الصفحات

الثلاثاء، 10 يناير 2017

الطعن 12457 لسنة 72 ق جلسة 19 / 4 / 2009 مكتب فني 60 ق 29 ص 223

جلسة 19 من إبريل سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أنور جبري، أحمد جمال الدين عبد اللطيف، سعيد فنجري وسيد الدليل نواب رئيس المحكمة.
---------------
(29)
الطعن 12457 لسنة 72 ق
(1) تلبس. قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دستور.
لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس. 
المادة 41 من الدستور. مفادها؟ 
التلبس. ماهيته؟ 
مظاهر الارتباك. ليست دليلاً كافياً في التلبس. أساس ذلك؟ 
مثال سائغ للتدليل على بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس.
(2) جمارك. دستور. موظفون عموميون. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم". تفتيش "التفتيش بغير إذن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو قانون الجمارك من نص يخول مأمور الضبط القضائي من غير موظفي الجمارك حق تفتيش الأشخاص داخل الدائرة الجمركية وكذلك قانون الإجراءات الجنائية الذي لا يجيز له القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائي. أساس وأثر ذلك؟ 
قصر حق إجراء التفتيش المنصوص عليه في المادة 26 من القانون 66 لسنة 1963 على موظفي الجمارك دون من يعاونهم من رجال السلطة الآخرين. خلافاً للمادة 29 من القانون ذاته. 
مثال.
--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى من شهادة الرائد/ ..... ضابط مباحث ... من أنه أثناء تواجده بصالة الوصول بذلك ... لفحص القادمين من ... اشتبه في أحد الأشخاص حيث كانت تبدو عليه علامات الارتباك فأجرى تفتيشه فوجد بداخل جيب البنطال الذي يرتديه على علبة سجائر ... وبداخله قطعة من مخدر الحشيش أقر له المتهم بإحرازها بقصد التعاطي، وثبت من تقرير المعمل الكيماوي بأن المادة المضبوطة لمخدر الحشيش وتزن ...، وقد عرض الحكم المطعون فيه لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش وانتهى إلى صحة هذا الدفع لعدم توافر حالة التلبس بجناية أو جنحة تبيح القبض على المتهم ورتب على ذلك بطلان تفتيشه وبطلان الدليل المستمد من هذا التفتيش وقضى ببراءته في قوله "وحيث إنه من المقرر قانوناً أن حالات التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه هي حالات واردة على سبيل الحصر وأن وجود المتهم مرتبكاً أو تظهر عليه علامات الارتباك ليست من تلك الحالات المنصوص عليها طبقاً لنص المادة 42 إجراءات جنائية وأن ذلك الاختصاص داخل الدائرة الجمركية هو مخول فقط لمأمور الجمرك المختص دون غيره ومن ثم يكون ما أتاه ضابط الواقعة من القبض على المتهم داخل الدائرة الجمركية مجرد ظهور علامة الارتباك عليه هو في حقيقته قبض باطل لا يستند إلى صحيح القانون ويستمد ذلك البطلان على ما تلاه من إجراء تفتيش المتهم وضبط المادة المخدرة، ولما كان المتهم قد أنكر إحرازه لتلك المادة أو إقراره بذلك في مراحل التحقيق وجاءت الأوراق خالية من ثمة دليل آخر يدينه ومن ثم تعين الحكم ببراءته مما أسند إليه". لما كان ذلك، وكان لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وقد كفل الدستور هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان بما نص عليه في المادة 41 منه من أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وكان مؤدى الواقعة وشهادة ضابطها لا ينبئ عن أن المطعون ضده قد شوهد في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه – تدليلاً على عدم قيام حالة التلبس – من أن مظاهر الارتباك التي بدت على المطعون ضده لا تكفي كدلائل على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه صحيحاً في القانون لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ليس في مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك مهما بلغا ما يمكن اعتباره دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه.
2 - من المقرر أنه لما كان المشرع إذ نص في المادة 26 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك على أن "لموظف الجمارك الحق في تفتيش الأماكن والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي الأماكن والمستودعات الخاضعة لإشراف الجمارك، وللجمارك اتخاذ التدابير التي تراها كفيلة بمنع التهريب داخل الدائرة الجمركية" قد أفصح عن أن الغاية من التفتيش الذي تجريه الجمارك وفقاً لأحكام هذه المادة هو منع التهريب داخل الدائرة الجمركية وأنه تفتيش من نوع خاص لا يتقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وبما توجبه المادة 41 من الدستور من استصدار أمر قضائي في غير حالة التلبس، كما لم يتطلب المشرع توافر صفة مأمور الضبط القضائي فيمن يجري التفتيش من موظفي الجمارك. لما كان ذلك، وكان المشرع قد قصر حق إجراء التفتيش المنصوص عليه في المادة 26 المشار إليها على موظفي الجمارك وحدهم دون أن يترخص بإجرائه لمن يعاونهم من رجال السلطات الأخرى على غرار النص في المادة 29 من ذلك القانون على أن "لموظفي الجمارك ومن يعاونهم من رجال السلطات الأخرى حق مطاردة البضائع المهربة ولهم أن يتابعوا ذلك عند خروجها من نطاق الرقابة الجمركية ولهم أيضاً حق المعاينة والتفتيش على القوافل المارة في الصحراء عند الاشتباه في مخالفتها لأحكام القانون ولهم في هذه الأحوال حق ضبط الأشخاص والبضائع ووسائل النقل واقتيادهم إلى أقرب فرع للجمارك". لما كان ذلك، وكانت مواد قانون الجمارك قد خلت من نص يخول مأمور الضبط القضائي من غير موظفي الجمارك حق تفتيش الأشخاص داخل الدائرة الجمركية، وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائي لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائي – إعمالاً للمادة 46 إجراءات جنائية – إلا في أحوال التلبس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها – وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من أجرى تفتيش المطعون ضده ضابط بإدارة البحث الجنائي بمنفذ السلوم البري، وكان قد أجراه دون استصدار أمر قضائي ودون قيام حالة من حالات التلبس فإن ما وقع على المطعون ضده هو قبض صريح ليس له ما يبرره ولا سند له في القانون، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى بطلان القبض والتفتيش والدليل المستمد منها وقضى ببراءة المطعون ضده فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما تثيره النيابة في هذه الصدد غير سديد متعيناً رفض الطعن موضوعاً.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أحرز بقصد التعاطي ولاستعماله الشخصي جوهر مخدر "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
--------------
المحكمة
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون فيما أورده رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش، إذ أن ضبط المخدر جاء على إثر تفتيش إداري تحفظي مشروع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى من شهادة الرائد/ ... ضابط مباحث ... من أنه أثناء تواجده بصالة الوصول بذلك ... لفحص القادمين من ... اشتبه في أحد الأشخاص حيث كانت تبدو عليه علامات الارتباك فأجرى تفتيشه فوجد بداخل جيب البنطال الذي يرتديه على علبة سجائر ... وبداخله قطعة من مخدر الحشيش أقر له المتهم بإحرازها بقصد التعاطي، وثبت من تقرير المعمل الكيماوي بأن المادة المضبوطة لمخدر الحشيش وتزن ...، وقد عرض الحكم المطعون فيه لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش وانتهى إلى صحة هذا الدفع لعدم توافر حالة التلبس بجناية أو جنحة تبيح القبض على المتهم ورتب على ذلك بطلان تفتيشه وبطلان الدليل المستمد من هذا التفتيش وقضى ببراءته في قوله "وحيث إنه من المقرر قانوناً أن حالات التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه هي حالات واردة على سبيل الحصر وأن وجود المتهم مرتبكاً أو تظهر عليه علامات الارتباك ليست من تلك الحالات المنصوص عليها طبقاً لنص المادة 42 إجراءات جنائية وأن ذلك الاختصاص داخل الدائرة الجمركية هو مخول فقط لمأمور الجمرك المختص دون غيره ومن ثم يكون ما أتاه ضابط الواقعة من القبض على المتهم داخل الدائرة الجمركية مجرد ظهور علامة الارتباك عليه هو في حقيقته قبض باطل لا يستند إلى صحيح القانون ويستمد ذلك البطلان على ما تلاه من إجراء تفتيش المتهم وضبط المادة المخدرة، ولما كان المتهم قد أنكر إحرازه لتلك المادة أو إقراره بذلك في مراحل التحقيق وجاءت الأوراق خالية من ثمة دليل آخر يدينه ومن ثم تعين الحكم ببراءته مما أسند إليه". لما كان ذلك، وكان لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وقد كفل الدستور هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان بما نص عليه في المادة 41 منه من أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وكان مؤدى الواقعة وشهادة ضابطها لا ينبئ عن أن المطعون ضده قد شوهد في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه – تدليلاً على عدم قيام حالة التلبس – من أن مظاهر الارتباك التي بدت على المطعون ضده لا تكفي كدلائل على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه صحيحاً في القانون لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ليس في مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك مهما بلغا ما يمكن اعتباره دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه. لما كان ذلك، وكان المشرع إذ نص في المادة 26 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك على أن "لموظف الجمارك الحق في تفتيش الأماكن والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي الأماكن والمستودعات الخاضعة لإشراف الجمارك، وللجمارك اتخاذ التدابير التي تراها كفيلة بمنع التهريب داخل الدائرة الجمركية" قد أفصح عن أن الغاية من التفتيش الذي تجريه الجمارك وفقاً لأحكام هذه المادة هو منع التهريب داخل الدائرة الجمركية وأنه تفتيش من نوع خاص لا يتقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وبما توجبه المادة 41 من الدستور من استصدار أمر قضائي في غير حالة التلبس، كما لم يتطلب المشرع توافر صفة مأمور الضبط القضائي فيمن يجري التفتيش من موظفي الجمارك. لما كان ذلك، وكان المشرع قد قصر حق إجراء التفتيش المنصوص عليه في المادة 26 المشار إليها على موظفي الجمارك وحدهم دون أن يترخص بإجرائه لمن يعاونهم من رجال السلطات الأخرى على غرار النص في المادة 29 من ذلك القانون على أن "لموظفي الجمارك ومن يعاونهم من رجال السلطات الأخرى حق مطاردة البضائع المهربة ولهم أن يتابعوا ذلك عند خروجها من نطاق الرقابة الجمركية ولهم أيضاً حق المعاينة والتفتيش على القوافل المارة في الصحراء عند الاشتباه في مخالفتها لأحكام القانون ولهم في هذه الأحوال حق ضبط الأشخاص والبضائع ووسائل النقل واقتيادهم إلى أقرب فرع للجمارك". لما كان ذلك، وكانت مواد قانون الجمارك قد خلت من نص يخول مأمور الضبط القضائي من غير موظفي الجمارك حق تفتيش الأشخاص داخل الدائرة الجمركية، وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائي – إعمالاً للمادة 46 إجراءات جنائية – إلا في أحوال التلبس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها – وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من أجرى تفتيش المطعون ضد ضابط بإدارة البحث الجنائي ...، وكان قد أجراه دون استصدار أمر قضائي ودون قيام حالة من حالات التلبس فإن ما وقع على المطعون ضده هو قبض صريح ليس له ما يبرره ولا سند له في القانون، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى بطلان القبض والتفتيش والدليل المستمد منها وقضى ببراءة المطعون ضده فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما تثيره النيابة في هذه الصدد غير سديد متعيناً رفض الطعن موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق