الصفحات

الأربعاء، 10 مايو 2017

الطعن 10108 لسنة 78 ق جلسة 21 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 36 ص 287

جلسة 21 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار / د. سري صيام نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وعادل الحناوي وهاني عبد الجابر نواب رئيس المحكمة .
------------
(36)
الطعن 10108 لسنة 78 ق
(1) استيلاء على أموال أميرية . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . اختلاس أموال أميرية. تربح. رشوة . اشتراك . تزوير " أوراق عرفية " . استعمال محرر مزور . قصد جنائي . إثبات " بوجه عام" . حكم " تسبيبه. تسبيب معيب " " بيانات حكم الإدانة " . موظفون عموميون . جريمة "أركانها".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما يحقق أركان الجريمة وظروفها وأدلتها . المادة 310 إجراءات.
وجوب ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام . متى يكون كذلك ؟
الجريمة المنصوص عليها بالمادة 122 عقوبات . مناط تحققها ؟
العقاب في المادة 112 عقوبات . شرطه ؟
جناية الاستيلاء أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 عقوبات . ماهيتها ؟
وجوب بيان الحكم في جريمة الاستيلاء أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير صفة المتهم وكونه موظفاً عاماً وكون الوظيفة طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات المتخذة بما تتوافر به أركان تلك الجريمة .
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام . غير لازم . شرط ذلك ؟
  اختصاص الموظف بالعمل الذي حصل على الربح أو المنفعة من خلاله لنفسه أو لغيره أياً كان نصيبه فيه . ركن أساسي في جريمة التربح المنصوص عليها بالمادة 115 عقوبات . أثر ذلك؟
     وجوب تعيين الحكم بالإدانة في جرائم تزوير المحررات المحرر المقول بتزويره وبياناته وإلا كان باطلاً . علة ذلك ؟
     اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب أداؤه أياً كان نصيبه فيه حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه . ركن في جريمة الارتشاء المنصوص عليها بالمادتين 103،103 مكرراً عقوبات .
     مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء واختلاس أموال أميرية والاشتراك فيها والرشوة والتربح والتزوير في محررات عرفية واستعمالها .
(2) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره ". محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب ". نقض "أسباب الطعن . ما يقبل منها" "أثر الطعن".
وجوب تحقيق المحكمة للدليل الذي ترى أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيقه أو تضمين حكمها أسباب عودتها عنه بعد تقديرها حاجتها إليه . إغفالها ذلك . يعيب حكمها بالغموض . أثره : نقض الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة الجنايات في مواد الجنايات والإعادة للطاعنين دون المحكوم عليهم غيابياً . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على تحصيل ما ورد بقرار الاتهام لجميع المتهمين ، ثم حصل مضمون الأدلة التي عول عليها في الإدانة ، وانتهى في مجال الإسناد إلى ارتكاب الطاعن الأول لجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصـول على ربـح للغيـر،  والتزوير واستعمال محررات مزورة وارتكاب الطاعن الثاني لجرائم الاستيلاء على المال العام والتربح والاشتراك فيه وأعمل في حقهما أحكام المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعن الأول عقوبة الجريمة الأشد ، إلا أنه أوقـع على الطاعن الثاني عقوبتين عما أسند إليه من اتهام ، كما أسند للطاعن الثالث جريمة طلب والحصول على رشوة وأوقع عليه عقوبتها . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وكان من المقرر أنه ينبغي ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الـدعوى ، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح . لما كـان ذلك ، وكانت الجريمة المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات لا تتحقق إلا إذا كان تسلم المال المختلس من مقتضيات العمل ويدخل في اختصاص المتهم الوظيفي استناداً إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه أو مستمداً من القوانين واللوائح ، وقد فرض الشارع العقاب في المادة المار ذكرها على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتـضى وظيفتـه بشرط انصراف نيته باعتباره حـائزاً له إلى التصـرف فيه على اعتبـار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي ـ هو التصرف في المال ـ ومن عامل معنوي يقترن به هو نية إضاعة المال على ربه . كما أنه من المقرر أن جناية الاستيلاء أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها ، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة . ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك ، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء ، وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة المتهم وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتـوافر به أركان تلك الجريمة ، كما أنه من المقرر أنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه ، كما أنه من المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذي حصل على الربح أو المنفعة من خلاله أياً كان نصيبه فيه سواء حصل التربح لنفسه أو تظفير الغير به ركن أساسي في جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات مما يتعين إثبات ذلك الاختصاص بما ينحسم به أمره ، كما أنه من المقرر أنه يجب للإدانة في جرائم تزوير المحررات أن يعرض الحكم لتعيين المحرر المقول بتزويره وما انطوى عليه من بيانات ليكشف عن ماهية تغيير الحقيقة فيه وإلا كان باطلاً ، ومن المقرر ـ أيضاً ـ أن اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب أداؤه أياً كان نصيبه فيه ، وسواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ركناً في جريمة الارتشاء المنصوص عليها في المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات فإنه يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره ، وخاصة عند المنازعة فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه ـ كما سبق البيان ـ قد دان الطاعن الأول بجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ، ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصول على ربح للغير ، والتزوير في محررات الجمعية واستعمال تلك المحررات، كما دان الطاعن الثاني بجرائم الاستيلاء على المال العام والتربح والاشتراك فيه ، دون أن يستظهر بالنسبة لجريمة الاختلاس ما إذا كان من عمل الطاعن الأول واختصاصه الوظيفي استلامه للسلع الواردة إلى الجمعية التي يعمل بها والتصرف فيها على نحو معين طبقاً للأنظمة الموضوعة لهذا الغرض أو أنها أودعت عهدته بسبب وظيفته كما لم يستظهر انصراف نيته إلى التصرف في هذه السلع والظهور عليها بمظهر المالك بقصد إضاعتها على الجمعية المالكة لها، كما أنه تناقض فيما أثبته في مدوناته من قيمة للسلع المختلسة وما قضى به من عقوبتي الرد والغرامة في منطوقه ولم يبين الأساس الذي احتسب بناءً عليه تلك المبالغ التي ألزم بها المتهمين متضامنين ، كما أنه لم يستظهر عناصر اشتراكه مع المتهم الأول في جريمة الاختلاس المنسوبة إليه وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ، ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها . هذا إلى أن الحكم لم يبين كيف أن وظيفة كل من الطاعنين الأول والثاني قد طوعت للأول تسهيل استيلاء الغير واستيلاء الثاني على مال الدولة ، ولم يستظهر نية كل طاعن وأنها انصرفت إلى تـضييعه على الجمعية المجني عليها لمصلحته ولمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر أركان جرائم الاختلاس والاشتراك فيها ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام بالنسبة للطاعن الأول وجريمة الاستيلاء بالنسبة للطاعن الثاني ، وكذلك بالنسبة لجرائم محاولة حصول الطاعن الأول على ربح لنفسه وحصوله على ربح للغير ، وحصول الطاعن الثاني على ربح لنفسه والاشتراك في التـربح إذ لم يستظهر الحكم اختصاص كل منهما بالعمل الذي حصل على التربح أو المنفعة من خلاله أو ظَفّر الغير بهذا الربح والدليل على توافر ركني الجريمة المادي والمعنوي ، وعناصر اشتراك الطاعن الثاني مع المتهمين الثلاثة الأول في جريمة التربح وطريقته وأن يبيـن الأدلـة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ، ويكشف عن قيامها ، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ، كما أنه بالنسبة لجريمة تزوير المحررات واستعمالها المسندة إلى الطاعن الأول فقد خلت مدونات الحكم من تفاصيل كل محرر من المحررات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن والمتهمين الأول والثاني والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بياناً أو توقيعاً وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه ، ولم يـــدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق كل متهم بالتزوير الذي قام به غيره من المتهمين ونسب إليه استعمال المحررات المزورة ، إذ اكتفى الحكم في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض لما نسب للطاعنين الأول والثاني من جرائم الذي هو مدار الأحكام ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يثبت - كذلك - في حق الطاعن الثالث والذي دانه بجريمة الرشوة اختصاصه بالعمل الذي دفـع الجعـل مقـابلاً لأدائه ، سواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه مع أنه ركن في جريمة الرشوة فإن الحكم يكون معيباً بالقصور الذي يبطله.
2- لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة استجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل لتحقيق عناصر الدعوى وفقاً لما ورد بأسباب الحكم ، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره ، قضت المحكمة في الدعوى دون أن تشير كلية إلى ذلك التقرير فلم يورد الحكم فحواه ولم يعرض لما انتهى إليه من نتيجة ، فإن ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنهـا فطنت لهـا ووازنت بينهـا ، ولا يحمـل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي تضمنها حكمها ، ذلك أنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق، أما هي ولم تفعل ـ بعد أن قدرت أن الدعوى في حاجة لهذا التحقيق ـ فإن حكمهـا يكـون معيبـاً ، ويبين من جماع ما تقدم أن الحكم المطعون فيه أصابه العوار واكتنفه الكثير من الغموض والإبهام فضلاً عن قصوره في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً  دون المحكوم عليهم الأول والثاني ومن الخامس إلى السابع ، ومن التاسع إلى الثالث عشر لكون الحكم صدر بالنسبة لهم غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
   اتهمـت النيابة العامة كلاً من: 1-....2-....3-....( طاعن ) 4-....( طاعن ) 5-... 6- ... 7-.... 8-.....( طاعن) 9-... 10-.... 11-.... 12-..... 13-..... بأنهم: أولاً : المتهمين الثلاثة الأول : 1ـ بصفتهم موظفين عموميين ومـن الأمناء على الودائع الأول "رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للعاملين بشركة ...." والثاني "أمين صندوق الجمعية" والثالث "مفوض الجمعية لدى شركة ....." اختلسوا السلع المعمرة المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 7919410 جنيه " سبعة آلاف وتسعمائة وتسعة عشر جنيهاً وأربعمائة وعشر مليماً " والمملوكة للجمعية المذكورة والمسلمة إليهم بسبب وظائفهم وصفاتهم آنفة البيان .
2ـ سهلوا للمتهمين من الرابع حتى الأخير عدا الثامن الاستيلاء وبغير حق على السلع المعمرة المبينة القدر والوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 630024420 جنيه " ستمائة وثلاثين ألفاً وأربعة وعشرين جنيهاً وأربعمائة وعشرين مليماً " والمملوكة لشركة بيع .....بأن طلبوا وبالتواطؤ مع هؤلاء المتهمين من هذه الشركة كميات من السلع المذكورة بمقتضى العقدين المؤرخين .....، ...... تفيض عن الاحتياجات الفعلية لأعضاء الجمعية التي يمثلونها وأسهم باقي المتهمين معهم في دفع مقدمات شرائها عامدين بتلك الأساليب إلى إسقاط الحظر القائم عليها والمتمثل في عدم خضوعها لنظام البيع الآجل ، وقد ارتبطت هذه الجــناية بجريمتي تزوير في محررات للجمعية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة على النحو المبين بالوصفين التاليين .
3ـ ارتكبوا أثناء تأديتهم وظيفتهم تزويراً في محررات للجمعية التعاونية للعاملين بشركة ...... وهي كافة الطلبات والأوراق المبينة بالتحقيقات والمرفقة بها وكان ذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن ضمنوا تلك المستندات وعلى خلاف الحقيقة احتياج أعضاء هذه الجمعية دون غيرهم للسلع المعمرة موضوع جناية التسهيل المنسوبة إليهم فمكنوا بهذه الوسيلة المتهمين من الرابع حتى الأخير عدا الثامن من الاستحصال عليها دون حق . 
4ـ استعملوا المحررات المزورة المذكورة فيما زورت من أجله مع علمهم بتزويرها بأن قدموها للمختصين بشركة .....حيث تم بموجبها الاستيلاء بغير حق على السلع المعمرة موضوع التهمة الثانية المنسوبة إليهم .
5ـ حصلوا للغير على ربح من عمل من أعمال وظائفهم بأن مكنوا وبطريق الحيلة المتهمين من الرابع حتى الأخير ـ عدا الثامن من شراء السلع المعمرة " موضوع التهمة السابقة " وفق نظام البيع بالآجل عامدين إلى مخالفة القواعد المقررة في هذا الشأن والتي تحظر على شركة ...التعامل مع الغير طبقاً لهذا النظام فكانوا أن حققوا لهؤلاء المتهمين أرباحاً ومنافعاً تمثلت في حصولهم على الفروق المالية بين البيع الآجل والبيع العاجل للسلع المذكورة .
6ـ حاولوا الحصول لأنفسهم على ربح من عمل من أعمال وظائفهم بأن باعوا للمتهمين من الرابع حتى الأخير عدا الثامن السلع المعمرة المبينة بالتحقيقات بقيمة تزيد عن قيمة شراء الجمعية لها بنسبة قدرها (5%) من قيمتها عامدين في هذا الصدد إلى إخفاء هذا التعامل وعدم إدراجه بسجلات الجمعية وذلك بهدف الاستئثار لأنفسهم بما يوازيها من مبالغ نقدية .
ثانياً: المتهم الأول : بصفته موظفاً عاماً ومن الأمناء على الودائع " رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للعاملين بشركة ....." اختلس جهازي التليفزيون موضوع القسيمتين رقمي ....، .... والبالغ قيمتها 1495 جنيه " ألف وأربعمائة وخمسة وتسعون جنيهاً " والمملوكين للجمعية السابق ذكرها والمسلمين إليه بسبب وظيفته وصفته آنفة البيان .
ثالثاً : المتهمين من الرابع حتى السابع : بصفتهم موظفين عموميين " الرابع مدير المناطق بشركة .....والخامس مدير فرع هذه الشركة بالصف والسادس موظف بشركة ..... والسابع أمين شرطة بمديرية أمن ..." استولوا بغير حق على السلع المعمرة المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 348862200 جنيه " ثلاثمائة وثمانية وأربعون ألفاً وثمانمائة واثنان وستون جنيهاً ومائتي مليم " والمملوكة لشركة .....بأن تواطئوا مع المتهمين الثلاثة الأول وبطريق التحايل على إسقاط الحظر القائم بهذه الشركة بشأن التعامل في تلك السلع وفق نظام البيع بالآجل واتخذوا من الجمعية ستاراً تمكنوا من خلاله الاستحصال على كميات من السلع المعمرة آنفة الذكر بقصد الاتجار فيها لحسابهم الشخصي .
رابعاً : المتهمين الرابع والخامس : بصفتهما آنفة الذكر حصلا لنفسيهما على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفتهما بأن استغلا صلاحياتهما في الإشراف على المناطق التابعة لشركة .....من بينها فرع ....وحصلا على كميات السلع المعمرة المبينة الوصف بالتحقيقات عامدين في ذلك إلى مخالفة النظم المقررة بشأن التعامل فيها وكان ذلك على التفصيل المبين بالتهمة السابقة .
خامساً : المتهم الثامن : بصفته موظفاً عاماً " أمين مخزن ....بــ ... التابع لشركة ... " طلب وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المتهم السابع والتاسع مبالغ نقدية على سبيل الرشوة حددها بمقدار يتراوح بين عشرة جنيهات وخمسة عشر جنيهاً عن كل وحدة من السلع المعمرة نادرة التداول التي يحددها المتهمان المذكوران نوعاً ووصفاً ويتولى هو صرفها من المخزن الرئيسي التابع للشركة سالفة الذكر .
سادساً : المتهمين الثاني والسابع : عرضا رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفيه ولم تقبل منهما بأن عرضا على .....مدير فرع ..... التابع لشركة..... مبلغاً قدره مائة جنيه مقابل قيامه بتسهيل إجراءات صرف السلع المعمرة لهما بكميات كبيرة وبالمخالفة للنظام المتبع بهذه الشركة غير أن الموظف المذكور قد رفض هذا العرض .
سابعاً : المتهمين السابع والتاسع : قدما للمتهم الثامن رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن دفعا له المبالغ النقدية " موضوع التهمة رابعاً " المنسوبة إليه على سبيل الرشوة مقابل قيامه بتسهيل إجراءات صرف السلع المعمرة نادرة التداول على خلاف النظم المقررة .
ثامناً : المتهم الثاني : اشترك بطريق الاتفاق مع المتهمين السابع والثامن والتاسع في ارتكاب جناية الرشوة المنسوبة إليهم " موضوع التهمتين رابعاً وسادساً " بأن اتفق معهم على ارتكابها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق .
تاسعاً : المتهم التاسع : اشترك بطريق الاتفاق مع المتهمين الثاني والسابع في ارتكاب جناية عرض الرشوة المنسوبة إليهما " موضوع التهمة خامساً " بأن اتفق معهما على ارتكابها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق .
عاشراً : المتهمين من التاسع وحتى الأخير : اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني والثالث في ارتكاب جناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام المنسوبة إليهم " موضوع التهمة أولاً 2 ، 3 ، 4 " بأن اتفقوا معهم على ارتكابها وساعدوهم في ذلك بتقديمهم مقدمات شراء هذه السلع وإبرام العقود الخاصة بها معهم والمتضمنة شرائهم تلك السلع وفق نظام الآجل وتوقيعهم جميعاً على المستندات التي تفيد استلامهم لها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
حادي عشر : المتهمين الثاني والثالث والخامس : اشتركوا بطريق الاتفاق مع المتهم الأول في ارتكاب جناية الاختلاس المنسوبة إليه " موضوع التهمة أولاً /7 " بأن اتفقوا معه على ارتكابها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق .
ثاني عشر: المتهمين من الرابع وحتى الأخير عدا الثامن : اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني والثالث في ارتكاب جنايتي التربح المنسوبتين إليهم موضوع التهمتين  " أولاً 5 ، 6 " بأن اتفقوا معهم على ارتكابها وساعدوهم في ذلك على النحو المبين بالتهمة " تاسعاً " فوقعت الجريمتان المذكورتان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.     
وأحالتهم إلى محكمة جنايات.... لمعاقبتهم طبقاً للقـيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثالث والرابع والثامن وغيابياً للباقين عملاً بالمواد 40 /2ـ3، 41 ، 103 ، 104 ، 109 مكرراً/1، 110 ، 111 /6، 112 /1ـ2 أ، 113 /1ـ2، 115 ، 118 مكرراً ، 119/ب ، 119 مكرراً/أـ هـ ، 213 ، 214 مكرراً/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 30 /1 ، 32 من القانون ذاته : أولاً : بمعاقبة الأول والثاني والثالث بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم بالبند أولاً وما نسب للثاني والثالث بالبند عاشراً وإلزامهم بأن يردوا مبلغ 13718232 جنيه " مائة وسبعة وثلاثين ألف ومائة واثنين وثمانين جنيهاً واثنين وثلاثين قرشاً " وتغريمهم مبلغاً مساوياً له بالتضامن فيما بينهم وبمصادرة المحررات المزورة .
ثانياً : بمعاقبة الرابع والخامس بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما بالبند ثانياً وثالثاً وعاشراً وإلزام الخامس برد مبلغ 58090 جنيه " ثمانية وخمسين ألف جنيه وتسعين جنيهاً " وتغريمهما مبلغ " ستة وثمانين ألف وثمانية وثمانين ونصف جنيه " بالتضامن فيما بينهما .
ثالثاً : بمعاقبة المتهم الثامن بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألفين جنيهاً عما أسند إليه بالبند رابعاً .
رابعاً : بمعاقبة الثاني والسابع والتاسع بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمهم ألف جنيه عما أسند إليهم بالبنود خامساً وسادساً وسابعاً وثامناً .
خامساً : بمعاقبة الرابع والخامس والسادس والسابع والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وإلزام السادس برد مبلغ 2709530 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له وتغريم السابع مبلغ 1763887 جنيه وتغريم التاسع مبلغ 21438985 جنيه وإلزام العاشر برد مبلغ 46668 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له وإلزام الحادي عشر برد مبلغ 6257350 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له وإلزام الثاني عشر برد مبلغ 10058 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له وإلزام الثالث عشر برد مبلغ 541120 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له عما أسند إليهم بالبندين تاسعاً وحادي عشر.
فطعن المحكوم عليهم الرابع والثامن والعاشر في هذا الحكم بطريق النقض ....إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهم بجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ، ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصول على ربح للغير ، والتزوير ، واستعمال محررات مزورة ، ودان الثاني بجرائم الاستيلاء على المال العام ، والتربح ، والاشتراك فيه ، ودان الثالث بجريمة طلب رشوة والحصول عليها ، قد شابه القصور في التسبيب ، ذلك أن أسبابه حررت في عبارات عامة  معماة لا يبين منها دور كل من الطاعنين فيما أسند إليه من جرائم ولم يستظهر أركان كل منها ومدى توافرها في حقه ، وعناصر الاشتراك في الجرائم التي دان الأول والثاني بالاشتراك فيها كما لم يبين الأساس الذي احتسب بناءً عليه المبالغ التي ألزم المتهمين متضامنين بردها  واكتفى بالنسبة إلى الطاعن الثاني بتحصيل مضمون أدلة الدعوى دون أن يبين وجه استدلاله بها على ارتكابه للجريمتين المسندتين إليه ، وأهدر تقرير الخبير المنتدب من قبل المحكمة والذي أثبت انتفاء صلته بالوقائع المسندة إليه ، كما ينعى الطاعن الثالث بأن الحكم أجمل أدلة الإدانة التي عول عليها لجميع المتهمين رغم اختلاف الوقائع المشهـود عليها من كل شاهد ودون أن يبين الدليل المتصل والمثبت للاتهام المسند إلى كل منهم على حدة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
       وحيث إن الحكم المطعون فيه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على تحصيل ما ورد بقرار الاتهام لجميع المتهمين ، ثم حصل مضمون الأدلة التي عول عليها في الإدانة، وانتهى في مجال الإسناد إلى ارتكاب الطاعن الأول لجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصول على ربـح للغيـر ، والتزوير واستعمال محررات مزورة وارتكاب الطاعن الثاني لجرائم الاستيلاء على المال العام ، والتربح والاشتراك فيه وأعمل في حقهما أحكام المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعن الأول عقوبة الجريمة الأشد ، إلا أنه أوقع على الطاعن الثاني عقوبتين عما أسند إليه من اتهام ، كما أسند للطاعن الثالث جريمة طلب والحصول على رشوة وأوقع عليه عقوبتها . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم  وكان من المقرر أنه ينبغي ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الـدعوى ، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال  رقابتها على الوجه الصحيح . لما كان ذلك ، وكانت الجريمة المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات لا تتحقق إلا إذا كان تسلم المال المختلس من مقتضيات العمل ويدخل في اختصاص المتهم الوظيفي استناداً إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه أو مستمداً من القوانين واللوائح ، وقد فرض الشارع العقاب في المادة المار ذكرها على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتـضى وظيفتـه بشرط انصراف نيته باعتباره حـائزاً له إلى التصـرف فيه على اعتبـار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي ـ هو التصرف في المال ـ ومن عامل معنوي يقترن به هو نية إضاعة المال على ربه . كما أنه من المقرر أن جناية الاستيلاء أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها ، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة . ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء ، وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة المتهم وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتـوافر به أركان تلك الجريمة ، كما أنه من المقرر أنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه، كما أنه من المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذي حصل على الربح أو المنفعة من خلاله أياً كان نصيبه فيه سواء حصل التربح لنفسه أو تظفير الغير به ركن أساسي في جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات مما يتعين إثبات ذلك الاختصاص بما ينحسم به أمره ، كما أنه من المقرر أنه يجب للإدانة في جرائم تزوير المحررات أن يعرض الحكم لتعيين المحـرر المقول بتزويره وما انطوى عليه من بيانات ليكشف عن ماهية تغيير الحقيقة فيه وإلا كان باطلاً ، ومن المقرر ـ أيضاً ـ أن اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب أداؤه أياً كان نصيبه فيه ، وسواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ركناً في جريمة الارتشاء المنصوص عليها في المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات فإنه يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره ، وخاصة عند المنازعة فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه ـ كما سبق البيان ـ قد دان الطاعن الأول بجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ، ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصول على ربح للغير والتزوير في محررات الجمعية واستعمال تلك المحررات ، كما دان الطاعن الثاني بجرائم الاستيلاء على المال العام والتربح والاشتراك فيه ، دون أن يستظهر بالنسبة لجريمة الاختلاس ما إذا كان من عمل الطاعن الأول واختصاصه الوظيفي استلامه للسلع الواردة إلى الجمعية التي يعمل بها والتصرف فيها على نحو معين طبقاً للأنظمة الموضوعة لهذا الغرض أو أنها أودعت عهدته بسبب وظيفته كما لم يستظهر انصراف نيته إلى التصرف في هذه السلع والظهور عليها بمظهر المالك بقصد إضاعتها على الجمعية المالكة لها ، كما أنه تناقض فيما أثبته في مدوناته من قيمة للسلع المختلسة وما قضى به من عقوبتي الرد والغرامة في منطوقه ولم يبين الأساس الذي احتسب بناءً عليه تلك المبالغ التي ألزم بها المتهمين متضامنين ، كما أنه لم يستظهر عناصر اشتراكه مع المتهم الأول في جريمة الاختلاس المنسوبة إليه وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ، ويكشف عن قيامها ، وذلك من واقع الدعوى وظروفها . هذا إلى أن الحكم لم يبين كيف أن وظيفة كل من الطاعنين الأول والثاني قد طوعت للأول تسهيل استيلاء الغير واستيلاء الثاني على مال الدولة ، ولم يستظهر نية كل طاعن وأنها انصرفت إلى تضييعه على الجمعية المجني عليها لمصلحته ولمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر أركان جرائم الاختلاس والاشتراك فيها ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام بالنسبة للطاعن الأول وجريمة الاستيلاء بالنسبة للطاعن الثاني ، وكذلك بالنسبة لجرائم محاولة حصول الطاعن الأول على ربح لنفسه وحصوله على ربح للغير ، وحصول الطاعن الثاني على ربح لنفسه والاشتراك في التـربح إذ لم يستظهر الحكم اختصاص كل منهما بالعمل الذي حصل على التربح أو المنفعة من خلاله أو ظَفّر الغير بهذا الربح والدليل على توافر ركني الجريمة المادي والمعنوي ، وعناصر اشتراك الطاعن الثاني مع المتهمين الثلاثة الأول في جريمة التربح وطريقته وأن يبيـن الأدلـة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ، ويكشف عن قيامها ، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ، كما أنه بالنسبة لجريمة تزوير المحررات واستعمالها المسندة إلى الطاعن الأول فقد خلت مدونات الحكم من تفاصيل كل محرر من المحررات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن والمتهمين الأول والثاني والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيــاناً  أو توقيعاً وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه ، ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق كل متهم بالتزوير الذي قام به غيره من المتهمين ونسب إليه استعمال المحررات المزورة ، إذ اكتفى الحكم في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض لما نسب للطاعنين الأول والثاني من جرائم الذي هو مدار الأحكام ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يثبت ـ كذلك ـ في حق الطاعن الثالث والذي دانه بجريمة الرشوة اختصاصه بالعمل الذي دفـع الجعـل مقـابلاً لأدائه ، سواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه مع أنه ركن في جريمة الرشوة فإن الحكم يكون معيباً بالقصور الذي يبطله. لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة استجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل لتحقيق عناصر الدعوى وفقاً لما ورد بأسباب الحكم ، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره ، قضت المحكمة في الدعوى دون أن تشير كلية إلى ذلك التقرير فلم يورد الحكم فحواه ولم يعرض لما انتهى إليه من نتيجة ، فإن ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنهـا فطنت لهـا ووازنت بينهـا ، ولا يحمـل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي تضمنها حكمها ، ذلك أنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق ، أما هي ولم تفعل ـ بعد أن قدرت أن الدعوى في حاجة لهذا التحقيق ـ فإن حكمها يكون معيباً ، ويبين من جماع ما تقدم أن الحكم المطعون فيه أصابه العوار واكتنفه الكثير من الغموض والإبهام فضلاً عن قصوره في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً دون المحكوم عليهم الأول والثاني ومن الخامس إلى السابع ، ومن التاسع إلى الثالث عشر لكون الحكم صدر بالنسبة لهم غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن . 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق