الصفحات

السبت، 1 أكتوبر 2016

الطعن 4663 لسنة 81 ق جلسة 19 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 131 ص 734

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ إيهاب عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نبيه زهران، عطية أحمد عطية نائبي رئيس المحكمة، حسين النخلاوي والسيد أحمد.

-------------

(131)
الطعن رقم 4663 لسنة 81 القضائية

 (1)نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام" "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". حكم "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام" "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". عقوبة "تطبيقها".
جواز الطعن بالنقض من عدمه. مسألة سابقة على النظر في شكله. مؤدي ذلك؟ الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة. مقصور على الغرامة التي تجاوز العشرين ألف جنيه. المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959. عدم جواز الطعن بالنقض في الجريمة المعاقب عليها بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه. أساس ذلك؟
خطأ الحكم في ذكر مادة العقاب الواجبة التطبيق. لا ينال منه. ما دامت العقوبة لم تخرج عن حدود تلك المادة
.
 (2)
نقض "سقوط الطعن".
عدم تقدم الطاعن لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية. أثره: سقوط الطعن.
(3)
سب. قذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". نشر.
عنصر العلانية في جريمتي السب والقذف. يكفي لتوافره أن يكون الجاني قصد إلى إذاعة ما أسند إلى المجني عليه. عدم استظهار توافر ذلك القصد. قصور.
مثال
.
(4)
سب. قذف. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "ما يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتناق الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى. تناقض يعيبه. مثال.

----------------
1 - من المقرر أن جواز الطعن من عدمه مسألة سابقة على النظر في شكله ومن ثم يتعين الفصل في ذلك بداءة. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 لا تجيز الطعن في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه وكانت الجريمة التي دان بها الحكم المطعون فيه الطاعن الأول معاقباً عليها بالفقرة الثانية من المادة 200 مكرر (أ) وكان نص المادة سالفة البيان قد جرى على أنه "..... وتكون مسئولية رئيس التحرير أو من يقوم مقامه في الإشراف على النشر مسئولية شخصية ويعاقب على أي من الجرائم المشار إليها في الفقرة السابقة بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، وذلك إذا ثبت أن النشر كان نتيجة إخلاله بواجب الإشراف". وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة جنحة معاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ومن ثم لا يجوز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر فيها، مما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من الطاعن الأول مع تغريمه مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة أيضاً بالقانون رقم 74 لسنة 2007 ولا ينال من ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد أورد خطأ مادة العقاب 200 مكرر بدلاً من المادة 200 مكرر (أ) من قانون العقوبات ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق.
2 - لما كان الطاعن الثاني - على ما أفصحت عنه النيابة العامة - لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى ودفاع الطاعنة وعبارات المقال انتهى إلى أنها ".... تشكل طعنة مسمومة في الجهاز القضائي الذي ينتمي إليه المجني عليه وأن الطاعنة قد خرجت على الحدود التي رسمها القانون في التعبير عن رأيها باستخدام ألفاظ وعبارات في حق المجني عليه تنم على الغطرسة والاستعلاء وذلك لقيامه بأداء واجبه المنوط به في حماية شرعية الانتخابات باعتباره مكلفاً بها فوصفته بأقذع الألفاظ الشائنة بذاتها تضمنت سباً وقذفاً وإهانة وافتراء وقد وقعت هذه الإهانة أثناء تأدية المجني عليه لوظيفته وبسببها وهي وظيفة أساسها ثقة المتقاضين واطمئنانهم لقاضيهم كما أن ما تفوهت به إنما ينقص من هيبة القضاء والقضاة أمام الملأ الذي شاهد وقرأ المقال موضوع الاتهام وهو ما يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالقضاء وحيث إن الجريدة التي نشرت المقال محل الاتهام يتم توزيعها على جمهور القراء في أغلب محافظات الجمهورية ومن ثم يكون ركن العلانية في جريمتي السب والقذف متوافراً". ولما كان يجب لتوافر العلانية في جريمتي السب والقذف أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسند إلى المجني عليه وكانت المحكمة لم تستظهر توافر ذلك القصد، ولما كان الأمر كذلك فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه.
4 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في مقام الرد على الدفع ببطلان التسجيل الصوتي المتعلق بالحوار المنشور محل الاتهام القول أن "المحكمة يهمها أن تشير في هذا الصدد إلى أنه وبعد استماعها للحديث المسجل والذي جاء مبتوراً في مقدمته ونهايته وخالياً من اسم المتهم الثاني وصفته والغرض من المحادثة ومن رضاء صريح من المتهمة بالنشر أو التسجيل وحسب البين من الاطلاع على محضر تفريغ التسجيل الصوتي الذي أجراه المتهم الثاني أن الحديث لا يعدو أن يكون محادثة شخصية تمت في مكان خاص". كما أورد في مقام إدانة المتهم الثاني القول "وحيث إنه وعن مسئولية المتهم الثاني "المحرر" فهي ثابتة من وضع اسمه على المقال موضوع الاتهام والذي قام بنشره كما أنه قام بإضافة عبارات شائنة وقاسية لم تصدر عن المتهمة مثل (مجنون) وأنه يساند جماعة محظورة أو تيارات إسلامية .... وأن ما قاله ........ أشبه بنكتة غير مقبولة ومضحكة وأن ما فعله نكتة سخيفة وغير محبوكة قاصداً من ذلك الإمعان في التشهير بالقاضي المجني عليه والهيئة التي ينتمي إليها – فضلاً عن تعمد استفزاز المتهمة واستنطاقها بالألفاظ المشينة". ثم عاد الحكم في معرض إدانة الطاعنة وأورد "وحيث إنه وعن مسئولية المتهمة الثالثة فهي ثابتة أيضاً فالمتهمة أستاذة جامعية سابقة وتدير مؤسسة طبية وتتبوأ مناصب حزبية وهي أيضاً عضو بمجلس الشعب وقد أقرت بالتحقيقات ما ورد بالمقال والذي يشكل طعنه مسمومة في الجهاز القضائي الذي ينتمي إليه المجني عليه فقد خرجت على الحدود التي رسمها القانون في التعبير عن رأيها باستخدام ألفاظ وعبارات في حق المجني عليه تنم على الغطرسة والاستعلاء وذلك لقيامه بأداء واجبه المنوط به في حماية شرعية الانتخابات باعتباره مكلفاً بها فوصفته بأقذع الألفاظ الشائنة بذاتها تضمنت سباً وقذفاً وإهانة وافتراء وقد وقعت هذه الإهانة أثناء تأدية المجني عليه لوظيفته وبسببها وهي وظيفة أساسها ثقة المتقاضين واطمئنانهم لقاضيهم كما أن ما تفوهت به إنما ينقص من هيبة القضاء والقضاة أمام الملأ الذي شاهد وقرأ المقال موضوع الاتهام وهو ما يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالقضاء وحيث إن الجريدة التي نشرت المقال محل الاتهام يتم توزيعها على جمهور القراء في أغلب محافظات الجمهورية ومن ثم يكون ركن العلانية في جريمتي السب والقذف متوافراً". لما كان ما تقدم، فإن اعتناق الحكم لهاتين الصورتين المتعارضتين لواقعة علم الطاعنة بالتسجيل وموافقتها على نشر المقال موضوع الجريمة، وواقعة تفوهها بالعبارة موضوع تهمة القذف وهي مناط التأثيم يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى. فضلاً عما يبين منه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنة ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: أهانوا بالقول موظفاً عاماً مكلفاً بخدمة عامة المجني عليه ...... عضو اللجنة العامة المشرفة على انتخابات مجلس الشعب بدائرة ..... وكان ذلك بسبب تأديته لتلك الخدمة بأن أسندوا إليه عن طريق النشر بإحدى الصحف "جريدة ..... " بعددها الصادر بتاريخ ...... عبارات الإهانة موضوع التهمتين الثانية والثالثة. ثانياً: قذفوا بإحدى طرق العلانية المجني عليه سالف الذكر بأن أسندوا إليه عن طريق النشر بالصحف أموراً لو صحت لأوجبت عقابه قانوناً واحتقاره عند أهل وطنه وذلك في الموضوع الذي حرره المتهم الأول ونشره الثاني بالعدد رقم ..... الصادر بتاريخ ...... من جريدة ..... تحت عنوان القاضي ..... "يساند تيار الإخوان وتيارات إسلامية أخرى وأنه يريد أن يضرب الحزب الوطني في الدائرة وأنه لم يستطع قول ذلك على مرشحي الحزب الوطني الرجال في الدائرة لأنه خائف منهم وهيدولوا فوق دماغه" وكان ذلك بسوء قصد وبلا سند لما نشروه وأسندوه إليه على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثا: سبوا علناً وبطريق النشر المجني عليه سالف الذكر بأن أسندوا إليه أموراً خادشة لشرفه واعتباره في ذات الموضوع المنشور محل الاتهام الثاني بأن "نعتوه بأنه مجنون وكاذب ومختل عقلياً وأهوج وأن ما قاله أشبه بنكتة غير مقبولة ومضحكة وأن ما فعله لعبة سخيفة وغير محبوكة" وكان ذلك بسوء قصد على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ ..... على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 133/ 1، 134، 171/ 5، 185، 200 مكرر، 302/ 1، 303/ 2، 306، 307 من قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 32 من القانون ذاته. أولا: بمعاقبة المتهم الأول بتغريمه خمسة آلاف جنيه عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة المتهمين الثاني والثالثة بالحبس لمدة شهر واحد وبتغريم كل منهما عشرة آلاف جنيه عما أسند إليهما. ثالثا: أمرت بإحالة الدعوى المدنية بحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهم بوكيل عن كل منهم في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

أولاً: في الطعن المقدم من الطاعن الأول ..... .
حيث إنه من المقرر أن جواز الطعن من عدمه مسألة سابقة على النظر في شكله ومن ثم يتعين الفصل في ذلك بداءة. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 لا تجيز الطعن في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه وكانت الجريمة التي دان بها الحكم المطعون فيه الطاعن الأول معاقباً عليها بالفقرة الثانية من المادة 200 مكرر (أ) وكان نص المادة سالفة البيان قد جرى على أنه ".... وتكون مسئولية رئيس التحرير أو من يقوم مقامه في الإشراف على النشر مسئولية شخصية ويعاقب على أي من الجرائم المشار إليها في الفقرة السابقة بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، وذلك إذا ثبت أن النشر كان نتيجة إخلاله بواجب الإشراف". وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة جنحة معاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ومن ثم لا يجوز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر فيها، مما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من الطاعن الأول مع تغريمه مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة أيضاً بالقانون رقم 74 لسنة 2007، ولا ينال من ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد أورد خطأ مادة العقاب 200 مكرر بدلاً من المادة 200 مكرر (أ) من قانون العقوبات ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق.
ثانياً: في الطعن المقدم من الطاعن الثاني ......
من حيث إن الطاعن الثاني على ما أفصحت عنه النيابة العامة لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه.
ثالثاً: في الطعن المقدم من الطاعنة الثالثة .....
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم القذف والسب في حق موظف عام بطريق النشر وإهانته بالكتابة أثناء وبسبب تأدية أعمال وظيفته قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ذلك بأنها تمسكت بانتفاء ركن العلانية إذ لم تقصد من حديثها هاتفياً مع الطاعن الثاني إلى إذاعة ما أسندته إلى المجني عليه ولم تكن تعلم بتسجيل المحادثة ولم تأذن بنشرها وأن تلك المحادثة لا تعدو أن تكون حديثاً خاصاً بينهما وكانت وليدة غش وخداع من الطاعن الثاني إلا أن المحكمة أغفلت ذلك الدفاع، كما أن الحكم في معرض رده على دفاعها ببطلان التسجيل اعتنق صورة للواقعة مفادها خلو الحديث المسجل لها من علمها بالتسجيل ورضائها بالنشر وأن حديثها مع الطاعن الثاني لا يعدو أن يكون حديثاً خاصاً ثم عاد وانتهى إلى مسئوليتها عما تم نشره، كما نفى عنها - في معرض إدانة الطاعن الثاني - إصدار العبارة موضوع تهمة القذف وأسند للأخير إضافتها إلى المقال محل الواقعة ثم عاد وأسند للطاعنة التفوه بها ودانها عنها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى ودفاع الطاعنة وعبارات المقال انتهى إلى أنها "..... تشكل طعنة مسمومة في الجهاز القضائي الذي ينتمي إليه المجني عليه وأن الطاعنة قد خرجت على الحدود التي رسمها القانون في التعبير عن رأيها باستخدام ألفاظ وعبارات في حق المجني عليه تنم على الغطرسة والاستعلاء وذلك لقيامه بأداء واجبه المنوط به في حماية شرعية الانتخابات باعتباره مكلفاً بها فوصفته بأقذع الألفاظ الشائنة بذاتها تضمنت سباً وقذفا وإهانة وافتراء وقد وقعت هذه الإهانة أثناء تأدية المجني عليه لوظيفته وبسببها وهي وظيفة أساسها ثقة المتقاضين واطمئنانهم لقاضيهم كما أن ما تفوهت به إنما ينقص من هيبة القضاء والقضاة أمام الملأ الذي شاهد وقرأ المقال موضوع الاتهام وهو ما يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالقضاء وحيث إن الجريدة التي نشرت المقال محل الاتهام يتم توزيعها على جمهور القراء في أغلب محافظات الجمهورية ومن ثم يكون ركن العلانية في جريمتي السب والقذف متوافراً". ولما كان يجب لتوافر العلانية في جريمتي السب والقذف أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسند إلى المجني عليه وكانت المحكمة لم تستظهر توافر ذلك القصد، ولما كان الأمر كذلك فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه.
لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في مقام الرد على الدفع ببطلان التسجيل الصوتي المتعلق بالحوار المنشور محل الاتهام القول أن "المحكمة يهمها أن تشير في هذا الصدد إلى أنه وبعد استماعها للحديث المسجل والذي جاء مبتوراً في مقدمته ونهايته وخالياً من اسم المتهم الثاني وصفته والغرض من المحادثة ومن رضاء صريح من المتهمة بالنشر أو التسجيل وحسب البين من الاطلاع على محضر تفريغ التسجيل الصوتي الذي أجراه المتهم الثاني أن الحديث لا يعدو أن يكون محادثة شخصية تمت في مكان خاص". كما أورد في مقام إدانة المتهم الثاني القول "وحيث إنه وعن مسئولية المتهم الثاني "المحرر" فهي ثابتة من وضع اسمه على المقال موضوع الاتهام والذي قام بنشره كما أنه قام بإضافة عبارات شائنة وقاسية لم تصدر عن المتهمة مثل (مجنون) وأنه يساند جماعة محظورة أو تيارات إسلامية. وأن ما قاله ....... أشبه بنكته غير مقبولة ومضحكة وأن ما فعله نكتة سخيفة وغير محبوكة قاصداً من ذلك الإمعان في التشهير بالقاضي المجني عليه والهيئة التي ينتمي إليها فضلاً عن تعمد استفزاز المتهمة واستنطاقها بالألفاظ المشينة". ثم عاد الحكم في معرض إدانة الطاعنة فأورد "وحيث إنه وعن مسئولية المتهمة الثالثة فهي ثابتة أيضاً فالمتهمة أستاذة جامعية سابقة وتدير مؤسسة طبية وتتبوأ مناصب حزبية وهي أيضاً عضو بمجلس الشعب وقد أقرت بالتحقيقات ما ورد بالمقال والذي يشكل طعنة مسمومة في الجهاز القضائي الذي ينتمي إليه المجني عليه فقد خرجت على الحدود التي رسمها القانون في التعبير عن رأيها باستخدام ألفاظ وعبارات في حق المجني عليه تنم على الغطرسة والاستعلاء وذلك لقيامه بأداء واجبه المنوط به في حماية شرعية الانتخابات باعتباره مكلفاً بها فوصفته بأقذع الألفاظ الشائنة بذاتها تضمنت سباً وقذفاً وإهانة وافتراء وقد وقعت هذه الإهانة أثناء تأدية المجني عليه لوظيفته وبسببها وهي وظيفة أساسها ثقة المتقاضين واطمئنانهم لقاضيهم كما أن ما تفوهت به إنما ينقص من هيبة القضاء والقضاة أمام الملأ الذي شاهد وقرأ المقال موضوع الاتهام وهو ما يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالقضاء وحيث إن الجريدة التي نشرت المقال محل الاتهام يتم توزيعها على جمهور القراء في أغلب محافظات الجمهورية ومن ثم يكون ركن العلانية في جريمتي السب والقذف متوافراً". لما كان ما تقدم، فإن اعتناق الحكم لهاتين الصورتين المتعارضتين لواقعة علم الطاعنة بالتسجيل وموافقتها على نشر المقال موضوع الجريمة، وواقعة تفوهها بالعبارة موضوع تهمة القذف وهي مناط التأثيم يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى. فضلاً عما يبين منه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنة ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه ويوجب نقضه أيضاً. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه طعنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق