الصفحات

الأربعاء، 14 يونيو 2017

حكم المحكمة الادارية العليا (بسيادة مصر علي جزيرتي تيران وصنافير)

بسم الله الرحمن الرحيم 
باسم الشعب 
مجلس الدولة 
المحكمة الإدارية العليا 
(الدائرة الأولى – فحص الطعون
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد صالح الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة 
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين
الدکتور/ محمد أحمد عبد الوهاب خفاجي، محمود شعبان حسين رمضان، مبروك محمد علي حجاج نواب رئيس مجلس الدولة 
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود إسماعيل رسلان نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة 
وسكرتارية السيد/ محمد فرح أمين السر 
أسباب ومنطوق الحكم الصادر 
في الطعن رقم 74236 لسنة 62 قضائية. عليا
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الدائرة الأولى بالقاهرة في الدعويين رقمي 43709, 43866 لسنة 70 قضائية بجلسة 21/6/2016
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وعلى تقرير هيئة مفوضي الدولة والمذكرات والمستندات المقدمة من أطراف الخصومة، وبعد إتمام المداولة قانوناً
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من أوراق الطعن – في أن المطعون ضدهم - خصوما أصليين ومتدخلين - کانوا قد أقاموا الدعويين رقمي 43709، 43866 لسنة 70 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري مستهدفين بها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في شهر أبريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، وما يترتب على ذلك من آثار
وبجلسة 21/6/2016 أصدرت محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى – حكمها الطعين الذي قضى: "أولا: برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعويين وباختصاصها بنظرهما
ثانيا: بقبول الدعويين شكلا وببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أبريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وصفهما بأي شكل لصالح أية دولة أخرى وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة المصاريف
وشيدت قضاءها، بما يقوم به جوهر حكمها، على أن العمل المنوه عنه يتضمن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية حال كون هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم المصري خاضعتان للسيادة المصرية الكاملة وهو أمر مخالف ومصادم لنص المادة (151) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 18 يناير 2014 والذي حظر إبرام أي اتفاق يتضمن التنازل عن أي جزء من الإقليم المصري
من حيث إن الطاعنين بصفاتهم – حسبما ورد بتقرير الطعن والمذكرة المقدمة بجلسة 22/10/2016 - يطلبون الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به منطوقه، والقضاء مجدداً، أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطيا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، ومن باب الاحتياط الكلي: برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي
وقد سطر الطاعنون أسباب الطعن بتقرير الطعن ومذكرات الدفاع المشار إليها، ومجمل الأسباب المشار إليها تنصرف إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوبا بالخطأ في تطبيق القانون فيما يتعلق بنفي صفة الخصومة عن الطاعن الثالث - بصفته - (رئيس مجلس النواب)، ومخالفة الحكم للقانون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة – والقضاء عموماً – ولائياً بنظر الدعويين على سند حاصله أن المشرع أخرج الأعمال التي تتصل بسيادة الدولة سواء الداخلية أو الخارجية من ولاية المحاكم عموماً، وأن قضاء المحكمة – المطعون فيه – قد خالف المستقر عليه من قضاء المحكمة الدستورية العليا والمحكمة ذاتها في منازعات مماثلة، خاصة وأن طلبات المدعين في الدعوى تتمخض عن استدعاء ولاية القضاء واستنهاض رقابته بشأن أمر يتعلق باختصاص أصيل محجوز دستورياً لمجلس النواب ويمثل تدخلا وإهدارا لمبدأ الفصل بين السلطات، بحسبان المجلس هو الجهة الوحيدة القائمة على شئون التشريع وسن وإصدار القوانين، والمنوط به الموافقة على ما يبرمه رئيس الجمهورية من معاهدات مع الدول الأخرى، وأن ما قامت به الحكومة في النزاع المطروح باشرته بوصفها سلطة حكم بخصوص ترسيم الحدود بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، وإنه أصبح محلا للدراسة من قبل لجان مجلس النواب المختصة (وفقاً لكتاب هيئة قضايا الدولة الذي ورد بعد حجز الطعن للحكم والمتضمن إحالتها إلى مجلس النواب). 
وسترجئ المحكمة ما أشير إليه بتقرير الطعن بشأن اختصام رئيس مجلس النواب إلى موضع آخر في أسباب الحكم
ومن حيث إنه عن طلب التدخل إنضماميا سواء للمطعون ضدهم أو لجهة الإدارة الطاعنة فإن قانون مجلس الدولة قد خلا من أي نص يتعلق بالتدخل في الدعوى، ومن ثم يسري بشأنه ما ورد بقانون المرافعات المدنية والتجارية. ولما كان المشرع أجاز التدخل في الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفعها قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها على أن يقدم الطلب قبل إقفال باب المرافعة، وينقسم التدخل لنوعين: أولهما: التدخل الإنضمامي وفيه يبدي المتدخل ما يراه من أوجه دفاع لتأييد طلب الخصم الذي تدخل إلى جانبه، دون أن يطلب القضاء لنفسه بحق ما فالمتدخل يبغي من تدخله المحافظة على حقوقه عن طريق الانضمام ويقصد به تأييد أحد الخصوم دفاعا عن حقوقه في الدعوى، ويجوز طلبه ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، عملا بنص الفقرة الثانية من المادة (236) من قانون المرافعات. وثانيهما: التدخل الهجومي أو الخصامي ويقصد به المتدخل المطالبة بحق ذاتي يدعيه لنفسه في مواجهة طرفي الخصومة ويشترط لقبوله شرطان: (1)- أن يدعي طالب التدخل لنفسه حقاً، ومن ثم يشترط فيه المصلحة التي تبرر قبول التدخل في هذه الحالة كل الشروط اللازمة لقبول الدعوى وهي أن تكون المصلحة قانونية حالة وقائمة، شخصية ومباشرة. (2) قيام الارتباط بين الطلب الأصلي الذي يسعى المتدخل للحكم لنفسه به وبين الدعوى الأصلية ووجود هذا الارتباط هو الذي يبرر تقديم هذا الطلب. ولذا فإن التدخل الهجومي يجيز للمتدخل أن يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتي يدعيه في مواجهة طرفي الخصومة سواء تعلق طلبه بذات الحق المتنازع عليه أو بجزء منه أو بطلب آخر يتميز عن الطلب الأصلي ولكن مرتبط به قاصدا من تدخله الحصول على حكم في مواجهة طرفي الدعوى، ولذا فإنه لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الطعن حتى لا تفوت درجة من درجات التقاضي، ومتى كان طالبوا التدخل إنضماميا قد طلبوا التدخل إنضماميا شفاهة في الجلسة في مواجهة الخصوم وأثبت ذلك في محضر الجلسة، وكانت لهم مصلحة مشروعة في التدخل قوامها إما إثبات مشروعية تصرف جهة الإدارة أو عدم مشروعيته ومن ثم فإنه يتعين - والحال كذلك - قبول تدخلهم إنضماميا في الطعن، والاكتفاء بذكر ذلك في الأسباب عوضاً عن المنطوق
ومن حيث إن الدفع المبدي من المطعون ضدهم بعدم قبول الطعن لانتفاء مصلحة الطاعنين بصفاتهم غير سديد، ذلك أن الطاعنين بصفاتهم، وينوب عنهم هيئة قضايا الدولة لهم مصلحة محققة ومشروعة في الطعن من وجهين أولهما: إثبات سلامة الإجراء الذي اتخذته الحكومة ونفي تصادمه مع أحكام الدستور والقانون وإثبات ولاية مجلس النواب وحده في هذا الشأن باعتباره اختصاصا محجوزا دستوريا له وسبيلها إلى ذلك مباشرة إجراءات الطعن. وثانيهما ستعرض له المحكمة في ثنايا أسباب حكمها
وحيث إن الحكم المطعون فيه، واستند إلى أحكام المواد 97, 151, 190 من الدستور الحالي وفيما تضمنته من حظر إبرام أية معاهدة أو اتفاقية يتوقف عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة, وأن مصطلح الإبرام أعم وأشمل من مصطلح إقرار المعاهدات، وأن هذا الحظر يمتد إلى السلطة التنفيذية ويحظر عليها اتخاذ أي عمل من أعمال الإبرام بما فيها التوقيع إذا كانت المعاهدة تخالف الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من الإقليم وهو حظر وقائي ومطلق، وأن لإقليم الدولة قداسة بالمعنى الوطني وحرمة بالمعنى القانوني، وأنه يشكل وحدة واحدة لا سبيل إلى التنازل عن أي جزء منه، وأسس الدستور فكرة الاختصاص الممنوع أو المحظور على السلطة التنفيذية في مجال إبرام المعاهدات الدولية، وخلصت المحكمة إلى أن توقيع الحكومة على الاتفاقية بما ينطوي عليه من التنازل عن الجزيرتين (تيران وصنافير) هو عمل إداري يخضع لولاية محاکم مجلس الدولة طبقاً لأحكام المادة (190) من الدستور باعتباره من المنازعات الإدارية، وقضت برفض الدفع المبدي من المدعى عليهم بصفتهم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعويين
ومن حيث إن تقرير الطعن ومذكرات هيئة قضايا الدولة والمذكرات المقدمة من المطعون ضدهم والخصوم المتدخلين في الدعوى قد أشارت – في غير موضع - إلى سيادة الدولة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة، ونظرية أعمال السيادة، ولأهمية النزاع المعروض فإن هذه المحكمة تبسط قضاءها على عمد من التأصيل الواجب قبل أن تقطع بقضاء بات في سلامة الحكم المطعون فيه وصحة السبب أو الأسباب التي قام عليها تقرير الطعن، وتؤكد المحكمة على أن للسيادة معنى سلبي وآخر إيجابي, والمعنى السلبي يقطع الاستقراء التاريخي له بأنها قد بدأت كفكرة سياسية ثم تحولت إلى فكرة قانونية، وينصرف إلى عدم خضوع الدولة لسلطة دولة أخرى، وعدم وجود سلطة أخرى مساوية لسلطة الدولة في داخل حدود البلاد، أما المعنى الإيجابي فإنه ينصرف إلى سلطة الأمر والزجر في داخل البلاد وتمثيل الدولة وترتيب حقوق لها والتزامات عليها، والمعنى المنضبط إنها تمثل وظيفة الحكم التي تظهر في الوظيفة التشريعية والتنفيذية والقضائية ومجرد الاستناد إلى هذا المعنى الإيجابي للسيادة لا يكفي وحده تبريرا لعدم الخضوع للرقابة القضائية - بحسبان الخضوع لرقابة القضاء لا يتنافى في ذاته مع فكرة سيادة الدولة بالمعنى الإيجابي والفصل في المنازعات وإرساء قواعد العدالة والمحافظة على حقوق الدولة وحريات الأفراد - أحد مظاهر السيادة العامة، والقول بغير ذلك يحيي فكرة اندثرت في العالم والفهم القانوني كانت تقوم على أساس أن السيادة حق أصيل للحاكم وهو مالكها (نظريات الحق الإلهي)، ومع ظهور مبدأ سيادة الأمة بعد نجاح الثورة الفرنسية – الدساتير الفرنسية البالغة 16 دستورا منذ الثورة الفرنسية ومنذ دستور 1793 الذي لم يطبق بتاتا وعلى حد تعبير الفرنسيين mOrt née أي ولد ميتا ودستور 1875 الذي ألغي بعد غزو الألمان فرنسا ودخولهم باريس عام 1940 -، استقر في الوجدان القانوني أن صاحب السيادة هو مجموع المواطنين، ولم تعد هيئة من هيئات الدولة مالكة للسيادة وإنما تباشرها كوكيلة عن الشعب، ولا يمنع ذلك من القول بأن هناك نوع من الأعمال التي تصدر عن السلطة التنفيذية لا تخضع لرقابة القضاء، وأن مرجع الإعفاء ليس فكرة السيادة وإنما أسباب قانونية أخرى
وإذا كان من المستقر عليه فقها وقضاء أن أعمال السيادة تتفق مع العمل الإداري في المصدر والطبيعة ويختلفا في السلطة التي تباشر بها السلطة التنفيذية العمل ذاته، مع تقرير وسائل مختلفة للحد من آثار أعمال السيادة التي قد توثر سلبا في حقوق الأفراد وحرياتهم إلا أن أنجع الوسائل لرقابة أعمال السيادة هو اللجوء إلى القضاء، والقضاء هو من يحدد أعمال السيادة بحثاً عن اختصاصه للفصل في النزاع المعروض، فإذ استوى العمل من حيث سلطة إصداره وطبيعته بأنه من أعمال السيادة قضى بعدم اختصاصه، ولا ريب أن القاضي عندما يباشر الاختصاص المعقود له بتحديد ما يعتبر من أعمال السيادة ليلحق به حصانة تعصمه من رقابة القضاء ليس مطلق اليد حر التقدير وإلا خرج على فكرة السيادة بالمعنى المشار إليه آنفا، وإنما يحكمه التنظيم القانوني لممارسة السلطة الموصوفة بأنها عمل من أعمال السيادة، والنزاع الذي صدر بشأنه العمل، ثم يستخلص القاضي المتروك له تحديد طبيعة العمل في إطار اختصاصه وظروف ومستندات النزاع المعروض عليه، وهو ما يقطع – بداءة – بعدم صحة المقارنة بين مسلك المحاكم حال تحديد طبيعة العمل وكونه من أعمال السيادة في الأنزعة المختلفة بحسبان سلامة الحكم ترتبط بالحالة المعروضة كل على حدة
ومن حيث إن تغيير الدساتير أو تعديلها يكون مرتبطا إما بسقوط أنظمة الحكم أو تغييرها بالطريق الدستوري، ويستتبع في غالب الأمر تغييرا في النظام القانوني الحاكم والمنظم للعلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين أفراد الشعب وسلطات الدولة الحاكمة على وجه يقتنع معه الشعب في إطار دستور - يصدر عنه بإرادته الحرة – بتحقيق السلامة القانونية لكافة أفراد المجتمع، ويجب أن يجاري النظام القانوني الجديد فكراً قانونياً جديداً يفسر ما غمض في النظام القانوني من قواعده العامة والمجردة سواء لبس هذا الفكر ثوب التشريع مشرعاً أو انصب على عمل السلطة التنفيذية في الهيئات والوزارات والمصالح أو على منصة القضاء تنفيذاً لأحكام الدستور والقانون، وأخيراً في قاعات البحث والفقه القانوني، ومع وجوب تمسك الفكر القانوني بالثوابت فإن عليه أن يتماشى مع النظام القانوني الجديد، وما قد يحدثه من تغييرات تؤثر على الفهم الصحيح، ويوصم الفكر بالجمود إذا تمسك بالثوابت وأهمل المتغيرات التي تلحق بالمجتمع ونظامه الدستوري
ومن حيث إن مصر في هذا العقد من الزمان – بعد ثورة الشعب (25 يناير/ 30 يونيه) - وهي ثورة وصفتها ديباجة الدستور بأنها فريدة بين الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية، بكثافة المشاركة الشعبية التي قدّرت بعشرات الملايين، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق، وبتجاوز الجماهير للطبقات والأيدولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية ...... - وهذا الدستور استولد عنه نظام قانوني جديد ألبس الفصل بين السلطات ثوباً جديداً، وتحددت فيه حدود سلطات الدولة دون تغول من سلطة على سلطة أخرى، وأعلى من شأن حق الإنسان المصري في المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لبناء دولته الجديدة مصطحباً تاريخ مصر الخالد وحضارتها العظيمة وموقعها الجغرافي المتميز، وقدم وعراقة شعبها وأصالته، وطبيعته وطبيعة تكوينه الفريد والمتنوع والذي يمثل سمتا من سماته ويستعذب أصالته کل من سرى في شرايينه مياه النيل مسرى الدم
ومن أجل ذلك - وهو بعض من كل - وجب على الفكر القانوني أن يتماشى مع التعديلات التي استحدثها الدستور على النظام القانوني المصري، ومن عموم القول السابق إلى خصوصية النزاع المعروض والمتعلق بحقوق السيادة على الأراضي المصرية، وحدود سلطات الدولة بشأنها وفقاً للدساتير المصرية المتعاقبة بدءا من الأمر الملكي رقم 42 لسنة 1923 بوضع نظام دستوري للدولة المصرية وانتهاء بالوثيقة الدستورية الجديدة عام 2014، فقد نصت المادة (1) من دستور 1923 على أن "مصر دولة ذات سيادة، وهي حرة مستقلة، ملكها لا يتجزأ، ولا يُنزل عن شيء منه، وحكومتها ملكية وراثية، وشكلها نيابي"، ونصت المادة 46 منه على: "............ ، كما أن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حقوق سيادتها أو تحميل خزائنها شيئاً من النفقات أو مساس بحقوق المصريين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها البرلمان .....". 
وبذات العبارات نطقت أحكام المادة (1) من الباب الأول من دستور 1930, كما حددت المادة (46) منه سلطات الملك والبرلمان بشأن المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حدود سيادتها، وإذا کان دستور 1956 الصادر في ظل الحكم الجمهوري قد أخذ بأبعاد قومية بشأن وصف مصر بأنها دولة عربية مستقلة ذات سيادة، وأنها جمهورية ديمقراطية والشعب المصري جزء من الأمة العربية فإنه تمسك بأن لا تنفذ معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة (المادة 143 منه)، وهو ذات الشرط الذي اشترطه دستور 1964 (المادة 125 منه)، ودستور 1971 (المادة 151 منه)، ولقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير وتعطيل العمل بالدستور الأخير، وصدور دستور عام 2012 وتعديله بالدستور الحالي استدعت أحكامه بعض الأحكام الواردة بدستور 1923 انطلاقاً من المبدأ الراسخ بوحدة الأرض المصرية منذ عهد مينا حتى الآن، وعلى الوجه الذي كشفت عنه الأعمال التحضيرية للدستور بشأن سيادة الدولة على أراضيها، وذلك بفهم جديد متطور استقى من المبادئ السالف ذكرها في أسباب هذا الحكم – وعلى الخصوص - حدود سلطات الدولة بشأن مسألة السيادة وحق التقاضي المقرر دستوريا ونفاذ القضاء إلى ما يتبلور حوله من أنزعة تستخلص من الفهم الصحيح للنصوص الدستورية، ومن نافلة القول الإشارة إلى أن فهم النصوص الدستورية أمر ليس محجوزاً لجهة قضاء بعينها والفهم يختلف عن الفصل في المسالة الدستورية والمحجوزة بلا منازع للمحكمة الدستورية العليا - وهو أمر تحرص عليه المحكمة الإدارية العليا قدر حرصها على الاختصاص الدستوري المقرر لجهة القضاء الإداري - (وهو عكس ما أشارت إليه الجهة الطاعنة في مذکرة دفاعها المقدمة بجلسة 22/10/2016). 
ومن حيث إن المادة (1) من الدستور الحالي - دستور عام 2014 - تنص على أن: " جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة, ولا ينزل عن شيء منها نظامها ديمقراطي، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون ......". 
وتنص المادة (151) من الدستور ذاته على أن: "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً لأحكام الدستور
ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة
وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة". 
ولا جدال في أن هذا النص الدستوري تضمن أحكاما بعضها له مردود سابق بالدساتير المصرية المتعاقبة، وأحكاماً جديدة على النظام القانوني المصري تستوجب - كما سلف البيان - فهما قانونيا جديدا، فمن سابق الأحكام أن إبرام المعاهدات سلطة بين رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية ممثلة في البرلمان - على اختلاف مسمياته - أما الأحكام الدستورية الجديدة بشأن المعاهدات تجلت في أمرين: الأول: أن معاهدات الصلح والتحالف وكل ما يتعلق بحقوق السيادة لا يتم التصديق عليها إلا بعد استفتاء الشعب – وهو أمر واجب – لا تقدير فيه لسلطة من سلطات الدولة، وهذا القيد الواجب لا يخاطب فقط السلطة التي تبرم المعاهدة أو السلطة المقرر لها الموافقة فيما يدخل في اختصاصها الدستوري، وإنما يمثل النكوص عنه حال لزومه استدعاء سلطة القضاء ولا يدفع أمامه حال تعلق الأمر بفكرة أعمال السيادة، فتلك الأعمال وإن انطبقت على الحالة الأولى من المعاهدات، ليس بها الوصف، وإنما باعتبارها أعمالا برلمانية مقرر لرقابتها قواعد خاصة، فإن القيود الدستورية والضوابط التي حددتها الفقرتين الأخيرتين من المادة (151) ترفع عن الأعمال المتصلة بها صفة كونها من أعمال السيادة ولا تقوم له أية حصانة عن رقابة القضاء. الثاني: الحظر الدستوري الوارد في الفقرة الثالثة من المادة (151) بأنه لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، وهذا الحظر يشمل التنازل فقط وإنما أية مخالفة لمبدأ دستوري آخر. وهو حظر لا يقف عند سلطات الدولة فحسب وإنما يمتد إلى الشعب ذاته، والذي قيدت إرادته في التنازل عن الأراضي أو مخالفة الدستور، ويظل هذا الحظر قائماً طالما سرى الدستور استناداً لقاعدة قانونية مستقرة قوامها مبدأ سمو القواعد الدستورية وأنها طالما ظلت سارية ولم تعدل بالآلية الدستورية التي حددها الدستور ذاته تعين احترامها والالتزام بها ليس فقط من سلطات الدولة وإنما من سلطة الإنشاء (الشعب)، وبالرجوع إلى الأعمال التحضيرية للدستور تلاحظ أن لجنة الخبراء عند وضع نص المادة (1) من الدستور أشارت صراحة إلى اقتراح قدم من أحد الأعضاء بالنص صراحة أسوة بدستور عام 1923 على عدم جواز النزول عن أي من إقليم الدولة (الاجتماع الثاني للجنة الخبراء العشرة لمشروع التعديلات الدستورية في 23 من يوليه 2013 ص 13 وما بعدها). 
كما يتضح الأمر بجلاء لا لبس فيه ولا غموض عند مناقشة وإعداد المادة (145) والتي أصبحت في الدستور الحالي تحت رقم المادة (151)، وعند عرض الجزء الأول من النص الدستوري رجح في اللجنة أنها لا تتعلق بمعاهدات الصلح ولا التحالف أو ما يتعلق بحقوق السيادة (فهذه يفصل فيها ويراقبها البرلمان)، أما المعاهدات الخاصة بالصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة: فذهب رأي إلى وجوب موافقة الشعب أسوة بالمادة 53 فقرة أخيرة من الدستور الفرنسي (الاجتماع الثامن للجنة المشار إليها في 3/8/2013 ص 68، 69 وبدءاً من ص 73 من الاجتماع المشار إليه) وتبلور الأمر برأي ذهب إلى أن أي شيء يتعلق بحقوق السيادة لن يكون محلاً للمعاهدات ثم تبلور الرأي إلى أن المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة لا يكون لها قوة القانون إلا بعد الاستفتاء عليها وموافقة الشعب، وقبل الاتفاق على النص الدستوري ذكر أحد الأعضاء (المستشار ...... ص 73، "الجزء الأول من نص المادة 145 ليس فيه أي مشكلة، الجزء الثاني تجب موافقة مجلس الشعب (النواب) بأغلبية ثلثي أعضائه على معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة يتعين الاستفتاء وموافقة الشعب عليها لكي يستريح ضمير الجميع وأنا مع .... ولا يجوز إقرار أي معاهدة تخالف أحكام الدستور أو الانتقاص من أراضي الدولة، لماذا؟؟ لأن الحكم هنا سيكون مختلفاً عندما نقول مظهر من مظاهر السيادة مثل قاعدة عسكرية هذا نريد فيه استفتاء أما هنا في مسألة الانتقاص من أراضي الدولة لم تعرض على الاستفتاء محرم عرضها على المجلس أو الاستفتاء كقاعدة وهذه هي قيمة الإضافة وأنا أوافق على الإضافة" ثم قرأت المادة بالصوغ الأتي: "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس الشعب، وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها، وفقاً لأحكام الدستور وتجب موافقة المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه جميعاً على معاهدات الصلح والتحالف، وبالنسبة للمعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة فلا يكون لها قوة القانون إلا بعد الاستفتاء عليها وموافقة الشعب على ذلك. ولا يجوز إقرار أي معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها الانتقاص من إقليم الدولة"، ثم علق المقرر، "لا نريد أن نصعب الأمور نقول في الجزء الثاني من النص بعد كلمة التحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة بشروط الاستفتاء عليها ... ولا يجوز إقرار أي معاهدة تخالف أحكام الدستور أو تنتقص من إقليم الدولة وتنتهي". 
وإذا كان النص الدستوري للمادة (151) الذي وافق عليه الشعب قد نقل حرفياً ما انتهت إليه لجنة الخبراء بخصوص الفقرة الأولى منه وبتصرف لا يغير المعنى في الفقرة الأخيرة، فإن الفقرة الثانية والثالثة من الصياغة النهائية للدستور المستفتي عليها قدمت وأوجبت دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف، وما يتعلق بحقوق السيادة ومنعت التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بموافقة الشعب، وينعطف من هذه المغايرة معان قانونية ومفاهيم كثيرة يجب أن تسجيل وتذكر:- 
أولاً: أن الدستور المصري رسخ مبدأ سيادة الشعب في أعلى صورة فحظر أي التزام دولي على الدولة فيما يتعلق بهذه الأنواع من المعاهدات إلا بعد أخذ موافقة الشعب صاحب السيادة ومصدرها، فالتصديق وهو من سلطة رئيس الجمهورية مشروط بموافقة الشعب عبر استفتاء واجب، وفيه يحل الشعب محل السلطة التي تقوم مقامه بالتشريع والرقابة، وعلى رئيس الجمهورية أن يخاطب الشعب مباشرة طالباً رأيه الفاصل والملزم في أية معاهدة محلها الصلح أو التحالف أو تتعلق بحقوق السيادة. والترتيب المنطقي للأمور أن يتوجه رئيس الجمهورية إلى الشعب طالباً رأيه، فإن أجاب طلبه بالموافقة استكملت إجراءات الاتفاق الدولي، وإن كان له رأي آخر زال أي اتفاق أو إجراء سابق تم اتخاذه.
ثانياً: أن التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة أو إبرام معاهدة تخالف أحكام الدستور المصري - فرادي أو مجتمعة - تعد من الأمور المحظور إبرام أي اتفاق دولي بشأنها ولا تعرض على الشعب الذي أعلن إرادته عبر دستوره وحاصلة إنه لا يقبل التنازل عن أي جزء من الأرض أو مخالفة أي حكم من أحكام الدستور الذي يمثل الوعاء الأصيل للنظام القانوني الحاكم من ناحية والضمان الوحيد لاستقرار نظام الحكم من ناحية أخرى
وقد جرى نص المادة (197) من القانون رقم 1 لسنة 2016 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب - المنشور في الجريدة الرسمية في العدد (14) مكرر ب بتاريخ 13/4/2016 ليعمل به اعتباراً من اليوم التالي لنشره الموافق 14/4/2016 وفقاً للمادة الثانية من مواد اصداره على أن
"يبلغ رئيس الجمهورية المعاهدات التي يبرمها إلى رئيس المجلس، ويحيلها الرئيس إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لإعداد تقرير في شأن طريقة إقرارها وفقاً لحكم المادة (151) من الدستور، وذلك خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ إحالتها إليها. ويعرض رئيس المجلس المعاهدات وتقارير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في شأنها في أول جلسة تالية، ليقرر إحالتها إلى اللجنة المختصة أو طلب دعوة الناخبين للاستفتاء عليها بحسب الأحوال. وفي غير الأحوال المنصوص عليها في الفقرتين الأخيرتين من المادة (151) من الدستور، يكون للمجلس أن يوافق على المعاهدات أو يرفضها أو يؤجل نظرها لمدة لا تجاوز ستين يوماً، ولا يجوز للأعضاء التقدم بأي اقتراح بتعديل نصوص هذه المعاهدات ويتخذ قرار المجلس في ذلك بالأغلبية المطلقة للحاضرين
ولرئيس المجلس أن يخطر رئيس الجمهورية ببيان يشمل النصوص والأحكام التي تتضمنها المعاهدة والتي أدت إلى الرفض أو التأجيل
وإذا أسفر الرأي النهائي عن موافقة المجلس على المعاهدة، أرسلت لرئيس الجمهورية ليصدق عليها، ولا تكون نافذة إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية
ولا يتم التصديق على المعاهدات المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة (151) من الدستور، إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء عليها بالموافقة." 
ولامرية أنه بموجب الحظر الدستوري المذكور يمتنع على كافة سلطات الدولة التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة وتلحق ذات الصفة بأي إجراء سابق لم يراع الحدود الدستورية السارية حال إصداره، وبهذه المثابة يكون توقيع رئيس الوزراء على الاتفاق المبدئي - حسب التعبير الجهة الإدارية الطاعنة - بتعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية متلحفاً برداء غير مشروع في اتفاقية تبدو كأعجاز نخل خاوية فليس لها في الحق من باقية، وبنص المادة (197) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب سالفة البيان تحدد الاختصاص واستقام تخومه وهو يؤكد بقطع القول أن تغييراً في الاختصاص لسلطات الدولة قد ولد من رحم الدستور الساري وأضحت يد مجلس النواب هي الأخرى بنص الدستور والقانون معاً مغلولة ومحظورة عليه مناقشة أية معاهدة تتضمن تنازلاً عن جزء من إقليم الدولة ومنها الجزيرتين محل الطعن الماثل، وما يخالف ذلك من جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية هو والعدم سواء
ومن حيث إنه وبالبناء على ما تقدم، فإن ما استندت إليه محكمة القضاء الإداري في أسباب حكمها الطعين وما أوردته هذه المحكمة من أسباب وفي إطار التوازن الدستوري بين نص المادة (97) والمادة (190) من الدستور الحالي - والتي حظرت أولها، تحصين أي عمل أو قرار إداري عن رقابة القضاء وأحكام الدستور في عديد من المواد التي انصرفت إلى تعديل في حدود السلطات الممنوحة لسلطات الدولة وبمقتضاها غدت جل السلطات محددة النطاق ومشروطة الممارسة، فإن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدفع المبدي من - المدعى عليهم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى - بصفتهم - في الدعوى يكون قائماً على عمد من الواقع والقانون، وصادراً في إطار أحكام القانون والدستور، ولا يسوغ ـ والحال كذلك - للسلطة التنفيذية إجراء عمل أو تصرف ما محظور دستورياً ويكون لكل ذي صفة أو مصلحة اللوذ إلى القضاء لإبطال هذا العمل، ولا يكون لها التذرع بأن عملها مندرج ضمن أعمال السيادة، إذ لا يسوغ لها أن تتدثر بهذا الدفع لتخفي اعتداء وقع منها على أحكام الدستور وعلى وجه يمثل إهداراً لإرادة الشعب مصدر السلطات، وإلا غدت أعمال السيادة باباً واسعاً للنيل من فكرة سيادة الشعب وثوابته الدستورية وسبيلاً منحرفاً للخروج عليها وهو أمر غير سائغ ألبته، وترى المحكمة إظهاراً لوجه الحق والقانون - وقبل التعرض للأسباب التي قام عليها تقرير الطعن الماثل - الإشارة إلى قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 535 لسنة 1981 بشأن الموافقة على معاهدة فيينا لقانون المعاهدات الموقعة في فيينا عام 1969، حيث نصت المادة الأولى - مادة وحيدة - من القرار المشار إليه - وکما ورد في ديباجته "بعد الاطلاع على الفقرة الثانية من المادة (151) من الدستور - على "الموافقة على معاهدة فيينا لقانون المعاهدات الموقعة في فيينا بتاريخ 23/5/1969 مع التحفظ بشرط التصديق، ومع إبداء التحفظ التالي على وثيقة الانضمام". أن جمهورية مصر العربية لا تعتبر منها طرفاً في إطار الباب الخامس من المعاهدة في مواجهة الدول التي تبدي تحفظات على وسائل التقاضي والتحكيم الإلزامية الواردة في المادة (66) وفي ملحق المعاهدة
كما إنها ترفض التحفظات التي ترد على الباب الخامس من المعاهدة". 
ومن الأحكام التي تندرج تحت مفهوم التحفظات المشار إليها ما ورد بحكم المادة (47) من قانون المعاهدات التي تقضي بأنه إذا خضعت سلطة الممثل في التعبير عن موافقة دولة ما على الالتزام بمعاهدة معينة، فإن عدم التزامه بهذا القيد لا يجوز أن يتخذ حجة لإبطال الموافقة التي عبر عنها الممثل ما لم تكن الدول المتفاوضة قد أخطرت بالقيد قبل قيام الممثل بالتعبير عن هذه الموافقة، ولا ريب أن استناد ديباجة القرار الجمهوري المشار إليه إلى أحكام الفقرة الثانية من الدستور الساري حال صدوره (دستور 1971) قد حددت ممثل الدولة المصرية وإجراءات إبرام المعاهدة وفي ظل هذا الدستور تكون المكاتبات الصادرة عن مسئولين مصريين - دون - رئيس الجمهورية أو بعد اتخاذ إجراء موافقة مجلس الشعب على أي تصرف بخصوص الجزيرتين - محل التداعي - لا أثر لها خاصة في ظل إعلاء مصر من شأن أحكام دستورها بالقرار المشار إليه وما أوجبه من إجراءات على إبرام المعاهدات بتحفظها على معاهدة من المعاهدات الشارعة والمنظمة لقواعد الاتفاق الدولي، وأن المحاججة بخطابات أو اجتماعات أو اتصالات صدرت عن مسئولين مهما علت وظائفهم - فضلاً عن مخالفته لأحكام القرار الجمهوري المتضمن قواعد التصديق على الاتفاق الدولي - فإنها لا تمثل مانعاً أمام القضاء الداخلي من التعرض للإجراء الذي تقوم به الحكومة حالياً في ظل دستور جديد تمسك بموروث دستوري يحمي حق الدولة على أرضها ورادعاً لكل اعتداء على سيادتها، أو ينال من شواهد سيادة مصر على الوجه الذي عرضته أو ستعرضه المحكمة في أسباب حكمها
كما أن قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لسنة 1990 لم يتضمن أي تعديل على التحفظ الوارد بقرار رئيس الجمهورية رقم 535 لسنة 1981 وسيرد في أسباب الحكم مدلول القرار الجمهوري رقم 27 لسنة 1990 المشار إليه وأثره في النزاع) وقاطع القول ينصرف إلى أن التحفظ على الانضمام لهذه المعاهدة المؤسسة لقواعد الاتفاق الدولي يمثل مظهراً من مظاهر سيادة الدولة يستدعي احترامه من خارج الدول المتحفظة وداخلها من باب أولى – والنزاع - محل 
الطعن الماثل - هو نزاع داخلي وطني بين الدولة ممثلة في الطاعنين بصفاتهم والمطعون ضدهم والخصوم المتدخلين، وفي إطار سلطة القضاء الوطني الذي عليه واجب احترام الدستور والآليات التشريعية المنظمة للفصل في النزاع، فإن نكص عن واجب مفروض عليه كان منكراً للعدالة، ولا يحاج على ذلك بأن في ذلك نيل من التزام التزمت به الدولة تجاه دولة أخرى - بحسبان الالتزام لا يقع صحيحاً في مفهوم المحكمة إلا إذا تم سليماً وبإجراءات دستورية وقانونية، وقد أفصح تقرير الطعن المر فق على أن ما تم - هو اتفاق مبدئي - بين حكومتي جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية محله إعادة جزيرتي تيران وصنافير بناء على ما انتهت إليه محادثات طالت سنين عدة وأعمال لجان متخصصة، وإذا كانت كافة الإجراءات المدعى اتخاذها من جانب الحكومة لم تستهد بأحكام الدساتير المصرية والقوانين والقرارات الجمهورية المنظمة لعملها بشأن موضوع ينال من سيادة الدولة أو جزء من أرضها، ويرتب التزاماً دولياً عليها، فإن ذلك يقطع بأن المسألة المعروضة وما يلامسها لا تخرج عن كونها إجراءات إدارية وسد الاختصاص بالفصل في مشروعيتها أو بطلانها إلى جهة القضاء الإداري صاحبة الاختصاص الدستوري بالفصل في المنازعات الإدارية، والقضاء الإداري، وهو جزء من السلطة القضائية حال تصديه لهذا النزاع يكمل منظومة الرقابة على أعمال الحكومة فيقر ما يكون صحيحاً منها ويلغى ما خرج عن نطاق أحكام القانون والواقع واصطدم بأحكام الدستور الآمرة، ولا يسوغ له أن ينتظر حتى تكتمل للمخالفة أركانها غير المشروعة فدور قاضي القانون العام لا يقف عن حد الفصل في الخصومة القضائية وإنما تبصير سلطات الدولة بدورها وحدود هذا الدور المرسوم لها دستورياً، وهو ما يمثل وجه المصلحة الأخرى للجهة الطاعنة من السير في إجراءات الطعن
ومن حيث إنه عن ما ورد بتقرير الطعن من مخالفة الحكم للقانون فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعن الثالث بصفته ـ رئيس مجلس النواب - فإن المحكمة وفي إطار مفهوم الدولة القانونية المنصرف إلى إنها الدولة التي تتقيد في كافة مظاهر نشاطها ـ وأياً كانت طبيعة سلطاتها - بقواعد قانونية تعلو عليها، وتكون بذاتها ضابطاً لأعمالها وتصرفاتها في أشكالها المختلفة، بحسبان ممارسة السلطة لم تعد امتيازاً شخصياً لأحد، وإنما تباشرها نيابة عن الجماعة ولصالحها، وكان حتماً أن تقوم الدولة - في مفهومها المعاصر - وخاصة في مجال توجهها نحو الحرية - على مبدأ مشروعية السلطة مقترناً ومعززاً بالخضوع للقانون باعتبارهما مبدآن متكاملان لا تقوم بدونهما المشروعية في أكثر جوانبها أهمية، ولأن الدولة القانونية هي التي يتوافر لكل مواطن في كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته ولتنظيم السلطة وممارستها في إطار من المشروعية، وهي ضمانة يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محوراً لكل تنظيم، وحداً لكل سلطة، وردعاً ضد العدوان عليها (المحكمة الدستورية العليا - القضية رقم 22 لسنة 8ق دستورية، بجلسة 4/1/1992، مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة العليا والمحكمة الدستورية العليا في أربعين عاماً ص 815 وما بعدها - والقضية رقم 233 لسنة 26ق دستورية بجلسة 6/4/2008). 
ومن حيث أن الدستور المصري الساري قد حدد اختصاص مجلس النواب بشأن المعاهدات باعتبار أن موافقته واجبة على كل ما تبرمه الدولة من معاهدات حددتها الفقرة الأولى من المادة (151) من الدستور، وإن الفقرة الثانية قصرت دور مجلس النواب على المصادقة على ما ينتهي إليه الشعب باعتباره الوكيل عن صاحب السيادة الذي أثر الدستور أن يتولاه بنفسه دون وکيل باعتبار أن موافقته الشرط الوحيد اللازم للمصادقة على الاتفاقية بعد دعوته الواجبة كما سلف البيان، فسلطة مجلس النواب في مسائل السيادة سلطة تقرير لإرادة الشعب ويكون رأيه متمماً لتلك الإرادة يلتحم فيها الوكيل بالموكل، ويكون دور الوكيل محصوراً في صوغ التعبير عن هذه الإرادة رفضاً أو قبولاً، فإذا ما باشرت السلطة التنفيذية اختصاصاً متصلاً بهذا النوع من المعاهدات أو تلك التي نظمتها الفقرة الأخيرة من المادة 151 من الدستور تمحور النزاع حول عمل إداري لا يسوغ أن تتدخل فيه السلطة التشريعية طرفاً فيه كمشرع. وإذ أخرج القضاء المطعون فيه الطاعن الثالث بصفته الممثل القانوني لمجلس النواب يكون قد التمس وجه الحق وأنزل صحيح حكم القانون والدستور، وتطرح المحكمة - من ثم - ما ورد بتقرير الطعن من أن الرقابة على الاتفاقية المشار إليها محجوزة فقط للبرلمان بحسبان الفصل في النزاع معقود للقضاء الإداري، واستقر في يقين المحكمة - كما سلف البيان - أن النزاع الماثل لم يرق إلى كونه التزاماً دولياً، كما أنه يخرج عن نطاق تطبيق أحكام الفقرة الأولى من المادة (151) من الدستور والتي وسدت لمجلس النواب دوراً واجباً في الموافقة على المعاهدات في غير الحالتين التي أشارت إليهما الفقرتين الثانية والثالثة منها
وتجدر الإشارة إلى أنه بالرجوع إلى أعمال لجنة الخبراء العشرة والخاصة بإعداد الدستور، فإنه قد أشار أحد أعضائها ص 73 بأن "أي شيء يتعلق بحقوق السيادة لن يكون محل معاهدات"، ومن نافلة القول الإشارة إلى أن المحكمة تقصر قضائها في خصوص هذه المسألة على دور مجلس النواب كسلطة تشريعية تمارس دوراً في إطار الدستور ودون تخط لآلياته الأخرى بشأن الرقابة على أعمال الحكومة، ولا يسوغ أن يكون مجلس النواب طرفاً في الخصومة الماثلة - ومحلها - إجراء أو عمل إداري صدر عن رئيس الوزراء على الوجه سالف بيانه ويكون إخراج الحكم المطعون فيه الطاعن الثالث بصفته (رئيس مجلس النواب) من الخصومة قاضياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفه بالنسبة له، ملتمساً وجه الحق ومنزلاً صحيح حكم القانون والدستور، فإذا ما زج به كجهة فصل في خصومة فالبرلمان ينشئ ويقرر في إطار دوره الدستوري، أما الفصل في الخصومة اختصاص معقود للقضاء
ومن حيث إنه عن ما أبداه الحاضر عن الطاعنين بصفاتهم من عدم قبول تدخل الخصوم المنضمين والنعي على الحكم الطعين لقضائه بقبول تدخلهم کخصوم منضمين إلى جانب المدعيين في الدعويين، فإن المادة (4) من الدستور تنص على أن "السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ..........". 
وحق المشاركة السياسية والدفاع عن حقوق الشعب لا تقتصر على وسائل التعبير عن الرأي، وإنما تمتد إلى حق اللجوء إلى القاضي لمنازعة سلطات الدولة فيما يراه اعتداء على حقوقه الدستورية أو عصفاً بالمبادئ الدستورية، وقد بسطت أحكام المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية إنه يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل منضماً في الدعوى ........، کما استقر قضاء هذه المحكمة على إنه وإن كان يجب أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة وقائمة إلا أنه في مجال دعوى الإلغاء، وحيث تتصل هذه الدعوى بقواعد واعتبارات المشروعية والنظام العام يتسع شرط المصلحة لكل دعوى إلغاء رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثراً في مصلحة جدية له. (المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 16834، 18971 لسنة 52ق. ع بجلسة 16/12/2006). ولا جدال في أن طالبي التدخل في حالة قانونية شأنهم شأن رافعي الدعوى باعتبارهم من المواطنين المصريين، وتقضي المحكمة برفض طلب عدم قبول تدخلهم وتطرح ما شمله الطلب من أسباب لوروده مرسلاً دون سند
ومن حيث إنه عن الطلب المقدم من هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين، والمبدي أمام المحكمة بوقف نظر الطعن وقفاً تعليقاً لحين الفصل منازعتي التنفيذ رقمي 37، 49 لسنة 38ق - منازعة تنفيذ، والتي طلبت فيهما - کما سطرت الصورة طبق الأصل المرفقة أوراق الطعن - أولاً:- وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعويين رقمي 43709، 43866 لسنة 70 ق - بجلسة 21/6/2016، فيما تضمنه من اختصاص محاکم مجلس الدولة بنظر المنازعة، ثانياً:- بالاستمرار في تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الطعون والقضايا أرقام 3 لسنة 1ق. دستورية، 48 لسنة 4ق. دستورية، 4 لسنة 12ق. دستورية،10 لسنة 14ق. دستورية 139 لسنة 17ق. دستورية، 166 لسنة 34 لسنة 34ق. دستورية، والطلب رقم 37 لسنة 38ق. دستورية، والحكم بالاستمرار في تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الطعون أرقام 139 لسنة 17ق. دستورية، 48 لسنة 4ق. دستورية، 10 لسنة 14ق. دستورية، 20 لسنة 34ق. دستورية، 30 لسنة 17ق. دستورية، وفي الطلبين - عدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعويين رقمي 43709، 43866 لسنة 70ق بجلسة 21/6/2016، مع إلزام المقدم ضدهم المصروفات، واستند الطاعنون في طلباتهم إلى حكم المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا، والتي تنص على أن "تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها
وتسري على هذه المنازعات الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها
ولا يترتب على رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى الفصل في المنازعة ." 
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا لم يتم وفقاً لطبيعته وعلى ضوء الأصل فيه بل اعترضته عوائق تحول قانوناً - بمضمونها أو إبعادها - دون اکتمال مداه وتعطل تبعاً لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بل يعرفان جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها، وكلما كان التنفيذ متعلقا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه ونطاق القواعد القانونية التي يضمها والآثار المتولدة عنها في سياقها وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينهما هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية وما يكون لازما لضمان فاعليته، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز يفترض أمرين: أولهما: أن تكون هذه العوائق سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيهما: أن يكون استنادها لتلك الأحكام وربطها منطقيا بها ممكنا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق بل تعتبر غريبة عنها منافية لحقيقتها وموضوعها
(حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 12 لسنة 34 قضائية - منازعة تنفيذ - جلسة 1/10/2016
كما أفصحت المحكمة عن موقفها من تحديد مدى اعتبار المنازعة منازعة تنفيذ في حكمها الصادر في القضية رقم 2 لسنة 21 ق. منازعة تنفيذ - جلسة 2/12/2001 مجموعة مبادئ المحكمة الدستورية العليا - الجزء التاسع)، بأن: (منازعات التنفيذ التي ينعقد الاختصاص بالفصل فيها للمحكمة الدستورية العليا قد حددتها المادة (50) من قانونها التي تنص على أن (تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها .......)، ومن ثم فإن اختصاص هذه المحكمة لا يمتد إلى الفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من جهات قضائية أخرى، وأن المحكمة وهي تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني السليم، بعد أن تستظهر طلبات الخصوم وتستجلي معانيها وتقف على مراميها الحقيقية دون التقيد بألفاظها وعباراتها، ولما كانت صحيفة الدعوى تتعلق بأن الدعوى الماثلة لا تعدو أن تكون استشكالا في تنفيذ الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في القضية رقم 5260 لسنة 1999 بولاق)، ومن ثم قضت المحكمة في هذه المنازعة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى
ومن حيث إنه - وفي ضوء ما تقدم وما رسخ في عقيدة المحكمة ووقر في وجدانها - من أن المحكمة الدستورية العليا - وهي الأقدر على حسم أمر منازعتي التنفيذ المطلوب وقف تنفيذ نظر الطعن تعليقيا لحين الفصل فيهما - باعتبارها القوامة على ما قد يدعى به من الطاعنين بصفاتهم بشأن تنفيذ أحكامها وواجب احترامها وأن دورها لا يقف عند هذا الحد وإنما يمتد إلى مراعاة أحكام الدستور والحدود الفاصلة بين سلطات الدولة واستقلال القضاء ومظهره حجية أحكامه، وإنها لا تباشر اختصاصا - في هذا الصدد - كمحكمة طعن فيما يصدر عن جهتي القضاء من أحكام نهائية أو باتة، وإنها الأدق فهما لطبيعة عمل القاضي الإداري الذي يشارك قضائها صفة قاضي القانون العام، وأن ما يعرض عليه من منازعات هو تطبيق لما يصدر عن السلطة العامة وحتى وإن كان متصلا بحكم صادر عن المحكمة الدستورية (ويكون العمل حينئذ تنفيذا له أو لمقتضياته)، وهو أمر لا يرد غالبا عليه في منازعات الأفراد فيما بينهم حين تعرض على القضاء العادي، وإن رقابة محكمة القضاء الإداري على القرارات والمنازعات الإدارية هي رقابة قانونية تسلطها عليها لتحسم أمر مشروعيتها سواء من حيث مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، وهذا بدوره هو عين اختصاص المحكمة الإدارية العليا بحسبان النشاطين وإن اختلفا في المرتبة فإنهما متماثلان في الطبيعة ومردهما في النهاية إلى مبدأ المشروعية
ومن حيث إنه ولما كان الأمر كذلك وكانت محكمة القضاء الإداري - في الحكم المطلوب عدم الاعتداد به - قد حسمت أمر طبيعة المنازعة على إنها منازعة إدارية، وأيدتها - هذه المحكمة - بقضائها الماثل - على النحو السالف بيانه بما يقطع بأن المنازعة محل الطعن الماثل منازعة إدارية تدخل في الاختصاص المحجوز لجهة القضاء الإداري عملا بحكم المادة (190) من الدستور الحالي، وأن ما استشهدت به هيئة قضايا الدولة من أحكام صادرة في دعاوى دستورية أو غيرها من الأحكام على الوجه المفصل آنفا لا يمثل - يقينا - في عقيدة المحكمة مانعا لتنفيذ حكم صادر عن المحكمة الدستورية العليا، ولا يسوغ للجهة الطاعنة بحال من الأحوال التستر بإقامة منازعات تحت مسمى منازعات تنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا، وهي في حقيقتها وطبيعتها لا تخرج عن كونها استشكالا أقيم أمام محكمة غير مختصة لوقف تنفيذ حكم نهائي صادر عن جهة القضاء الإداري، وكانت المحكمة الدستورية وما زالت مشيدة لبناته الأساسية وخاصة فيما يتعلق بقضائها المستقر على اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في منازعات التنفيذ التي تتعلق بأحكامها وهو ما استلهمه الدستور الحالي الذي وسد لجهة القضاء الإداري دون غيره ولاية الفصل في أي استشكال على تنفيذ أحكامه
ومن حيث إن المادة (129) من قانون المرافعات تنص على إنه "في غير الأحوال التي ينص فيها القانون على وقف الدعوى وجوبا أو جوازا يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم ...." ولا ريب أن التقدير الممنوح للمحكمة في أن تأمر بوقف نظر الدعوى تعليقيا، ومن ثم إجابة طلب أي طرف من أطراف الخصومة قرين أن تكون المسألة المعروضة على محكمة أخرى لازمة للفصل في موضوع الدعوى المعروضة على المحكمة التي تنظر الدعوى (الطعن)، وباستعراض ما استندت إليه الجهة الطاعنة من أحكام صادرة عن المحكمة الدستورية العليا واتخاذهما محلا لمنازعتي وقف التنفيذ المعروضتين عليها - سواء تلك التي تتصل بدستورية المادة (17) من قانون السلطة القضائية أو بعض الاتفاقيات الأخرى أو عدم دستورية بعض المواد على الوجه المبين بصحيفتي طلب منازعة التنفيذ وكلها أمور لا تتصل - في عقيدة المحكمة بالنزاع المعروض - ومحله منازعة إدارية صدرت بشأن تعيين الحدود بين مصر ودولة أخرى لم يقم بها المفهوم القانوني للالتزام الدولي طبقا لأحكام الدستور المصري والقوانين المصرية والقرار الجمهوري المنظم لإبرام أي اتفاق دولي، ويكون حقيق الطلب - من ثم - منصرفا إلى أمرين أولهما: منع المحكمة الإدارية العليا من أن تنزل صحيح حكم القانون وأعمال رقابتها على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - المطلوب عدم الاعتداد به. وثانيهما: الزج بالمحكمة الدستورية العليا في آتون منازعة إدارية تندرج تحت اختصاص محاكم مجلس الدولة، والتي صرحت الجهة الطاعنة في تقرير طعنها بأنه (اتفاق مبدئي) ومع ذلك اعتبرت الحكم الطعين يمثل مانعا قانونيا وهو ما يخالف الفهم الدستوري السليم للأحكام المنظمة لحقوق السيادة وعدم التنازل عن الأراضي المصرية بغض النظر عن كل ما أثارته الجهة الطاعنة في مذكرات دفاعها ومرافعاتها الشفهية واعترافها الصريح باتجاه إرادة الحكومة إلى رد الجزيرتين إلى دولة أخرى وإخراجهما من نطاق سيادة مصر، وهو أمر يدور - كما سلف البيان - بين حق الشعب في الموافقة على المعاهدات التي تتعلق بسيادته على أرضه والذي لا ينوب عنه بشأنها أي سلطة من سلطات الدولة أو منصة من منصات القضاء أو التنازل عن أي جزء من الأراضي المصرية وهو الأمر المحظور على كافة سلطات الدولة، بل أن الشعب صاحب السيادة لا يملك الموافقة عليه باعتبار التراب الوطني له قداسته وقدسيته بما يستوجب الحفاظ عليه للجيل الحالي والأجيال القادمة، ومن ثم تقضي المحكمة برفض طلب الجهة الطاعنة وقف تنفيذ الطعن وقفا تعليقيا
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم الحكم الصادر من قاضي التنفيذ - محكمة الأمور المستعجلة في الدعوى رقم 1863 لسنة 2016 مستعجل القاهرة بجلسة 29/9/2016 - وما قد يعلوه من أحكام تصدر من ذات جهة القضاء - والذي قضى بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري محل الطعن، ذلك أن المادة (190) من دستور جمهورية مصر العربية الحالي الصادر في 18/1/2014 تنص على أن "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص - دون غيره - بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية ...". 
وكانت المادة (172) من دستور جمهورية مصر العربية السابق الصادر عام 1971 تنص على أن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة يختص بالفصل في المنازعات الإدارية والطعون التأديبية ....". 
وتنص المادة (1) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 على أن "تتكون المحاكم من: (أ) محكمة النقض. (ب) محاكم الاستئناف. (ج) المحاكم الابتدائية. (د) المحاكم الجزئية
وتختص كل منها بنظر المسائل التي ترفع إليه طبقا للقانون". 
وتنص المادة (15) من ذات القانون على أنه "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص. وتبين قواعد اختصاص المحاكم في قانون المرافعات وقانون الإجراءات الجنائية". 
وتنص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية .....": رابع عشر: سائر المنازعات الإدارية ........". 
وتنص المادة (23) من ذات القانون على أنه "يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية وذلك في الأحوال الآتية: .........". 
وتنص المادة (46) منه على أن "تنظر دائرة فحص الطعون الطعن بعد سماع إيضاحات مفوضي الدولة وذوي الشأن، إن رأي رئيس الدائرة وجها لذلك، وإذا رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن جدير بالعرض على المحكمة الإدارية العليا، إما لأن الطعن مرجح القبول أو لأن الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره أصدرت قرارا بإحالته إليها أما إذا رأت - بإجماع الآراء - أنه غير مقبول شكلا أو باطل أو غير جدير بالعرض على المحكمة حكمت برفضه --" 
وتنص المادة (50) منه على إنه "لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك - .....". 
ومفاد ذلك، ووفقا لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا، أنه بصدور دستور جمهورية مصر العربية السابق عام 1971 أصبح مجلس الدولة صاحب الولاية العامة في نظر سائر المنازعات الإدارية كما أن المحكمة الدستورية العليا قد جرى قضاؤها في ظل العمل بدستور عام 1971 على "إن المنازعة في تنفيذ حكم صادر من جهة القضاء الإداري - والتي تستهدف إما المضي في التنفيذ وإما إيقافه وإن وصفت من حيث نوعها بأنها منازعة تنفيذ، إلا أن ذلك لا ينفي انتسابها - كأصل عام - إلى ذات جنس المنازعة التي صدر فيها ذلك الحكم، وبالتالي تظل لها الطبيعة الإدارية وتندرج بهذا الوصف ضمن منازعات القانون العام التي يختص بنظرها القضاء الإداري. ولا يغير من ذلك نص المادة 275 من قانون المرافعات على اختصاص قاضي التنفيذ - باعتباره شعبة من شعب القضاء العادي - بمنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، إذ هو من قبيل الاختصاص النوعي وبالتالي ينصرف هذا الحكم إلى منازعات التنفيذ التي تختص بأصلها جهة القضاء العادي دون أن تجاوزها إلى اختصاص محجوز لجهة القضاء الإداري". (حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 11 لسنة 20 قضائية "تنازع" جلسة 1/8/1999). 
ثم صدر دستور جمهورية مصر العربية الحالي عام 2014، مستكملا السياج الحصين الذي أحاط به اختصاص مجلس الدولة، فوسد في المادة (190) منه لمجلس الدولة - دون غيره - الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، تكريسا للقضاء المستقر للمحكمة الإدارية العليا وللمحكمة الدستورية العليا على النحو سالف الإلماح، وإنفاذا لهذا النص الدستوري الآمر - وهو نص نافذ بذاته ولا يتطلب العمل به صدور تشريع لاحق - لم يعد ثمة شك في أن منازعات التنفيذ المتعلقة بالأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة باتت من اختصاص هذه المحاكم دون غيرها توحيدا للقواعد الإجرائية والموضوعية التي تحكم الخصومة في مجال المنازعات الإدارية والتي لا تستقيم عدلا إلا إذا أخضعت لقواعد موحدة سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها
ومن حيث إن قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 وقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، واللذين صدرا في ظل العمل بأحكام دستور عام 1971، قاطعين في دلالتهما على اختصاص مجلس الدولة - دون غيره - بالفصل في المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، وآية ذلك أمران: أولهما: أن اختصاص محاكم القضاء العادي - بجميع مستوياتها بما فيها المحاكم الجزئية التي عهد لها الاختصاص بنظر منازعات التنفيذ - ينحسر تماما عن المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، إعمالا لصريح نص المادة (15) من قانون السلطة القضائية
ثانيهما: أن قانون مجلس الدولة أفرد تنظيما متكاملا لحجية الأحكام التي تصدر عن محاكم مجلس الدولة بكافة مستوياتها، وكيفية الطعن فيها، والمحكمة التي لها وقت تنفيذ الحكم، فالأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية نافذة ما لم تأمر دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذها، والأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية نافذة ما لم تأمر محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذها - المادة (50) من قانون مجلس الدولة - وتبعا لذلك وأمام هذا التنظيم التشريعي المحكم لا يجوز لأية محكمة تابعة للقضاء العادي أن تأمر بوقف تنفيذ أي حكم صادر من محاكم مجلس الدولة، إذ في ذلك خرق صارخ لأحكام الدستور والقانون، وافتئات على الاختصاص الموسد لمجلس الدولة بحسبانه قاضي القانون العام في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، وما فتئ قائما عليها باسطا ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صورها
وإذ كان ما تقدم، وكان قضاء المحكمة الإدارية العليا، وكذا قضاء محكمة النقض قد جرى على أن الحكم الصادر من جهة قضاء خارج تخوم ولايتها معدوم الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية في النزاع (حكم محكمة النقض في الطعن رقم 194 لسنة 30 قضائية جلسة 24/12/1966، وحكمها في الطعن رقم 736 لسنة 33 قضائية جلسة 2/5/1967) وكانت محكمة الأمور المستعجلة بحكمها الصادر في الدعوى رقم 1863 لسنة 2016 مستعجل القاهرة الصادر بجلسة 29/9/2016 قد تجاوزت حدود ولايتها، وقضت بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 21/6/2016 في الدعويين رقمي 43709، 43866 لسنة 70 قضائية فإن حكمها يستوي عدما أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا صاحبة الاختصاص الأصيل في نظر الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري وصاحبة الولاية وحدها في وقف تنفيذ حكمها من عدمه، ومن غير المتصور قانونا أن يكون الحكم المنعدم مرتبا لآية آثار في محيط العلائق القانونية، ذلك أن انعدامه إفناء لذاتيته يقتلعه من منابته، ويجتثه من قواعده، ليحيله هباء منثورا، فلا يولد حقا، ولا يتعلق به التزام، بعد أن هدم الدستور، وجرده من كل أثر بعدوانه على قواعده وهي التي تسمو على كافة القواعد القانونية، ولا استواء له، فليس له من عمد يرفعه، ولا من كيان يقيمه، ولا نص يعينه، بل ينهدم من أساسه ليفقد وجوده، وحسبه أنه غير شيء ولا يحول الحكم المنوه عنه دون دائرة فحص الطعون مباشرة ولايتها في نظر الطعن على حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه، والفصل فيه على وجه الحق وبما يتفق وصحيح أحكام القانون
وفوق ما تقدم فإن المستقر عليه فقها وقضاء، إعمالا لنص المادة (312) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 المستبدلة بالقانون رقم 95 لسنة 1976، أن الإشكال في التنفيذ لا يجوز أن يؤسس على وقائع سابقة على الحكم المستشكل فيه، لأن هذه الوقائع كان من الواجب إبداؤها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المستشكل فيه، كما ينبغي ألا يؤسس الأشكال على تخطئة الحكم، فلا يجوز أن يطلب المستشكل وقف تنفيذ الحكم بحجة أن المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون، أو أنها غير مختصة، فمثل هذه الإشكالات لا تقبل لأن الإشكال ليس طريقا من طرق الطعن في الأحكام، كما أن قاضي التنفيذ ليس جهة طعن، وما يعترى الحكم من عيوب لا يكون أمام ذي الشأن حيالها إلا أن يطعن على الحكم بطريق من طرق الطعن المختلفة (في هذا المعنى حكم محكمة النقض في الطعن رقم 1005 لسنة 31 قضائية، جلسة 2/10/1962). 
وقد عمدت محكمة الأمور المستعجلة بحكمها المنوه عنه فوق مخالفتها لقواعد الاختصاص الولائي المقررة دستورا وقانونا كما سلف بيانه إلى مناقشة حكم القضاء الإداري محل النزاع ونصبت نفسها محكمة أعلى لنقضه وتعديله لا قاضي تنفيذ تتحدد ولايته في إزالة ما يعرض من عقبات تحول دون تنفيذ الحكم متغافلة أو غافلة عن القواعد والأطر الدستورية والقانونية المنظمة لاختصاصاتها مما لا مناص معه من اعتبار حكمها عدما لا طائل منه ومحض عقبة مادية تنحيها المحكمة المختصة - دائرة فحص الطعون - جانبا غير عابئة به وهي بصدد ولايتها الأصيلة بنظر الطعن المعروض، وهذه الولاية التي قررها كما سلف البيان الدستور المصري وأحكام المحكمة الدستورية العليا ولا يمثل عدم إصدار تشريع يقطع بنصوصه في اختصاص جهة القضاء الإداري بالنظر في منازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه مانعا بحسبان هذا التشريع حال صدوره لا يمثل إلا تنظيما للمنظم وتأكيدا للمؤكد من الأمر بسند أعلى مرجعه المادة (190) من الدستور
وتسجل المحكمة - بعد أن حسمت اختصاصها الولائي الأصيل - أن هذا النزاع هو نزاع وطني خالص تتوافر فيه صفة المنازعة الإدارية وليس نزاعا دوليا ويفصل فيه القاضي الوطني وفقا للدستور المصري والقوانين المصرية ومنظورهما للاتفاقيات الدولية واحترام قواعد القانون الدولي التي لا يغم على القاضي الإداري إدراكها وتحصيلها وهو الذي ينشئ القاعدة القانونية واجبة التطبيق على النزاع الوطني المطروح أمامه
ومن حيث إنه عن ما أبدته الجهة الطاعنة من أسباب للطعن على الحكم المطعون فيه فإن مقولة أن حق الدولة على إقليمها هو حق ملكية يمثل خلطا بين السيادة الإقليمية وبين الملكية مرجعه أن بعض الفقه والقضاء الدولي في إطار الفقه التقليدي يذهب إلى استعارة بعض قواعد القانون الدولي من قواعد القانون الداخلي وخصوصا ما كان ينحدر من قواعد القانون الروماني الذي كان سبب ذلك الخلط في التشبيه بين الموضوعين، ويبني هؤلاء الفقهاء اعتقادهم على ما يلاحظونه من تشابه بين سيادة الدولة على إقليمها وبين الملكية، فالحق في السيادة والحق في الملكية كلاهما مقصور على صاحبه يخوله الحق سلطة التصرف في المال أو الشيء موضوعه، وذلك على الرغم من أنه وفقا للمفاهيم الحديثة لأحكام القانون الدولي المعاصر ليس هناك ما يبرر وجود هذا الخلط فالسيادة في ضوء قواعد هذا القانون لها مدلول قانوني مجرد يقوم على اعتبار الدولة أعلى سلطة في داخل إقليمها، وهذا الإقليم هو الإطار الذي تباشر الدولة سلطتها فيه، ومن ثم يتعذر تشبيه سلطات الدولة واختصاص هيئاتها بالملكية الخاصة للأفراد، ذلك أن حق الدولة على إقليمها ليس حق ملكية وإنما هو حق سياسي يشتمل على مجموعة من الحقوق التشريعية والتنفيذية والقضائية التي تسري على إقليم الدولة كما سلف البيان، ومؤدى ذلك أن الإقليم هو الذي تمارس فيه الدولة سلطتها السياسية، وهو الموضوع المباشر لسيادة الدولة التي تفترق عن حق الملكية العينية وعن سيادة الأشخاص على ممتلكاتهم الخاصة، وهذا النظر يجب أخذه بمزيد من الحذر في مجال القانون العام، ذلك أن السيادة هي التي تنشأ في مختلف الزمان مبتدئة ولم تشتق يوما من سيادة دولة أخرى سواء بمفهومها السياسي أو القانوني، ومصر - وعلى سوف ما يأتي بيانه - تمتعت عبر تاريخها وعلى اختلاف أنظمتها بأهلية قانونية دولية كاملة تجاه جزيرتي تيران وصنافير أي بالسيادة القانونية الكاملة عليهما كشخص من أشخاص القانون الدولي، ولم يعتريها يوما ما مانعا يمنع من مباشرتها، وسيادتها من هذا الشأن وصفا في الدولة يعبر عما لها من أهلية لم تتجزأ، فلا يوجد دولتان تقتسمان أهلية واحدة وباتت السيادة الإقليمية المصرية هي العنصر الرئيسي في تصرفات الدولة المصرية عليهما، والتي ظهرت بها وفقا لقواعد القانون الدولي، وأن التطور الذي لحق به لم يغير من واقع أن السيادة الإقليمية التي لازالت هي النواة التي يدور حولها توزيع الحقوق بين الدول وهذه الحقوق القانونية للدول حسبما يعرفها القانون الدولي ترتبط ارتباطا جوهريا بمظاهر السيادة على الإقليم في مقوماته الثلاثة اليابسة والبحر والجو، وهو الأمر الذي لم ينفرط عقده لمصر على تلك الجزيرتين على الدوام والثبات، وفي عموم القول أنه قد ترسخ في الوجدان الدولي أن التنازل عن جزء من إقليم الدولة يجب أن تتوافر فيه الشروط الشكلية والقانونية المطلوبة لصحته من منظور القانون الدولي والقانون الداخلي
ومن حيث إنه عن الأدلة والبراهين والشواهد التي تنطق بها أوراق الطعن بشأن الدولة التي تدخل أرض جزيرتي تيران وصنافير ضمن حدودها، فإنه يبين من اتفاقية تعيين الحدود الشرقية المبرمة بين الدولة العثمانية ومصر بشأن تعيين خط فاصل إداري بين ولاية الحجاز ومتصرفية القدس وبين شبه جزيرة طور سيناء الواردة ضمن اتفاقية رفح 1906 لترسيم حدود سيناء الشرقية - المنشورة في الوقائع المصرية 10 نوفمبر سنة 1906 السنة السادسة والسبعون نمرة الجريدة 127 - أنها جاءت خالية مما يفيد أن جزيرتي تيران وصنافير تدخلان في ولاية الحجاز بينما تدخلهما خطوط الحدود في الولاية المصرية وفقا لخريطة العقبة المطبوعة في مصلحة المساحة المصرية سنة 1913 مؤشرا عليها من المندوبين المختصين وتدخل فيهما الجزيرتين السالفتين وبها علامات الحدود المصرية عليهما طبقا للخطوط المرسومة وفقا لمعاهدة 1906 المشار إليها مع قيد حفظ حقوق العربان، بينما حد الحجاز يبدأ من العقبة وذلك على الرغم من أن تلك الاتفاقية خاصة بالحدود البرية بين الدولتين
(يراجع في ذلك: الصورة الرسمية لاتفاقية عام 1906 من الوقائع المصرية والخريطة المرفقة بالاتفاق أول أكتوبر عام 1906 من رفح شمالا حتى خليج العقبة جنوبا المقدمة ضمن حوافظ مستندات المطعون ضدهم بجلسة 22/10/2016 - مؤلف محيط الشرائع والمعاهدات الدولية المرتبطة بها مصر، انطون بك صفير المطبعة الأميرية عام 1953 ص 1617، أطلس ابتدائي للدنيا لاستعماله في المدارس المصرية عمل وطبع بمصلحة المساحة والمناجم على نفقة وزارة المعارف العمومية عام 1922 وأعيد طبعه عام 1937 موضحا بالخريطة ص 2 منه إن الجزيرتين ضمن الإقليم المصري لورودهما بالكتابة ضمن الجزر المصرية المقدم ضمن حوافظ مستندات المطعون ضدهم - مؤلف التطور التاريخي لجزيرتي تيران وصنافير 1906 - 1950 للدكتور صبري العدل). 
ومن حيث إنه وفي ضوء فهم المحكمة للاتفاقية المبرمة 1906 وخريطة العقبة المطبوعة في مصلحة المساحة عام 1913 تأكد مصرية جزيرتي تيران وصنافير، وأنه لا وجود لسيادة أخرى تزاحم مصر في هذا التواجد، بل أنه لم تكن هناك دولة غير مصر تمارس أي نشاط عسكري أو أي نشاط من أي نوع على الجزيرتين، باعتبارهما جزءا من أراضيها، وقد جاء كتاب وزارة المالية ملف رقم 219-1/4 المؤرخ فبراير 1950 الموجه لوزارة الخارجية مؤكدا على مصرية هاتين الجزيرتين متضمنا أنه: "بالإشارة إلى كتاب الوزارة رقم 853 المؤرخ 3 ديسمبر سنة 1949 بشأن قيام وزارة الخارجية بالاشتراك مع وزارة الحربية والبحرية بتحديد مدى المياه الإقليمية المصرية وطلب الوقوف على معلومات هذه الوزارة بشأن جزيرة تيران الصخرية الواقعة عند مدخل خليج العقبة فقد ثبت من مصلحة المساحة إنه بالاطلاع على اللوحة رقم 6 جنوب سيناء من مجموعة خرائط القطر المصري بمقياس 1/500000 الطبعة الأولى لسنة 1937، أنها قد بينت على جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة تفاصيل الارتفاعات بكل منهما ولونت الارتفاعات بالجزيرتين بنفس الألوان التي بينت بها المرتفعات بالأراضي المصرية بتلك المجموعة بينما تركت المساحات المبينة بتلك اللوحة من الأراضي الأجنبية بيضاء دون أن تبين لها أية تفاصيل، "ويتضح أن جزيرة تيران تدخل ضمن تحديد الأراضي المصرية" مما يقطع بمصريتهما. وقد تأكد ذلك بما ورد بكتاب وزارة الخارجية السري (رقم الملف 37/21/81-26) المؤرخ 25 فبراير 1950 الموجه لوكيل وزارة الحربية والبحرية من: "أنه بالإشارة إلى كتاب الوزارة رقم 3 سري المؤرخ 16 يناير 1950 بشأن ملكية جزيرة تيران الواقعة عند مدخل جزيرة العقبة أرفقت كتاب وزارة المالية رقم ف 219-1/4 الذي يتبين منه أن هذه الجزيرة تدخل ضمن تحديد الأراضي المصرية"، وهو ما تأكد كذلك من كتاب قائد عام بحرية جلالة الملك المؤرخ 22 فبراير 1950 بقصر رأس التين بالإسكندرية الموجه لوزارة الحربية والبحرية عن تموين قوات سلاح الحدود الملكي المصري الموجودة بطابا وجزر فرعون وتيران وصنافير أرفق به كتابا سريا لرياسة الجيش مما يدل على ممارسة مظاهر السيادة المصرية على تلك الجزيرتين، ومن ثم فليس في مكنة وزارة الخارجية بخطاب من وزيرها من بعد أن تعدل عن مصرية هاتين الجزيرتين لأي سبب من الأسباب وأيا كانت الدوافع الرامية إليه، وقد أفصحت المحكمة عن عقيدتها الجازمة في هذا الصدد حال تعرضها لمفهوم الالتزام الدولي في أسباب هذا الحكم
ويدعم ما سبق بشأن اعتبار أرض الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية ما ورد على لسان المندوب المصري أمام مجلس الأمن في جلسته رقم 659 بتاريخ 15 فبراير 1954 أن سيادة مصر على الجزيرتين المذكورتين باعتبارهما ضمن الإقليم المصري، وأن مصر تفرض سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير منذ عام 1906 حيث استخدمتهما في الحرب العالمية الثانية كجزء من نظام مصر الدفاعي وأن التحصينات في هاتين الجزيرتين قد استخدمت لحماية سفن الحلفاء من هجمات الغواصات المعادية، وأكد كذلك مندوب مصر أن الجزيرتين جزء من إقليم مصر وهو ما يعني أن مصر مارست سيادتها المشروعة عليهما لمدة مائة وعشر سنوات لم يشاركها أحد فيها، وبات جليا حق مصر التاريخي على الجزيرتين وهو الذي ينشئ الحق ابتداء، وفي هذا الشأن أكد مندوب لبنان أمام ذات المجلس - على نحو ما قدمه المطعون ضدهم في حافظة مستنداتهم بجلسة 22/10/2016 - وأكدته المستندات المقدمة من الحكومة بجلسة 7/11/2016" أن ما ذكره مندوب إسرائيل بشأن الجزر الواقعة في مدخل خليج العقبة - جزيرتي تيران وصنافير - من إدعائه أنهما وقعتا تحت الاستحواذ المفاجئ لمصر وتلا تصريحا صدر عن الحكومة المصرية في رسالة وجهتها إلى سفارة الولايات المتحدة في القاهرة مضمونها أن مصر لم تستحوذ على هذه الجزء فجأة بل كان ذلك الاستحواذ في العام 1906 حيث لزم في حينها ترسيم الحدود بين مصر والدولة العثمانية، وشرعت مصر على ضوء هذا الترسيم في الاستحواذ على الجزيرتين لأسباب فنية وكان ذلك الاستحواذ موضوع مناقشات وتبادل في الآراء وكذلك خطابات بين الإمبراطورية العثمانية وحكومة الخديوي في مصر وبالتالي لم يكن مفاجأة حيث تم الاستحواذ في الحقيقة على الجزيرتين منذ عام 1906 وهذه حقيقة مؤكدة بأنهما ومنذ ذلك الوقت خاضعتان للسلطة المصرية وأنهما يشكلان جزءا لا يتجزأ من الأراضي المصرية
ومن حيث إن مبدأ السيادة المشروعة بات من المبادئ المسلم بها في القانون الدولي المعاصر، وأن مظاهر ممارسة السيادة المصرية الكاملة على جزيرتي تيران وصنافير مما يؤكد دخولهما في الإقليم المصري تبدت في العديد من التصرفات القانونية الدولية التي حظيت بالاعتراف الدولي ومن بينها أن الخارجية المصرية حينما قامت إسرائيل بتهديد جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر عند مدخل العقبة ومضيق تيران أرسلت مذكرتين أحدهما إلى السفارة الأمريكية بالقاهرة في 30/1/1950 والأخرى للحكومة البريطانية بتاريخ 28/2/1950 - لكون السفن البريطانية كانت تستعمل الخليج لتموين القوات البريطانية الموجودة في الأردن حينذاك - أكدت فيهما على حرية الملاحة في الممر البحري الذي يفصل بين جزيرتي تيران وصنافير عن الساحل المصري بسيناء - وهو الممر المائي الوحيد الصالح للملاحة - وفقا لما كان عليه الحال سابقا وعززت السلطات المصرية مجموعة من قواتها في الجزيرتين وأفصحت فيهما أن ذلك ليس بقصد عرقلة مرور السفن البريء على أي وجه في المجال البحري في ذلك الممر البحري الواقع بين الجزيرتين المذكورتين وشاطئ سيناء المصري، وأنه من المسلم به أن هذا الممر هو الوحيد الممكن سلوكه عمليا وسيبقى حرا كما كان في الماضي وذلك وفقا للعرف الدولي ومبادئ القانون الدولي المقررة وإنما كان بسبب تهديدات إسرائيل لمصر والعالم العربي. وتم توزيع المذكرتين السالفتين على كافة القنصليات الأجنبية في العالم وتحقق للمجتمع الدولي العلم بهما وكذا شركات الملاحة العاملة في مصر ولصدور المرسوم المصري المؤرخ 6 فبراير عام 1950 بشأن إجراءات تفتيش السفن والطائرات وضبط الغنائم المتعلقة بحرب فلسطين ونصت المادة العاشرة منه فقرة أولى على أن: "تعد من المهربات الحربية، وتضبط كغنيمة، السلع الآتية متى كانت وجهتها عدائية
1- الأسلحة والذخائر والمعدات الحربية وقطع غيارها والمفرقعات والمواد المتفجرة من جميع الأنواع 2- المواد الكيماوية والعقاقير والأجهزة والآلات الصالحة للاستعمال في الحرب الكيماوية والأقطان 3- الوقود على اختلاف أنواعه 4- الطائرات والمراكب ولوازمها وقطع غيارها 5- الجرارات والسيارات ولوازمها وقطع غيارها 6- النقود والسبائك الذهبية أو الفضية والأوراق المالية وكذلك المعادن والألواح والماكينات وغير ذلك من الأشياء اللازمة لصنعها أو الصالحة لذلك 7- المواد الغذائية وجميع السلع الأخرى التي من شأنها تقوية المجهود الحربي للصهيونيين بفلسطين بأية كيفية كانت". ونصت الفقرة الثانية من المادة المشار إليها على أنه: "وتعد السلع المشار إليها من المهربات الحربية ولو كانت مارة عبر الأراضي والمياه الإقليمية عن طريق المرور ترانزيت". 
كما صدر القانون رقم 32 لسنة 1950 بتاريخ 12 أبريل 1950 بشأن مجلس الغنائم الذي حل محل الأمر العسكري الذي كان قد أصدره الحاكم العسكري المصري برقم 38 بتاريخ 8 يوليو 1948 الذي أنشأ مجلس الغنائم للنظر في دعاوى الغنائم، ووفقا للمادة الرابعة منه: "يختص المجلس بالفصل في صحة ضبط الغنائم وفي المنازعات الناشئة من الضبط وفي طلب التعويض المترتب على ذلك ويطبق في دعاوى الغنائم قواعد القانون الدولي العام وفي حالة عدم وجود قاعدة مقررة يفصل طبقا لقواعد العدالة". (يراجع مقال الأستاذ أحمد صفوت رئيس مجلس الغنائم سابقا بعنوان "مجلس الغنائم" المنشور في المجلة المصرية للقانون الدولي، المجلد السادس عام 1950)، ثم أصدرت مصلحة الموانئ والمنائر المصرية منشورا برقم 39 لسنة 1950 بناء على موافقة وزارة الحربية بتاريخ 21 ديسمبر عام 1950 وتضمن ما يلي: "(أ)- إذا حاولت سفينة حربية إسرائيلية أو سفينة حربية مساعدة تابعة لإسرائيل أن تمر في المياه الإقليمية بما في ذلك مدخل خليج العقبة أمكن إطلاق النيران في مواجهتها لإنذارها ولمنعها من المرور على ألا توجه القذيفة إليها مباشرة بغرض إصابتها إلا إذا أمعنت في مخالفتها. (ب)- إذا حاولت سفينة تجارية إسرائيلية تابعة لإسرائيل أن تمر في المياه الإقليمية المصرية بما في ذلك مدخل خليج العقبة الواقع بين جزيرة تيران وساحل سيناء فيكتفي بضبط هذه السفينة وحجزها دون مصادرتها وإحالة أمرها إلى مجلس الغنائم. (ج)- قبل مرور السفن الحربية والتجارية الأجنبية المحايدة بمدخل خليج العقبة فمن حق السفن الحربية المصرية وكذلك محطات الإشارات بالبر سؤالها عن اسمها وجنسيتها ووجهتها وكما هو متبع دوليا، على أن يكون استعمال هذا الحق بحيث لا يعوق حرية المرور البرئ عبر مدخل خليج العقبة شمالا أو جنوبا". وقد تم توزيع هذا المنشور أيضا على كافة القنصليات الأجنبية في العالم وكذا شركات الملاحة العاملة، وتحقق للمجتمع الدولي العلم به، ومصر لم تكتف فحسب بإصدار المراسيم والقوانين واللوائح بسيادتها على جزيرتي تيران وصنافير باعتبارها مصرية خالصة، وإنما طبقت ممارستها لمظاهر سيادتها الكاملة عملا على مسرح الحياة الدولية ومنعت بالفعل السفن الأجنبية التي خالفتها من المرور في مضيق تيران عملا بحقها القانوني وسيادتها الإقليمية. (يراجع في ذلك: د. محمد حافظ غانم" قضية خليج العقبة ومضيق تيران "د. عمر ذكي غباشي" الوضع القانوني لخليج العقبة ومضايق تيران المجلة المصرية للقانون الدولي المجلد 13 عام 1957 - د. عز الدين فوده "قضية خليج العقبة ومضيق تيران" المجلة المصرية للقانون الدولي المجلد 23 عام 1967 - د. محمد سعيد الخطيب رسالته للدكتوراه عن "الوضع القانوني للبحر الإقليمي مع دراسة البحار العربية والأجنبية في القانون الدولي" عين شمس مودعة كلية الحقوق جامعة الإسكندرية - د. عبد العزيز محمد سرحان" خليج العقبة ومضيق تيران "د. حسن الراوي" الوضع القانوني لخليج العقبة ومضايق تيران"). 
ومن بين تلك التطبيقات التي تنطق بالسيادة المشروعة - والقاطعة في الدلالة على وجود اعتراف دولي لسلطة مصر على مضيق تيران - حادث الباخرة الإنجليزية امباير روش "Empire Roach" في 1/7/1951 التي كانت محملة بشحنة من الأسلحة إذ أوقفتها السلطات المصرية المختصة وقامت باحتجازها أربع وعشرين ساعة تحت حراسة عسكرية، الأمر الذي أغضب السلطات البريطانية واتخذت إجراء دبلوماسيا على إثرها عرض وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت - هربرت موريسون - في مجلس العموم البريطاني تلك الحادثة في الجلسة التي عقدت في 10 يوليو عام 1951 وأبلغ السفير المصري في لندن استياء بريطانيا لهذا الحادث بل طلب من السفير الإنجليزي في القاهرة - مستر ستيفنسون - تقديم احتجاج رسمي إلى الحكومة المصرية على هذا الحادث وقدمه بالفعل في 11 يوليو عام 1951 ثم أصدر بيانا آخر بشأن هذا الحادث في 16 يوليو عام 1951 وبعد يومين في 19 يوليو 1951 أرسلت الحكومة المصرية ردها على مذكرة احتجاج السفارة البريطانية في القاهرة المشار إليها رفضت فيه الاحتجاج المذكور وأوضحت أن السفينة سالفة الذكر كانت في منطقة محرمة عندما طلب إليها التوقف لكنها أهملت كافة الإشارات التي أصدرتها السلطات المصرية بواسطة السفينة "نصر" ولم تتوقف إلا بعد أن أطلقت عليها السفينة المصرية المذكورة قذيفة للإنذار، كما أن قائد السفينة رفض إبراز أوراقها فاقتيدت إلى شرم الشيخ وتم تفتيشها هناك وجاء في ختام المذكرة المصرية بأن مصر تتمسك بحقوقها في السيادة على مياهها الإقليمية تمسكا أكيدا
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تقدمت الدول الاستعمارية بشكوى ضد مصر بشأن تفتيش سفنها المتجهة إلى إسرائيل فاجتمع مجلس الأمن في الجلسة التي عقدها في 26 يوليو 1951 للنظر في تلك الشكوى، كما أن مندوبي الدول الاستعمارية وإسرائيل تمسكوا بحرية الملاحة الدولية واتفاقية القسطنطينية عام 1888 الخاصة بقناة السويس واتفاقية الهدنة المصرية الإسرائيلية عام 1949 لتبرير مزاعمهم بعدم أحقية مصر في تفتيش السفن المتجهة لإسرائيل أو فرض الحصار عليها، وقد جاءت حجة مندوب مصر حينذاك في الأمم المتحدة تقوم على أمرين: الأمر الأول: يتعلق بهدنة وحالة الحرب بأن لمصر الحق في فرض الحصار طبقا للقانون الدولي وأن الهدنة ليست صلحا مؤقتا وأن حالة الحرب بين مصر والدول العربية من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى لا تزال قائمة وأن للدول المتحاربة الحق في فرض الحصار واحتجاز السفن المحايدة التي تحاول فك الحصار، والأمر الثاني: يتعلق بسيادة مصر على مضيق تيران بأن تفتيش السفن الأجنبية عبر مضيق تيران المتجهة لإسرائيل وإيقافها لهذا الغرض أمر ضروري لسلامة مصر وأمنها، وإزاء قوة الحجتين السالفتين في مطابقة موقف السلطات المصرية لقواعد القانون الدولي أذعنت الحكومة البريطانية واعترفت بصحة الموقف المصري وشرعية الإجراءات المصرية بشأن ممارسة سيادتها على مضيق تيران، وهو ما عبر عنه السفير البريطاني في القاهرة من خلال مذكرته إلى وزير الخارجية المصري في 29 يوليو عام 1951 جاء فيها الاعتراف بالسيادة المصرية عليهما بقوله: "لقد خولت أن أبلغكم أن حكومة جلالة الملك في المملكة المتحدة مستعدة للموافقة على إتباع التدابير الآتية بشأن السفن البريطانية غير الحربية أو العسكرية التي تبحر رأسا من السويس أو الأدبية إلى العقبة، وتخطر السلطات الجمركية المصرية في السويس أو الأدبية على الفور - بعد إتمام إجراءات تفتيش هذه السفن والتخليص عليها - السلطات المصرية البحرية في جزيرة تيران وذلك لتلافي أية ضرورة لزيارة هذه السفن وتفتيشها مرة أخرى بمعرفة هذه السلطات الأخيرة، ومن جهة أخرى فإن جميع السفن البريطانية ستراعى بطبيعة الحال الإجراءات المعتادة عند مرورها بالمياه الإقليمية المصرية" - وهو ما يبين منه كم كان حرص مصر على سيادتها على الجزيرتين ضمن الإقليم المصري وقد كانت حينذاك دولة محتلة - وقد أكد وزير الخارجية المصري وقتذاك في معقب رده على المذكرة البريطانية السالفة بمذكرته في اليوم التالي المؤرخة 30 يوليو سنة 1952 بأن "موافقة الحكومة المصرية على الترتيبات والإجراءات السالفة لأنها تتفق مع حقوق مصر بالنسبة إلى موانيها ومياهها الإقليمية". 
وممارسة مصر لمظاهر سيادتها المشروعة على جزيرتي تيران وصنافير بشأن السفن الأجنبية المارة بمياهها الإقليمية لم يتمثل في واقعة فريدة للسفينة الإنجليزية المذكورة، وإنما كان نهجا مارسته كذلك بشأن كافة السفن الأجنبية الأخرى ومثالها الدانماركية والإنجليزية الأخرى والأمريكية والإيطالية فحادث السفينة الدانماركية "أندريا سيوي" والسفينة الإنجليزية "هليكا" في 10 مارس سنة 1953 حيث قامت السلطات المصرية بتفتيش السفينة الأولى بعد إنذارها، كما قامت باستيقاف السفينة الثانية للتحقق من جنسيتها، وحادث السفينة الأمريكية "البيون" "Albion" التي كانت محملة بشحنة من القمح وقامت السلطات المصرية بإيقافها للتأكد من وجهتها وجنسيتها وبعد أن استبان أنها متجهة إلى ميناء العقبة الأردني سمحت لها بالمرور في 3 ديسمبر سنة 1953، وحادث السفينة الإيطالية "ماريا انتونيا" "Maria Antonia" التي أوقفتها السلطات المصرية في 1 يناير 1954 ومنعتها من المرور في خليج العقبة لأنها كانت متجهة إلى ميناء إيلات مما اضطرها للرجوع حيث أتت، وحادث السفينة البريطانية "أرجوبيك" "Argo Beck" التي حاولت المرور في مضيق تيران بدون التقيد بتعليمات السلطات المصرية المختصة في 10 أبريل 1955 فاضطرت القوات المصرية لاستعمال القوة ضدها وترتب على ذلك إصابتها في المقدمة، وحادث السفينة البريطانية "أنشن" "Anchen" التي أوقفتها السلطات المصرية في 3 يوليو 1955 ومنعتها من المرور في مضيق تيران، وهكذا تأكد ممارسة مصر حقوقها الإقليمية وسيادتها على مضيق تيران الذي يعد مضيقا وطنيا مصريا خالصا يخضع للسيادة المصرية ومياهه مياه داخلية مصرية وقامت بتفتيش السفن الأجنبية لأعتى الدول الكبرى المتجهة إلى ميناء إيلات ومنعتها من المرور فيه ومصادرة البضائع التي تحملها إذا كانت أسلحة أو مواد حربية أو إستراتيجية فضلا عن منع السفن الإسرائيلية من المرور لعدم توافر البراءة المطلوبة في مرورها. (يراجع في ذلك: محضر اجتماع للجمعية المصرية للقانون الدولي الخاص بمناقشة أهم الجوانب القانونية لقضية خليج العقبة ومضيق تيران الذين عقد في 2 يونيو عام 1967 المنشور في المجلة المصرية للقانون الدولي للمجلد 23 عام 1967 بمكتبة كلية الحقوق جامعة الإسكندرية عام 1967 وشارك فيه العلماء والفقهاء وهم: د. محمد حافظ غانم د. زكي هاشم د. عائشة راتب د. فتحي رضوان د. عز الدين فوده د. محمود بنونه د. أحمد موسى د. بطرس بطرس غالي د. صادق المهدي - وانتهى فيه الرأي إلى أن خليج العقبة بحيرة إقليمية عربية تخضع للسيادة العربية المشتركة للدول العربية بينما مضيق تيران مضيق وطني مصري لا يرد عليه أي التزام متصل بمرور السفن الأجنبية ولا يجوز مرور تلك السفن إلا بموافقة وتحت إشراف مصر - القانون الدولي العام في وقت السلم الدكتور حامد سلطان كلية الحقوق جامعة الإسكندرية الطبعة السادسة يناير عام 1976 ص 469 وما بعدها "بشأن السفينة امباير روش التي حدثت في الأول من يوليو عام 1951 وغيرها من أحداث ص 474 ارتأى فيها المؤلف أن مضيق تيران مضيق وطني، مكتبة كلية الحقوق جامعة الإسكندرية) وما سعت الدول الكبرى إلى نفي الصفة الوطنية عن مضيق تيران إلا تأمينا لطرقها وطرق إسرائيل في خليج العقبة
على أن إصدار القوانين واللوائح والقرارات التنظيمية العامة لبسط مصر سيادتها المشروعة على تلك الجزيرتين - التي لا تتمتع بها سوى دولة ذات سيادة - لم تقتصر فحسب في إصدارها في الشأن الخارجي على مجال إجراءات تفتيش السفن والطائرات الأجنبية طبقا للقوانين المصرية على الجزيرتين، وإنما أصدرتها كذلك في الشأن الداخلي أيضا، منها ما يتعلق بالأمن العام والأحوال المدنية وحظر صيد الطيور والحيوانات واعتبارها منطقة سياحية ومحميات طبيعية كأحد الأركان الجوهرية للبيئة: فقد أصدر وزير الداخلية عدة قرارات في هذا الشأن منها قراره رقم 420 لسنة 1982 المنشور في الوقائع المصرية في 21/3/1982 بإنشاء نقطة شرطة مستديمة بجزيرة تيران التي نصت المادة الأولى منه على أن "تنشأ نقطة شرطة مستديمة بجزيرة تيران تتبع سانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء تسمى نقطة شرطة جزيرة تيران ويشمل اختصاصها جزيرتي تيران وصنافير"، ثم قراره الثاني رقم 865 لسنة 1982 والمنشور في الوقائع المصرية بتاريخ 4/5/1982 والتي نصت المادة الثانية منه على أن "تنقل تبعية نقطة شرطة جزيرة تيران المستديمة من قسم شرطة سانت كاترين إلى قسم شرطة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء" وقراره رقم 80 لسنة 2015 بإنشاء قسم ثان شرطة شرم الشيخ بمديرية أمن جنوب سيناء والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 15/2/2015 ونصت في المادة الأولى منه على أن "ينشأ بمديرية أمن جنوب سيناء قسم ثان شرطة شرم الشيخ ..... يشمل نطاق قسم ثان شرطة شرم الشيخ على ما يلي: .... جزيرة صنافير - جزيرة تيران - وادي مرسى بريكة ....". وقرار مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأحوال المدنية رقم 542 لسنة 2015 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 16/3/2015 ونصت في المادة الأولى منه على أن "ينشأ بإدارة شرطة الأحوال المدنية بجنوب سيناء قسم سجل مدني ثان شرم الشيخ مقره منطقة نبق فصلا من النطاق الجغرافي لقسم سجل مدني شرم الشيخ .... يشمل نطاق اختصاص قسم ثان شرطة شرم الشيخ على ما يلي: ..... جزيرة صنافير - جزيرة تيران - وادي مرسى بريكة ...." ثم أصدر وزير الزراعة والأمن الغذائي قراره رقم 472 لسنة 1982 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 11/5/1982 والذي أشار في ديباجته إلى قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 ونصت المادة الأولى منه على أن: "يحظر صيد الطيور والحيوانات بكافة أنواعها في المناطق التالية بمحافظتي سيناء: ج- منطقة جزيرة تيران "ثم صدر قرار وزير السياحة رقم 171 لسنة 1982 المنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 26/6/1982 باعتبار منطقة ساحل جنوب سيناء (خليج العقبة) منطقة سياحية وتضمن اعتبار المنطقة من طابا شمالا حتى رأس محمد جنوبا والجزر الواقعة داخل المياه الإقليمية منطقة سياحية في مجال تطبيق أحكام القانون رقم 2 لسنة 1973 بإشراف وزارة السياحة على المناطق السياحية واستغلالها، ثم صدر القانون رقم 102 لسنة 1983 في شأن المحميات الطبيعية وتضمنت مذكرته الإيضاحية أن ".... 2- من بين المناطق المقترح جعلها محميات طبيعية جزيرة تيران في خليج العقبة ..."، ثم أصدر رئيس مجلس الوزراء قراره رقم 1068 لسنة 1983 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 26/11/1983 بإنشاء محمية طبيعية في منطقة رأس محمد وجزيرتي تيران وصنافير بمحافظة جنوب سيناء، وأصدر قراره رقم 2035 لسنة 1996 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 3/8/1996 متضمنا استمرار جزيرتي تيران وصنافير كمحميتين طبيعيتين وفقا للقانون رقم 102 لسنة 1983 في شأن المحميات الطبيعية - وهذه القرارات الأخيرة للتدليل على وقوع الجزيرتين ضمن الإقليم المصري هي جل الأسباب التي استند إليها الحكم الطعين - وعلى هدي ما تقدم جميعه تكون السيادة المصرية قد تأكدت على الجزيرتين سواء في الشأن الخارجي في ظل الأحكام المنظمة للقانون الدولي أو في الشأن الداخلي طبقا لقوانينها باعتبارهما ضمن الإقليم المصري
ومن حيث أنه وبعد الاستعراض السابق بيانه، يبين بجلاء ووضوح لا لبس فيه أو غموض أنها مظاهر للسيادة المشروعة لا تتمتع بها سوى دولة ذات سيادة على الجزيرتين، وهكذا بقيت المراسيم والقوانين واللوائح المصرية شاخصة شاهدة ناطقة على ممارسة مظاهر كامل السيادة المصرية على الجزيرتين في ظل الأحكام المنظمة للقانون الدولي وتبعا لذلك بقيت القواعد التي تنتظمها في السيادة المصرية على الجزيرتين سارية المفعول على جميع السفن الأجنبية باعتراف دولي التي تمر في مضيق تيران للخضوع للرقابة وأنشأت محطة بحرية للقيام بهذا الغرض، بل كانت تلك اللوائح تقضي بإلزام السفن الأجنبية بإخطار السلطات المصرية قبل 72 ساعة على الأقل من المرور في مضيق تيران والإبلاغ عن وجهتها وركابها وحمولتها باعتبار أن مياه مضيق تيران مياها إقليمية مصرية خالصة، وهذا الإخطار السابق يماثل تماما ذات الإخطار السابق الذي اشترطته السلطات المصرية من قبل السفن الأجنبية التي تمر بقناة السويس وكلاهما حق من حقوق مصر تستمده مباشرة من حقها في السيادة عليهما باعتبارهما من الإقليم المصري وإن کانت الأخيرة استمدت كذلك من معاهدة القسطنطينية سنة 1888 الخاصة بقناة السويس، إلا أن الثانية استمدت السيادة من واقع سيطرة مصر على المضيق والجزيرتين فعليا كما أعلنت أن منطقة شرم الشيخ ومضيق تيران وصنافير محظور فيهما الطيران إلا بإذن من مصر
ومن حيث إنه لا ينال من ثبوت سيادة مصر ما قد يستند إليه من تعطل ممارسة السلطات المصرية على مضيق تيران الفترة منذ العدوان الثلاثي سنة 1956 حتى سنة 1967 التي لم تمارس فيها السلطات المصرية حق الإشراف والرقابة على الملاحة في ذلك المضيق، ذلك أن هذا التعطيل يعد مؤقتا بطبيعته لأنه كان أثراً من آثار العدوان الثلاثي وهو أمر فرضته الظروف اللاحقة على العدوان حيث رابطت قوات الطوارئ الدولية في منطقة شرم الشيخ المصرية وهو الأمر الذي استعادته السلطات المصرية منذ 23 مايو سنة 1967 بعد انسحاب قوات الطوارئ الدولية بناء على طلب مصر، بل إن اتفاق لجنة الهدنة المصرية الإسرائيلية المشتركة سنة 1953 كان على منع السفن التابعة لكل من الطرفين من الدخول في المياه الإقليمية للطرف الآخر إلا في حالات الضرورة القاهرة، وأنه لا يجوز للسفن التابعة لإسرائيل الدخول في المياه الإقليمية المصرية، ومؤدى ذلك ولازمه أنه ليس من حق السفن الإسرائيلية المرور في مضيق تيران، وقد تضمن نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من اتفاقية الهدنة المصرية الإسرائيلية ذلك، ولا يمكن وضع ذلك الاتفاق إلا لدولة تملك سيادتها على إقليمها، وأية ذلك أن السكرتير العام للأمم المتحدة "يوثانت" قدم تقريراً إلى مجلس الأمن في 26 مايو سنة 1967 تناول فيه في صراحة ووضوح أن موقف مصر هو أن المضيق يشكل مياهاً إقليمية لها حق مراقبة الملاحة فيها وأن إسرائيل تعتبر إغلاق مضيق تيران في وجه السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي وفرض قيود على شحنات السفن التي تحمل أعلاماً أخرى سببا للحرب وأن هدف مصر العودة إلى الأحوال التي كانت سائدة قبل سنة 1956 وإلى المراعاة العامة من الطرفين لأحكام اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل وقد قرر مندوب مصر في الجمعية العامة للأمم المتحدة آنذاك في 27 نوفمبر 1956 بسيادة مصر على المضيق بعد انتهاء مهمة قوة الطوارئ الدولية بقوله "ليكن واضحاً تماماً أن هذه القوات إنما هي ذاهبة إلى مصر لمعاونتها برضاها وليس هناك أحد يمكن أن يقول أن رجل الأطفاء بعد أن يخمد النيران يمكن أن يدعي حقوقاً أو حججاً للبقاء في المنزل وعدم تركه" إشارة منه بتمسك مصر بمصرية كامل إقليمها، كما أن السكرتير العام للأمم المتحدة آنذاك "داج همر شولد" أوضح في تقريره المؤرخ 4 فبراير 1957 أنه يتعين رضاء مصر الكامل على دخول هذه القوات لإقليمها في مضيق تيران مما لا يدع مجالا لأي شك في سيادة مصر على الجزيرتين حتى في أحلك الظروف كما أورد في تقريره المؤرخ 26 فبراير سنة 1957 أن وجود قوة الطوارئ لا يجوز أن يتخذ ذريعة لفرض حل لأية مشكلة سياسية أو قانونية لأن وظيفة القوة هي منع وقوع الأعمال العدوانية، ثم عندما دخلت قوات الطوارئ الدولية إلى شرم الشيخ في 8 مارس 1957 أعلن السكرتير العام للأمم المتحدة في ذات اليوم انسحاب القوات الإسرائيلية من هذا الموقع ومن جزيرتي تيران وصنافير وهو ما يؤکد - کما انتهى إلى ذلك مندوب مصر بالأمم المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أول مارس 1957 عقب انسحاب إسرائيل - أن تصريحات الأخيرة لن يمس حقوق مصر على الجزيرتين، وقد أيد مندوب الهند عام 1957 موقف مصر منتهيا إلى أن مدخل خليج العقبة يقع في المياه الأقليمية لمصر ودعا إلى عدم محاولة أي دولة أو مجموعة من الدول معارضة سيادة مصر على مضيق تيران عن طريق استعمال القوة، وأعلن الوفد السوفيتي في الأمم المتحدة بنيويورك عام 1957 أن: "الاتحاد السوفييتي يرى أن خليج العقبة من المياه العربية الداخلية، وأن حل مشكلة الملاحة في المياه الداخلية حق من حقوق السيادة للدولة صاحبة الشأن، أي من حق مصر"، کما أکد مندوب مصر في جلسة مجلس الأمن التي عقدت في 29/5/1967 أن اتفاقية الهدنة لا تبطل حقوق مصر في تقييد الملاحة في المضيق المذکور، کما أن عدوان سنة 1956 لم يغير المركز القانوني لحق مصر في السيادة الكاملة على مضيق تيران باعتباره ضمن الإقليم المصري وإنه ليس مضيقا مستخدما للملاحة الدولية في مفهوم حكم محكمة العدل الدولية في قضية مضيق كورفو CORFU الصادر في 9 أبريل 1949 وإنما هو مضيق وطني مصري يضم مياهاً وطنية مصرية داخلية وهو ما حظى بموافقة مندوبي عدة دول لسيادة مصر المشروعة على مضيق تيران منها الهند وبلغاريا وسوريا والعراق والأردن والمغرب والسعودية ذاتها. (يراجع في ذلك: موافقات مندوبي تلك الدول محاضر جلسات مجلس الأمن المنعقدة في 29 مايو 1967)، ومن المعلوم أن المضيق الدولي کما جرى عليه العرف الدولي وما قررته محكمة العدل الدولية في حكمها المذکور يشترط فيه توافر رکنين أساسيين هما (1) أن يكون المضيق موصلا بين بحرين عاليين - أي جزء من أعالي البحار - (2) أن يكون المضيق مما جرى العرف الدولي على استعماله عادة كطريق من طرق الملاحة البحرية، والحق أنه لم يثبت قط أن مضيق تيران اتخذ لمثل هذا الوصف لعدم استعماله كطريق للملاحة البحرية ولعدم كونه موصلا بين بحرين وإنما هو يصل المياه الإقليمية المصرية بالمياه الداخلية للدول العربية، ومن ثم فإن سيادة مصر المشروعة على تلك الجزيرتين كاملة غير منقوصة ولم تفرط في شبر منهما على امتداد تاريخها وراح ضحيتهما وبسببهما دماء ذكية حفاظا على إقليمها إذ قرر المندوب الأمريكي في الاجتماع رقم 1377 أمام مجلس الأمن أن إغلاق مضايق تيران كانت السبب الجوهري لحرب 1967 وأن العودة للسلام يتطلب ضمانا لحرية الملاحة في مضيق تيران
وفضلا عما تقدم، فإن مصر كانت طوال هذه الفترة في حالة حرب مع العدو الإسرائيلي لاسترداد حقها في المضيق وبسط سيطرتها إلى أن تم التحرير في حرب أكتوبر عام 1973 المجيدة، وهو ما أكده قرار مجلس الأمن بتشكيل قوة الطوارئ الدولية في 25 أکتوبر 1973 وأن وقف إطلاق النار المتقطع بسبب انتهاكات إسرائيل المستمرة له لا يؤثر على بقاء حالة الحرب L''''''''''''''''Etat de guerre رغم وقف إطلاق النار، لأن وقف القتال Suspension d''''''''''''''''armes لا ينهي حالة الحرب، كما أن الهدنة Larmistice لا تنهي تلك الحالة لأن الحرب لا تنتهي إلا بالتوصل إلى اتفاق سلام أو معاهدة صلح traité de paiX ومن ثم فلا حق لإسرائيل خلال تلك الفترة في مرور سفنها في مضيق تيران، ثم جاءت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية واستخدمت المادة الخامسة في فقرتها الثانية من تلك المعاهدة تعبير طرق الملاحة الدولية International Waterways ولم تستخدم تعبير المرور العابر Transit passage وفقا لما أتت به اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ولا مرية أن النظرة الفاحصة في تلك المعاهدة وملاحقها تكشف النقاب عن أن أطراف المعاهدة ينظرون إلى مياه مضيق تيران بحسبانها جزءاً لا يتجزأ من المياه الإقليمية المصرية، ووفقاً للمادة الثالثة من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار فإن النظام المقرر للمرور في المضايق لا يؤثر على الطبيعة القانونية للمياه التي تتشكل منها تلك المضايق، وهو ما يتوافق مع مبدأ المرور العابر كما سطرته المادة 38 في فقرتيها الأولى والثانية من اتفاقية الأمم المتحدة المشار إليها، أخذاً في الاعتبار ما أكدته مصر في تصديقها على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بتاريخ 11 يوليو 1983 بقولها: "أن جمهورية مصر العربية إذ تصدق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والمعبر عنها فيما بعد بالاتفاقية وإعمالا لحكم المادة(310) منها تعلن أن ما ورد في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية المبرمة عام 1979 من نص خاص بالمرور في مضيق تيران وخليج العقبة يسير في إطار التنظيم العام للمضايق كما ورد بالجزء الثالث من الاتفاقية بما يتضمنه هذا التنظيم من عدم المساس بالنظام القانوني لمياه المضيق ومن واجبات تكفل السلامة وحسن نظام دولة المضيق, وإذا كانت المادة الخامسة من معاهدة السلام قد تضمنت اعتبار الطرفين مضيق تيران من الممرات الدولية المفتوحة دون عائق أو إيقاف لحرية الملاحة أو العبور الجوي فإن ذلك لا يعني اتفاقا بين الطرفين على تغيير النظام القانوني للمرور أو للملاحة في المضيق يخرجه عن نطاق تطبيق أحكام المضايق وفق الاتفاقية العامة لقانون البحار في المادة 35/4 وبهذه المثابة فإن صفة الدولية التي أضافتها الفقرة الثانية من المادة الخامسة على تيران إنما بُغية إرساء مبدأ حرية الملاحة لا يغير من المركز القانوني للمياه التي يشملها هذا المضيق بحسبانها مياها إقليمية مصرية تمارس عليها مصر كامل سيادتها عليها، وآية ذلك ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة الأولى من تلك المعاهدة التي نصت على أن مصر سوف تستأنف ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء بعد إتمام الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الحدود الدولية، وغني عن البيان أن سيادة مصر على سيناء تكون لأرضها وجوها ومياهها الإقليمية. وبصفة عامة يمكن القول أن اتفاقية معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في مجملها وما تحتويه من تنظيم المرور بمضيق تيران بما يضمن كفالة السلامة وحسن نظام دولة المضيق تعني التسليم لمصر بكامل سلطانها في السيادة عليه كجزء من إقليمها ولا يمكن لدولة أن تسعى لتنظيم مرور ملاحي في نطاق معاهدة لمضيق ليس خاضعا خضوعاً كاملا لها وليس من إقليمها الخالص. ومؤدى ما تقدم جميعه ولازمه أن كل تعرض أو تدخل لهاتين الجزيرتين سلما أو حرباً لم يكن طرفا فيه سوى دولة وحيدة هي مصر لا غيرها الأمر الذي يستلزم مع تضافر وتكامل الأسباب الأخرى استدعاء أن السيادة عليهما ليست إلا لمصر ولمصر وحدها، وبناء على الاتفاقية المشار إليها أدرجت الجزيرتان ضمن المنطقة (ج) والتي تخضع وفقاً لأحكام الاتفاقية ضمن السيادة المصرية، ولم تتدخل المملكة العربية السعودية في هذه المباحثات - تصريحاً أو تلميحاً - بما يقطع بأن الجزيرتين أرض مصرية وليس لدولة أخرى ثمة حقوق عليهما, وكانت مصر ولا زالت هي الطرف المدافع عن هاتين الجزيرتين حرباً وسلماً لا باعتبارها وكيلة أو تديرها لصالح دولة أخرى
ومن حيث إنه لا خلاف على أن مظاهر سيادة مصر على الجزيرتين قد أخذت صوراً متباينة ومظاهر متعددة وكانت تلك السيادة ثابتة ومستقرة ومستمرة منذ القدم کشف عنه العصر الحديث اعتبارا من 1906 حتى الآن ولم يثبت في أية مرحلة من مراحل التاريخ أن السعودية مارست على تلك الجزيرتين أدنى مظهر من مظاهر السيادة أو كان لها تواجد عسكري أو غيره من أي نوع والقاعدة المستقرة في ظل القضاء الدولي كمبدأ من المبادئ العامة في القانون هو مبدأ عدم جواز الادعاء بما يخالف سلوكاً سابقاً - وهو ما طبقته محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر سنة 1962 وذلك في قضية (Préah Vihear) - كما أن مبدأ عدم وجود مظاهر منافسة للسيادة يعطي الدولة صاحبة السيادة الفعالة أهلية كاملة على الإقليم الذي مارست فيه كافة شئون السيادة والقاعدة أنه إذا وجد ادعاءان متعارضان فإن أظهرهما هو الذي يعلو وهذا ما ذهبت إليه محكمة العدل الدولية إذ أخذ به المحكم في قضية جزيرة بالماس 1928 فقد كانت ممارسة هولندا للسيادة على تلك الجزيرة ثابتاً دون إسبانيا وهو الذي خول هولندا حق كسب الجزيرة، وكانت تلك القضية بين الولايات المتحدة وهولندا بشأن السيادة على الجزيرة المذكورة، حيث ادعت الولايات المتحدة سيادتها على الجزيرة – كخلف لإسبانيا – بناء على الكشف إذ أن إسبانيا تنازلت لأمريكا عن جزر الفلبين وقد استندت الولايات المتحدة إلى الجوار بحسبان الولايات المتحدة تمارس السيادة على جزر الفلبين وجزيرة بالماس تكون جزءا جغرافياً من جزر الفلبين أما هولندا فذهبت إلى أنها خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر ممثلة بشركة الهند الشرقية الهولندية كانت تمارس حقوق السيادة على تلك الجزيرتين وتم الاعتراض على أن الحقوق التي کانت تمارسها هولندا وشرکتها کانت تستند إلى معاهدات مع الأمراء الوطنيين وأنها لذلك سيادة اقطاعية Suzerainty ولم تكن سيادة دولية sovereignty ولكن المحكم اقتنع بأن هولندا مارست مظاهر السيادة على الجزيرة خلال فترات معينة ما بين منتصف القرن السابع عشر ونهاية القرن التاسع عشر ورفض ادعاء الولايات المتحدة، والثابت من الأوراق أن مصر مارست سيادتها الكاملة على تلك الجزيرتين في جميع الفترات دون منازع على مسرح الحياة الدولية، ولم توجد مظاهر منافسة من أية دولة للسيادة المصرية المشروعة على هاتين الجزيرتين
ومن حيث أنه ومع أن المياه الداخلية تختلف عن الإقليم البري من الناحية الطبيعية، فإنهما يخضعان لنفس النظام القانوني – خاصة من ناحية السيادة - وهو ما يمكن استنتاجه من نص المادة الأولى من اتفاقية قانون البحار عام 1982 الذي يقضي بأن سيادة الدول الساحلية تمتد خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية إلى البحر الإقليمي. وهذا يعني أن ولوج السفن الأجنبية في المياه الداخلية يخضع للتدابير التي تتخذها الدولة الساحلية في هذا الشأن، كتحديد الممرات البحرية ووقف الملاحة في المياه الداخلية، وإقفال بعض الموانئ في وجه السفن الأجنبية، وتنص الفقرة الثانية من المادة (25) من ذات الاتفاقية على أن للدولة الساحلية الحق في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أي خرق للشروط التي يخضع لها دخول السفن الأجنبية إلى المياه الداخلية, أو توقفها في مرسى خارج هذه المياه، وهو حق يستلزم خضوع السفن الأجنبية المتواجدة في المياه الداخلية للتشريعات الإقليمية للدولة وللسلطة القضائية المحلية, وهو عين ما مارسته مصر في سيادتها على الجزيرتين إقليميا ومياها
ومن حيث أنه بشأن ما أثير عن قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 27 لسنة 1990 بشأن خطوط الأساس التي تقاس منها المناطق البحرية بجمهورية مصر العربية فإن المادة الأولى من القرار المشار إليه تنص على أن يبدأ قياس المناطق البحرية الخاضعة لسيادة وولاية جمهورية مصر العربية بما فيها بحرها الإقليمي من خطوط الأساس المستقيمة التي تصل مجموعة النقاط المحددة بالإحداثيات الواردة في المادة الثانية، فإن هذا القرار وقبل التعرض لمضمونه والغرض من إصداره يؤكد ما سبق أن أشارت إليه المحكمة من أن السيادة هي العنصر الهام والحاسم لتحديد المياه الداخلية للبلاد شأنها شأن قواعد تحديد الإقليم البري وأن هذا القرار والذي اتخذ أساساً لاتخاذ الإجراء المطعون عليه في محاولة من الجهة الطاعنة للربط بينهما واعتبار الإجراء المخالف يعد نتيجة منطقية للقرار المشار إليه يفتقد الأساس القانوني المبرر من واقع الأوراق، وسند ذلك أن طريقة القياس على خطوط الأساس المستقيمة Straight Baselines، قبل أن تشرع في اتفاقية قانون البحار وقبلها اتفاقية جنيف كانت أساس حكم محكمة العدل الدولية في قضية المصايد النرويجية البريطانية الصادر في 18 ديسمبر 1951، وقد ذهبت المحكمة إلى أن نظام الخطوط المستقيمة الذي يتبع الاتجاه العام للشاطئ قد تم تطبيقه بإجراء من جانب النرويج وإنه لم يثر الاعتراض من جانب الدول الأخرى، وأن المملكة المتحدة لم تبدأ الاحتجاج على ذلك النظام حتى عام 1932، وبعد وصف المحكمة للساحل النرويجي انتهت إلى الأخذ بفكرة خط الأساس المستقيم والذي يعني حسب الحكم المشار إليه اختيار عدد من النقاط الملائمة لأدنى انحسار الجزر على طول الساحل، وبعد أن رفضت المحكمة ادعاء المملكة المتحدة المستند إلى طريقة خطوط الأساس لا ينطبق على حالات الخلجان، مؤكدة على أن الممارسة الدولية لا تؤدي إلى استخلاص قاعدة ثابتة في هذا الصدد، خاصة أنه حال تطبيق هذه الطريقة، يجوز أن يؤخذ في الاعتبار في تقرير خطوط أساس معينة ما تنفرد به منطقة معينة من مصالح اقتصادية ثبت وجودها وأهميتها ثبوتا جلياً بالاستعمال الطويل، كما أنه لا يجوز لدولة الأخذ بنظام خطوط الأساس المستقيمة على نحو يفصل البحر الإقليمي لدولة أخرى عن أعالي البحار، و لا ريب أن القرار الجمهوري المشار إليه (27 لسنة 1990) قد راعى في اعتماد طريقة خطوط الأساس المستقيمة كطريقة يبدأ منها قياس المناطق البحرية الخاضعة للسيادة المصرية المصالح الاقتصادية الهامة وحماية الأمن القومي، وقد ظهر هذا الموقف جلياً في الإعلان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية ردا على مذكرة سكرتير الأمم المتحدة رقم M-Z-N-L 0S2010.77 في 25/3/2010 في شأن قيام المملكة العربية السعودية بإيداع قوائم الإحداثيات الجغرافية لخطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي، کما وردت بقرار مجلس الوزراء رقم 15 بتاريخ 11/1/2010 والمرسوم الملكي رقم 2/4 في 12/1/2010 من أن جمهورية مصر العربية تعلن بأنها سوف تتعامل مع خطوط الأساس الواردة إحداثياتها الجغرافية في الجدول رقم (1) المرفق بالمرسوم الملكي رقم 2/4 بتاريخ 12 يناير 2010 الذي يمثل الحدود الجنوبية لمصر بما لا يمس بالموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لتعيين الحدود البحرية بين البلدين، وهذا التحفظ ولئن کان يكشف عن وجود مفاوضات بين البلدين إلا أنه يفصح وبجلاء - أيضاً - عن عدم وجود تطابق بين مضمون القرار الجمهوري وقرار مجلس الوزراء السعودي المشار إليهما سلفاً، ولم تبين الجهة الطاعنة وجه الخلاف بين القرارين، وإذا كان محله تغييرا في الحدود أو السيادة وما يستتبعها بالنسبة للجانب المصري من ضرورة اتخاذ إجراءات دستورية وقانونية تتصل بحقوق عامة للشعب لا تباشرها السلطة التنفيذية بمعزل عن إرادة الشعب، وهذه الحقيقة القانونية لم تنشأ في الوقت الحالي، وإنما منذ دستور عام 1923 مع تغير المشارك للسلطة التنفيذية من مجلس النواب أو الشعب حتى دستور عام 1971 والشعب صاحب السيادة على هدي أحكام الدستور الحالي، والذي حظرت أحكامه التنازل عن جزء من إقليم الدولة على كافة سلطاتها والشعب ذاته، والقاعدة الأصولية أن المعدوم لا يولد أثراً
ومن حيث إنه بات من اللازم في ضوء ما تقدم توضيح الوضع الجغرافي لمضيق تيران والجزيرتين محل الطعن، فمضيق تيران هو المدخل الوحيد الصالح للملاحة بخليج العقبة، وهذا الخليج يبلغ طوله (96) ميلا وأقصى نقطة لعرضه (5 و 14) ميل، وبداخل هذا الخليج جزيرتان صخريتان هما جزيرتي تيران وصنافير وعدد أخر من الجزر الصغيرة المتناثرة تبلغ ثلاثين جزيرة تنتشر حولها الشعب المرجانية، وتقع جزيرة تيران على بعد ثلاثة أميال من الساحل المصري وأربعة أميال ونصف من الساحل السعودي عند رأس فرنك وتقع بين جزيرة تيران والساحل المصري مجموعة من الشعب المرجانية الممتدة على هيئة خط طولي يمتد ناحية الشمال وتلك الشعب المرجانية تقسم مضيق تيران وهو الجزء الواقع بين الجزيرة والساحل المصري إلى ممرين الشرقي الواقع بين الجزيرة وتلك السلسلة من الشعب المرجانية يسمى ممر جرافتون وعرضه 950 ياردة وتصعب فيه الملاحة، والثاني ممر الانترابرايز ويقع ملاصقاً لساحل شبة جزيرة سيناء المصري وعرضه (1300) ياردة، إلا أن الصالح للملاحة منه لا يتعدى (500) ياردة ملاصقة تماماً للساحل المصري، أما جزيرة صنافير فتقع على بعد ميل واحد و نصف شرق تيران، و الطرف الجنوبي و الجنوبي الغربي منها تحده الصخور التي تمتد شمالا تاركاً قناة ضيقة بينهما وبين الساحل الغربي لها وتتناثر الشعب المرجانية حول الشاطئ الغربي لها، و بذلل يكون الجزء الواقع بين تيران وصنافير غير صالح للملاحة، كما أن الجزء الواقع بين صنافير والساحل السعودي غير صالح – أيضاً - للملاحة، والجزء الوحيد الصالح للملاحة لهاتين الجزيرتين هو ال (500) ياردة الملاصقة لساحل شبة جزيرة سيناء المصرية، و على الساحل الغربي لمضيق تيران تقع رأس محمد کما تقع شرم الشيخ و شرم المديا شمالا وتقع رأس نصراني على بعد ميل واحد ونصف شمال شرم الشيخ، ويوجد به فنار ساحلي ومحطة لتموين السفن على بعد اثنين ميل ونصف شمالا، ومؤدى ذلك ولازمه، فإن المقصود بمضيق تيران هو جزيرتي تيران وصنافير والممرات الواصلة المحيطة بهما توصلا للرئة التي تتنفس من خلالهما وتكون صالحة للملاحة على خليج العقبة وهي الملاصقة تماماً لساحل شبة جزيرة سيناء المصري لا غيره، ومضيق تيران على هذا النحو هو المنفذ الوحيد لخليج العقبة ويصله بالبحر الأحمر، ويمثل في ذات الوقت وما يجاوره من جزر أهمية اقتصادية واستراتيجية لمصر، وكان يجب أن تكون بذاتها تحت بصر وبصيرة من أقدم على اتخاذ الإجراء خاصة في ظل الظروف والملابسات والحقائق السالف ذكرها والتي لم تقطع بملكية أو سيادة دولة اخرى للجزيرتين ويدعم حق مصر وسيادتها على الجزيرتين وكذا حقها في ممارسة كافة السلطات عليهما ما ورد باتفاقية 1982 لقانون البحار من تحديد سلطات الدولة على بحرها الإقليمي حيت تضمنت ما يلي
1- حق اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع المرور غير البري
2- حق الإيقاف المؤقت للمرور البري من مساحات معينه من البحر الإقليمي، إذا كان هذا الإيقاف لازماً لحماية أمن الدولة الساحلية
3- حق ممارسة الولاية الجنائية على ظهر السفن المارة عبر البحر الإقليمي في حالات معينة
4- حق ممارسة الولاية المدنية على السفن الراسية أو العابرة للبحر الإقليمي بعد مغادرتها المياه الداخلية
5- حق طلب مغادرة السفن الحربية للبحر الإقليمي في حالة عدم امتثالها لنظم الدولة الساحلية بشأن المرور أو تجاهلها طلب الامتثال الموجه لها
6- حق مراقبة منطقة من البحر مجاورة للبحر الإقليمي من أجل منع خرق القوانين الجمركية والجبائية والصحية وقوانين الهجرة داخل الإقليم البري للدولة الساحلية أو بحرها الإقليمي على ألا تتجاوز هذه المنطقة 24 ميلا 
7- حق المعاقبة على خرق القوانين والأنظمة الذي يُرتكب على البحر الإقليمي والإقليم البري للدولة
وهو الأمر الذي مارسته مصر عبر تاريخها بلا منازع على کل من جزيرتي تيران وصنافير وما حولهما من مياهها الإقليمية – وعلى نحو ما سلف بيانه بشأن السفن الأجنبية - دفاعاً عن مصالحها الاقتصادية والأمنية
وجدير بالذكر أنه حتى القرن التاسع عشر فقد كان القانون الدولي يميز بين مجالين بحريين فقط هما البحر العالي والمياه الشاطئية المجاورة للدولة الساحلية، إلا أن مؤتمر لاهاي لسنة 1930 ميز بين أربع مجالات رتبها انطلاقا من اليابسة على الشكل التالي: المياه الداخلية والبحر الإقليمي، المنطقة المتاخمة والبحر العالي، واعتبر المياه الداخلية والبحر الإقليمي مجالين خاضعين لسيادة الدولة الساحلية إلا أن الفوضى القانونية في مجال البحر الإقليمي كانت بمثابة الحافز على الدعوة إلى عقد المؤتمر الثالث لقانون البحار، وتبين من خلال الدراسات التي أنجزت حول الموضوع أن نسبة كبيرة من الدول الساحلية تبنت مسافة 12 ميلا كعرض للبحر الإقليمي، ولقيت هذه المسافة إقبالا واسعاً خلال المؤتمر الثالث لقانون البحار، ونصت عليها المادة (3) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 والتي ورد فيها أن "لكل دولة الحق في أن تحدد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز 12 ميلا، مقيسه من خطوط الأساس المقررة وفقاً لهذه الاتفاقية "، ولم توضح اتفاقية جنيف حول البحر الإقليمي والمنطقة المجاورة عام 1958، ولا اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982، بشكل كاف حدود المياه الداخلية، حيث نصت الاتفاقية الأولى في الفقرة الأولى من المادة الخامسة على أن المياه الواقعة في الجهة المواجهة للأرض من خط قياس البحر الإقليمي تكون جزءاً من المياه الداخلية للدولة
ونصت الاتفاقية الثانية في الفقرة الأولى من المادة الثامنة على أن المياه الواقعة على الجانب المواجه للبر من خط الأساس للبحر الإقليمي تشكل جزءاً من المياه الداخلية للدولة، وتخضع المياه الداخلية للنظام القانوني المطبق على الإقليم الأرضي للدولة الساحلية، التي تمارس على هذا المجال البحري سيادة مطلقة بدون قيد أو شرط، حيث يعود لها وحدها حق تحديد النظام القانوني لمياهها الداخلية والقوانين المطبقة عليها فيما يتعلق بالصيد ومرور السفن الأجنبية، وقد جاء في تعليق لجنة القانون الدولي على هذا الموضوع عام 1956 أن الدول الساحلية تمارس سيادتها في مياهها الداخلية بنفس الطريقة التي تمارس بها سيادتها على إقليمها الأرضي، واعترفت اتفاقية عام 1982 في مادتها الأولى بخضوع المياه الداخلية لسيادة الدولة الساحلية بنفس مستوى خضوع الإقليم الأرضي لسيادة هذه الأخيرة، إلا أنها استثنت في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من هذا النظام المياه الداخلية التي كانت تشكل جزءاً من البحر الإقليمي أو البحر العالي، ثم أصبحت مياهاً داخلية بعد استعمال خطوط القياس المستقيمة، حيث اعترفت للسفن الأجنبية بحق المرور البريء عبرها
وقد سادت نظرية في الفقه الدولي تقول بأن البحر الإقليمي هو امتداد للإقليم الأرضي للدولة الساحلية تفرعت عنها نظريتان: إحداهما: تمنح الدولة حق الملكية على بحرها الإقليمي، 
وثانيهما: تمنح الدولة حق السيادة فقط على بحرها الإقليمي دون حق الملكية. ويعتبر البحر الإقليمي - حسب نظرية الملكية - جزءاً من إقليم الدولة الساحلية وبذلك فإنه يخضع لملكية هذه الأخيرة التي من حقها – وحدها - أن تمارس عليه نفس الحقوق والسلطات والاختصاصات المخولة لها على إقليمها الأرضي، في حين يرى أنصار نظرية السيادة فقط أن الدولة الساحلية تمارس على بحرها الإقليمي سيادة تختلف عن تلك التي تمارسها على إقليمها الأرضي، لأن المجال البحري يتميز بخصوصياته، ولذلك تمارس عليه الدولة الساحلية ولاية خاصة في بعض المجالات مثل الصيد والجمارك والدفاع، وذلك من أجل ضمان أمنها وحماية مصالحها - ولا ريب أن الجزيرتين وما حولهما من المياه الإقليمية تملك مصر عليهما حقي الملكية والسيادة - وممارسة هذه السيادة لم يشبها عرقلة المرور البريء
وما ترى من تفاوت في ممارسة مصر سيادتها المذكورة، فإذا أرجعت الحكومة الطاعنة البصر لتقرأ التاريخ، فلن ترى من فطور أو إخلال أو تصدع أو شقوق، ثم إذا أرجعت البصر كرتين في جميع حقب تاريخ مصر للقول بإنكار سيادتها على الجزيرتين ينقلب إليها البصر خاسئاً وهو حسير. وتاريخياً لقيت النظرية السالفة إقبالاً واسعاً على المستوى الدولي حيث تبناها المعهد الأمريكي للقانون الدولي في مشروعه العاشر المتعلق بالملك الوطني عام 1925، حيث نصت المادة الثامنة منه على أن الجمهوريات الأمريكية تمارس حق السيادة على مياه وقاع وما تحت قاع بحارها الإقليمية، كما تبناها – أيضاً – معهد القانون الدولي بشكل صريح خلال دورة استوكهولم عام 1928، حيث أعلن أن الدولة تمارس السيادة على المنطقة البحرية التي تغمر شواطئها، وتحمل اسم البحر الإقليمي وهيمنت نفس النظرية على أعمال مؤتمر لاهاي عام 1930، سواء خلال أجوبة الحكومات على استمارات اللجنة التحضيرية، أو من خلال الوثيقة النهائية التي نصت المادة الأولى منها على أن "إقليم الدولة يشمل منطقة من البحر تعرف باسم البحر الإقليمي، وتمارس السيادة على هذه المنطقة حسب شروط محددة في هذه الاتفاقية وقواعد القانون الدولي الأخرى"، واستقرت نظرية السيادة من خلال عدة اتفاقيات دولية أهمها: اتفاقية شيكاغو الجوية عام 1944، والتي تنص المادة الأولى منها على أن أطراف الاتفاقية يعترفون لكل دولة بالسيادة الكاملة والخالصة على المجال الجوي الذي يعلو إقليمها، وتعرف المادة الثانية منها إقليم الدولة بأنه يتكون من المناطق الأرضية والمياه الإقليمية المجاورة الخاضعة لسيادتها، واتفاقية جنيف عام 1958 حول البحر الإقليمي والمنطقة المجاورة، والتي تنص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منها على أن سيادة الدولة تمتد إلى ما وراء إقليمها الأرضي ومياهها الداخلية إلى منطقة من البحر مجاورة لسواحلها تعرف باسم البحر الإقليمي، وتضيف في المادة الثانية منها على أن سيادة الدولة تمتد إلى البحر وما تحت قاعه، وأخيراً اتفاقية قانون البحار عام 1982، والتي تنص في المادة الأولى منها على ما يلي
1- تمتد سيادة الدولة الساحلية خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية، أو مياهها الأرخبيلية إذا كانت دولة أرخبيلية إلى حزام بحري ملاصق يعرف بالبحر الإقليمي 
2- تمتد هذه السيادة إلى الحيز الجوي فوق البحر الإقليمي رهناً بمراعاة أحكام هذه الاتفاقية وغيرها من قواعد القانون الدولي
ولا ريب أن ممارسة جمهورية مصر العربية لسيادتها على جزيرتي تيران وصنافير وعلى مياهها الإقليمية يكون موافقاً لجميع تلك الاتفاقيات الدولية فمضيق تيران مضيق وطني مصري يقع في أرض مصرية خالصة محظور على كافة سلطات الدولة والشعب صاحب السيادة التخلي عنه
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، ومتى كانت أوراق الطعن قد خلت من ثمة وثيقة أو معاهدة تشير إلى أن دولة أخرى غير جمهورية مصر العربية، قد مارست سيادتها المشروعة على جزيرتي تيران وصنافير في أي وقت من الأوقات بحسبانهما ضمن الإقليم المصري المحظور التنازل عن أي جزء منه، كما لم يثبت على الإطلاق ممارسة المملكة العربية السعودية لأدنى مظهر من مظاهر السيادة على الجزيرتين سواء قبل إعلان المملكة عام 1932 أو بعدها، كما خلت الأوراق من ثمة نص في معاهدة أو اتفاق مكتوب بين مصر والسعودية يفيد في أي حقبة من حقب الزمان أن الأخيرة تنازلت أو سمحت لمصر بالوجود العسكري عليهما، خاصة إبان استيلاء إسرائيل على ميناء أم الرشراش - إيلات حالياً – عام 1949، وقواعد القانون الدولي لا تعتد إلا بالاتفاقيات المكتوبة والموقعة من الطرفين في مثل هذه الحالات الهامة، وبهذه المثابة يكون الإجراء الإداري الذي سمته الحكومة المصرية في تقرير طعنها اتفاقاً مبدئياً بترسيم الحدود وما نتج عنه من تنازل عن الجزيرتين – أياً كانت المبررات الدافعة إليه - حال كونهما ضمن الإقليم المصري مخالفاً للدستور والقانون لوروده على حظر دستوري مخاطباً به السلطات الثلاث، والشعب ذاته، ولانطوائه على خطأ تاريخي جسيم - غير مسبوق - يمس كيان تراب الوطن المملوك للشعب المصري في أجياله السابقة وجيله الحالي والأجيال القادمة وليس ملكاً لسلطة من سلطات الدولة، ولذا فإن الحفاظ عليه والدفاع عنه فريضة محكمة وسنة واجبة، فهذا التراب ارتوى على مر الزمان بدماء الشهداء التي تعين وترسم حدوده، باق وثابت بحدوده شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، وسلطات الدولة متغيرة، خاصة وأن التنازل عنه - على النحو المتقدم - سيفقد مصر حقوقها التقليدية على مياهها الإقليمية التي مارستها عبر قرون، فضلاً عما يشكله من تهديد دائم للأمن القومي المصري، وإضرار بمصالحها الاقتصادية في مياهها الداخلية الإقليمية، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى هذا القضاء وعضدته هذه المحكمة بأدلته وعظمته ورسخت بنيانه وقواعده بما وقع تحت بصرها وبصيرتها من أدلة جازمة قاطعة فإنه يكون قد أصاب وجه الحق وصادف صحيح القانون ملتمساً حكمته، ويكون الطعن عليه خلقياً بالرفض
ومن حيث إن المحكمة لا يفوتها أن تشير إلى أنها استبحرت في فكر العلماء المتخصصين وما استقرت عليه محكمة العدل الدولية من مبادئ عامة في تحديد مظاهر السيادة المشروعة، وما تحملته في سبيل ذلك من ككل مضن دون ملل - فالتعرف على تاريخ الشعوب ومرکز إقليمها القانوني وجزرها ومضايقها ليست بالأمر الهين - للوصول إلى نقطة البحث الشائكة بقدر ما هي شائقة، ليكون الأمر على رقعة واسعة من المعرفة العلمية القانونية السديدة ويتسع على أديمها بخطوات فتية، لا يتسع فيها حكم قضائي للم شتاتها حجماً وكلفة، ولم تجد المحكمة مصرفا عن اجتزاء بعض مضامينها حتى تبقيها في إطار يقينها، ولا تحرم المعرفة القانونية من تاريخ البشرية لتفاصيل تهواها بقناعة المتن بفحواها فقد حملت الجزر والمضايق والبحر أمانة الحضارات البشرية مهدا للعلم وطريقاً للثراء ومعبراً للتجارة وهمزة للإخاء وشغلت ما للدول فيه من حقوق بال الأمم المتحدة منذ أن تنفست أنسام القانون، وأن المحكمة قد استجلت الحقيقة القانونية لجزيرتي تيران وصنافير وفقا للمبادئ المستقرة في القانون الدولي في ممارسة السيادة على إقليمها وبأحكام الدستور، وكان من نتاجه – المقطوع به يقينا – أن جزيرتي تيران وصنافير تحت سيادة مصر دون سواها
ومن حيث أنه عما ورد بدفاع الطاعنين من أن سلطة مصر على الجزيرتين كانت سلطة إدارية تختلف عن فكرة سيادة الدولة وأن مصر كانت تمارس السيادة على الجزيرتين كوكيل عن دولة أخرى (السعودية)، فإن الأمر يفترض لصحته اتفاقا موثقا بين الدولتين، وأن هذا التنازل المزعوم وفقاً للمستقر من أحكام القانون الدولي العام يلزم لصحته شرطان أولهما: أنه يجب أن يتم بموجب اتفاق دولي أياً ما كان الشكل القانوني للاتفاق الدولي وتظهر فيه – بجلاء – انصراف إرادة الدولة المتنازلة إلى التنازل وقبول الدولة المتنازل لها لهذا التنازل وأسبابه ومبرراته، ثانيهما: لزوم ثبوت سيادة سابقة للدولة المتنازلة عن الأراضي المتنازل عنها، ولم تقدم للمحكمة عليها ثمة دلائل أو أدلة أو براهين تؤيد توافر كلا الشرطين، خاصة وأن من يملك السيادة يملك الإدارة والعكس غير صحيح إلا بسند، فالسند هو من تقف على أعتابه كافة التصرفات القانونية، ولا يستقيم مع ما تقدم القول بأن الجزيرتين أودعتهما لدى مصر دولة لم تمارس عليهما أدنى مظهر من مظاهر السيادة – وهو ما أجدبت عنه كافة أوراق الطعن وعجزت الحكومة عن أن تقدم دليلا واحداً على هذه الوكالة المزعومة، والأمر لا يخرج في عقيدة المحكمة على أنها سبيل منها للدفاع عن توقيعها للوصول إلى غاية مخالفة للدستور المصري حاصلها الانتقاص من حقوق مصر على الجزيرتين، وأغفلت أو تغافلت الحكومة أن رد الشيء الخاضع للسيادة حتى وإن كانت سيادة مؤقتة – وهو فرض لا يقوم في حالة الطعن الماثل – هو في حقيقته تنازل عن السيادة يستوجب ذات الإجراءات مع اختلاف الأسباب، ولا ينال مما تقدم ما استندت إليه الجهة الطاعنة من صدور خطابات صادرة بشأن هذا الموضوع للتدليل على أن يد الدولة على الجزيرتين يد عارضة، ومن ثم خروجهما من السيادة المصرية، بحسبان هذه المكاتبات لا تمثل التزاما على الدولة لافتقارها للسند الدستوري والقانوني المبرر لواقع الجزيرتين المتمثل في مصريتهما حدوداً وسيادة بلا منازع، وهو أمر ـ فضلاً عن اطره القانونية يرجع إلى حقيقتين ثابتتين: أولهما: – أن مصر دولة لا تمثل فقط اسماً على خرائط الكون وإن حدودها خطها على الخرائط خطاط أو باحث، وإنما هي دولة خلقت من رحم الطبيعة بعناية الله تقع بين بحرين عظيمين ربطت بينهما – خدمة للعالم القديم والحديث – بقناة السويس التي شقت بدماء وعرق بنيها، ويجري من جنوبها إلى شمالها مسرى الدم نيل خالد نشأت على ضفتيه أعظم حضارات الدنيا، واتخذ أهلها من الزراعة حرفة ومن البناء والعمران إبداعا على وجه اندمجت حضارته مع أرضه في وعاء واحد جمع بين عبق التاريخ وأصالة المصري بموروث انتماء ربطه بأرضه وصارت كعرضه تهون نفسه دفاعا عنها – وثانيهما: أن مصر الدولة لم تخرج جيشها - قديماً أو حديثا - خارج أرضها إلا لحماية أمنها أو أمن شقيقاتها العربية، وأن التاريخ يقف طويلاً حتى يتذكر دولة أخرى غيرها تركت حكم دولة في جنوب أرضها لأهله وكان ملك مصر يكنى باسمها، كما اختلط شعبها بالشعوب العربية جنوبه وشرقه وغربه نسباً وصهراً دون أن يجور بهذا النسب على حدود جيرانه
وترتيبا على ما تقدم ولازمه، فإن المحكمة تطرح ما ورد بدفاع الجهة الإدارية من أن مصر احتلت الجزيرتين بحسبان ذکر کلمه "احتلال" في المكاتبات العسكرية إذ أن ذلك له مدلول في المصطلحات العسكرية Military TermS فالاحتلال العسكري Military occupation غير المشروع هو المحظور دولياً وهو الاحتلال الناجم عن حالة الحرب غير المشروعة كأحد أشكال الاستعمار الذي تحظره القواعد الدولية الحديثة، أي الاحتلال كنتيجة للحرب Occupation as an aftermath of War ومثالها احتلال القوات الإسرائيلية لأرض فلسطين العربية إذ تبقى سيادة فلسطين الشرعية على إقليمها قائمة لكنها لا تمارسها لسبب مانع هو غل سلطتها عن الإقليم المحتل، أما إذا لم تكن هناك حالة حرب بين دولتين فإن لفظ الاحتلال لا يعدو أن يكون مصطلحا عسكرياً تعرفه جيوش شعوب العالم أجمع فيما بينها لدى تسكين جنودها أحد المعسكرات التابعة لإقليمها وهو المعروف باحتلال موقع المدافع OCCupation of gun position وهذا المعنى الأخير هو المقصود في الحالة الماثلة ويتفق مع السيادة الدائمة التي مارستها مصر منذ 1906 على هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم المصري حتى الآن ولم تكن سيادة مصر عليهما عارضة أو مؤقتة ناجمة عن حالة حرب غير مشروعة، وهذين المدلولين هما ما أخذت بهما محكمة نورمبرج إذ اعتبرت أن الأقاليم التي ضمتها ألمانيا خلال عامي 1939 و1940 – أي أثناء الحرب العالمية الثانية – لم تدخل في سيادة ألمانيا لأن الضم كان صورياً ناتجاً عن حالة الحرب ومن المعلوم أن الضم الصوري محظور بموجب اتفاقية لاهاي والمادة 34 من وفاق برلين سنة 1885، وبهذه المثابة فإن قول الجهة الإدارية أنه قد ورد بمستند أن الجيش المصري قد احتل جزيرتي تيران و صنافير فمعناه الحقيقي - في ضوء ما تقدم من مفاهيم عسكرية عالمية مستقرة – الاحتلال بالمفهوم الميداني للجيوش على جزء من إقليمها وليس استيلاء على أرض غير مملوكة له، وظاهر العبارة – كما أرادته الحكومة – تحمل سوءاً في القصد أو معنى غير مقصود فنيا، ذلك أن لفظ احتلال في عرف الجيوش هو الانتشار أو السيطرة وهو لفظ – كما سلف البيان – يطلقه الجيش على عملياته العسكرية داخل أرضه ويختلف اختلافا جوهرياً عن احتلال الأرض والأوطان للغاصب الذي عانى منه الشعب المصري عقودا و دفع جيشه وشعبه ثمناً غالياً من دمه الذي ارتوى بأرضه في حروب انهزم وانتصر ليبقى على حدوده ويرد عنها كل عدوان ولا يسوغ لنعت تصرفه بالاحتلال بمجرد إخطار دولة مجاورة بأنه يتم السيطرة على الجزيرتين بحسبان ذلك لا يخرج عن كونه إخطارا، وهو أمر متعارف عليه بين جيوش الدول حال إجراء مناورتها أو القيام بأعمال مشابهة، خاصة وأن مستندات الطعن قد أفصحت دوماً على أن مصر تستحوذ على الجزيرتين من تاريخ سابق، أخذاً في الاعتبار أن مستندات الطعن خلت من أية وثيقة مكتوبة باتفاق دولي بالمعنى السالف الإشارة له بين دولتي مصر والمملكة العربية السعودية ينبئ على أن الجزيرتين كانتا ضمن الحدود السياسية أو الجغرافية للدولة الأخيرة، ولا يسوغ بناء على محض افتراض أن تتخذ إجراءات تتصل بالتنازل عن الأراضي المصرية أو عن السيادة عليها إلى دولة أخرى، ولا يكفي لتبرير هذا الأمر واقعة صدور خطاب من حكومة مصر للسعودية يشير فيه إلى إنها سوف "تحتل" الجزيرتين، فالأمر في عقيدة المحكمة لا يخرج عن کونه تصرفا نبيلا من مصر يتمثل في إخطار أقرب دولة عربية جارة لها بإجراء عسكري ستقدم عليه لبث الطمأنينة لديها في ظل أن سواحل تلك الدولة مهددة من أي هجوم محتمل من قبل اللنشات والقطع البحرية الإسرائيلية، يدعم ذلك أن الوزير السعودي المفوض بالقاهرة أرسل في 30 يناير 1950 برقية إلى الملك السعودي تعكس التخوف السعودي من التهديدات الإسرائيلية والاطمئنان من كونها وقعت تحت السيطرة المصرية وكان رد الملك السعودي عليها في ذات اليوم ببرقية للمفوضية السعودية بالقاهرة تضمنت مباركة السعودية للإجراءات التي اتخذتها مصر في إطار البعد العربي والقومي والتهديدات التي يتعرض لها البلدان، ولم يتضمن هذا الخطاب من قريب أو بعيد ما يشير إلى تعلق أي حق للمملكة السعودية على الجزيرتين، وسند ما تقدم الإشارة الدائمة في المكاتبات والخطابات الرسمية السالف الإشارة إليها من إن مصر تستحوذ على الجزيرتين من تاريخ سابق، كما أن مصر تحفظت بموجب إعلان مرسل إلى سكرتير عام الأمم المتحدة على قوائم الإحداثيات الجغرافية لخطوط أساس المناطق البحرية للمملكة العربية السعودية في البحر الأحمر بما لا يمس الموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لتعيين الحدود بين البلدين و تاريخ التحفظ 15/9/1990
ومن نافلة القول الإشارة إلى ما تذرعت به الحكومة الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه قد خلط بين مصطلحي تعيين الحدود وترسيم الحدود، فذلك مردود عليه أن هذه المحكمة تدرك أن الممارسات الدولية كشفت على أن عملية تعيين الحدود الدولية بين الدول المتجاورة لا تكفي لأن تضفي على هذه الحدود طابع الثبات والاستقرار، إلا إذا تم الانتقال بعملية التعيين هذه من مجرد تصور نظري خالص إلى واقع مادي ملموس علي الطبيعة من خلال ما يطلق عليه فقهاء القانون الدولي بعملية الترسيم، التي يقوم بها خبراء بهذا الشأن تضمهم في الغالب لجان ترسيم مشتركة بين الأطراف المعنية، أو تقوم بها شركات عالمية متخصصة تستخدم أحدث التقنيات للصعوبات الطبوغرافية أو الديموغرافية، والتي تجعل من العسير إتمام عملية الترسيم إلا بعد إدخال التعديلات أو الانحرافات الضرورية على خط الحدود المزمع ترسيمه، ومؤدى ذلك أن الحدود الدولية تمر عند إنشائها بمرحلتين أساسيتين هما مرحلة التحديد أو التعيين Delimitationومرحلة الترسيم أو التخطيط Demarcation والتحديد عملية قانونية يتم بموجبها بيان الوصف الدقيق لخط الحدود في السند القانوني المنشئ له، والذي قد يتخذ شكل معاهدة حدودية أو بروتوكول يعقد بين الدولتين المعنيتين، أما الترسيم فهو عملية فنية خالصة لاحقة على عملية التحديد يتم من خلالها وضع خط الحدود الذي تم وصفه في السند القانوني المنشئ له على الطبيعة وتعريفه بواسطة العلامات الحدودية المادية، أو أي علامات أخرى تدل عليه فالترسيم عملية متممة أو لاحقة لعملية التحديد وبدونها لا يتمتع خط الحدود بصفة الثبات والاستقرار، وبحسبان الترسيم عملية فنية بحتة يقوم بها فريق من الخبراء المتخصصين في علم الهندسة والجغرافية والخرائط والشئون العسكرية بخلاف عملية التحديد التي تتصف بأنها عملية قانونية يقوم بها الخبراء في القانون الدولي، والخلاصة أن الترسيم عملية تنفيذية يراد بها تحريك أو تنفيذ السند القانوني الذي يبين الوصف النظري الدقيق لخط الحدود وذلك عن طريق وضعه موضع التنفيذ على الأرض عن طريق العلامات المميزة الدالة عليه. كما لا يخفى على فطنة هذه المحكمة الآثار القانونية المترتبة على التفرقة بين تعيين الحدود و ترسيم الحدود ذلك أن تعيين الحدود ملزمة لأطراف الاتفاقية بينما ترسيم الحدود تختلف قيمتها الملزمة بحسب ما إذا كان يوجد نص باتفاقية تعيين الحدود على الاعتراف بقيمتها دون تصديق لاحق عليها أم لا يوجد هذا النص اصلاً، أذ تعتبر أعمال الجهة القائمة بعملية الترسيم صحيحة ونافذة وملزمة للدول المعنية تتمتع بقيمة قانونية في مواجهتها، ما دامت هذه الدول متفقة على اعتبار تلك الأعمال ملزمة ونهائية لا تحتاج إلى إقرار أو مصادقة لاحقة من قبل الجهات المختصة، ومثالها ما نصت عليه المادة الخامسة من بروتوكول القسطنطينية المعقود عام 1913 والمتعلق بتعيين الحدود بين تركيا وإيران، أما إذا لم ينص على ذلك فإن القيمة القانونية لأعمال جهة الترسيم تتوقف على إجازة الأطراف لهذه الأعمال أو رفضهم لها، فإذا أجازتها الأطراف المعنية صراحة أو ضمناً اعتبرت هذه الإجازة بمثابة تفسير أو تعديل للسند القانوني المنشئ لخط الحدود يتمتع بحجة قانونية في مواجهتهم، ومثالها قضية معبد برياه فيهيار، فقد فصلت محكمة العدل الدولية بالقضية مؤيدة لخط الحدود الذى قامت بترسيمه لجنة الترسيم المشتركة بين تايلاند وكمبوديا على الرغم من تعارضه مع خط الحدود الذى عينته معاهدة الحدود لعام 1904 لأنها وجدت أن الطرفين قد قبلا ضمناً من خلال سلوكهم اللاحق أعمال لجنة الترسيم، ولعل التفرقة بين مصطلحي التحديد والترسيم لم تكن قائمة حتى وقت قريب بل وتشير الممارسات الدولية إلى إن مصطلح التحديد استعمل في أغلب الحالات للدلالة على الترسيم، ومثال ذلك الفقرتين ثانياً وخامساً من بروتوكول القسطنطينية لسنة 1913 لتعريف الحدود بين تركيا وإيران. وفي حالات أقل استعمل مصطلح الترسيم للدلالة على التحديد، ومثاله المادة الأولى من اتفاق إحالة النزاع الحدودي على التحكيم الموقع بين إمارتي دبي والشارقة عام 1976 فقد أشارت هذه المادة إلى إن موضوع التحكيم هو ترسيم الحدود البرية بين الطرفين، وقد أثار مصطلح الترسيم الوارد ذکره في المادة خلافاً بين الطرفين هل يقصد به ترسيم الحدود أم تحديدها. وقد انتهت محكمة التحكيم التي كلفت بالفصل في هذا النزاع إلى إن المقصود بالمصطلح هنا هو تحديد الحدود البرية بين الطرفين وليس ترسيمه، بيد أن الطبيعة الفنية أو التقنية لأعمال لجان الترسيم أكدها مجلس الأمن وذلك بمناسبة قراره رقم 773 الصادر في 26 أغسطس 1992 بشأن عمل لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت، ومن ثم صار فارقا بين عمليتي التحديد والترسيم على النحو المتقدم، فذلك كله ما تدركه هذه المحكمة بيد أن الحكومة الطاعنة لم تدرك أنه وسواء تعلق الأمر بتحديد الحدود لمصر والسعودية كعملية قانونية أو ترسيم الحدود بينهما كعملية فنية فإنه بأمر الدستور المصري محظور عليها وكافة سلطات الدولة اللجوء إليهما بشأن التخلي عن جزيرتي تيران وصنافير لانهما ضمن الإقليم المصري والحظر الدستوري ينصرف إلى عدم جواز إبرام أية معاهدات تخالفا أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة فلا ينتقص منهما تحديداً أو ترسيماً، ودون أي تفرقة أو تمييز – في مجال الالتزام بهذا الحظر الدستوري – بين السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ذلك أن هذه السلطات كلها سلطات مؤسسة أنشأها الدستور، تستمد منه وجودها وكيانها و هو المرجع في تحديد وظائفها، خاضعة لأحكام الدستور الذي له وحده الكلمة العليا وعند أحكامه تنزل السلطات العامة جميعاً، ومن ثم يكون هذا الادعاء عارياً من سنده الصحيح في الدستور والقانون، وتصبح تلك التفرقة لا جدوى من ورائها بعد أن وقعت في حمأة الحظر الدستوري، بل إنه وفي صوغ أخر إن جاز ترسيم المحدد فإنه ينعدم بدءا من أي تحديد يخالف الدستور ويتعين – تبعاً لذلك – طرح هذا الإدعاء
ولا عبرة في ميزان الحق والعدل بما قدمته الحكومة من خرائط حديثة صادرة عن الجمعية الجغرافية المصرية، لأنها جاءت مناقضة للثابت من أوراق الطعن من خرائط قديمة وحديثة لا يجوز تبديلها لمساسها بأرض الإقليم وعلى نحو ما قدمه المطعون ضدهم بما وقر في يقين المحكمة مع الأسباب المتقدم ذكرها بمصرية الجزيرتين وتتمثل في:- خريطة دليل مجموعة خرائط القطر الطبوغرافية الجديدة التي عملت بمعرفة لجنة المساحة عام 1950 بمقياس رسم 1/100000 والثابت بها أن جزيرتي تيران وصنافير ضمن القطر المصري إذ لونتا بذات لونه – خريطة جنوب سيناء الطبعة الثانية – برلين لوحة رقم (6) إذن تشغيل رقم 19/98 مقياس رسم 1/500000، ثابت بها أن جزيرتي تيران وصنافير ضمن القطر المصري إذ لونتا بذات لونه – خريطة جنوب سيناء لوحة رقم (6) المطبوعة بالهيئة العامة المصرية للمساحة، إذن تشغيل رقم 34/2004 المعاد طبعها عام 2005 مقياس رقم 1/500000، ثابت بها أن جزيرتي تيران وصنافير ضمن القطر المصري إذ لونتا بذات لونه - خريطة شبة جزيرة سيناء رسمت وطبعت بإدارة المساحة العسكرية عام 1982 وأعيد طبعها بذات الإدارة عام 1989، إذن تشغيل رقم 1989/95 ثابت بها أن الجزيرتين بذات لون القطر المصري - أطلس مصر والعالم الصادر عن إدارة المساحة العسكرية بوزارة الدفاع ص 354 خريطة مقياس رقم 1/750000 ثابت بها أن جزيرتي تيران 
وصنافير ضمن القطر المصري حسب وصف الخريطة ولونهما، وخريطة أخرى ص 318 تؤكد ما تقدم – الأطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية إعداد وتنفيذ دائرة الملك عبد العزيز، مركز نظم المعلومات الجغرافية، الطبعة الثانية منقحة طبعة عام 2000 فهرس الأماكن ص 263 وما بعدها ولم يذكر بها أن الجزيرتين ضمن إقليمها -أطلس الجامع الطبعة الثانية عام 1940 إعداد جورج جودول وداربي H.C موضحاً بها أن الجزيرتين ضمن الإقليم المصري إنديكس ص 32 وما بعدها خريطة ص 71 - أطلس ابتدائي للدنيا لاستعماله في المدارس المصرية عمل وطبع بمصلحة المساحة والمناجم على نفقة وزارة المعارف العمومية عام 1922 وأعيد طبعة عام 1937
وتؤكد المحكمة كذلك أن سيادة مصر على تلك الجزيرتين زخرت بها آراء الفقهاء والعلماء والمفكرين بين القبول والرفض، والمحكمة تجد لزاماً عليها أن تضع الفاصل بين الرأي والحكم فتلك الآراء لا تفصل في نزاع ولا تنشى قواعد لأنها أبحاث ودراسات للتنظير العلمي فعمل الفقيه ينحصر في استنباط مقاصد وأهداف التشريع ومدى ملائمته للأوضاع التي يهدف إلى تنظيمها وبيان أوجه النقص أو العيب فيها وما يجب أن يكون عليه طبقاً لمستجدات النشاط الاجتماعي والمنظور العلمي والتقدم الحضاري للمجتمع وكلها ليست ملزمة للمشرع أو القاضي، بينما حكم القضاء يفصل فصلا قاطعاً في نزاع بين المتنازعين بمعنى الفصل في الخصومات حسماً للتداعي وقطعاً للتنازع، فمهمة القاضي تطبيق القانون على ما يعرض عليه من أنزعة ليجسد الدستور والقانون في الواقع، تحقيقاً للعدل الذي هو قوام الأمر وحليته، وکما قال مونتسكيو "القضاء هو اللسان الناطق للقانون"، وعلى هذا النحو فحكم القاضي ملزم لمن تحاكم إليه، وينفذ حكمه قهراً، أما آراء الفقهاء فإنها غير ملزمة في المنازعات بين الخصوم، إذ ليس من شأنه طلب الوثائق والبيانات واستشهاد الشهود واستحلاف أطراف النزاع وتوقيع الغرامات على من يتخلف عن إيداعها، وليس مجلسه مجلس إقرار، بخلاف القاضي في كل ذلك، ولأن القاضي شأنه الأناة والتثبت ومن تأني وتثبت تهيأ له من الصواب ما لا يتهيأ لغيره، ذلك إن حكم القاضي كشف للحقيقة، والفارق بينه وبين آراء الفقهاء، أن حكم القضاء قوامه الحسم والجزم واليقين وينهي النزاع بالية ملزمة، وقد حسم الحكم المطعون فيه بأسباب واقعية وقانونية بطلان تصرف جهة الإدارة بعدما تثبتت من مخالفته للدستور سيما الفقرة الأخيرة من المادة (151) منه والتي أفردت للتنازل عن أي جزء من الأرضي المصرية حكماً خاصاً بها مانعاً للتنازل خلافاً لبعض الدساتير التي تجيز ذلك ومنها الدستور الفرنسي وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة (53) من دستور الجمهورية الخامسة الصادر في 4 أکتوبر سنة 1958 التي تنص على أنه
: --Nulle Cession, nuléchange, nulleadjonction de) territoiren''''''''estValable Sans le Consentement des populations intéressées.) 
ويعزى هذا النص الفرنسي تاريخياً إلى أن فرنسا كانت مثل الدول الكبرى الاستعمارية - مجلس الدولة الفرنسي قضية "Ministre de la Hallet"سنة 1876 بإلغاء الحكم الصادر من أحد مجالس المديريات"Conceil de prefecture" بمسئولية الدولة الفرنسية عن الديون الناتجة عن أشغال عامة تمت في أرض تم التنازل عنها للدولة الألمانية - بما مؤداه أن الدستور الفرنسي أخذ بفكرة التنازل أو التبادل أو الضم للأرض وقيدها بموافقة الشعوب المعنية، والوضع في مصر يغاير تماماً فرنسا في النصين الدستوريين المقابلين في البلدين، إذ حظر الدستور المصري التنازل عن أي جزء من الإقليم بصفة مطلقة على كافة السلطات وبهذه المثابة يختلف النص الدستوري في البلدين بين الإباحة المشروطة والحظر، ومن ثم وجب اختلاف الفكر الدستوري تبعاً له
وإذ وقر في يقين هذه المحكمة - وهي التي تستوي على القمة في مدارج محاكم مجلس الدولة - واستقر في عقيدتها أن سيادة مصر علي جزيرتي تيران وصنافير مقطوع به بأدلة دامغة استقتها المحكمة من مصادر عدة وممارسات داخلية ودولية شتى قطعت الشك باليقين بأنهما خاضعتان لسيادتها - وحدها دون غيرها - على مدار حقب من التاريخ طالت، وأن دخول الجزيرتين ضمن الإقليم المصري ما انفك راجحاً يسمو لليقين من وجهين: أولهما: أن سيادة مصر عليهما مقطوع به على ما سلف بيانه، وثانيهما: ما وقع تحت بصر المحكمة من مستندات وبراهين وأدلة وخرائط تنطق بإفصاح جهير بوقوعهما ضمن الإقليم المصري على نحو ما سطرته المحكمة في أسباب حكمها، الأمر الذي يحظر معه على كافة سلطات الدولة وبل والشعب ذاته بأمر الدستور إبرام ثمة معاهدة أو اتخاذ إجراء يؤدي إلى ضمن الإقليم المصري على نحو ما إبرامها ويكون سبيلاً للتنازل عنهما، ويكون من ثم الحكم المطعون فيه فيما قضى به، قد صدر مرتكزاً على صحيح حكم القانون والواقع، وتقضي المحكمة - والحال كذلك ـ برفض الطعن الماثل
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بإجماع الآراء: برفض الطعن، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق