الصفحات

الاثنين، 15 مايو 2017

استفادة المدعي من النص التشريعي نافي لمصلحته في الطعن عليه بعدم الدستورية

الطعن 150 لسنة 33 ق " دستورية" المحكمة الدستورية العليا جلسة 1 / 4 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 14 مكرر أ في 10/ 4/ 2017 ص 46
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أبريل سنة 2017 م، الموافق الرابع من رجب سنة 1438 هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 150 لسنة 33 قضائية "دستورية".

------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي عليه الخامس كان قد أجر بتاريخ 1985/4/13 للمدعي الشقة الكائنة بالطابق الخامس علوي بملكه الكائن ...... بدمنهور، وفي تاريخ لاحق لعقد الإيجار، أقام المدعي مبنى يتكون من أكثر من ثلاث وحدات، مما حدا بالمدعى عليه الخامس إلى إقامة الدعوى رقم 31 لسنة 2009 مساكن کلي، أمام محكمة دمنهور الابتدائية، ضد المدعي، طالبا الحكم بإخلائه من العين المؤجرة، استنادا إلى نص الفقرة الثانية من المادة (22) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، فقضى فيها بجلسة 2010/11/23 بإخلاء المدعي من الشقة موضوع التداعي وتسليمها للمدعى عليه الخامس خالية مما يشغلها. وإذ لم يرتض المدعي هذا الحكم فقد طعن عليه أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 6875 لسنة 66 قضائية، وأمام تلك المحكمة دفع بعدم دستورية نصوص المواد الثلاث الأول من القانون رقم 4 لسنة 1996 المشار إليه، وطلب التصريح بإقامة دعوى تفسير أمام المحكمة الدستورية العليا لإزالة التناقض بين الحكمين الصادرين في القضيتين رقمي 36 لسنة 9، و56 لسنة 18 قضائية "دستورية"، فصرحت له تلك المحكمة بذلك، فأقام الدعوى المعروضة
بتاريخ السادس والعشرين من يوليو سنة 2011، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم أولا: بعدم دستورية نصوص المواد (1، 2، 3) من القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها، والأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، وتعارضها مع نص الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. ثانيا: فض التنازع بين الحكمين الدستوريين المتناقضين رقمي 56 لسنة 18 قضائية "دستورية"، و36 لسنة 9 قضائية "دستورية"، لمخالفة نص المادة (40) من دستور سنة 1971، ولتحديد أيهما يتم تطبيقه على الدعوى الموضوعية
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيا برفضها
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - لا يكفي لتحققها أن يكون النص التشريعي المطعون فيه مخالفا للدستور، بل يجب أن يكون هذا النص بتطبيقه على المدعي قد ألحق به ضررا مباشرا، وهو ما يتحدد على ضوء توافر عنصرين أوليين يحددان معا مضمونها، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح، أولهما: أن يقيم المدعي – وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه - الدليل على أن ضررا واقعيا - اقتصاديا أو غيره - قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرا مستقلا بعناصره ممكنا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررا متوهما أو نظريا أو مجهلا، بما مؤداه: أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطنا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعي أصلا، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (22) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، تنص على أن
"وإذا أقام المستأجر مبنى مملوكا له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما 
لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها منه". 
وتنص المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، على أن
"لا تسري أحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر و136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلهما، على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها، ولا على الأماكن التي انتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهي بعده لأي سبب من الأسباب دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها طبقا للقانون". 
وتنص المادة الثانية من هذا القانون المعدل بالقانون رقم 137 لسنة 2006 على أن "تطبق أحكام القانون المدني في شأن تأجير الأماكن المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون خالية أو مفروشة، أو في شأن استغلالها أو التصرف فيها
ويكون للمحررات المثبتة لهذه العلاقة الإيجارية وشروطها وانتهائها قوة السند التنفيذي بعد توثيقها بحضور أطرافها". وتنص المادة الثالثة منه على أن "يلغى كل نص في أي قانون آخر يتعارض مع أحكام هذا القانون". 
متى كان ذلك، وكان المدعى عليه الخامس، وهو مؤجر شقة التداعي، قد أقام الدعوى الموضوعية، استنادا إلى نص الفقرة الثانية من المادة (22) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، طلبا لإخلاء المدعي من الشقة المؤجرة له لإقامته مبنى يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لعقد الإيجار، وكان مراد المدعي في الدعوى الدستورية المعروضة - وهو مستأجر يخضع لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981، المشار إليه – هو التحلل من الحكم الوارد بنص الفقرة المشار إليها، التي توجب عليه أن يتخلى عن الوحدة المؤجرة، أو الاحتفاظ بسكنه الذي يستأجره، وتوفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه، بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها منه، مستندا في ذلك إلى نسخ هذا الحكم بعد العمل بأحكام المواد الثلاث الأول من القانون رقم 4 لسنة 1996، المار ذكره، قصدا منه إلى الاحتجاج بهذه المواد المطعون عليها، في نسخ حكم الفقرة الثانية من المادة (22) السالفة البيان، بعد العمل بأحكامها، ومن ثم فإن المدعي يكون قد أفاد من النصوص المطعون عليها، ولم يضار منها البتة، الأمر الذي تنتفي معه مصلحته في الطعن عليها، وتقضي المحكمة تبعا لذلك بعدم قبول الدعوى في هذا الشق
وحيث إنه عن طلب المدعي فض التناقض بين حكمي المحكمة الدستورية العليا رقمي 56 لسنة 18 قضائية "دستورية"، و36 لسنة 9 قضائية دستورية، وكان الحكم الصادر في القضية رقم 56 لسنة 18 قضائية "دستورية" بجلسة 15 نوفمبر 1997، قد قضى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والتي يجرى نصها على أن: "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض". وكان الحكم الصادر في القضية رقم 36 لسنة 9 قضائية "دستورية" بجلسة 14 مارس سنة 1992، قد قضى برفض الدعوى، المقامة طعنا على نص الفقرة الثانية من المادة (22) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما شرعته من حق المؤجر في طلب إخلاء العين المؤجرة طبقا لأحكام التشريعات الاستثنائية المنظمة لأحكام إيجار الأماكن، إذا ما قام المستأجر ببناء مبنى يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره، مخيرا الأخير بين الاحتفاظ بسكنه الذي يستأجره، أو توفير وحدة سكنية في المبنى الذي أقامه لمالك الوحدة السكنية المؤجرة له، أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية، وفقا للشروط المبينة في النص
وحيث إن حقيقة ما يرمى إليه المدعي بشأن طلب فض التناقض المدعى به بين الحكمين الصادرين في القضيتين الدستوريتين المشار إليهما، وفقا للتكييف القانوني السليم لها، هو إعادة طرح المسألتين الدستوريتين المقضي فيهما على هذه المحكمة مرة أخرى لإعادة النظر فيهما، لتنحل دعواه في حقيقتها إلى طعن في هذين الحكمين بالمخالفة لنص المادة (195) من الدستور القائم، والمادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 التي تقضي بأن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارها قولا فصلا لا يقبل تأويلا ولا تعقيبا من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعته. ومن ثم فإن الدعوى المعروضة بوصفها المتقدم تكون غير مقبولة – أيضا - في هذا الشق منها
لما كان ذلك، فإن الدعوى بشقيها تكون مستوجبة القضاء بعدم قبولها برمتها
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق