الصفحات

الخميس، 22 يونيو 2017

حالات اعتبار الاتفاقيات الدولية من " الأعمال السياسية" التي تخرج عن ولاية القضاء

الطعن 10 لسنة 14 ق " دستورية" جلسة 19 / 6 / 1993 مكتب فني 5 ج 2 ق 31 ص 376
برياسة السيد المستشار / محمد ابراهيم ابو العينين وحضور السادة المستشارين /  فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وعبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله أعضاء
ومحمد خيرى طه عبد المطلب رئيس هيئة المفوضين
ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .
----------------
- 1  اختصاص المحكمة الدستورية العليا "الأعمال السياسية".
استبعاد الأعمال السياسية من ولاية القضاء الدستوري، يأتي ذلك تحقيقا للاعتبارات السياسية التي تقتضي النأي بها عن نطاق الرقابة القضائية استجابة لدواعي الحفاظ على الدولة والذود عن سيادتها ورعاية مصالحها العليا. 2- الأعمال السياسية "تكييفها - تحديدها". العبرة في التكييف القانوني للأعمال السياسية هي بطبيعة العمل ذاته، لا بالأوصاف التي قد يخلعها المشرع عليه متى كانت طبيعته تتنافى وهذه الأوصاف. المحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تحدد ما إذا كانت النصوص المطروحة عليها تعتبر من الأعمال السياسية أم لا.
1، 2-  جرى القضاء الدستوري - فى الدول الآخذة به على استبعاد " الأعمال السياسية " من نطاق ولايته و خروجها بالتالى من مجال رقابته على دستورية التشريع. و قد اختص الدستور و قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 كلاهما هذه المحكمة دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين و اللوائح ، و إستهدفا بذلك ضمان الشرعية الدستورية بصون الدستور القائم و حمايته من الخروج على أحكامه ، و ترسيخ مفهوم الديمقراطية التى أرساها سواء ما اتصل منه بتوكيد السيادة الشعبية - و هى جوهر الديمقراطية أو بكفالة الحريات و الحقوق العامة - و هى هدفها أو بالمشاركة فى مارسة السلطة و هى وسيلتها - و ذلك على نحو ما جرت به نصوصه و مبادئه التى تمثل الأصول و القواعد التى يقم عليها نظام الحكم و تستوى على القمة فى مدارج البنيان القانونى، و لها مقام الصدارة بين النظام العام . و من ثم يتعين - باعتبارها أسمى القواعد الآمرة - التزامها ، و اهدار ما يخالفها من تشريعات. و إذ كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساسا لها - كأصل عام - فى مبدأ الشرعية و سيادة القانون و خضوع الدولة لأحكامه، إلا أنه يرد على هذا الأصل وفقا لما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا- استبعاد الأعمال السياسية " من مجال هذه الرقابة القضائية تأسيساً على أن طبيعة هذه الأعمال السياسية " هى بطبيعة العمل ذاته لا بالأوصاف التى قد يخلعها المشرع عليه متى كانت طبيعته و هذه الأوصاف . ذلك أن استبعاد " الأعمال السياسية" من ولاية القضاء الدستورى إنما يأتى تحقيقا للاعتبارات السياسية التى تقتضى - بسبب طبيعة هذه الأعمال و اتصالها بنظام الدولة السياسى اتصالا وثيقا أو بسيادتها فى الداخل أو الخارج- النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية استجابة لدواعى الحفاظ على الدولة و الذود عن سيادتها و رعاية مصالحها العليا ، مما يقتضى منح الجهة القائمة بهذه الأعمال- سواء كانت هى السلطة التشريعية أو التنفيذية - سلطة تقديرية أوسع مدى و أبعد نطاقا تحقيقا لصالح الوطن و سلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه فى هذا الصدد ، و لأن النظر فيها و التعقيب عليها يستلزم توافر عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علنا فى ساحاته. و من ثم فالمحكمة الدستورية العليا وحدها هي التي تحدد - بالنظر إلى طبيعة المسائل التى تنظمها النصوص المطعون عليها- ما إذا كانت النصوص المطروحة عليها تعتبر من "الأعمال السياسية " فنخرج عن ولايتها بالرقابة على الدستورية ، أو أنها لا تعتبر كذلك ، فتبسط عليها رقابتها.
- 3  الأعمال السياسية "الاتفاقيات الدولية".
ليس صحيحا إطلاق القول بأن جميع الاتفاقيات الدولية أيا كان موضوعها أو الاتفاقيات الدولية التي حددتها الفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور من الأعمال السياسية ذلك أن كلا القولين مناقض للأساس الذي تقوم عليه اعتبارات استبعاد هذه الأعمال من الرقابة القضائية على دستوريتها، والتي ترجع إلى طبيعة الأعمال ذاتها وليس إلى طريقة وإجراءات إبرامها والتصديق عليها.
إنه و إن كانت نظرية " الأعمال السياسية " - كقيد على ولاية القضاء الدستوري - تجد فى ميدان العلاقات و الاتفاقيات الدولية معظم تطبيقاتها بأكثر مما يقع فى المجال الداخلي ، نظرا لارتباط ذلك الميدان بالاعتبارات السياسية و سيادة الدولة و مصالحها العليا، إلا أنه ليس صحيحا إطلاق القول بأن جميع الاتفاقات الدولية - أيا كان موضوعها - تعتبر من " الأعمال السياسية" كما أنه ليس صحيحا أيضا القول بأن الاتفاقات الدولية التى حددتها الفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور ، و استلزمت عرضها على مجلس الشعب و موافقته عليها، تعتبر جميعا و بصفة تلقائية - من " الأعمال السياسية" التى تخرج عن ولاية القضاء الدستوري ، ذلك أن كلا القوانين السابقين يتناقض و الأساس الذى تقوم عليه اعتبارات استبعاد هذه الأعمال من الرقابة القضائية على دستوريتها، و هي اعتبارات ترجع إلى طبيعة الأعمال ذاتها، و ليس إلى طريقة أو إجراءات إبرامها و الموافقة و التصديق عليها.
- 4  الأعمال السياسية "اتفاقية دولية".
الاتفاقية الدولية بإنشاء المصرف العربي الدولي تتمحض عن إنشاء بنك يقوم بالأعمال التي تقوم بها البنوك التجارية، فلا يسوغ اعتبارها من الأعمال السياسية.
إن البين من اتفاقية تأسيس المصرف العربى الدولى و نظامه الأساسى الذى يعتبر - وفقا لمادتها الأولى - جزءا لا يتجزأ منها - أن حكومات مصر و ليبيا و سلطنة عمان اتفقت على تأسيس هذا المصرف و قد انضم إليهم - حال إبرام الاتفاقية - أحد المواطنين الكويتيين. و قد فتحت الاتفاقية باب الانضمام إليها وفقا لمادته الثانية - للحكومات العربية الأخرى، و كذلك للبنوك و الهيئات و المؤسسات و الشركات العربية ، و أيضا للأفراد العرب. و يقوم هذا المصرف بالأعمال التجارية التى تقوم بها البنوك التجارية عادة من قبول للودائع و تقديم للقروض و تحرير و تظهير للأوراق المالية و التجارية و تمويل لعمليات التجارة الخارجية و تنظيم للمساهمة فى برامج و مشروعات الاستثمار . و هو يزاول أعماله فى مجال التجارة الخارجية وفقا للقواعد و الأسس المصرفية الدولية السائدة . و للمصرف الشخصية القانونية، وله فى سبيل تحقيق أغراضه إبرام اتفاقيات مع الدول الأعضاء أو غير الأعضاء و كذلك مع المؤسسات الدولية الأخرى. و له التملك و التعاقد، و يديره مجلس إدارة من ممثلين للمساهمين يتم اختيارهم لمدة ثلاث سناوت قابلة للتجديد. و مدة المصرف خمسون عاما. و حدد النظام الاساسى للمصرف أحوال حله و كيفية تصفية أمواله ، و مؤدى ذلك ، أن الاتفاقية المشار إليها إنما تتمحض عن إنشاء بنك يقوم بالأعمال التى تقوم بها البنوك التجارية، فلا يسوغ اعتبارها من "الأعمال السياسية" التىتنحسر عنها رقابة القضاء الدستورى ، و لا يغير من ذلك ما تضمنته بعض نصوص الاتفاقية من امتيازات معينة للمصرف أو لموظفيه أو لأموال المساهمين أو المودعين التى دفعت الحكومات العربية الموقعة عليها إلى تأسيس هذا المصرف.
- 5  دعوى دستورية "نطاقها . المقومات الشكلية للنص المطعون عليه".
نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية وفي حدود النصوص التي صرحت محكمة الموضوع بالطعن عليها، الطعن بعدم دستورية نص قانوني يطرح ابتداء أمام المحكمة مدى توافر مقوماته الشكلية، كذلك يطرح الطعن بعدم دستورية نص في اتفاقية دولية وبحكم اللزوم - توافر المتطلبات الشكلية التي استلزمتها المادة 151 من الدستور ليكون للاتفاقية قوة القانون.
إن نطاق الدعوى الدستورية يتحد بنطاق الدفع بعدم الدستورية، و فى حدود النصوص التى صرحت محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليها، و ذلك استنادا إلى أن الاوضاع الإجرائية المنصوص عليها فى المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها - تتعلق بالنظام العام باعتبارها أشكالا جوهرية فى التقاضى تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها، و ى الموعد الذى حدده، إلا أن الدعوى الدستورية التى تتضمن طعنا بعدم دستورية نص قانونى تطرح ابتداء أمام المحكمة مدى توافر مقوماته الشكلية التى لا يستقيم بتخلفها وجوده من الناحية القانونية. كذلك فإن الطعن بعدم دستورية نص فى اتفاقية دولية إنما يطرح بحكم اللزوم توافر المتطلبات الشكلية التى استلزمتها المادة 151 من الدستور ليكون للاتفاقية قوة القانون و ذلك فيما يتعلق بإبرامها و التصديق عليها و نشرها وفقا للأوضاع المقررة .
- 6  دعوى دستورية - "المصلحة فيها. مناطها".
مناط المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع.
إن المصلحة الشخصية المباشرة - و هى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها و بين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، و ذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، بما مؤداه أن شرط المصلحة الشخصية المباشر يعتبر متصلا بالحق فى الدعوى و مرتبطا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية و ليس بهذه المسألة فى ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة و من ثم يبرز شرط المصلحة الشخصية المباشرة باعتباره مبلورا فكرة الخصومة فى الدعوى الدستورية ، محددا نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، منفصلا دوما عن موافقة النص التشريعى المطعون عليه لأحكام الدستور أو مخالفته لضوابطه، مستلزما أبدا أن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية موطئا للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة فى الدعوى الموضوعية.
- 7  حق التقاضي - تشريع "اتفاقية دولية - قوانين العمل".
ما تنص عليه المادة 15 من اتفاقية تأسيس المصرف العربي الدولي من عدم سريان القوانين والقرارات المنظمة لشئون العمل الفردي على موظفي المصرف، ليس فيه ما ينتقص من حق التقاضي المكفول دستوريا.
ليس فى نص المادة 15 من الاتفاقية المذكورة ما ينتقص من حق التقاضى المكفول دستوريا، ذلك أن عدم سريان القوانين و القرارات المنظمة لشئون العمل الفردى على العاملين بالمصرف لا يتضمن منعهم من اللجوء إلى القضاء و لا يحجب القضاء عن الفصل - بحيدة و استقلال - فى المنازعات القائمة بينهم و المصرف.
- 8  دستور: مبدأ المساواة "مضمونه".
لا يعني هذا المبدأ معاملة فئات المواطنين على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، عدم قيام هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، التمييز المنهي عنه بموجبه هو ذلك الذي يكون تحكميا. تعكس مشروعية الأغراض التي يستهدفها التنظيم التشريعي إطارا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها. مصادمة النص التشريعي بما انطوى عليه من التمييز لهذه الأغراض يجعله غير قائم على أسس موضوعية ومتبنيا تمييزا تحكميا.
إن مبدأ المساواة الذى كفله الدستور فى المادة 40 منه لا يعنى - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وجوب معاملة الجميع على ما بينهم من تفاوت فى مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة، و لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية فى ينطوى بالتالى على مخالفة النص الدستورى المشار إليه، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه دستوريا هو ذلك الذى يكون تحكميا ، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودا لذاته بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص التشريعى منطويا على تمييز يعتبر مصادما لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقيا ربطه بها أو اعتباره مدخل إليها، وقع التمييز تحكميا غير مستند إلى أسس موضوعية مجافيا لمبدأ المساواة القانونية الذى كفله الدستور.
- 9  مبدأ المساواة "نص المادة 15 من اتفاقية تأسيس المصرف العربي الدولي".
عدم انطواء النص المشار إليه على إخلال بحق العاملين في المصرف في اللجوء إلى القضاء طلبا للنصفة فيما قد يثور بينهم وبينه من منازعات، النعي عليه بمخالفة مبدأ المساواة غير صحيح.
إنشاء المصرف العربى الدولى تم بمقتضى إتفاقية دولية وقعتها الحكومات الثلاث المؤسسة له، و فتحت باب الانضمام إليها للحكومات و الهيئات و المؤسسات العربية الأخرى، و أجازت إنشاء فروع أو توكيلات له فى البلدان العربية و خارجها، و نصت على أن جميع معاملالته لا تتم إلا بالعملات الحرة القابلة للتحويل التى يحددها مجلس الإدارة، كما نصت على بعض المزايا الممنوحة للمصرف و المساهمين و المودعين فيه و على مزايا تمنح للعاملين به كالحصانة ضد الإجراءات القانونية فيما يقومون به من أعمال بصفتهم الرسمية، و الإعفاء من قيود الهجرة و إجراءات تسجيل الأجانب و تحويل حقوقهم إلى موطنهم الأصلى، و ذلك بالنسبة لموظفى المصرف من غير رعايا دولة المقر، فإن ذلك- و إن لم يسبغ على اتفاقية تأسيس المصرف صفة " الأعمال السياسية" التىتخرجها عن ولاية الرقابة القضائية على الدستورية " يجعل لهذا المصرف - و العاملين به وضعا خاصا و مركزا قانونيا يختلف فيه عن بنوك القطاع العام أو الخاص الأخرى. و مراعاة لهذا الوضع الخاص و استهدافا لتوفير أكبر قدر من المرونة فى إدارة المصرف، و رد النص المطعون عليه ، ليخول مجلس إدارته- وفقا للمادة 34 من نظامه الأساسى - وضع نظام خاص للعاملين به. و إذ كان هذا النص لا يتضمن إخلالاً بحق العاملين فى المصرف فى اللجوء إلى القضاء طلبا للنصفة فيما يثور بينهم و بينه من منازعات، فإن النعى بمخالفته مبدأ المساواة لا يكون له من أساس.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى- وهو أحد العاملين بالمصرف العربى الدولى للتجارة الخارجية والتنمية- كان قد أقام الدعوى رقم 31 لسنة 1992 عمال كلى الإسكندرية طالباً الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف القرار الذى أصدره المصرف بنقله إلى القاهرة، وإعادته إلى مقر عمله بفرع الإسكندرية، وترقيته إلى الشريحة السابعة، وتقليده رئاسة الحسابات بالفرع المذكور، وإلزام المصرف بتعويضه بمبلع 000ر350 ثلاثمائة وخمسون ألفاً من الجنيهات لقاء ما أصابه من أضرار من جراء قرار نقله. وبجلسة 8 مارس سنة 1992، دفع الحاضر عن المصرف بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى على سند من المادة 15 من اتفاقية تأسيس المصرف التى تستبعد تطبيق قانون عقد العمل الفردى على العاملين بالمصرف، فدفع المدعى –بدوره- بعدم دستورية نصوص المواد 9، 12، 13، 15 من تلك الاتفاقية. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، صرحت له بإتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية هذه النصوص، فأقام الدعوى الماثلة طعناً على المواد سالفة الذكر وعلى قرار رئيس الجمهورية رقم 547 لسنة 1974 بالموافقة على الاتفاقية المشار إليها. وحيث إن المدعى عليهما الأول والثالث دفعا بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى الراهنة تأسيساً علىا أن اتفاقية تأسيس المصرف المشار إليه وقرار رئيس الجمهورية الصادر بالموافقة عليها يعتبران من أعمال السيادة التى تنأى بحسب طبيعتها أن تكون محلاً للرقابة القضائية، بمقولة أن إنشاء هذا المصرف إنما استهدف بناء الاقتصاد العربى على أساس متين تلبية لمتطلبات التنمية العربية والاقتصادية والاجتماعية، وأن قرار رئيس الجمهورية بالموافقة على هذه الاتفاقية صدر بعد موافقة مجلس الشعب عليها لاندراجها ضمن الاتفاقيات التى حددتها حصراً الفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور. وحيث إنه وإن كانت أعمال السيادة فى أصلها الفرنسى قضائية المنشأ، إذ ظهرت أول الأمر فى ساحة القضاء الإداري الفرنسي، إلا أنها فى مصر ذات أساس تشريعى يرتد إلى بداية التنظيم القضائى الحديث، فقد أقرها المشرع- بنصوص صريحة- فى صلب التشريعات المتعاقبة المنظمة للسلطة القضائية، وقد جرى القضاء الدستورى- فى الدول الآخذة به- على استبعاد الأعمال السياسية" من نطاق ولايته وخروجها بالتالي من مجال رقابته على دستورية التشريع. وحيث إن الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قد اختصا هذه المحكمة دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، واستهدفا بذلك ضمان الشرعية الدستورية بصون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وترسيخ مفهوم الديمقراطية التى أرساها سواء ما اتصل منه بتوكيد السيادة الشعبية- وهى جوهر الديمقراطية- أو بكفالة الحريات والحقوق العامة- وهى هدفها- أو بالمشاركة فى ممارسة السلطة- وهى وسيلتها- وذلك على نحو ما جرت به نصوصه ومبادئه التىتمثل الأصول والقواعد التى يقوم عليها نظام الحكم وتستوى على القمة فى مدارج البنيان القانونى ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام. ومن ثم يتعين- باعتبارها أسمى القواعد الأمرة- التزامها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات. وإذ كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساسها –كأصل عام- فى مبدأ الشرعية وسيادة القانون وخضوع الدولة له، إلا أنه يرد على هذا الأصل- وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- استبعاد "الأعمال السياسية" من مجال هذه الرقابة القضائية تأسيساً علىأن طبيعة هذه الأعمال تأبى أن تكون محلاً لدعوى قضائية. وحيث إن العبرة فى تحديد التكييف القانونى "للأعمال السياسية" وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- هى بطبيعة العمل ذاته لا بالأوصاف التى قد يخلعها المشرع عليه متى كانت طبيعته تتنافى وهذه الأوصاف، ذلك أن استبعاد "الأعمال السياسية" من ولاية القضاء الدستورى إنما يأتى تحقيقاً للاعتبارات السياسية التى تقتضى- بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسى اتصالاً وثيقا أو بسيادتها فى الداخل أو الخارج- النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية استجابة لدواعى الحفاظ على الدولة والذود عن سيادتها ورعاية مصالحها العليا، مما يقتضى منح الجهة القائمة بهذة الأعمال –سواء كانت هى السلطة التشريعية أو التنفيذية- سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقاً تحقيقاً لصالح الوطن وسلامته، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه فى هذا الصدد، ولأن النظر فيها والتعقيب عليها يستلزم توافر معلومات وضوابط وموازين تقدير لاتتاح للقضاء، فضلاً عن عدم ملاءمة طرح المسائل علنا فى ساحاته. ومن ثم فالمحكمة الدستورية العليا وحدها التى تحدد- بالنظر إلى طبيعة المسائل التى تنظمها النصوص المطعون عليها- ما إذا كانت النصوص المطروحة عليها تعتبر من "الأعمال السياسية" فتخرج عن ولايتها بالرقابة على الدستورية، أم أنها ليست كذلك فتبسط عليها رقابتها. وحيث إنه وإن كانت نظرية "الأعمال السياسية" – كقيد على ولاية القضاء الدستورى- تجد فى ميدان العلاقات والاتفاقيات الدولية معظم تطبيقاتها بأكثر مما يقع فى المجال الداخلى، نظراً لارتباط ذلك الميدان بالاعتبارات السياسية وسيادة الدولة ومصالحها العليا، إلا أنه ليس صحيحاً إطلاق القول بأن جميع الاتفاقيات الدولية- أيا كان موضوعها- تعتبر من "الأعمال السياسية". كما أنه ليس صحيحاً أيضا القول بأن الاتفاقيات الدولية التى حددتها الفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور واستلزمت عرضها على مجلس الشعب وموافقته عليها، تضحى جميعها- وتلقائيا- من "الأعمال السياسية" التى تخرج عن ولاية القضاء الدستورى، ذلك أن كلا القولين السابقين يتناقض والأساس الذى تقوم عليه اعتبارات استبعاد هذه الأعمال من الرقابة القضائية على دستوريتها، وهى اعتبارات ترجع إلى طبيعة الأعمال ذاتها وليس إلى طريقة أو إجراءات إبرامها والتصديق عليها. وحيث إن البين من اتفاقية تأسيس المصرف العربى الدولى ونظامه الأساسى الذى يعتبر- وفقاً لمادتها الأولى- جزاء لا يتجزأ منها، أن حكومات مصر وليبيا وسلطنة عمان اتفقت على تأسيس هذا المصرف وقد انضم إليهم- حال إبرام الاتفاقية –أحد المواطنين الكويتيين. وقد فتحت الاتفاقية باب الانضمام إليها- وفقا لمادتها الثانية- للحكومات العربية الأخرى وكذلك للبنوك والهيئات والمؤسسات والشركات العربية وأيضا للأفراد العرب، وأن هذا المصرف يقوم بالأعمال التجارية التىتقوم بها البنوك التجارية عادة من قبول للودائع وتقديم للقروض وتحرير وتظهير للأوراق المالية والتجارية وتمويل لعمليات التجارة الخارجية وتنظيم للمساهمة فى برامج ومشروعات الاستثمار، وأن المصرف يزاول أعماله فى مجال التجارة الخارجية وفقاً للقواعد والأسس المصرفية الدولية السائدة، وأن يكون للمصرف الشخصية القانونية وله فى سبيل تحقيق أغراضه إبرام اتفاقيات مع الدول الأعضاء أو غير الأعضاء وكذلك مع المؤسسات الدولية الأخرى. وله التملك والتعاقد، ويديره مجلس إدارة من ممثلين للمساهمين يتم اختيارهم لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. وأن مدة المصرف خمسون عاماً، وحدد النظام الأساسى للمصرف أحوال حله وكيفية تصفية أمواله. وحيث إن مؤدى ما تقدم، أن الاتفاقية المشار إليها إنما تتمحض عن إنشاء بنك يقوم بالأعمال التىتقوم بها البنوك التجارية، فلا يسوغ اعتبارها من "الأعمال السياسية" التى تنحسر عنها رقابة القضاء الدستورى، ولا يغير من ذلك ما تضمنته بعض نصوص الاتفاقية من امتيازات معينة للمصرف أو لموظفيه أو لأموال المساهمين أو المودعين فيه. كما لا يغير من ذلك ما ورد بصدر هذه الاتفاقية بشأن البواعث التى دفعت الحكومات العربية الموقعة عليها إلى تأسيس هذا المصرف. ومن ثم يكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى الماثلة قائما على غير أساس واجب الاطراح. وحيث إنه وإن كان الثابت من الأوراق أن المدعى قد قصر دفعه بعدم الدستورية الذى أبداه أمام محكمة الموضوع على نصوص المواد 9، 12، 13، 15 من اتفاقية تأسيس المصرف المشار إليه، وفى هذه الحدود فحسب قدرت تلك المحكمة جدية الدفع وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، وكان المقرر- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية وفى حدود النصوص التى صرحت محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليها، وذلك استنادا إلى أن الأوضاع الإجرائية المنصوص عليها فى المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها- تتعلق بالنظام العام باعتبارها أشكالاً جوهرية فى التقاضى فى المسائل الدستورية تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها وفى الموعد الذى حدده، إلا أن الدعوى الدستورية التى تتضمن طعناً بعدم دستورية نص قانونى تطرح ابتداء أمام المحكمة مدى توافر مقوماته الشكلية التى لا يستقيم يتخلفها وجوده من الناحية القانونية. كذلك فإن الطعن بعدم دستورية نص فى اتفاقية دولية إنما يطرح بحكم اللزوم توافر المتطلبات الشكلية التى استلزمتها المادة 151 من الدستور ليكون للاتفاقية قوة القانون، وذلك فيما يتعلق بإبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة. ومن ثم فإن الطعن على النصوص سالفة الذكر إنما يتسع كذلك للنظر فى قرار رئيس الجمهورية رقم 547 لسنة 1974 بالموافقة على الاتفاقية المشار إليها، ولو لم ترخص محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليه. وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة- وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- ان يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، بما مؤداه أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يعتبر متصلاً بالحق فى الدعوى ومرتبطاً بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة فى ذاتها منظوراً إليها بصفة مجردة. ومن ثم يبرز شرط المصلحة الشخصية المباشرة باعتباره مبلوراً فكرة الخصومة فى الدعوى الدستورية، محدداً نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، منفصلاً دوماً عن موافقة النص التشريعى المطعون عليه لأحكام الدستور أو مخالفته لضوابطه، مستلزماً أبدا أن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية موطئا للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة فى الدعوى الموضوعية. وحيث إن المدعى إنما يستهدف بدعواه الموضوعية إلغاء قرار نقله إلى القاهرة وإعادته إلى العمل بفرع المصرف بالإسكندرية وترقيته إلى الشريحة السابعة وتقليده رئاسة الحسابات بفرع الإسكندرية، وتعويضه عما أصابه من أضرار نتيجة لنقله. وإذ دفع المدعى عليه فى تلك الدعوى بعدم اختصاص محكمة الموضوع بنظرها، أثار المدعى دفعه بعدم دستورية مواد الاتفاقية الأربع السالف الإشارة إليها. وحيث إن المادة 9 من الاتفاقية تحظر تأميم أو مصادرة المصرف أو فرض الحراسة عليه أو على أنصبة الأشخاص- الاعتبارية أو الطبيعية- فى رأس ماله أو على المبالغ المودعة به، وتمنع اتخاذ إجراءات الحجز القضائى أو الإدارى عليها. كما تقرر المادة 12 عدم خضوع المصرف وفروعه وتوكيلاته وسجلاته ووثائقه ومحفوظاته لقوانين وقواعد الرقابة والتفتيش القضائى أو الإدارى أو المحاسبى. وتنص المادة 13 على سرية حسابات المودعين وعدم جواز اتخاذ إجراءات الحجز القضائى والإدارى عليها. إذ كان ذلك، وكانت أحكام هذه النصوص جميعها لا أثر لها على الطلبات والدفوع المطروحة فى الدعوى الموضوعية. ومن ثم فلا تتوافر للمدعى مصلحة فى الطعن بعدم دستورية نصوص المواد الثلاث سالفة الذكر. وحيث إن المادة 15 من اتفاقية تأسيس المصرف تنص على أنه "لا تسرى على رئيس وأعضاء مجلس إدارة المصرف وجميع موظفيه القوانين والقرارات المنظمة لشئون العمل الفردى والتوظيف والأجور والمرتبات والمكافآت والمعاشات والتأمينات الاجتماعية سواء فى الحكومة أو المؤسسات العامة والشركات التابعة لها أو الشركات المساهمة. وكذلك لا تسرى عليهم كافة القواعد المنظمة لسفر الموظفين والعمال. ويتمتع رئيس وأعضاء مجلس إدارة المصرف وجميع موظفيه بحصانة ضد الإجراءات القانونية فيما يتعلق بالأعمال القانونية التى يقومون بها بصفتهم الرسمية، وإذا لم يكونوا من رعايا دولة المقر الرئيسى، فإنهم يمنحون نفس الحصانات ويعفون من قيود الهجرة وإجراءات تسجيل الأجانب"، وكان المدعى قد أبدى- فى الدعوى الموضوعية- دفعه بعدم دستورية نص تلك المادة رداً على الدفع بعدم اختصاص محكمة الموضوع على سند من عدم سريان قانون العمل الفردى على موظفى البنك، فإن مصلحة المدعى فى الدعوى الدستورية الماثلة يقتصر- والحالة هذه- على طلب الحكم بعدم دستورية النص سالف الذكر فيما تضمنه من عدم سريان القوانين والقرارات المنظمة لشئون العمل الفردى على موظفى المصرف، أما الأحكام الأخرى التى تنص عليها تلك المادة فلا علاقة لها بالدعوى الموضوعية أو بالطلبات والدفوع المطروحة فيها، ومن ثم فلا تتوافر للمدعى مصلحة فى الطعن عليها. وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه –بالتحديد السالف بيانه- إخلاله بحق التقاضى الذى كفله الدستور فى المادة 68 للناس كافة، بمقولة أنه إذ يؤدى إلى عدم اختصاص المحكمة العمالية بالفصل فى دعواه الموضوعية، فإنها تصبح بغير قاض يختص بنظرها بما يفضى إلى إنكار العدالة، طالما أن اتفاقية تأسيس المصرف لم تنشئ جهازاً قضائياً خاصا يتولى فض المنازعات بين المصرف والعاملين به. وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه ليس فى النص المطعون عليه ما ينتقص من حق التقاضى المكفول دستوريا بحلقاته الثلاث بدءا من النفاذ الميسر إلى القضاء وانتهاء بالترضية القضائية التى تكفل رد العدوان على الحقوق مروراً بحيدة المحكمة التى تتولى الفصل فى النزاع وحصانة واستقلال أعضائها وتوفر الضمانات الإجرائية والموضوعية التى تكفل حق الدفاع، ذلك أن عدم سريان القوانين والقرارات المنظمة لشئون العمل الفردى على العاملين بالمصرف لا يتضمن منعهم من اللجوء إلى القضاء ولا يحجب القضاء عن الفصل – بحيدة واستقلال- فى المنازعات القائمة بينهم والمصرف. ومن ثم تكون قالة إخلال النص المطعون عليه بحق التقاضى فاقدة لأساسها. وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه كذلك أنه يخالف مبدأ المساواة الذى نص عليه الدستور فى المادة 40 منه، بمقولة أنه يميز المصرف بمنحه حصانة لا وجود لها بالنسبة للبنوك الأخرى. كما أنه يخل بحق العاملين به فى المساواة بزملائهم العاملين بقطاع البنوك، إذ يهدر حق العاملين بالمصرف فى الالتجاء إلى القضاء لفض المنازعات القائمة بينهم وبين المصرف. وحيث إن هذا النعى –بدوره- مردود، ذلك أن مبدأ المساواة الذى كفله الدستور فى المادة 40 منه، لا يعنى- على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- وجوب معاملة الجميع على ما بينهم من تفاوت فى مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة. ولا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التميز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية فلا ينطوى بالتالى على مخالفة النص الدستورى المشار إليه، بما مؤداه أن التميز المنهى عنه دستوريا هو ذلك الذى يكون تحكميا، إذ أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم. فإذا كان النص التشريعى منطوياً على تمييز يعتبر مصادما لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقيا ربطه بها أو اعتباره مدخلا إليها، وقع التمييز تحكميا غير مستند إلى أسس موضوعية مجافيا لمبدأ المساواة القانونية الذى كفله الدستور. متى كان ذلك، وكان إنشاء هذا المصرف قد تم بمقتضى اتفاقية دولية وقعتها الحكومات الثلاث المؤسسة له، وفتحت باب الانضمام إليها للحكومات والهيئات والمؤسسات العربية الأخرى، وأجازت إنشاء فروع أو توكيلات له فى البلدان العربية وخارجها، ونصت على أن جميع معاملاته لا تتم إلا بالعملات الحرة القابلة للتحويل التى يحددها مجلس الإدارة، كما نصت على بعض المزايا الممنوحة للمصرف والمساهمين والمودعين فيه وعلى مزايا تمنح للعاملين به كالحصانة ضد الإجراءات القانونية فيما يقومون به من أعمال بصفتهم الرسمية، والإعفاء من قيود الهجرة وإجراءات تسجيل الأجانب وتحويل حقوقهم إلى موطنهم الأصلى، وذلك بالنسبة لموظفى المصرف من غير رعايا دولة المقر، فإن ذلك- وأن لم يسبغ على اتفاقية تأسيس المصرف صفة الأعمال السياسية التى تخرجها عن ولاية الرقابة القضائية على الدستورية- يجعل لهذا المصرف- والعاملين به وضعا خاصا ومركزاً قانونياً يختلف فيه عن بنوك القطاع العام او الخاص الأخرى. ومراعاة لهذا الوضع الخاص واستهدافا لتوفير أكبر قدر من المرونة فى إدارة المصرف، ورد النص المطعون عليه، ليخول مجلس إدارته- وفقاً للمادة 34 من نظامه الأساسى- وضع نظام خاص للعاملين به. وإذ كان النص المطعون عليه لا يتضمن- كما سبق البيان- إخلالاً بحق العاملين فى المصرف فى اللجوء إلى القضاء للنصفه فيما قد يثور بينهم وبينه من منازعات، فإن النعى بمخالفة النص المطعون عليه لمبدأ المساواة لا يكون له من أساس. وحيث إن النص المطعون عليه لا يخالف أحكام الدستور من أى وجه آخر. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن بعدم دستورية المواد أرقام 9، 12، 13 من اتفاقية تأسيس المصرف العربى الدولى للتجارة الخارجية والتنمية، وبرفضها بالنسبة إلى الطعن بعدم دستورية ما تتضمنه المادة 15 منها من استبعاد تطبيق القوانين والقرارات المنظمة لشئون العمل الفردى على العاملين بالمصرف، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق