الصفحات

الثلاثاء، 2 مايو 2017

المذكرة الايضاحية للقانون 48 لسنة 1979 بشأن إصدار قانون المحكمة الدستورية العليا

من أبرز معالم دستور جمهورية مصر العربية الذي منحته جماهير شعب مصر لأنفسها في 11 من سبتمبر سنة 1971، ما أورده في بابه الرابع من أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة مؤكدا بذلك خضوعها للقانون كالأفراد سواء بسواء. 
ولما كانت سيادة القانون تستوجب بداهة عدم خروج القوانين واللوائح علي أحكام الدستور باعتباره القانون الأساسي ضمانا لالتزام سلطات الدولة بأحكامه فيما يصدر عنها من قواعد تشريعية فقد خصص الدستور فصلا مستقلا للمحكمة الدستورية العليا في الباب الذي يعالج نظام الحكم نص فيه علي أنها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها تتولى دون غيرها الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح، كما تتولى تفسير النصوص التشريعية، مؤكدا بذلك هيمنة هذه الهيئة القضائية العليا علي تثبيت دعائم المشروعية وصيانة حقوق الأفراد وحرياتهم. 
وقد أعد القانون المرفق في شان المحكمة الدستورية العليا استكمالا للمؤسسات الدستورية التي يقوم عليها نظام الحكم في البلاد، وذلك في ضوء دراسات مقارنة للمحاكم المشابهة في بعض الدول وبما يتلاءم والأوضاع القائمة في مصر واستهداء بما يحققه القضاء المصري ولا يزال يحققه حماية للحريات وتأكيدا لسيادة القانون. 
وفيما يلي بيان بأهم ما قام عليه القانون من أحكام: 
1- تقديرا لمكانة هذه المحكمة وحرصا علي أن يتم تشكيلها من خلاصة الشخصيات المرموقة التي مارست خبرة واكتسبت دراية في المجال القضائي والقانوني رئي ألا يقل سن من يختار لعضويتها عن خمس وأربعين سنة وأن يكون قد أمضي في وظيفة مستشار أو ما يعادلها خمس سنوات علي الأقل أو ثماني سنوات في وظيفة أستاذ للقانون أو عشر سنوات في العمل بالمحاماة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا.
2- ومراعاة للصفة القضائية لهذه المحكمة نصت المادة الخامسة علي أن يكون ثلثا عدد أعضائها علي الأقل من بين أعضاء الهيئات القضائية ليزودوا المحكمة بتجاربهم وخبراتهم، علي أن يترك مجال الاختيار بالنسبة لباقي أعضائها من بين الهيئات القضائية وأساتذة القانون والمحامين. 
3- ونظرا لأهمية هذه الهيئة القضائية التي تشرف علي دستورية القوانين الصادرة من السلطة التشريعية واللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية، علاوة علي باقي اختصاصاتها بالتفسير وفي أحوال تنازع الاختصاص، فقد نص القانون في المادة (5) منه علي أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية بالنسبة لتعيين أعضائها. 
أما بالنسبة لرئيس المحكمة فقد نص علي أن يكون تعيينه رأسا بقرار من رئيس الجمهورية وذلك للمواءمة بين صفته القضائية وما أسنده إليه الدستور في المادة (84 منه). 
4- والتزاما بحكم الدستور وأسوة بسائر أعضاء الهيئات القضائية فقد نص القانون علي عدم قابلية أعضاء المحكمة للعزل وعلي عدم نقلهم إلى وظائف أخرى إلا بموافقتهم. 
5- ومراعاة لمكانة أعضاء هذه المحكمة نظم القانون حقوقهم وواجباتهم علي نسق ما يجري بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض مع تخويل الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا بكامل أعضائها الاختصاص بالفصل في طلبات رد أعضائها ودعاوى مخاصمتهم والتحقيق والتصرف نهائياً فيما قد ينسب إليهم. 
6- وتأكيدا لأهمية الدور الذي أسبغه الدستور علي المحكمة الدستورية العليا لتحقيق الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح مع توحيد مفهوم نصوص الدستور بما يحقق استقرار الحقوق، حرص القانون علي أن يكون لهذه المحكمة دون غيرها القول الفصل فيما يثور من منازعات حول دستورية القوانين واللوائح سواء أكانت قوانين عادية صادرة من السلطة التشريعية أم تشريعات لائحيه فرعية صادرة من السلطة التنفيذية في حدود اختصاصها الدستوري وسواء أكانت هذه اللوائح عادية أو لوائح لها قوة القانون. 
7- وتوسعة لنطاق هذه الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح نص القانون علي ثلاثة طرق لتحقيق هذه الغاية أولها التجاء جهة القضاء من تلقاء نفسها إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في دستورية نص لازم للفصل في دعوى منظورة أمام هذه الجهة وذلك تثبيتا لالتزام الأحكام القضائية بالقواعد الدستورية الصحيحة، والثاني الدفع الجدي من أحد الخصوم أمام إحدى جهات القضاء بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة وعندئذ تؤجل المحكمة نظر الدعوى وتحد لمن أثار الدفع أجلا لرفع الدعوى بذلك، والطريق الثالث تخويل المحكمة الدستورية العليا أن تقضي من تلقاء نفسها بعد دستورية نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها. 
8- والتزاما بما ورد في الدستور عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية ونشر قراراتها بالتفسير في الجريدة الرسمية تأكيدا لصفتها الملزمة فقد نص القانون علي هذا الاختصاص محددا النصوص التشريعية التي تتولى المحكمة تفسيرها بالقوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية طبقا لأحكام الدستور. 
وغني عن الذكر أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالتفسير لا يحول دون مباشرة السلطة التشريعية حقها في إصدار التشريعات التفسيرية بداءة أو بالمخالفة لما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا من تفسير. 
كما أن هذا الاختصاص لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى جميعا في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها علي الواقعة المعروضة عليها ما دام لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم سواء من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية العليا. 
9- وتثبيتا لمكانة المحكمة الدستورية العليا حرص القانون علي النص أن أحكامها وقراراتها غير قابلة للطعن وملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. 
10- وتناول القانون أثر الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة فنص إلى عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم وهو نص ورد في بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء علي أن مؤداه هو عدم تطبيق النص ليس في المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة علي صدور الحكم بعدم دستورية النص علي أن يستثني من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة تقادم. 
أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي فإن جميع الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص تعتبر كأن لم تكن حتى ولو كانت أحكاما باتة. 
11- وتأكيدا لاستقلال المحكمة الدستورية العليا نص القانون علي أن تكون لها موازنة سنوية مستقلة وأسبغ علي الجمعية العامة بالمحكمة السلطات المقررة لوزير المالية في القوانين واللوائح، كما خول لرئيس المحكمة السلطات المخولة لوزير التنمية الإدارية ولرئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق