينحصر فى دعوى المسئولية التى تقوم على عمل مادى ،وكانت حقيقة النزاع موضوع الحكمين المعروضين بالدعوى الماثلة تتعلق بتعويض والد الجندي المتوفى عن الأضرار التى أصابته جراء وفاة نجله أثناء الخدمة العسكرية وبسببها، وهو ما يدخل فى نطاق المنازعات الإدارية التى ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها طبقًا لنص المادة (10/14) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة والمادة (190) من الدستور الحالى لتعلقها بإدارة مرفق الدفاع، وصلاحيات وزارة الدفاع، وما تتمتع به وتابعيها من مظاهر السلطة العامة فى هذا الخصوص، وما يرتبط بذلك بحكم اللزوم العقلي والقانونى من تقرير أن الأخطاء الواقعة فى دائرة المرفق تعد خطأً مرفقيًّا، مما يستلزم التعويض عنها، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بالاعتداد بالحكم الصادر من جهة القضاء الإداري دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادى .
فلهذه الأسباب
  حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ( الدائرة العاشرة ) بجلسة 25/6/2000، فى القضية رقم 9360 لسنة 50 قضاء إدارى ، دون الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 30 مدنى ) بجلسة 3/2/1998،فى الاستئنافين رقمى 7732 و8889 لسنة 114 قضائية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق