الصفحات

الاثنين، 12 يونيو 2017

الطعن 11844 لسنة 65 ق جلسة 25 / 3 / 2008 مكتب فني 59 ق 64 ص 352

برئاسة السيد القاضي/ السيد خلف محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسن يحيى فرغل, طلبة مهني محمد نائبا رئيس المحكمة والسيد عبد الحكيم الطنطاوي وثروت نصر الدين إبراهيم.
------------------
- 1  أشخاص اعتبارية "أشخاص القانون العام: وحدات الحكم المحلي: صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء والغير".
وحدات الحكم المحلي. استقلال كل منها بشخصية اعتبارية وذمة مالية خاصة بها. رئيس الوحدة المحلية. صاحب الصفة في تمثيل وحدته قبل الغير ولدى القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون. المواد 1، 2، 4، 35، 43، 51، 69 من ق نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 المعدل بق 50 لسنة 1981.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة الأولى من قانون نظام الحكم المحلي الصادر برقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 على أن "وحدات الحكم المحلي هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية"، وما ورد في المواد 35، 43، 51، 69 من بيان الموارد المالية الخاصة بكلَّ وحدة محلية عدا الأحياء، وما نص عليه في المادة الثانية منه على أنْ "تتولى وحدات الحكم المحلي في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها، كما تتولى هذه الوحدات كُل في نطاق اختصاصها مباشرة جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها وذلك فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق التي تتولى المحافظات إنشاؤها وإدارتها والمرافق التي تتولى إنشاؤها وإداراتها الوحدات الأخرى للحكم المحلي كما تبين اللائحة ما تباشره كل من المحافظات وباقي الوحدات من الاختصاصات المنصوص عليها في هذه المادة ...." وما جرى به نص المادة الرابعة من ذات القانون على أنْ "يمثل المحافظة محافظها كما يمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلي الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء وفى مواجهة الغير" إنما يدل في مجموعه على أن المشرع قد جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات ولها ذمتها المالية الخاصة بها، وحَدَّدَ الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيلها أمام القضاء، مما مقتضاه أن يكون رئيس كل وحدة محلية هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته قبل الغير فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون.
- 2  أشخاص اعتبارية "أشخاص القانون العام: وحدات الحكم المحلي: صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء والغير".
الوحدة المحلية. اختصاصها بالمحافظة على أملاك الدولة العامة والخاصة وتنظيم استغلالها والتصرف فيها ومنع التعديات عليها. مؤداه. رئيس الوحدة المحلية. صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء وفي المنازعة حول ملكية الدولة للعقارات الواقعة في نطاق وحدته. م 7 من قرار رئيس مجلس الوزراء 707 لسنة 1979 باللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي.
إذ كانت المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 باللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي قد ناطت بالوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها المحافظة وفقاً لأحكام القانون على أملاك الدولة العامة والخاصة وإدارتها وتنظيم استغلالها والتصرف فيها ومنع التعديات عليها، فإن مؤدى ذلك أن صاحب الصفة في تمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء وفي المنازعة حول ملكية الدولة للعقارات التي تقع في نطاق الوحدة المحلية لقرية ...... يكون هو المطعون ضده الأول بصفته رئيس الوحدة المحلية لقرية ..... .
- 3  أشخاص اعتبارية "أشخاص القانون العام: وحدات الحكم المحلي: صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء والغير".
اختصام رئيس شعبة الحجز الإداري بصفته ممثلاً للوحدة المحلية أمام القضاء. اختصاماً لغير ذي صفة. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة له.
اختصام المطعون ضده الثاني بصفته "رئيس شعبة الحجز الإداري بالوحدة المحلية لقرية "......." رغم أنه لا يمثل هذه الوحدة المحلية أمام القضاء يكون اختصاماً لغير ذي صفة، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن بالنسبة له.
- 4 ملكية "من أسباب كسب الملكية: وضع اليد على أموال الدولة الخاصة".
الأموال العامة. عدم جواز اكتساب ملكيتها بوضع اليد مهما طالت مدته. م 87 مدني. فقدها لصفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. تحققه بصدور قانون أو قرار من الجهة المختصة أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت للمنفعة العامة. انتهاء التخصيص بالفعل. وجوب أن يكون واضحاً لا يحتمل لبساً. م 88 مدني. تحقق ذلك. أثره. دخول العقار الذي انتهى تخصيصه في عداد أموال الدولة الخاصة. مؤداه. جواز اكتساب ملكيته بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل نفاد القانون 147 لسنة 1957. اعتبار القانون الأخير منشئاً لحكم مستحدث لا أثر له على ما تم كسب ملكيته بالتقادم قبل العمل به. المذكرة الإيضاحية لذات القانون.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إعمالاً للمادة 87 من القانون المدني أن وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يُكسب الملكية، إلا أن النص في المادة 88 من ذات القانون على أن "تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة" يدل على أن الأموال العامة تفقد صفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، وهذا الانتهاء كما يثبت بصدور قانون أو قرار من الجهة المختصة فإنه يتحقق بانتهاء الغرض الذي من أجله خصُصت تلك الأموال للمنفعة العامة، أي ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة بصورة واضحة لا تحتمل اللبس، ومتى تحقق انتهاء التخصيص على هذا النحو فإن العقار الذي انتهى تخصيصه للنفع العام يدخل في عداد الملك الخاص للدولة وبالتالي يجوز للأفراد اكتساب ملكيته بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 في 13/7/1957 والذي أضاف لنص المادة 970 من القانون المدني حكماً جديداً يقضي بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم. إذ إن هذا القانون يعتبر منشئاً لحكم مستحدث لا أثر له على ما تم كسب ملكيته بالتقادم من أموال الدولة الخاصة قبل العمل به وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور بقولها "إنه ليس له أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من هذه الأموال بالتقادم قبل صدوره".
- 5  ملكية "من أسباب كسب الملكية: وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية".
وضع اليد المدة الطويلة. سبب مستقل من أسباب كسب الملكية. مناطه. توافر شروطه القانونية. تمسك واضع اليد به. أثره. إعفاؤه من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها.
المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن وضع اليد المدة الطويلة إذا توفرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سبباً لكسب الملكية بالتقادم مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها، ويُعفى واضع اليد الذي يتمسك به من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها.
- 6  محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات: تقدير عمل الخبير".
تقرير الخبير. عنصر من عناصر الإثبات. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. مؤداه. عدم تقيدها برأي الخبير المنتدب في الدعوى. قيام التقرير على حجج تؤيدها الأدلة والقرائن الثابتة بالأوراق. إطراح المحكمة للنتيجة التي انتهى إليها والأخذ بنتيجة مخالفة. وجوب تناولها في أسباب حكمها الرد على ما جاء بالتقرير من حجج وإقامة قضاءها على أدلة صحيحة سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها دون مخالفة للثابت بالأوراق.
المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كانت محكمة الموضوع غير مقيدة برأي الخبير المنتدب في الدعوى، إذ لا يعدو أن يكون هذا الرأي عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها، إلا أنه إذا كان تقرير الخبير قد استوى على حجج تؤيدها الأدلة والقرائن الثابتة بالأوراق، وكانت المحكمة قد أطرحت النتيجة التي انتهى إليها التقرير وذهبت بما لها من سلطة التقدير الموضوعية إلى نتيجة مخالفة وجب عليها وهي تباشر هذه السلطة أن تتناول في أسباب حكمها الرد على ما جاء بالتقرير من حجج، وأن تقيم قضاءها على أدلة صحيحة سائغة من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا تخالف الثابت بالأوراق.
- 7  محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات: تقدير عمل الخبير".
تمسك الطاعنين بتملكهم لأرض النزاع بوضع اليد قبل نفاذ القانون 147 لسنة 1957 بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ودخولها في عداد الأموال الخاصة للدولة واستدلالهم على ذلك بعدم استعمالها جرن روك أهالي وبزوال هذا التخصيص بصورة لا لبس فيها بوضع مورثهم يده والبناء عليها وربطها باسمه بسجلات الضرائب العقارية وورود أسماؤهم بكشوف الجهة الإدارية كواضعي اليد على أملاك الدولة الخاصة وتمسكهم بتقرير الخبير وما اشتمل عليه. إغفال الحكم المطعون فيه لما سلف وقضاؤه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتثبيت ملكيتهم للأرض تأسيساً على خلو الأوراق مما يدل على انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. خطأ وقصور.
إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا بتملكهم للأرض محل النزاع بوضع اليد قبل نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 في 13/7/1957 بتعديل المادة 970 من القانون المدني – وذلك بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وخروجها من دائرة الأموال العامة ودخولها في عداد الأموال الخاصة للدولة واستدلوا على ذلك بعدم استعمالها جرن روك أهالي وزوال معالم هذا التخصيص بصورة واضحة لا لبس فيها بوضع مورثهم يده عليها قبل عام 1940 وقيامه بالبناء عليها وربطها باسمه بسجلات الضرائب العقارية منذ عام 1942 وفقاً للثابت بالكشوف الرسمية، كما وردت أسماؤهم بالكشوف التي أعدتها الجهة الإدارية لواضعي اليد على أملاك الدولة الخاصة، كما تمسكوا بما ورد بتقرير الخبير وأبحاثه التي أجراها وشهادة الشهود الذين سمعهم، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الوقائع والمستندات والأدلة سالفة البيان وقضى بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتثبيت ملكيتهم لهذه الأرض تأسيساً على خلو الأوراق مما يدل على انتهاء تخصيص الأرض محل النزاع للمنفعة العامة بما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون.
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم .... لسنة 1992 مدني طنطا الابتدائية على المطعون ضدهما بصفتيهما - وآخرين - بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم للعقارات المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة، وقالوا بياناً لذلك إنهم يمتلكون العقارات أرقام ...، ...، ...، ... بشارعي داير الناحية ومحمد عامر بقرية سند بسط مركز زفتى بالغربية ومساحتها 650م2 تحت العجز والزيادة والتي آلت ملكيتها لهم بالميراث ولمورثهم من قبلهم بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وإذ نازعهم المطعون ضدهما بصفتيهما في ملكيتهم لها بزعم أنها مملوكة للدولة فقد أقاموا الدعوى، وبعد أن قدم الخبير الذي ندبته المحكمة تقريره حكمت بتثبيت ملكية الطاعنين للأرض البالغ مساحتها 647.15 متراً مربعاً والمقام عليها منازل بناحية سند بسط مركز زفتى والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير. استأنف المطعون ضدهما بصفتيهما هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 45ق لدى محكمة استئناف طنطا والتي قضت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة الأولى من قانون نظام الحكم المحلي الصادر برقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 على أن "وحدات الحكم المحلي هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية"، وما ورد في المواد 35، 43، 51، 69 من بيان الموارد المالية الخاصة بكل وحدة محلية عدا الأحياء، وما نص عليه في المادة الثانية منه على أن "تتولى وحدات الحكم المحلي في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها، كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها مباشرة جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها وذلك فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق التي تتولى المحافظات إنشاؤها وإدارتها والمرافق التي تتولى إنشاؤها وإداراتها الوحدات الأخرى للحكم المحلي كما تبين اللائحة ما تباشره كل من المحافظات وباقي الوحدات من الاختصاصات المنصوص عليها في هذه المادة ....." وما جرى به نص المادة الرابعة من ذات القانون على أن "يمثل المحافظة محافظها كما يمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلي الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء وفي مواجهة الغير" إنما يدل في مجموعه على أن المشرع قد جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات ولها ذمتها المالية الخاصة بها، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيلها أمام القضاء، مما مقتضاه أن يكون رئيس كل وحدة محلية هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته قبل الغير فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون، وإذ كانت المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 باللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي قد ناطت بالوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها المحافظة وفقاً لأحكام القانون على أملاك الدولة العامة والخاصة وإدارتها وتنظيم استغلالها والتصرف فيها ومنع التعديات عليها، فإن مؤدى ذلك أن صاحب الصفة في تمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء وفي المنازعة حول ملكية الدولة للعقارات التي تقع في نطاق الوحدة المحلية لقرية سند بسط يكون هو المطعون ضده الأول بصفته "رئيس الوحدة المحلية لقرية سند بسط" وبالتالي فإن اختصام المطعون ضده الثاني بصفته "رئيس شعبة الحجز الإداري بالوحدة المحلية لقرية سند بسط" رغم أنه لا يمثل هذه الوحدة المحلية أمام القضاء يكون اختصاماً لغير ذي صفة، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن بالنسبة له
وحيث إن الطعن - بالنسبة للمطعون ضده الأول بصفته - استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بأن الأرض محل النزاع بفرض أنها كانت مملوكة للدولة ملكية عامة فإنها تحولت إلى ملكيتها الخاصة بعد زوال تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة، واستدلوا على ذلك بعدم استعمالها جرن روك أهالي وقيام سلف مورثهم بالبناء عليها ثم مورثهم عام 1940 وإدراجها باسمه بسجلات الضرائب العقارية عام 1942 - على النحو الثابت بالكشوف الرسمية - وسداده للضرائب العقارية المربوطة عليها، وورود أسماؤهم بكشوف جهة الإدارة باعتبارهم من واضعي اليد على أملاك الدولة الخاصة، ومن ثم فإنه يحق لهم بعد ضم مدة حيازة سلفهم تملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 المعدل لنص المادة 970 من القانون المدني، وهو ما خلص إليه تقرير الخبير بمحاضر أعماله ونتيجته النهائية وقضى به الحكم الابتدائي، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي تأسيساً على أن الأرض محل النزاع ما زالت مملوكة للدولة ملكية عامة ملتفتاً بذلك عن الأدلة والمستندات سالفة البيان والتي تقطع بانتهاء تخصيص هذه الأرض للمنفعة العامة وتحولها إلى ملكية خاصة للدولة وتملكهم لها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - إعمالاً للمادة 87 من القانون المدني أن وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية، إلا أن النص في المادة 88 من ذات القانون على أن "تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الأموال العامة تفقد صفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، وهذا الانتهاء كما يثبت بصدور قانون أو قرار من الجهة المختصة فإنه يتحقق بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة، أي ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة بصورة واضحة لا تحتمل اللبس، ومتى تحقق انتهاء التخصيص على هذا النحو فإن العقار الذي انتهى تخصيصه للنفع العام يدخل في عداد الملك الخاص للدولة وبالتالي يجوز للأفراد اكتساب ملكيته بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 في 13/7/1957 والذي أضاف لنص المادة 970 من القانون المدني حكماً جديداً يقضي بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، إذ إن هذا القانون يعتبر منشئاً لحكم مستحدث لا أثر له على ما تم كسب ملكيته بالتقادم من أموال الدولة الخاصة قبل العمل به وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور بقولها "إنه ليس له أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من هذه الأموال بالتقادم قبل صدوره"، ومن المقرر أيضاً أن وضع اليد المدة الطويلة إذا توفرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سبباً لكسب الملكية بالتقادم مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها، ويُعفى واضع اليد الذي يتمسك به من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها، وأنه ولئن كانت محكمة الموضوع غير مقيدة برأي الخبير المنتدب في الدعوى، إذ لا يعدو أن يكون هذا الرأي عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها، إلا أنه إذا كان تقرير الخبير قد استوى على حجج تؤيدها الأدلة والقرائن الثابتة بالأوراق، وكانت المحكمة قد أطرحت النتيجة التي انتهى إليها التقرير وذهبت بما لها من سلطة التقدير الموضوعية إلى نتيجة مخالفة وجب عليها وهي تباشر هذه السلطة أن تتناول في أسباب حكمها الرد على ما جاء بالتقرير من حجج، وأن تقيم قضاءها على أدلة صحيحة سائغة من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا تخالف الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا بتملكهم للأرض محل النزاع بوضع اليد قبل نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 في 13/7/1957 بتعديل المادة 970 من القانون المدني - وذلك بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وخروجها من دائرة الأموال العامة ودخولها في عداد الأموال الخاصة للدولة واستدلوا على ذلك بعدم استعمالها جرن روك أهالي وزوال معالم هذا التخصيص بصورة واضحة لا لبس فيها بوضع مورثهم يده عليها قبل عام 1940 وقيامه بالبناء عليها وربطها باسمه بسجلات الضرائب العقارية منذ عام 1942 وفقاً للثابت بالكشوف الرسمية، كما وردت أسماؤهم بالكشوف التي أعدتها الجهة الإدارية لواضعي اليد على أملاك الدولة الخاصة، كما تمسكوا بما ورد بتقرير الخبير وأبحاثه التي أجراها وشهادة الشهود الذين سمعهم، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الوقائع والمستندات والأدلة سالفة البيان وقضى بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتثبيت ملكيتهم لهذه الأرض تأسيساً على خلو الأوراق مما يدل على انتهاء تخصيص الأرض محل النزاع للمنفعة العامة بما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والذي تطمئن إليه المحكمة وإلى سلامة الأبحاث التي أجراها وإلى النتيجة التي خلص إليها والمستندات المقدمة فيها أن الأرض موضوع النزاع كانت في وضع يد مورث الطاعنين قبل عام 1940 وأن تخصيصها للمنفعة العامة قد انتهى بالفعل قبل هذا التاريخ وأقام عليها منزلاً وأدرجت باسمه كمالك لها بالضرائب العقارية منذ عام 1942 واستمر وضع يد الطاعنين من بعده حتى عام 1957 ولمدة تزيد على خمسة عشر عاماً وضع يد هادئ وظاهر ومستمر دون منازعة من أحد حتى تملكوها - قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 - بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، الأمر الذي يكون معه الحكم المستأنف في محله، ويتعين لذلك القضاء في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق