الصفحات

الاثنين، 4 سبتمبر 2017

الطعن 3294 لسنة 67 ق جلسة 27 / 2 / 2010 مكتب فني 61 ق 50 ص 317

برئاسة السيد القاضى / محمد ممتاز متولـى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / طارق سيد عبد الباقى ، سمير عبد المنعم أبو العيلة ، أحمد برغــش نواب رئيس المحكمة وحاتم عبد الوهاب حمودة .
-------------
(1) معاهدات " معاهدة الطيران المدنى الدولى " .
التحقيق بمعرفة سلطات الطيران المدنى فى البلدان المنضمة لمعاهدة الطيران المدنى الدولى الموقعة فى شيكاغو الموافق عليها بق 15 لسنة 1947 . غايته . تفادى وقوع حوادث الطيران مستقـبلاً . عدم حيلولة تحقيق سلطات الطيران للحوادث لإثبات المسئولية عنها .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة للمسئولية التقصيرية والتعويض عنها : علاقة السببية بين الخطأ والضرر " .
محكمة الموضوع . سلطتها فى استخلاص الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بينه والضرر . شرطه . أن يكون استخلاصها سائغاً ومستمداً من عناصر الدعوى .
(3) تأمينات اجتماعية " إصابات العمل : التعويض عن إصابات العمل : الجمع بين الحق فى التعويض قبل هيئة التأمينات الاجتماعية والحق فى التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار" .
حق العامل أو ورثته فى التعويض عن إصابة العمل قبل هيئة التأمينات الاجتماعية والمعاشات مقابل ما تستأديه تلك الهيئة من اشتراكات تأمينية . للعامل الحق فى التعويض عن الفعل الضار بسبب خطأ المسئول عنه . جواز الجمع بين الحقين .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها فى فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة " .
محكمة الموضوع . سلطتها فهم الواقع فى الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها للأخذ بما تطمئن إليه وطرح ما عداه .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات : فى تقدير عمل الخبير " .
تقرير الخبير . من عناصر الإثبات الواقعية . خضوعه لتقدير محكمة الموضـوع . أخذها به محمولاً على أسبابه . مؤداه . عدم التزامها بالرد على تقرير الخبير الاستشارى أو المستندات المخالفة لما أخذت به . شرطه . اقتناعها بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التى بنى عليها . علة ذلك .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها : سلطتها فى إعادة الدعوى للمرافعة " .
تقدير طلب إعادة الدعوى للمرافعة . من سلطة محكمة الموضوع . شرطه . تمكينها الخصوم من إبداء دفاعهم ومراعاة القواعد الأساسية لحق التقاضى . التفاتها عن ذلك الطلب أو إغفالها إياه . مؤداه . رفضه ضمنياً .
(7) تأمينات اجتماعية " إصابات العمل : التعويض عن إصابات العمل : الجمع بين الحق فى التعويض قبل هيئة التأمينات الاجتماعية والحق فى التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار " .
انتهاء الحكم المطعون فيه لثبوت خطأ الطاعن بصفته وإهماله فى صيانة الطائرة أداة الحادث استناداً إلى تقرير الفحص الفنى بوجود شروخ بالجزء الذى أدى للخلل المترتب عليه سقوطها على نحو ظاهر للفنيين المختصين بصيانة الطائرة بما كان يستوجب منعهم إياها من الإقلاع قبل إصلاح العطب المتوقع حدوثه مرتباً على ذلك قضاءه بالتعويض باستخلاص سائغ متضمن الرد المسقط للتقرير الفنى الاستشارى المخالف له . تقاضي المطعون ضدهم حقوقهم التأمينية من الهيئة المختصة . لا أثر له لجواز الجمع بين الحقين بنشوء الإصابة عن خطأ الطاعن . إعراض الحكم عن طلب إعادة الدعوى للمرافعة بعد تمكين الطاعن من إبداء دفاعه وحجزها للحكم . صحيح .
(8 ، 9) قوة الأمر المقضى " الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق " . حكم " حجية الأحكام : حجية الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق " .
(8) الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق . عدم اكتسابها أية حجية أمام القضاء المدنى . علة ذلك . فصلها فى مدى توفر الظروف التى تجعل الدعوى صالحة لإحالتها للمحكمة دون الفصل فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة . مؤداه . للقاضى المدني القضاء بتوفر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها للمتهم على خلاف قرار سلطة التحقيق .
(9) قرار النيابة العامة بحفظ المحضر المتعلق بالحادث المطالب بالتعويض عنه . عدم اكتسابه حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية . قضاء الحكم المطعون فيه بمسئولية الطاعن بصفته عن التعويض . صحيح . النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون لمخالفته حجية قرار النيابة العامة بحفظ الأوراق . على غير أساس .
(10) نقض " أسباب الطعن بالنقض : الأسباب الجديدة " .
الدفاع الذى لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع . عدم جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض .
(11 ، 12) نقض " أسباب الطعن بالنقض : السبب المجهل " .
(11) صحيفة الطعن بالنقض . وجوب اشتمالها على الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً . م 253 مرافعات . وجوب تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها نافياً عنها الغموض والجهالة . تخلف ذلك . أثره . عدم قبول النعى .
(12) عدم بيان الطاعن دلالة المستندات المقدمة منه لمحكمة الاستئناف ومواطن العيب اللاحقة بالحكم المطعون فيه لإغفاله الإشارة إليها وأثرها فى قضائه ووقوفه عند حد طلبه التصريح بترجمتها إلى اللغة العربية دون بيانه ثمة مطعن على الحكم . نعى مجهل . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لئن كان البين من معاهدة الطيران المدنى الدولى الموقعة فى شيكاغو فى 7 ديسمبر سنة 1944 والتى صدر القانون رقم 15 لسنة 1947 بالموافقة عليها باعتبارها قانوناً مــن قوانين الدولة أن الغرض من التحقيق الذى يجرى بمعرفة سلطات الطيران المدنى فى البلدان المنضمة إليها تفادى وقوع الحوادث مستقبلاً . بيد أنه لم يرد بها ما يفيد منع سلطات الطيران المدنى فى هذه البلدان من تحقيق الحوادث بما يؤدى إلى إثبات المسئولية عنها .
2- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن استخلاص وقوع الفعل المُكون للخطأ الموجب للمسئولية واستخلاص السببية بين الخطأ والضرر هو مما يدخل فى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر الدعوى .
3- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن ما تؤديه الهيئة العامة للتأمين والمعاشات للعامل أو ورثته بسبب إصابات العمل إنما هو مقابل ما تستأديه هذه الهيئة من اشتراكات تأمينية . بينما يتقاضى حقه فى التعويض عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذى يرتكبه المسئول وليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين .
4- إن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم الواقع فى الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها لتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه .
5- إن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية فى الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع ولها سلطة الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التى بنى عليها دون أن تكون ملزمة بالرد على تقرير الخبير الاستشارى أو المستندات المخالفة لما أخذت به لأن فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت عليها دليلها الرد الضمنى المسقط لما يخالفها .
6- إن إعادة الدعوى للمرافعة ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع تقدر مدى الجد منه متى كانت قد مكنت الخصوم من إبداء دفاعهم وراعت القواعد الأساسية التى تكفل عدالة التقاضى ، فإن هى التفتت عنه أو أغفلت الإشارة إليه كان ذلك بمثابة رفض ضمنى له .
7- إذ كان الحكم الابتدائى - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع فى الدعوى إلى ثبوت خطأ الطاعن بصفته وإهماله فى صيانة الطائرة - أداة الحادث - على النحو الوارد بتقرير الفحص الفنى للطائرة والذى أفاد بأن الشروخ الممتدة فى الجزء الذى أدى إلى الخلل المترتب عليه سقوطها كانت على نحو ظاهر بحيث يسهل على الفنيين المختصين بصيانة الطائرة تداركه لكونه ظاهراً لهم بما كان يستوجب منعهم لتلك الطائرة من الإقلاع قبل إصلاح هذا العطب المتوقع حدوثه نظراً لتكراره فى حالات مماثلة لطائرات أخرى تابعة للشركة المصنعة للطـائرة - أداة الحادث - ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض وكان ما استخلصه سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ومن شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها بما يكفى لحمل قضائه وينطوى على الرد الضمنى المسقط للتقرير الفنى الاستشارى المخالف له ، فإنه لا يجدى الطاعن ما تذرع به من تقاضى ورثة المجنى عليهما حقوقهم التأمينية من الهيئة المختصة ، إذ إنه ليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين طالما نشأت الإصابة - وفاة مورثى المطعون ضدهم – عن خطأ من جانب الطاعن بصفته رتب مســــئوليته عن التعــويض ، ولا علـى المحكمة إن أعرضت عن طلب الطاعن بإعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم بعد أن مكنته من إبداء دفاعه وراعت القواعد الأساسية التى تكفل عدالة التقاضى ، ويكون النعى عليه بهذه الأسباب على غير أساس .
8- إن الحكم الجنائى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو الذى يقيد القضاء المدنى فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكام الفاصلة فى الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق ، لأن هذه القرارات لا تفصل فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل فى توفر أو عدم توفر الظروف التى تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة المختصة للفصل فى موضوعها ، ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدنى ويكون له أن يقضى بتوفر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق .
9- إذ كان قرار النيابة بحفظ المحضر المشار إليه لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وكان ما قرره الحكم فى صدد مسئوليـــة الطاعن بصفته عن التعويض صحيحاً فى القانون فإن النعى عليه بهذا السبب (النعى بالخطأ فى تطبيق القانون لمخالفته حجية قرار النيابة العامة بحفظ الأوراق) ، يكون على غيــر أساس .
10- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع .
11- إن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً ، إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه ، وإلا كان النعى غير مقبول .
12- إذ كان الطاعن لم يبين دلالة المستندات المقدمة منه لمحكمة الاستئناف والمشار إليها بسبب النعى ولم يكشف عن مواطن العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه نتيجة إغفاله الإشارة إلى هذه المستندات وأثرها فى قضائه ، وإنما وقف عند حد القول بتقديمه هذه المستندات وطلب التصريح له بترجمتها إلى اللغة العربية ، وهو قول قاصر لا يبين منه ثمة مطعن على الحكم المطعون فيه ، ويضحى هذا النعى مجهلاً وغير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدهما أولاً أقامتا الدعوى رقم ... لسنة 1995 مدنى كلى شمال القاهرة على الطاعن بصفته وآخر للحكم بإلزامه بأن يؤدى لهما مبلغ مليونى جنيه تعويضاً . وقالتا فى بيان ذلك إنه بتاريخ 6/7/1993 تسبب الطاعن بصفته بخطئه فى وفاة مورثهما إثر سقوط الطائرة قيادته وضبط عن الواقعة المحضر رقم .. لسنة 1993 إدارى إدكو ، ولما كان الحادث قد وقع من جراء إهمال الطاعن فى صيانة الطائرة أداة الحادث وحراستها ، وإذ لحقهما أضرار مادية وأدبية وموروثة يستحقون عنها التعويض المطالب به فقد أقامتا الدعوى . كما أقام المطعون ضدهم ثانياً الدعوى رقم .. لسنة 1995 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعن للحكم بإلزامه بأن يؤدى لهم مبلغ مليون جنيه تعويضاً لما لحقهم من أضرار إثر تعرض الطائرة أداة الحادث بعطل أدى إلى سقوطها ووفاة مورثهم جراء خطأ الطاعن . ضمت المحكمة الدعويين وبتاريخ 25/7/1996 حكمت فى الدعوى رقم .. لسنة 1995 بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدى للمطعون ضدهما المبلغ المقضى به ، وفى الدعوى رقم .. لسنة 1999 بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدى للمطعون ضدهم المبلغ الذى قدرته . استأنف المطعون ضدهما أولاً هذا الحكـم بالاستئنافين رقمى .... ، .... لسنة 113ق القاهرة واستأنفه المطعون ضده الثالث " ثانياً " بالاستئناف رقم .... لسنة 113 ق القاهرة ، واستأنفته المطعون ضدهن الأولى والثانية والرابعة " ثانياً " بالاستئناف رقم .... لسنة 113 ق . كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم .... لسنة 113 ق القاهرة . ضمت المحكمة الاستئنافات ، وبتاريخ 7/5/1997 قضت بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفضه . عُرِض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بصفته بالوجه الأول من السبب الأول والشق الأول من الوجه الأول والوجه الثانى من السبب الثانى والسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تقرير مسئوليته عن الضرر الموجــب للتعويض استناداً إلى تقرير اللجنة الفنية التى شكلت لتحقيق الحادث والتى انتهت إلى إهماله فى صيانة جزء الطائرة الذى تحطم - صندوق التروس التجميعي - فى حين أنه لا يجوز إسناد المسئولية إليه بموجب هذا التقرير إعمالاً لأحكام اتفاقية شيكاغو للطيران المدنى والتى تعتبر قانوناً من قوانين الدولة بنص القانون رقم 15 لسنة 1947 ، ذلك أن المقصود - وفق الاتفاقية المشار إليها - من التحقيق الذى تجريه إحدى الدول المنضمة إليها لا يعدو أن يكون تبياناً لأسباب الحادث ووضع التوصيات اللازمة لمنع وقوعه لتأمين سلامة الطيران مستقبلاً ، وإذ تبين من تقرير الشركة صانعة الطائرة أن سبب الحادث خطأ فى تصنيع ذلك الجزء ، ودفع بعدم علمه بعطل صندوق التروس التجميعى الذي أدى إلى سقوط الطائرة وبأنه لا يدخل ضمن الأجزاء التى تجيز للهيئة العامة للطيران المدنى إصلاحها ، وطلب إعادة الدعوى للمرافعة لإثبات أن الحادث مرجعه إلى السبب الأجنبى ، كما تمسك بأن إصابة مورثى المطعون ضدهم والتى أودت بحياتهما تُعد إصابة عمل على نحو لا يصح معه الاستناد إلى أحكام المسئولية التقصيرية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وجرى فى قضائه على تقدير التعويض استناداً لتوفر أركان المســـئولية التقصـيرية فى حقـه ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أنه ولئن كان البين من معاهدة الطيران المدنى الدولى الموقعة فى شيكاغو فى 7 ديسمبر سنة 1944 والتى صدر القانون رقم 15 لسنة 1947 بالموافقة عليها باعتبارها قانوناً من قوانين الدولة أن الغرض من التحقيق الذى يجرى بمعرفة سلطات الطيران المدنى فى البلدان المنضمة إليها تفادى وقوع الحوادث مستقبلاً ، بيد أنه لم يرد بها ما يفيد منع سلطات الطيران المدنى فى هذه البلدان من تحقيق الحوادث بما يؤدى إلى إثبات المسئولية عنها ، وكان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص وقوع الفعل المُكون للخطأ الموجب للمسئولية واستخلاص السببية بين الخطأ والضرر هو مما يدخل فى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر الدعوى ، كما أنه من المقرر أيضاً - فى قضاء هذه المحكمة - أن ما تؤديه الهيئة العامة للتأمين والمعاشات للعامل أو ورثته بسبب إصابات العمل إنما هو مقابل ما تستأديه هذه الهيئة من اشتراكات تأمينية ، بينما يتقاضى حقه فى التعويض عن الفعل الضـار بسبب الخطأ الذى يرتكبه المسئول وليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين ، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم الواقع فى الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها لتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، وأن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية فى الدعوى يخضع لتقديرها ولها سلطة الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التى بنى عليها دون أن تكون ملزمة بالرد على تقرير الخبير الاستشارى أو المستندات المخالفة لما أخذت به لأن فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت عليها دليلها الرد الضمنى المسقط لما يخالفها ، كما أن إعادة الدعوى للمرافعة ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع تقدر مدى الجد منه متى كانت قد مكنت الخصوم من إبداء دفاعهم وراعت القواعد الأساسية التى تكفل عدالة التقاضى ، فإن هى التفتت عنه أو أغفلت الإشارة إليه كان ذلك بمثابة رفض ضمنى له . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع فى الدعوى إلى ثبوت خطأ الطاعن بصفته وإهماله فى صيانة الطائرة - أداة الحادث - على النحو الوارد بتقرير الفحص الفنى للطائرة والذى أفاد بأن الشروخ الممتدة فى الجزء الذى أدى إلى الخلل المترتب عليه سقوطها كانت على نحو ظاهر بحيث يسهل على الفنيين المختصين بصيانة الطائرة تداركه لكونه ظاهراً لهم بما كان يستوجب منعهم لتلك الطائرة من الإقلاع قبل إصلاح هذا العطب المتوقع حدوثه نظراً لتكراره فى حالات مماثلة لطائرات أخرى تابعة للشركة المصنعة للطائرة - أداة الحادث - ، ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض وكان ما استخلصه سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ومن شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها بما يكفى لحمل قضائه وينطوى على الرد الضمنى المسقط للتقرير الفنى الاستشارى المخالف له ، فإنه لا يجدى الطاعن ما تذرع به من تقاضى ورثة المجنى عليهما حقوقهم التأمينية من الهيئة المختصة إذ إنه ليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين طالما نشأت الإصابة - وفاة مورثى المطعون ضدهم - عن خطأ من جانب الطاعن بصفته رتب مسئوليته عن التعويض ، ولا على المحكمة إن أعرضت عن طلب الطاعن بإعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم بعد أن مكنته من إبداء دفاعه وراعت القواعد الأساسية التى تكفل عدالة التقاضى ، ويكون النعى عليه بهذه الأسباب على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول إنه لما كانت النيابة العامة قد أمرت بحفظ المحضر برقم .... لسنة 1993 إدارى إدكو وهو ما يُعد أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى تكون له ما للأحكام الجنائية من حجيه تقيد القاضى المدنى ، ومن ثم ينتفى ركن الخطأ الموجب لمسئوليته ، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإلزام الطاعن بالتعويض استناداً إلى توفر الخطأ فى حقه ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن الحكم الجنائى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذى يقيد القضاء المدنى فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكـام الفاصلة فى الدعــــــوى الجنائية دون غـــــــيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق ، لأن هذه القرارات لا تفصل فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل فى توفر أو عدم توفر الظروف التى تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة المختصة للفصل فى موضوعها ، ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدنى ويكون له أن يقضى بتوفر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق . لما كان ذلك ، وكان قرار النيابة بحفظ المحضر المشار إليه لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وكان ما قرره الحكم فى صدد مسئولية الطاعن بصفته عن التعويض صحيحاً فى القانون ، فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثانى من الوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم بعد أن قضى بتعويض مادى للورثة عما لحقهم من أضرار مادية شخصية عاد وقضى بتعويض موروث عما لحق المضرور من أضرار شخصية قبل وفاته ومن ثم يكون قد قضى بالتعويض المادى مرتين ، وأن التعويض عن الضرر الأدبى شرع لأقارب المضرور ممن كان يعولهم دون غيرهم ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون ضدهم بالتعويض عن الضرر الأدبى دون التأكد مما إذا كان يحق لهم المطالبة به ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نفضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أن - المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع ، وإذ كان الطاعن بصفته لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع الوارد بسبب النعى أمام محكمة الموضوع بدرجتيها فإن تمسكه به ولأول مرة أمام محكمة النقض - أياً كان وجه الرأى فيه - يكون سبباً جديداً ، ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، وفى بيان ذلك يقول إنه تقدم لمحكمة الاستئناف بجلسة 7/4/1997 بمســتندات محـــررة باللغة الإنجليزية عـــــبارة عن تقرير فنى بالكشــف عن محركات الطائرة أداة الحادث وكذا المستندين 3 ، 4 وطلب التصريح له بترجمتها إلى اللغة العربية لاحتوائها على أدلة تؤيد دفاعه ، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن طلبه ، بما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً ، إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه وإلا كان النعى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يبين دلالة المستندات المقدمة منه لمحكمة الاستئناف والمشار إليها بسبب النعى ولم يكشف عن مواطن العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه نتيجة إغفاله الإشارة إلى هذه المستندات وأثرها فى قضائه ، وإنما وقف عند حد القول بتقديمه هذه المستندات وطلب التصريح له بترجمتها إلى اللغة العربية وهو قول قاصر لا يبين منه ثمة مطعن على الحكم المطعون فيه ، ويضحى هذا النعى مجهلاً وغير مقبول .
ولما تقدم ، يتعين رفض الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق