الصفحات

الاثنين، 19 يونيو 2017

الطعن 4179 لسنة 65 ق جلسة 15 / 5 / 2008 مكتب فني 59 ق 93 ص 534

برئاسة السيد القاضي/ محمود رضا الخضيري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود سعيد محمود، حامد زكي، رفعت أحمد فهمي وبدوي عبد الوهاب نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1  استئناف "الطلبات الجديدة والأسباب الجديدة: ما لا يعد طلباً جديداً".
طلب التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ الالتزام. مؤداه. جواز الجمع بينهما. إقامة الدعوى بأحدهما أمام محكمة أول درجة لا يمنع من إبداء الآخر أمام محكمة الاستئناف. عدم اعتباره في هذه الحالة طلباً جديداً لا يجوز قبوله وفقا لنص المادة 235/1 ق مرافعات.
إن كان طلب التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ التزام المدين ويتكافئان قدرا بحيث يجوز الجمع بينهما ولا يمنع إقامة الدعوى بأحدهما أمام محكمة أول درجة من إبداء الآخر أمام محكمة الاستئناف دون أن يعد طلبا جديدا لا يجوز قبوله وفقا لنص المادة 235 من قانون المرافعات.
- 2  استيلاء "الاستيلاء على العقارات دون إتباع الإجراءات القانونية: أثره".
استيلاء الحكومة جبراً على عقار مملوك لأحد الأفراد دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة. أثره. احتفاظ صاحبه بحق ملكيته. مؤداه أحقيته في استرداده أو الاستعاضة عنه بالتعويض متى استحال رده.
إذ استولت الحكومة على عقار مملوك لأحد الأفراد جبراً عن صاحبه دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة فإن صاحبه يظل محتفظاً بحق ملكيته رغم هذا الاستيلاء ويحق له استرداد هذه الملكية ما لم يصبح ردها مستحيلاً فيستعاض عنه عندئذ بالتعويض النقدي.
- 3  نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب غير المنتج".
ثبوت إدخال أرض النزاع ضمن مشروع الإسكان التعاوني. أثره. استحالة ردها إلى مالكها. وجوب القضاء برفض طلب ردها عيناً لاستحالة ذلك. استواؤه في نتيجته مع القضاء بعدم قبوله. النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ لاعتباره طلب الرد طلباً جديداً لا يجوز إبداؤه أمام محكمة الاستئناف. غير منتج وغير مقبول.
إذ كان البين من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن أرض النزاع قد أدخلت بالفعل ضمن مشروع الإسكان التعاوني المقام بناحية كفر الجبل محافظة الجيزة بما يترتب عليه أن يصبح ردها إلى مالكها مستحيلاً مما كان يوجب على الحكم المطعون فيه أن يقضي برفض طلب رد هذه الأطيان عيناً إلى الطاعن لاستحالة ذلك وإذ كان القضاء بعدم قبول هذا الطلب يستوي في نتيجته مع القضاء برفضه فإن النعي عليه بما ورد بهذا السبب يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول.
- 4  استيلاء "التعويض عنه: تقدير التعويض."
التزام الجهة نازعة الملكية بتعويض الملاك. مصدره القانون وليس العمل غير المشروع. يستوي في ذلك اتخاذها الإجراءات القانونية أو التفاتها عنها. علة ذلك. اتفاق الغاية في الحالتين. وصف الاستيلاء في الحالة الثانية بالغصب في بعض أحكام محكمة النقض. انصرافه إلى تحديد الوقت المقدر فيه قيمة التعويض المستحق لمالكه أو إلى تبرير أحقيته في ريعه من تاريخ الاستيلاء أو إلى صدوره بقرار إداري من شخص لا سلطة له في إصداره. مؤداه. التزام الدولة في الحالتين سالفتى الذكر بالتعويض الذي يعادل ثمن العقار المستولى عليه. اعتبار الضرر الناجم عن الاستيلاء واحد في الحالتين. كفاية التعويض الذي يعادل ثمن العقار لجبره. لا محل لاقتضاء تعويض آخر يضاف لثمن العقار محل الاستيلاء بسبب عدم إتباع الدولة للإجراءات المقررة قانوناً لنزع الملكية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وتأييده الحكم المستأنف القاضي للطاعن بتعويض يعادل قيمة أرض التداعي. صحيح.
إن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مصدر التزام الجهة نازعة الملكية بتعويض الملاك هو القانون وليس العمل غير المشروع وذلك سواء التزمت تلك الجهة الإجراءات التي رسمها القانون لنزع الملكية أو التفتت عنها إذ إن نزع الملكية دون اتخاذ الإجراءات القانونية يؤدي إلى الاستيلاء على ملك صاحب الشأن ونقل حيازته للدولة التي تخصصه للمنفعة العامة فيتفق في غايته مع نزع الملكية باتخاذ الإجراءات القانونية، ومن ثم فيستحق ذوو الشأن جميع ما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق بما في ذلك الحق في تعويض يعادل الثمن ولا ينال من ذلك أن محكمة النقض وصفت هذا الاستيلاء في بعض أحكامها بأنه يعتبر بمثابة غصب إذ إن ذلك كان بصدد تحديد الوقت الذي تقدر فيه قيمة العقار لبيان مقدار التعويض الذي يستحقه مالكه أو في مقام تبرير أحقيته في المطالبة بريعه من تاريخ الاستيلاء أو في مقام صدور قرار إداري بالاستيلاء عليه من شخص لا سلطة له في إصداره بما مؤداه أن التزام الدولة عند استيلائها على العقارات المملوكة للأفراد سواء بإتباع الإجراءات المقررة قانوناً لنزع الملكية أو دون إتباع هذه الإجراءات يكون في الحالين واحداً وهو التعويض الذي يعادل ثمن العقار المستولى عليه باعتبار أن الضرر الذي يصيب ذوي الشأن نتيجة هذا الاستيلاء والمتمثل في فقدانهم لملكيتهم يكون في الحالين واحداً ويكون التعويض الذي يعادل ثمن هذا العقار كافياً لجبره بما لا يكون معه ثمة محل للقول بوجوب اقتضاء تعويض آخر يضاف لثمن العقار محل الاستيلاء بسبب عدم إتباع الدولة للإجراءات المقررة قانوناً لنزع الملكية وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم المستأنف الذي اكتفى بالقضاء للطاعن بتعويض يعادل قيمة أرض التداعي فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بما ورد بهذا السبب على غير أساس.
- 5 محكمة الموضوع "سلطتها بشأن تقدير الأدلة".
محكمة الموضوع لها السلطة التامة في موازنة الأدلة وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها. الأخذ بتقرير الخبير المنتدب. شرطه. اقتناعها بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي أقيم عليها. أخذ الحكم المطعون فيه بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى الذي قدر قيمة أطيان النزاع مراعياً موقعها وحالات المثل بعد اطمئنانه إليه واقتناعه بسلامة أبحاثه. المنازعة في ذلك جدلاً موضوعياً . عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في موازنة الأدلة وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها والأخذ بتقرير الخبير الذي ندبته متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي أقيم عليها. وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى قدر قيمة أطيان النزاع مراعياً في ذلك موقعها وحالات المثل – بعد أن اطمأن إليه واقتنع بكفاية أبحاثه- فإن النعى عليه بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
- 6  دعوى "إجراءات نظر الدعوى: الدفاع فيها: الدفاع الجوهري"
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم . قصور في أسبابه الواقعية. مقتضاه. بطلانه. مؤداه. التزام المحكمة بنظر أثر الدفاع المطروح عليها وتقدير مدى جديته إن كان منتجاً وفحصه إذا رأته متسماً بالجدية لتقف على أثره في قضائها. قعودها عن ذلك. أثره. قصور حكمها.
المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يقتضى بطلانه بما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى حتى إذا ما رأته متسماً بالجد مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً.
- 7  محكمة الموضوع "سلطتها بشأن تقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. أخذها بتقرير الخبير . إحالتها في بيان أسباب حكمها إليه حال كانت أسبابه لا تؤدى إلى ما انتهى إليه. أثره. قصور.
إذا أخذت المحكمة بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه في حين كانت أسبابه لا تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن حكمها يكون معيباً بالقصور.
- 8  استيلاء "التعويض عنه: تقدير التعويض".
 تمسك الطاعن بصحيفة الاستئناف بوجوب تعويضه عن ثمن المزروعات القائمة على أرض التداعي وعن مقابل عدم انتفاعه بهذه الأرض عن الفترة من تاريخ الاستيلاء عليها حتى تاريخ الحكم في الدعوى وأن ما قدره الحكم الابتدائي من تعويض له لا ينصرف إلا لمقابل عدم انتفاعه بأرض التداعي عن الفترة من تاريخ الاستيلاء حتى رفع الدعوى دون تعويضه عن ثمن المزروعات وعن مقابل عدم انتفاعه بالأرض عن الفترة التالية لرفع الدعوى وحتى صدور الحكم فيها . دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عنه بقاله اطمئنانه إلى تقرير الخبير رغم عدم مواجهته هذا الدفاع. قصور مبطل.
إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك بصحيفة استئنافه بوجوب تعويضه عن ثمن المزروعات التي كانت قائمة على أرض التداعي وعن مقابل عدم انتفاعه بهذه الأرض عن الفترة من تاريخ الاستيلاء عليها حتى تاريخ الحكم في الدعوى وبأن ما قدره الحكم الابتدائي من تعويض في هذا الخصوص – أخذاً بما ورد بتقرير الخبير المنتدب – لا ينصرف إلا لمقابل عدم انتفاعه بأرض التداعي عن الفترة من عام 1983 وحتى تاريخ رفع الدعوى في عام 1988 فقط يكون الخبير المنتدب لم يقدر له تعويضاً في هذا الصدد إلا عن مقابل عدم انتفاعه بأرض التداعي خلال تلك الفترة فلم يقدر ثمناً لما كان قائماً على أرض التداعي من مزروعات ولم يقدر تعويضاً عن مقابل عدم انتفاعه بهذه الأرض عن الفترة التالية لرفع الدعوى وحتى صدور الحكم فيها فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع رغم جوهرتيه إذ من شأنه – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في مقدار التعويض المقضي به في هذا الخصوص وأيد الحكم الابتدائي في هذا الصدد مكتفيا بالقول بأنه يطمئن إلى تقرير الخبير المنتدب الذي أخذت به محكمة أول درجة رغم أن ما ورد بهذا التقرير لا يواجه دفاع الطاعن ولا يصلح لأن يكون رداً عليه فإنه يكون قد شابه القصور المبطل بما يوجب نقضه.
---------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم .... لسنة 1988 مدني الجيزة الابتدائية طلباً لحكم يلزمهم بأن يؤدوا إليه متضامنين تعويضاً عما أصابه من ضرر نتيجة استيلائهم على أرض التداعي المملوكة له والمبينة بالصحيفة وتخصيصها للمنفعة العامة دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية بعد تقدير قيمتها بمعرفة خبير تندبه المحكمة لذلك على أن يشمل التعويض مقابل حرمانه من الانتفاع لهذه الأرض في تاريخ الاستيلاء وقيمة المزروعات التي كانت قائمة عليها وما شاب الاستيلاء عليها من إجراءات تعسفية، وبعد أن أودع الخبير الذي ندبته المحكمة تقريره ألزمت المطعون ضده الأول بما قدرته من تعويض بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ..... لسنة 11ق القاهرة، واستأنفه المطعون ضده الأول أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم ..... لسنة 11ق وبعد أن ضمتهما المحكمة قضت برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وذلك حين اعتبر طلبه رد أطيان التداعي عيناً طلباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف رغم أنه أسس طلبه هذا على أن الجهة القائمة بنزع الملكية لم تقم خلال مدة السنتين التاليتين لنشر قرار نزع ملكية أرض التداعي للمنفعة العامة بإيداع النماذج الموقع عليها من ذوي الشأن أو القرار الوزاري بنزع الملكية مكتب الشهر العقاري المختص بما يترتب عليه من سقوط مفعول القرار وأن تبقى الأرض على ملكيته بما يجيز له طلب استردادها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كان طلب التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ التزام المدين ويتكافئان قدراً بحيث يجوز الجمع بينهما ولا يمنع إقامة الدعوى بأحدهما أمام محكمة أول درجة من إبداء الآخر أمام محكمة الاستئناف دون أن يعد طلبا جديداً لا يجوز قبوله وفقا لنص المادة 235 من قانون المرافعات، وأنه إذا استولت الحكومة على عقار مملوك لأحد الأفراد جبراً عن صاحبه دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة فإن صاحبه يظل محتفظاً بحق ملكيته رغم هذا الاستيلاء ويحق له استرداد هذه الملكية ما لم يصبح ردها مستحيلاً فيستعاض عنه عندئذ بالتعويض النقدي، وكان البين من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن أرض النزاع قد أدخلت بالفعل ضمن مشروع الإسكان التعاوني المقام بناحية كفر الجبل محافظة الجيزة بما يترتب عليه أن يصبح ردها إلى مالكها مستحيلاً مما كان يوجب على الحكم المطعون فيه أن يقضي برفض طلب رد هذه الأطيان عيناً إلى الطاعن لاستحالة ذلك، وإذ كان القضاء بعدم قبول هذا الطلب يستوي في نتيجته مع القضاء برفضه فإن النعي عليه بما ورد بهذا السبب يكون غير منتج، ومن ثم غير مقبول
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون حين لم يعوضه عن تعسف المطعون ضده الأول باستيلائه على أرضه دون إتباع إجراءات نزع الملكية اكتفاءً منه بالقضاء له بما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق رغم أن ذلك لا يحول دون أحقيته في التعويض عن عدم اتخاذ الإجراءات التي رسمها القانون لنزع الملكية بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مصدر التزام الجهة نازعة الملكية بتعويض الملاك هو القانون وليس العمل غير المشروع وذلك سواء التزمت تلك الجهة الإجراءات التي رسمها القانون لنزع الملكية أو التفتت عنها، إذ إن نزع الملكية دون اتخاذ الإجراءات القانونية يؤدي إلى الاستيلاء على ملك صاحب الشأن ونقل حيازته للدولة التي تخصصه للمنفعة العامة فيتفق في غايته مع نزع الملكية باتخاذ الإجراءات القانونية، ومن ثم فيستحق ذوو الشأن جميع ما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق بما في ذلك الحق في تعويض يعادل الثمن، ولا ينال من ذلك أن محكمة النقض وصفت هذا الاستيلاء في بعض أحكامها بأنه يعتبر بمثابة غصب، إذ إن ذلك كان بصدد تحديد الوقت الذي تقدر فيه قيمة العقار لبيان مقدار التعويض الذي يستحقه مالكه أو في مقام تبرير أحقيته في المطالبة بريعه من تاريخ الاستيلاء أو في مقام صدور قرار إداري بالاستيلاء عليه من شخص لا سلطة له في إصداره، بما مؤداه أن التزام الدولة عند استيلائها على العقارات المملوكة للأفراد سواء بإتباع الإجراءات المقررة قانونا لنزع الملكية أو دون إتباع هذه الإجراءات يكون في الحالين واحداً وهو التعويض الذي يعادل ثمن العقار المستولى عليه باعتبار أن الضرر الذي يصيب ذوي الشأن نتيجة هذا الاستيلاء والمتمثل في فقدانهم لملكيتهم يكون في الحالين واحداً، ويكون التعويض الذي يعادل ثمن هذا العقار كافياً لجبره بما لا يكون معه ثمة محل للقول بوجوب اقتضاء تعويض آخر يضاف لثمن العقار محل الاستيلاء بسبب عدم إتباع الدولة للإجراءات المقررة قانونا لنزع الملكية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم المستأنف الذي اكتفى بالقضاء للطاعن بتعويض يعادل قيمة أرض التداعي فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بما ورد بهذا السبب على غير أساس
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق من وجهين، ويقول بياناً لأولهما إن الحكم إذ عول على ما انتهى إليه الخبير المنتدب الذي قدر سعر الفدان من أرض التداعي بمبلغ خمسين ألف جنيه قياما على السعر الوارد بالعقد المسجل رقم 1812 لسنة 1986 توثيق الجيزة رغم تمسكه باختلاف موقع الأرض محل هذا العقد عن موقع أرض التداعي وبأن أرضاً واقعة بذات الحوض الواقع به أرض التداعي قد بيعت في وقت معاصر لرفع الدعوى على اعتبار أن سعر الفدان هو مبلغ 840000 جنيه ودلل على ذلك بتقديمه صورة صحيفة بيع هذه الأرض وإذ التفت الحكم عن دفاعه هذا وعول على ما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب في هذا الخصوص فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه. وفي بيان الوجه الثاني يقول إنه تمسك بصحيفة استئنافه بأحقيته في التعويض عن ثمن المزروعات التي كانت قائمة على أرض التداعي وعن مقابل عدم انتفاعه بأرض التداعي خلال الفترة من تاريخ الاستيلاء عليها حتى تاريخ صدور الحكم في الدعوى وبأن تقرير الخبير المنتدب الذي اتخذ منه الحكم المستأنف عمادا لقضائه لم يقدر له إلا تعويضاً عن مقابل عدم الانتفاع بأرض التداعي اعتباراً من تاريخ الاستيلاء عليها حتى تاريخ رفع الدعوى فقط ولم يبحث مدى أحقيته في التعويض عن ثمن المزروعات وعن مقابل عدم انتفاعه بأرض التداعي عن الفترة التالية لرفع الدعوى وحتى تاريخ صدور الحكم فيها، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع رغم جوهريته وأيد الحكم المستأنف في هذا الصدد، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في موازنة الأدلة وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها والأخذ بتقرير الخبير الذي ندبته متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي أقيم عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى قدر قيمة أطيان النزاع مراعياً في ذلك موقعها وحالات المثل - بعد أن اطمأن إليه واقتنع بكفاية أبحاثه - فإن النعي عليه بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض
وحيث إن هذا النعي وجهه الثاني في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يقتضي بطلانه، بما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى حتى إذا ما رأته متسماً بالجد مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً، وأنه إذا أخذت المحكمة بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه في حين كانت أسبابه لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن حكمها يكون معيبا بالقصور. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك بصحيفة استئنافه بوجوب تعويضه عن ثمن المزروعات التي كانت قائمة على أرض التداعي وعن مقابل عدم انتفاعه بهذه الأرض عن الفترة من تاريخ الاستيلاء عليها حتى تاريخ الحكم في الدعوى وبأن ما قدره الحكم الابتدائي من تعويض في هذا الخصوص - أخذاً بما ورد بتقرير الخبير المنتدب - لا ينصرف إلا لمقابل عدم انتفاعه بأرض التداعي عن الفترة من عام 1983 وحتى تاريخ رفع الدعوى في عام 1988 فقط يكون الخبير المنتدب لم يقدر له تعويضاً في هذا الصدد إلا عن مقابل عدم انتفاعه بأرض التداعي خلال تلك الفترة فلم يقدر ثمناً لما كان قائماً على أرض التداعي من مزروعات ولم يقدر تعويضاً عن مقابل عدم انتفاعه بهذه الأرض عن الفترة التالية لرفع الدعوى وحتى صدور الحكم فيها، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع رغم جوهريته، إذ من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي في مقدار التعويض المقضي به في هذا الخصوص، وأيد الحكم الابتدائي في هذا الصدد مكتفياً بالقول بأنه يطمئن إلى تقرير الخبير المنتدب الذي أخذت به محكمة أول درجة رغم أن ما ورد بهذا التقرير لا يواجه دفاع الطاعن ولا يصلح لأن يكون رداً عليه، فإنه يكون قد شابه القصور المبطل بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق