الصفحات

الأربعاء، 29 مارس 2017

الطعن 240 لسنة 24 ق (هيئة عامة شرعي المحكمة الاتحادية العليا) جلسة 5 / 6 / 2005 مكتب فني 27 ج 1 ص 5

برئاسة السيد القاضي/ عبد الوهاب عبدول - رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة الحسيني الكناني وعمر بخيت العوض وخليفة المهيري والصديق أبو الحسن.
--------------
- 1  إن ما أخذ به المشرع في المادة 1/1 من قانون المعاملات المدنية المعدل بالقانون 1/1987 بأن "يراعى اختيار أنسب الحلول من مذهبي الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل ... الخ." وهو ما يوافقه روح المذهب المالكي. ذلك أن سفر الحاضنة بالمحضون، أو سفر وليه سفر انتقال، يختلف من بلد إلى بلد ومن شخص إلى شخص. فالبلد الذي تتوفر فيه وسائل النقل البرية السريعة ووسائل الاتصالات الهاتفية مع قدرة ولي المحضون على الاتصال به متى شاء أو الذهاب إليه والعودة إلى مقره في نفس نهار اليوم بلا مشقة، فإن المسافة (6 برد) تكون غير معتبرة فيه. ويكون انتقال الحاضنة أو سفر ولي المحضون من إمارة إلى إمارة أو من مدينة إلى مدينة داخل دولة الإمارات غير مسقط لحق حضانة الحاضنة عدولاً عن المبادئ الأولى إلى المبدأين الأخيرين ذوي الرقمين 186/18، 60/23 ق ع.

- 2  من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى واستخلاص وتقدير الأدلة فيها مما تستقل به محكمة الموضوع، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أحاط بواقعة الدعوى على بصيرة وصدر قضاءه بما جاء بالمبدأ رقم 60/23 ق ع الصادر من المحكمة العليا بجلسة 29/9/2001، معللاً بأنه عملاً بالاجتهاد القضائي للمحكمة العليا وبنص المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية وبمذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة، ترى المحكمة أن المسافة بين منطقة الذيد التي تقيم بها الحاضنة مع محضونيها زكي وزينب وبين مدينة أبو ظبي التي يقيم فيها ولي المحضونين - الطاعن - هي مسافة تمكن الطاعن من القيام بواجب ولايته لهما عن طريق الانتقال بالمواصلات العادية من أبو ظبي إلى منطقة الذيد، والعودة في نفس اليوم نهاراً، لرؤية ولديه ورعاية مصالحهما دون أن يتحمل مشقة غير عادية في الانتقال إليهما. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه سائغاً بما يكفي لحمل قضائه إلى هذا النظر وقضى برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فإنه لا ينال منه سبب النعي الذي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره. وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
----------------
الوقائع
حيث إن الواقعات - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2001/321 شرعي أحوال أبو ظبي. اختصمت فيها الطاعن، ابتغاء إلزامه بأن يؤدي إليها مؤخر صداقها البالغ ثلاثين ألف درهم. ومبلغ أربعة آلاف درهم، نفقة متجمدة لها، حتى تاريخ الحكم بتطليقها منه، وبحقها في حضانة ولديها منه..... و..... ونفقتهما ومسكنهما. وقالت شرحا لها إنها كانت زوجة للطاعن بعقد نكاح شرعي صحيح. ودخل بها، وأنجبت له على فراش الزوجية المطلوب حضانتهما وإنه لاستحالة دوام الزوجية بينهما بسبب اعتدائه عليها بالقول، والضرب فقد طلقت منه بموجب الحكم الصادر بجلسة 2001/4/17 في الدعوى رقم 2001/35 شرعي أحوال الشارقة. وإنه وإذ امتنع عن دفع مؤخر الصداق والنفقة المتجمدة فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. ومحكمة أول درجة قضت في 2002/2/10 بإلزام الطاعن مؤخر الصداق وبنفقة متجمدة قدرها (3.200) درهم، وبإثبات حق المطعون ضدها في حضانة ولديها من الطاعن وإلزامه بتسليمهما إليها، وبنفقة شهرية قدرها (1.200) درهم لهما، شاملة المأكل والملبس والمسكن. فاستأنف الطاعن قضاء الحكم المذكور بالاستئناف رقم 35 /لسنة/ 2002 شرعي أبو ظبي أحوال ومحكمة الاستئناف قضت في 2002/5/29 بتعديل مبلغ النفقة الشهرية لتصبح أربعمائة درهم لكل محضون، وتأييد قضاءها المستأنف فيما عدا ذلك. فأقام الطاعن طعنه المطروح.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة
وحيث إن النيابة العامة أودعت مذكرة برأيها في الطعن طلبت فيها رفض الطعن. وحيث إن الدائرة المعروض عليها الطعن (دائرة النقض الشرعي) قررت بجلستها المنعقدة في 2003/2/22 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة بهذه المحكمة عملا بالمادة (65) من القانون الاتحادي رقم 1973/10 في شأن إنشاء المحكمة الاتحادية العليا المعدل بالقانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1985، للنظر في التعارض بين المبادئ القانونية الصادرة في الطعون الشرعية ذات الأرقام والجلسات التالية
164 لسنة 1991 نقض شرعي، جلسة 1992/12/12م
8 لسنة 17 ق ع نقض شرعي، جلسة 1995/5/20م
37 لسنة 17 ق ع نقض شرعي، جلسة 1995/6/17
9 لسنة 18 ق ع نقض شرعي، جلسة 1996/11/23
32 لسنة 20 ق ع نقض شرعي، جلسة 1998/7/4 
3 لسنة 20 ق ع نقض شرعي، جلسة 1998/11/14
التي تسقط الحضانة بسبب سفر الانتقال بالمحضون لأكثر من ستة برد (120) كم وفق المذهب المالكي، وبين المبادئ القانونية الصادرة في الطعنين رقمي 186/ لسنة 18 ق ع نقض شرعي، و60 لسنة 23 ق ع نقض شرعي الصادرين بجلستي 1997/12/27 و2001/9/29 اللذين لا يسقطان الحضانة بسبب سفر الانتقال إذا تقاربت المسافات وانتفت المشقة ولو كان السفر لأكثر من مسافة القصر
وحيث إن المعمول به في المحاكم الشرعية ودائرة النقض الشرعية هو المشهور من مذهب الإمام مالك ابن أنس رضي الله عنه، وأن نص المادة رقم (1/1) من قانون المعاملات المدنية رقم 85/5 - المعدل بالقانون 87/1 - جرى على أن (تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها وفحواها. ولا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة. فإذا لم يجد القاضي نصا في هذا القانون حكم بمقتضى الشريعة الإسلامية. على أن يراعى تخير أنسب الحلول من مذهبي الإمام مالك، والإمام أحمد بن حنبل، فإذا لم يجد فمن مذهبي الإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة حسبما تقتضيه المصلحة). 
ولما كانت هذه المادة قد منحت القاضي حق اختيار أنسب الحلول من المذاهب الفقهية المسماة بها إذا لزم الأمر وكان معلوما أن مدائن دولة الإمارات العربية المتحدة متقاربة، وإن كان بين بعضها البعض أكثر من مسافة القصر. إلا أنه نظرا لسهولة المواصلات وتعبيد الطرق وأمانها يمكن للمرء أن يذهب بغير مشقة من إمارة إلى إمارة أخرى أو منها لمدينة، أو من مدينة لمدينة من مدن الإمارات في جزء من النهار ويعود لمقره في ذات النهار وهو مما يستدعي الأخذ بالأنسب من أحكام فقه المذاهب التي تناسب ظروف الحاضنات عند انتقالهن بالمحضونين أو سفر أولياء المحضونين سفر انتقال بين إمارات ومدن الدولة، ذلك أنه جاء في الباب 3: 104 (قال أبو حنيفة إذا أرادت المطلقة أن تخرج بولدها من المصر إلى مصر آخر فليس لها ذلك، إلا إذا كان ما بين المصرين قريبا بحيث يمكن الأب أن يبصر ولده ثم يرجع في نهاره. وكذلك إذا بعد ما بين المصرين، وكان المصر الذي تخرج إليه وطنها وبه وقع الزواج) وفي كتاب رحمة الأمة ص - 324 على ذات المذهب (أما إذا أراد الأب الخروج بولده بنية الاستيطان في بلد آخر فليس له الذهاب بالولد عن أمه) نقلا عن تبيين المسالك 3: 261 وفي بدائع الصنائع للكاساني 2: 44 (قال فالمعتبر في الأصل شرطان: أن يكون البلد الذي تريد أن تنتقل إليه بلدها، وأن يكون النكاح واقعا فيه) ونقل عن أبي يوسف أن لها ذلك، واعتبر مكان العقد فقط) وفي كتاب الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية للشيخ محمد محي الدين عبد الحميد ص 416 (فإن كانت أي الحاضنة تريد أن تسافر إلى مكان هو وطنها، وهو المكان الذي حصل عقد زواجها بأبيه فيه صح لها أن تسافر بغير إذن). 
ومن ثم فإن ما يستخلص من الفقه الحنفي أن انتقال الحاضنة أو سفر ولي المحضون من مكان لآخر سواء كان وطن الحاضنة أو محل عقد زواجها هو البعيد الذي يخشى منه ضرر التفريق بين المحضون وولي أمره، أو حرمانه من رؤيته، ومراقبته. وهو ما يوافق روح المذهب المالكي. قال الإمام مالك في المدونة الكبرى 358:2 (وليس للأم أن تنقلهم عن الموضع الذي فيه والدهم وأولياؤهم، إلا أن يكون ذلك إلى الموضع القريب - البريد ونحوه - حيث يبلغ والأولياء خبرهم) قال الشيخ محمد الشيباني الشنقيطي، المفتي بدائرة القضاء الشرعي في شرحه لكتاب تبيين المسالك تعليقا على هذا النص: (قلت والظاهر لي أن سفر النقلة يختلف من بلد إلى بلد، ومن شخص إلى شخص، فالبلد الذي تتوفر فيه وسائل النقل البرية السريعة، ووسائل الاتصالات الهاتفية، مع قدرة ولي المحضون على الاتصال به متى شاء، فإن المسافة الآنفة الذكر غير معتبرة فيه والله أعلم). وسندا لذلك فإذا ما كانت المسافة التي تفصل بين المحضون وهو بيد حاضنته وبين سكن وليه (والده) لا تحول بين قيامه بمراقبة وتربية ولده، ورعاية مصالحه، وفق ما يقتضيه واجب ولايته عليه دون أن يتحمل في سبيل ذلك مشقة غير عادية، تحول بينه وبين هذا الواجب، فإن حضانة الحاضنة لا تسقط رغم سكناها بمحضونها بغير المصر الذي يسكن فيه وليه، اعتبارا لتوفر مصلحة ورعاية المحضون ببقائه بيد أمه ترعاه وتحنو عليه مع تمكن والده من الإشراف على تربيته وتنظيم شؤون حياته. ولما كان ذلك فإن الهيئة تعدل عن المبدأ المقرر بالطعون 1991/164، و17/8، 17/37، 18/9، 20/32، 20/13 ق التي تعتد بالمسافة بين الإمارات ومدنها وتأخذ بالمبدأ المقرر بالطعنين 18/186، 23/60 اللذين يسقطان حساب المسافة ليكون انتقال أو سفر الحاضنة بالمحضون من أي منطقة إلى أخرى والإقامة فيها داخل حدود دولة الإمارات العربية المتحدة غير مسقط للحضانة لانتفاء المشقة وسهولة التواصل بين هذه المناطق ذهابا وإيابا خلال النهار بغير مشقة
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضوريا بجلسة 2002/5/29، وتسلم الطاعن نسخة الحكم الأصلية مشتملة على منطوقه وأسبابه في 2002/6/8 وطعن بالنقض الماثل في 2002/7/7 فإن الطعن يكون مقدما في الميعاد المقرر لقبوله
---------------------
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وأحكام الشريعة الإسلامية، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال. وبيانا لذلك يقول إن الحكم ترك صريح نص القانون في الأخذ بالمذهب المالكي المعمول به في الدولة، الذي يمنح الزوج الحق في حضانة أولاده إذا أخذتهم الحاضنة لتسكن بهم في مكان بعيد عن سكن والدهم بمسافة (6 برد) بحيث لا يتمكن من مراقبتهم ورعاية مصالحهم، ورغم ذلك قضى للمطعون ضدها بحقها في حضانة الولدين، و هي تسكن بالذيد الذي يتبع إمارة الشارقة، والطاعن يسكن في أبو ظبي، ويعمل بها. والبعد بين البلدين أكثر من (6 برد) مسافة القصر بينما عرض الطاعن عليها توفير مسكن لها ولولديها بأبو ظبي فرفضت وأصرت على السكن مع أهلها بالذيد مما يسقط حضانتها لهما وما انتهى إليه الحكم يحرم الطاعن من الإشراف على ولديه، ومن رؤيتهما على خلاف ما توجبه أحكام المذهب المالكي مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير قويم ذلك أن رأي الهيئة العامة لهذه المحكمة قد انتهى على ما سلف ذكره في هذه القضية على ما أخذ به المشرع في المادة 1/1 من قانون المعاملات المدنية المعدل بالقانون 1987/1 بأن يراعى اختيار أنسب الحلول على ما سلف بيانه. وهو ما يوافقه روح المذهب المالكي. ذلك أن سفر الحاضنة بالمحضون، أو سفر وليه سفر انتقال، يختلف من بلد إلى بلد ومن شخص إلى شخص. فالبلد الذي تتوفر فيه وسائل النقل البرية السريعة ووسائل الاتصالات الهاتفية مع قدرة ولي المحضون على الاتصال به متى شاء أو الذهاب إليه والعودة إلى مقره في نفس نهار اليوم بلا مشقة، فإن المسافة (6 برد) تكون غير معتبرة فيه. ويكون انتقال الحاضنة أو سفر ولي المحضون من إمارة إلى إمارة أو من مدينة إلى مدينة داخل دولة الإمارات غير مسقط لحق حضانة الحاضنة. عدولا عن المبادئ الأولى إلى المبدأين الأخيرين ذوي الرقمين 18/186، 23/60 ق ع. لما كان ذلك وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى واستخلاص وتقدير الأدلة فيها مما تستقل به محكمة الموضوع، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أحاط بواقعة الدعوى على بصيرة وصدر قضاءه بما جاء بالمبدأ رقم 23/60 ق ع الصادر من المحكمة العليا بجلسة 2001/9/29، معللا بأنه عملا بالاجتهاد القضائي للمحكمة العليا وبنص المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية وبمذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة، ترى المحكمة أن المسافة بين منطقة الذيد التي تقيم بها الحاضنة مع محضونيها..... و..... وبين مدينة أبو ظبي التي يقيم فيها ولي المحضونين - الطاعن - هي مسافة تمكن الطاعن من القيام بواجب ولايته لهما عن طريق الانتقال بالمواصلات العادية من أبو ظبي إلى منطقة الذيد، والعودة في نفس اليوم نهارا، لرؤية ولديه ورعاية مصالحهما دون أن يتحمل مشقة غير عادية في الانتقال إليهما. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه سائغا بما يكفي لحمل قضائه إلى هذا النظر وقضى برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فإنه لا ينال منه سبب النعي الذي لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره. وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. ويضحى النعي على غير أساس متعين الرفض
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق